الثِّقافة والفيتوقراطيّة والعفن السياسيّ

راضي كريني

الحوار المتمدن-العدد: 4847 - 2015 / 6 / 24 - 09:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

24-6-2015
الثِّقافة والفيتوقراطيّة والعفن السياسيّ
راضي كرينّي
تقوم وزيرة الثِّقافة (الملاعبة بالسيف) والرياضة ميري ريجب بالتحريض والتخريب على العاملين والمبدعين في الثَّقافة (العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق فيها) الإسرائيليّة، وتنعتهم بالمملّين والمنافقين وناكري الجميل؛ فثَقافة المسرح المرتبطة بالحضارة الإنسانيّة متناقضة مع ثِقافة اليمين الإسرائيليّ المرتبطة بالتخلّف والاستغلال والعنصريّة والقمع والاحتلال.
يحاول اليمين الإسرائيليّ الملوّث بالفاشيّة حرف المؤسّسات الثَّقافيّة عن رسالتها ومهمّتها الحضاريّة ليتمكّن من تفريغها من عرفها وتقليدها ومهنيّتها وتمدّنها، ليفرض مكانها سياسة السيوف والرماح والهراوات والخوف و... العنصريّة والرجعيّة.
ما الذي نتوقّعه من دولة يحكمها بنيامين نتنياهو-بيبي ونفتالي بينيت وأورن حزان بالنيابة عن الملياردير شيلدون أديلسون (بدون أصالة)، رجل الكازينوهات في لاس فيجاس الأمريكيّة، وصاحب جريدة "إسرائيل اليوم" بوق حكومة بيبي اليمينيّة؟!
من الواضح أنّ العفن السياسيّ في إسرائيل وصل إلى مستوى يسمح لمجموعات المصالح ولرؤوس الأموال، العالميّة والمحليّة، أن تتحكّم بالسياسة الإسرائيليّة من خلال فرض الفيتو/النقض على المؤسّسات الداعمة للديمقراطيّة والباعثة والمشجّعة لها.
يعمل اليمين الإسرائيليّ جاهدًا للقضاء على المؤسّسات الثَّقافيّة التي ترتفع فوق الصراعات القوميّة والاجتماعيّة الحادّة والمعيقة للتمدّن والرقي والحضارة، كما يعمل على هدم المسارح التي تعمل على أنسنة الإنسان وتقريب وجهات النظر من السلام الاجتماعيّ، والتربية الإنسانيّة، والقيم الأخلاقيّة، بغض النظر عن انتماء الإنسان الاجتماعيّ والسياسيّ.
تعتمد الدول الديمقراطيّة على مؤسّسات ونقابات وسلطات وقواعد قانونيّة تحميها من استئثار النخبة الحاكمة بالسلطة ومن جشع مجموعات الضغط الرأسماليّة، وتنبهّها إلى احتياجات المواطنين و...
في إسرائيل، تمكّن اليمين الرأسماليّ المتحالف مع الرساميل الأجنبيّة ذوات النفوذ والموقف السياسيّ من إحكام السيطرة على السلطتين التشريعيّة (غالبيّة أعضاء البرلمان/الكنيست العظمى من اليمين الداعم للاحتلال والاستيطان) والتنفيذيّة وجعلهما وسيلة ليّنة طيّعة تنفّذ سياستها بمحسوبيّة ومحاباة للجماعات والأفراد المؤيدين له والمتحكّمين بالموارد والأسواق، وينطلق اليمين من خلال السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة وبواسطتهما للتحكّم بالسلطة القضائيّة وبوسائل الإعلام والثَّقافة، وليفرض الفيتو/النقض على بعض قرارات محكمة العدل العليا المقاربة للديمقراطيّة والتي لا تروق لسياسته ومشروعه وثَقافته، وليتدخّل في تعيين قضاة مستوطنين أو دعاة استيطان أو.... في المحاكم الإسرائيليّة، وليتحكّم بمقاطعة المبدع "أ" وحصار المسرح "ب" وتقييد القناة التلفزيونيّة "ج" و...
نحن لا نحتاج إلى وثائق منظّمة ويكيليكس لنعرف عن الجهود التي يبذلها الأثرياء الصهيونيّون المتحالفون مع أثرياء الرجعيّة العربيّة، أمثال شيلدون أديلسون، وحاييم سابان (صديق حمد بن جاسم إيّاه)، وجورج سوروس، وعائلة روتشيلد و... الذين يعملون على المكشوف وبدون حياء على شراء الكتّاب والصحفيّين والصحف ووسائل الإعلام ودور النشر ومعاهد الأبحاث وحكومات وقيادات و... ليجمّلوا الوجه القبيح للثِّقافة الإسرائيليّة اليمينيّة الحربيّة الحاقدة والهادفة إلى تزوير الثَّقافة الإسرائيليّة والفلسطينيّة.
ذكّرتني مُصالحة ميري ريجف مع بعض الفنانين بالحكاية التالية:
اجتمع العِلم والثروة والتعاسة والشرف قبل أن يفترقوا على أمل اللقاء. فقال العلم: ستجدونني في المدارس والجامعات والمكتبات و...
فقالت الثروة: ستجدونني في الجدّ والمثابرة والشحّ والحرام و...
فقالت التعاسة: ستجدونني مع الكسل وقرناء السوء و...
فقال الشرف: إنّ مَن يفارقني فلن يجتمع بي مرّة أخرى!

#راضي_كريني (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل