ذاكرة مدن اقا واسا واكلميم التاريخية جنوب المغرب

محمد ارجدال

الحوار المتمدن-العدد: 4842 - 2015 / 6 / 19 - 21:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

مدينة اقا الأثرية على ضفاف وادي درعة
أقا كلمة امازيغية لغة تعني النواة واصطلاحا هي الحنجرة بصيغة المؤنث تاقايت ويتم إطلاقها على سطح الأرض كاصطلاح جيومرفولوجي وبذلك فاقا تعني الخانق الضيق بين عرفين جبليين تعبره المسيلات المائية والممرات كما يطلق عليه مرادف آخر له نفس المعنى الامازيغية ألا وهو تاكموت أي الحنجرة فنجد أسماء أماكن متعددة تحمل الاصطلاحين مثل: اقايغان – تكموت نايت بني يعقوب – اقا يزنكاض كلها باقليم طاطا، وأقا مدينة مغربية لها تاريخ عريق توجد على ضفاف نهر وادي درعة على بعد 60 كلم غرب مدينة طاطا وحوالي 190 كلم شرق مدينة بويزكارن، وتنتمي إداريا لإقليم طاطا، ويبلغ عدد سكان بلدية اقا حسب إحصاء 2004 حوالي 7102 نسمة ويحيط باقا مجموعة من الأحياء او المداشر وهي اكادير اوزرو، تكاديرت يقبابن، توريرت يرحالن، زويت سيدي عبلا امبارك، وتعرف بسوقها الأسبوعي الذي يحج إليه الباعة والمستثمرون يومي الخميس والأحد من كل أسبوع وقد ورد اسم اقا في الكثير من المصادر التاريخية بارتباطه بأهم المدن التاريخية الأثرية المندثرة ألا وهي مدينة تامدولت اقا، فقد ذكر الحسن الوزان في كتابه وصف افريقيا هذه المدينة فقال:"تتال فاقا من ثلاثة قصور صغيرة، وكانت عامرة جدا، لكن السكان هجروها على اثر فتن اهلية"، وقد أضاف محقق وصف افريقيا في الهامش"اقا اسم نهر من روافد درعة ، سميت به مجموعة من القرى، كانت مسكنة منذ القرن السابع الهجري، وازداد عمران اقا بعد خراب مدينة تامدولت الادريسية القريبة منها"،وقد كانت المنطقة ممرا او نازلة للقوافل التجارية على الطريق الرابطة بين أهم المراكز التجارية بالصحراء الكبرى وسجلماسة واغمات بالمغرب، وقد ارتبط اسم اقا بأحد فقهاء المصلحين وهو سيدي ابو عبدالله محمد بن مبارك الأقاوي الذي جمع المجاهدين وحثه على مواجهة المد المسيحي البرتغالي الاسباني بالسواحل الجنوبية واليه يرجع الفضل في تأسيس الدولة السعدية، حيث يقول المؤرخ محمد بن عسكر في كتابه لوحة الناشر "ابو عبدالله محمد بن مبارك الاقاوي ... هو الذي أمر قبائل سوس بالانقياد إلى السلاطين الشريفين أبي العباس احمد، وأخيه أبي عبد الله محمد الشيخ"، والى هذه المنطقة ينتسب الفقيه المقاوم سيدي مبارك التوزنوني الذي قاوم الفرنسيين اوائل القرن العشرين إلى جانب قبائل ايت عطا تحت قيادة بلقاسم النكادي بواحات المغرب الشرقي، والى اقا تنتسب كذلك مدينة تمدولت الأثرية التي ازدهرت في عهد الأدارسة .

مدينة كلميم

كلميم مدينة تقع بحوض واد نون بالصحراء المغربية وهي عاصمة جهة كلميم السمارة، أطلق عليها الراحل الحسن الثاني اسم باب الصحراء في فبراير 1981 . وأصل تسمية المدينة أمازيغية ،فكلمة أكلميم لغة:ضاية ماء ومازالت العديد من الضايات تحمل أسماء مشابهة مثل *إكلمين* و *أكلمام أزكزا* بالمغرب الشرقي تعرف عند سكانها الناطقين بالحسانية بالحفرة ، وقد كانت في السابق حفرة أو ضاية كبيرة، وقد بنيت نواة هذه المدينة منذ أكثر من ثلاثة قرون في عهد أسرة عبيد الله أوسالم وعرفت بسوقها الأسبوعي الذي وصل صيته إلى أعماق إفريقيا الغربية وكان محجا للقوافل التجارية وملتقى للمبادلات التجارية بين الشمال والجنوب، وبنيت هذه المدينة بوادي نون مكان حضارة عريقة ومدن تاريخية وتذكر كتب التاريخ أيام عمارتها ونخص بالذكر مدينتي نول لمطة على بعد 10 كلمترات جنوب شرق كلميم بمنطقة أسرير ومدينة تاكاوست غرب كلميم بمنطقة لقصابي. وقد إزدهرت مدينة كلميم أواخر القرن 19 أيام أسرة بيروك ومازالت قصبة دحمان بن بيروك وحي أكويدير يشهدان على ذلك. وقد زار السلطان مولاي الحسن الأول هذه المدينة سنة 1882 م.وكلميم عاصمة قبائل تكنة الحسانية والأمازيغية – أيت موسى أوعلي، أيت أوسى، أزوافيض،أيت حماد، تركز، أولاد بوعشرة، أيت بوهو، وكذلك الركايبات، ادبراهيم، ايت باعمران، أل شيخ ماء العينين، أولاد دليم ، أولاد بوسبع، أولاد تيدرارين، فيلالة، ازركين، أولاد بوعيدة، ايت ياسين، أهل اكيسل.
وقد كانت بهذه المدينة ساكنة يهودية منذ فجر التاريخ يتعايشون مع ساكنتها في ود وتآخ ، وعرفت ازدهارا كبيرا خلال النصف الثاني من القرن العشرين منذ أن أصبحت مقر عمالة إقليم كلميم الذي أحدث سنة 1975 وأصبحت الآن تضاهي المدن المغربية الكبرى من حيث العمارة وكثافة السكان والمشاريع المنجزة بها.

مدينة أسا ذات التاريخ العريق

سنتطرق إلى دلالة أسا، هذا الاسم الذي تضارب حوله آراء عدة حول أصل التسمية،ولكنها تجتمع على أنها أمازيغية، فكلمة أسا تعني لغة الفضاء المرتفع والمنبسط شكل ضيعة صغيرة، ومنها ركبت كلمة أساراك/ الفضاء، وأسارير/المكان المنبسط المخطط للغناء، وهو اصطلاح جيومورفولوجي يرتبط بالمكان الذي بنيت فيه النواة الأولى لمدينة أسا، أما الباحث رشيد الحسين في كتابه –وشم الذاكرة- ص63 فيرى أن أسا اسم لنبات بري بالأمازيغية-أساي- /الرمت، أما محمد صدوق في كتابه الصحراء المغربية قبل الاحتلال وبعده، فيرجع تسمية أسا إلى –تاساإنو- بمعنى الكبد والقلب وهو مصطلح كان يستعمل أثناء الحروب سواء عندما يكون المقاتلون خارج المنطقة أو في حالة موت أحد الأبطال فيتم رثاؤه، وقد وصفها سيدي أحمد بن مبارك في كتابه –الإبريز من كلام سيدي عبدالعزيز الدباغ-،بأن –هذا الموضوع يقال له زاوية أسا بفتح الهمزة والسين بعدها ألف خارج ارض السوس بينها وبين ارض غرب السودان فيحضره أولياء السودان- وأسا هي مقر عمالة أسا الزاك وينتمي إقليم أسا الزاك لجهة كلميم السمارة، الذي ينتمي لحوض وادي درعة السفلى المحاذي للسفوح الجنوبية لجبال باني المتصلة بالأطلس الصغير، ويحد أسا من الجنوب إقليمي طانطان والسمارة ومن الغرب إقليم كلميم ومن الشمال إقليم طاطا ومن الشرق الحدود الجزائرية، ومناخ المدينة صحراوي جاف وحار، بها واحات نخيل و عيون مائية عذبة وخاصة عين يغالن، الدائمة الجريان ليل نهار لتسقي الحقول المعروفة محليا بالتواغيل أو تيغولا جمع تاغولت. ووفق الدراسات والأبحاث الأركيولوجية فمنطقة أسا استوطنت منذ ما قبل التاريخ ويشهد على ذلك ما تم اكتشافه من أدوات ومستحثات في أعالي جبل يخف و يغير وربما نسجت علاقات تجارية مع الفينيقيين والقرطاجيين عبر مراسي وادي درعة الدائم الجريان والذي يسمح لمراكب التوغل إلى المنطقة، كما كان نازلة للقوافل التجارية نحو مدن الصحراء والسودان طيلة العصور الوسطى ويرتبط اسم أسا بزاويتها التي تنتسب إلى الوالي الصالح يعزى ويهدى الذي قام وأبناؤه مع سكان القبيلة للجهاد ضد الغزو الأجنبي للسواحل الجنوبية المغربية وخاصة البرتغال والإسبان وشارك أبناء أيت إعزى وهدى في الجهاد ضد النصارى لاسترجاع الثغور وانطلقوا من أسا إلى بقية البلدان بسوس ووادي نون، وتنقسم قبيلة أيت أوسى الحالية إلى مجموعة من الفخذات والبطون إذ تتفرع من أسا فرعين:أيت أسا الشرق والقاطنين وراء قطعانهم شرق مدينة أسا ويعرف بإداومكيت التي تتفرع منها رق أكوارير وأجواكين واداومستر التي تنقسم بدورها إلى أهل حمو أوعلي وأهل بوجمعة أمسعود، أما أيت أسا الغرب أو أيت أوسا الساحل فيعرفون باداومليل ويتكون من فرق:ايتايدر وأيت واعبان وامغلاي وأيت بوجمعة.

#محمد_ارجدال (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات