أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - المسيحي الملحد














المزيد.....

المسيحي الملحد


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 4842 - 2015 / 6 / 19 - 16:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وحدها الصدفة هي التي ألقت به في طريقي. كان صادماً بقدر ما بدا متناقضاً، ما بادر ونعت به نفسه كمسيحي ملحد أو ملحد مسيحي، وإن كان المحمول الإيجاببي لأحد الشطرين يعوض سلبية الشطر الآخر. وتسجل هذه السطور مجرد الخطوط العريضة من حديثه، الذي امتد حتى الخيوط الأولى من الفجر.
تحدث بهيام عن شخصية المسيح الإنسان، مردداً نماذج من وصاياه، ما يعدها أرقى ما يمكن أن تتوصل له الإنسانية من سمو، معتبراً بعضها إرهاصات أولية لما عرف بعد ذلك بالفلسفة الوجودية، التي تجعل قناعة االإنسان الذاتية هي معيار تقييم ذاته. . كان كأنما ينظر إلى لا شيء بعيداً هناك، وهو يسهب في التعبير عن إعجابه بنظرية الفداء لخلاص البشرية، من خطيئة العشوائية الأولية المتجذرة، التي تقف في سبيل تناغم الإنسان مع مكونات الكون، حيث يرى أن تاريخ الوجود هو قصة الجدل بين العشوائية والانتظام. أن يبذل الفادي المحب نفسه حتى الموت من أجل أحبائه، نموذج للإنسان الجديد دوماً، القادر بالحب على ترتيب وصياغة الركام الكوني المطروح والمبعثر، وجمع شتات منظوماته في كل متسق متناغم، ليكون الإنسان هكذا هو محور الوجود ومنسقه. الحب هو الفضاء الذي تتشكل فيه منظومات تتكامل باتجاه الارتقاء، وليس ومنظومات تتصارع حتى العدم والعودة للعشوائية الأولى. الحب هو لغة القوة والاقتدار، فيما الكراهية لغة الضعف والعجز.
بدا صاحبنا هكذا باستغراقه في المسيح الإنسان، غير مستعد للجدل حول موقفه الذي حسمه من المسيح الإله أو ابن الإله ومن فكرة الإله ذاتها، ساعياً لإنسان كامل، إلى قياس ملء قامة المسيح. وكان التزامي بالإصغاء المتأمل دافعاً لأن يستطرد من تلقاء ذاته. . تستطيع أن تفهم العالم كركام مادي، تقوم قوة سامية بتنظيمه ومنحه المعنى، كما تقوم بالتحكم والتوجيه الدائم له. وتستطيع في المقابل أن تدرك ما في ذلك الركام من قدرة ذاتية على التشكل في منظومات لانهائية الحدود كمياً وكيفياً. وتستطيع أيضاً أن تفترض أن تلك المنظومات هي التي تحدد لنفسها بنفسها المعنى والهدف، والذي يكون هو ذاتها ولأجل ذاتها، تلك الذات المفتوحة بدرجات وكيفيات متفاوتة على ذوات سائر المنظومات المادية الأخرى، التي أهمها وأخطرها الإنسان، لتشكل معاً ذلك الكون المدهش، الذي لايكف يتمخض بالانتظام من رحم ذلك الكم الهائل من الفوضى. ولابد لاستدامة التطور من وجود قدر من السيولة والفوضى. وهذا ما قد أثبتت صدق فرضيته الشواهد والتجارب المعملية العلمية.
ما نتصوره الروح في الكائن الحي ليست شيئا منفصلاً يتلبس المادة ويفارقها. هي صفة لمنظومة مادية نطلق عليها الخلية الحية. ومنظومة الخلايا تكون عضوا حيا. ومنظومة الأعضاء تكون كائنا حيا. أيضا الوعي الإنساني وما نسميه العقل عند سائر الكائنات الحية، هو مجرد صفة وقدرة لمنظومة مادية شكلت عضواً حياً نسميه المخ.
ما يسمونه معجزات أو ظواهر خارقة للطبيعة هو إما ناتج عن جهل شخصي خاص، أو جهل مجتمعي أو إنساني عام بالطبيعة وقوانينها، أو هو مجرد محض أوهام وخرافات يتداولها الناس. وقد يفعلون هذا نتيجة استشعار العجز عن التعامل مع الطبيعة وفق قوانينها. وأيضاً انعكاساً لتمنياتهم الهروب من صرامتها. كما قد ينساق البعض لحكايا المعجزات، تأكيدا لنفسه ولآخرين لصحة ما يؤمن به من منظومات ميتافيزيقية.
لم أكن بحاجة لأن يوضح لي في نهاية حديثه، أنه يحاول استنطاق الطبيعة ليدرك منطقها، لا أن يفرض عليها تصورات ومنطقا ميتافيزيقياً متسامياً. وأنه رغم محورية الوعي الإنساني لإكساب العالم المادي الوجود، إلا أنه لا حقيقية لهذا الوعي إذا ما فارق المحسوس. لا وجود بلا وعي، ولا وعي بلا وجود. فنحن لا نتوصل إلى وجود الأشياء في ذاتها، وإنما لما يرصده الوعي من تأثيرها، ليكون الوعي والوجود صنوان متلازمان. لعل مصطلح الميتافيزيقا من أشد المعاني الزائفة خطورة؛ فالعالم الفيزيائي لا يعرف الماوراء، كما لا يعرف الماقبل والمابعد؛ فخارج دائرة الفيزياء ينعدم الزمان والمكان.
ربما هو العجز أو الإعجاب ما جعلني أحجم عن الدخول مع صاحب الصدفة هذا في حوار. وربما لأنه قدم منظومة نظرية متكاملة متماسكة، ولا تحتاج إلا لمنظومة مقابلة.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاعدة وداعش وأمريكا
- هو الخيار الداعشي
- نبضات علمانية
- مع خطاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
- في غبار عاصفة الحزم
- العبث باليمن العبوس
- الرقص على أنغام حوثية
- على هامش مؤتمر شرم الشيخ
- الإخوان والسيسي وأنا
- عندما يلعب أوباما دور الداعية
- نهضة مصر السيساوية
- دواعش بلا حدود
- تراجع لابد منه
- الجيش المصري بين الجنة والنار
- قصة قصيرة- حدث هناك
- حماس والنصر المبين
- نعم للعرب لا للعروبة
- حماس تطفئ الشمس في غزة
- خواطر مصرية
- من وحي لحظة مصرية


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - المسيحي الملحد