أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - فندق شارون الفصل التاسع















المزيد.....

فندق شارون الفصل التاسع


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 15:42
المحور: الادب والفن
    


رأى صموئيل زوجته، وهي تختفي على الدرج، بشيء من الارتياح. في الليلة الماضية، عَمِلَ كابوسًا رهيبًا: كان عليه أن يتبارى في لعبة الشطرنج مع عربي، وفي كل مرة كان يمد يده ليحرك حجرًا، كانت أصابعه تجمد، وتصبح صلبة بصلابة الجليد، قبل أن تأخذ بالذوبان على رُقعة الشطرنج. كان العربي يصرخ: "توقف عن توسيخ الرقعة، والعب!"، وكان صموئيل يحتج قائلاً إنه لا يتوصل إلى رفع يده، إن يده لم تعد تريد إطاعته، فيهدده العربي بحبسه في حجر البرج، ليأخذ حجرا الملكة والملك بالانتفاخ، بالانتفاخ، حتى يصلا إلى حجم عملاق، وصموئيل محشور بينهما، يختنق، ويئن: "الرحمة! الرحمة!".
في الصباح، ما كان يشعر به من انحراف المزاج بالنسبة لهوية النزلاء الحقيقية تحول إلى شك مرهق. عندما لاحظ مراسم الوداع التي خص النزلاء بها يوسف، فكر، والرعب ينهبه نهبًا، أنه العالم بالمقلوب، وعلى هذا الإيقاع، لن يكون غدًا صاحب الأمر والنهي في منشأته. عند ذاك، قرر أن يتقاسم قلقه مع نجا. صحيح نجا امرأة هشة المَكْسِر، لكنها كانت الشخص الوحيد الذي يستطيع الاتكال عليه. حتى ضابط "التساهال" صَرَمَ حِبَالَه. في لحظة من اللحظات، فكر في الانفتاح عليه، في البوح بشكوكه، آملاً أن يقترح القمندان التدخل لدى السلطات المعنية للقيام بتحقيق جاد فيما يخص نزلائه. الآن، صموئيل متأكد من أنه كان سيتخلى عنه، وأنه كان سيجعله يكابد مهانة على مهانة.
من جانب، التفاهم العام، ويا لجمال التفاهم العام الذي قام بين نزلائه، كان يلائمه، فهم خرجوا من الفندق كلهم، وتركوا له ولنجا الوقت للقيام ببعض التحقيقات. لكنه بدأ يجد الوقت طويلاً، فما الذي تفعله نجا في الطابق الفوقي؟ "أهلكتها التنظيفات، وفوق هذا، بدلاً من أن تأتي لتقول لي إذا ما اكتشفت شيئًا، تَذَمَّرَ. صه! واحد جاي!"
ارتسم شبحُ شخصٍ في الضوء المعاكس داخل إطار الباب الخارجي، فرمشت عينا صموئيل: كانت امرأة، امرأة لم يرها أبدًا في حياته. أوف! لم يكن في حاجة إلى الصفير لنجا! كانت المرأة تحمل إضبارة كبيرة، ولم تكن معها حقيبة. ممثلة تجارية؟ في مشيتها الرياضية ومصافحتها الحازمة عرف في الحال أسلوب فيما وراء الأطلنطي. "ليس هناك غير الأمريكيات اللواتي يصافحن كالرجال"، فكر خِلسة.
وكما قال، القادمة الجديدة اسمها كامرون فورد.
- ادعني كامرون، ألحت في الحال. جئت لأحكي "أشغال" مع صاحب هذا الفندق.
- أنا هو، اختال صموئيل، بينا تزلق نظرة كامرون على كرشه. أي نوع من الأشغال؟
- هل يمكننا الجلوس بهدوء أم أنك تفضل عودتي في وقت آخر؟ ربما كانت لديك أشياء كثيرة تفعلها؟
- لا، لا، لا شيء مستعجل، طمأنها صموئيل، وهو يدعوها بحركة من يده لتتبعه نحو طاولة.
جلسا جنبًا إلى جنب. في البداية، جلس صموئيل مواجهًا لكامرون، لكنها بدلت كرسيها لتجلس إلى جانبه.
- هذا أسهل، فلدي وثائق أريك إياها، أوضحت له.
فتحت إضبارتها، وأخرجت منها كل نوع من الكراسات التي صفتها بأكوام صغيرة مُرَتَّبَة على الطاولة. انتفض صموئيل عندما عرف شعار الشيراتون، بيد أنه انتظر بسكوت الباقي. الإخراج حتى الآن قد تم بحذق، وركبة المرأة الشابة لصق ركبته قد كانت مبشرة بخير جم.
- سأدخل في الموضوع مباشرة، صرحت أخيرًا وكراساتها تبتسم، أنتَ تستميلني.
يا للهول، الأمريكيات! إن قلت عنهن مباشرات، فهن بالفعل مباشرات! نخر صموئيل من المتعة.
- أريد القول، استدركتْ، فندقك يستميلني.
- فندقي يستميلك؟ أوضحي لي هذا.
- أنا أمثل المجموعة التي في عِدادها على الخصوص سلسلة فنادق شيراتون، نحن قادة السوق الدولية للفنادق، ومجموع المبيعات لمجموعتنا تعد بمليارات الدولارات، أضافت مشيرة إلى كومة الكراسات الأولى من اليمين.
استنتج صموئيل أنه ملف "المالية: ميزانيات وتقديرات سنوية".
- لن أثقل عليك في عرض الصحة المالية الجيدة التي يتمتع بها الشيراتون، أنت تعرف الشيراتون، أليس كذلك؟
- تمام المعرفة، أجاب صموئيل بكثير من الهدوء والوقار.
- لقد علمنا باقتراحات الشراء التي عرضت عليك، لا تسألني كيف، فهو سر المهنة، عَمِلَتْ، وهي تضع إصبعها على فمها بشكل مثير جنسيًا.
- حتى تحت التعذيب؟ همس صموئيل في تجويف أذنها.
- حتى تحت التعذيب! قهقهتْ. بالاختصار، على كل حال، نحن نعلم أيضًا أنك لم تستجب لها، ونحن نهنئك على ذلك. ما سنقترحه عليك يساوي ألف مرة أحسن!
- أنت تعرفين كيف تطيلين المتعة! أنا أموت من عدم الصبر لسماع الباقي! أي كلام من فم هو أجمل ما يكون، لا يمكنه جرحي!
- ليس هذا ما أرمي إليه. وإذن، بما أن اقتراحي على ما يبدو يستميلك...
- لكنك لم تقولي بعد شيئًا!
- آه، صحيح! يجب عليّ قول إنك تربكني كثيرًا! إذن، جئت لأقابلك كي أقترح عليك شراء فندقك. سعرك سيكون سعري، بلا نقاش. لدينا مشروع تغيير البناء بسواه، عَمِلَتْ واضعة إصبعها على الدوسية "هندسة". يعني نحن نرغب في هدم فندقك كي نُعِدَّ سطحًا جديدًا نبني عليه عِمارة تكون بمثابة فرع للشيراتون. أنت تفهم تمام الفهم أن مكان فندقك أمثل ما يكون لتحقيق ذلك.
استمع صموئيل إلى هذا العرض بصمت. لو كان جده موشيه، لرمى في إضبارتها "خليط بليط" كل الأدب النسائي للسيدة الشابة قبل أن يشير إلى باب الخروج، لَمَا وَسَّخَ فمه بلفظِ أقل كلمة، لكنَّ جدَّهُ لم ير عربًا على الإطلاق في فندقه. "اتركني وشأني، يا جدي، لمرة واحدة، فقط لمرة واحدة!".
- هل تحلم؟ سمعها تسأل سريعًا.
حمحم، وأجاب سريعًا بالمثل:
- أنت تجعلينني أحلم على التأكيد!
- هل أواصل أم أنك سمعت ما فيه الكفاية؟
- لماذا، هل هناك إضافة؟
- طبعًا، قهقهت بمرح. يجب عليّ أن أخبرك أعظم خبر. سيكون لك قسم من الأسهم، وقسم آخر سيذهب للفلسطينيين.
- للفلسطينيين؟ زأر صموئيل. إذن أنتِ لم تستعلمي جيدًا، في هذه الحالة! ليس عليّ اقتراح مثل هذا النوع من الاستفزازات! التقسيم الوحيد الذي سيكون بيني وبينك، بدي أَأُول، بيني وبين الأمريكان. إياك أن تعيدي الحديث معي عن فلسطينيين! فليذهبوا ليعملوا اقتراحات شراء في البلدان العربية، هناك فنادق للبيع في كل مكان!
- كم دَمَّكْ حامي، يا ألله! هتفت كامرون معجبة. ويا للحيوية!
- حيوية أنا؟ اضطرب صموئيل. أحيانًا أعيب على نفسي كوني كثير السذاجة، هل ترين؟
- لكني أحب الناس السليمي النية مثلك، طمأنته كامرون، يمكننا أن نعمل فريقًا رائعًا، أنا وأنت! يمكننا أن نشتري قليلاً قليلاً كل فنادق إسرائيل، وحتى غزو كل سوق الشرق الأوسط!
- نعم، زاد وزايد صموئيل، وهو يأخذها من كتفيها، سنعمل شريكين فريدين.
- زيادة على ذلك، إذا ما...، وشوشته في أذنه.
- آه! كامرون، كامرون، لن تعرفي كم أنا سعيد برؤيتك هنا!
كان يثني رأسه نحوها، مادًا شفتيه نحو شفتيها. في تلك اللحظة تحديدًا، سُمعت خطوات على الدرج، فاعتدل صموئيل على كرسيه، وهو يتمنى ألا تكون نجا قد فاجأته. تظاهر بالفُضول لأجل معرفة نتيجة التحقيق:
- إذن، هل وجدت... ماذا؟ صَرَخَ، كلاب في بيتي؟
كانت نجا تحمل الحيوان الظريف بين ذراعيها.
- لا تصرخ هكذا، إنها كلبة رملة! أنت تعرف كيفهم الأطفال، إنهم يحبون الحيوانات كثيرًا! لم يكن لها قلب لتنفصل عن كلبتها، حتى لأسبوع عطلة. ثم، ألا تجد "إنْهَا بتجنن هادي الكلبة"؟
- لا، يا نجا! أنا لا أجدها تجنن أبدًا! قال صموئيل بلهجة حازمة.
رملة التي لجأت خلف نجا ما أن أعلى صموئيل نبرته، كانت تخنق شهقتها، ونجا تشدها إليها لتخفف عليها.
- مقفل عليها في قفص منذ عدة أيام، حتى أنها لم تر الشاطئ: مع هذا، من حقها ذلك! أليس كذلك، يا رملة؟ لِلُد الحق في الاستمتاع بالصيف، وأنتِ كذلك التي تحرمين نفسك لئلا تتركيها وحدها! هذا ليس عدلاً. أليس كذلك مدام... لمن لي الشرف؟
- فورد. كامرون فورد. أنا أمريكية، وأجريت اتفاقًا مع زوجك لهدم فندقكم وبناء فرع للشيراتون وذلك بترك نصف الأسهم لكم.
بلا وثائق، بلا أكوام صغيرة، بلا ابتسامات، أوجزت كامرون بجملة واحدة فحوى محادثاتها الطويلة مع صموئيل.
- وأنا، ماذا تعملين برأيي؟... لا!
- نجا، يا ملاكي، رجاها صموئيل، لكن إيش اللي ماخدك؟ أنت لن تدعي فرصة ذهبية كهذه تفلت منك؟
- لكني كنت أظن أننا حللنا مسألة البيع منذ زمن طويل! هل نسيت؟ وجدك موشيه، ماذا سيقول؟
- بَسْ بَسْ بَسْ، خليني! اتركيه حيث هو، هذا! واحكي لي بصراحة: أنتِ لم تنوي أبدًا بيعه، هذا الفندق؟
- لا، كذبت نجا، أنا متعلقة به كثيرًا. أحب استضافة الناس، استقبال السياح! أحب أن يشعروا بالراحة عندي!
- لكن، نجا، هل نسيت الأرواح العربية؟
- منذ متى أنت تؤمن بالأرواح؟
- نجا، يا حبيبتي، أنت على التأكيد مُنهكة بعد هذا الأسبوع المرعب. ربما كان عليك الذهاب لترتاحي!
- على العكس، لستُ أكثر مني ارتياحًا طوال حياتي. فهمتُ هذه الأيام الأخيرة أشياء فاتتني حتى الآن.
- لكن، عماذا تتكلمين، يا نجا؟ لم أعد أعرفك!
- ربما، تدخلت كامرون منزعجة، ربما عليكَ أن تطلب منها السعر الذي تريده؟
- ما السعر الذي تريدينه، نجا، قولي رقمًا، حتى ولو وجدته باهظًا!
- سأكون واضحة إذن. ليس هناك أي سبب يفرقنا عن هذا الفندق، وأقل أن نقبل بهدمه، الآن وهو يمشي جيدًا، ونزلاؤنا عادوا. وعندما أتكلم عن نزلائنا، أعني بالتأكيد، نزلاءَنا اليهود.
غمزت رملة غمزة متواطئة، ورملة تضمها بكل قواها بين ذراعيها الصغيرتين.
- أنا لا أقول إن الأمر سهل كل الأيام، تابَعَتْ، لكن الآن، على أي حال، أنا واثقة من أن الأشغال عادت، وأن فندقنا على طريق النجاح.


يتبع الفصل العاشر والأخير



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فندق شارون الفصل الثامن
- فندق شارون الفصل السابع
- فندق شارون الفصل السادس
- فندق شارون الفصل الخامس
- فندق شارون الفصل الرابع
- فندق شارون الفصل الثالث
- فندق شارون الفصل الثاني
- فندق شارون الفصل الأول
- في بيتنا داعشي 5 وأخير الرؤساء والملوك
- في بيتنا داعشي 4 أمريكا
- في بيتنا داعشي 3 التعايش
- في بيتنا داعشي 2 المؤمن
- في بيتنا داعشي 1 الله
- مدام ميرابيل القسم الثالث4 وأخير
- مدام ميرابيل القسم الثالث3
- مدام ميرابيل القسم الثالث2
- مدام ميرابيل القسم الثالث1
- مدام ميرابيل القسم الثاني13
- مدام ميرابيل القسم الثاني12
- مدام ميرابيل القسم الثاني11


المزيد.....




- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...
- الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - فندق شارون الفصل التاسع