|
|
في بيتنا داعشي 4 أمريكا
أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 4818 - 2015 / 5 / 26 - 08:54
المحور:
الادب والفن
أولاً لا تظن أيها القارئ أن أمريكا كل ما تقوم به من جرائم فقط ضدنا، نظامها الرأسمالي في آخر مراحله الوحشية يتصرف كأعمى العينين، وهو لن يتردد كيلا ينهار عن ارتكاب أفظع هذه الجرائم ضدنا وضد غيرنا بمن في ذلك غيره هو، ضد الأمريكيين أنفسهم. لم تلجأ أمريكا إلى شن الحروب الداعشية ضد مواطنيها، ليس بعد، لكن حروبها ضدهم من نوع آخر، حروبها حرائرية، القروض ساحتها، والتضخم، والتقشف، وعصاباتية، سلطة داخل السلطة، وما يتبع ذلك من جريمة منظمة، وفساد، وسلاح، ومخدرات، وتجارات جنسية، وسجلات معلوماتية، ومطاردات شخصية، وابتزازات فردية، وعدالات هي عدالاتها، تحت ذريعة الأمن القومي، يعني عدالات دون عدالة، والأخطر من كل هذا ربوهية (من روبو الإنسان الآلي) المجتمع، وتحويل أفراده إلى كودات في نظام إلكتروني هائل، يمتد أكثر فأكثر من أمريكا إلى كل بلدان العالم، لرص البشر، كل البشر، في عصر النانوتكنولوجيا، داخل أسطوانة توضع في الجيب الصغيرة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
ثانيًا بناء على ما سبق، الإيديولوجيا تلعب دورًا هامًا في تثبيت الوضع القائم، فالإيديولوجيا حرب كذلك فضاؤها البنية الفوقية، يعني كل ما له علاقة بوعينا، وهذه الحرب الإيديولوجية في أمريكا، وفي كل مكان واحدة، لا فرق بينها، ومن أهم أدواتها الأخطبوطية المؤسسة الإعلامية والمؤسسة الدينية، وهذه الأخيرة في أمريكا داعشية، قبل أن يوجد هذا التنظيم الخرع، أي أن داعش في أمريكا قبل العراق. لهذه بالطبع غاياتها، ولتلك غاياتها، ولكن الأهداف واحدة.
ثالثًا مقابل الوجبة السريعة، ساندويتش الهمبرغر، في أمريكا هناك الدين السريع، لكن هذا لم ينزل على الناس من فوق نزول الأديان على ظهر أخينا الأستاذ جبرائيل عليه الصلاة السلام، رافق ذلك الحرية الاقتصادية المعارضة لتدخل الدولة-الله، الدولة-العناية الإلهية، وجعل من ملايين المشحرين، مئات الملايين، المليارات في أمريكا والعالم، الاستماع إلى تجار الأديان الذين يَعِدُونَهُم ليس بجناتِ عدنٍ تجري من تحتها الأنهار، وإنما بالعلاج لمن لا يجد ثمن دوائه، وبالحساء لمن لا يجد طعام غدائه، فكان تطبيق العولمة الدينية على أحسن وجه –لا أحد يتكلم عنها- عندئذ خلاص الفرد يجده خارج الكنيسة لدى المجموعات التبشيرية الإنجيلية، ولكل مجموعة دينها الساندويتشي الخاص بها، وطائفتها الماكدونالدية التابعة لها، فيغلب القلب على العقل، ويكون قوام المعتقدات الجديدة أمل هو في حقيقته مزيف، وهوية هي في حقيقتها مشوهة، ومع ذلك هذه الهوية وذاك الأمل يعينان على قطع مسافة من الطريق الذي تركته الرأسمالية المتوحشة "للأرذال" خلفها، طريق على هامش الحداثة محفر حُفَرُهُ الجهل والفقر والإسهال الدائم، الجهل ليس كمقابل للعلم كمقابل للإنجيل، والفقر ليس كمقابل للغنى كمقابل للبورصة، والإسهال الدائم ليس كمقابل للدزنتاريا والعياذ بالله كمقابل للبيت الأبيض.
رابعًا على الطريق المفتوح الطويل المحفر ذاته، للمجموعات التبشيرية الإسلامية مكانها كذلك، في أمريكا أهلاً وسهلاً لكل تنظيم ديني خفيف، إنجيلي، إسلامي، بوذي، إلحادي، فالإلحاد في أمريكا دين معاذ الله، شيطاني، جني، هوليودي إلى آخره، المهم أن تلعب دورك في الدور الذي تلعبه الإيديولوجيا لتثبيت الوضع القائم ولتأبيده، من هنا يأتي التبشير السعودي لدى السود خاصة –في الفلسفة الوهابية زنوج-، والتبشير الإيراني –الملالي هناك يسمحون بالستربتيز-، مع ميزانيات ضخمة بمليارات الدولارات. والتنافس الوهابي الشيعي في المنطقة هو نفسه في أمريكا، مع فرق أن هذا التنافس في أمريكا جزء من كل أمريكي، بمعنى الدمج الكلي في السياسة الأمريكية، دمج لم يتحقق بعد في الشرق الأوسط، ولن يتحقق إلا بعد صراعات طاحنة لم تزل تدور بين الطرفين، ولن تنتهي إلا بالدمج الكلي للطرفين، وبكلام آخر بأمركة المنطقة كما هو عليه في أمريكا، وهي خطوة أساسية لأبناء العم سام، قبل أمركة العالم كمناطق تكامل عضوي تتساوق فيها نشاطات الجميع لتأدية عمل معين كما لو كانت مناطق أمريكية بالفعل، وليس مناطق نفوذ، بعد أمركة العالم كبشر رقمي. هل أذكّر بالأسطوانة التي سترص البشرية داخلها لتوضع في الجيب الصغيرة للرئيس الأمريكي؟
خامسًا لهذا السبب داعش في أمريكا ساندويتش همبرغر، وجبة خفيفة، وجبة سريعة، وفي العراق وسوريا وباقي المنطقة وجبة ثقيلة، وجبة بطيئة، تُمَّنْ في العراق، وورق دوالي في سوريا، يعني طبيخ وبلاوي، طالما لم تتم أمركة العالمين العربي والإسلامي أمركة عضوية، وطالما لم يعاد بناء الإسلام هناك حيث تهدمه الدبابات أحسن هدم، إسلام عنيف كما يجب عليه أن يكون، كما كان دومًا، فزبائن محمد وعيسى وموسى اليوم ابتعدوا كثيرًا في "تسامحهم" عن الطريق السويّ، والطريق السويّ هو الطريق ذاته الذي تركته الرأسمالية الأمريكية "للأرذال" في بلدها من ورائها، المحفر وَحُفَرُهُ الجهل والفقر والإسهال الدائم، مع خصوصية وشرط من عندنا: الخصوصية هي نكاح العقل، والشرط هو حلول العقل محل القفا!
يتبع في بيتنا داعشي 5 وأخير الرؤساء والملوك
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في بيتنا داعشي 3 التعايش
-
في بيتنا داعشي 2 المؤمن
-
في بيتنا داعشي 1 الله
-
مدام ميرابيل القسم الثالث4 وأخير
-
مدام ميرابيل القسم الثالث3
-
مدام ميرابيل القسم الثالث2
-
مدام ميرابيل القسم الثالث1
-
مدام ميرابيل القسم الثاني13
-
مدام ميرابيل القسم الثاني12
-
مدام ميرابيل القسم الثاني11
-
مدام ميرابيل القسم الثاني10
-
مدام ميرابيل القسم الثاني9
-
مدام ميرابيل القسم الثاني8
-
مدام ميرابيل القسم الثاني7
-
مدام ميرابيل القسم الثاني6
-
مدام ميرابيل القسم الثاني5
-
مدام ميرابيل القسم الثاني4
-
مدام ميرابيل القسم الثاني3
-
مدام ميرابيل القسم الثاني2
-
مدام ميرابيل القسم الثاني1
المزيد.....
-
الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس
...
-
يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
-
موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع
...
-
فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل
...
-
أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا
...
-
العرض المسرحي “قبل الشمس”
-
اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال
...
-
المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية
...
-
يعيد للعربية ذاكرتها اللغوية.. إطلاق معجم الدوحة التاريخي
-
رحيل الممثل الأميركي جيمس رانسون منتحرا عن 46 عاما
المزيد.....
-
مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
زعموا أن
/ كمال التاغوتي
-
خرائط العراقيين الغريبة
/ ملهم الملائكة
-
مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
المزيد.....
|