أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسن طويل - توحش امتحانات البكالوريا في المغرب














المزيد.....

توحش امتحانات البكالوريا في المغرب


حسن طويل

الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 09:37
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


توحش امتحانات البكالوريا بالمغرب
طويل حسن
المتخلف فنان في البرمجة السلبية للعقول وفي مسخ الأشياء. وهذا ما يلاحظ في تعامل سلطات التربية والتكوين في المغرب مع امتحانات البكالوريا ، حيث حولتها من محطة تربوية تعليمية الى ساحة جريمة محتملة يجب البحث عن مجرم مفترض فيها ، وفرضت جوا من الحرب في اطار اصطياد الغشاشين المفترضين . فأصبحت الامتحانات بصفتها عملية تربوية تعلمية في الاساس ، الى اداة للترهيب والتوحش . فبدل ان تكون التعبئة من اجل تجويد التقويم وتحويله من مقاربة تقليدية جزائية عقابية الى مقاربة تكوينية ، اختزل الخطاب التربوي السائد هذه الامتحانات الى ساحة حرب ، حيث يطغى عليه البعد الامني ولغة العقاب والزجر و الحرب الاستباقية ، وينطلق من كون المتعلمين خلايا نائمة من الغشاشين. وحول مراكز الامتحانات الى ساحات معركة لمطاردة الساحرات .
إن الامتحانات هي قبل كل شيء ، اداة من ادوات التقويم التربوي التعليمي التعلمي لقياس معرفي و بيداغوجي وشخصي وكفاياتي للتلميذ من خلال اسئلة ووضعيات مدروسة بشكل علمي و ملائمة لأهداف واضحة يكون اساسها قياس ابداع المتعلم و كيفية مواجهته للوضعيات والتكيف معها و قياس ادوات الانتاج المعرفي لديه وقدراته على الخلق و الإبداع . لقد "مسخت" المقاربة المعتمدة في المدرسة المغربية الإمتحانات إلى آلية من أليات العقاب والزجر مسكونة بوسواس الاصطياد والافتراس ، ومتبنية لمنطق الارجاع و الغثيان المعلوماتي عبر انهاك مجاني وسادي لطاقة التلميذ في محاولاته الوفاء لدروس صماء روتينة تفتقد لكل تجديد وتعاني البؤس في بث روح الحماس والحافزية . فاختزلت الامتحانات الى مجرد أدوات لقياس مدى درجة الوفاء الساكن للدروس الممنوحة ( سلعتنا رجعت الينا) ، بدل ان تكون وسيلة لقياس القدرات على الابداع و التكيف مع الوضعيات.
إن هذا التشويه الذي يمس التقويم في المغرب هو نتيجة لفقدان السياسة الرسمية لسلطات التربية والتكوين لتصور شامل و متكامل ومندمج لجميع ابعاد المنظومة التربوية يكون هدفه المساهمة في بناء الفرد-المواطن-المبادر ، ويكون التقويم آلية من الآليات المساهمة في تحقيق هذا الهدف عبر تبني مقاربة له تربوية تكوينية وبنائية لكفايات المتعلم المختلفة الشخصية و المعرفية في سياق الاهداف المنتظرة في كل مرحلة من مراحل حياته الدراسية . ان غياب هذه المقاربة يفرغ الامتحانات من محتواها و يحولها الى معا بد يقدم فيها التلميذ قربانا مباركا لأرقام صماء، وهو ما يجعل المتعلم يسعى بكل الوسائل الى الحصول على الدرجات ولو بالغش و التسول ( حالات المراقبة المستمرة في المغرب هي في اغلبيتها صدقة من الاساتذة لتلاميذ تهم). هذه القابلية للغش هي أيضا نتيجة لثقافة سائدة ، تقدس الواجهة و تحتقر المضمون ، فليس المشكل مدى القدرات و الكفايات المتوفرة بل المهم مدى القدرة على التمثيل في ابرازها وإظهارها .
ان التركيز في الخطاب الرسمي في فترة الامتحان على الغش هو نتيجة لمجتمع تسود فيه قيم الزيف و طغيان طقوس الاشكال ، هو في حد ذاته خطاب مغشوش لأنه لا يعطي قيمة حقيقية لكنه الامتحانات و يقتصر على مظاهرها ( لب الغش هو اعطاء قيمة لشيء غير قيمته الحقيقية ) . محاربة الغش ايضا ترتدي البذلة الامنية في اختزال مشوه و مغشوش لهذه الظاهرة المعقدة والمتعددة الابعاد: تربوية و معرفية و بيداغوجية .....وتتفادى الاسئلة جوهرية : ما هو مفهوم الامتحان عند منظومتنا ؟ ماهي اهدافه؟ ماذا نريد قياسه ؟ هل هناك منهجية وآليات علمية في وضعه؟
كما ان طريقة وضع الامتحان ضمن مقاربة علمية تكوينة تنتصر بطريقة آلية على هذا الهوس بالغش ، فظاهرة الغش باستعمال الوثائق مثلا ، يمكن القضاء عليها بكل سهولة عبر تغيير الامتحانات من اسئلة لقياس المعلومات ، الى اسئلة حول مواجهات وضعيات و كيفية انتاج الادوات المعرفية والمنهجية لمواجهتها .و بناء إختبارات تتحول من قياس الخزان المعلوماتي للتلميذ وفق منطق الارجاع ، إلى قياس كفايات منهجية و ميتا معرفية في مواجهة وضعيات جديدة با ستثمار هذه المعلومات .
ان الجو العام الذي يجب ان يسبق الامتحانات يجب ان يحمل بيئة مشجعة للبرمجة الايجابية للمتعلمين وانقاص التوترات والتخفيض من قلقهم في مواجهتها ، فالعاطفة والنفسانية تأثر على الفكر وتهزمه في اغلب الحالات . وهذا ما نفتقده في المغرب الذي اصبح فيه الخطاب عن الامتحانات مسكون بلغة الحرب و التهديد ويغلب عليه طابع التخويف و الرعب مما يشجع على انتاج برمجة سلبية للتلاميذ و زيادة توتراتهم وقلقهم ويحول الامتحانات الى استنزاف وإحتراق نفسي لهم.
في مجتمعات الهدر الانساني يصبح الغش علامة مسجلة و يدخل ضمن الكفايات المطلوبة في النجاح الاجتماعي . محاربة الغش هو صراع من أجل بناء مجتمع الاستحقاق في كل المستويات ، سياسيا وإقتصاديا و إجتماعيا و ثقافيا ، يبتدأ من مواجهة الذات و تناقضاتها والإقرار باختلالاتها و محاربة الفصام المغروس في اعماقها والذي يعتبر اساس كل غش .




#حسن_طويل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعترافات نصف مجنون
- ازمة اصلاح نظام التربية والتكوين بالمغرب
- شطحات مايسة الناجي الشعبوية
- بن كيران : البهلوان المبكي
- العلمانية روح الديمقراطية
- -فقسات - مغربية
- حركة 20 فبراير : نقذ ذاتي
- تسويق الوهم : حزب بنكيران و الإصلاح
- المغربي الصغير
- قوى اليسار والانتفاضات العربية : الادوار والمهام
- العدالة والتنمية في المغرب :محاولة المخزن لادارة الازمة
- خواطر و أغلال
- بؤس التفكير الأصولي
- مشاهد مغربية بئيسة
- مشاهد مغربية
- وهم النجاح في المجتمعات المتخلفة
- اللغات بالمغرب : مجال للهيمنة
- تفجير أركانة : المطالبة بالديمقراطية أكثر أحسن رد
- كلمات خارجة عن القانون
- حركة 20 فبراير و عيد العمال الأممي


المزيد.....




- ترامب لا يتوقع أن تغزو الصين تايوان.. ويوضح السبب
- لماذا أدى انقطاع خدمات شبكة أمازون إلى تعطّل منصات ومواقع عا ...
- القضاء الأمريكي يسمح لترامب بنشر جنود الحرس الوطني في بورتلا ...
- انقطاع الكهرباء بمناطق شمالي أوكرانيا بعد هجوم روسي
- بدء أعمال هدم الجناح الشرقي للبيت الأبيض.. وترامب: سنبني قاع ...
- من بطلة إلى -داعمة للإرهاب-.. لماذا انقلب الإعلام الغربي ضد ...
- غزة بعد الاتفاق مباشر.. انتشال جثامين أكثر من 400 شهيد وإصاب ...
- تحقيق للجزيرة يكشف تفاصيل مقتل هند رجب وعائلتها بحرب غزة
- ضغوط أمريكية ودعوات ألمانية وأممية للالتزام باتفاق وقف إطلاق ...
- ترامب يختار رجل أعمال رائد في زراعة القنّب مبعوثا خاصا إلى ا ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسن طويل - توحش امتحانات البكالوريا في المغرب