حسن طويل
الحوار المتمدن-العدد: 3386 - 2011 / 6 / 4 - 18:49
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كثيرا ما يلاحظ في المجتمعات المتخلفة، تلازم صعود الافراد على المستوى الدراسي و المهني و الحياتي مع تزايد تخلفهم و إفتقادهم للعقل النقدي و عقمهم المعرفي . فكأن النجاح ظريبة الفاشلين ، ففي مجتمع تسوده لغة التخلف من إحتقار للعلم و تقدير للشعودة و إضطراب على مستوى طرق التفكير و سيادة إرتداء الأقنعة لايمكن أن ينجح فيه سوى من يجيد فك رموز التخلف . عملية الفك هذه ، لاتتم إلا بالتشبع بالقيم السائدة حدود التخمة و رمي الفكر النقدي في سلة المهملات . فالعلاقة بين الفرد الناجح و مجتمعه تنبني على أساس العبد لسيده ؛ فكلما بالغ و أظهر طاعة أكثر يجازى من سيده أكثر .
في مجتمع الزيف و الرداءة الكل يصبح مسخا ، ثقافة و قيما و سلوكا . إنه مجتمع لايكتفي بإنتاج قيم التخلف و الغش و الفصام بل يبدع في خلق آليات و ميكانيزمات هذه القيم عبر الأسرة و المدرسة و الإعلام . المدرسة تلعب دورا محوريا في هذا ، فالنمودج التعليمي السائد يتميز بغياب العقل النقدي و زرع شيزوفرينيا معرفية و وجودية حادة و خلق حدودا قوية بين المدرسة و المجتمع و تلقين العلوم بطريقة الحفظ المتبعة في المدارس القرآنية العتيقة كنصوص فاقدة للمعنى ومجرد صيغ رقمية (وليس رياظية ) يجب التمرن لدرجة الحفظ لإستعمالها في الإمتحانات العقابية ( بدل التكوينية )و السلوكات السائدة في المحيط التعليمي من غش و فساد و سيادة منطق الإمتياز بدل الكفاءة ، يصبح مشتلا لصناعة الفشل ( هناك ملاحظة مهمة في الجامعات العربية ، حيث الكليات المنتجة للإصوليين هي الكليات العلمية مما يفسر رداءة التعليم العلمي الدي يجب أن يكون مولدا للفكر النقدي التنويري ، بإعتبار العلم ينبني على الفكر النقدي المشجع على الإبداع و ليس على الفكر المسلماتي . احد الأسباب الأساسية زيادة على رداءة طرق التعليم هو غياب للإبستمولوجيا كمادة تفتح نقاشات مهمة حول المعرفة العلمية و تاريخها ) .
أما في الميدان المهني فثقافة الإرتقاء ترادف القبول بقواعد اللعبة السائدة في العمل من ولاءات و زبونية و رشاوي و حتى مزاج المسؤول يلعب دورا رئيسيا في مصير عماله و موظفيه ، فالتواكل و الغش و القدرة على العمل أقل للحصول على الأكثر و إستغلال العلاقات و الإنظباط الشكلي العبيدي تصبح ثقافة تدبيرية مكان الإخلاص في العمل و المردودية و الحكامة الجيدة . فأغلب الناجحين في عملهم هم من يطيعون و يقدمون الولاء لرؤاسهم و ليس لعملهم و المتشبتين بالمحافظة على العلاقات السائدة البعيدون كل البعد عن ثقافة الإنتاج و التجديد و الإبداع . وهذا مايفسر سيادة كراهية العمل في الثقافة العربية و عدم الإبداع في مجال العمل و الإحساس بالروتين القاتل و عدم الحياة في أماكن العمل .
#حسن_طويل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟