أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - التفكير: فريضتنا السياسية الغائبة















المزيد.....

التفكير: فريضتنا السياسية الغائبة


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 00:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"إنى رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً فى يومه إلا قال فى غده: لوغير هذا لكان أحسن، ولوزيد كذا لكان يستحسن، ولوقدم هذا لكان أفضل، ولوترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر". هكذا تحدث "العماد الأصفهانى" أبو عبد الله محمد بن حامد صفى الدين، المؤرخ والأديب وشاعرالدولة الأيوبية (519 - 597 هجرية). ولعل النقص لم يعد فقط من طبائع البشر، إذ تجاوزه إلى طبائع ذلك العصر المضطرب المريض بظواهره وإبداعه وفوضاه التى نعايشها جميعاً، والتى تستوجب من الكتاب والمفكرين وقادة الرأى والسياسة والشخصيات العامة، مراجعة دائمة ورؤية متجددة ومعاصرة لتحولات الفكر والعلم والسياسة فى مظانها ووسائطها الحديثة والتى أضحت سبباً مباشراً لتغير المعارف والمفاهيم، وإلا عانت المجتمعات من الجمود والاستاتيكية، وتحولت الأفكار إلى "دوجما" تصنع من الفوضى قدر ماتسبب من تخلف وجمود ورجعية، ناهيك عن السطحية والخرافة ومجافاة منهج العلم وطبائع الحداثة والتطور. ولو أن العماد الأصفهانى كان قد عايش عالمنا الحالى وأيامه النكدة، لهالة مانفعله بأنفسنا وبلادنا، ولما استطاع تفسير مانشاهده ونكابده فى محيطنا العام المشغول بالتوافه والسخافات والشائعات ومعارك "دون كيشوت" الوهمية، وكل مالاينفع الناس وكأننا بلاعقل ولافكر ولاقضية تشغلنا ولاإرهاب يتهددنا ولامؤامرات تستهدف وجودنا وقدراتنا وتاريخنا وثقافتنا وحتى خرائط جغرافيا منطقتنا ومصالحنا وحدود وكيانات بلداننا ومستقبلنا. ننظر تحت الأقدام ولانتطلع للأفق، نفتقد البصر والبصيرة، مصابنا فادح فى النخبة والرؤية والفكر والمسئولية.
ولقد كاتبتك هنا الأسبوع الماضى عن فريضة التفكير العلمى، والتفكير خارج الصندوق الذى يتشدق به القاصى والدانى، وكأنهم يتخذونه تكئة لاجتراح اللامعقول. بينما فى معناه الأصيل هو نزوع للإبداع والعلم والمبادرة لإيجاد حلول غير تقليدية لمشاكل تقليدية. إنها فضيلة التفكير والموضوعية وتقدير التحديات والمسئولية. وهى من أسف فريضتنا الغائبة فى وقت تسيده الجهل والارتجال والعشوائية. ولعلى كتبت لك من قبل: علمنا التاريخ أن مستقبل الأوطان رهن بشعوبها في تطلعها للحق والعدل والحرية ورصيدها الحي من فكر وعلم وإرادة،‮-;- ‬-;-وعلمتنا التجارب أن آفة الرجال الهوي،‮-;- ‬-;-ولسوف يذكر التاريخ أن ما نعايشه من أزمات ومحن كان جزاءً‮-;- ‬-;-وفاقاً‮-;- ‬-;-لهوي لجنة‮-;- "‬-;-البشري‮-;-" ‬-;-والتعديلات الدستورية التي مهدت للإلتفاف علي الثورة والتأسيس للإنتهازية والفوضي‮-;-، ثم ممارسات حكومات عاجزة ونخبة مغيبة وإعلام سقط من حالق، ولا مخرج لنا إلا بالتركيز علي طموحات جماهير الثورة وقائدها في دولة مدنية عصرية ناهضة، تؤسس لمجتمع العدالة والمعرفة، إحياء لتاريخ تليد ونبوع مصري علم العالم في فترته الفرعونية التي أبدعت الآداب والفنون والعلوم وأسست لفجر الضمير ووحدانية الخالق وانسانية البشر،‮-;- ‬-;-ولقد استمر دور مصر التنويري في العصور اليونانية والرومانية،‬-;-وتجلت جذورها عميقة وأصيلة في النهوض العربي الأول في آواخر العصر الأموي وخلال العصر العباسي،‮-;- ‬-;-أي الفترة مابين منتصف القرن الثامن الميلادي وحتي القرن الثاني عشر، حيث انفتحنا علي العالم في حركة نشطة للتأليف والتأسيس والترجمة،‮-;- ‬-;-استفاد منها الغرب وكانت من أهم روافده عصر الرينيسانس‮-;-. ‬-;- ‬-;-فإذا ما ركزنا اهتمامنا بتاريخنا المعاصر،‮-;- ‬-;-فإن أبرز أمثلتنا للتحديث والنهضة بدأت منذ‮-;- ‬-;-1805‮-;- ‬-;-مع‮-;- ‬-;-محمد علي ومحاولته القوية لتأسيس دولة مصرية حديثة حاول إحياء مشروعها القومي للنهضة جمال عبد الناصر في خمسينيات القرن العشرين‮-;-.‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-
وكل مرحلة من مراحل صعودنا التاريخى، كانت لها مشروعها الفكري الذي مهد لها‮-;-. ‬-;-فكانت شواهد مشروعنا الفكري للنهضة في مصر الفرعونية مدونة في وصايا الآلهة وأدبيات كهنة معابد آتون وآمون وفي برديات الكاتب المصري القديم ومأثورات آلهة الحكمة وكتاب الموتي ومحكمة الضمير،‮-;- ‬-;-وكان مشروعنا الفكري للنهضة الإسلامية شواهده في حركة الترجمة والتأليف الكبري في العصر العباسي والانفتاح علي أفكار العالم وعلومه وفلسفاته والبناء عليها والإضافة لها‮-;-. ‬-;-وكانت شواهد مشروعنا الفكري للنهضة مع محمد علي،‮-;- ‬-;-بعثاته العلمية لأوروبا وما تلاها من أعمال وأفكار التنوير والحداثة عند رفاعة الطهطاوي ثم الكواكبي ومحمد عبده ورشيد رضا وشبلي جميل وسلامة موسي ويعقوب صنوع وساطع الحصري وغيرهم‮-;-. ‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-
‬-;-ومهد لإحياء مشروعنا للتحديث والنهضة مع جمال عبد الناصر مشروعاً‮-;- ‬-;-فكرياً‮-;- ‬-;-استشرف آفاق العلم والمعرفة عبر المتوسط وبدءا من‮-;- "‬-;-في الفكر الجاهلي‮-;-" ‬-;-و"مستقبل الثقافة في مصر‮-;-" ‬-;-لطه حسين و"الإسلام ونظام الحكم‮-;-" ‬-;-للشيخ علي عبد الرازق وعباس العقاد ومساهماته وأعمال لطفي السيد والجامعة الأهلية وجامعة فؤاد الأول وتعادلية توفيق الحكيم وأعماله وابداعاته والوضعية المنطقية وفلسفاتها عند زكي نجيب محمود واجتهادات يوسف كرم وعثمان نوية وفؤاد بدوي ومراد وهبة وعبد الوهاب المسيري وبنت الشاطئ ولويس عوض وشروحاته النقدية للتجربة الناصرية‮-;- "‬-;-أعمدة الناصرية السبعة‮-;-". ‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-
ولم نكن أبداً‮-;- ‬-;-نحرث في البحر ولكننا كنا من هنا نبدأ مع خالد محمد خالد وكثيرون‮-;- ‬-;-غيره أحدثوا حراكاً‮-;- ‬-;-ثقافياً‮-;- ‬-;-واجتماعياً‮-;- ‬-;-اشتبك مع فكر وطني خلاق وروافد عالمية ملهمة تطلعت عبر المتوسط لحضارته وتقدمه وفلسفاته‮-;-. ‬-;-ولم تتأخر مدرسة العلوم المصرية عن المشاركة والتأسيس،‮-;- ‬-;-شواهد ذلك في الجمعية الجغرافية ومجمع اللغة العربية والمجمع العلمي والإسهامات العلمية الدولية لمصطفي مشرفة وعلي إبراهيم وطلعت النادي وسميرة موسي ومدرسة الري المصرية ومؤسساتها العلمية وابداعات حسين فوزي ومدرسة القصر العيني ومتاحف التاريخ الطبيعي والمتحف المصري القديم ومتحف علوم البحار وغيرها الكثير،‮-;- ‬-;-والكثير في مسرح الكسار ونجيب الريحاني ويوسف وهبي وزكي طليمات والسكندريين العظام عبد الله النديم وسيد درويش وسلامة حجازي وبيرم التونسي ومحمود سعيد وسيف وأدهم وانلي ومئات‮-;- ‬-;-غيرهم‮-;-.‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-
كذلك كان إنتقال أوروبا من العصور الوسطي ومحاكم التفتيش والإحياء الديني إلي التنوير والرينيسانس والحداثة مهد له وسبقه مشروعا فكريا للنهضة الأوروبية في الإصلاح الكنسي والديني وفي المنهج‮-;-" ‬-;-كانط‮-;-" ‬-;-وفي الحرية‮-;- "‬-;-جون ستيوارت مل‮-;-" ‬-;-وفي العقل‮-;- "‬-;-هيجل‮-;-" ‬-;-وفي نظام الحكم والسياسة من التفويض الإلهي للحاكم إلي الشعب مصدر السلطات‮-;- "‬-;-هوبز‮-;- - ‬-;-لوك‮-;-" ‬-;-وفي العقد الإجتماعي‮-;- "‬-;-جان جاك روسو‮-;-" ‬-;-و في أبو القوانين‮-;- "‬-;-مونتسيكيه‮-;-" ‬-;-و كميونة باريس والكونفانسيون وافكار ديكارت من الشك إلي اليقين وفرانسيس بيكون‮-;- ‬-;-وجوته ونيتشة والكشوف الجغرافية وكوبرنيكوس وثورة الأفلاك السماوية ونيوتن وقوانين الديناميكا ونيتشة واينشتين والنسبية وبوهر وتركيب الذرة وماكس بلانك ونظرية الكم‮-;- "‬-;-الكوانتم‮-;-" ‬-;-وابداعات الكومبوزرس العظام اشتراوس وبرامز وباخ وهايدن وموتسارت وفنون ليوناردو دافنشي ومايكل انجلو ورينوار ومونييه وفان جوخ وبيكاسو وسلفادور دالي وهنري مور‮-;-.‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-
لذا ما أحوجنا اليوم إلي مشروع فكري للنهضة يخاطب المستقبل ويستشرف نبوءاته. ‬-;-مشروع يعيد قراءة التاريخ واكتشاف الإنسان ويضع منهجاً‮-;- ‬-;-للحياة والتقدم علي أسس العلم والعدل ومعطيات السياسة،‮-;- ‬-;-‬-;-وليكن هذا هو طريقنا للخروج من الأزمة التى جعلت من التفكير في المستقبل فريضتنا السياسية الغائبة‮-;-.‬-;-‬-;-‬-;-‬-;-



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا أخلاقية السياسة الأمريكية
- إشكاليات الثقافة والإدراك فى العلاقات المصرية الأمريكية
- فى كامب ديفيد .. الشيطان يعظ ويصلح الساعات
- عن الحمقى والمغفلين
- إستهداف ملكة الحد الأوسط: مصر يصعب أن تكون تابعاً
- الأرض لما بترمى ف سنبلة بشاعر نبيل الأبنودى: عمر من النضال و ...
- الأزهر ومحاكم التفتيش
- الثورة ليست وجهة نظر
- المرايا والنوافذ بين الثقافة والسياسة
- ثوبها الأخضر رَفّت الشمس ثقوبه
- الأعدقاء الأمريكان وسياسات الأقل كفاءة
- بريسترويكا جديدة من برج القاهرة
- إكشفوا الذئاب قبل محاربة الإرهاب
- ست شخصيات تبحث عن مؤلف
- أن تكتب عن جمال عبد الناصر
- لا مانع لدى الملا أوباما أن يضرب فرنسا فى طريقه إلينا
- مصر بين سياسات الاحتواء وتجسيد الفكرة
- هل تعيين خالد فوزى عنواناً لمرحلة جديدة؟
- إتجاه مصر نحو الشرق ضرورة استراتيجية
- رؤية المفكر وحيرة النخبة: لويس عوض دراسة حالة


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا ...
- لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
- غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح ...
- الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا ...
- معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع ...
- حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي ...
- بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا ...
- وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - التفكير: فريضتنا السياسية الغائبة