أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - إستهداف ملكة الحد الأوسط: مصر يصعب أن تكون تابعاً















المزيد.....

إستهداف ملكة الحد الأوسط: مصر يصعب أن تكون تابعاً


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 4790 - 2015 / 4 / 28 - 23:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعلى لا أتجاوز الحقائق إذا ماقررت أن قوة مصر وقدرتها مرهونة بفهم أبنائها لخصوصيتها الجيواستراتيجية وهى مرشحة دوماً بخصوصية الجغرافيا وتراكم التاريخ لأن تكون قوة فاعلة فى إقليمها وفى نظام عالمى جديد تتشكل محاوره، ولايمكن لها بحكم مشاكل الاقتصاد أن تتحول تابعاً، أو رقماً فى معادلة الإقليم يحدد دلالته فاعلون آخرون ومهما كان قربهم من مصر أو دورهم الداعم لها. ولعل ماأثير مؤخراً فى محيطنا العام من لغط حول الدور المصرى فى عاصفة الحزم، أو تردد سياساتها الخارجية فى التوجه شرقاً نحو روسيا والصين، والعودة للخلف در فى رهان معاد على سياسات الاحتواء الأمريكية التى تعيد توظيف الدور المصرى لتحقيق مخططاتها للمنطقة، إنما هو قراءة متعجلة للشواهد والمواقف المصرية تتناقض مع ماخطته مصر لنفسها بعد 30 يونيو من استقلالية القرار المصرى وانفتاحها على كل الاتجاهات وعدم رهن قرارها للتردد الأمريكى الذى يعلن خلاف مايضمر ويقول خلاف مايفعل. ورغم ماتبدى فى الأفق من تباطؤ طارئ فى العلاقات المصرية الروسية بعد مشاركة مصر العسكرية فى اليمن وعدم وضوح محاور تحركها السياسى لاحتواء مشكلته بالانفتاح على إيران وروسيا الداعمين الأساسيين للحوثيين واختيار مسار السعودية – الولايات المتحدة، فإن رهاننا على استعادة الدور المصرى مازال قائماً، تدعمه ثقتنا فى وعى القيادة المصرية ووطنيتها وقدرتها على استيعاب كل المتغيرات الإقليمية والدولية والموازنة بين موجبات ومحددات الأمن القومى المصرى وضرورات الأمن القومى العربى. وليس صحيحاً فى مجمله مايقال عن تفرد الرئيس السيسى وأجهزة معلوماته بالقرار الذى يفتقد للمؤسسية والرؤية السياسية الشاملة، وأن مصر تفتقد لرجال الدولة الذين يتم تغييبهم عمداً بادعاء تجريف القيادات، ولذلك تتردد كل من الصين وروسيا فى عقد شراكة استراتيجية مع مصر. ورهاننا هنا أيضاً على القيادة وقدرتها على تصحيح كل المواقف بما يحقق الصالح الوطنى للبلاد. وأحسب أن معظم مايثار فى هذا الإطار إنما يستهدف مصر ودورها وثورتها ومستقبلها فى عالم تتزايد فيه تفاعلات مخاض تخلق نظام عالمى جديد يحاول الأمريكان كل جهدهم استبعاد مصر من التأثير الفاعل فى مكوناته ومحاوره. لذا فإن مصر بخصوصية الجغرافيا وفاعلية الدور وتراكم الخبرة مؤهلة للاستهداف ومرشحة له. ولقد تحدث الدكتور جمال حمدان عن شخصية مصر وعبقرية المكان وأسهب في شرح دلالات الموقع وشواهد الموضع ومؤهلات مصر كقوة إقليمية فاعلة ومشاركة فى صنع تاريخ العالم وحضارته وملهمة للجوار المحلى والعربى بما تقدمه من نموذج ومثال ومرجع. ولعلى كتبت لك فى هذا المكان من قبل عن "استهداف ملكة الحد الأوسط" مانصه: قد يرى البعض أن مصر أرض المتناقضات Land of paradox ربما بسبب التباين الشديد بين الطبقات والفروق الاجتماعية الصارخة من ناحية، أو بما تمثله المفارقة بين خلود الآثار القديمة وتفاهة المسكن القروي، أوبين الوادي والصحراء حيث يتجاوران جنباً إلى جنب كما تتجاور الحياة والموت، إلا أن فى كتابه "شخصية مصر" يرى الدكتور جمال حمدان أن ملامح شخصية مصر تجعل منها مخلوقاً فريداً فذا، فهي بطريقة ما تكاد تنتمي إلى كل مكان دون أن تكون هناك تماماً. فهي بالجغرافيا تقع في أفريقيا، ولكنها تمت أيضاً لآسيا بالتاريخ. هي في الصحراء وليست منها. فرعونية هي بالجد، ولكنها عربية بالأب. ثم إنها بجسمها النهري قوة بر، ولكنها بسواحلها قوة بحر، وتضع بذلك قدماً في الأرض وقدماً في الماء. وهي بجسمها النحيل تبدو مخلوقاً أقل من قوي، ولكنها برسالتها التاريخية الطموح تحمل رأساً أكثر من ضخم. وهي بموقعها على خط التقسيم التاريخي بين الشرق و الغرب تقع في الأول ولكنها تواجه الثاني وتكاد تراه عبر المتوسط، كما تمد يداً نحو الشمال وأخرى نحو الجنوب. وهي توشك بعد هذا كله أن تكون مركزاً مشتركاً لثلاث دوائر مختلفة بحيث صارت مجمعاً لعوالم شتى، فهي قلب العالم العربي، وواسطة العالم الاسلامي، وحجر الزاوية في العالم الافريقي. يستطرد فيقول: وإذا كان لهذا مغزى، فهو ليس أنها تجمع بين الأضداد والمتناقضات، وإنما تجمع بين أطراف متعددة غنية وجوانب كثيرة خصبة وثرية، بين أبعاد وآفاق واسعة، بصورة تؤكد فيها "ملكة الحد الاوسط" وتجعلها "سيدة الحلول الوسطى"، وسط في الموقع والدور الحضاري والتاريخي، في الموارد والطاقة، في السياسة والحرب، في النظرة والتفكير. ولعل في هذه الموهبة الطبيعية سر بقائها وحيويتها عبر العصور ورغمها. إنتهى الاقتباس، ولعل فى هذا كله ما يوغر صدور الحاقدين ويؤجج نيران الحاسدين ويشحذ همم الطامعين.
إن مصر التى مثلت وعلى مر العصور حكمة التاريخ وعمق الحضارة ووسطية الدين واعتدال السياسة، لهى المستهدفة اليوم بالإرهاب على حدودها وداخلها، لما يمكن أن تقدمه من رؤية عصرية حول النموذج والإطار لقوة إقليمية فاعلة فى شرق أوسط جديد تمثل للعالم العربى فيه النواة والمحور. ولمصر فى ذلك سابق الخبرة وعميق التجربة، فقد قادت فى هذه المنطقة ومنذ القرن التاسع عشر فكر التنوير والتحديث والإصلاح والنهضة. وتواصل دورها فى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين لتقود حركة التحرر العربية والإفريقية، وامتد دورها فاعلاً نشطاً كلاعب مؤثر فى السياسة العالمية، وهى التى قدمت رؤية السلام ومبادراته، وعملت له بحكمة واقتدار وقادت المنطقة لمفاهيم جديدة تؤسس للتفاهم والتعاون والحوار وهى اليوم مطالبة أن تقود المنطقة من جديد لإصلاح سياسى شامل وتحديث ديمقراطى عريض نحو مجتمع المعرفة وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة. ذلك دورها وهى قادرة عليه وهو ما يقلق البعض فيتحسبون له بالكيد والتآمر وسوء المنافسة.
إن السياسات المصرية الفاعلة فى القضايا الإقليمية التى مازالت ساخنة إنما تمثل خبرة مؤسسية هائلة بما يجعلها تستعصى على المنافسة أومحاولة تحجيم دورها لصالح قوى إقليمية أخرى لها مطامعها فى المنطقة ولها كفلائها من قوى الإمبريالية العالمية، التى تحاول زعزعة استقرار مصر وإضعاف دورها وقدراتها. وربما لهذا تدعم الولايات المتحدة الأمريكية قوى الإرهاب فى القاعدة والنصرة وداعش وفجر ليبيا وأنصار وأكناف بيت المقدس وغيرهم.
وهكذا يتبين لنا وكما قلت فى البداية أن مصر بخصوصية الجغرافيا وفاعلية الدور وتراكم الخبرة مؤهلة للاستهداف ومرشحة له. وينسى من يستهدفون مصر ودورها ألا أحداً فى مقدوره تغيير الجغرافيا أو تحييد التاريخ. نعم يمكن إعادة رسم خرائط المنطقة للتأثير على القوى الجيواستراتيجية فيها سواء بالتواجد المباشر للقوات الأمريكية، أوبفعل سياساتها لكنه يظل حلم إلغائها وتسطيح دورها مستحيلاً. إن الخصوصية الثقافية لمصر وثراءها التاريخى والحضارى وتنوع محتواها السكانى وقدراتها البشرية المتعددة تجعل من الصعوبة أن يرث دورها وفاعليته قوة إقليمية أخرى، ومهما توافر لها من قدرات عسكرية وتكنولوجية، ومهما روج له صقور البيت الأبيض والمحافظين الجدد عن نظرية الفوضى الخلاقة Constructive chaos، لكن هيهات أن ينال ذلك من ملكة الحد الاوسط، وسيدة الحلول الوسطى.




#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرض لما بترمى ف سنبلة بشاعر نبيل الأبنودى: عمر من النضال و ...
- الأزهر ومحاكم التفتيش
- الثورة ليست وجهة نظر
- المرايا والنوافذ بين الثقافة والسياسة
- ثوبها الأخضر رَفّت الشمس ثقوبه
- الأعدقاء الأمريكان وسياسات الأقل كفاءة
- بريسترويكا جديدة من برج القاهرة
- إكشفوا الذئاب قبل محاربة الإرهاب
- ست شخصيات تبحث عن مؤلف
- أن تكتب عن جمال عبد الناصر
- لا مانع لدى الملا أوباما أن يضرب فرنسا فى طريقه إلينا
- مصر بين سياسات الاحتواء وتجسيد الفكرة
- هل تعيين خالد فوزى عنواناً لمرحلة جديدة؟
- إتجاه مصر نحو الشرق ضرورة استراتيجية
- رؤية المفكر وحيرة النخبة: لويس عوض دراسة حالة
- لئلا يرقص البيض مع الحجارة
- حكومة محلب والعقل المؤسسى المفقود
- المسئولية الوطنية للجامعة من محمد عبداللاه إلى خالد الطوخى
- بيت الأسماك فى التراث والإرهاب والسياسة
- الأزهر ينعى ويشجب ويغط فى سبات عميق


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - إستهداف ملكة الحد الأوسط: مصر يصعب أن تكون تابعاً