أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - مع نيتشة :لسنا شياطين .. ولن نكون ملائكة !















المزيد.....

مع نيتشة :لسنا شياطين .. ولن نكون ملائكة !


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 4798 - 2015 / 5 / 6 - 21:06
المحور: الادب والفن
    


لسنا شياطين , ولن نكون ملائكة , وهذه طبيعة الإنسان , ومعظم الأحيان أصطحب عقل فرديرك نيتشة ليكون مقياساً لما أقوله أو أردده , حتي لا أتشبه بالببغاء , وأهرب بعقلي حيث تكون إرادة الهروب حاضرة وناجزة في الإبحار إلي صحراوات الحقيقة المطلقة التي لاترونها عين , ولا تستبصرها فضيلة , حيث الأنا وغريزة البقاء وتحدي الطبيعة هي العلامة المميزة للحياة في مواجهة الفناء من غير أن تصرخ وتستنجد : انقذوا أرواحنا فقد شارفت علي الهلاك !
الحنو والرحمة والدعة وتصاريف السعادة المتوهمة تكون أداوات ضد الإنسان حينما يغيب عنها إرادة العقل , وتنتزعها مشاعر مغموسة في عواطف مزيفة واحاسيس مصطنعة , ليكون هناك رصيد مزعوم باحث عن قيمة يتخفي وراءها العقل الباطن ..

أنت ايها العقل البليد الذي ترتدي بزة سياسي محنك , وإعلامي مفوه , ورجل دين منافق بجدارة الزيف والكذب , مازال العقل يلعنكم جميعاً بلعنات صامتة ويسر لكم بتفاهتكم حينما تدعوا جميعاً أنكم مع الإنسان وتدافعون عن مراحل وجوده حتي مماته أو قتله بصنائعكم التي هي في النهاية من زيف تصوراتكم , وكذب رؤاكم وتوهمات من جعلتوهم أوصياء علي عقولكم ممن وهبوا لأنفسهم وذواتهم المهترأة وظائف سماوية .

كأنني أشاهد نيتشة وهو يقف أمامكم , وأن تصغرون له عقولكم , وتتهته وتتلعثم كلماتكم وتتساقط الحروف من أطراف شفاهكم , ويتلو عليكم سؤال لايتغير, ويختتم به كلماته اللاذعة : هل علمتم بهذا الأمر من قبل ؟!

وهاهو ينظر إليكم ويراكم غوغاء سفلة , وسوقة منحطين عقلياً وأخلاقياً ,وتدعوا لأنفسكم وذواتكم ماليس فيكم , وتكذبوا بتواضعكم المزعوم أمام نظرات الشعب البائس المسكين بسفالتكم , وهاهو يعنفكم بسلانه الحاد :" لكنكم تظلون شعبا في نظري حتى في فضيلتكم، شعب بأعين بليدة ،-شعب لا يفقه معنى العقل!" , ويراود العقل مجدداً ويصفه لكم بأنه :" العقل هو الحياة التي تجترح نفسها في الحياة ؛ وفي المعاناة الخاصة تنمو المعرفة الخاصة ..هل علمتم بهذا الأمر من قبل؟!

ويقول بصدق بالغ :"الشعبَ وخرافات الشعب خدمتم ، يا مشاهير الحكماء، جميعكم ! .. وليس الحقيقة ! ولهذا بالذات غمركم الناس بآيات الإجلال . ولذلك أيضا تحمّل الناس عدم إيمانكم ، لأنه كان مجرد دعابة ومسلكا ملتوياً باتجاه الشعب . كذا يفعل السيد وهو يغض الطرف عن عبيده ويتسلى أيضاً بمرحهم العابث , لكن الذي يكون مكروها من الشعب كالذئب لدى الكلاب : هو العقل الحر، عدوّ القيود ، المُدبر عن العبادة، الساكن في الأدغال. مطاردته و إجلاؤه عن مخدعه ؛ ذلك ما يعني لدى الشعب "حسّا بالعدالة ": وضده يستثير كلابه الأكثر شراسة .
"ذلك أنه هنا تكون الحقيقة: إذا ما كان الشعب هنا! .. و ويل ، ويل للسالك دروب البحث !" هكذا ظل يُعلن على الملأ منذ القدم . أردتم إقرار الصواب لشعبكم في عبادته ؛ وسمّيتم ذلك "إرادة الحقيقة"، يامعشر مشاهير الحكماء!
وكان قلبكم يحدّث نفسه على الدوام: "من الشعب أتيتُ؛ ومن هناك أيضاً أتاني صوت الله ".
مثابرين ودهاة على غرار الحمار كنتم دوما في دفاعكم عن الشعب . والبعض من ذوي الجاه ممن كان يروم السير سيرة المحنّك مع الشعب قد شدّ إلى مقدمة جياده أيضا حماراً: واحدًا من مشاهير الحكماء . والآن، أردت لو تلقوا عنكم أخيراً جلد الأسد كليًّا يا معشر مشاهير الحكماء!
جلد الحيوان المفترس، الجلد المزوّق وفروة المستطلع ،الباحث، الغازي !
سيكون عليكم أن تحطموا إرادة العبادة التي في أنفسكم أوّلاً ، كيما أتعلم الاعتقاد في "صدقكم".
صادق – كذا أسمّي ذلك الذي يمضي في صحاري لا آلهة فيها وقد حطّم قلبه المتعبّد. تائها في الرمال الصفراء و ملفوحاً بلهب الشمس قد يرنو بعينه ظمِئًا إلى جزر مليئة ينابيع حيث يستلقي الأحياء تحت أشجار ظليلة .لكن ظمأه لن يقنعه بأن يغدو شبيها بهؤلاء المستلقين في الرفاه : ذلك أنه حيثما توجد واحات تكون هناك أيضا أصنام وتماثيل آلهة .

وكأن فريدريك نيتشة يوجه اسئلته عبر تساؤلاته اللاذعة التي تتغيا إستنفار الهروب من العبودية والكذب والإدعاءات الباطلة التي يردده من تمسحوا بمسوح الحكمة والفلسفة والمعلم والثقافة والمعرفة , وكأنه يريد أن يتقيأ علي هذا الكذب المزعوم بالدفاع عن الشعب والحفاظ عليه وحمايته من براثن أدعياء الدفاع عن الله أو شذوذ من يدعوا أنه يقضوا حياتهم في دفاعهم عن الشعب وعن مقدرات الأوطان , وأري أنه ما شوه الأوطان , وما أضاع المواطنين , وما همش الأديان وجعلها تجارة رائجة سوي اعداء الإنسان ممن تمسحوا بمسوح الرهبان والعباد والنساك , فهؤلاء لاعهد لهم ولا أمان , لأنهم أعداء الإنسان الحقيقيين , فهم فعلياً كما يري فريدريك نيتشة يريدون للعقل أن يكون أضحية لأنه حسب رؤيته :" سعادة العقل هي هذه : أن يكون مضمّخا بالدهن ومعمّدا بالدموع من أجل أن يكون أضحية ..

وكأن نيتشة يوجه رسائله اللاذعة للساسة ورجال الدين والحكماء والأدباء والفنانين , الذين يعتاشوا علي فقر الفقراء ومرض المرضي , وجهل الجهلاء , ليصنعوا لهم أرصدة عالية لدي الشعب الفقير الجاهل المريض بمزاعم أنهم حماته والمدافعين عنه , وهو يراهم :"على الدوام يدبّون فعلا كالحمير- يجرّون عربة الشعب
! كلا، لستُ بالحانق عليهم من أجل ذلك : لكنهم خدماً يظلّون بالنسبة لي ودوابّاً مسرّجة ، حتى وإن بدوا ملتمعين بسروج من ذهب . وغالبا ما كانوا خدما جيّدين وجديرين بالإطراء. إذ هكذا تتكلم الفضيلة : " إذا ما كان عليك أن تكون خادما، فلتبحث لك عن ذلك الذي يستفيد من خدمتك على أفضل وجه !
وليكن لسيّدك كسب في مزيد عقل وفضيلة، لأنك أنت الذي تخدمه: هكذا تترعرعون بدورك مع نمو عقله وفضيلته !" الحقَّ أقول لكم يا معشر الحكماء، يا خادمي الشعب! لقد ترعرعتم أنتم أيضا على عقل الشعب وفضيلته –والشعب كذلك من خلالكم! إكراما لكم أقول هذا !
لكنكم تظلون شعبا في نظري حتى في فضيلتكم، شعب بأعين بليدة ،-شعب لا يفقه معنى العقل!
العقل هو الحياة التي تجترح نفسها في الحياة ؛ وفي المعاناة الخاصة تنمو المعرفة الخاصة،- هل علمتم بهذا الأمر من قبل؟
هكذا هو نيتشة ببداعة رؤاه , وفسق تصوراته , وبزخ معانيه , وكفر إيمانه , وشرك جاهلية من يراهم شعب , ومن يرون في أنفسهم حماة الشعب .

وكأني أرنو إلي نيتشة وهو يوبخ ويلوم من جعلوا الأوطان والشعوب ساحات وسيعة للجهل ومراتع للجاهلية , ومرابع للعبودية , وهم أحط وأحقر من كونهم مدافعين عن أنفسهم البليدة , وذواتهم المهترأة , وعقولهم المتحجرة الصليدة , فهؤلاء من يطلوا علينا صباح مساء عبر شاشات الفضائيات , وأعمدة الصحف والمجلات والدوريات , وهم أنفسهم من يتصدروا المشاهد السياسية والإجتماعية , وتسمع اصواتهم ونبراتهم مكبرة عبر آلات تضخيم الصوت ومؤثراتها , ولكني بكل بساطة أري نيتشه تأتي إليه تلك المكبرات الصوتية ومؤثراتها من غير أن يطلبها , ويعلن لهم علي الملأ بصوت فخيم موجهاً العبارات القاسمة لمن يستعشر انه إنسان , ولمن يري أن لديه شبه عقل :"
لكنكم وفي كل أمر تبدون في هيأة الخبير جدا بأمور العقل؛ ومن الحكمة جعلتم مأوى فقراء ومصحّة للشعراء الرديئين . لستم صقورا؛ وهكذا لم يكن لكم أن تخبروا السعادة التي في رعب العقل. ومن لم يكن طائرا لا يحق له أن يبني عشه فوق الهوى السحيقة . فاترون أنتم في نظري: لكن بردا قارسا تتدفق كل معرفة عميقة. شديدة البرد هي الينابيع العميقة للعقل: طراوة منعشة بالنسبة للأيادي الحارّة وللفاعلين. محترَمين أراكم تقفون أمامي، بهيآت متصلبة وظهور كالأعمدة، يا معشر مشاهير الحكماء ! –لا تدفعكم ريح قوية وإرادة عاتية. ألم تروا قط شراعا يمضي فوق البحر منتفخا متقوّسا ومرتعشا بالعصف الشديد للريح ؟
كما الشراع، مرتعشا بالعصف الشديد للعقل تمضي حكمتي فوق البحر .. حكمتي المتوحّشة !

أما أنتم يا خَدَمة الشعب، ويا مشاهير الحكماء – من أين لكم أن تمضوا معي ؟!
وكأنه يقرر بأن الكاذبين والمنافقين ليس لهم أن يصطحبوا العقل والحكمة في طريق ..
دمت نيتشة كما أنت , فكأنك تعيش معنا وتحيا أحزاننا ومآسينا , وتعزينا في مآتمنا العقلية المستمرة ..
ولن أقول لك إلي لقاء , فأنت حاضر في كل لقاء مع من أرادوا لأنفسهم أن يحتموا بالعقل والإرادة والمسؤلية , لأنهم ايقنوا أنهم ليسوا شياطين , وأنهم لن يكونوا ملائكة !!
وأما من اعتقدوا أنهم ملائكة خدام للشعب وحراس للأوطان , فهذا شأنهم في الوضاعة ودأبهم في الخسة , وفضائحهم ستلاحقهم وتلعنهم !



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرار من العبودية : المستشار فؤاد راشد .. وموقف وطني رائع ! ...
- عن الأطفال الأحداث :ضرورة تغيير السياسات الأمنية ..*
- من نتائج عاصفة الحزم : مجرد رؤية !!
- مجرد رؤية : ماذا بعدعاصفة الحزم ؟!
- من حفل عُرس الشهيد محمد جمال الأكشر : مشتهر ضد الإرهاب !!
- قرابين الآلهة
- عن الآلهة التي تبتهج لمشاهد الذبح والدم والحرق : إلهنا ليس ك ...
- عن الآلهة التي تكره الرسم والنحت والموسيقي والغناء .. إلهنا ...
- عن الولايات المتحدة الأمريكية راعية مملكة الشر .. تأصيل الإر ...
- أزمة لائحة العداءات .. والوجه الآخر للعملة الرديئة !!
- ثورة يناير2011 : جدل التفسير وجدلية التأويل !!
- معاذ الكساسبة الرمز .. أنت من انتصر علي قاتليه !!
- بعث حياة
- كوباني
- هل تعرفني قريتي؟.. **
- اخترتك وطني !
- بلاموعد !!
- لست براحل !!
- غفوة
- حضرة الوجد


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - مع نيتشة :لسنا شياطين .. ولن نكون ملائكة !