أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - ملحمة الملك لقمان (11) صِفات محمّدية وهدايا جنّية!















المزيد.....



ملحمة الملك لقمان (11) صِفات محمّدية وهدايا جنّية!


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4796 - 2015 / 5 / 4 - 15:58
المحور: الادب والفن
    


(11)
صِفات محمّدية وهدايا جنّية!
كان الملك لقمان والملكة نور السماء والملك إبليس والملكة بليسة والراعي الأكبر وزوجته والسيد شاهل بيل والسيدة سلمنار والملك حامينار والملكة شامنهاز، وبعض الملوك والملكات، قد ظلّوا جالسين ولم يشاركوا الأغلبية الساحقة الرّقص والطقوس الجنونيّة، وكم كان بودّ الملك لقمان أن ينصرف، لينال قسطاً من الراحة بعد أن أثقل رأسه بالهموم السماوية إضافة إلى الهموم الأرضيّة والجنّية، غير أنّ ذلك لم يكن متيسّراً، فهو مُضيف، وكان عليه أن ينتظر إلى أن ينصرف الملوك والراعي الأكبر على الأقل، لكنه استأذن الحضور ليرتاح قليلاً في مقعده.
دعا الملكة نور السماء لتعود إلى جانبه ليلقي رأسه على كتفها ويغفو لبضع دقائق، بينما شرع الملوك في حوارات هادئة مع الملك إبليس والملك دامرداس وسط صخب الموسيقى وصرخات وآهات المحبين وهمسات المتغازلين، وضحكات العاشقين، وقهقة الفرحين، التي لم تتح لحوارهم أن يكون هادئاً، بل إنّ بعضهم فضّل الاستماع إلى أنغام هذه الموسيقى الكونيّة على إجراء أي حوار.
تنبّهت الملكة نور السماء إلى أن الملك لُقمان غفا على كتفها فقبّلت صلعته وهي تضمّ رأسه، وراحت تتمنى في سريرتها، ألا يدهم كابوس أو حُلم فظيع منامه، خاصَّة بعد مسرحية الملك إبليس التي أثقلت على نفسه وضاعفت من همومه وأحزانه، غير أن تمنّيات الملكة ذهبت أدراج الرّياح، فلم يكد يغفو حتّى شرع يهذي، ونظراً لأنه كان يرغب في النّوم، فقد فضّلت أن تتركه يهذي على أن توقظه.
كان يتساءل بصوت خفيض:
«لِمَ لِمَ أيها الملك؟ لِمَ زرع الله الخير والشر في شجرة اللعنة هذه؟ ألم يكن في مقدوره ألا يزرع فيها إلا الخير؟ أم أنّه كان يجهل ما هو الخير وما هو الشّر، أو أنّه لم يكن قادراً على الفصل بينهما، فزرعهما معاً في شجرة واحدة تثمر ثمراً واحداً، لنأكل منها ونواجه قدرنا البائس هذا ونعيش حياتنا ضحيّة جهله أو رغباته ونزواته، أو عدم مقدرته على الفصل؟! ثم لماذا لا يريدنا أن نحيا إلى الأبد، بِمَ يُضيره هذا الأمر؟!»
«أيُّ إله هو هذا؟ ليته لم يوجد! ليتنا ظللنا دون آلهة على أن تأتينا آلهة كهذه، آلهة لا تميّز بين الخير والشّر. بل آلهة يغلب شرّها على خيرها، وتريد الحياة الأبديّة لها وحدها! آلهة لم تظهر نفسها حتى على الملائكة، ولا يعرف حتّى الملائكة عن شكلها شيئاً، سوى ما يرسمه الخيال القاصر والتصوّرات الحمقاء الجاثمة على العقول! إذا لم أتأكد ذات يوم من أن كل هذه التّرهات ليست أكثر من تصوّرات بائسة لأناس بدائيين، وأن هُناك حقاً آلهة كهؤلاء، فلن أتوانى لحظة عن سحقهم وتقويض عروشهم، حتّى لو كلّفني ذلك إفناء آلاف الملايين من البشر وتدمير نصف الكون!!»
ارتعد جسد الملكة نور السماء لهول ما يدور في رأس الملك لقمان من أفكار مرعبة، وتمنّت في سريرتها ألا يكون هُناك فعلاً آلهة مثل هؤلاء، وكي تتجنّب البشريّة هذا الفناء الفظيع.
راح الملك لقمان يهزّ رأسه ببطء على كتف الملكة التي كانت تمسح عرقه دون أن يستيقظ، ويبدو أنّه كان يستمع إلى رأي محدّثه، فما لبث أن أجاب:
«لا، لا! إنّي لا أرى في ما يجري الآن شرّاً، بل خيراً، فالجنس حق للبشر، فلِمَ أطّرته الآلهة والناس بالأخلاق الزائفة والشّرائع المقيتة؟»
«الحيوانات؟ وما بها الحيوانات؟ ثمة ملايين البشر لا يرقون بسلوكهم إلى الحيوانات، أو إلى مرتبة الحيوانات والنّباتات، أنا لم أسمع عن حيوان يفترس حيواناً لمجرّد الافتراس، ولم أرَ نباتاً يضُرّ نباتاً لمجرّد الضرر، ولا حيوانات تتسافد أو نباتات تتلاقح لمجرّد السّفاد والتلاقح. لقد ظلمنا الحيوانات والنباتات كثيراً بنظرتنا الدونيّة إليها، مع أنّها حققت الكثير من توازنها وانسجامها مع الطبيعة دون أن تملك العقل والإمكانيات التي لدى الإنسان. إنّ ما أراه أنا خيراً قد تراه أنت شرّاً، وما أراه شرّاً قد تراه خيراً، مع أن ثمة إمكانية لأن ترقى أنت إلى مفهومي لماهيّة الخير والشر، وبذلك يمكن تقليص مفاهيم الشر وما إلى ذلك. ينبغي أن يُلغى القتل – وما يتبعه من أعمال شرّانية – من قاموس البشرية، مهما كان الدافع إليه، لنعمل على إقامة عالم، لا يسوده إلا الخير والمحبّة، الخير بمفهوم عصري وليس بمفهوم كهنوتي إلهي سلفي، يُبيح لك أن تقتل مئات الآلاف لأنّهم لم يدخلوا دينك، أو لأنهم يختلفون معك في الرأي والعقيدة، وما إلى ذلك»
«حين تغدو الأوطان وطناً واحداً للبشرية كُلّها لن يكون ثمّة وجود لاستعمار أو احتلال، وحين نرقى بمفاهيم الخير والعدالة والحُرية لن يكون ثمة وجود لصراع أديان وصراع على السُّلطة، وحين يُلغى نظام النقد، لن يكون ثمة استغلال، أو أنّ إمكانية الاستغلال ستغدو شبه معدومة أو محدودة، لكنها لن تكون بهذا القدر الفظيع الحاصل في المجتمعات اليوم»
وفتح الملك لقمان عينيه فرأى عيني الملكة في مواجهتهما.
«آه! يبدو أنّه لا مجال لإيقاف هذا الدّماغ المضطرب أيتها الملكة، لو أنني أتمكن من استخدامه كقطعة ملابس أنزعه وأرتديه حينما أريد، لعلّني أنام في حياتي دون هواجس أو رؤى، ودون تخيّلات أو أفكار..هل كنت أحادث زعيماً؟»
«أظن أنك كنت تحادث ملكاً عن الشر والخير والعدالة والآلهة يا حبيبي»
«آه، هذا الشر سيقتلني يا حبيبتي إن لم أجد له حلاً وأضع له حدّاً»
«لكن بدا لي أنّ هذا الزعيم الذي كنت تتحدث معه كان زعيماً متديّناً»
وراح الملك لقمان يعتصر جبينه بيده.
«أظن أنّه كان ملكاً أو زعيماً من كوكب الأرض. الغريب أنه كان معي هُنا وحاورني كما يبدو في بعض ما يجري الآن، معتبراً أن المليارات من الإنس والجن الذين هُنا ليسوا أكثر من حيوانات، وتمنّى لو أنّه في مقدوره أن يبيدهم من الوجود، الغريب أن هذا الزعيم إذا كان هو فعلاً، كان يقيم في قصوره حفلات مجون لم يشهدها حتّى قصر «هارون الرشيد»!»
وطرحت الملكة نور السماء السؤال الذي يلحُّ عليها:
«وهل يا حبيبي ستبيد آلاف الملايين من البشر وتدمّر نصف الكون كي تقضي على وجود الآلهة الظالمين؟!»
ورفع الملك لقمان رأسه عن كتف الملكة وحدّق إليها متعجّباً:
«هل قلت ذلك حقاً في حُلمي يا حبيبتي؟!»
«أجل!»
«يبدو أنّ هذا الزّعيم استفزّني إلى درجة غير معقولة، فكل ممارساته تتناقض تماماً مع الدين الذي يؤمن به، ومع ذلك يدافع عن مفاهيم هذا الدين بشكل عجيب، ولا يبيح للشعب ما يبيحه لنفسه، بل يطالبه بالإيمان والصلاة وما إلى ذلك، وأجهزة إعلامه تبثّ ستة برامج دينيّة في اليوم، وكأن الآذان الذي يتردد من كل الأحياء خمس مرّات في اليوم عبر مكبرات الصوت، ويقضّ مضاجع الناس في أعمق ساعات النوم ليذكّرهم بالله، لا يكفي! العجيب أن هذا الزعيم لم يصلِّ في حياته إلا أمام عدسات التصوير.
أليس عجيباً أمر هؤلاء الزّعماء وأشباههم من بني البشر؟! لا يقتلني في حياتي أكثر مما يقتلني هؤلاء، وكم أحترم الإنسان المخلص لأفكاره المنسجم مع نفسه، سواء كان متديّناً أو غير متدّين، أمّا هؤلاء فكم أعاني من وجودهم، وللأسف إنهم الأغلبية الساحقة بين بني البشر، بل الأغلبية المطلقة التي تعيش حالة مرعبة من النّفاق والانفصام بين سلوكها العملي وقولها النظري المستهلك، بين ما تبطنه وما تظهره، كم تصادمت مع العديد من هؤلاء في حياتي، خاصّة من الأدباء الذين يحيون حياة فاسقة عاهرة ويخونون زوجاتهم كُلّما أتيح لهم، ويشتمون الآلهة كل ساعة والأنظمة كل دقيقة، لكن ما أن يقرأ أحدهم مشهداً جنسياً في رواية لي أو همسة على الدين أو طُرفة عن الاضطهاد السياسي، حتّى يتحوّل إلى يسوع المسيح، ويشرع في تشريحي على صفحات الصحف السُّلطويّة، ليخرجني فاسِقاً ملحداً متمرّداً أستحق الإعدام! تصوّري أن أحد هؤلاء المنافقين لمّح ذات مرّة في مقالة له إلى ضرورة إعدامي حتى دون محاكمة! وآخر صوّرني أخدِم في كتاب لي القوى المُعادية مما دفع السُّلطات إلى سحب الكتاب من الأسواق ومصادرته، وآخر جرّدني من أدنى حدود إنسانيتي، فادّعى أنني لا أتعرّف على أولادي وأتركهم يكابدون الموت جوعاً، وأن لا شغل لي إلا اللهاث خلف النساء وكتابة الأدب الجنسي، مع أنني لم أكتب في حياتي حتى ولو قصة واحدة غايتها الجنس، والمؤسف أن تكتب بعض هذه الافتراءات في صحيفة اتّحاد الكتاب الذي أنا عضو فيه!!
لا أعرف يا حبيبتي كيف تتأصل النزعة العدوانية وتنمو في نفوس البشر، حقاً لا أعرف»
«استرح يا حبيبي.. استرح لقد تعبت!»
«حقاً يا حبيبتي أنا متعب، متعب جداً، إن نمت عقلي لا يتوقف وإن استيقظت عقلي لا يتوقّف أيضاً، ابحثي لي عن حل، وقولي لي ما العمل، كي أنسى هذا العالم المنافق العدواني والسخيف؟، وأنامَ مرة واحدة في حياتي هادئاً قرير العين؟!»
«سأعمل لك بعد عودتنا إلى المركبة ما يجعلك تنام هادئاً، وإن كنت أشكّ في أن من يطمح إلى إصلاح هذا العالم السّخيف كما تقول، يمكنه أن ينام هادئاً مهما فعلت له»
«ما العمل إذن؟»
«يجب أن تتعاون معي يا حبيبي»
«سأحاول يا حبيبتي إن استطعت»
«لم تجبني عن سؤالي؟»
«أي سؤال؟»
«إفناء الملايين من البشر وتدمير نصف الكون؟»
«آه! هذا إذا وجدت أن ثمة آلهة بهذه الصورة، وعجزت عن تغيير أفكارهم»
«وإذا لم تجد آلهة بالمعنى المادّي لكنّك لم تستطع نزع صورتهم الخياليّة كما هي عليه من أذهان البشر، ماذا ستفعل، هل ستخوض حروباً كي تقنع البشر بأفكارك؟!»
«آه، حتى أنتِ لن تدعيني أرتاح يا حبيبتي، لماذا لا تتركي كُلّ شيء إلى أن تحين ساعته؟!»
«آسفة يا حبيبي، لا أعرف لماذا أنا قلقة كثيراً من هذه المسألة ربّما لأنني خائفة عليك، لن تقدر على مواجهة الآلهة والبشر والجن جميعاً!»
«كل هذه القوى الخرافية التي تحت تصرّفي وبين يدي ولن أقدر؟! كيف إذن قدِر إنسان عادي مثل محمّد على تغيير مجرى التاريخ العربي، وإحداث تغيير نوعي في تاريخ البشرية كلّها، دون أن يكون لديه شيء من هذه القوى الجبّارة التي بين يدي؟!»
«حين مات محمّد لم يكن الإسلام قد خرج من شبه الجزيرة العربية، ولولا أتباع محمد الذين خلفوه، لما انتشر الإسلام يا حبيبي!»
«وأنا قادر على أن يكون لي أتباعي الذين سيكملون الرّسالة من بعدي يا حبيبتي!»
«أنا سأكون واحدة منهم يا حبيبي، سأكون خديجتك الآن، وسيفك المسلول فيما بعد!!»
«سلمتِ يا أعظم ملكة ومليكة قلب! لكن عائشتي من ستكون؟»
«أنا سأكون عائشتك وسودتك وحفصتك وهِندك وزينبك وجويريّتك وصفيّتك ورملتك وماريّتك وميمونتك، فأن ألم بالفقه والتاريخ والفلسفة والدين وكل صنوف المعرفة مما تعجز كل نساء الإنس عن استيعابه!»
« عظيم! لكن دون قصص صفوانية وأحاديث إفكيّة »
وبدت الملكة مندهشة بعض الشيء وهي تنظر إليه وتتساءل:
«وهل تعرف هذه القصة أيضاً يا مولاي، وأنت لم تعش الأحداث؟»
«قرأتها في قصص التاريخ والأدب والسيرة وحتّى في القرآن يا حبيبتي»
«معذرة يا حبيبي، نسيت أنّكم معشر البشر تؤرّخون لكل شيء وتكتبون كل شيء، وهل يرد اسم صفوان بن المعطل وعائشة والنبي؟!»
وقاطعها الملك لقمان هامساً:
«كل شيء يا حبيبتي، حتى في السيرة النبويّة ترد عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وصفوان بن المعطّل، وحديث الإفك واستشارة النبي صلى الله عليه وسلّم لبعض أصحابه، وانزعاج أم المؤمنين عائشة من رأي علي بن أبي طالب إلى أن نزل قوله تعالى وهي في بيت أبيها:
«إن الذين جاءُوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم، بل هو خير لكم، لكلّ امرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولّى كبره منهم له عذاب عظيم» إلى قوله تعالى:
«إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به عِلم، وتحسبوه هيّناً وهو عند الله عظيم!»
«وهل يزعجك يا حبيبي أن تسمع عنّي شائعات أو قصصاً من هذا النوع؟!»
واحتدّ الملك لقمان بعض الشيء ونظر إليها هاتفاً:
«اسمعي، أنا في أعماقي أظلُّ عربياً محمّدياً، وجذوري يسوعيّة كنعانيّة وإذا كان حديث الإفك قد أدّى فيما بعد إلى حرب بين علي وعائشة – اتّخذت من دم عثمان حُجّة – راح ضحيّتها أكثر من عشرة آلاف فارس من خيرة فرسان المسلمين، مع أنّ الأول ابن عم النبي وزوج ابنته، والثانية أقرب زوجات النبي إليه، فإن أي مسائل من هذا النوع فيما يتعلّق بي وبك، قد تؤدّي إلى حرب بين كوكبي الأرض والزهرة، أو الأرض وأي كوكب آخر، قد يذهب ضحيّتها الملايين، وراحت الملكة تضحك، فهتف الملك لقمان:
«هل في ما أقوله ما يستوجب الضحِك أيتها الملكة؟»
«معذرة يا حبيبي، لم أقصد!»
«لا تعرفين كم تفجّري في دخيلتي مئات الأسئلة، بصفتك شاهدتِ الوقائع بأم عينك، لكني متعب متعب أيتها الملكة وسأنسى كل الأسئلة إلا سؤالاً واحداً»
«ما هو يا حبيبي»
«بصفتك عايشت زمن محمّد، وشاهدت محمداً، فاحكِ لي عنه، كيف كان، كيف رأيته، كيف أحسست بهِ، كيف كان حضوره، كيف كانت علاقته بالناس، كيف خاض معاركه، أريد انطباعك أنتِ عنه ذلك الوقت، وبصدق، وأنا أعرف أنّك لا تكذبين؟»
«أنت متعب يا حبيبي، ولو حدّثتك عن ذلك بإسهاب لاحتجت إلى زمن طويل، لكني سأختصر لأقول:
كان رجلاً مهيباً، إذا ما أطلَّ، أطلّت مع إطلالته الدّنيا، وخشعت الأرض لوقع خُطاه، وأخفضت الشمس أشعّتها، وأهبّت الريح نسائمها، واكتسحت الظلال السُّهوب، ونطقت الجبال، وغرّدت البلابل، وأشرعت صدرها السلاسل، ورفّت السُّحب، ورذّت الغيوم، وهللت النجوم، وانشرحت الصّدور، وعمّ الحبور، وصفّقت بأجنحتها الطيور، ومادت التلال، وأخصبت الغلال، واستقامت له الطُرق، وهتفت باسمه المغارب والمشارق، وتوقّفت ريح الجنوب عن الهبوب، واستكانت الظّباء، ولجأت إلى أعشاشها الحِداء، وحنّت النوق ومارت بالشوق..
وكان محمد جليلاً، في البِرّ والإحسان أصيلاً، حضوره معك يغنيك، عن حضور البشريّة، ويرضيك، آسر المحضر، خالب المعشر، سميح الوجه، طليق اللسان، ساحر البنان، عالي الجبين، وافر الحنين، مرفوع الهامة، نبيل الشّهامة، سخيّ اليد، بهيّ القدِّ، راجح العقل، صائب الرأي، سديد النأي!!
ليّن وقت اللين، شديد وقت الضيق، مرح وقت المرح، آسرٌ عند التُرح، غاضب وقت الغضب، لا يخاف اللهب. يعرف ما يريد وعن عزمه لا يحيد. لا يهاب الصّدام، يقتحم الزّؤام.
أشجع الرّجال جميل الخصال، أنيس الضّعيف، نصير الشّريف، رفيق الفقير، خصيم الذّليل، محبٌ نبيل، عاشق كبير، يحبّ الجمال، يسمو بالكمال. ظريف المبسم، قوي المعصم، حاسم القرار، عنيد جبّار، يخوض الغمار، كموج البحار، ويقتحم المنايا، وهول الَّرزايا، بقلب جامد، وطودٍ صامدٍ..»
وهنا قاطع الملك لقمان الملكة نور السماء، رغم تمتّعه بهذا الاسترسال في وصف شخصيّة محمد، قاطعها مُقبّلاً شعرها وهو يُردد:
«ما أجمل صِدقك أيتها الملكة، لو أنني وصفت محمداً ما استطعت أن أصفه بهذه الأوصاف»
«ألم تطلب إليّ أن أكون صادقة في نقل مشاعري التي أحسست بها تجاه محمّد قبل ألف وأربعمائة عام ونيّف؟»
«بلى يا حبيبتي»
«هذه الأوصاف مجرّد غيض من فيض يا حبيبي، ولو تركتني أسترسل لما انتهيت حتّى الصّباح من وصف محمّد»
«رغم أنني شعرت أنّي صغير إلى درجة غير معقولة أمام شخصيّة هذا النبي العظيم، إلا أنني أشكرك من أعماق قلبي»
وهُنا لم يصدّق الملك لقمان ما هتفت به الملكة:
«أنت لا تقلُّ عظمة يا حبيبي!»
فهتف الملك لقمان بحدّة:
«لا، أرجوك، لا، لا تقارني شخصيّتي بشخصيّة هذا النبي العظيم»
«قد تكون نبيّاً وأنت لا تدري يا مولاي، فما الذي يمنع الله من إرسال نبيّ جديد في هذا الزّمن الذي ضاعت فيه مفاهيم الأديان، وراح كلُّ واحد يطبّق الدين على هواه؟!»
«ماذا تقولين أيّتها الملكة، اتركي لي كل هذه المسائل إلى أن ألتقي النبيّ أو ألتقي الله، أو ألتقي يسوع المسيح، لا تثقلي دماغي بأكثر مما هو مثقل به، أرجوك!»
«آسفة يا حبيبي»
وأحسّ الملك لقمان بإرهاق شديد، فألقى رأسه من جديد على كتف الملكة، واستكان إلى الصّمت والهدوء وعيناه تُسهمان في الفراغ، وإن كان بَصرُه يصطدم بوجوه الملوك الجالسين في مواجهته، وكان يتمنى في سريرته أن تنتهي هذه الليلة الطويلة.
***

نهض الراعي الأكبر طالباً السّماح بالانصراف، فنهض الملك لقمان والملكة نور السماء لوداعه.
أخذا يُصافحان مُرافقيه، اعتذرا للسيّد شاهل بيل والسيّدة سلمنار عن عدم تمكّنهما من التحدّث إليهما، وأبدى الملك لقمان رغبته في أن يلتقي به كثيراً فيما بعد، وسيدعوه إلى الكوكب الذي سيقيم عليه.
«وهل ستغادر الزّهرة دون أن تعرف كُلّ شيء عنه أيها الملك؟»
«يبدو أنّ المسألة ستطول أيّها العالم، قد أعود إليكم مرّة ثانية لأنني أعجبت بنظامكم، ولا أظن أنني سأجد ما هو أفضل منه على الكواكب الأخرى»
وصافحه معانقاً، وصافح السيدة سلمنار بحرارة، وكذلك فعلت الملكة نور السماء.
هتف الراعي الأكبر، والملك لقمان يحتضن يده بيديه الاثنتين:
«هل حقاً قررت أن تغادر كوكبنا الوديع أيها الملك؟»
«المعذرة أيها الراعي الأكبر، لن أكون في غنى عنكم وعن جمال الإنسان على كوكبكم، لكن المهام التي أوكلت إليّ والتي أوكلتها أنا لنفسي من قبل، أشعر أن كاهلي سينوء بها، إذا لم أُسارع إلى ترتيب الأوضاع والإخلاد إلى الاستقرار، ولن نكون في غنى عن شموليّة معرفتكم وتطوّر الحياة على كوكبكم، وازدهار علومكم، وستجدنا نطلب مساعدتكم بين فينة وأخرى»
«سنقدّم لكم بسرور كل ما نقدر على تقديمه أيّها الملك»
«إن هذا لأملنا فيكم أيها الراعي الأكبر، ونحن لن نتوانى عن تقديم كل ما نستطيعه إليكم»
«أتمنى لك التوفيق أيّها الملك»
«إنّي في حاجة إلى نصيحتك أيّها الراعي الأكبر، فأنا لم أتسلّم سلطة من قبل، حتّى أنني كنت أكره السُّلطات، وأكثر ما أكره الزُّعماء العسكر والملوك، فكيف أن أكون ملكاً!»
«ليست المشكلة في أن تكون ملكاً أو رئيساً أو حتّى نبيّاً أو إلهاً، فما هي إلا تسميات، أوجدها أجدادنا، المشكلة هي أن تعدِل أيّها الملك، ولا تظن أن ثمة كائنات ليست قادرة على تفهّم العدالة واستشعارها وتحسّسها، فهل كان الله ديمقراطياً، حتى بمفاهيم أجدادنا؟ كان يفرض علينا ما يعرفه وما يريده، عبر أنبيائه ورسُله، أو من ادّعوا أنهم أنبياؤه ورسله، وكانت البشريّة بإحساسها ووعيها آنذاك، تدرك أن هذه ذروة العدالة، لأنها منزّلة من الحقّ العدل، الذي لا يمكن أن يكون إلا عادلاً، وعلى هذا الطريق سار الأنبياء والمصلحون، ومن ادّعوا النبوّة والإصلاح، فآمنت البشريّة بهم وبعدالتهم، لأنّهم كانوا في نظرها رسل خير وحق ومحبّة. فأوجد عدالتك بالبحث عن القيم السامية، وإحلال الخير والمحبّة في النّفوس.
عصر النزعات القطرية والقومية والدينية والطائفية، وما إلى ذلك، آيل إلى السقوط، كما آل عندنا وولّى، والعصر القادم هو عصر النزعات الكوكبيّة، وسيمرُّ على الإنسان حين من الدهر ليعرف أنّ النزعة التي يجب أن تسود هي النزعة الإنسانية الروحيّة الكونية، التي توحّد الفرد بالوجود والوجود بالفرد، ليغدو الكّلُ واحداً، والواحدُ كُلاً»
وراح الملك لقمان يشدُّ على يديّ الراعي الأكبر شاكراً ممتنّاً:
«الكلمات لا ترقى إلى التعبير عن جزيل شكري وعميق امتناني لمقامكم العالي أيها الراعي الأكبر»
وتعانقا، وعانقت الملكة نور السماء زوجة الراعي الأكبر.
نهض الملك دامرداس وملوكه عن المائدة، افتقد الملك لقمان ملك الملوك، إذ يُفترض أن يشاركه في توديع كبار الضيوف. ناداه في خياله، قاطعاً عليه متعه، فحضر على الفور مصطحباً زوجته الأولى الملكة «نسيم الريح» والأميرة «ظل القمر» ونهض بعض ملوكه أيضاً للمشاركة في التوديع.
«أين أنت أيها الملك، هل غرقت في مَلذّاتك ونسيت ضيوفك؟ كيف تدع الراعي الأكبر يذهب دون أن تودّعه؟»
«معذرة يا مولاي»
أقبل الملك دامرداس وزوجته الملكة «ظل السَّحاب» صافحهما الملك لقمان بحرارة وهو يتساءل عن سرّ القلادة التي أهديت له، ويعتذر لعدم تمكّنه من التحدّث إليهما مطوّلاً.
«سنلتقي أيها الملك كثيراً، ما عليك إلا أن تطلبني والقلادة في عنقك أو في متناول يدك، لتجدني أمامك، وإذا تريد أن تخاطبني عن بُعد فهذا ممكن أيضاً. وما تطلبه من القلادة وتعجز عنه يمكنك أن تبلّغه إليّ، وهذا الكلام ينطبق على قلادة الملكة نور السماء»
«إني حقاً عاجز عن الشكر أيها الملك العظيم»
وجاء الملك «إبليس» والملكة «بليسة» وفوجئ الملك لقمان بالهدايا السحرية ثانية، فقد أهدياه خاتماً سحرياً يستطيع به أن يستعين بشياطين الكون جميعاً ويطلب الملك إبليس حين يشاء، وأهديا الملكة نور السماء خاتماً آخر تستطيع أن تفعل به كلَّ ما تشاء على كوكب الأرض وأن تعرف أسرار الناس ومشاكلهم وتعمل على حلّها.
أقبل الملك «نذير الزلازل» ملك الجن الزّرق ترافقه زوجته الملكة «هدباء الجفون» وعشرة من ملوكه، أهدى الملك لقمان عصا ذهبيّة سحريّة قادرة على إنزال صواعقَ تحرق الكائنات وتهدم الجبال، وإحداث زلازل وبراكين تدمّر الكواكب، وأهدت زوجته الملكة «هدباء الجفون» الملكة نور السماء خاتماً سحرياً من الياقوت تستطيع أن تنزل بقدرته الأمطار وتقيم السُّدود وتبني الجسور، فشكراهما هي والملك لقمان واعتذرا إليهما عن عدم تمكّنهما من القيام بما يليق بمقامهما العالي.
وما أن انصرفا وأتباعهما من الملوك، حتى نهض الملك «قاهر الموت» ملك ملوك الجن الخضر، وأقبل ترافقه زوجته الملكة «شمس الرّبيع» وعشرة من ملوكه، فصافحاهما بحرارة، وقدّم الملك قاهر الموت، هدية ثمينة للملك لقمان هي عبارة عن خاتم مُطلسم يستطيع بواسطته أن يشفي المرضى ويعيد النّظر إلى الأعمى والسّمع إلى الأصمّ والنطق إلى الأبكم والعقل إلى المجنون والصحّة إلى المسلول وحسن القوام إلى المشلول، وما إلى ذلك من ضروب الأمراض والعاهات، وقدّمت زوجته الملكة «شمس الرّبيع» طوقاً ذهبياً سحرياً ينبت النباتات والأشجار ويخصب الأرض البوار والصحاري والقفار، ويسخّر الحيوانات والطيور لطاعة الإنسان، ويمكّن هذه الكائنات جميعها من النطق بكلام البشر. فشكراهما من أعماقهما وأبديا لهما أسفهما وعذرهما الشّديد لتقصيرهما في الترحيب بظلّهما العالي، واتّفقا على أن يلتقيا فيما بعد. وكانت فرحة الملكة نور السماء بهداياها لا توصف، فما أن انصرف كبار الضّيوف حتى راحت تقفز على قدميها كطفلة، معلنة أنها ستعمّر الكواكب والصحاري وتزرعها بالأشجار المثمرة والنّباتات الطيّبة، وتنشر فيها الطيور والحيوانات، وأنها ستملأ حدائق قصر الزّوجية بالحيوانات والطيور، وزاد الملك لقمان من فرحتها حين أهداها الخاتم المُطلسم الذي يشفي المرضى والعاهات، فطارت من الفرح وسُرّ صدرها وانشرح، وغابت عن بالها تنبؤات الموت والحروب والتُرح وراحت تهتف كطفلة:
«لِم يا حبيبي لمْ تحاول الانتحار منذ زمن طويل كي أتعرّف عليك، وأتزوّجك وأنعم بهذه الهدايا العظيمة؟»
«لو كنت أعرف يا حبيبتي أنني سألتقي حوريّة مثلك لحاولت الانتحار وأنا أحبو»
وأردف الملك لقمان متسائلاً:
«ومع ذلك أشعر أن أياماً طويلة مرّت على محاولة انتحاري، فمنذ متى أنا أعرفك؟»
«منذ الأمس فقط يا حبيبي!»
«أي أمس؟ أمس أهل الأرض أم أمس أهل الزهرة؟ غير معقول أن تكون كل هذه الأحداث التي جرت قد حدثت في أقل من يومين، فالزّمن هنا يختلف يا حبيبتي»
«حتى لو اختلف يا حبيبي، فلم يمضِ على محاولة انتحارك سوى بضع ساعات، لكنها!»
«لكنها ماذا يا حبيبتي؟»
«لكنها يا حبيبي قد تعدُّ بألف ساعة وأكثر مما يعدّون!»
«آها! هذا ما قصدته يا حبيبتي. يا للهول كم من الساعات والأحداث سأشهد إذن قبل أن أموت!»
مثلت صورة الموت ثانية في مخيلة الملكة فهتفت:
«لِمَ العودة إلى الموت ثانية حتى في أجمل لحظات فرحنا؟»
«معذرة يا حبيبتي، ماذا أعمل إذا كانت معظم الهدايا والقوى التي بين يدي لا تجيد إلا الدّمار المرعب؟» فما حاجتي إلى الزلازل والبراكين والصواعق والعواصف والأعاصير؟ ألا يوجد واحد من هؤلاء الجن يمكنه أن يقدّم لي هدية أستطيع بها إصلاح النّفوس، وإحلال المحبّة والخير فيهما؟ ألا يوجد من في مقدوره أن يهديني ما يكشف لي سرّ الحياة أو يمنحني روحها كي أهديها للبؤساء والمعذّبين، من يمنحني ما يزيد معرفتي ويعينني على إظهار الحقيقة، ويسهّل لي سبل الحكمة والنّبوغ لأتمكن من تسيير شؤون هذا العالم بشكل أفضل؟»
«بتسخير طاقات هؤلاء الجن يمكنك أن تفعل المعجزات يا حبيبي. أنت حتى الآن لا تعرف ما هو الأثر الذي أحدثه نزع السّلاح وإنزال نفائس الجواهر، في نفوس الضّعفاء والفقراء من أبناء الأرض»
«ربما أحدث أثراً جميلاً، لكنه لم يحدث ما أنشده من بشر يربأون بأنفسهم على الأطماع والضغائن والأحقاد والنّفاق وكل النّزعات الشّريرة والعدوانية»
«الإنسان وجد منذ ملايين السّنين يا حبيبي وأنت تريد تغييره في ساعات، لِمَ لا تتأنّى وتدع التحوّل يسلك مسيرته على مهل وتؤده؟!»
«سأحاول يا حبيبتي»
بزغت الشمس فبدت وكأنها تبزغ من خلف حدود الرّوض الفسيح الذي أقامه ملك الملوك، وراحت تداعب بأشعتها أجساد آلاف الملايين الذين مازال معظمهم يستلقون في كافة أرجاء الروض، نائمين أو يقظين، يتغازلون أو يتحاضنون، يتبادلون العناق والقبلات أو يمارسون الحب!
ألقى الملك لقمان نظرة أخيرة راحت تطوف محلّقة فوق سطح الرّوض مستعرضة توحّد ملايين الأجساد التي رسمت مشهداً أخّاذاً لن تمحوه ذاكرته مدى حياته، لروعة جماله وتفرّده.
أشار بيده فظهرت المركبة الفضائية محلّقة في فضاء الرّوض، يحفّ بها الآلاف من جنود الجنّ، وأشار بها ثانية فانتصب العرش الطائر. لوّح بيده مودّعاً الملايين ممن كانوا يرقبون رحيله، ولوّحت الملكة نور السماء بدورها، فلوّحت الأيدي، ونهضت ملايين الأجساد تلوّح، ونطقت بعض ورود النرجس والجوري والناردين والنسرين، ونباتات الياسمين وعبّاد الشمس والبنفسج هاتفة على مقربة منه ومن الملكة نور السّماء:
«مع السلامة أيها الملك لقمان، مع السّلامة أيتها الملكة نور السّماء!»
نظر الملك لقمان إلى الورود والنّباتات ملوّحاً وابتسامة فرحة تطوف على شفتيه، دون أن يبدو على وجهه أي أثر للدهشة، فقد أدرك أن الملكة نور السماء بدأت تستخدم طاقاتها الخارقة، ثمّ إنّه غدا مهيّئاً لتقبّل أيّة خوارق مهما عظمت، حقيقة كانت أم خيالاً، وسواء كانت تجري في الحُلم أو في الواقع.
قبّلت الملكة نور السماء إحدى ورود النرجس وهي تهتف:
«مع السلامة يا أحلى وردة، يا روح مليكتك»
وضمّت الملكة قبضة يدها وفتحتها ليرتذّ الماء من أصابع يديها على الوردة، ومالبثت أن أشرعت يديها الاثنتين لترذّ الماء على الورود والنباتات المحيطة بها، فراحت الورود تضحك وترتعش وتتراقص منتعشة فرحة، فلوّحت لها الملكة بيديها وصعدت إلى العرش الطائر تحفّ بها بضع فراشات وسبع يمامات!»
صعد معهما إلى العرش الملكة شامنهاز والملك حامينار والأميرة ظل السماء أُخت الملكة نور السماء والأميرة ظل القمر والملكة نسيم الريح زوجة الملك شمنهور، واثنتا عشرة حوريّة من أجمل الحوريّات المائة اللواتي أحضرهن الملك لقمان للرقص، والجنيّات اللواتي صعدن معهم من الأرض، وبعض الجنيّات اللواتي اصطحبهن الملك شمنهور لنفسه.
لوّح الملكان بأيديهما لضيوف الرّوض وهما يَصعُدان إلى المركبة لينتقلا من العرش إليها، ورأيا الراعي الأكبر ونائبه وشاهل بيل وزوجاتهم وبعض أعوانهم يقفون في ناحية من الرّوض ينتظرون إقلاعهما، فلوّحا لهم، فلوّح هؤلاء بدورهم، وكان آخر الداخلين إلى المركبة الفضائية الملك لقمان الذي لوّح تلويحة أخيرة للراعي الأكبر وأبناء الزهرة، وجمع أصابع يده اليُمنى وقبّلها، وألقى بالقبلة إليهم، فبدا كطفل يودّع أبويه..
شرع كلُّ مَنْ في الرَّوض في ارتداء ملابسهم، والانصراف، وإحساس ما يراود الجميع، أنّهم سهروا أجمل ليلة في حياتهم، وأنه يستحيل أن تتكرر مثل هذه الليلة إلاّ إذا كانت على شرف هذا الملك، أو أقامها الملك نفسه!!
* * *




#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاهينيات الفصل (110) ملاك يهوة يبيد 185 ألف أشوري !
- ملحمة الملك لقمان : رؤية شيطانية وآيات ربانية .( رؤية الشيطا ...
- ملحمة الملك لقمان (9) ولادة وتنبؤات مأساوية!
- ملحمة الملك لقمان (8) تتويج في السماء
- شاهينيات . الفصل (109) محاولات تأريخية فاشلة لا علاقة لها با ...
- ملحمة الملك لقمان. (7) حرب جنية وغزل كوني !
- شاهينيات . الفصل (108) ياهو يجزر كل من اتبع عبادة البعل من ا ...
- (6) بطّيخ وبغال وزنى أبوي!!
- أسفار التوراة : قراءة نقد وتعليق . (3) قضاة . راعوث. صموئيل ...
- ملحمة الملك لقمان.(5) حقيقة وخيال وجن وخوازيق!
- أسفار التوراة . قراءة، نقد وتعليق .(2) خروج . لاويين . عدد. ...
- شاهينيات (107) ايليا يصعد إلى السماء قبل قدوم المسيح!
- ألملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (4) ليلة راقصة عل ...
- ألملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (3) صعود إلى الفض ...
- ألملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (2) رؤيا شيطانية!
- قصة الخلق التوراتية . طوفان نوح . دخول اليهود إلى مصر وخروجه ...
- لملك لقمان . ملحمة روائية . الجزء الأول . (1) محاولة انتحار
- باقون في رنّة الخلخال ! وذاهبون أنتم في المحال !
- شاهينيات (106) حروب متخيلة وارتداد عن عبادة يهوة كالعادة .
- شاهينيات (105) إيليا يذبح أربعمائة وخمسين نبيا من أنبياء الإ ...


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - ملحمة الملك لقمان (11) صِفات محمّدية وهدايا جنّية!