أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيومي خليل - بَحر حَليبي أبيض ُ














المزيد.....

بَحر حَليبي أبيض ُ


سيومي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4771 - 2015 / 4 / 8 - 01:22
المحور: الادب والفن
    


الكاتب : سيومي خليل
بَحر حَليبي أَبيَضْ.
--------------------------------------------------

يَحدثُ في رِواية العَمى لجوزيه ساراماغو، الرِّاوئي البُرتغالي الحَائز على جائزة نُوبل ، أَنْ يُصَاب مَجموعة مِن الأَشخاص بِعَمى غَامض ، ولا يَرون أَمَامهم إلا بَحرا حَليبِيا أَبيض ،كَمَا جَاء في الرواية ، فَيتم عَزلهم ، ورميهم يُواجهون مَصيرهم ، دُون تَقديم أَي مسَاعدة لَهم باستثْنَاء بَعض وجَبات الأَكل .

فِي هَذا العَزل الاضطراري ،تُوجد إمرأة غَير مُصَابة بهَذا العَمى ،لقد قَالت بثقة للأشْخَاص الذين بَدأوا بِوضع زَوجها الأَعمى فِي سَيارة الإسْعَاف لنَقله إلى المعْزَل ، أنَّهَا هِي الآخرى مُصابة ؛ هَذه الصورة لِوحدهَا تَكفي كَي تَضَعَ القَارئ فْي سِياق الرواية المتَشَعب ، إنَّهَا تُعلن عَن كيفية تَصرف المُبْصر فِي مُحيط يَسُوده العَمَاء بَشكل تام .

ساراماغو كَان دَقيقا وهُو يَتَحدث بتورية عن عَالم العَماء الذي أَصبح النَّاس يعِيشُون فَيه.

قِراءَتي الشخصية للرِّواية تَذهب إلى ثُخوم الصراع الوجودي الذي يَعيشُه الإنسان مَعَ نفْسه ، ومَع الآخر ، ومَعَ مُحيطه ، بل إني فِكرت أن كَثرة الأَحداث التي يَتم قَذفها كُل لَحظة فِي هَذا الوُجود الهش ، تجْعل الجَميع يَعيش حَالة عماء حليبي أبيض، ويَرى الكُل ذلِك البحر الأَبيض الحَليبي الذي لا يعني شيئا ، فالمَهَازل البشرية التي يَتم ارتِكَابها عَن جهل وإصرار غرِيبين ، والتي تَتَفنن وسَائل الإعلام فِي نَشرها ، توحِي للعين البَشرية بَالتوقف عنْ عملها ، فَمادام الجَانب الإستطيقي تَوقف عنْ إنتَاج الأحَداث الإنسانية ، فِإن عَلى العَماء أَن يُصيب هذه الأَعين .

العين يجب أن تَرى الجَمال .

ومَا نَراه لا يَمت للجَمال بِصلة ؛ قَتل طلبة كينيين كأنَّهم فرَاح طَائر اليَمام ،إعادة إنْتَاج حرُوب بَليدة عَلى شعوب فقيرة ،سَحل الناس في مناطِق شَتى بدعوى الطائفية ... إنها أَشياء جَديرة بأَن تَجعَل المَرء وهُو يَسُوق سيَارته، ويَنتظر الإشَارة الحمراء ليمر ، أن يُصابَ بعمى مفاجِئ ، وجديرَة بأَن تَجعل مَن سَيُساعده ليوصِلَه إلى بَيته يُصاب هو الآخر بعدوى هذا الدَّاء ...

العَماء هُنا رَمزي، فَحين يَكُون المحِيط الذي نَقبع وَسطه مُجرد خَرائب لا شيء جميل فيها ، يَكُون العَمى نعمة ، على الأَقَل حِينها سَنسمح للخيال بأَن يَنسج صورَه الوردية عن هذا المحيط .

لاَ بد للعَين البشَرية أن تُرهق أكثر من اللازم وهَي تَرى البلدان الممتدة مِن المُحيط الى المُحيط كَما وصفها الماغوط ،مَازالت تَغُط في نَوم سَديمي دائم ، ومَازال عَنترة يحكُمها ، ويَنكح نساءَها ، ويُسخر رجالاتها ... لن يَكُون جَديرا بهذه العين ،خُصوصا حين يَكون صاحبها صاَحب رؤية دقيِقة للأشياء ، إلا أن تسبحَ في بَحر حلبي أبيض.



#سيومي_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصحبَة قرَاقُوش
- عَزِيزي دونكِيشوط
- مُر عليهم بقَصيدة ابن عَربي
- حِكَايَةُ مُتْعَبْ مَع َالسَّيدَة ميم
- ذِكْرَى
- أحَدُ الرّفَقَاء
- من السيسي إلى مُرسي ،تَغيير إتجاه البَوصلة .
- كذب الحُكومة مُستَمِر
- مَشروع ُ خُفَاش ٍ في الفصل
- بَيْنَ الذَّاكرة وعَمليات الإدراك العقلية
- دفَاعا عن أوزين
- منطقة للكتابة
- خطَل ُ الفُقَهاَء
- بين الإِسْتصقَاء والإستصْحاءِ
- عن الأخلاقِ والكَونِية
- صنَاعَةُ الخوف الثَقيلة
- التَّجربة الدِيمُقراطية في تَونس وحزب العَدالة والتَّنمية
- ابن ُ رشد حَزين ٌ
- فئران بالألوان
- آلو ...معكم غزة .


المزيد.....




- صناع فيلم -الست- يشاركون رد فعل الجمهور بعد عرضه الأول بالمغ ...
- تونس.. كنيسة -صقلية الصغيرة- تمزج الدين والحنين والهجرة
- مصطفى محمد غريب: تجليات الحلم في الملامة
- سكان غزة يسابقون الزمن للحفاظ على تراثهم الثقافي بعد الدمار ...
- مهرجان الكويت المسرحي يحتفل بيوبيله الفضي
- معرض العراق الدولي للكتاب يحتفي بالنساء في دورته السادسة
- أرشفة غزة في الحاضر: توثيق مشهد وهو يختفي
- الفنان التركي آيتاش دوغان يبهر الجمهور التونسي بمعزوفات ساحر ...
- جودي فوستر: السينما العربية غائبة في أمريكا
- -غزال- العراقي يحصد الجائزة الثانية في مسابقة الكاريكاتير ال ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيومي خليل - بَحر حَليبي أبيض ُ