|
المثقف الشبكي :لبس التعريف و جدل التصنيف
محمد البكوري
الحوار المتمدن-العدد: 4757 - 2015 / 3 / 24 - 08:46
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
لعل من ابرز مسارات المؤتمر السنوي الرابع للعلوم الاجتماعية و الانسانية المنعقد ببلادنا مؤخرا ، و المنظم من طرف المركز العربي للابحاث و دراسة السياسات ، كاهم المختبرات البحثية بالعالم العربي، هي تلك التي طرحت فوق طاولة النقاش المستفيض معظم الاشكالات المتعلقة بادوار المثقفين في التحولات التاريخية ،و على راسها التحولات العميقة التي ارتبطت بالرجات و الهزات التي عرفتها دول ما سمي بالربيع العربي .عموما، لقد شكل المؤتمر فرصة سانحة لاثراء الابعاد التيمولوجية و التيبولوجية ذات الصلة بمصطلح "المثقف " . هذا الاخير الذي يتمظهر من جهة كمنتج رائد للرموز و القيم و الخطابات و الافكار ،و من جهة ثانية، يبرز كفاعل دينامي مبلور للتحولات و مؤثر في الاحداث ، وهو ما عكسته التجارب الثورية و الرؤى التثويرية ، التي عرفتها البشرية جمعاء في محطاتها التاريخية المختلفة و عبر سياقاتها المعرفية المتعددة ، و التي انبثقت بشكل عام من رحمها ، العديد من محاولات التحديد لمصطلح المثقف و تمييزه عن مصطلحات اخرى من قبيل :العالم ،المفكر، الفيلسوف، الخبير، الفقيه ،الشيخ، الداعية ... و كذا مختلف التصنيفات الخاصة بالمثقف :المثقف العضوي ، المثقف السلطاني ، المثقف السلفي ، المثقف الاسلامي، المثقف السياسي، المثقف اللادولتي ، المثقف الشبكي ... لقد جسد هذا التصنيف التيبولوجي للمثقف و ربطه بالشبكة ، ابرز المسائل التي احتدم النقاش حولها في معظم جلسات هذا الملتقى الفكري الهام ، حيث اختلفت زوايا النظر بخصوص نشاته الاصطلاحية و مرجعيته الابستيمية وخلفيته الدلالية و اهميته الغائية . فاستاذ التاريخ و الحضارة المغربي ابراهيم القادري بوتشيش ، يرى ان المثقف الشبكي هو "مثقف جديد" حمل لواء التغيير في منصات التواصل الاجتماعي ،و مع ذلك فهو يرى ان ادواره لا تكتمل الا "بحضوره في الميادين و الساحات العمومية التي تتيح له الانصات لنبضات المجتمع و التشخيص الدقيق لمشكلاته و مطالبه قبل الكتابة و التنظير " .كما يؤكد نفس الاستاذ ،على وجود ثلاثة كوابح تفرمل دور المثقف الشبكي و هي :"فخ هيمنة ايديولوجيا مجتمع المعرفة و اكراهات القوى التي تحول دون الحداثة و تشويش التيارات المضادة للتغيير في دائرة التشبيك نفسها تجاه المثقف الشبكي " .اما الاستاذ التونسي المتخصص في قانون الانترنيت و الملتيميديا ، جوهر الجموسي، فينظر الى المثقف الشبكي ، باعتباره "مثقفا ناشئا" في العالم السيبراني ،مثقفا "نابتا" يتماهى مع متطلبات عصر المعرفة الالكترونية اوعصر نخب الميديا و الوسائط .في حين يعتبر استاذ علم الاجتماع اللبناني نديم منصور ، ان المثقف الشبكي هو الصانع الجديد لمعظم التحولات و المجابه الشرس لمختلف التحديات و الرافد المتنوع لعصر المعلومات . انه ،وعكس ما سبق ذكره، يبدو من المجازفة العلمية ،القول بوجود مثقف شبكي ، و انما يمكن الحديث في هذا الصدد، عن انماط اخرى من التصنيفات : خبير شبكي، مستخدم شبكي ،مبرمج شبكي...جاءت نشاتها متزامنة مع الواقع الجديد و المتجدد ،الذي افرزته الثورة الاتصالية /المعلوماتية الجامحة و المتدفقة و تداعياتها المختلفة و المتسارعة و اساليبها المبتكرة و المتلاحقة ، وهو الواقع الذي جعل المتعامل المتهافت على و سائط الاتصال الحديثة ،وعلى راسها الفضاءات الشبكية، يسعى الى التوظيف الامثل و الاستخدام الانجع ، للامكانيات المعلوماتية الهائلة ،التي بدات تتيحها له هذه الوسائط في اطار من "الترويض"المستمر و "التطويع "المتواصل للعالم الواقعي المعاش ،و بالتالي التمكن من ايصال احاسيسه ،طموحاته ،رغباته و تطلعاته الى شريحة عريضة من المتماهى معهم في العالم الافتراضي المتصور. ومن ثم تصبح الشبكة بما توفره من فرص للتلاقي و التواصل و التعبيرو الابداع ، الوسيلة الفضلى لخلق عالم بلا حدود ،بلا قيود ، قادر على تمكين الافراد و المجتمعات ، من ايصال نبضهم المتدفق الى اوسع حيز زمكاني ممكن . ان كل هذه المؤشرات الارهاصية ، لا تجعلنا نحس اننا امام مثقف بمعنى الكلمة ،و انما فقط امام "متحرك ثقافي" ،يبلور تصوراته عبر وسيط متجدد هو الشبكة ، و هو الوسيط الذي كان بمثابة السلاح الفتاك ،الذي ساهم ومازال يساهم -وبعمق -في تدمير البراديغمات ،التي ما فتئت تسود في المجتمعات العربية و تقلل من فرص تطورها و منها الطاعة و الخضوع و الاذعان و الكبت السياسي و القمع الاجتماعي ...وهو الشيء الذي جعل جل التعبيرات المرصودة قبيل انطلاق شرارة الربيع العربي على مستوى شبكات العالم السيبراني ، تؤكد عل ضرورة خلخلة مختلف البنيات المؤسسة لهاته البراديغمات .ان هذا المتحرك الثقافي -و ليس المثقف الشبكي - استطاع عبر تطوير اليات تعبيره ،من ان يصبح سلطة من السلط المؤثرة في التحولات بمختلف تمظهراتها ، ومع ذلك فهو تمكن فقط من صياغة تجليات لتثوير ثقافي، لم يصل بعد الى مراتب الثورة الثقافية المنشودة .
#محمد_البكوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العشق الملغوم
-
بكائيات لالة هيبة -الصور العشر-
-
المخاطر الاقتصادية (ازمة عام2008 نموذجا).
-
-كرانس مونتانا-و ريادة -النموذج المغربي للاستقرار-
-
القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة التاس
...
-
البعد الفهمي للمخاطر الارهابية و ضرورة الحكامة الشمولية
-
اباغتك !!! كما تباغتك !!! الفراشة في دمسة الليل
-
القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة الثام
...
-
-المجدوب- الذي ... والمراة التي ...
-
8مارس بالمغرب وسؤال المناصفة
-
9مارس بين حكامة الدستور و دستور الحكامة
-
القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة الساب
...
-
-مجلس المنافسة: من النوظمة الى الحوكمة-
-
القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة الساد
...
-
الكوارث الطبيعية بالمغرب: من تدبير الازمات الى حكامة المخاطر
-
القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة الخام
...
-
طيف
-
- نصف السماء- من اجل -كل السماء-
-
القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة الراب
...
-
تنغير -الافرانية-
المزيد.....
-
فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا
...
-
أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
-
مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
-
المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
-
زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه
...
-
تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو
...
-
-نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA
...
-
مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
-
الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|