أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 8-13















المزيد.....


عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 8-13


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4746 - 2015 / 3 / 12 - 22:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تمهيد
في الحلقات السابقة ، و بالاستناد إلى نصوص ماركس و إنجلز حصراً - و ليس على المزاعم الدوغماتية للغائية الأداتية الذاتية المحاربة للحقيقة التي يتعكز عليها الأستاذ و ليد يوسف عطو المحترم و شركاه في محاولاتهم الفاشلة لتحريف الماركسية - أوضحت كيف أن الماركسية هي النقيض المباشر للفلسفة الحتمية التي تقول (استنادا لقاموسي : "أكسفورد" و "مريام وبستر" المعتمدين لدى المحاكم البريطانية و الأمريكية لتفسير النصوص) بأن كل الأحداث في الكون ، بضمنها الأفعال البشرية ، تحتمها أخيراً أسباب كائنة خارج إرادة الإنسان (أي أن الإنسان لا يمتلك القدرة الحقيقية على الاختيار و لا يستطيع السيطرة على تلك الأحداث) . و دللت على ذلك بمقولة ماركس و إنجلز بأن البشر المحكومين بالظروف القائمة إنما هم الوحيدون الذين يصنعون التاريخ كله و الذي هو ليس إلا وقائع سعي البشر للملاحقة أهدافهم ، و إن كانت النتائج المتحققة لا تتطابق مع رغباتهم بسبب تقاطع الإرادات و التغير المستمر للظروف غير المؤاتية . كما دللت على محاربة ماركس و إنجلز للحتمية من واقع تكريسهما كل حياتهما لتوحيد الطبقة العاملة عالمياً تحت شعار : "يا عمال العالم أتحدوا" في النضال الإقتصاجتماسي لإلغاء استغلال الإنسان للإنسان عبر تشريك ملكية وسائل الإنتاج إيماناً منهما بتوفر هذه الإمكانية للإنسان و بالإنسان و بالضد من الحتمية التي تلغي إرادة الإنسان . كما اوضحت أن بناء الشيوعية هو ضرورة اجتماعية يتعذر تحقق الحرية الحقيقة للبشر إلا بوعيها ؛ و هي الإمكانية المتاحة للبشر لإنهاء سلطة رأس المال و تخليص أنفسهم و أجيالهم القادمة من الويلات و الحروب و الكوارث و الأزمات المستطيرة للإمبراطورية الإمبريالية المدمرة للبشر و للبيئة و للفضاء التي تكرس حتمية و أبدية دكتاتورية رأس المال ، و التي يجند الأستاذ وليد يوسف عطو و هشام عمر النور و هابرماس و شركاهم أنفسهم لخدمتها و تبريرها بكل حيوية و إخلاص عبر التحريف و التزييف و مهاجمة كل ناقديها و المعارضين الثوريين لها عن طريق الترويج للأكاذيب العارية بصددها . [ أحد التحريفيين مولع بتلبيس كل مفردات ماركس بمفهومه العاري من الصحة للحتمية ، و بلغت به عداوته للماركسية حد الادعاء عبر اللاعقلانية الأداتية بأن الماركسية حتمية لكونها لا تقول بالاحتمالية و الإمكانية (و الحقيقة هي أن جوهر الماركسية هو وعيها لمحو الاستغلال كإمكانية محتملة) ، متناسياً البديهية التي يعيها كل طلاب الثانوية و المتمثلة بكون عكس "الاحتمالية" و "الإمكانية" إنما هو : "المستحيل" ، و ليست : "الحتمية" التي يحاول إقحامها دوغماتياً بالماركسية .. و هناك الأطنان من أصناف هذه الخدمة المجانية ذات الأطعمة الفاسدة الموزعة بكرم بمناسبة "مهرجان الحرب على الماركسية."] و كل هذا يحصل إيماناً و تنفيذاً لشعار هذه الزمرة التي تدين بصحته الكلية : " كل الخدع جائزة في الحرب ضد الماركسية لمصلحة الترويج لخرافة حتمية ديمومة حكم طغمة دكتاتورية النار الإمبريالية على سبعة مليارات إنسان" ، ليدلل هؤلاء المحرفون بهذا على مصداقية مقولة ماركس : " إن الأغنياء مستعدون لعمل كل شيء بغية التطويح بالفقراء من على أظهرهم " .
و في معرض الرد على المزاعم المفبركة غائياً للسيد وليد يوسف عطو و هشام عمر النور و شركاه بكون الماركسية "تقول بقانون الهوية و بتطابق الذات و الموضوع و بثنوية صحة و خطأ المعرفة و بالدوغماتية و ادعاء كلية الصحة" ، أوضحت بالنصوص القاطعة الدلالة حقيقة أن الماركسية ترفض منطق الهوية الأرسطي الشائخ لاعتمادها للمنطق الجدلي الذي يربط بين الشيء و نقيضه في كلٍ واحد تنجم عن تضادهما حركة الرفع الجدلي لتركيب مقولات جديدة ؛ و أن الماركسية تعتبر مقولة تطابق الذات و الموضوع مجرد فذلكة سكولاستية (مدرسيّة) عندما لا تستند على الممارسة العملية (البراكسيس) ؛ و إنها تقارب حقائق المعارف البشرية ليس من وجهة الصح و الخطأ بل انطلاقا من وعي نسبية الحقيقة و عدم اكتمالها و تغيرها جدلياً في سيرورة متواصلة عبر الزمكان بحيث يمكن (تذكروا الإمكانية ، لطفاً) للخطأ أن يصبح صح ، و للصح أن يصبح خطأ . و أخيراً ، فقد دللت بأقوال إنجلز الدامغة رفض الماركسية التام لأي خيط من الدوغماتية و لأي ادعاء بكلية الصحة لكونها تعتبر الدوغماتية "ارثوذكسية جامدة" لا بد لها أن "تنتهي إلى لا شيء" ؛ كما أن الماركسية تشجع كل الباحثين في كل مكان من العالم على إنجاز "اكوام من الدراسات" حسب توكيد إنجلز لاستكمال النواقص فيها .
من كل هذا نستنتج أن الغائية الأداتية للأستاذ وليد يوسف عطو المحترم و أستاذه و شركاه قد أعمتهم تماماً عن رؤية ألق الحقيقة الماركسية من نصوصها الواضحة و المتوفرة مجاناً على الإنترنت ؛ لذا ، نرهم يخبطون خبط العميان عبر تلفيق الأكاذيب الصريحة ضدها لتسويقها كمعلبات لهم فاسدة و فاقدة الصلاحية بإسم الماركسية زوراً و بهتاناً ، و مع سبق الإصرار و الترصد ، و بإيمان أرثوذكسي دوغماتي متجمد و "قافل" .
التمهيد أعلاه ضروري لربط ما هو سابق من هذه السلسلة بما سيليه في هذه الحلقة من متلازمة التكرار المقيت لنفس الأكاذيب أعلاه من طرف الأستاذ وليد يوسف عطو و أستاذه و شركاه المحترمين .

مشروع هابرماس للترويج لحتمية دكتاتورية إمبراطورية الشر الإمبريالية / تمهيد 1-5
سأقتصر أولاً على التقديم لمفهوم "المقام المثالي للكلام" الهابرماسي ، على أن أناقش لاحقاً بالتفصيل مفاهيمه و توجهاته النظرية بعد الفراغ من مناقشة نصوص الأستاذ وليد يوسف عطو .

مفهوم هابرماس لـ "المقام المثالي للكلام"

في مؤلفاته الأولى (مثال : تأملات بصدد الأساس اللغوي في علم الإجتماع ، 1971) ، قدم هابرماس مفهوم "المقام المثالي للكلام" (ideal speech situation) (سأبين بعدئذٍ كيف "إلتقط" هابرماس هذا المفهوم) و الذي يحاجج فيه بأن مثل هذا المقام (أو : الموقف ، الوضع) الكلامي يتواجد عندما يكون التواصل الشفوي بين الأفراد محكوماً بقواعد أساسية مفترضة تمكن المشاركين فيه من المتكلمين تقييم توكيدات بعضهم البعض بالإستناد فقط على العقلانية و الأدلة ، و ذلك في جو خال تماماً من أي تأثير إكراهي لاعقلاني ، بحيث يكون الدافع الوحيد للمشاركين من الكلام هو التوصل إلى إجماع عقلاني . و لكي يتحقق هذا الهدف ، يتوجب على أفراد المجال العمومي الإلتزام بهذه الأركان :

1. يُسمح لكل فرد لديه كفاية الكلام أن يتكلم و أن يفعل خطابياً .
2. أ. يُسمح لكل فرد بمعارضة أي توكيد ، مهما كان .
2. ب. يُسمح لأي فرد بتقديم أي توكيد مهما كان في الخطاب .
2. ج. يُسمح لكل فرد بالتعبير عن موقفه و رغباته و إحتياجاته بلا تردد .
3. لا يجوز منع أي متكلم بالإكراه الخارجي أو الداخلي من ممارسة حقوقه المثبتة في (1) و (2) أعلاه .

طيب ، بما أن الشروط أعلاه واضحة وضوح الشمس ، و لما كان الأستاذ وليد يوسف عطو المحترم و أستاذه هما من الهابرماسيين و العقلانيين حسب أقوالهم ؛ لذا ، فأنا ألزمهم بما ألزموا أنفسهم به بعظمة ألسنهم ، و أتساءل عن سبب ضرب الهابرماسي وليد يوسف عطو المحترم للعقلانية و للأدلة و الإجماع عرض الحائط في توكيداته النصية السابقة و التي ثبت لنا عدم و جود حرف واحد صحيح فيها ؛ و كذلك في غسيلة المنشور أدناه و الخالي تماماً من أي أدلة نصية و من العقلانية و من الإجماع ، و كل ذلك على الضد تماماً من كل شروط أستاذهما هابرماس :
نص الهابرماسي المخلص الأستاذ وليد يوسف عطو المحترم
"ان فلسفة الهوية في الماركسية سمتها التقابل بين الذات والموضوع , وهو تقابل تنتج عنه ذات عارفة وفاعلة في العالم , اي الذات المسيطرة ( الذات الغائية ) .ان فلسفة الهوية في الماركسية استندت الى العلم الطبيعي وجعلته المثال والنموذج لهذه المعرفة . واذ كنا نفسر سيادة العلم الطبيعي بدقة نتائجه وبداهتها ,فان هذه الدقة والبداهة ليست سوى معيار صحة الهوية وصحة اساسها الذي يقوم على التقابل بين الذات والموضوع ودليل على سيطرةالعلم الطبيعي على موضوعه , وافرز هذا الموقف مابات يعرف في الفلسفة بالعقل الغائي او الاداتي , والعقلانية الغائية او الاداتية , وهي عقلانية تحشد الطبيعة والبشر والمعرفة كوسائل وادوات لتحقيق غاياتها , وهو مايعبر تمام التعبير عن السيطرة .
هكذا انتهت الماركسية الى كونها نظرية محافظة للسيطرة بدلا من ان تكون نظرية للتحرر .
تتشابه نظرية المعرفة الماركسية مع النظريات القائمة على فلسفة الهوية والتقابل بين الذات والموضوع كفلسفة هيجل او كانط ..
يؤكد د . هشام عمر النور ( ان انتصار العقل لم يؤدي الى عصر من الحرية وانما الى سيطرة القوى الاقتصادية والادارات المنظمة بيروقراطيا ) .وبهذا المعنى فان الاشتراكية كالراسمالية تماما لاتعني سوى نظاما للسيطرة في الاقتصاد والسياسة والقوة والاعلام وغيرها من المجالات .وهذا بسبب سيطرة العقل الغائي والعقلانية الغائية .
ان الازمة في نظرية المعرفة الماركسية عالجتها النظرية النقدية والتي وصلت الى قمتها عند الفيلسوف هابرماس في تحول فلسفة الهوية الى فلسفة اللغة , حيث عالجها من ناحية انثروبولوجية اللغة ,حيث تحولت العلاقة بين الذات والموضوع الى العلاقة بين الذات والذوات الاخرى ( التذات )(( Intersubjectivity ونتج عن ذلك العقل التواصلي والعقلانية التواصلية بدلا عن العقلانية الاداتية , وتم استبدال علاقة السيطرة بالاجماع الذي يقوم على المداولة والحوار والتواصل . واصبحت الحقيقة ليست التصور المطابق للواقع , وانما التصور الذي يقتنع بحججه المشاركون في الخطاب , وحل المنطق المتعدد بدلا من المنطق الثنائي .وصار للديمقراطية اساسا فلسفيا ومعرفيا . وهذا اول التحولات المعرفية والنظرية التي تستدعي تخطي الماركسية الى النظرية النقدية والتي تحافظ على افضل منجزات الماركسية .
ان ثقافة النسق , وثقافة القطيع ,عند احزاب الاسلام السياسي وعند جميع الاحزاب الشمولية تقوم على فلسفة الهوية .ان ثقافة الانساق لاتقوم على العقلية التواصلية والحوار , بل على السلطة والمال , لهذا لاتكون احزاب الاسلام السياسي بقادرة على تطوير نفسها وفكرها ولا تقبل التعددية والحوار وحق الاختلاف وترفض الديمقراطية . وهنا يتطابق الفكر الماركسي مع الفكر الديني في مفهوم الحتمية ونهاية التاريخ القائم على مسار خطي متصاعد يفضي الى انعدام الطبقات في الماركسية واقامة المجتمع الشيوعي ,والى سيادة الحكم الالهي في فلسفة الاديان في نهاية التاريخ وتحقيق العدالة الاجتماعية في دولة المسيح والمهدي المنتظر لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين .
لقد حاولت الماركسية توحيد قوانين الديالكتيك في الطبيعة كالفيزياء وفي العلوم الاجتماعية والانسانية , وتصورت ان تطور المجتمعات البشرية يسير بصورة دالة خطية مستقيمة الى الامام, وان هذا التطور سيفضي حتما الى انتصار الاشتراكية .
لقد استخدمت الماركسيىة العلم دوما لاثبات صحتها ولتاكيد اسبقية المادة على الوعي , وتحددت بناء على ذلك بانها فلسفة مادية , وبالمقابل قام خصومها بنقد الفلسفة الماركسية بالاستناد الى النظرية النسبية ونظرية الكوانتوم .حيث تظهر هاتين النظريتين انه لايوجد جوهر للمادة او هوية ثابتة لها .
ان تحول نموذج الفلسفة من العلاقة بين الذات والموضوع الى العلاقة بين الذات والذات ,يفتح الفلسفة على عالم تعددي تواصلي حيث لم يعد هناك ذاتا خالصة ولا عقل خالص , سواء على نطاق الطبيعة او الانسان , وهذا مااثبتته النظرية النسبية ونظرية الكم .ان العقل التواصلي يتبع مجرى تطوره الخاص , وهذا يعني ان الصراع الطبقي لم يعد المحرك الاساس للتاريخ .
ان المجتمعات مثل الافراد يخضع وعيها لعملية تطور معرفية اخلاقية . وان مستوياتها الراهنة من التعلم هي التي تنعكس في بنيتها الاساسية وقيمها . لذلك لايمكن ان يكون تطور المجتمع رهنا بتطور القوى المنتجة في صلتها بعلاقات الانتاج . اذ ان علاقات الانتاج تنتمي الى مجال اخر له مجرى تطوره الخاص الا وهو مجال الفعل التواصلي .
ان الانتقال الى النظرية النقدية يفتح المادية التاريخية على مسارات جديدة في التعدد .
ختما يؤكد د . هشام عمر النور على انه على اساس هذه التعددية والاختلاف انفتحت المادية التاريخية على التعدد وتحقق المشروع النظري للنظرية النقدية . وبسبب هذه التعددية تفكك ماكان يعرف في الماركسية بالتناقض الاقتصادي والذي يجمع بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج واصبح كل من عنصري التناقض هذين ينتمي الى مجال مختلف عن المجال الذي ينتمي اليه العنصر الاخر , فالاول ينتمي الى مجال العمل بينما الثاني ينتمي الى مجال التفاعل الاجتماعي . وكل منهما ينتمي الى عالم مختلف وعقلانية مختلفة ومنهج معرفي مختلف . وبذلك لم تعد العلاقة المكونة بينهما لما يعرف بالتناقض الاقتصادي هي العلاقة المحددة للبناء الاجتماعي وللصراع الطبقي كمحرك للتاريخ في حتميته وانما صار تطور كلا منهما في عالمه المختلف . يسهم في تاسيس مجال منطقي يسمح ببناء عدد من اشكال التنظيم الاجتماعي , احدها يعبر عن التحرر الانساني .وهذا يعني ان الصراع الطبقي لم يعد وحده المحرك للتاريخ وانما المجتمع كله .
ان النظرية النقدية لاتتصف بالوضعية لانها لاترى في الانسان منتجا فقط يشتغل على العلم بالمعنى الحرفي للكلمة , وانما ترى فيه ماهواهم وهو قدرته على التواصل مع الاخرين . وبانفتاحها صارت المادية التاريخية عند هابر ماس نظرية للحداثة هي نفسها نظرية للتحرر .. فالمجتمعات القديمة لم يحدث فيها اي تمايز لاي نسق من الانساق لذلك فهي مجتمعات بسيطة .. بينما المجتمعات التقليدية حدث فيها تمايز لنسق السلطة ( الدولة ) ولذلك نجد ان المجتمع التقليدي ينتظم كله حول هذه السلطة , اما المجتمعات الحديثة فقد تمايز فيها كل من نسق السلطة ونسق الاقتصاد ( السوق ) عن عالم الحياة , ولذلك اصبحت العلاقات في هذه المجتمعات علاقات معقدة ومركبة , تحاول فيها قوى السيطرة تغليب منطق الانساق , منطق السلطة والسوق الذي هو منطق العقلانية الاداتية ,بينما تحاول قوى التحرر الانساني تغليب منطق عالم الحياة , منطق العقلانية التواصلية , منطق الاجماع والحرية والمساواة والعدالة والاخاء والديمقراطية وحقوق الانسان ."
إنتهى النص .
من الواضح تماماً من خرافات النص أعلاه - الغفل من أي إستشهاد و إجماع ، و الذي لا يوجد فيه - مثل سابقة - حرف واحد صحيح - أن الهابرماسي المخلص الأستاذ وليد يوسف عطو المحترم لا يتورع عن ركل كل أركان النظرية الهابرماسية أعلاه بعيداً بغية تنحيتها جانباً عبر الغائية الأداتية ليسنى له إستغلال هابرماس كفزاعة حقل مكرسة بالذات لمحاربة الماركسية ، ليس إلا .
تمعنوا جيداً في الخليط الموزائيكي اللاعقلاني أعلاه و الذي يضرب عرض الحائط بكل الوقائع الحقيقية الملموسة التي تشهدها البشرية يومياً . ينسى الأستاذ وليد يوسف عطو و أستاذه و شركاه إنه إذا كان الموزائيك يشتغل في تبليط سطوح الألواح ، فإن العقل لا يشتغل بتسطيح نفسه بألواح التباليط الموزائيكية ؛ اللهم ربما إلا عند العقول "المرفوع عنها الحجاب".
و لما كنت قد فرغت سابقاً من عرض موضوع الهوية و الذات و الموضوع ، فلن أكرره هنا . و لكن القارئ الكريم سيدرك حالاً من مندرجات النص أعلاه أنه بدون تعكزه على "العصا السحرية للهوية و الذات الموضوع" فإن كل بنية العرض العطوي تتهاوى مثل عمارة الريش المتراكب لكونها منبنية أساساً على طرح خرافة "التذات" (كذا!) بديلاً ستراتيجياً له ! يزعم الأستاذ و ليد يوسف عطو :
... تحولت العلاقة بين الذات والموضوع الى العلاقة بين الذات والذوات الاخرى ( التذات )( Intersubjectivity ) ونتج عن ذلك العقل التواصلي والعقلانية التواصلية بدلا عن العقلانية الاداتية , وتم استبدال علاقة السيطرة بالاجماع الذي يقوم على المداولة والحوار والتواصل . واصبحت الحقيقة ليست التصور المطابق للواقع , وانما التصور الذي يقتنع بحججه المشاركون في الخطاب , وحل المنطق المتعدد بدلا من المنطق الثنائي .وصار للديمقراطية اساسا فلسفيا ومعرفيا . وهذا اول التحولات المعرفية والنظرية التي تستدعي تخطي الماركسية الى النظرية النقدية والتي تحافظ على افضل منجزات الماركسية .
إنتهى .
و من حقنا ، حسب هابرماس ، أن نطالب صاحب النص بإعلامنا :
1. ما هي الأدلة العملية الواضحة و الملموسة و المستندة على مجريات كل الأحداث في عالمنا هذا و التي يستند على وقائعها الأستاذ وليد يوسف عطو المحترم في توكيده الدوغماتي و اللاعقلاني على : "تحول العلاقة بين الذات والموضوع الى العلاقة بين الذات والذوات الاخرى" ؟ و على أنه قد : " نتج عن ذلك العقل التواصلي والعقلانية التواصلية بدلا عن العقلانية الاداتية " ؟ و على أنه قد : "تم استبدال علاقة السيطرة بالاجماع الذي يقوم على المداولة والحوار والتواصل " ؟ و على : "اصبحت الحقيقة ليست التصور المطابق للواقع , وانما التصور الذي يقتنع بحججه المشاركون في الخطاب" ؟ و على : "حل المنطق المتعدد بدلا من المنطق الثنائي " ؟ و على : "صار للديمقراطية اساسا فلسفيا ومعرفيا" ؟ و على أن : " وهذا اول التحولات المعرفية والنظرية التي تستدعي تخطي الماركسية الى النظرية النقدية والتي تحافظ على افضل منجزات الماركسية " ؟
الجواب : لا توجد في نص الأستاذ وليد يوسف عطو نفسه أية أدلة و لا إجماع و لا عقلانية مثلما يشترط هابرماس نفسه . هذا الكلام هو مجرد هراء تسقيطي لا يوجد له أدنى إنعكاس محسوس و فاعل في أي بقعة من العالم ، ناهيك عن نص الأستاذ وليد يوسف عطو المحترم نفسه . طيب : لماذا ، إذن ، يحرص على التنكر لشروط العقلانية و الأدلة و الإجماع لأستاذ أستاذه في نفس الوقت الذي يحرص فيه على رفع لوائه ؟ لأمر في نفس يعقوب .
2. كيف يسمح الأستاذ وليد يوسف وليد عطو - ما دام يتهم نفسه ظلماً بمناهضته للحتمية و للدوغماتية و للإدعاء بكلية الصحة - أن يقرر من جانبه تحكمياً - مثل الرب الكلي القدرة ، على طريقة : كُنْ ، فَيَكون - حصول النتائج أدناه عند البشر أجمع :
أ . "تحولت العلاقة بين الذات والموضوع الى العلاقة بين الذات والذوات الاخرى" ؛
ب. "نتج عن ذلك العقل التواصلي والعقلانية التواصلية بدلا عن العقلانية الاداتية " ؛
ج. "تم استبدال علاقة السيطرة بالإجماع الذي يقوم على المداولة والحوار والتواصل " ؛
د. "اصبحت الحقيقة ليست التصور المطابق للواقع , وانما التصور الذي يقتنع بحججه المشاركون في الخطاب" ؛
هـ. "حلَّ المنطق المتعدد بدلا من المنطق الثنائي" ؛
و. "صار للديمقراطية اساسا فلسفيا ومعرفيا" ؛
ز. " وهذا اول التحولات المعرفية والنظرية التي تستدعي تخطي الماركسية الى النظرية النقدية والتي تحافظ على افضل منجزات الماركسية " ؛
إلخ ، إلخ ، إلخ ؟
مَنْ يحسب الأستاذ و ليد يوسف عطو المحترم نفسه من زعماته الكاسحة أعلاه ؟ الرب مردوخ ؟ الجواب : كلا ، بل أنه أقوى بما لا يقاس من الرب مردوخ الذي إكتفى بـ "خلق" العالم في أسطورة الخلق البابلية ؛ أما ربنا الأسطوري الجديد فقد تكفل بـ : "التحويل" و "الانتاج" و "الاستبدال" و"الجعل" و "الإحلال" "التصييَّر صبحاً " و "الاستدعاء" و "الحفاظ" ووووو ! من الواضح و المفروغ منه نصياً أن معجزات هذا الرب الخرافي الجديد خارقة القدرة بكل حق و حقيق ؛ ما شاء الله ! هللويا ! و لكن هناك مشكلة صغيرة جداً هنا : هذا الرب الكلي القدرة يكتفي بالجانب "اللغوي" من معجزاته الخارقة الماحقة ، مع الأسف ! أفعاله كلها كلام بكلام متسامٍ في الهواء ، و هو ما يثبت للماركسيين على نحو قاطع إنتفاء أي قيمة فعلية للممارسة النضالية على أرض الواقع ؛ و بذا ، فإن هذا الرب الجديد إنما يحافظ على أفضل منجزات الماركسية الهوائية المفترضة بمسخها إلى مجرد ثرثرة فارغة في الخواء بدون ممارسة نضالية !
3. و الآن إلى السؤال الأهم : لماذا يحتم علينا الأستاذ و ليد يوسف عطو و شركاه تخطي الماركسية إلى الهابرماسية ؟ الجواب : أن الوقائع تقول أن الواجب يقتضي العكس : يجب تجاوز المثالية الهابرماسية بتطوير المادية التاريخية الماركسية في ضوء كون الهابرماسية نظرية توفيقية تكتفي بتجميل الرأسمالية و الترويج لها ؛ و هي ، لهذا ، عاجزة ، بطبيعتها الرجعية الاعتذارية ، عن تطوير أي شيء ، لا في الماركسية و لا في واقع و مستقبل المظلومين في العالم أجمع . فعلى العكس من مساهمات المفكرين من طراز بليخانوف و لينين و روزا و لوكاش و تروتسكي و غرامشي و ماركوزة و فروم و ماو و جيفارا و التوسير و سمير أمين و نجري ، و غيرهم كثير ، فأن هابرماس لم يساهم بزيادة جملة جديدة واحدة للماركسية . هابرماس - ناهيك عن شركاه - هو مجرد أحد المنظرين البرجوازيين المتمسحين بالماركسية ، و ليس العكس ، مثلما سنرى في الحلقة القادمة و ما بعدها .
يتبع ، لطفاً .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 7-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 6-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 5-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 4-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 3-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 2-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 1-13
- حسين علوان حسين - الأديب و الباحث الأكاديمي العراقي - في حوا ...
- القليل من الدعم اللوجستي فقط
- ماركس ، و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 5-5
- أقوى العلماء تأثيراً ماركس ، و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب ...
- ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 3- 5
- ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 2 - 5
- ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 1 - 5
- كيف حرر - الحوار المتمدن - المؤلف ؟
- العبقري آينشتاين يجيب : لماذا الإشتراكية ؟
- نمط الإنتاج الأنديزي : ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إن ...
- الفقيد عالم سبيط النيلي و اللغة الموحدة : المنهج و النتائج
- قصة قدموس مثالاً للملحمة التاريخية / 3 - الأخيرة
- أم آسيا


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 8-13