|
الشعراء يُحزنون الحزن
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4737 - 2015 / 3 / 3 - 00:38
المحور:
الادب والفن
الشعراء يُحزنون الحزن **************** فتح الحزن الباب محاولا الخروج ، فوقفت بينه وبين الفضاء الخارجي . تعجب ونظر الي باندهاش وسألني ، كيف تحول بيني وبين رحيلي ؟ . ابتسمت في وجهه فاشتدت حيرته ، وكأنه لايرقب الا التجهم في وجهي الطاعن في أغوار الحزن ، ولا ينتظر مني الا وداعا يليق بمن فاضت أحشاؤه بالغم والنكد والبؤس والكدر . سألني ثانية وهو يكاد ينفجر غيضا ، هل بك مس يا هذا ؟ ، كل الناس تكرهني وتمقتني وتلعنني ، وتدعو الخالق علي بالويل والجحيم ، وانت تسد الباب علي كي لا أرحل عنك ؟ . وضعت يدي على كتفه ، ودلفت به الصالون الفارغ من الأثاث ، وجلسنا على أريكة من لاشيئ . بدا على الحزن حزن أشفقت عليه منه . ورحت أشرح له اصراري على مكوثه معي بقية حياتي ، فقد صار من جوارحي ، وأصدق أحبابي ، وأعز رفيق .لم يصدق ما يسمع ، انتفض ثائرا ولفظ يدي عن كتفه ، وكأنه سمع معوذة من تقي ورع . هل تعرف من انا ؟ . بلى ، صورتي الطبيعية ، عادتي اليومية ، جوهري المظلم ، الذي أحاول كنحات ان أصقل منه لوحة بلورية . اغتاظ الحزن وصرخ في وجهي ، كنت اعلم أن الشعراء لاتعوزهم الحيلة كي يفسدوا علي متعتي ولذتي في جر الضعفاء الى سحيق جحيمي . كنت أعلم ، وقد أخبرت سيدي أن يخصص لكم فريقا من الغبطة والفرح ، كي تذوبوا كشمعة لا يقهرها غير الضياء . وأبى واستكبر واعتبركم مثل باقي الناس . قلت له مرة أنكم أقوى من الشيطان نفسه ، وأكثر نورا من الشمس ، ولو تبعكم الغاوون لانتهى دورنا ، لكنه لم يسمعني . وها هو الآن مثلي يتضور ألما ويحترق عذابا . تعمدت تجاهله ، كي يزداد غيضه ويشتد غضبه .لافائدة من صديق اذا لم تهبط الى سحيق مشاعره ، وتمتحنه قبل أوان الامتحان الحقيقي الذي يشق صورتنا بعد ان نسكن اطارها . على الحزن ان يتقاسم بعضا من علقمه الذي جرعنا اياه في وقت كنا في أمس الحاجة الى مذاق العسل . صار كوجيتو وجودي الآن ياحزن هو " انا أحزن اذن أنا موجود " ، وصار شعار مدرستي " تحزن أو لاتكون " ، فما بال الحزن يريد الآن مغادرتي ؟ . الأنه يئس من فرحي كي يحزنني ؟ . لا فرح يا حزن الا من عصير روحك . " دعني أخرج ، أتركني ، لقد جئت خطلأ اليك ، وأعتذر ملء ثوبتي " صاح في وجهي وهو ينهض من فوق اللاشيئ . مهلا أيها الرفيق العزيز ، مهلا . بعض من صبر عمري ، ولا عمر لي ، من قضى عمره حزنا يصعب عليه عد أيامه الماضية واسترجاع ما فات منها . الحزن كالليل يستحيل أن تميز ليلة عن ليلة الا بوميض النجوم . والليالي النجمية قليلة في السنة . وحتى وان ترعرعت في قلب السواد فالغيوم تكفي لتحجبها . هل رأيت . ولولاك ما وصلت لذروة الفرح . ولولاك ما ضحكت ملء صمتي ، وغنيت ملء سكوني . هل تدرك أن أجمل يوم في حياة العصفور هو اليوم الذي يطير فيه بعد انتظار طويل لاكتمال الريش ؟ . والعري تجربة مرة . هب أني طير فقد جناحه ، بعد قص من جبان يخاف رفع رأسه ، ويعجز أن يتابع خفقان العلو ، فيجد متعته في انحناء رأسه نحو الضعاف والسجناء ، والمسحوقين . أنت مثلهم أيها الحزن اللعين . لكنك حين اصطدمت بأفق الشاعر انهزمت ، كما انهزم كل المفسدين والقتلة والمتغطرسين . الشاعر ظل الله في الأرض ، الشعراء أنبياء يلعنون الظلام ، ويمدون السلام في أمداء الروح الكالحة . يهطلون ماء على يبوسة تستوطن أرضا جاؤوا اليها ربما خطأ !!!!!
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -15-
-
جريمة لايقترفها الا الجهلاء
-
كقبلة تدمي ....
-
حميد الحر شاعر القصيدة الساخرة بامتياز
-
دعوة الى لم الشتات
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -14-
-
الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة
...
-
الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة
...
-
حين يتأخر القطار تفسد الرحلة
-
مجتمع آخر او مجتمع الجناكا -رواية-13
-
رائية المغرب
-
المغرب وعقلية التخلف
-
السرقات الأدبية : الشاعر المبدع -حسن أوس -ضحية نموذجية
-
ضربة شبعا والتراجع الاسرائيلي
-
سفر الذل والهوان
-
شكرا للحلم -قصة-
-
نحو مجتمع فاعل وسياسة منتجة
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -12-
-
المغرب وسياسة الافلات من العقاب
-
جرائد ليست للقراءة-4-
المزيد.....
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|