|
المغرب وعقلية التخلف
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4708 - 2015 / 2 / 2 - 21:18
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
المغرب وعقلية التخلف ***************** أولا لابد من وضع قاعدة عامة يدركها القاصي والداني " الاصلاح في المغرب ممنوع " وبالتالي فان أي تغيير هو في حكم الوهم والكلام المعسول . هكذا نكون قد اختصرنا الطريق على أنفسنا في نقاشات عقيمة أقعدتنا زهاء عشرين سنة من الغوغائية والسياسوية البغيضة والنقاش العقيم . فالقائمون على أمر وشأن المغرب أشخاص احترفوا التضليل والكذب ، الى درجة نسخ كلامهم في كل خطاب أو مناسبة ، وتكرار ما سبق قوله والتعهد به . ولن تجد ترجمة ولو بسيطة لوعهودهم وتعهداتهم . وللوقوف على مضمون المقدمة ، يكفي أن أشير الى قرار مجموعة من الأحزاب الحاكمة والمعارضة بين قوسين ، بعدم فرض شرط أو تقييد للمتقدمين للترشح للانتخابات القادمة . وتلك العتبة التعليمية التي تبناها الميثاق الجماعي الجديد . وهو شرط وتلك عتبة لا يمكن معهما الا أن يطأطئ المرء رأسه أرضا ويقول جهرا او سرا ، اذا لم تستحي ، فافعل ما شئت . كيف يعقل في بلد يدعي مسؤولوه الديمقراطية أن يقدموا الى أهم تمظهرات الديمقراطية أشخاصا لا يعرفون التعبير عنها ، ولا تصريفها أو ترجمتها وتمثلها ؟ . بل ان الأمر أعقد من ذلك . فالأمي هو كائن فاقد للمعنى التنظيمي من وجهة قانونية ، وبالتالي فان أي قرار أو مشروع أو دورية او مشكلة أو مبادرة يستحيل أن يتعامل معها في مستواها التطبيقي أو النظري ، وهو ما يلزمه أن يوقع ويفرض عليه القبول بأي شيئ ، كذاك الرئيس الذي كان يرأس احدى الجماعات الترابية فصنع له مقربوه مقلبا ووضعوا له في سجل التوقيعات استقالته التي وقعها بافتخار وهو لا يدري أنه يوقع على موته الاجتماعي . واذا كانت تلك الأحزاب قد اعتمدت فيما مضى على الأعيان من أصحاب الشكارة ، والكتل العددية للتابعين الخلص ، فان المغرب لن يدخل أي مجال تنافسي اذا تابع نفس المنهجية ، واعتمد على أشخاص أميين أو ذوي مستويات دنيا في التعليم ، كما حددها القانون المعمول به حاليا الذي سطرته وزارة الداخلية والذي يحصر مثلا شروط التقديم لرئاسة الجماعات المحلية في أولئك الحاصلين على ما يعادل الشهادة الابتدائية . ولنا أن نتصور اليوم في ظل نوعية التعليم المغربي ، رئيسا لجماعة ترابية بمستوى شهادة الابتدائي ، وجميع أعضاء جماعته من الأميين ، وهو سيناريو وارد في ظل قانون الجماعات الجديد ، وفي ظل معدل التعليم بالمغرب ومستواه . بل الأدهى من ذلك ان نرى أن أحد قادة الأحزاب يدعو الى اسناد رئاسة الجهة الى الأميين، وسنده الوحيد في ذلك كثرة الأميين بالمغرب ، والأمر يتعلق بالسيد رشيد الطالبي العلمي . واذا ما عدنا الى تصريح من قبل مصادر من وزارة الداخلية الذي نقلته جريدة الأسبوع الصحفي بتاريخ 18 نوفمبر ، فاننا ندرك مدى تشديد الدولة على الابقاء على الأميين ومعدمي الكفاءة وهذا هو تصريح مطبخ وزارة الداخلية حسب تعبير الصحيفة " كيف لنا ونحن نجد صعوبة في عدة مناطق قروية ونائية حتى في ايجاد عضو منتخب واحد يتوفر على الشهادة الابتدائية ليصبح رئيسا للجماعة ، فبالأحرى شهادة الباكالوريا ، ليس للرئيس فقط بل حتى لأعضاء المكتب جميعهم . هذا ضرب من الخيال وصالح لبلد كالسويد ، أما نحن فنضطر لتسيير الجماعات في كثير من القرى البعيدة والجماعات النائية عبر الموظفين ، وخاصة الكتاب العامين للجماعات بسبب أمية الرؤساء الذين لايعرفون أبسط المساطر المطبقة في تسيير الجماعات " . انتهى الكلام المنسوب لمطبخ وزارة الداخلية . وهو كلام خطير يمكن أن يجر قائله الى مساءلات شاقة ، لأنه يضرب تصريحات الملك ورئاسة الحكومة ، والحكومة نفسها بتعميم التعليم وارتفاع نسبة المتعلمين ونسبة محو الأمية . نحن اذا أمام منظومة من الاستحمار والتضبيع ، كل منتسبي الدولة يقرونها ويشجعون عليها . وفي هذا الخضم لا يمكن لأي بلد هذه هي عقلية ونظرة مسؤوليه الى واقع المغرب وطريقة تدبيره أن يتقدم ، بل انها خطوات واضحة نحو الوراء . أضف الى ذلك الملايير الضخمة التي يمكن توظيفها في امتصاص بطالة متضخمة تنهش عمر شباب المغرب ، وهي أموال اذا تم قياسها باستثمار عقلاني تتضاعف ، وبالتالي فان حجم ضياعها يتضاعف ايضا . فلو تم استثمارها في مشاريع مربحة كتوظيف أصحاب الشواهد العليا ، فان عملية الانتاج ستتطور أكثر من عدة أوجه . ان حجم الأموال المهدورة عبثا في المغرب حجم هائل ، وهو وان كان يمثل جانبا مهما من سياسة الريع التي يستفيد منها المتحكمون في رقاب المغاربة وفي خيراته ، فانه يعتبر جناية يعاقب عليها القانون . ولكن شيئا من هذا لايحدث . ويبقى مثال الوزير المقال أوزين اكبر شاهد . كما تبقى فضيحة 9 تسعة آلاف شبح بولاية الدارلبيضاء الكبرى التي تستنزف أكثر من اربعين مليارا شاهدا آخر . ودعك عن المشاريع الوهمية ، وسرقات أراضي الدولة والجماعات . واحتكار الملك للمؤسسات الحساسة وتعيينه لأقاربه فيها ولخدام العرش ، وهذا ما يجعل الآخرين في جانب المغضوب عليهم ، رغما عنهم مما يدفعهم الى التملق والتزلف والاسترزاق ، ويحشر الآخرين في معارضة عفوية غير مبنية على أسس علمية وواقعية وسياسية . فالقصر مع تجربة محمد السادس احتكر المجال السياسي برمته ، ولم يترك هامشا للمناورة أو ابداع أشكال سياسية قادرة على رفد الفعل والممارسة السياية بالمغرب . كما شاءت ربما الصدف مع سلفه الحسن الثاني الذي وجد امامه رجال سياسة أقوياء واذكياء ، الى درجة جعلت المغرب مدرسة سياسية يحجها الكثير من العرب لقراءة استثنائيتها وتجربتها المتميزة قبل مجيئ محمد السادس . ان بنية التخلف في المغرب أصبحت مستحكمة الى درجة الابتذال وغياب النقد البناء ، والابداع الخلاق ، والاضافة المثمرة . وتلك العينات التي سيقت في هذا المقال تعتبر عينات اعتباطية وعشوائية ، في غياب دراسة علمية توثق لبنية التخلف بالمغرب عامة . ولعلي اجترح في هذا المقال رؤية جديدة لدراسات دقيقة تقف على ظاهرة التخلف كبنية تتبناها الدولة المغربية ويتكفل برعايتها النظام المغربي .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السرقات الأدبية : الشاعر المبدع -حسن أوس -ضحية نموذجية
-
ضربة شبعا والتراجع الاسرائيلي
-
سفر الذل والهوان
-
شكرا للحلم -قصة-
-
نحو مجتمع فاعل وسياسة منتجة
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -12-
-
المغرب وسياسة الافلات من العقاب
-
جرائد ليست للقراءة-4-
-
المنهج الصحيح في الرد على كل ما هو قبيح
-
المعادلة الانسانية الغائبة
-
حكام يحتقرون شعبهم علنا
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -11-
-
عودة الأنظمة القديمة
-
النفاق السياسي بالمغرب
-
تقبلي كوردة عطري
-
استسلام عاشق
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -10-
-
من صدام الحضارات الى صراع الحارات
-
الفيضانات تجرف مصداقية مسؤولي الدولة المغربية
-
زينب الغزاوي ،أو كم هي الحقيقة قوية ؟؟؟
المزيد.....
-
السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات
...
-
مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ
...
-
صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
-
بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
-
زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
-
دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما
...
-
الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
-
شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
-
اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا
...
-
بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|