أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - الصف الثالث، أكاذيب، طائر، ونصوص أخرى














المزيد.....

الصف الثالث، أكاذيب، طائر، ونصوص أخرى


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 4732 - 2015 / 2 / 26 - 00:56
المحور: الادب والفن
    


الصف الثالث
الطفل الذي كنتُ،
يلعب مع ظل شجر التوت الأحمر.. يلملم ما تبقى من مسرّات الصيف.. غداً سيدخل قاعة الصف الرابع.. يتذكر من الصف الثالث؛ أمطاره. المياه المثلّجة، صباحاً، في البرك. وجه المعلم الغاضب على تلميذ كسول. صورة الثعلب على الحائط بعدما هزمته الدجاجة الأم.. يستعيد حكاية القرد المقطوع الذنب، ومحنة الجالس تحت موس الحلاّق الثرثار.
الطفل الذي كنتُ،
يأسف لأنه أبداً لن يكون، مرة أخرى، في الصف الثالث.
صباح هادئ
عند عارضة المخبز عجوز تكلِّم نفسها.. على الرصيف طفل يسحل حقيبته المدرسية الثقيلة. ومراهق يقلِّد، في الشارع الفارغ، توم كروز؛ بطل فيلم الليلة السابقة. دراجته الضخمة السوداء تملأ رئة النهار بالدخان.. العسكري العائد من أوبته الليلية يسير معانداً النعاس. ومن المقهى يفرقع المذياع بدعاء حارق.. الفتاة بالرداء الوردي، تتكلم في شرفة الشقة المقابلة بهاتفها الخلوي، غير مكترثة للشاب الذي يراقبها.. الشاب المحمر الوجه بلهب التنور لا يكترث للأقراص الثمانية من الخبز التي بدأت، في جوف التنور، على مهل، تحترق.
أكاذيب
حين عاودت الاتصال به كان يعرف أنها ستكذب عليه مرة أخرى... أكاذيبها التي تعطي حكايته معها النكهة والإثارة كان يدوِّنها في دفتر صغير.. لم يقل لها أبداً؛ إنك تخترعين هذه القصص، وإنك في كل مرة تناقضين تفصيلاً هنا، وتنسين تفصيلاً هناك من تفاصيل حكاياتك الكثيرة التي رويتِها لي.
قال في سرِّه، وهي تدخل الكافتيريا؛ هذا الجمال يبرر قوافل من أكاذيب.. كانت قادمة من نهار بارد، بعينين يتقلب فيهما موجٌ حشيشي، ووجنتين تذكِّران بالحدائق، وابتسامة مذهلة.
قالت: أتعرف؟
قال: أعرف.
قالت: ماذا؟
قال: هذا الذي ستقولين.. قولي.
قالت: آسفة، أمس لم أجئ لأن أمي وقعت من السلّم.
قال: آ....
قالت: والتوى كاحلها.. اضطررت للبقاء معها.
تذكّر أنها أخبرته قبل يومين بأن أمها مسافرة، ولن تعود قبل أسبوع.
قال: عندها العافية.
قالت: ألستَ زعلاناً؟.
قال: بالعكس، أنا سعيد.
ضحكت، وقالت: أتعرف، اشتقت لك.. بقيت أنظر في صورك على شاشة اللابتوب أمس لساعتين.
ضحك ولم يعلمها بأنها قالت له قبل يومين أن جهازها ضُرب بفايروس قوي، وأنها فقدت كل شيء فيه؛ الملفات والصور والأغاني.
شملها بنظرة حنان وقال: احكي لي، تعرفين كم تريحني وتمتعني حكاياتك.
نهار
النهار فاتر، لكن لا أحد يرفع رأسه.. اللون لا يهم، ولا كم هي السماء بعيدة، ولا الغبار.. الطفل النزق يعبر سياج الحديقة، يكسر شجيرة ورد في طريقه.. الأم تقف وقد أُسقط في يدها.. نظرتها راجية عليلة.. صوتها لا يسمعه أحد، إلاّ الكلب الجائع القريب.. الكلب الذي ما يزال ينبح، هناك، منذ ساعتين.
طائر
طائر أنا، أوحشه الانتظار في البرد والمطر.. حين تصلين مدخل المدينة ارفعي عينيك إليه.. إنه على البرج ينزف.. هو ينزف منذ ساعتين.. طلقة الصياد النزق خدشت خاصرته.. ارفعي عينيكِ إليه.. وحده عسل نظرتك سيشفي جرحه.
................
...............
إنْ نسيتِ سينزف طويلاً. وعند الفجر ستسقط جثته في بركة الدم والدمع والمطر.
ساعة المحطة
الآخرون في ساعة المحطة المتوقفة.. أشيائي أيضاً.. حقيبتي شبه الفارغة.. دفتري المكتظ بالندم.. الثلج الذي يندف على القطار.. القطار وقد نسي أن يغادر، والعامل الذي يشرب الشاي من فرط الضجر.
عاشقة
المظلة الوحيدة التي اقتلعتها الريح حلّقت مع النوارس.. الساحل موحش بعدما تعب من الهياج.. المطر وقد اشتدّ بعد الظهيرة. وثمة مركب، ربما، يترنح مع الموج الشاهق. أما العاشقة التي غصّت بحسرتها فتقف بارتباكٍ، وظهرها للبحر؛ مبللة.. مخذولة.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن لغة السياسة في الخطاب السياسي العراقي
- أنْ نعيد الاعتبار للحياة
- الفشل في إدارة موارد المجتمع ( 2 2 )
- الفشل في إدارة موارد المجتمع ( 1 2 )
- المكان والهوية والاغتراب
- قصة قصيرة؛ مساء عاطل
- السردية التأسيسية للدولة وموقع المثقف
- أيمكن ممارسة الديمقراطية من غير مبدأ التسامح؟
- ثلاث قصص قصيرة جداً
- باتريك موديانو هل يستحق نوبل الآداب؟
- الاقتصاد السياسي للعنف
- موقع الهوية
- الهجرات الداخلية وهوية الأمكنة ( 2 2 )
- الهجرات الداخلية وهوية الأمكنة ( 1 2 )
- المكان العراقي: السلطة والثقافة والهوية ( 3 3 )
- المكان العراقي: السلطة والثقافة والهوية ( 2 3 )
- المكان العراقي: السلطة والثقافة والهوية ( 1 3 )
- الجسد العراقي: التاريخ، الهوية، والعنف
- لماذا يرتد بعضهم إلى الطائفية؟
- الجسد العراقي: السلطة، الثقافة، الهوية


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - الصف الثالث، أكاذيب، طائر، ونصوص أخرى