أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - قصة قصيرة؛ مساء عاطل














المزيد.....

قصة قصيرة؛ مساء عاطل


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 19:02
المحور: الادب والفن
    


الدرب يصعد ملتوياً قاسياً.. تحت أقدامهم تتدحرج الأحجار الصغيرة، والشمس وراءهم تبتعد.. الرضيع في حضن المرأة يغفو. خطواتهم ثقيلة وما زالوا يرون بعض أولئك الذين تسلقوا الجبل قبلهم.. تقول المرأة بهمس حاد:
ـ كان يمكن أن ننتظر خمس دقائق أُخر.
يقول الرجل:
ـ لو تأخرنا خمس دقائق لكنّا الآن جثثاً مرمية على الرصيف.
تقول الفتاة:
ـ عطشانة.
لا يأبهان بكلامها.
تقول المرأة:
ـ أنت لم تبحث عنه جيداً.
ينقل الرجل حزام الحقيبة الصغيرة إلى كتفه الأيمن.. يرفع يده اليسرى.. ينظر إلى معصمه.. يتأكد للمرة العاشرة بأنه نسي ساعته الأولما القديمة على الكوميدينو.. يقول لاهثاً:
ـ بحثت، لم يكن في أي مكان.
ـ لو كنتَ دخلتَ البستان.
ـ لا أظنه ذهبَ إلى هناك.. أبداً لا يدخل البستان لوحده.
ـ ولماذا تراه يذهب إلى السوق، لم يكن معه نقود؟.
ـ هذا الكلام لا يفيد، علينا أن نسرع.
ـ أنت، كأنك لا تهتم.
تمتد الظلال أمامهم.. تتلوى على الصخور والأعشاب اليابسة.. حين بدأوا المسير كانوا بلا ظلال، والسماء شدق ينفث الزرقة والسخونة. لحظتها كان الرجل يفكر بالشمس، ولم تكن المرأة تفكر.. كانت أصوات الإطلاقات تقترب والشمس أكثر ضراوة وعناداً من أن تسمح برؤيتها.. الآن لم يعودوا يسمعون الإطلاقات، وقد اختفى عن ناظرهم آخر فلول المتسلقين.
تقول المرأة:
ـ كان يمكن أن ننتظر.
يرد الرجل:
ـ كنّا آخر من هرب.
يعاود الرضيع البكاء. تُخرج المرأة ثديها وتلقم حلمتها فمه.
ـ لو كنت ناديت عليه من خلف السياج.
ـ لم يكن لدينا الوقت.
ـ لم يكن لديك الوقت لإنقاذ الطفل؟.
ـ ومن يدري، لعلهم كانوا في البستان.
يزفر.. يتحاشى النظر إليها، يلتفت إلى ابنته.. تربكه نظرتها الليلكية المتوسلة.
ـ لم يبق في القنينة سوى قطرات.. أخوكِ سيحتاجها.
ـ هو يشرب الحليب.
تقول المرأة بنبرة حارقة:
ـ وماذا لو كان في البستان وأمسكوا به؟.
تقول الفتاة:
ـ هو دائماً يصعد إلى البيتونة.
يتوقفان.. تلتقي عيونهما.. تجلس الفتاة على صخرة قريبة.. يقول الرجل:
ـ مستحيل. لكان سمعنا ونحن...
تقول المرأة:
ـ أنت لم تصعد..
ـ كان عليكِ أنتِ.... أنا ركضتُ إلى السوق.
تؤكد الفتاة:
ـ هو دائماً ينام في البيتونة.
تبرك المرأة.. تلتم على رضيعها.. تجهش بالبكاء.. يضع الرجل حقيبته على الصخرة إلى جانب الفتاة.. ينحني على المرأة يمسكها من ساعدها النحيل.. يرغب هو الآخر بالبكاء.. لا يستطيع.. تقول الفتاة:
ـ هناك شيء يمشي في الأسفل.
الرجل والمرأة ينتصبان واقفين. وآخر هبة ريح ساخنة تهفهف ثوب الغروب الأدكن.. تأتي الفتاة وتقف معهما.. يبكي الرضيع.. يقطرون في فمه آخر ما في قنينة الماء.. تقول المرأة:
ـ لعله هو لحق بنا.
يقول الرجل:
ـ لا أحد هناك.
ـ لننتظر.
ـ وماذا لو كانوا هم؟.
تصمت المرأة.. الرضيع يستكين.. فيما الثلاثة الآخرون يحدِّقون في بطن الوادي المعتم، وفي عيونهم رجاء ناشف مقهور.
بغداد/ آب 2014



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السردية التأسيسية للدولة وموقع المثقف
- أيمكن ممارسة الديمقراطية من غير مبدأ التسامح؟
- ثلاث قصص قصيرة جداً
- باتريك موديانو هل يستحق نوبل الآداب؟
- الاقتصاد السياسي للعنف
- موقع الهوية
- الهجرات الداخلية وهوية الأمكنة ( 2 2 )
- الهجرات الداخلية وهوية الأمكنة ( 1 2 )
- المكان العراقي: السلطة والثقافة والهوية ( 3 3 )
- المكان العراقي: السلطة والثقافة والهوية ( 2 3 )
- المكان العراقي: السلطة والثقافة والهوية ( 1 3 )
- الجسد العراقي: التاريخ، الهوية، والعنف
- لماذا يرتد بعضهم إلى الطائفية؟
- الجسد العراقي: السلطة، الثقافة، الهوية
- المثقفون: الحلم العراقي وهوية الدولة
- السلطة، الجسد المعولم، والمجتمع الاستهلاكي
- الهوية وغربة الإنسان في عالم معولم
- الكتاب الإلكتروني والمكتبة الإلكترونية ومجتمع المعرفة: تحديا ...
- السلطة، هوية الجسد، والاغتراب 3 جنسنة الشرق
- السلطة، هوية الجسد، والاغتراب 2 الاستعمار والجسد


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - قصة قصيرة؛ مساء عاطل