فلاح المشعل
الحوار المتمدن-العدد: 4728 - 2015 / 2 / 22 - 15:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مطر كلّش مطر ....!
فلاح المشعل
مطر يغسل غبارنا، يعيد الحياة للغزل والعيون والنهر، يقبلُ الأرض حين تهلل وجوه الفلاحين ، يبشر القداح بضافة الربيع، وأحيانا يساعد الباكوّن على تسريب دموعهم دون رقابة حين يخالطها المطر ..!
كان النهر يمتلئ حين يهطل المطر ، الشوارع تمتلئ بصراخنا نحن الصغار ، وكمّ داعبتنا البراءة والوهم ايضا ً ونحن نطلب من المطر الحلبيّ ان " يُعبّر" بنات الجلبي ..!
جاءنا "الجلبي ".. ، جفّ المطر و حلّ الغبار الأحمر القاني .
في بغداد مطر اسئلة تنزل مثل حباته الثقال المتأخرة .
" مطر كلش مطر ..والشارع مغوّش حچي (حَكيّ ) "
هكذا تقول نبوءة العراف مظفر النواب قبل سنين ، وهذا الضباب لن يمحى عن العيون لو استمر المطر مائة يوم ..، هذا رماد التاريخ ينفجر مرة واحدة ، فلا نهر ينفع ولامطر يصلح ..ولاحتى قصائد السياب يمكن ان تودع الذاكرة بعض الأمل .
مطر في بغداد ووحشة الطرقات تعلن عن موسم حزن إضافي ، ليل ينهض قبل موعده ودفء لامعنى له ونحن على بُعد أسبوع من آذار ... مطر يزيد " الطين " بلّة ...!
شعوب الأرض التي لاتملك نازحين، تفرح للمطر وتغني بوجدان يتماهى ولحظات التطهر في عناق المطر ، مطر يدفع للعشق والنشوة والتأمل في معنى ان تتكامل دورة الروح حين تغرق الأرض بالغيث ،وتكرر السماء دورة رعايتها للأرض وماعليها ..!
برق يضيء عتمة المساكن المهجورة من الضوء ، رعدٌ يدويّ لاتترشح عنه دماء ولاأيتام أو ثكالى ، وهذا الشذا المتصاعد من تراب الأرض يذكرك بانك حي ّ، لم تفقد كل حواسك بعد، هاأنت تميز رائحة الأرض بعد المطر .
مطر يدعوك ان تستفيق ، تتذكر وصايا الراحلين ، بأن القوانين تمارس لعبتها دون توقف ، و خداع الأزمنة أوطوارئ السنين لن تغير من سنن الوجود ،... " تلك الأيام نداولها بين الناس "... لاثبات في هذه الدنيا ، لاسيادة نهائية للخطأ أو الفرح أو الموت... الطبيعة ترفض ذلك مهما استبد الوجع والإغتراب وتلونت الفوضى .
مطر في بغداد ، ستنبت الأرض من جديد ، وذاك الشارع الممتلئ بالكلام "المغوش" والصمت المر ّ،سيعطي ثماره بحكمة جميلة نافعة ، سترقص مع المطر في أحضان بغداد وجداول الأناشيد والزهر والشجر ، وينشد الصغار مجددا على ضفاف دجلة ؛
مطر مطر حيل حيل ..عبرت بنات الكحيل .
وصوت النواب يكرر الترنيمة ..." مطر كلش مطر ...والشارع مغوش حچي "
#فلاح_المشعل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟