أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الإنسان ومهمة الإسلام في تكوين الدولة ح1















المزيد.....

الإنسان ومهمة الإسلام في تكوين الدولة ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4723 - 2015 / 2 / 17 - 01:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



في الرواية الدينية أن الله دعا الإنسان أن يقيم دولة باسمه هذه الدولة يحكمها الدين وأن رأس الهرم فيها وكيل الله في الأرض وأن الدستور الذي سيكون هو نصوص الدين المنزلة ,جوهر الدولة تمثل الصورة الأجمل التي أرتضاها الله للإنسان ,وتستمر الرواية فتقول أن من لا يريد أن يتمتع بحكم الله أما أن يواجه القتل أو يرحل حيث تنتهي سلطة الدولة ,والرواية تتواصل في سرد الحلم الرباني كما تنقله ,كلما كبرت هذه الدولة كلما فرح الله هناك على عرشه المنصوب في عالم لا حدود له ولابد من نهاية ينتهي لها الإنسان عندما تطبق الأرض بجناحيها على حكم الله ليعيش العالم لذة الأنتصار النهائي على نفسه هذه هي الرواية الرسمية .
الرواية الرسمية الحالمة ترسم حلما ما ولكنها لا تترجم حلم الله في أن يرى الأرض وقد عمرها التعارف والتحبب والسلام وأستعمرها الإنسان بالإصلاح الذي يحي ما فيها من سر مكنون ,التناقض بين الرسم الخيالي والترجمة العملية هو نفس الفارق بين اليقين والوهم ,بين الحقيقة والخيال ذلك أن رسم الحلم يعتمد على تخيل الرسام وأمتلاكه أدواته العملية ,أما الترجمة فتعني بسط الحلم واقعا ماديا مجسدا له أبعاد وله حضور دون أن يكون مجرد رسم خالي من الروح والحياة .
الرواية التي ساقها الإسلام الرسمي الإسلام الذي يستعير أدواته وتجاربه من الأخر المختلف والموافق دون أن يجرأ أن يستنبط روحية ما عنده إسلام هزيل فارغ من القدرة على التماثل مع المصدرية الأساسية وغير مستجيب لها ,فهو أسم مجرد من إسلاميته الحقة التي ما تركت شيء إلا وأودعت به أو له مقدمات الحل إن لم تطرح الحل كاملا مستعينة بالعقل بصمة الله في الإنسان ,الإسلام الرسمي الذي يتعكز وبكسل عقلي على الظاهر والسطحي من الأفكار دون أن يسعى جاهدا للبحث بين الأفكار عن تكامل للصورة وعمق وجودي يصل بين نتائج الإرادة وبين علات الحكم الأساسية ,ليخرج للعالم بشكل مشوه بفضح عن قصورية في الطرح وقصورية في الحل .
من خلال قراءة متأنية ومجردة ومحايدة في النص القرآني الكامل والمتكامل مع بعضه من الربط بين هذا النص وبين الممارسة العملية للرسول محمد صل الله عليه وأله وسلم كتجربة عملية لم نتلمس توجه حقيقي يقود إلى فكرة مميزة دينيا عن الدولة التي وردت في الرواية الرسمية , وحتى النظام الإداري الذي أنشأه النبي لم يكن دولة بالمعنى المعاصر للدولة التي تتطلب أركان خمسه الشعب الواحد والأرض المحددة(الإقليم) والنظام السياسي المستند على فلسفة محددة ودستور منبثق عن عقد أجتماعي سلطة باسطة للدستور ومحتكمة له .
النقاط الأربعة وحتى أنتقال الرسول ص إلى الرفيق الأعلى لم تتبلور وإنما كانت في طريق التكوين الكيفي وليس هناك وحدة حقيقية بين مكونات هذه المجموعة الأجتماعية التي تميزت بتعدد في الأصول منها ما هو أصلي ومنها ما هو وافد ومنها ما هو متنقل داخل وخارج المجموعة ,لم يكن هناك هوية مميز لهم سوى أن البعض منهم كان يحمل هوية الإسلام وهي هوية أيضا لم تتبلور بالشكل الكامل كمعنى أو كوجود ,هذا ينطبق أيضا على مسألة الإقليم وهو الأخر لم يتشكل بالوجه المحدد وإنما كان هناك تواجد متداخل للسلطة على بعضه بين سلطة المدينة وسلطة القبيلة وأحيانا لسلطة الأحلاف .
حتى الدستور الذي تصور السياسيون المسلمون أن القرآن الكريم يمثل لهم دستورا كاملا بالحقيقة هذا الزعم متهافت لسببين الأول أن من شروط الدستور أن يكون من ضمن عملية العقد الأجتماعي ومن أساسياته وبالتالي يشترط أن يكون كاملا وبينا ومحددا في حال إبرام العقد الأجتماعي في حين أن الدولة التي يزعم البعض أن الرسول ص أسسها كان فيها القرآن يأت مرتلا ومتدرجا ومجزأ حسب الوقائع على مدى عشرين عاما وبالتالي لم يكن هناك دستور سابق مرقوم ومعروف وجاهز بالمعنى الحقيقي , والنقطة الثانية أن القرآن الكريم في واقعه ليس أكثر من مبادئ كلية عامة وأحيانا تفصيلية حسب ما يطرحه وفق رؤية دينية ولم يحمل في طياته حقوق محددة وألتزامات محددة وضوابط التعامل بين الدولة والمواطن التي يتضمنها أي دستور حقيقي .
هذا الأمر ليس أنتقاصا من القرآن ولا من الفكر الأجتماعي الذي جاء به ولكن المشكلة في التخصيص والتنصيص والتفسير الذي يرافق أي دستور في حالة التنازع بين مواده وبين القواعد القانونية الأخرى , نجد في مجتمع الرسول أن الهرم الرئاسي المتمثل به هو المشرع والحاكم والمفسر والمنفذ وأيضا هو الرقيب على سلطة القانون ,هذه الحالة لا تتوافق مع منهج وشكل دولة ولا مع توجهات قيام الدولة .
الرسول ص كان معلما ومدربا وخبيرا أراد أن يعلم المجتمع طريقة تفكير ويرسم لهم منهج مثالي يقودهم بالعقل إلى خلق رؤية كونية خاصة بالمجتمع تبحث لها عن تأسيس وجود منفرد ومتفرد وهذا ما فشل الإسلام السياسي من تحقيقيه وبعد مرور ألف وأربعمائة سنه ما زالت التجربة النبوية في موقعها الأول لم تتحول إلى منهج محدد الملامح والخصائص على أرض الواقع .
تبقى السلطة التي يتغنى بها الإسلاميون والتي تترجم معنى وجود دولة دينية كاملة بظنهم العام , ولم يتفطنوا إلى حقيقة كانت فيها السلطة في المدينة سلطة دينية فقط تمارس حقها في تنفيذ ما يلزم من شروط تعبدية لا أكثر ولا أقل ,فهي لم تمارس سلطة سيادية على المجتمع بالقدر الذي مارسته كسلطة روحية وأخلاقية بالضرورات فقط ,حتى في مسألة قيادة الجيش أو تنفيذ القضاء والفصل في المنازعات كانت تتماهى مع الواجب الديني وليس الواجب السياسي , وشرط السلطة أن تنبثق من واجبها السياسي والإداري المسئول , أضافة انه حتى النبي ص لم يدع أنه يمارس السلطة كقائد سياسي بل مارسها من باب التبليغ والتعليم .
هذه الحقائق التي نقرأها من السيرة ومن فهمنا للنص الديني لا تسمح لنا بأفتراض أن هناك توجه حقيقي يمكن أن يقودنا لدولة الإسلام الدولة التي يكون مرتكزها تنفيذ إرادة الله بالشكل الذي ينطق به النص مثلا{مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ } سورة الأنعام 52,هنا النبي مأمور بعدم الملاحقة على تنفيذ النص بل ومنهي عن ذلك وبالتالي في حالة الخرق ولا نقول الاعتداء غير مأمور قائد الدولة أو الدولة نفسها التي يزعم القائلون بها من إجبار الناس على تطبيق الحكم الرباني .
القول بحتمية أن تكون الدولة الإسلامية ملزمة بتطبيق النصوص الدينية حتى تحمل الصفة الإسلامية التي تسبغها هذه النصوص وبين النهي عن الإجبار على ذلك في ذات النصوص , يعد تناقض أساسي وغير متوافق مع الواجب والمستوجب وبين الدليل والدليل , هذا التناقض يقودنا للأختيار بين التأويل من مجموع النصوص وبين النص الغير منسوخ والنص المحكم وكما يقول الأصوليون وحيث أن لا اجتهاد في مورد النص ولا يجب أن تتعدى الأحكام مورد الناس الطبيعي بالتناقض , هنا نجد أنفسنا أمام حقيقة الواقع العقلي الذي ينفي مهمة والتزام الدولة بجعل النصوص جزء منها أو أن تكون هي صدى لتلك المنصوصات القابلة للتأويل والتفسير المتعدد بمقولة أن القرآن حمال أوجه.
التناقض بين نصوص محكمة وبين قراءات تأويلية ترجح النص على سواه وما ينتج عن النص يبقى هو الحكم النهائي في فهم قضية الدولة الإسلامية ,وللتأكيد ونحن نبحث علاقة الإنسان بالدولة لا بد أن نرجح المبادئ التي تحترم إرادة الإنسان في إطار وجوده الطبيعي وهو المجتمع ,القاعدة الإسلامية لا تبيح إجبار الإنسان في مجتمع يأخذ من الإسلام علاقة رابطة أن يكون أولا ملزما بالتسليم وثانيا بالإيمان وأخيرا حتى في أطار الإيمان غير ملزم بالحكم ما لم يلتزم به أصلا .
هذه القراءة أضافة لسابقتها تعط الحق للمخالف أن يكون خارج نفاذ الحكم الإسلامي بحقه وبحرية ودون قهر وإجبار فما قيمة أن نؤسس لدولة لا يؤمن البعض من أفرادها بالقواعد الحاكمة وغير ملزمة أصلا إلا لمن أعلن التزامه الطوعي بها ,ومن شروط الانتماء للدولة هو خضوعه القانوني لسلطتها والتقيد بأحكامها , لقد بدا واضحا وجليا أن فكرة الدولة الناشئة من النص الإسلامي مجرد وهم صنعه أهل السياسة للمضي قدما في أستعباد الإنسان تحت مسميات دينية روحية لها أحترام وتقدير في الوجدان الإنساني وهذا يفسر فشل المشروع السياسي الإسلاموي القائم على فكرة تطبيق الإسلام بقوة الواقع لا بنص الإرادة الربانية التي يدعون تمثيلها على الأرض .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان ومهمة الإسلام في تكوين الدولة ح2
- الجريمة التاريخية بحق الدين ح1
- الجريمة التاريخية بحق الدين ح2
- الإنسان بين حكم الدولة وطاعة الحد الديني ح1
- الإنسان بين حكم الدولة وطاعة الحد الديني ح2
- نحو رؤية أخرى لحقيقة الدين ج1
- نحو رؤية أخرى لحقيقة الدين ج2
- فصل الدين أو الانفصال عنه ح1
- فصل الدين أو الانفصال عنه ح2
- حاكمية الإنسان وحاكمية الرب ح1
- حاكمية الإنسان وحاكمية الرب ح2
- شيطنة الصراع ... ومحاولة الهروب للأمام ح2
- شيطنة الصراع ... ومحاولة الهروب للأمام ح1
- الإنسان والبحث عن الطوطم الفريد ح1
- الإنسان والبحث عن الطوطم الفريد ح2
- الإسلام والدولة والسياسة
- حروف مجنونة
- أحلام راحلة وأحلام تتهيأ للرحيل
- بوح وأنين وحلم .
- الكأس الأخيرة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الإنسان ومهمة الإسلام في تكوين الدولة ح1