أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - فصل الدين أو الانفصال عنه ح1















المزيد.....

فصل الدين أو الانفصال عنه ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4719 - 2015 / 2 / 13 - 07:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فصل الدين أو الانفصال عنه ح1

في القضايا الصاخبة والتي يكثر حولها الضجيج والضوضاء لا بد أن يمنح العقل فسحة هادئة ليناقش الأمر بعيدا عن التشويش الذي يحدثه صراخ المتحاورين وأن يمنح أيضا صلاحية أن يكون الحكم الذي لا ترد نتائجه إلا في ذات الإطار وإلا تكون المحاولة مجرد عبث ينتهي كما بدا في ضجيج وتناقض مركب ,من هذه الأمور التي تحتاج إلى هدوء مسألة فصل الدين عن الحياة العامة للإنسان وبالذات مسألة الحكم والدولة والعلاقات البينية المتشعبة بين الناس .
الكل يعرف أن العلمانية تلك الفلسفة بشقيها النظري الفكري والمادي الواقعي أمنت بحل ترى فيه تجذيرا لحق الإنسان "بدون عنوان" وحفاظا عليه من التناقض المؤدي للتنازع أن يتخذ من مسألة الفصل بين الدين والدولة حلا يؤمن له حماية من تلك التناقضات ,وعجز الدين كما يرى ويؤكد أن يكون حاكما للإنسان على قاعدة ما لله فهو له وما لقيصر فلقيصر .
هنا تقر العلمانية بحقيقة التناقض كموجود وموضوع طبيعي أنها تتفق مع فكرة أن الدين ملزم لمن ألتزم به والمخالف ملتزم أيضا بذات الشعار دون أن يؤدي هذا التناقض إلى صراع وتنازع أجتماعي وسياسي يطيح بمصلحة الإنسان والمجتمع معا, وبالتالي لا مشكلة أن يقر بهذا التناقض بين المعتقدات والجمع بينها دون مزاحمة أو تعارض ,هذا الحال مثالي فوق العادة وطوباوي وخالي من الواقعية بالنسبة للمتدين الذي يعتقد أن الحق كله في جعبته وبالتالي لا يمكنه كإنسان يدافع عن قيمه من أن يراها تتعرض للمساواة مثلا مع نقيضها ويقبل التعامل معها كأنها واحد .
قبل الغوص في التفاصيل علينا أن نرجع لأصل فكرة العلمانية ومنشأها الأول التاريخي حيث أن الفكرة بالأساس لم تولد كفلسفة ترمي لفصل الدين عن الحياة المدنية ولا نشأت من تفكير منعزل عن واقع فرض ولادة خاصة لها ,العلمانية بالأصل هي محاولة الكنيسة المسيحية أن تضع حدود خاصة بين جهازها التكويني الإداري التنفيذي المعتمد على التخصص في الأداء الوظيفي ,فهناك كانت طبقة من الأفراد تتولى الشؤون الدينية والتعامل المباشر بها وجها لوجه هم طبقة الكهنوت طبقا لحدود الاختصاص بالتنظير والتبشير والدعوة والوعظ وكل ما يتعلق بشؤون الرعية من ربط بين الدين وبينهم , بالأصح هم الناظر على الدين والرقيب الدنيوي .
هذه الطبقة متفرغة للشأن الديني تماما أو كما يسمونها خدمة الرب وخدام الرب لا بد لهم من مجهود مساند لأداء الوظيفة هم الإداريون والتنفيذيون ذوي المهارات وليس لهم شأن ديني بشكل مباشر ,كانت طبقة الكهنوت وبحكم الإرث الديني يتميزون بشكلية فردية تخصهم وحدهم باللباس والتشريف والمظهر الخارجي التي هي من شروط العمل الكهنوتي التي لا يمكن التغاضي عن مراعاتها لأي سبب ,بالمقابل الطبقة الأخرى كانوا مجرد موظفين لا علاقة بين ما يميزهم وبين شكليات الكهنوت ولكن الجميع كانوا يخدمون في الكنيسة وللتفريق سمي الفريق الثاني علمانيون وصفا مميزا عن الكهنة .
العلمانية أذن نشأت من داخل الكنيسة نشأت كمصطلح عملي ليدخل التاريخ هكذا بهذا العنوان ,طبقة مقابل طبقة وفريق مقابل فريق ولكن الكل كنسيون ,أكثر العلمانيون كما قلنا إداريون وخدم للكنيسة يتعاملون بالجزء الذي لا يتعامل به الكهنة الرسم الموسيقى الهندسة والعمارة النحت الإدارة المالية كل ما يتصل بالعلوم والفنون ,كانوا علمانيون وقد يكونوا مؤمنين متدينون أيضا لكنهم بعيدا عن خدمة الدين وخدمة الرب حتى تضخم وجودهم مع تضخم الكنيسة ودورها في الحياة ,صار لهم وجود ضروري ومؤثر وفاعل لأنهم في تماس مع التطور العلمي والفني والفكري الخالي من روح الدين .
من هذه النقطة جاء الانفصال بين العلمانيون وبين الكنيسة ليس على أساس الفصل بين الدين والدولة ولكن الفصل بين ما هو علمي وعملي وحياتي وعام عن الديني الخاص ,صار العلمانيون طبقة فاعلة في المجتمع شجعت تعلم العلوم التي كانت تحرمها الكنيسة وانخرطوا فيها بقوة حتى صار المدني عموما هو علماني التفكير بينما بقى الكهنوتي متماشيا مع توجهات الكنيسة التي هزمت أخيرا على يد الصناعيين والقوميين الذين هم نتاج نمو طبقة العلمانيين ليشكلوا الند التأريخي للكنيسة ويخوضوا حرب ضدها أدت إلى عزلها عن الحياة العامة واقتصار دورها على الروحيات فقط .
العلمانية برزت من خلال التناقض الفكري بين أفراد الكنيسة الواحدة ولم تكن ولادتها خارج رحم الدين ,أذن العلمانية لن تكن صنيعة الفكر المدني بل هي نتيجة تأريخية لاختلاف القراءات حول الأهمية في الموضوع الأساسي الذي يتماس مع حاجات الإنسان التي عجز الدين الكنسي وفهمه للدور عن حمايتها وضبطها مقدمات الفكرة بالمقلوب ,بينما تدع الكنيسة أنها تعمل لخدمة الرب والدين وكأن الدين أصلا مسخرا لخدمة الإنسان وتلبية الضروري والأهم من حاجاته المباشرة .
ساهمت العلمانية بهذه الحركة التاريخية ان تعيد للدين شيء من روحيته ولكن الإصرار المدني على تحويل هذه الأفكار إلى أيديولوجيات سياسية أستخدمت للإجهاز على ما بقى للكنيسة من دور يؤشر أن وراء هذا السعي صراع أخر صراع من ذات النمط صراع على تحقير الدين المسيحي وإخراجه من دائرة التعامل من خلال تفريغ الساحة من مؤثراته وتأثيراته لبسط قيم دينية أخرى بثوب مدني .
الملاحظ أن عناصر القوة في الثورة الصناعية التي رافقت الروح القومية المتمردة على الكنيسة والتي تزعمت المد العلماني هي قوى توراتية متطرفة حاربت المسيحية من أول نشوئها ودخلت في حرب بكل الأنواع لتشويهها دون أن تتمكن من إقصائها بالتمام كما فعلت القومية العلمانية بالكنيسة المسيحية في أوربا.
لم يتوقف الصراع بين نظريات مادية صرفة وبين الكنيسة وأتباعها بل تعدى أكثر إلى كل المظاهر الروحية للشعوب ,نشأت قيم أخلاقية جديدة لا تهتم بقاعدة الأخلاق القديمة التي ومع قسوة الحكم الكنسي كانت هناك أحترام لمفهوم الرحمة والعيب والطيبة والخير والسلام الروحي لتحل محلها البرغماتية السياسية والاقتصادية لتؤسس هي أيضا إلى فكرة أوسع فكرة أن العالم يجب أن يكون محكوما بمركزية واحدة تتحكم بكل الحركة الوجودية للإنسان من خلال شعار العلمانية وهدفها المخفي هو إسقاط الرب من المعادلة وإخراج الإنسان من فطرته الطبيعية ليتحول إلى عالمية رقمية تجرده من الهوية وتسخره فقط لتحقيق مفهوم الأنا الواحدة المطلقة .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصل الدين أو الانفصال عنه ح2
- حاكمية الإنسان وحاكمية الرب ح1
- حاكمية الإنسان وحاكمية الرب ح2
- شيطنة الصراع ... ومحاولة الهروب للأمام ح2
- شيطنة الصراع ... ومحاولة الهروب للأمام ح1
- الإنسان والبحث عن الطوطم الفريد ح1
- الإنسان والبحث عن الطوطم الفريد ح2
- الإسلام والدولة والسياسة
- حروف مجنونة
- أحلام راحلة وأحلام تتهيأ للرحيل
- بوح وأنين وحلم .
- الكأس الأخيرة
- أموات غير أحياء
- ضرورة الكتابة
- ثورة المؤمنين ح2
- ثورة المؤمنين ح1
- عوالم الوجود ونظرية الأنماط الخمسة
- عوالم الوجود ونظرية الأنماط الخمسة ح2
- متى نسترد الله ح1
- متى نسترد الله ح2


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - فصل الدين أو الانفصال عنه ح1