أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - ثورة المؤمنين ح1














المزيد.....

ثورة المؤمنين ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 30 - 23:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ثورة المؤمنين


في البدء لا تعني الثورة دائما الحركة العنيفة وتأثيراتها على الواقع وما تجر من إرتدادات تعارف الكثيرون عليها إنها تحطيم لهيكل الواقع بغرض التخلص منه وإبداله بالنقيض في الغالب أو رفع جزء كبير منه بحيث لا يكون الواقع الجديد مشابه للقديم لا في سيره ولا في قوانينه ولا حتى في نمط التعامل البيني داخله , هذا المفهوم العنفي الارتجاجي لم يعد ولم يكن أصلا إلا نتيجة لتشوية فكرة الثورة التي تعني في النهاية محاولة الإنسان فك ارتباطه بكل ما يعرقل توافق حركته مع الزمن الضروري أو يجعلها تسير بالعكس .
ثورة المؤمنين التي نريد لها أن تكون ثورة حريرية ناعمة هادئة إنسانية لكنها في ذات الوقت تغييرية تفكك كل الروابط والشبكات التي تربط الإنسان بالثوابت التي لم تعد تتحرك إلى أمام وتجر به نحو التخلف في الفهم في الحركة في التعاطي مع الزمن في التعاطي مع العقل على أنه مشروع حركة أصلا وليس شاهد ثبات وتقوقع داخل الإنسان , ثورة المؤمنين تعني أننا يجب أن نرحل مع مشروع الله حيثما تتواجد معطيات الخير والنفع والمصلحة الشمولية في الإصلاح والإعمار والتعارف .
هذه الثورة ليست من أنماط ثورة الإنسان الغضبية التي تنفس في الأنا ما كبت نتيجة القمع والقهر والتسلط وإن كانت دوافع بعض الثورات عقلية لكن طابعها الحسي النفسي كان واحدا من أسباب موت الكثير منه بل المعظم الغالب منها لأنه يتعاطى مع الثورة على أنها تمثيل لرغبة التخلص من واقع يتناقض مع معايير النفس الذاتية للثائرين , ثورة المؤمنين لا تمس هذا الجانب ولا تنطلق منه بل تنطلق من وعي أن الواقع أصبح غير قادر على أن يساير الإنسان في تأدية واجبه الأساس في وجوده وتمثيل علة خلقه , لذا علينا فحص أسباب هذا التخلف ومن ثم التوسل بكل وسيلة ومنهج يعيد الواقع للوظيفة ويبسط الوظيفة كشعار للواقع ,هنا يمكن للواقع أن يتصالح مع الثورة وينخرط فيها على أن يحاول هو أيضا أن ينفعل بالزمن .
ولكن السؤال الذي يطرح في البداية لماذا يثور المؤمنين بالذات دون غيرهم , وهل من المفيد أن نفرق بين الإنسان المجرد والإنسان المؤمن في خضم حركة يراد لها أصلا وفي النهاية إعادة الواقع والإنسان معا للوظيفة الوجودية وتذكير الأخير أن علة الوجود في وجوده سبب كافي لأن يثور , الحقيقة الجواب ينحصر بنقطتين أولهما أن هناك الكثير من الناس لا يؤمن أصلا بأن علة الوجود الإنساني هي الإصلاح والتعارف والأستعمار وبالتالي نكران هذه الحقيقية تعني أن هدف الثورة ليس من اهتماماته ولا من عقيدته .
ثانيا المؤمن المقصود هنا ليس المتدين صاحب المشروع العقيدي ولكن المؤمن هو من يعرف تماما خطوط وملامح ومنهج المشروع الإلهي الإصلاحي المبني على الحرية وإرادة الإنسان في التحرر من الجانب السلبي من الوجود ويسعى لتجسيده واقعا , إنه صاحب الرؤية الكاملة والنموذجية والواعي تماما أنه سيقابل واقع وإنسان عصي طبيعي أن يستجيب لمفهوم الثورة الحريرية التي سيكون مدارها العقل والعلم والمعرفة وسلاحها الفكرة الكونية الأساسية ,لذا فهو مؤمن بحق الإنسان أن يتماثل مع مشروع الله لأنه يمثل من وجه أخر مشروع الإنسانية المطلق .
من هنا فنحن عندما نشير لثورة المؤمن نقصد بها الإنسان المجرد عندما ينحاز لتجرده ولوجوده ولوعيه بوجوده ولوعيه بوعيه ,الإنسان المؤمن هو الإنسان الذي يمتلك مبرر للثورة ولدية القدرة على الإنصهار بها حد التوحد لأنه مؤمن بإنسانيته أولا ومؤمن بحقه في أن يصحح مسارات الوجود عندما تتعطل أو تنحرف أو يحاول أحد ما أعتراضها تحت أي عنوان , الإنسان المؤمن هو من يحمل جذوة الثورة في كل ما يبسطه عقله من تحرر طبيعي وأصيل نحو مشروع الله الوجودي .
الثورة هنا ليست حركة مرتبطة بالواقع والزمان والمكان ,الثورة قيمة أساسية ومستلزم من مستلزمات وجود الإنسان الحر وبدون هذا الأنتماء لا نكون أمام مفهوم ثورة المؤمن , قد نكون أمام حركة انقلابية أو مشروع تغيير يستهدف الواقع شكلا أو ربما حتى بعض التفصيلات الموضوعية لكنها لن تمس أصل فكرة الوجود المحكوم بحتمية التطور والتبدل والاستمرارية السيالة دوما إلى أعلى وأمام , حين تجسد في سيرورتها هدفية الإنسان من ممارسة وظيفته الأصلية .
هذه الثورة التي نريدها لا بد لها من قيم ولابد لها من معطيات ومقدمات ويجب أن يسبق التفكير فيها أن نكون جاهزين تماما لأن نترجم الصورة والهدف ونرسم أحلام النتيجة التي من المؤكد سوف لا تكون نقطة ثابتة نتحرك لها ,بل مجموعة من النقاط المتحركة والتي تستخدم سياقات الزمن لتواصل السعي بدون حد ولا لأجل غاية بعينها , غاية النتيجة أن يكون هدفها القادم هو الأفضل ممن سبقها والأكمل من ما يتصوره الإنسان , عند ذلك نجد أن الثورة ستكون منهج عقلي دائم متحرك يسقط كل الثوابت والمطلق أمامه ليعلن أن الحرية في حركة الوجود هو الصورة الأخرى لمعنى ثورة المؤمن .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عوالم الوجود ونظرية الأنماط الخمسة
- عوالم الوجود ونظرية الأنماط الخمسة ح2
- متى نسترد الله ح1
- متى نسترد الله ح2
- الإنسان المجهول ح2
- الإنسان المجهول ح1
- أنسنة الدين أم أنسنة الأخلاق ح2
- طيران بلا أجنحة _ قصة قصيرة
- الوفاق الاسلامي في ضيافة................. الاديب الدكتور عبا ...
- أنعام في عراضة ترحل للسماء
- المطلوب ....قرار وطني عراقي
- أنسنة الدين أم أنسنة الأخلاق
- اللحظة الحاسمة
- التسنن العربي والتشيع الصفوي .... فكر الإنحراف العنصري
- سيد الماء .... والمجهول _ قصة قصيرة
- وصايا الأب لأبن
- شخصية الرسول الكريم والجدل في التاريخية ح3
- شخصية الرسول الكريم والجدل في التاريخية ح1
- شخصية الرسول الكريم والجدل في التاريخية ح2
- من يحمي الدين من سطوة التاريخ


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - ثورة المؤمنين ح1