أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - إبراهيم الحسيني - كراسة - مقدمة في نظرية الثورة ( تجديد مصر )















المزيد.....



كراسة - مقدمة في نظرية الثورة ( تجديد مصر )


إبراهيم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 4718 - 2015 / 2 / 12 - 04:14
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


في ذكرى سقوط الطاغية حسني مبارك ، أقدم هذه الكراسة ، أهديها إلى شهداء ثورة يناير ، أسف وأعتذر ، هذه الحروف ، وتلك الأحبار ، هذه الثورة ، بعض من دمائكم ، التي لم نقتص لها بعد .

مقدمة في نظرية الثورة
( تجديد مصر )
إبراهيم الحسيني




اسم الكتاب : مقدمة في نظرية الثورة
المؤلف : إبراهيم الحسيني
الطبعة الأولى
العنوان : 1 شارع حسين الحسيني ميدان بهتيم شبرا الخيمة ، جمهورية مصر العربية .
ت : 0184661282
E-mail: [email protected]






إلى شهداء ثورة يناير
أسف
هذه الحروف وتلك الأحبار
هذه الثورة
بعض من دماءكم




قبل المقدمة :
إن الذي ينبغي أن يحكم بالعدل
قد أمسى سارقا .
والذي ينبغي أن يقضي الحاجات للناس
قد أنزل العوز بالناس .
والذي ينبغي أن يستأصل الشرور
أصبح يرتكب المظالم .
والذي ينبغي أن يبين سبيل القانون
صار يأمر بالسرقة .
إن كبار الموظفين لصوص وقطاع طرق ،
فمن ذا يبيد المظالم إذا استحل حامي العدالة
أن يميل كل الميل .
إنك كصاحب السفينة
الذي لا يحمل إلا من يعطيه أجر الركوب .
أنت تعيش بين الناس
بغريزة الصقر الذي يفترس ضعاف الطير .
إنك كالطباخ متعته أن يذبح الطير ،
دون أن يؤاخذ بما ذبح منها .
إنك كمدينة لا حاكم لها ،
وجماعة لا سيد لها ،
وسفينة لا ربان فيها ،
وعصبة لا قائد لها .
إنك كالحارس الذي يسرق ،
والحاكم الذي ينهب
من شكاوى الفلاح الفصيح





















مقدمة في نظرية الثورة






" لا ثورة بدون نظرية ثورية "

( 1 )
المادية التاريخية ، جدل الطبيعة في المجتمعات البشرية ، تنطلق وتتحرك على أرض الواقع المادي والاجتماعي ، نظرية نقدية تفكيكية خالصة للنص والوجود الاجتماعي ، بأبنيته وأنساقه ، هياكله ومؤسساته ، زعزعة الخطاب السائد ، النغمة الأساسية لإستراتيجية التفكيك ، لإلغاء المركزية ، المركز الإمبراطوري المهيمن ، أو السلطة السياسية المهيمنة ، والميزة التي تنشأ عن هذه المركزية وهذه السلطة ، التفكيكية ليست نشاطا خارجيا ، لخلخلة النص ، الخلخلة مضمرة في النص ذاته ، النص يخلخل نفسه بنفسه ، تقوم على إبراز تناقضات الهامش الاجتماعي مع المتن الاجتماعي ، التناقض في إطار التماثل الذي يجسده الشيء الواحد ، التناقض الداخلي جوهر كل شيء ، الازدواجية داخل الوحدة ، التناقض جوهر الأشياء ، تناقض توافقي ، سلمي ، سكوني ، بطيء ، متجاور ، إصلاحي ، وتناقض عدائي تناحري ، يتميز بكون أحد الضدين ينفي الضد الآخر ، في وجوده ذاته ، وليس فقط في تماثله مع الضد الآخر ، والتناقض العدائي حين يبلغ مرحلة النضج ( ثوري ) ينفي أحد الضدين وتحرير الضد الآخر ، والدولة تعبير مكثف لتماثل الضدين ، ومكانا مركزيا لصراعهما ، في النص الاجتماعي ، الإقطاع والعبودية في الدول الإقطاعية ، رأس المال وقوة العمل في الدول الرأسمالية ، والمتن والهامش الاجتماعي في الدول المشوهة ما بين الإقطاع والرأسمالية ، والأفكار البشرية لم تتوصل إلى حقيقة الأشياء ، من الوهلة الأولى ، دفعة واحدة ، مسيرة إنسانية شاقة ، وعسيرة ، في كافة العلوم الإنسانية ، والطبيعية ، والحقيقة المجتمعية ، لن تكون ، إلا نتيجة تصادم القوى الاجتماعية ( الطبقات العليا والدنيا ) وأفكارها المتباينة داخل الفكر ، وتصوراتها الذهنية للمستقبل ، حصيلة صراع بين الأفكار والآراء ، لحركة جدلية قائمة على التناقضات الواقعية ، شديدة التنوع والغنى ، ملموسة ، متعددة الجوانب والعلاقات والخاصيات ، والمادية الجدلية لا يمكنها التوصل إلى الحقيقة الاجتماعية ، إلا بعد استنفاذ حركتها الجدلية ، وصيرورة التشكل المجتمعية ، للحقيقة المجتمعية التي يجسدها هذا المجتمع أو ذاك ، ولا تمتلك يقينا ، أو رؤية ، حتمية ، جبرية ، لاهوتية ، لحل التناقض ، بل أفق مفتوح ، على تطور التناقض وتعميقه ، ليخلق حله وتجاوزه ، الذي يتخذ أشكالا عديدة : إلغاء التناقض القديم وحلول تناقض جديد غيره ، إجهاض التناقض وتسكينه ، أو انشطار الوحدة المجتمعية ، وتطايرها إلى شظايا ، أو ضدين منفصلين .
( التناقض قانون الثورة )
تمتلك الثورة المصرية نظرية ثورية عميقة وجذرية ، لا تقبل أنصاف الحلول ، على عكس ما تردد وتشيع الثورة المضادة وعناصرها الانتهازية ، ملامحها الرئيسية تكمن في كثرة التناقضات وتداخلها وتشابكها :
التناقض بين الإقطاع العسكري والرأسمالية التابعة الريعية ، وهو تناقض داخل حلف الطبقة الحاكمة ، ربما يكون تصالحيا ، نلمسه ، ونضع أيدينا عليه ، في الصراع على تصدر المشهد السياسي ، وإدارة شئون البلاد ، بين المجلس العسكري وبقايا لجنة سياسات الحزب الوطني .
التناقض بين الإقطاع العسكري والرأسمالية التابعة الريعية ، موحدة في جانب ، وقوة العمل ( الذهني والعضلي ) والجماهير المحرومة المهمشة والبائسة ، على الضفة الأخرى من نهر المجتمع ، وهو تناقض ، لن يكون أبدا تصالحيا ، بل سيظل دائما ، عدائيا وتناحريا .
التناقض بين الدولة والمجتمع : دولة الطغيان والنهب والاستغلال ومجتمع الحرية والمواطنة والمساواة
التناقض بين الدولة والعولمة : الدولة التي تحول وتحجز المجتمع المصري عن وحدة الجنس البشري ، والعولمة التي تدفع إلى وحدة الجنس البشري ذات الوجهين المتناقضين ، عولمة الرأسمالية المتوحشة ( النيو ليبرالية ) والعولمة ذات الوجه الإنساني ( الديمقراطية الاجتماعية )
التناقض بين نمط الإنتاج النهري ( الفلاحي الريعي ) القديم ، ونمط الإنتاج البحري الصحراوي ( الصناعي السلعي ) البازغ ، وهو ما يتجلى في طغيان الحكم النهري وحرية الإرادة البحرية .
التناقض بين الدولة الدينية ـ إسلامية مسيحية كنسية ـ ودولة الحداثة وما بعد الحداثة .
إن تناقضات المجتمع والأمة المصرية عدائية تناحريه ، لن تكون أبدا توافقية تصالحيه ، مقدمة لفوضى انفجارات بركانية زلزالية ، انفجارات ثورية ، لن تهدأ إلا بالديمقراطية الاجتماعية ، التي تعيد تقسيم الثروة والسلطة والمعرفة والخدمات ، فلم يعد معقولا ، ولا مقبولا ، احتكار أقلية مجتمعية ، بثروة المجتمع وسلطته ومعرفته وخدماته .
لم تكن الثورة المصرية ، يوما ، قفزة في الفراغ ، بدون نظرية ثورية ، وبدون تنظيم ثوري ، كما يروج منظرو الثورة المضادة وعناصرها ، الثورة المصرية لديها نظرية الديمقراطية الاجتماعية " نظرية للثورة " تنضج على نار هادئة ، وتتضح معالمها وملامحها يوما بعد يوم ، وموجة ثورية عقب موجة ثورية ، وتنظيم ثوري ، يستخدم أرقى أشكال ووسائل التكنولوجيا ، مرن ، قائم على الاختيار ، والمواقف السياسية ، لا يعرف الجبرية والانضباط الحديدي الصارم ، يحقق الاتصال والتواصل والاتفاقات ، عبر شبكات التواصل الاجتماعي ، دون هيراركية أو تراتبية تنظيمية عقيمة . تعيد إنتاج الهيمنة الأوامرية والشمولية المقيتة ، النت ديمقراطية للمعرفة ، وشبكات التواصل الاجتماعي : الفيس وتويتر الخ ، أداة الطبقة الوسطي والطبقة العاملة الذهنية والعضلية ، والطبقات وطلائع الطبقات الدنيا ، في التنظيم وتوحيد التحركات والشعارات والأهداف ، وليس من المجازفة القول : الثورة المصرية تحوز أرقى ما وصلت إليه البشرية من رؤية فكرية وتنظيم ثوري ، متجاوزين الحداثة إلى ما بعد الحداثة ، متجاوزين الدولة القومية إلى العولمة الديمقراطية الاجتماعية ، وهذا ـ في تقديري ـ ما يقلق الإدارة الأمريكية والرأسمالية العالمية .

الثورة وقصيدة النثر
ارتدي ذئب ريش حمام
وقال : سأطير
ثم عوى
ـ عووووووو ، عوووووووو
نشأت قصيدة النثر ، نمت ، وتطورت في أوربا ، في لحظة اكتمال الحداثة ، وانتصارها على الغيب والخرافة ، وتقدمت متجاوزة الحداثة لما بعد الحداثة ، مع شاعر فرنسا الكبير شارل بودلير ، ومجموعة سويداء باريس التي صدرت 1869 بعد وفاته بعامين وبعنوان جانبي " قصائد نثر صغيرة " ليكشف عن تقنية أدبية ، وخاصية لغوية فنية تميز هذا القصيد ، وكانت مقدمة هذا الديوان بمثابة بيان لهذا الجنس الأدبي ، الذي وصل ذرا وقمم مع إشراقات رامبو ، وأشعار مالا رميه وآخرين ، وحفرت لنفسها مجرى في بلدان أخرى ولغات أخرى ، وكما تأخرت ، وتتعثر الحداثة في بلادنا ، تأخرت ، وتعثرت قصيدة النثر إلى أربعينات القرن العشرين ، بزغت ، وتواصلت ، منبوذة هامشية مع روادها في العربية أنسي الحاج ويوسف الخال وحسين عفيف وأدونيس وسعدي يوسف ومحمد صالح وقصائد درويش الأخيرة ، إلى أن شاعت وتمكنت وخلقت لنفسها ذائقة فنية وروادا ، وقصيدة النثر ليست كما يحلو للهواة ، هينة سهلة وبسيطة ، بل على العكس تماما ، قصيدة مركبة ، عصية ، شاقة ، وصعبة المراس ، فبلاغتها ، موسيقاها ، إيقاعها ، صورها ، جمالياتها ، كامنة في النص القصيدة ، هي قصيدة الحرية والذات ، هي قصيدة الهامش والمغمورين ، هي قصيدة المحرومين ، وقصيدة التفاصيل الصغيرة والجزئية ، هي قصيدة مستفزة ومستفزة ، قصيدة الشحنة الكهربية والبرق والفوضى التي تعم الأرض ، وقد حلت محل قصيدة التفعيلة وقصيدة القافية العمودية ، في المشهد الشعري ، وأبدعت جماليات وذائقة أدبية جديدة ، والقصيدة أعلى تجليات اللغة ، ووصلت إلى ذروتها ، وأعلى تجلياتها ، في القصة القصيدة ، التي تقوم على بلاغة الحذف والتفكيك والتكثيف ، في ومضة أو لحظة خاطفة ، تفكيك أبنية وأنساق النصوص القديمة ، مهما كانت قداستها السماوية أو التاريخية ، وهدم هياكلها الراسخة ذات الصوت والموسيقى الخارجية الصاخبة ، تفكيك جماليات الصحراء والبداوة والعزلة ، قصيدة النثر تبدع مشهدا فوضويا ليس منتظما ، يعتمد على الإيقاع ، والمخيلة الفنية الفائقة ، من تشظ للغة وتهشيمها ، من تفاصيل الحياة اليومية وكراكيبها ، تفارق الكليات والمطلقات والعموميات ، تنحاز إلى الجزئيات ، والنسبي البشري في كافة أحواله وأوضاعه ، في ضعفه وقوته ، تكتسب شرعيتها من الضرورة التاريخية والاجتماعية إلى ذائقة جمالية اجتماعية جديدة ، قصيدة النثر تكتب نفسها ، وما على الشاعر إلا إشارة البدء ، وبعده يفقد سيطرته عليها تماما ، ويفقد قيادته وتوجيه لها ، ولا يستطيع إلا أن يستسلم لتداعياتها ومقاديرها ومصائرها ، فقط عليه أن يكون ، دائما ، منحازا لديمقراطية اللغة والنص والمخيلة الفنية ، موجزة ، موحدة ، مضغوطة ، عقد من جواهر اللغة وماساتها ، يومئ ، يوحي ، يشير ، بلا نهاية ، تفكيك دائم ، متواصل ، وبناء دائم ، متجدد ، قصيدة النثر برونزية مرمرية ، قصيدة النثر ثورة اللغة ، حممها وبراكينها وزلزاليها ، واللغة وعاء الفكر ، وقصيدة النثر تنتج فضاء شاسعا ، من دون حدود ، أو تخوم للحرية ، ولا تقوم من دون الحرية ، ومن ثورة اللغة إلى ثورة المصريين 25 يناير 2011 ، ينتقل هذا المقال أو هذه الدراسة إلى إيقاع الثورة المصرية ، أعظم قصيدة كتبها المصريون ، بدماء وعيون وأطراف أبنائها ، قصيدة تستحق ميدان التحرير متحفا للثورة .
الثورة المصرية في ظل العولمة
رف طائر صغير
بجناحين صغيرين
واشتعلت نار في ريشه :
الأخضر والأصفر والأحمر والأزرق
الفكر طب الحضارة ، يعالج الأمراض والعلل الاجتماعية ، والثائر جراح التاريخ ، ومهمة الفكر تغيير العالم لا تفسيره وتشخيصه فقط ، والتغيير ما هو إلا الثورة ، عملية جراحية كبرى ، بعد أن يتوقف الجسد الاجتماعي عن استقبال والتفاعل مع الأدوية والعقاقير ، جراحة تستأصل الزوائد الدودية والجراثيم والطفيليات الاجتماعية ، حينذاك يكون الفكر سلاحا للثورة ، والثورة ، دون شك ، سلطة ، فوق كل السلطات ، وشرعية تتجاوز وتعلو كل الشرعيات وتجبها ، تعبير عن إرادة مجتمعية ، تنبذ القديم ، وتتطلع إلى نظام سياسي جديد ، والثورة قد تكون ثورة سياسية قشرية رخوة ، تستهدف التحول بالنظم السياسية ، وقد تكون ثورة سياسية اقتصادية اجتماعية ، تضع نصب أعينها تغيير نمط الإنتاج وأساليبه وتغيير عوائده ، أين تقع الثورة المصرية ؟ سياسية قشرية رخوة أم سياسية اقتصادية اجتماعية ؟ عملية تاريخية كبرى ، يقودها جراحي التاريخ ، أم إصلاح تدريجي ، يسكن ويجمل القبيح ، الثورة السياسية الاقتصادية الاجتماعية عميقة تصل إلى جذور ونخاع الأبنية التحتية التي تيبست ، تخلخلها ثم تقتلعها ، فهي تعبير مكثف ، عن أقصى تناقض علاقات الإنتاج مع أدوات ووسائل الإنتاج ، والرغبة المجتمعية لحل وتجاوز هذا التناقض ، بصياغة عقد اجتماعي جديد ، ينفى أحد أطراف التناقض ، يعيد توزيع السلطة والثروة وقوة العمل والمعرفة والخدمات ، وقد انطلقت الثورة المصرية وتفجرت في زمن تآكل الدولة وزوالها ، هبت في زمن العولمة ، في زمن زوال الحدود أمام السلع ورأس المال ، والتدرج في زوال الحدود أمام قوة العمل بضوابط مقيتة بغيضة وعنصرية ، تجرف المجتمعات الطرفية من الخبرات والكفاءات الكفاءات العلمية والتكنولوجية والثقافية ، لتنشأ شرعية جديدة تتجاوز شرعية الدولة القومية ، فلا يمكن بناء نظام سياسي ، قابل للحياة ، في إطار الدولة القديمة ومفاهيمها : السيطرة على المواد الأولية والسوق المحلية والحدود الجغرافية ، العولمة أحد أهم تجلياتها ، انتصار للتاريخ على الجغرافيا ، انتصار للإنسان على الحدود الطبيعية الصارمة المقيتة ، انتصار لوحدة الكوكب ، في إطار ترسيخ حق الاختلاف والتباين والتعددية الثقافية والتنوع السياسي
وقبل التقدم إلى بناء هياكل ومؤسسات وأبنية للعولمة ، يجري تفكيك وتفتيت هياكل ومؤسسات وأبنية وأنساق الدولة القومية ، فالتفكيك والتفتيت وإعادة المجتمعات إلى عناصرها الأولية ، آلية ثورية للتوسع البشري ، تقوده ، في اللحظة التاريخية الراهنة ، رأسمالية المراكز ، والديمقراطيات الاجتماعية ، لتجر وتلحق المجتمعات الطرفية بالعولمة ووحدة الجنس البشري ، مع إعادة تقسيم العمل الدولي ، احتكار التكنولوجيا النظيفة ، صديقة البيئة ، في المراكز الرأسمالية ، نقل وتصدير صناعات الثورة الصناعية ، دون الثورة التكنولوجية ، الملوثة للبيئة ، إلى المجتمعات الطرفية ، رخيصة قوة العمل ، مع تجريفها من نوابغها ومتفوقيها ، الكفاءات الفكرية والعلمية والثقافية والتكنولوجية " التطور اللامتكافئ " وهذه إحدى عمليات التاريخ الكبرى ، لتراكم وتركز الخبرة التاريخية ، بالغزو والنهب والسطو ، للحضارات البشرية وثقافتها ، وتضع الرأسمالية العالمية ، في اللحظة التاريخية الراهنة ، إفريقيا والشرق الأوسط ، نصب أعينها ، لاستخراج كنوزها وثرواتها ، وتحويل مجتمعاتها البدائية " القبلية والإقطاعية " في إطار التبعية ، إلى مجتمعات رأسمالية ريعية ربوية ، وقد بدأت ثورات الربيع العربي ، بتفكيك السودان ، وفصل جنوبها عن شمالها ، أعقبتها الثورة التونسية الملهمة .
وتفجرت الثورة المصرية على هذه القاعدة ، التناقض بين الدولة وقوة العمل ، التناقض بين الدولة والعولمة ، التناقض بين الدولة والمجتمع الدولي ، والدولة المصرية ، تاريخيا ، مركزية ، نهرية ، استبدادية ، تؤله حكامها ، المنحدرين من مؤسسة القوة ، ومن كهنة المعابد ، العناصر الأولية للدولة المصرية التي أصبحت متصارعة متناحرة استنفذت أغراضها المجتمعية ، بالسيطرة على النهر وكبح جماحه ، فيضانا وجفافا ، وأصبح الاندماج ، وليس التبعية ، في العولمة ، للانتقال من النهر إلى البحر ، من النهر إلى الصحراء ، من الطين إلى الرمل ، من الاستبداد إلى الديمقراطية ، ضرورة مجتمعية وحضارية ، تنال من طغاة الأمة ومحتكري ثرواتها ، وما كان أمام الديكتاتورية العسكرية إلا اللجوء إلى المؤسسة الدينية غير الرسمية " الإخوان والسلفيين " والرسمية الأزهر والكنيسة والأوقاف ، الساق الثانية في جسد الاستبداد ، ومنظومة الهيراركية والتراتبية ، لتكبح جماح الموجة الثورية الديمقراطية الأولى 25 يناير 2011 ، كي لا تنضج ، وتتحول إلى ديمقراطية اجتماعية ، تنال من ثروات الطبقات العليا ونهبها التاريخي المنظم ، بالمشاركة والتبعية للغزاة ، لتكبح جماح التاريخ والمستقبل ، لكن الديكتاتورية العسكرية التي تفتقد وتفتقر إلى الخبرات والذهنيات والعقليات والثقافة السياسية ، ولا تمتلك إلا الرصاص والبنادق والدبابات والمدرعات والخبرات القتالية ، اكتشفت ، غرة ، أن الإسلام السياسي كوكبيا وليس وطنيا ، وأن الوطن وثن عند الإسلام السياسي ، والعولمة التي تناهض وتكتسح الدولة القومية ، لا تنسجم مع أفكارها ودعوتها فقط ، بل هي العامود الفقري والنواة الصلبة لدعوتها وأفكارها وأحلامها اليوتوبية ، وقد وقعت رأسمالية المراكز في تناقض ، استدعاء شمولية الدولة الدينية على قمة ديمقراطية العولمة في مصر ، استدعاء ماضي الخلافة الشمولية لتقرر مستقبل العولمة ، فالعولمة من دون ديمقراطية ، لن تكون ، وما كان أمام الديكتاتورية العسكرية إلا أن تلتقط الخيط والفرصة السانحة ، وتفض تحالفها مع الإسلام السياسي ، وتنقلب ، تعزف على تناقضاته ، وسرعان ما تفكك هذا التحالف وانهار ، وأصيب بالسكتة القلبية ، ليعلو صوت الرصاص ، وتتكلم البنادق والمدرعات ، ومازال عناصر الدولة القومية الأولية ، الجند والكهان ، يتصادمون صداما تاريخيا مدويا ، يتقاتلون ، يتبادلون كرات اللهب ، يحرقون الأخضر واليابس ، ويحرثون الأرض ، دون إرادة منهم ، للعولمة الديمقراطية الاجتماعية ، بمكر وخبث التاريخ وصراعاته الاجتماعية .


























طريق الثورة






أفول الديكتاتورية العسكرية
لم يكن خروج الشعب المصري ، بكافة فئاته وطبقاته في موجة ثورية هادرة " جمعة الغصب 28 يناير 2011 ،الذروة 30 يونيو 2013 ، ليستبدل الفاشية الدينية بالديكتاتورية العسكرية ، بل ليستكمل مهام ثورته الديمقراطية الاجتماعية ، وتحديه الحضاري الجديد ، وكانت نواته الصلبة ، تدرك يقينا ، أن الديكتاتورية العسكرية ، بما تملكه من قوة خشنة ، سوف تسطو على الموجة الثورية ، كما سطت على الموجة الثورية الأولى 28 يناير 2011 ، لم يكن لديها أية أوهام أو هذيانات حول وطنية أو ديمقراطية الديكتاتورية العسكرية ، لكنها تدرك أن ثوب الإقطاع العسكري قد تهتك ، ولم تعد تجدي معه الترقيعات ، وأن أبنيته وهياكله وأنساقه قد تهدمت ، ولم يعد يجدي معها الترميمات ، فالنظم العسكرية تجاوزها الزمن وانقضى عمرها الافتراضي ، وزالت وانهارت من كل بقاع المعمورة ، ولم يعد لديها القدرة على الاستجابة إلى قيادة شعوبها إلى التنمية ، فقد أصبحت الأولوية لدي الأمم والشعوب الديمقراطية والتنمية البشرية ، تحول نوعي في النظم السياسية ، يستبعد حكم الجنرالات القائم على الأوامرية والتراتبية والشمولية ، والمعدي بحكم تكوين القادة العسكريين للديمقراطية وحق الاختلاف والتعددية ، العمود الفقري للتنمية البشرية ، فلا تنمية بلا ديمقراطية ، ولا ديمقراطية دون تنمية ، وعلى الفور أخذت القوى الديمقراطية الاجتماعية الثورية لنفسها مسافة بعيدا عن الديكتاتورية العسكرية ، وأعلنت مناهضة ، وأعلنت ، ومازالت تدعو ، إلى انسحاب الجيش من الحياة السياسية ، وعودته إلى ثكناته وقشلاقاته ، وإجراء مصالحة اجتماعية لا سياسية ، فلا سياسة في الدين ، ولا دين في السياسة ، وقاومت ، ومازالت تقاوم ، قانون تقييد وتجريم التظاهر ، وتلفيق الاتهامات والملاحقات القضائية ، واستخدام القضاء في العدوان على الحريات والحقوق ، ونددت ، ومازالت تندد ، بالتضييق على حياة المواطنين ، ورفع أسعار المحروقات والسلع التموينية وسوء الخدمات في الكهرباء والماء والطرق والمواصلات والتعليم والتشغيل والصحة ، واستدعاء رموز الطاغية حسني مبارك وأعضاء لجنة سياسات الحزب الوطني إلى مواقع قيادية على رأس الحكم ، وتشكيل ظهير سياسي للدولة الصهيونية في العدوان على الشعب الفلسطيني ، ودعت إلى مقاطعة الاستفتاء على تعديل دستور 2012 ، الذي تشكلت أغلبية لجنة صياغته من عناصر الثورة المضادة ، التي أخرجت لنا دستورا تمييزيا ، يهدر مبدأ المساواة والمواطنة ، ويضع الإقطاع والديكتاتورية العسكرية ، في مكانة ربوبية إلهية أعلى من الدولة والمجتمع ، وما كان من شباب الأمة والثورة إلا مقاطعة هذا الاستفتاء الهزلي ، وقد تطورت المقاطعة العفوية في استفتاء تعديل الدستور ، إلى مقاطعة منظمة في الانتخابات الرئاسية ، وتشكلت لجنة تنسيقية المقاطعة في القاهرة ومعظم محافظات ومدن مصر الكبرى ، دعت المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية ، في جرأة وجسارة وشجاعة واقتحام لحصون الطغيان ، ظن البعض أنها غابت ، خطأ ووهما ، بتراجع الحالة الثورية وانحسار موجاتها ، ونجحت هذه اللجان التنسيقية الديمقراطية الاجتماعية في دعوة جماهير المصوتين إلى مقاطعة واسعة للانتخابات الرئاسية ، شملت البلاد بطولها وعرضها ، وجعلت النظام فرائصه ترتعد ، ومفاصله تصطك ، وهو يرى لجان التصويت شبه خاوية ، فيمد التصويت يوما إضافيا ، في سابقة تاريخية ، لم تحدث من قبل ، لعله يتمكن من حشد أية قدر من المصوتين ، ورغم الحشد والصراخ والبكاء والولولة والاستجداء الإعلامي ، ظلت اللجان خاوية ، ولم يخرج للتصويت ، في الأيام الثلاثة ، إلا سبعة مليون صوت ، نال منهم الجنرال عبد الفتاح السيسي خمسة مليون صوت ، بواقع 10 % من جملة من لهم حق التصويت ، بالضبط ، نفس النسبة التي حصل عليها الفريق أحمد شفيق ، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية 2012 ، ومن فكاهات ومساخر هذه الانتخابات ، حصول المرشح الإمعة " المحلل " على المركز الثالث ، بعد المبطلون ، فقد جاء المبطلون أصواتهم احتجاجا ما يفوق أصوات مرشح الدعارة السياسية ، في هذه الانتخابات الهزلية .
كانت هذه رسالة الجماهير المصرية للديكتاتورية العسكرية : لسنا معكم ، ولن نقبلكم قيادة للأمة والدولة ، فحارس العقار لن ولا يجب أن يحكم ويتحكم في أصحاب وقاطني العقار ، والجيوش في هذه المنزلة لا غير .
وعلى أثر نتيجة الانتخابات الرئاسية ، المشكوك في نزاهتها ، تحولت تنسيقية المقاطعة إلى تنسيقية للثورة ، نواة صلبة ، تحاول سد فراغ ، طالما تعثرت خطاها ، وعانت من غيابه الثورة ، وهي تدرك ، وعلى يقين ، أن الثورات أعياد الشعوب ، الثورة حلمنا وقدرنا ، الثورة سيمفونية ، تبدأ همسا خافتا ، لتعلو نغما راقصا ، وغناء ، هدير من صخب البحر وفيض النهر ، أعظم معزوفة في حياة الأمم والشعوب ، لابد أن يكتمل بنائها وعزفها ، بإعادة توزيع السلطة والثروة والمعرفة والخدمات ، وإعادة رسم الخريطة الاجتماعية ، لتصعد قوى ، ظلت محرومة وبائسة في قاع السلم الاجتماعي ، لتجديد الأمة المصرية ، لتتبوأ مكانتها المستقبلية التي تليق بأمة التاريخ والحضارة .
وقد بدأت رياح الموجة الثورية القادمة تهل مع عودة الاحتجاجات العمالية ، الإضرابات والاعتصامات ، وبدأت الجماهير الشعبية تكشر عن أنيابها ، وتمنع عن دفع فواتير الكهرباء ، في أولى خطوات العصيان المدني .
وحتى لا تتعثر الثورة ، وتضل طريقها ، وتتوه ، وتتخطفها ذئاب وثعالب الثورة المضادة ، من الفاشية الدينية أو الديكتاتورية العسكرية ، أو جيف الثورة الطافية ، خونتها وانتهازيها ، الذين يتهافتون على كل الموائد ، تطرح هذه الكراسة مبادرة ، وبعض الأفكار ، تستعيد للثورة بريقها وتألقها ومسارها ، عبر أحراش الثورة المضادة ومؤامراتها ، تقوم على إستراتيجية وتنظيم وآليات عمل ثورية ، تضع نصب أعينها حالة الديكتاتورية العسكرية من الضعف والتهافت والهشاشة ، وتآكل شرعيها وقوتها ، فالقوة ليست في البندقية فقط ، القوة في الفكر والقبول الطوعي والرضي الاجتماعي ، وهو ما تفتقده بالطغيان والنهب والكذب والخداع والتضليل والتحايل والاحتيال ، مبارده تستهدف تقديم برنامج للثورة ، يكون محل توافق ورضي مجتمعي ، يجدد مصر ، أمة ودولة ، بمفارقة الدولة الشمولية وهدمها ، والانطلاق إلى دولة الديمقراطية الاجتماعية ، ووضع أساسات بنائها ، وتشييد صروحها المستقبلية .
( 1 )
تجديد شباب الأمة برنامجا للثورة والتغيير
مر أكثر من ثلاث سنوات ، وهاهي السنة الرابعة تقبل ، على الانفجار الثوري ، 2 يناير 2011 التي تتدافع موجاتها ، تنجز مهاما ثقافية ، كانت ، ومازالت ، ضرورة لأنسنة الحاكم ، ونسبيته ، وإخضاعه للمسائلة والمحاسبة ، واستعادة المصريين الجرأة والشجاعة والبسالة والجسارة في مواجهة الاستبداد والشمولية ، دون أن تقترب القوى الديمقراطية الاجتماعية الثورية من البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة ، وقد آن الأوان ، أن تطرح على نفسها ، الخطوة الحاسمة :
تشكيل حكومة ثورية ، لتجديد شباب الأمة ، وقواها الحية النابضة ، دون حكومات الثورة المضادة ، تحت زعم حكومة الكفاءات التكنوقراط ، من حكومة عصام شرف وحكومات الجنزوري وهشام قنديل ، إلى حكومة الببلاوي ومحلب ، لإنجاز والاضطلاع بمهام الثورة التاريخية ، في تحديها الحضاري الجديد للطبيعة والاستبداد ، بتحويل وتطوير تراكمات الثورة السكانية ، التي فلتت ، بهدوء وأناة ، من تحت ذقن الثورة المضادة ، إلى شق مجرى جديد ، للكشف عن الكنوز المخبؤة في اقتصاد البحر والصحراء ، جنبا إلى جنب اقتصاد النهر ، لاستنطاق كنوز المياه المالحة جنبا إلى جنب المياه العذبة ، لاستنطاق كنوز الرمال جنبا إلى جنب كنوز الطين ، بطرح برنامج سياسي ، من خارج أقواس النظم النهرية القديمة ، وصياغة نظام سياسي ديمقراطي اجتماعي ، مرن ، يمكن الأمة المصرية من الاتجاه ، إلى بحورها وبحيراتها ، إلى صحرائها ورمالها ، إلى كل بقعة وشبر في أرض مصر ، دون القيد بالمركزية التاريخية الصارمة ، حول نمط الإنتاج النهري ، في شريط الوادي الضيق ، الذي خنقنا واختنقنا به ، والعاصمة التي تحتكر هياكل النظام السياسي ومؤسساته البيروقراطية ، وتطرح هذه الكراسة ، بعض الاجتهادات القابلة للحوار والتعديل والحذف والتغيير والإضافة :
ـ التحول من نظام الإدارة المحلية ،إلى نظام الحكم المحلي ، انتخاب المحافظين ورؤساء المدن والأحياء وبرلمانات المحافظات والمدن والأحياء وتشكيل حكومات من برلمانات الحكم المحلي تخضع لرقابة وتشريعات برلمانات المحافظات ، دون الوزارات السيادية ، الدفاع والخارجية والأمن ، وفق الانتخابات بالقائمة النسبية ، وإعادة التقسيم الإداري للدولة ، لتمكين كل محافظة من ظهير مائي وصحراوي .
ـ إقرار الجمهورية كلها دائرة انتخابية واحدة ، لانتخاب برلمانا مركزيا ، وفق القائمة النسبية ، يراقب ويشرع للوزارات السيادية .
ـ إقرار خانة لرافضي الانتخابات في كل عملية اقتراع ، على أن يتم فرز الأصوات على مرحلتين ، المرحلة الأولى بين المشاركين والرافضين ، وإذا نال المشاركين الأغلبية يتم استكمال الفرز بين المرشحين المتنافسين ، وإذا حصل الرافضون على الأغلبية ، تلغي العملية الانتخابية برمتها
ـ تجريم الأحزاب العنصرية العرقية والدينية والنوعية والجهوية ، وتجريم المنظمات والجماعات المسلحة .
ـ إقرار حق الإضراب والاعتصام والتظاهر السلميين ، بالإخطار ، دون تصريح ، وتكليف الأجهزة الشرطية تأمين هذه الاحتجاجات الديمقراطية .
ـ إلغاء وزارة العدل ، وإحالة مهامها واختصاصاتها وصلاحياتها ، وفي مقدمتها التفتيش القضائي ، إلى مجلس القضاء الأعلى .
ـ تحويل الطب الشرعي إلى هيئة وطنية مستقلة .
ـإلغاء وزارة الإعلام ، وتشكيل هيئة وطنية مستقلة للإعلام والصحافة .
ـ بناء جامعة عامة مجانية ، بتنسيق منخفض في سيناء ، مفتوحة لكل أبناء ، من أقصاه إلى أقصاه .
ـ شق قناة مائية ، تربط نهر النيل بالبحر الأحمر ، من أعالي أو وسط الجنوب ، وبجوارها ، وعلى ضفتيها ، طريق بري وشبكة سكة حديد .
ـ بناء أسطول سلمي للصيد والصناعات البحرية .
ـ تسيل الثروة العقارية المجمدة ، عبر إجراءات قانونية وبنكية ، ودمجها في مشروعات التنمية .
ـ فتح كافة الصناديق الخاصة ، ودمجها في الميزانية المركزية العامة للدولة .
ـ تحصيل 20 % تبرع إجباري ، من كل من تجاوزت ثروته 10 ملايين جنيه ، وتجميعهم في صندوق تنمية لاقتصاديات البحر والصحراء .
ـ تشكيل لجنة لاسترداد الأموال المنهوبة ، وإعادة تقييم الصول وقت بيعها .
ـ إعادة منظومة التركات والضرائب المتصاعدة والساخنة .
ـ حصر الشقق والفلل والقصور الخاوية ، وإعادة توزيعها على الشباب وأسر العشوائيات وأحزمة الفقر ، قاطني القبور وعشش الصفيح ، بواسطة موظفي الأحياء تحت إشراف لجان ثورية .
ـ إقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الخمس الأساسية ، دون تمييز : حق العمل والتشغيل ، حق السكن والمأوى ، حق التعليم والتعلم ، حق العلاج والصحة ، حق الضمان الاجتماعي .
ـ إقرار بدل بطالة للعاطل ، إلى أن يجد عملا ، أو توفر له الدولة عملا .
ـ تجريم وتغليظ عقوبة العمل بأكثر من عمل .
ـ إقرار الحد الأقصى للأجور ، دون تمييز ، وربط الحد الأدنى للأجور ، بالأسعار والتضخم .
ـ توحيد منظومة الخبز والتعليم والصحة ، دون تمييز اجتماعي .
ـ تغليظ العقوبة على المنشآت الاقتصادية والإدارية ، التي تتجاهل تعيين نسبة المعاقين 5% من قوة عمل المنشأة ، ودمجهم المجتمعي ، وإطلاق طاقاتهم وملكاتهم ، في المشروعات الصناعية والتكنولوجية والفكرية .
ـ إخضاع كافة هيئات ومؤسسات وسلطات الدولة ، وفي مقدمتها ، الجيش والقضاء والشرطة ، إلى البرلمان وأجهزة الرقابة المالية والإدارية المستقلة .
هذه بعض ملامح الإجراءات البرنامجية ، تطرحها هذه الكراسة ، على القوى الديمقراطية الاجتماعية الثورية ، قاعدة للنقاش ، حول تشكيل حكومة ثورية ، أصبحت ضرورة ملحة لاستكمال الثورة ومهامها ، عبر الدعوة إلى مؤتمر ثوري ، يؤسس ويكون قاعدة جبهوية من كافة أطياف الأمة لبناء دولة الثورة الديمقراطية الاجتماعية

( 2 )
المؤتمر الثوري
من الجواهر الثمينة التي كشفت عنها الثورة : أن قادة الجيش العدو الرئيسي للأمة المصرية ، يحتالون على الثورة ، بالتجويع والترويع ، بالقتل وسفك الدماء وانتهاك الأعراض ، وتجريف الحياة السياسية واحتكارها ، وأن الجنرال الطاغية حسني مبارك ـ كما الجنرال عبد الفتاح السيسي ـ لم يكن إلا واجهة تختفي وراءها الديكتاتورية العسكرية ، تخفي نفوذها ، ونهبها الممنهج ، وتحالفاتها الإستراتيجية مع الاحتلال الصهيوني ، في إطار التبعية للولايات الأمريكية ، التي تتلقى منها تمويلا منتظما كل سنة مليار و300 مليون دولار ، 650 مليون دولار أسلحة وذخائر ،650 مليون دولار سيولة نقدية دولاريه ، للحفاظ على أمن إسرائيل ، وأن شيوخ الإسلام كما باباوات الكنيسة ينحدرون من حاخامات العقيدة اليهودية العنصرية المقيتة ، وفي ظل مناخ العنف ، والقتل المتبادل ، تمتلك الثورة المضادة ، الديكتاتورية العسكرية والفاشية الدينية ، قيادة مركزية ، المجلس العسكري ، باباوات الكنيسة الأرزوكسية ، مكتب إرشاد الإخوان المسلمين ، تفتقد قوى الثورة الديمقراطية الاجتماعية ، قيادة مركزية ( هيئة أركان ) تنظم خطوات وفعاليات الثورة ، وتصيغ برامجها وتكتيكاتها ، وتوفر آليات حركتها وتضبط إيقاعها ، وقد آن الأوان لتشكيل هذه القيادة المركزية ، قيادة ديمقراطية منتخبة ، بالاتفاق والتوافق على لجنة تحضيرية ، تدعو لمؤتمر القوى الثورية ، والشبابية ، بمندوبين من القوى الليبرالية واليسار الديمقراطي ـ دون اليسار القومي الشمولي ذيل الديكتاتورية العسكرية ـ وقوى الإسلام السياسي ، التي تقبل حق الاختلاف والتعددية وتداول السلطة وحرية الإبداع والعقيدة ، والنقابات المهنية والعمالية والفلاحية المستقلة ، ومنظمات المجتمع المدني الحقوقية والخدمية ، والتكتلات الشبابية ، ليكون قاعدة مشتركة ، تحيل شرعية الثورة إلى برنامج وقوى مادية ، لبناء هياكل ومؤسسات وآليات دولة الثورة ، وينتخب قيادة مركزية تمثيلية من كافة أطياف المؤتمر ، التي لم تتورط في تأييد الديكتاتورية العسكرية والفاشية الدينية ( الثورة المضادة ) أولوياتها وعلى رأس مهامها استدعاء الجماهير من الطبقة العاملة ، بجناحيها ، الذهني والعضلي ، والفلاحين شمال البلاد وجنوبها ودلتاها والجماهير في العشوائيات وأحزمة الفقر ، حول عواصم المدن والمحافظات ، وجنود الجيش وصف ضباطه والرتب الصغيرة ، أما القوى الشبابية حاضرة في المشهد الثوري ، تقود نضالاتها وفعالياتها في الميادين والجامعات ، وتشكيل لجان شعبية ديمقراطية ثورية ، في المحافظات والمدن والقرى الكبرى .
اللجان الشعبية الديمقراطية الثورية
إن الثورة تمر بأسوأ منحنى عفن ، تستعيد قوى الثورة المضادة ، بجناحيها ، العسكر والإخوان ، كوابيسها بالعودة إلى الماضي وحياة البداوة والقشلاقات ، وأخطر لحظة حاسمة في تاريخ الأمة المصرية ، صراع ضاري خرج بالثورة عن مسارها السلمي ، إلى الاقتتال ونصب الفخاخ ، وتلغيم أوصال الحدود المصرية ، في الغرب والجنوب والشمال الشرقي ، بين الديكتاتورية العسكرية وجماعات الإسلام السياسي ، صراع أفيال يميت العشب ، والطبقة الوسطى دائما عشب الأمم ، والفقراء ملح أراضيها ، وما على العشب والملح إلا أن يتحولا إلى سنون مدببة ورءوس رماح تخترق أقدام الأفيال ، تجرحها وتدميها ، وتشل قدرتها على الحركة ، وتستعيد المبادرة للمشاركة الثورية والديمقراطية الاجتماعية ، الديكتاتورية العسكرية أمامكم ، والفاشية الدينية وراءكم ، ولا مفر ، من خوض النضال الثوري ، وبناء لجان شعبية ديمقراطية ثورية ، في الأحياء والمدن وعاصمة البلاد ، وعواصم المحافظات ، لجان منضبطة تحقق المرونة الديمقراطية ، مرونة وإيقاع قصيدة النثر ، قائمة على الاختيار الطوعي ، توزع الأدوار والمهام ، وتحدد التكليفات ، الفنية والمعلوماتية والعملياتية ، وتكون ، دائما ، متأهبة ، جسورة ، لقيادة موجة ثورية قادمة ، تلوح في الأفق ، كي لا تقع الموجة الثورية وقواها الحية ، مرة أخرى ، فريسة للعسكر والإسلام السياسي ، الذين يتناوبون القصور الرئاسية ، ويتبادلون القتل والنهب والنحر وسفك الدماء .
عندما هبت الموجة الثورية الأولى يناير 2011 ، كانت تعتمل في صدور المصريين ، تجمعت سحبها وتراكمت سنوات ، من الظلم والجور ، من الاستبداد والطغيان ، من النهب والقهر ، من الفقر والبؤس والشقاء ، ضاقت الحياة بالمصريين ، اسبدادا وفسادا ، فقرا وتفاوتا ، بطالة وبؤسا ، حرقا وغرقا ، تهميشا وتدميرا ، طعينا وجباية ، تهجيرا وتطفيشا ، ذلا وانكسارا ، كآبة وحزنا ، خوفا ورعبا ، استخفافا واستهانة ، فانفجر الغضب الثوري ظهر الجمعة 28 يناير 2011 ، غضب فيروزي ، عفوي وتلقائي ، ساطع ومتأجج ، يكتسح حصون الطغاة والطغيان ، نعم ، حاجز الخوف انكسر وزال ، لكن بحيرة الحياة السياسية كانت راكدة .. جافة ومتشققة ، وهذه كنت ، ولازالت ، أحد أهم مهام الديكتاتورية العسكرية : تجريف الحياة السياسية أو تشويهها والهيمنة على تنظيماتها ، وهذه أزمة الثورة غياب الوعي النظري ، وغياب الوعي التنظيمي الثوري ، أزمة هيكلية لمسار ومسيرة الثورة ( تكتيكا واستراتيجية )
الظرف الموضوعي للثورة ، محليا وإقليميا ودوليا ، كان ناضجا ومكتملا ، إلا أن الظرف الذاتي كان في أسوأ حالاته ، تكتلات شبابية تكونت على وجه السرعة ، معظمها من عناصر يغلب عليها الهواية كطابع عام ، دون خبرة سياسية أو تنظيمية وثقافية ، سيطرت عليها نزعات نرجسية ، غذتها الثورة المضادة " الديكتاتورية العسكرية والفاشية الدينية " لتتمكن من اختراق وقيادة الأمة في إتجاه وأد الثورة ، ليتناوبوا السطو على السلطة واغتصاب الثروة .
وطوال السنوات التي مضت من عمر الثورة ، تشقق حلف الثورة المضادة وتفكك ، الديكتاتورية العسكرية والفاشية الدينية ، ومال ميزان القوى المنظمة في اتجاه الثورة ، اكتسبت عناصرها وقواها الحية خبرات فكرية وتنظيمية وثقافية ، وقد أصبح مطروحا على هذه العناصر والقوى ، التجمع في أشكال وأوعية ، كقضية ملحة ، تنظيمية جبهوية جنينية " لجانا شعبية " تنسيقيات للثورة ، في عواصم المحافظات والمدن الكبرى والقرى ، لنتدرب على الديمقراطية والحوار وحق الاختلاف ، للوصول إلى رؤى مشتركة ، وقرارات وإجراءات ثورية ، نضعها موضع التطبيق والتنفيذ ، نستنهض بها ثورتنا ، ونعمل على إعادة توزيع السلطة والثروة والمعرفة والخدمات ، في إطار الحرية والمواطنة والمسوة وتكافؤ الفرص ، ولنكن على أهبة الاستعداد ، لاستقبال لحظة الانفجار الثورى القادم ، والموجة الثورية التي تتجمع سحبها ، وتلوح في الأفق يوما بعد يوم ، ولتكن اللجان الشعبية " تنسيقيات للثورة " لكسر حلف جنرالات الجيش ورجال الأعمال ثروة الأمة وسلطتها ، ويقطع السيسي بالبندقية والمدرعة طريق الحياة ، ويستكثر الفتات على الطبقات الوسطى والدنيا ، وما على هذه القوى الاجتماعية إلا الدفاععن حقها في الحياة والمستقبل ، بالغضب والخروج في موجة ثورية عاصفة ، تستوعب دروس وأخطاء الموجات الثورية السابقة ، فليس لدينا ما نخسره ، وليس لدينا ما نخاف عليه أو منه ، جنرالات الجيش والشرطة وقضاة الديكتاتورية العسكرية ورجال الأعمال وفقهاء السلاطين ، لديهم ما يخسرونه ، ويخافون عليه ، ثرواتهم المنهوبة ، وسلطاتهم ، ونفوذهم ، وقصورهم ، وأرصدتهم في البنوك والبورصات .
الجيوش تقوم أول ما تقوم ، على العقيدة القتالية ، وتحديد العدو المنظور ، والعدو المحتمل ، وإذا لم تمتلك الجيوش ، هذه العقيدة ، تحولت إلى عصابة مسلحة ، أو جماعة من البلطجية ( الإنكشارية الشراكسة ) تنهب ثروات شعوبها ، وتجبي الإتاوات من مواطنيها ، ومنذ استسلم الجيش المصري ، وعقد اتفاقية " كامب ديفيد " وأدار فوهات مدافعه بعيداعن الصهيونية ، عدو الأمة التاريخي ، لم نعد نعرف له عدوا منظورا أو محتملا ، ولم نعد نعرف إلى أين تتجه فوهات مدافعه وبنادقه ، إلى أن شرعت الديكتاتورية العسكرية ، تنكل بالمصريين ، قتلا وتريعا وتجويعا ، في ميدان التحرير ، وميادين الثورة ، باغتصاب السلطة ، واحتكارها ، ونهب ثروات الأمة ، واستنزاف قروش مواطنيها الزهيدة ، وتقديم فروض الطاعة والولاء لصنوق النقد ( النهب ) الدولى ، في هذه اللحظات بدأت تتكشف وتتضح ، إلى أين تتجه فوهات بنادقه ومدافعه ؟ الديكتاتورية العسكرية ، رأس الثورة المضادة ، تنتقم من الأمة المصرية على ثورتها الديمقراطية الاجتماعية ، وتشن حربا شرسة : تقتل ، تسجن ، تروع الشباب والشيوخ والنساء ، وتستبيح سفك الدماء ، وفقع العيون ، وبتر الأطراف ، ترفع أسعار سلعها وخدماتها ، تضطهد أطباءها ، وتطارد أساتذة وطلاب جامعاتها ومعلمي مدارسها ، ويطرح مفكريها ومنظريها ، الدعوة لنظيمات قتل الأطفال ، أطفال الشوارع ، والشباب الثوري ، تكذب وتبيع الأوهام لمرضى الأمة ومعاقيها .. تنهب ثرواتها للأجهزة الأمنية التي تؤمن سلطتها وقصورها ..تنشر الفاقة والبؤس والبطالة والعنوسة والأمية والعوز والخرافة والجهل وتضع الأمة على حافة الحرب الأهلية .. تستبيح القانون والتشريع وتدمر السلطة القضائية باستخدامها أداة في الثورة المضادة .. تصنع من نفسها دولة فوق الدولة والأمة المصرية .. تحتكر السلطة والثروة ومفاتيح القوة والمعرفة والخدمات .. تحيل المواطنين إلى كائنات مشوهة وممسوخة بالتخويف والقمع والتعذيب .. تكذب وتخلف وعودها ، وأصبح السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : كيف تسترد الأمة سلطتها وثرواتها ومعارفها وخدماتها من مخالب وأنياب الديكتاتورية العسكرية ؟

( 3 )
العصيان المدني العام
من الجواهر الثمينه التى كشفت عنها الثورة : أن قادة الجيش العدو الرئيسى للأمه المصريه ، يحتالون على الثورة ، بالتجويع والترويع ، بالقتل وسفك الدماء و إنتهاك الأعراض ، وتجريف الحياه السياسيه واحتكارها ، وأن الجنرال الطاغيه حسنى مبارك _ كما الجنرال عبد الفتاح السيسى _ لم يكن إلا واجهة تختفى وراءها الديكتاتوريه العسكرية ، تخفى نفوذها ، ونهبها الممنهج ، وتحالفاتها الإستراتيجيه مع الإحتلال الصهيونى ، فى إطار التبعيه للولايات المتحده الأمريكيه ،التى تتلقى منها تمويلا منتظما كل سنة مليار و300 مليون دولار أسلحه وذخائر ، و650 مليون دولار سيولة نقديه دولارية ، للحفاظ على أمن اسرائبل ، وأن شيوخ الإسلام كما باباوات الكنيسة الأرذوكسية ينحدرون من حاخامات العقيده اليهودية الصهيونية المقيته ، وتحرير الأمة المصرية يقتضي العصيان المدني العام ، والعصيان المدني العام أرقى أداة مقاومة ثورية سلمية ، آلية للاحتجاج والتمرد والثورة ، المظاهرات والاعتصامات والاضرابات مقدمات للعصيان ، تلجأ إليها الأمم والمجتمعات ، عندما تستحيل الحياة بنفس الأساليب والطرق التقليدية السائدة ، تخاصم المجتمعات دولها ، بمؤسساتها وهياكلها وأنساقها ، وتهدمها ، لتحل محلها أبنية وأنساق وانحيازات اجتماعية جديدة ، تصعد قوى اجتماعية ، وتهوى قوى اجتماعية ، تغيير في مواقع السلطة والثروة والمعرفة والخدمات ، لصالح القوى المنهوبة والمسلوبة والمستغلة البائسة المحرومة المقموعة .
وفي مصر ، تفاقمت وتراكمت أسباب الغضب والعصيان ، مازالت أسباب الثورة كامنة في بنية المجتمع وقائمة ، مازال العاطل عاطلا ، مازال الجياع جياعا ، ، مازال المرضى مرضى ، ومازالت المهمشات تقلبن قروشهن الزهيدة ـ بحسرة ـ في الأسواق ، ومازال معظم الأباء يعجزون عن تدبير مصروفات ونفقات مدارس أبناءهم ، مازال ألوف وملايين الأطفال والصبية يتسربون من التعليم الإبتدائي والإعدادي ، ويساقون إلى الورش والمسابك والمخابز والميكروباصات ، تتلقفهم ساحات الجريمة والمخدرات الرخيصة ، مازالت العنوسة وعدم القدرة على التكاثر وبناء بيت وأسرة ، مازال قاطني الإيواء والقبور والجحور والغرف الوحيدة ودورات المياه المشتركة ، مازالت معدلات الطلاق والإنفصال وانهيار الأسر ترتفع وتتصاعد ، مازالت نساء أحزمة الفقر تتشابكن وتتصارعن على الخدمة في بيوت الأغنياء والأحياء الراقية ، وتدفعهن الحاجة والعوز إلى سوق النخاسة والبغاء ، مازال عمال المياومة يعودون خاوي الوفاض من أرصفة العمل ، مازالت رواتب أرباب المعاشات تنفذ رواتبهم فور استلامها ، مازالت أرصفة البطالة مآوي خريجي الجامعات والمعاهد العليا ، مازال المصريون ، في أحزمة الفقر ، يبيعون أكبادهم وكلياتهم وقرنية عيونهم ، مازلت الخريطة الطبقية ، كما هي ، لم يقترب منها دستور الديكتاتورية العسكرية ، بل يحصنها ويعيد إنتاجها تمييزا ونهبا واستغلالا وفسادا وطغيانا واستبدادا ، مازالت الشرطة أداة للنظام والحكام للبطش بالنشطاء المختلفين والمناضلين ، مازال الجيش رديف للشرطة عندما تتعثر وينالها غضب المجتمع ، مازالت السجون تضم زنازينها عشرات الآلاف من الثوار والمواطنين بأحكام عسكرية وغير عسكرية ، ومازالت الدولة ، في تشريعاتها ، تفتقد البصر والبصيرة ، لا تنظر وترى إلا الطبقات العليا المتخمة ، الذين ينعمون بما انجزته البشرية عبرمسيرتها البشرية ، وتغض النظر عن الفقراء المهمشين الذين يئنون ويتوجعون ويتألمون ، مذلون مهانون .
هذه الأوضاع مدعاة للغضب ، وفي ظلها ، يسكب السيسي البنزين على النار ، يؤجج الحرائق في جسد الطبقات الدنيا والوسطى ، يلغى الدعم ، يرفع الأسعار ، وتتهاوى العملة المحلية بمقدار 40 % أمام الدولار ، لتشتعل نار الحاجة والعوز في فقراء الأمة وكادحيها ومهمشيها وطبقتها الوسطى ، ليلبي شروط البنك وصندوق النقد ( النهب ) الدولى ، يعيد إنتاج لتبعية والطغيان ، بالقتل وسفك الدماء وانتهاك الأعراض ومطاردة أصحاب الفكر والرأي وملاحقة المناضلين والنشطاء بالسجن وتلفيق الاتهامات ، استبداد لم يشهد تاريخ البشرية مثيله ، يفوق استبداد هتلر وموسوليني والحجاج وسفاح الدولة العباسية مجتمعين .
والدعوة إلى العصيان المدني العام ، لمقاومة الطغيان والطغاة والنهب والسلب ، واسقاط مغتصبي السلطة والثروة ، بالعنف والإكراه ، والتجويع والترويع ، بفوهات المدافع والبنادق وإرهاب الدولة الشمولية ، هذه الآلية ، تبدو من أول وهلة ، ومن على السطح ، أداة مقاومة سلبية ، يجيدها المصريون ، فهي ثورية سلمية ، كالسرطان تنخر في عظام وأحشاء الديكتاتورية العسكرية والفاشية الدينية حتى تأتي عليهما جثثا هامدة ، والإضرابات والاعتصامات والمظاهرات آليات ثورية ضرورية تسبق وتصاحب العصيان ، لاسقاط الدولة الشمولية وسلطة الاستبداد والنهب والفساد ، التيخندق وتتمترس بالديكتاتوريةالعسكرية ، وتضع الفاشية الدينية أحجار عثرة في طريق الثورة .
وهذه الدعوة للعصيان المدني العام ، أصبحت ضرورة ثورية ، وأداة مجتمعية ثورية ، لتفعيل الثورة ، وتطوير آلياتها ، وتقتضي تشكيل مجوعات ثورية ( لجان ثورية ) بمثابة تنظيم وعمود فقري وقيادة للثورة ، تباشر أعمال الدعوة وتتابعها ، برنامجا ومهام ، سياسية ، تنظيمية ، اقتصادية ، إعلامية ، اجتماعية ، وهي تضع نصب أعينها ، أن العصيان يبدأ لحظة استحالة الحياة مع النظم الشمولية ، وقد يكون متدرجا ، لكنه بالتأكيد لا ينتهي ولا يجب أن ينتهي إلا بتحقيقأهدافه وغاياته : اسقاط وهدم الدولة الشمولية ، دولة الغزاة والكهنة والطغاة .
إبراهيم الحسيني
10 فبراير 2015



#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى مينا دانيال وشهداء مذبحة ماسبيرو
- ملامح من نظرية الثورة المصرية
- مقدمة في نظرية الثورة
- الثورة المصرية في ظل العولمة
- السكان قنبلة نووية
- الثورة وقصيدة النثر
- الاصطفاف الثوري
- المؤتمر الثوري
- طريق الثورة ( تنسيقية الثورة )
- أفول الديكتاتورية العسكرية
- رسالة إلى القوى الديمقراطية الاجتماعية الثورية
- الجثة
- كشف الغمة
- الحماقة
- استعادة الثورة
- الفريسة والصياد
- العار
- أسد على ..
- المقاومة والمصالحة
- العصيان المدني العام


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - إبراهيم الحسيني - كراسة - مقدمة في نظرية الثورة ( تجديد مصر )