|
ضربة شبعا والتراجع الاسرائيلي
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4707 - 2015 / 2 / 1 - 00:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ضربة شبعا والتراجع الاسرائيلي ********************** ربما كان الاخوة في بلاد الشام ، وخاصة الفلطسينيين واللبنانيين قد تابعوا وواكبوا بملء نشوة النخوة العربية الذابلة ضربة حزب الله الأخيرة لأسطورة التفوق العسكري الاسرائيلي . وهي الضربة التي مرت حسرة وسعيرا على القيادة الاسرائيلية المتهورة المريضة بعقدة التفوق الأبدي . فكتبت كل جرائده عن هذه الضربة الموجعة ، وحلل كتابها وصحفيوها أبعاد الضربة وخلفياتها ونتائجها المؤقتة ، على اعتبار أن الرد على الرد سييأتي حتما ، وهو ما عبر عنه نتنياهو بنفس سمفونية الحكام العرب المشروخة "نحتفظ بحق الرد في الزمن والمكان المناسبين " . وقد صار هذا التعبير لدينا نحن العرب مؤشر ضعف وانحطاط . غير أن الكتاب والصحفيين من أقطار عربية أخرى ، وخاصة المربع الخماسي لدول المغرب العربي لم يولوا القضية كبير اهتمام ، رغم أهميتها الاستراتيجية القصوى . وحتى وان تمت مقاربة الضربة ، فان المقاربة لم تعد كونها مجرد ترديد ونسخ للمعطيات المحسومة منذ عقود ، كالتهليل لكل بادرة عسكرية عربية ، والتصفيق لاذلال اسرائيل من قبل قوة عربية ، سواء كانت منظمة أو دولة . الأمر الذي يدلل على أبعاد خطيرة في انحسار الوعي العربي الى مستويات لا تخدم قضية العرب الأولى ، وهي الصراع العربي الاسرائيلي ، وفي قلبه قضية أرض فلسطين المتآكلة ضد الشرعية التاريخية والدولية . منذ الصور الأولى للقافلة العسكرية التي أصابتها ست صوارخ من نوع "كورنيط" المطور ة، فاجأني مستوى الأضرار التي لحقت بالعربات العسكرية ، اذ تساءلت مع نفسي وأنا اشاهد العربة المتوسطة هل ما زال الجيش الاسرائيلي يستعمل سيارات "فولكزفاجن " الألمانية ذات الشكل الحلزوني ؟ . قبل أن أتمعن جيدا وأتبين أنها من نوع السيارات المتوسطة ك" نيسان " ذات الخلفية العارية . ثم توالت صور باقي الحافلات ، التي أصيبت بشبه ذوبان ، بعد احتراق هائل . وهو ما يؤكد أن الصواريخ المستعملة في هذه العملية صواريخ قوية ، لاتكتفي باحداث أضرار بسيطة ، بل تدمر الهدف تدميرا شاملا . وهذه رسالة قوية لنوع الأسلحة التي يمكن لاسرائيل أن تواجهها مستقبلا ، اذا فكرت في دخول حرب تدميرية كما يشيع ويصرح قادتها العسكريون والمدنيون ، مع العلم أن القادة الاسرائيليين هم جميعهم ذوو عقيدة عسكرية . وقد كانت نوعية الصواريخ وقوتها التدميرية كافية ، لردع الجانب الاسرائيلي عسكريا من الاقدام على أي مغامرة قد تزيد من كشف عورته . كما أن قتل اثنين من الجنود الاسرائيليين وهو العدد الذي تم الاقرار به من الجانب الصهيوني ، أحدهما ضابط من قوة غولاني الخاصة ، وجرح ستة لا تعرف بالضبط مستوى جروحهم واصاباتهم ، واكتفاء اسرائيل بالرد المباشر عبر القصف العشوائي على بعض القرى اللبنانية المجاورة حيث تم اغتيال أحد الجنود الاسبان من قوة اليونيفيل الدولية . ويعتبر البيان الأول الذي أصدره حزب الله ، وهو البيان الذي لم يعقبه للآن بيان ثاني ، تكتيكا حربيا يعتمد على الجانب النفسي أكثر من اعتماده على الجانب اللفظي التهويلي كما هو شأن مجمل الحكومات العربية . وبذا تتبدى جاهزية وجهوزية حزب الله لخوض أي حرب قد تفرضها عليها اسرائيل . فواجب الرد على عملية القنيطرة التي ذهب فيها ستة من جنوده وعسكري ايراني رفيع ، هو حق مشروع . لكن أي تمادي في الحماقات الاسرائيلية قد يكلفها الكثير رغم الخسائر التي قد تتكبدها البنية البشرية والتحتية اللبنانية . وهذا ما قرأته اسرائيل والتزمت به الى حد الآن . وهو عكس ما صرح به وزير الدفاع الاسرائيلي "موشي يعلون " قبل أسابيع قليلة ؛ حيث هدد باعادة لبنان الى ما قبل التاريخ ، وذكرها بما حدث له سنة 2006 ، وهو نفس التذكير الذي ردده رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو . وقد مرت العملية رغم قسوتها بسلام الى الآن ، وحسب الحسابات الاستراتيجية الدقيقة ،فان الرد الاسرائيلي لن يكون في الأجل المنظور ، خاصة وأن ضربة شبعا الأخيرة جاءت تنفيذا لتعليمات ايرانية مباشرة ، بعدما أرسلت طهران رسالة احتجاج الى واشنطن والتي وعدت فيها بالرد السريع ، الذي لم يتأخر الا أقل من 24 ساعة عبر ذراعها اللبناني . لتقرأ الرسالة في العواصم الغربية عامة ، وفي واشنطن خاصة ، قراءة جد دقيقة . الأمر الذي لم نسمع معه أي تنديد بالعملية من قبل باريس أو لندن او واشنطن . بل عملوا على الدعوة الى ضبط النفس واتقاء شر ردود الفعل . نحن اذن اليوم أمام توازن رعب بصيغة عربية ، وليس بصيغة غربية كما درجت دروس العلوم السياسية والعسكرية على ذلك منذ بداية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي . وهو توازن تضمنه قوة اسلامية اقليمية ؛ هي ايران . اسرائيل عاجزة اليوم عن مواجهة أي قوة قد تضر بها ، سواء حماس او حزب الله ، أو اي قوة أخرى معادية . وهي لن تتحمل في ظرف 15 سنة انتكاسات عسكرية اضافية تزيد من اذلالها وكشف عورتها . وهو ما صرح به قبل الضربة نائب الأمين العام لحزب الله السيد نعيم قاسم " "لكن إسرائيل ليست في وضع يسمح لها لفرض برنامجها ومعادلاتها ولا تستطيع اخضاع المنطقة لحساباتها فهي أعجز من أن ترسم خطوات جديدة وقواعد جديدة." . وهي نفس الؤية التي ذهب اليها العديد من المحللين العسكريين الاسرائيليين انفسهم ، حيث يرى المحلل الاسرائيلي "تسفي برئيل "مثلا " :" أن فتح جبهة واسعة على الحدود اللبنانية هو أمر خطير" . والأخطر منه أن يفاجأ الجانب الاسرائيلي بأنواع من الأسلحة التي يتوجس خيفة من امتلاك حزب الله لها . فحزب الله أصبح يمتلك من النضج العسكري ما لاتمتلكه مجمل الدول العربية ، التي تساقطت أوراق قواتها العسكرية عند أول اختبار ، لايمكن أن نقول انه صعب ، بقدر ما يمكن أن نجزم أن بنيتها العسكرية جد هشة وضعيفة . ولنا في جيش كل من العراق وسوريا واليمن أكبر شاهد . يبقى أن أشير أن هذه المقاربة جاءت قبل الاستماع الى خطاب السيد حسن نصر الله الذي فاجأني على مستويات عدة ، وهو ما اعتبرته خطابا استراتيجيا ، حتما سيدرس في المدارس العسكرية الغربية ، وخاصة المدرسة الاسرائيلية .وهو ما يغريني بالكتابة عنه قريبا .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سفر الذل والهوان
-
شكرا للحلم -قصة-
-
نحو مجتمع فاعل وسياسة منتجة
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -12-
-
المغرب وسياسة الافلات من العقاب
-
جرائد ليست للقراءة-4-
-
المنهج الصحيح في الرد على كل ما هو قبيح
-
المعادلة الانسانية الغائبة
-
حكام يحتقرون شعبهم علنا
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -11-
-
عودة الأنظمة القديمة
-
النفاق السياسي بالمغرب
-
تقبلي كوردة عطري
-
استسلام عاشق
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -10-
-
من صدام الحضارات الى صراع الحارات
-
الفيضانات تجرف مصداقية مسؤولي الدولة المغربية
-
زينب الغزاوي ،أو كم هي الحقيقة قوية ؟؟؟
-
الانقطاع الزمني ووأد السلالة الفكرية المغربية
-
استعدوا أيها العرب ، عودة الديكتاتورية بكل عنفوانها
المزيد.....
-
مقتل 12 فلسطينيا في غارات إسرائيلية خلال الليلة الماضية على
...
-
نتنياهو يخاطب الكونغرس في واشنطن... هل يلتقي بايدن؟
-
خبير يتحدث عن -أكذوبة- إثيوبيا حول سد النهضة لتوجيه رسالة لم
...
-
بيسكوف: لم نتخذ أي قرار حول إنشاء منطقة فدرالية جديدة تضم دو
...
-
هل هي زلة لسان؟.. المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: لإسرائيل
...
-
مصر.. التحقيقات تكشف عن شخص مقرب جدا من -سفاح التجمع- شهد 3
...
-
لافروف: مجموعة -بريكس- تدرس نحو 30 طلبا للتعاون من مختلف بلد
...
-
وزير الدفاع السويدي: إجراءات الصين ضد الفلبين في بحر الصين ا
...
-
صحيفة إسرائيلية: طريقة عمل -حزب الله- تكشف نقاط ضعف في المنظ
...
-
-إيلات- و- إيزنهاور-.. خبير مصري يتحدث عن نقاط ضعف كشفها الم
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|