أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر السوداني - السخرية في شعر جابر السوداني















المزيد.....

السخرية في شعر جابر السوداني


جابر السوداني

الحوار المتمدن-العدد: 4704 - 2015 / 1 / 29 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


السخرية في شعر جابر السودانيّ
دكتور كريم عبد الحسين الربيعيّ
شعر السخرية ليس من مبتدعات الشعراء المعاصرين ، بل جذوره قديمة في التراث العربي ، ولعلَّ الشاعر العباسيّ ابن الروميّ يعدّ أحد أئمة شعر السخرية ، وليست السخرية هي شعر الهجاء أو أنها جزء منه ، بل هي فن مستقل الى حدّ ما ولكنها تلتقي مع الهجاء حينما تعدّ من ضمن صور الهجاء أو أحد أنواع أو أقسام الهجاء وهذا النوع يسمى بالأسلوب الساخر الكاريكاتوري الذي يتفنن فيه الشاعر بإلصاق الصفات المثيرة للسخرية بالشخص المهجوّ ، ولكنها تفترق أحيانا عنه من جهة الوظيفة؛ لأن السخرية في وجه من وجوهها يقصد منها الدعابة والإضحاك.
كما ينقسم الشعراء في مجال استخدام السخرية على فريقين :
فريق اتخذ من السخرية أسلوبا في شعره فتجلت في كل شعره ، ولعلّ من أبرز الشعراء الذين يمثلون هذا الفريق هما الشاعران نزار قباني من سوريا ، وأحمد مطر من العراق، فالسخرية في شعر هذين الشاعرين غزيرة جدا.
وفريق آخر أفاد من السخرية في بعض أشعاره للنقد والاعتراض ، فنجد عنده قصائد ساخرة هنا وهناك في دواوينهم.
كما أن موضوعات السخرية أيضا متنوعة ، فمرة يسخر الشاعر من فرد واحد ، أو من جماعة ، ومرة تكون السخرية من ظاهرة اجتماعية أو سياسية وغيرها من الظواهر.
ولعلَّ الشاعر جابر السودانيّ واحد من الشعراء الذين طرقوا هذا الفن واللون الشعريّ فاعتاده ولكن ما يميز شعر السخرية عنده هو الآتي:
1- سخريته هادفة فهو يقتنص موقفا من الذاكرة عاش فيه الشاعر يتصل بالحاضر الذي لم يختلف من وجهة نظره عما حصل في الماضي من تناقضات حتى صار ماضيا مستمرا غير منقطع كما في سخريته من رجال ذكرهم بأسمائهم فهم مازالوا يمارسون حياتهم كما كانوا في الماضي أيام الحكم الفاشي يتنعمون بخيرات التغيير الذي حصل في العراق .
2- سخريته واقعية جدا ولذلك خلت من التعابير المتكلفة والمصطنعة.
3- سخريته جريئة حتى كأنه خرج عن طريقة شعراء شعوب دول العالم الثالث الذين اعتادوا أن يتستروا خلف قناع هذا اللون من الشعر حين ينتقدون أوضاعا سياسية بشكل غير صريح.
4- تشتمل سخريته على ألفاظ موحية ، وقد أحسن توظيف العناصر اللغوية في هذا الموضوع.
كما أن أسلوبه في السخرية يميل الى السهولة في الاسلوب والبساطة في التعبير والصياغة ووراء ذلك سبب هو قصد إيلام المسخور منه.
ولعلّ من الموضوعات التي طرقها الشاعر السودانيّ في سخرياته هو موضوع السخرية من ( شعراء اليوم ) وهو يضمّ في أثناء سخرياته حالة من الاعتداد بنفسه وبشعره وشاعريته ، وحالة ألم إزاء أولئك ( المتشاعرين ) الذين تنحني لهم الرؤوس نفاقا وتملقا في الوقت الذي هم مجدبون أو لا يكادون يعرفون أبجديات الشعر.
وأول ما يطالعنا في مجموعته الشعرية ( مقامة العطش ) مما يخصّ هذا اللون من الشعر قصيدة عنوانها ( شويعرة ) وهو تحقير لكلمة ( شاعرة ) والعنوان يفصح عن استهجانه للمسخور منه للإمعان بتحقيرها ، ولا أعرف لِمَ لم يلجأ الشاعر الى لفظة ( شُعرورة ) التي هي أخسّ وأدنى مرتبة من ( شويعرة ) وهي من الألفاظ التي عدُّت من معايير النقد القديمة عند العرب المتقدمين، وفي هذه القصيدة ينقل لنا الشاعر معاناته وبرمه من هؤلاء المتشاعرين الذين يخوض معهم الشاعر السودانيّ تجربة التواصل في عالم افتراضي وهو ما يسمى بــ( الفيس بوك ) فيبدأ قصيدته بشتم ( الشويعرة ) ورميها بـ( السفه ) وانها قد أوهمت بأنها ( شاعرة ) بسبب أولئك المتملقين الذين يدفعهم ( الشبق ) نحوها فيقول:
(( سفيهة أوهمها المتدافعون حولها
لغاية في نفس يعقوب ))
ثم أنحى عليهم باللائمة أي على ( المتدافعين حولها ) لأنهم منحوا هذه ( الشويعرة ) في تعليقاتهم ( الفيسبوكية ) ألقابا كــ( شاعرة القرن ) و ( خنساء زمانها ) فيسمها الشاعر بأقبح الوصف حتى يشبهها بـ( كلبة ) تستعوي ( المعلقين ) لها وهم ( المتدافعون حولها ) فيقول :
(( فانتفخت أوداجها جهلا
تطلُّ كل ليلة في النت
تستعوي المعلقين مثلما
تستعوي بنات آوى
ثلة الكلاب
ليطرحوا ما ادخرت
بطونهم من وضر وقيح ))
وفي قصيدة ثانية عنوانها ( شاعر صفيق ) خاطب فيها ( شاعرا ) وانهال عليه بالشتائم ، ولكنه كما يبدو لا يسخر من شاعريته بل سمَّاه ( شاعرا ) الا أنه وصف شعره بــ( الهذيان ) و ( خواء المضمون ) وأعاب عليه ( تمجيده ) لأناس لا يستحقون هذا التمجيد فيقول :
(( من أين تجيءُ بهذا الكمّ الهائل
من هذيان فصول قصائدك
الخاوية المضمون ))
وفي قصيدة أخرى عنونها بــ( يوميات شاعر ) نجد الشاعر يضيق بالقدر ويسخر منه وهو قدر الشاعر أي شاعر ، ففيها يشير السودانيّ الى أنه دائم المرور من أمام بناية الاتحاد العام للأدباء والكتاب فتثيره وتزعجه تلك ( اليافطة ) السوداء التي تُرفع بين حين وآخر على جدار البناية لتنعى أديبا أو شاعرا ، فتبعث في نفسه القلق من ذلك المصير الذي هو نهاية المطاف للشاعر الذي يقترن عمره بعمر هذه ( اليافطة ) انها سخرية من القدر المحتوم فيقول فيها :
(( أطالع بصمت عبر زجاجة الحافلة الكالح
يافطة تنعى شاعرا آخر
عاش مع المرض صراعا مريرا ومات
تنتابني حسرة الخاسرين
حين يقترن عمري بعمر يافطة شحيح
ستمحو معالمها عاجلا شمسُ العراق ))
وفي مجموعته الجديدة التي هي قيد النشر الآن قصيدة تحمل عنوانا ساخرا قصد منه التهكم كما يبدو من عنوانها ( شاعر معاصر ) وفيها يعيب على المسخور منه ، أنه لم يسمع له بيتا يتيما أو قصيدة وحيدة ، ولم يرَ له شيئا مما يمكن أن يثبت شاعريته في مجلة أو جريدة ، فيقول في ختامها :
(( لكنني تعودت أن أراه هو
متسكعا مع المتشاعرين
يعاقر الخمر الرخيص على قارعة الخيلاء العجيب ))
فيصلُ الشاعر بسخريته منه الى أعلاها حينما وصفه بـ( المتشاعر ) وهي آخر مرتبة لوصف شاعر بذم شاعريته كما ذكر نقاد العرب الاوائل ، فالمتشاعرون والمسخور منه واحد منهم يتكلفون قول الشعر أو يظهرون أنفسهم أمام الآخرين أنهم شعراء ، والأمر خلاف ما يعتقدون أو ما يظهرون .
وفي نهاية المطاف يبقى الشاعر ( السودانيّ ) معتدا بنفسه وبشاعريته التي يرى أنها ضائعة وسط ضجيج المتشاعرين والمتدافعين حولهم والمتملقين ، ودفاعا عن نفسه وشاعريته يقول في مجموعته الجديدة من قصيدة عنوانها ( ثنائية ) مصورا ذلك الاعتداد :
(( شاعر أنا
عصيّة على الموت لغتي
تفيق من كبوتها دائما
وتعبر صحارى القطيعة
بين وجهك ووجهي )).



#جابر_السوداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسباب القطيعة بين القصيدة الفصحى والمتلقي
- أديبة
- سبايكر
- وئام مسائي نص مشترك جابر السوداني العراق ليلى حمو المانيا
- أشباح نص مشترك جابر السوداني العراق ليلى حمو المانيا
- أسف نص مشترك جابر السوداني العراق ليلى حمو المانيا
- ملكة النحل
- التونسية
- رقصة الحصاد
- خرافة الازمنة
- أحلام
- أناجيك من بعيد
- تهنئة للعالم الآخر
- تبليسي
- قلق
- الخرطات التسعة
- مرثية الارض
- شكري بلعيد
- انبهار
- عودة روح


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر السوداني - السخرية في شعر جابر السوداني