إلياس مرقص, من أجل الانسان الفرد و الحرية.

خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 4701 - 2015 / 1 / 26 - 04:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

على وقع قذائف الشيخ زهران علوش على احياء دمشق انتقاماً (كما صرح) لضحايا مجزرة حمورية و الغوطة بالأمس نتيجة لامتداد قصف نظام الأسد لأزناب المؤامرة الكونية (كما أعلن) المتواجدين في المدن و القرى سورية و رداً (كما هو واضح) لاغتيال القادة الايرانيين و قادة حزب الله اللبناني قرب القنيطرة بقصف الطيران الاسرائيلي, في وقت يتناوب طيران التحالف الدولي بمداعبة تنظيم الدولة (الاسلامية) في الشام و العراق, داعش, و على تجريب ترسانته العسكرية من طيران و صواريخ و قذائف و حرب الكترونية و قنابل يورانيوم منضب, و على وقع قطع رؤوس المدنيين و الناشطين السياسيين و الاعلاميين و اعتقال و تغييب مناصري الثورة بأيدي عناصر داعشية لفظها العالم و التاريخ لتحل في الجزيرة السورية و الرقة و ديرالزور و حتى مشارف حلب و امتداد قوات ابو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة على ريف ادلب و حماة و حلب و بعض من ريف دمشق و حوران لتثبيت اركان دينهم الجديد بدءاً بقتل البغايا و إعدام كل من يسب الدين و يكفر بأفكار القاعدة... تمر اليوم الذكرى السنوية لوفاة مفكر سوري عربي ابن مدينة اللاذقية الراحل إلياس مرقص.
منذ خمس و عشرون عاماً, توفي في مثل هذا اليوم إلياس مرقص أحد أهم المفكرين العرب, بصمت بعد مرض عضال, و ككل المبدعين العرب يرحل دون صخب أو تنكيس أعلام بينما تنكس الاعلام للقادة الجهلة, سبب مصائبنا و كوارثنا التي اصبحت مستعصية و دموية بوجودهم بعد قيام الثورات و الانتفاضات الشعبية.
ولد الراحل في مدينة اللاذقية السورية في 29 أيلول 1929. درس فيها و كان من الأوائل على مستوى سورية في الشهادة الثانوية العامة القسم العلمي عام 1945 و القسم الفلسفي عام 1946 و نال عليها منحة لدراسة العلوم الاجتماعية في جامعة بروكسل الحرة في بلجيكا حيث نال شهادة جامعتها باختصاص التربية التعليمية (البيداغوجيا) عام 1952.
عاد إلى سورية و درس في مدارسها حتى عام 1979. انتسب للحزب الشيوعي السوري خلال دراسته في بلجيكا و طرد منه سنة 1956 بسبب رفضه النهج الستاليني في الحزب و مطالبته بالديمقراطية الحزبية و رفض عبادة الزعيم. إلتقى خلال خدمته العسكرية بالمفكر الراحل ياسين الحافظ و كان للقائهما الأثر الكبير في حياة الرجلين و في إغناء المكتبة العربية بنتاج فكرهما و حوارتهما و نقدهما للنظريات الفكرية و مراجعتها و ربطها بالواقع.
أسهم في إنشاء مجلة الواقع الفصلية الصادرة من بيروت 1980 -1982 و في انشاء مجلة الوحدة الصادرة عن المجلس القومي للثقافة العربية من باريس 1984 و مجلة الناقد.
أغنى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات و الترجمات:
الماركسية السوفياتية والقضايا العربية, نقد الفكر القومي عند ساطع الحصري, تاريخ الاحزاب الشيوعية, الماركسية والشرق, الماركسية في عصرنا, في الأمة والمسألة القومي، بالاشتراك مع ( رودنسن-توما), المذهب الجدلي والذهب الوضعي, العقلانية والتقدم, نقد العقلانية العربية, حوار العمر.
من ترجماته:
تحطيم العقل، أربعة أجزاء، تأليف جورج لوكاش, القرى الأولى في بلاد الشام تأليف جاك كوفان, الدفاتر الفلسفية، ثلاثة أجزاء، تأليف لينين, مختارات هيغل, المؤلفات السياسية الكبرى، تأليف جان جاك شفاليه, حول المسألة اليهودية، تأليف ماركس – باور, فلسفة عصر النهضة، تأليف إرنست بلوخ.
يؤمن المفكر إلياس مرقص بأن الفكر ابن الواقع و عندما يفترق الفكر عن الواقع فإنه يحتاج لإعادة ضبطه و تجديده و توجيه البوصلة إلى موقعها.
ظل يردد الراحل على مسامعنا مقولات, الضمير, حقوق الانسان, حرية الفرد, الديمقراطية, ضرورة تجديد المعتقدات و الفكر, رفض و فضح المزاودة و المزاودين, العقل و العقلانية, لا حدود للفكر, تعريف البديهيات, المعرفة الفلسفية شجرة تبدأ جذورها بافلاطون و سقراط و من يريد أن يتعلم فليبدأ من الجذور, النقد و الحرية و الديمقراطية كلمات مجردة و مرادفتها لأي كلمة أخرى تفقدها معناها..... حتى سمى الانسان و العقل و الحرية في عيوننا فوق اي مفاهيم أخرى.
لا يقبل المفكر إلياس مرقص بقدسية الكلمات دون أن يتفحصها و يدرسها بعناية و دقة و كانت نبوءة قيام الثورة قائمة في ضميره لأنه كان يقرأ الواقع و التاريخ جيداً و قد وضع تصوراته لثورات عربية قادمة و عن اشكالها المتوقعة و عن الحلول الضرورية لأزمات ما بعد الثورات, و أهمها العدالة على شكل دكتاتورية القضاء لاستعادة المجتمعات ثقتها بالوطن و بالدولة الوطنية ضمن مراحل انتقالية محددة.
على مسافة ربع قرن, نفتقد اليوم وجود مفكرين سوريين و عرب نحن بأشد الحاجة لهم في ثوراتنا و نعتب على مفكرين انغمسوا بالسياسة و اغفلوا اهمية فكرهم و لكننا يوماً بعد يوم نستعيد فكر راحلين في مقدمتهم إلياس مرقص مفكراً و مناضلاً من أجل الانسان و الحرية.

#خالد_قنوت (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل