أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد نوح - فصل من رواية الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك ..سعيد نوح















المزيد.....



فصل من رواية الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك ..سعيد نوح


سعيد نوح

الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 20:49
المحور: الادب والفن
    



الكاتـب والمهـرج والمــــلاك الذي ....... هناك








روايـة






ســـعـيــد نــــــــــوح


















إلي شهداء ثورة 25 يناير




























سأبدأ من حيث لم يأت السابقون .
وهو لماذا اخترت ذلك الاسم للرواية التي بين...
أين أضعها الآن ؟
الآن سأبدأ بالكاتب. سعد الله الطالع علي عبود.
هل تعرفونه؟
لأكن أكثر رحمة بكم.
هل فهمتم شيئاً؟
" يجب علي الملاك أن يتدخل،فتلك السخرية التي يمتلكها الكتاب عادة، تكون عادة أيضا.
" هكذا قال المهرج.
أنا الملاك الذي هناك أقول لكم :إن سعد الله الطالع علي عبود هو اسم الكاتب،الذي كان يجلس مع اثنين من أصدقائه الحميمين حين رن تليفونه المحمول، فرفعه بيده وقربه من أذنه قائلا:
ـ أيوه مين؟
بتلك الجملة تحرك سعد الطالع إلى زاوية الحجرة التي يجلسون فيها بمكتب صديقه المحامي الشهير بميدان القلعة. غاب عنهم مقدار خمس دقائق، ثم عاد، ليكمل إنصاته إلي بقية الحديث الدائر بين الدكتور عبد الحميدعبدالعليم الشهير بعبد الورد وبين الاستاذ محمود الضبع، ويستمع بشغف إليه الزبون محمد فرج الشهير بمشمش.
لن أكون حملا ثقيلا حتي أستطيع تجسيد شخصية المهرج
ولكني أنبه فقط إلى حس الدعابة التي تصيب بعض كتاب الرواية رغم وجودها بشكل أعمق وأشد تأثيرا منذ أول السابقين وهو سرفانتس الذي وعد كاتبنا أن يأتي بما لم يأت به هؤلاء . ولا تآخذوني في التعبيرـ جزمتهم أحسن من...
ـ اخرس ولا تتفوه بكلمة واحدة زيادة.
أنا الملاك الذي هناك أقول لك اخرس .
قالها الملاك للمهرج الذي راح يرتعش من تلك القوة الغاشمة التي امتلكها الملاك علي حين غرة، ثم تحرك قليلا، ووقف أمام الكاتب وهو يضيف :
ـ المهرجون حين يشيخ بهم الزمن،ويجلسون جوار الملوك لأكثر من ربع قرن تنتابهم حالة ممارسة السلطة الغاشمة فلتغفر زلته أيها الكاتب.
كانوا ما يزالون يتحدثون عن الوضع الداخلي والخارجي الذي تمر به البلد.اتفق الأصدقاء الثلاثة علي اللقاء غدا طوال اليوم حسب ما قاله الأستاذ محمود الضبع المحامي بالاستئناف العالي ومحاكم أمن دولة طوارئ :
ـ بكرة الحمد لله ضايع من أوله في حب مصر.
وقف محمد فرج الشهير بمشمش وهو يقول :
ـ القعدة معاك يا محمود باشا أنت والبهوات.
وأشار علي سعد الله والدكتور عبد الحميد بيديه وهو يضيف:
ـ في حد ذاتها مفخرة، وفيها فخر. يا راجل كفاية علينا إن إحنا عرفنا حال البلد المخروب ده من حضرتك.
ـ بالطريقة دي ياعم مشمش انت هتحبسني بعون الله.
رد محمود وهو يطرقع بيده علي كف مشمش الذي أحس بقسوة الضربة وتلخبط قبل أن يقول وهو يتلعثم
ـ يا خبر هو أنا أقدر ياسعادة الباشا.
قال سعد وهو يقف ويغلق المحمول بعد أن لمح الرقم ثم وضعه في يده الآخري ومد يده اليمني لمحمود لكي يسلم عليه:
ـ بقولك إيه يابو حنفي زي ما أنت شفت كده،محتاجني قوي في الجورنال.بكرة بقي الليل وآخره.
ـ طيب ياحبيبي، أشوفك غدا.
وقف الدكتورعبد الحميد هو الآخر وقال:
ـ خدني معاك بالمرة ياسعد علشان عندي مواعيد في العيادة.
ـ أنت كمان يادكتور النسوان هتمشي؟
سأل محمود.
مد سعد يده وسلم علي مشمش وهو يقول له:
ـ وانت ياعم مشمش،عاوزين نشوفك كتير من هنا ورايح.
ثم وضع يده علي كتفه وأضاف:
ـ وكمان أنا عاوز أحييك علي حتة الحشيش ديه. من زمان مشربتش زيها.
ـ يابيه دي حاجة بسيطة قوي،وآدي الكارت بتاعي أهوه فيه نمرة الموبايل.وأيتها خدمة في العربية،إحنا خدامين يا باشا .
قالها وهو يهز رأسه بفخر قبل أن يركز عيونه في عيون سعد ويضيف:
ـ رغم الدور اللي عملته عليَّ، وبجد كنت خايل فيه أوي.
أحس سعد بالإحراج من الإثناء عليه المقترن بالعتاب الظاهر من نظرة مشمش فقال:
ـ العفو يا راجل.
ثم مد يده ووضعها علي كتف مشمش بود،وأضاف بصوت المعتذر:
ـ وأوعي تكون زعلت من الحركة اللي عملتها معاك،إحنا إخوات مش كده ؟
ـ طبعا ياسعادة االباشا أنا أتشرفت بيك علشان كده بقول لحضرتك أيتها خدمة في العربية بتاع حضرتك
ثم رفع يديه وخبطها بقسوة فوق عنقه وهو يضيف :
ـ وبرقبتي ياباشا.
ثم أنزل يديه،وأمسك بيد سعد الطالع في ود وثقة منه أنه عرف اليوم باشا كبير سيضع كارته الذي أخذه منه منذا ساعتين علي رأس الكروت الكثيرة التي يحتفظ بها.
ـ العربيات بس.؟
قالها سعد وهو يمر بيده علي شاربه وينظر إليه نظرة فاحصة مما جعل تفكير مشمش ينتقل الي شئ وحش حسب تعبيره :
ـ لا.لمؤاخذة يا باشا إحنا ملناش في المشي الوحش ده.
حتي لا يطيل الكلام والحوار ويبحث هؤلاء المتخصصون في علم السرد أفهمه سعد أنه أخطأ التفكير وأنه كل ما يسأل عنه فقط هو الحشيش.
ـ لا في الحالة دي.زي محمود باشا ماقال طول النهار في حب المخروبة دي.
ثم أشار علي الشباك حسب مارأي محمود يشير.
ـ أهوه ده ياعم مشمش اللي بنسأل عليه؟ مش مخك يوديك لحاجة تانية.
ثم أفرج عن ابتسامة،وهو يتحرك خطوتين حتي وقف وراء محمود الذي كان يجلس علي مكتبه مضجعا ووضع يده علي رأسه بحب وهدوء وبسرعة نزل بها علي ذقنه وهو ينظر الي مشمش ويضيف
ـ إنت شايف الأخ محمود طالعله دقن أهوه،يعني مينفعشي مخك يروح لحاجة وحشة وإحنا مش عايزين أكتر من الحشيش يا عم مشمش .
ضحك محمود وهو يسحب وجهه من بين يد سعد الله ووقف وهو يمسك بيد سعد ويقول بود:
ـ ماشي ياعم سعد.
ثم مر بيديه علي ذقنه حتي يسويها وأضاف:
ـ وأما بنعمة ربك فحدث. والحمد لله علي نعمة الإسلام.
ـ ونعم بالله يا باشا. زي ما حضرته بيقول أحسن حاجة إداهلنا ربنا نعمة الإسلام يعني لمؤاخذة.
قال مشمش،ليشترك في الحوار مما جعل الاثنين يضحكان وهما يحضنان بعضهما البعض وبصوت هامس في أذن محمود صرح سعد الله الطالع : .
ـ ده ميتسبش.مش علشان الحشيش بس يابو حنفي.كفاية عليه إنه أعلن إسلامه قدامك أهوه.أظن دي فرصة متتسبش من واحد ماسك توكيل ربنا زيك.
ـ طيب يا مجرم.والله انت خسارة في شطحاتك.
خرج الثلاثة من الحجرة الداخلية في المكتب التي يتخذها مجموعة الأصدقاء الذين تحابوا في الله والوطن والحشيش مقرا للقائهم .قال الدكتور عبد الحميد :
ـ عندي حالة طارئة في العيادة ، هتيجي ولا أمشي أنا يا عم سعد ؟
لم يرد سعد الذي واصل إغلاق الخط في وجه من يتصل للمرة الخامسة ونظر إلي محمود قائلا:
ـ يا محمود،مشمش أمانة في رقبتك هيسألك عنها الله فيما لو أضعتها.
وهو يشير بيديه ليؤكد على كلامه حتى كاد أن يفقأ عين صديقه الذي رجع برأسه إلي الخلف وأخذ بجسد سعد المسطول تماما في حضنه وضحكا بصوت مسموع.
ـ بس فعلا عندك حق يا واد يا سعد. حشيشة مشربتهاش من زمان .
عند ذلك تحرك عبد الحميد ونزل علي السلم بد أن تأكد له سطل اصحابه، ودخل الصديقان الذي يبدو عليهما السطل وسعد يقول لمحمود وهو يكاد يموت من الضحك:
ـ مشمش أمانة في صحتك وعافيتك يامحمود.
ـ بس ده يحبس يا سعد.
نظر سعد إلي ابو حنفي وقال وهو يشير بيديه في الهواء :
ـ يحبس مين يا راجل ؟.
رد محمود مفزوعا :
ـ يحبسني بسهولة ويوديني في ستين داهية.
ـ في ستين داهية يا راجل.هو إحنا مستفيدين منك بحاجة.غير واحد زي مشمش ده؟ تقوم تضيعه وتتمحك ، قال إيه هيوديك في داهية.
قالها سعد بسرعة وكأنه يتحدث عن شيء لا يمت بصلة له،ثم رفع يديه في الهواء وأشاح بها وقال وكأنه يتخلص من دفقة هواء محملة بالحشيش وهو يقلد الحكماء :
ـ بقي بذمتك اللي انت عايش فيه دلوقتي عاجبك؟
ـ اسكت متفكرنيش والنبي يا سعد وخليني مسطول أحسن.
ـ يبقي توكل علي الله وروح.
ـ فين.؟
سأل محمود بصدق و جدية .
ـ في ستين داهية
قالها سعد بجدية تامة وهو يشير بيديه مما جعل محمود يفتح فمه،ويعود إلي وعيه وكاد أن يرتمي على الأرض من الضحك،وهو ينظر إلي صاحبه منذ طفولته الذي يبيعه من أجل المدعو مشمش الذي لم يتعرفا عليه سويا إلا منذ ساعتين أو أكثر بقليل ولم يجد خير تعليق من أنه أمسك نفسه ونظر بحكمة وهو المؤمن الذي لا يلدغ من الجحر مرتين وهز رأسه ثم قال :
ـ منوفي.هقولك إيه أكتر من كونك منوفي؟
ثم هز رأسه بجدية تامة وهو يتذوق الكلمة في فمه قبل أن يؤكد لنفسه، ويضيف:
ـ منوفي أصيل.
كاد المهرج أن يبكي وهو يسمع تلك الجملة من فم الكاتب حتي لا يظن به الملك الظنون، لكن الملاك الذي كان هناك تحسر قليلا علي بعض الطيبين الذي شاء حظهم العاثرالوقوع بين مهرج يكاد يبكي وكاتب يرجع بظهره إلي الخلف،ليتأكد من وجود مسند على كرسي الفوتيه في حجرة المكتب الذي دخلوه بعد أن أغلق سعد المحمول للمرة السادسة ووجد نفسه في حضن صديقه بعد أن كاد يغادره ويذهب إلي عمله وهو ينظر الي محمود ويسأله بجدية تامة :
ـ تفتكر كل المنايفة بالشكل ده فعلا يامحمود؟
وهو يشعل سيجارة ويشعل لسعد سيجارته التي أعطاها له وبتفكير يزيد عن المطلوب وتأكد من أنه ربما. ربما يقول الحقيقة.
نظر إليهم الملاك في تأمل قائلا :
ـ الحقيقة ليست شيئاً مطلقاً.
التاريخ الإسلامي يقول ذلك.مواقف كثيرة قرأها لم يعرف أبدا أين توجد حقيبة الحقيقة؟
دائما هناك أجزاء من تلك الحقيبة ناقصة،في الحقيقية ان المرء زمانه في الدنيا لحظة،وانسيابه في وجوده،وإدراكه في ضباب،ومصيره غير معروف،فالحياة صراع ومقام غربة،والمجد الوحيد الباقي له هو الخمول.وهذا ما يتمتع به الصديقان الان. ْفكيف استطاع هذا السعد أن يحمل حقيبة الحقيقية الفارغة وألقاها بتلك الطريقة؟
قال سعد بيقين امتلاك الحقيقة :
ـ دي جينات وراثية من أبد التاريخ يا سعد ياخويا.
نظر الملاك الذي هناك للمهرج قائلا :

لماذا أعترض علي تواجدك.لا يحق لي ذلك لكني أنبهك فقط أن المهرجين لا يبكون كثيرا وخصوصا علي شئ مثل الذي عبت علي الكاتب فيه . فحين قال محمود جملته نفي عن مليكك الذي تدين له بالولاء تهمة ربما أنقصت منه كثيرا في عيون خدامه. أنا آسف ياصديقي لكني أعرف إنك جد رحيم بي وقلبك يسع ليس بالكاد ملاكا يحبك وكاتب تركناه يهز رأسه ويأخذ نفسا من السيجارة بعمق ويفكر .
أخرج سعد نفس الدخان الذي أخذه بعمق ، وطيره في الهواء وروح يتتبعه في متعة قبل أن يهزه محمود قائلا :
ـ إيه يامنوفي رحت فين.؟
ـ معاك.
بتلك الجملة المختصرة واجه عيون محمود المتربصة به، ورفع يده مرة ثانية ونظر إلي السيجارة المشتعلة بين أنامله وهزها وهو يضيف :
ـ يظهر فعلا يابو حنفي دي جينات وراثية.
ثم اعتدل في جلسته ورسم الجدية علي وجه وهو يتساءل:
ـ علي كده بقي ولادنا هيشربوا من المدعوك (قاهر الرجال )علي رأي أخوك مشمش ـ اللي زمانه حمض لوحده دلوقتي جوه ـ لغاية رابع حفيد علي الأقل ؟ .
ثم هز رأسه وراح يحسبها بروية وهو يفرد أصابعه في الهواء حتي يراها محمود وأضاف:
ـ مش جمال ابن المدعوك حسني عنده 39 سنة. وقول هيموت علي التسعين. يعني نص قرن بالميت ، يعني هنفضل في حكم المنايفة إحنا وولادنا ويمكن كمان ولاد ولادنا ؟ .
ثم وضع عيونه في الأرض وحرك قدميه علي السجادة التي ينام في منتصفها طاووس معتز بنفسه أيما اعتزاز وأضاف وكأنه يحدث نفسه:
ـ لا ياعم يفتح الله. قال والمدعوقة مراتي.الهانم أختك عاوزة عيال تاني.يفتح الله.انا مش هجيب عيال يركبهم المخفي جمال ابن البقرة الضاحكة،باينه هيركب على قلوبنا خلاص .
ضحك محمود وقال :
ـ ربنا هيغفر للمنايفة من غير حساب . رفع القلم عن ثلاث ...
ـ أنا أحتج .هكذا وجه المهرج حديثه للملاك قائلا :
ـ بالذمة ده مش كلام يزعل ياسيدنا الملاك. مش ده كفر وليعوذ بالله. إيه عرف المدعو محمود الضبع بإن ربنا هيغفر للمنايفة زي ما كان عاوز يقول لوسبته يكمل النكتة بتاع رفع القلم عن الطفل والنائم والمجنون والمنوفي ولعلمك ممكن ديوان أمن الوطن يحاكم أي حد يغلط في سيدنا وتاج راسنا رغم كيد الظالمين. وبعدين .قالها المهرج،وهو يشير بنفس طريقة محمود الضبع ولكن بحدة أكثر وأنامل أطول وبها رعشة جاءت من طول العمر والحكمة المكتسبة من تواجده في ديوان الحكم وأضاف :
ـ إن بطش ربك لشديد. نبهه إن عمره بالطريقة دي بيزقزقز وهو بقي وقدره .أنا عملت اللي علي وقولتلك وانت بقي قول الكلام ده للكاتب .
كاتبنا الذي كان يجلس مع صديقه، وكالقدر الغاشم دخل عليهم مشمش وهو يضحك ويكاد يقع من طوله. لدقائق قليلة ظل لا يمتلك نفسه قبل أن يعطي لسعد السيجارة الملفوفة وباعتذار عما فعله مع وضع كل الأصباغ والمساحيق التي تكفي لإظهاره في الكادر بصورة تليق به من وجهة نظره هو لا أحد غيره قال:
ـ دي تحية بسيطة مني أنا العبد الفقير.اللي لمؤاخذة كنت بتشرف بالقعدة مع الناس الكبار اللي زي حضراتكم .
وخبط علي صدره خبطات جعلت سعد ينتبه إلي إشارة محمود الذي يريد أن ينبهه إلى سيجارة الحشيش التي يمكن أن تمكنهم من تحمل هذا المشمش الذي تعرفوا عليه منذ ساعتين ونيف بعد أن حكي قضيته التي يريد رفعها علي زوجته التي ترفض تطليقه، ولا تسمح له بالزواج بأخرى،رغم أنها أستأصلت ورما في الرحم،فقدت على أثره جهازها التناسلي. كان مشمش يشير بالمستند الذي يثبت عدم أهليتها كزوجة في الهواء قبل أن يضيف :
ـ وأنا دفنته حسب الطريقة الاسلامية لمؤاخذة، في ترب الغفير قبل أربع سنوات بإيدي دي.
في اللحظة الأولى التي رآه سعد فيها يعرض مستندات القضية على محمود قرر أن يتخذه تسلية الليلة . كان مشمش يؤكد كلامه لمحمود بالمستندات التي يحملها في الظرف الأصفر ذي الحروف المتسخة بالشحم . بحث عن الورقة التي تثبت أن زوجته قد استأصلت جهازها التناسلي، لم يجده في الظرف الأصفر،ففتح المحفظة للبحث عنها.عندها سقطت منه قطعة حشيش كانت ملفوفة بعناية ومحشورة في داخل جيب المحفظة الداخلي.أمسك سعد بقطعة الحشيش ولا يعرف كيف واتته الشجاعة علي تمثيل دورالضابط. للحظات خارت فيها عزيمة مشمش وكاد أن يعترف علي اسم صديقه الذي أهداه تلك القطعة قبل أن ينتبه محمود الضبع إلي التمثيلية التي وقع فيها موكله الجديد والتي استحسنها في البداية ثم وجد أنها سخيفة ومملة حين كاد مشمش أن يبكي وهو ينفي التهمة عنه.
انتبه سعد إلي إشارة محمود وأشعل السيجارة ومشمش ينزل يده من فوق صدره ويضيف بنبرة صوت الشاكر لنعم الله التي حباه بها ومنحه إياها :
ـ أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا.أنا برضو لي مخ.ومخ كبير بيفهم في صنعته قوي لدرجة إني عامل كباس هواء صغير بيتحط في خزان الهواء الكبيراللي فيه ( الباكم )لمؤاخذة، علشان لو لا قدر الله خرطوم الهواء بتاع الفرامل اتقطع صدفة، ممكن يشتغل الكباس أتوماتك لوحده.
ـ والله العظيم يمين أُسْأل عنه يا أخ مشمش زي ما بيقول محمود باشا دايما، أنت راجل عسل. والقعدة والحشيش بتاعك ما ينساب من غيرلمؤاخذة اللي لزقة في كلامك علي طول .
ـ مية مسي يا باشا علي الناس ولاد الأصول .
قالها محمود وهو يعطيه السيجارة.
أمسك بالسيجارة ثم وضعها بين إصبعين وأقفل يديه الاثنين عليها وسحب نفسا عميقا من فتحة صنعها مابين الكفين المضمومين وانتظر قليلا قبل أن يحبس النفس ثم يخرجه مصحوبا بعيونه التي خرجت تودع النفس كما قال سعد لمحمود حين تذكراه في ليلة بعد تلك الواقعة بسنوات ثلاثة وترحما علي أيامه التي لم تدم.
ـ مسألتنيش يا سعد باشا سبب التحية دي إيه.
بذلك السؤال وقف محمد فرج، وتحرك حتي أعطي السيجارة له وهو يواجهه.
ـ من غير ما أسال ياعم مشمش.
قال سعد وهو ينطر السيجارة في الهواء قبل أن يضيف
ـ انت تحيتك فرض واجب. فاهم يعني إيه فرض واجب؟
وأنتظر حتي شاهد هزة رأس مشمش قبل أن يضيف
ـ تحيينا وقت ما تعوز.أول ماتحب تحيينا أنا ولا محمود باشا
ثم أشار علي محمود قبل أن يشير بيده ويبتسم في وجهه ويضيف
ـ ميضرش برضوه. ترن بس وإحنا ليك علينا لو قاعدين مع المرحومة ديانا أو الست أولبرايت بذات فخذها هنسيبها ونجيلك وإحنا بنلبي نداك لو عاوز من غير لمؤاخذة.
قال الملاك الذي هناك الذي يرقب الحوار الدائر الآن بين الصديقين والمدعو مشمش،موجها كلامه للمهرج الذي تلبسته الحكمة،وظل يعترض على سعد الله الكاتب الذي أوجده من عدم :
لا تنظر إلي هكذا. تذكر. لم أرد عليك أيها المهرج. فقط تركتك تشرح كلامك وانتهيت بأن استدعيت قول الله عز وجل في محكم آياته في غير محله.عليك فقط أن تعرف أن سبب وجودي في تلك الرواية ان أنقل مايخفي عن الكاتب لحظة غيابه، ليعرف ما حدث وبماذا وصفوه الأصدقاء.علي إني لن أنقل أي كلمة تخرج عن إطار الدين أو الأخلاق حسب طبيعة الملائكة كما في أذهانكم.لكن مايطرح في وجود أشخاص هم في الحقيقة أحرار في كتابته والحساب عنه أيضا أمام الله أو محاكم التفتيش أو أمن الدولة طواريء التي تخوف بها الكاتب الذي أخذ ثلاثة أنفاس من السيجارة قبل أن يستمع الي سؤال صديقه محمود الضبع الذي ضحك علي كلام صديقه في البداية، ثم تغير لون وجه حين ذكر التلبية التي لا تكون لغير الله فقال :
ـ أتعرف أنه وجب عليك الخوف؟
ثم هز رأسه له وهو يضيف
هل تعرف يا سعد الله الطالع من وجب عليه الخوف ؟
لم يهتز كما اهتز مشمش حين خرج التساؤل من فم محمود.هو لاشك قرأ كثيراً في الأديان جميعا.اختص دينه بالحب لكنه لم يهمل أي من الأديان حتي الموضوعة مثل البوذية .لكنه الآن .الآن وحسب.ليس بعد لحظات كما سيحدث. وهو يفكر في هؤلاء الذين وجب عليهم الخوف من لقاء الله استبعد نفسه تماما.تماما كما استبعد أن يكون صديقه الأقرب محمود قد فكر في منحه تلك المنزلة البغيضة إلي نفسه.حين طال التحدث مع نفسه تنحنح محمود كما كان يفعل حين يدخل ميضة جامع جمال عبد الناصر مما جعله علي غير المطلوب منه يفرج عن ابتسامة بها كثير من التمني للعودة إلي ذلك الزمان الذي لم يكن يحمل فيه هما، ويحمله شبابه كما يقولون .
أما الآن وهو يحمل كل هذه الهموم التي يمكن له أن يستطرد في وصفها وبنقاط مختصرة ومفيدة فقد غاب عنه الشباب الذي يستطيع به.وبه وحده أن يتحمل الإنسان ذلك الجهول .
قال الملاك الذي هناك.
ـ إيه؟
قال محمود وهو يشير بيده إلي سعد الذي يبدو أنه يفكر بشكل عميق.تحرك سعد بجسده حتي اعتدل علي الكرسي الفوتيه ثم نظر الي مشمش الذي كان يخرج النفس الذي كتمه وسأله:
ـ أنت عندك فكرة عن سؤال الأستاذ محمود ياعم مشمش؟
ـ سؤال إيه؟
رد مشمش وهوغائب عما يحدث ويفكر فقط في كيفية صناعة سيجارتين من آخر قطعة من القرش الذي نحل وبره ولم يعد له وجود بعد أن يتمكن من صنع السيجارتين الذي مشي بريقه عليهما وتركهما علي التربيزة مبقوري الأمعاء وراح يقطع الحشيش وهو مسطول تماماً .
بابتسامة حنون وعيون ضائعة وعقل صارمترددا الآن في معرفة إن كان قد أصبح خائفا من لقاء الله أم لا. كان يعرف أن النفس أول ما تؤذي تؤذي ذاتها ،فعندما تنفصل النفس عن الذات تشبه كثيرا ورم خبيث ظهر علي الجسد،كان يعلم أن السخط علي أي شئ تجري به الأقدار هو تمرد انفصالي عن الطبيعة التي خلقها الله،هز سعد رأسه وأغمض عيونه الضائعة وانفصل عن محمود ومشمش وعاد إلي ذاته.
قال مشمش وهو يمسح بيده علي زجاج التربيزة قبل أن يرص الفتافيت المتبقية من القرش:
ـ يظهر الباشا سرح.
لحظات طويلة ظلت رموشه مسدلة علي عيونه.عاد فيها شريط حياته.يالغرابة ما شاهد. وهو يرفع رموشه من فوق الحجب شاهد نورا ، فأنشد بصوت رائق
ـ غيبت عنك لفترة ورأيتك فعرفت أن لقاءنا قد حان
يا ملهمي من انت؟؟ انت تعرف من أنا
أنا فيك أحيا منذ بدءك كان .إن قلت أنت فأنني أنا
أنت الذي أعني وأقصد بالنداء إيانا..
فذاتي لها ذات. واسم اسمها ذاتي ..
ولسنا علي التحقيق ذات لواحد ولكنه نفس المحب حبيبه .
ـ الله عليك يا سعد الله. الله عليك بجد. رد عبقري.
هكذا قال محمود وهو يتحرك في صعوبة وبحركة رجل مسطول حتي أنه أطار التربيزة الصغيرة وهو في طريقه ليحضن صديق عمره ويربت علي ظهره لمدة طويلة،تلك التربيزة التي وضعت عليها طفاية سجائرممتلئة وبالقرب منها سيجارتين مشقوقتين وتخرج أحشائهما من التبغ وعلي زجاج تلك التربيذة التي كانت تقف شامخة أمام مشمش كان ينام ـ بطريقة هندسية ابتدعها رغم أنه لم يعرف أبداً فيثاغورث ـ الفتات الأخير من قطعة الحشيش التي أمسك بها سعد الله الطالع منذ ساعات ثلاثة ونيف وراح يشير بها في الهواء قائلا بصوت ضابط شرطة متمكن.
ـ إيه د ه يا محمد يا. انت قولتلي اسمك بالكامل ايه؟؟
ـ محمد محمود فرج ياسعادة البيه.
ـ وأمك بدلعك بتقولك إيه يا روح أمك؟
ـ مش أمي يا باشا.دول أصحابي في الورش.حاكم أنا عندي ورشة تصليح عربيات في شارع السلطان حسن جنب حضرتك هنا.
وأشار بيده في تردد وخوف تمكن منه.
ـ انت هتحكيلي قصة حياتك بروح أمك.
عاجله سعد الذي يمثل دور الضابط.
ـ أنا آسف يا باشا.
ـ فيه إيه يا سعد باشا.
قال محمود وقد انتبه للدور الذي يتقمصه بحنكة ومعلمة صديقه .
ـ اللي حضرتك شايفه أهو يامحمود بيه.
ثم رفعه في الهواء وقربه من عين محمود ثم مر به من أمام مشمش الذي صار وجهه علي كل الألوان يابطستة قبل أن يضيف:
ـ حرز. قضية جات في معادها.أنا فعلا محظوظ إني فت عليك النهارده يامحمود.
ـ ليه بس يا باشا.
قال محمود وهو يسايره في الرسم علي المغفل الذي أسقط منذ لحظات ما يقترب من قرش حشيش فوق المكتب وهو يبحث عن ورقة التقرير الذي يثبت أن الزوجته ليس لديا رحم كما قال له منذ مايقرب من خمس دقائق أعقبها ببحثه في كل أوراق الدوسيه الأصفر قبل أن يخرج محفظته ويبدأ في إخراج محتوياتها بدقة .تحرك سعد خطوات وهو مازال يمسك بقطعة الحشيش وأضاف:
ـ عارف أنا قبل ما أجيلك بساعتين. العميد بتاعنا إداني دش بارد علشان.
ثم نظر إلي محمود وهو يكمل كلامه بهزة رأس.
ـ عنده حق والله.
قالها وهو يمر بقطعة الحشيش أمام عين مشمش الذي أسقط في يده، ثم راح يطيرها في الهواء ويلتقطها أثناء لفه حول مشمش ومقعده مضيفاً بصوت صار تهكميا
*سوف أعيد صياغة تلك الجمل لتخرج هكذا
ـ عارف أنا قبل ما أجيلك بساعتين.العميد بتاعنا إداني دش بارد علشان.
ثم تحرك خطوات وهو يكمل كلامه بهزة رأس ورفع يده في الهواء.
ـ عنده حق والله.
قالها وهو يمر بقطعة الحيشيش أمام عين مشمش الذي راح يصب جام غضبه علي تلك الزوجة التي لم تكن هناك، كما أنها لم تكن هي التي أعطته قرش الحشيش . وما إن بدأت اللفة الأخيرة وهو مازال يطيرقطعة الحشيش الملفوفة في ورقة سولفان أخضر غامق في الهواء ويلتقطها أثناء لفه حول مشمش الذي التصق بمقعده تماما بعد أن سحب رجليه في اللفة الأولي ثم سحب يديه في اللفة الثانية حتي بدا في اللفة الأخيرة مثل قنفذ يلتف على نفسه .
علي الملاك الذي كان هناك وصف ذلك المشهد، فوجه محمد فرج في تلك اللحظة لن يتشكل بالدقة والوضوح المطلوبين لإظهاره بالروعة التي كانت عليه من خلال المهرج الكاتب .أو الكاتب المهرج.
لم ينتبه محمود إلي ما فعله بالتربيذة واخذ سعد في حضنه لدقائق ثم قال بصوت يشبه تماما صوت صديقه سعد في روعته أنشد محمود:
ـ ينادي المنادي باسمها فأجيب وأدعو ذاتي عن ندائي تجيب.
وما ذاك إلا أننا روح واحدة تداولنا جسمان وهو عجيب.
كشخص له اسمان والذات واحد بأي تنادي الذات منه تصيب.
عند ذلك قال المهرج وهو يشير بقسوة للملاك الذي هناك :
ـ تبتسم االآن وتفشخ حنكك. وتعيب علي أن بكيت.
تخاطب منا في الوجوه عيوننا... ترانا سكوتا والهوي يتكلم.
همس الملاك الذي كان ينظر بود للمهرج الذي وقف غاضبا ومحتدا علي تصرفاته .
ما أن أنهي محمود إنشاده حتي عاد الصديقان إلي الواقع الذي يضمهما بعيد عن ابيات الشعر. وسأل محمود مشمش عما يفعل .
ـ انت بتعمل علي الأرض إيه عندك ياعم مشمش؟
كان مشمش جالسا على الأرض يتحسس السجادة برهافة كأنه يتحسس جسد امرأة جميلة وهو يبحث عن قطع الحشيش الصغيرة التي تناثرت حين تعثر سعد بالتربيزة وأوقع كل شئ .
ـ بدور يا باشا علي البلوة اللي عملها صاحبك.
انتفض سعد، وعاد بجسده إلى الكرسي، وقال وعلي وجهه جهل العالم وتساؤل العليم وفوق صدره يده اليمني تحط بقسوة :
ـ أنا ياعم مشمش..
ـ أيوه أنت . طيرت التربيزة يا باشا ، وضيعت علينا آخر سيجارتين .



#سعيد_نوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادة روائية لسعيد نوح ..روائي مصري
- إشكالية الدين والسياسة في تونس
- غياب العقل النقدي والتمسك بالنقل والمتن على حساب النص من أهم ...
- خدني المظاهرة يا حبيبي معاك / شهادة أدبية
- سعيد نوح رئيس لمصر .. كتب عليك يا ابن نوح أنك مخلوع مخلوع
- علاقة اللغة والمجاز ورؤية الإنسان للكون في كتاب المجاز واللغ ...
- الفصل الأول من رواية ملاك الفرصة الأخيرة
- الفصل الثاني من رواية ثلاثية الشماس
- قصة قصيرة:الشيخ قاسم
- قصة :عريف أول
- قصة :في انتظار اللقاء الثاني
- قصة: ثلاثية الشماس
- قصة : كما يجب عليك قبل أن تحتل المقعد الأخير
- مقال
- قصة حذاء عمي اللميع
- جزء من رواية :الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك
- جزء من رواية كلما رأيت بنتاً حلوة أقول يا سعاد


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد نوح - فصل من رواية الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك ..سعيد نوح