أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد نوح - قصة حذاء عمي اللميع














المزيد.....

قصة حذاء عمي اللميع


سعيد نوح

الحوار المتمدن-العدد: 1785 - 2007 / 1 / 4 - 12:20
المحور: الادب والفن
    


هم ليسوا مسيحيين تماما يالله. أقسم لك,إن الواحد فيهم لا يتورع عن ضرب ملاك من السماء ـ رغم براءته وخلوه من الذنب ـ وإبراهيم هذا بالذات أبعد ما يكون عن الملائكة صدقني. فمبجرد أن قلت له بصوت هامس

أن هذه الفعلة تغضب الله.

انتفخ مثل ديك رومي وكأنه شخص له شأن كبير عندك.أنت تفهم كل شئ.لاشك كل شئ تفهمه يالله.العظماء أكثر بساطة وأكثر فهما وأقرب إلينا نحن المساكين.ياللاشيطان.إن الأوغاد لا حظ لهم لديك .عليهم اللعنة. إن إبراهيم هذا لا يصلح (ريسا ) علينا.إنه يشبه خيال الحقل الذي نخيف به العصافير الصغيرة التي لا عقل لها.أبدا لاعقل لها.فبمجرد أن نعمل بإخلاص وجدة نجده علي رؤوسنا تماما كذبابة الخيل حين تحط علي عضلات الحصان المشدودة كأوتارالربابة وتئز وتلسع ، فيرتعش جلد الحصان ويروح يهز زيله هزات متكررة لكي يضربها ، وعند ذلك ينسي ذلك الذي سبقه في العدو.إن إبراهيم يشبه إلي حد بعيد تلك الذبابة التي تعقينا عن الجري السريع.وحين يعلن أحد منا

أننا جميعا أبناء آب واحد.

يفتح فمه الذي يشبه القبو الملئي بالفئران ويعلن بصراحة ووضوح.

إنه وحده يستطيع أن يطرد عشرة منا دون أن يسأله صاحب العمل عن السبب.

فلماذا تستبقيه كبيرا وسيدا علي أرواحنا التعبةأصلا ؟وكيف تتركنا في أسمالنا المهترئة في حجرة رطبة ومتداعية ولا يدخلها الهواء؟ .لا تقل لي إن في الحياة الأخرى هناك ينتظرنا كساء مخملي وأصداف وخمر معتق وريش نعام وأسنان أسماك . أنا لا أعرف أسنان الأسماك هذه.كما يخيل إلي إنني لن أحبها.اعطني الآن سروالا لائقا واستبق لك كل هاتيك الأشياء. أقولها لك دون خوف وبصوت واضح . أنا الآن في هذه الحياة ولا أحب الحياة المستقبلية التي يحدثني عنها كل هاتيك الرسل ذوي الأسماء الغريبة علي لسان منقريوس. ذلك الأب الذي يصلح لأي عمل في هذه الحياة غيرالجلوس فوق محرابك.أي شئ ربما يصلح له .شئ بشع يالله. أن أحب آكل الرومان فأجده في فمي.أمارس الحب. أجد بنات كثيرات وجميلات أيضا يشلحن لي سروالي وأنا أبص عليهن فقط وهن يتبادلن الجلوس علي عضوي المنتصب بلا كلال.اعتقد أنه لن تكون هناك لذة أيضا. يالها من حياه مملة تلك الحياة التي تنتظرني هناك.ولا تضحك علي وتقول إن إبراهيم وأمثاله سوف يكون حطب النار حين أبرد.إنه يحضر معنا عظة الأحد ، بل إنه يكون في الصف الأول أمام ذلك الأب ، ويلتقط أشياء من فمه تموت ، وهي تعبر تلك الصفوف الطويلة ، لكي تصل إلي رؤوسنا التي تكون كالبطيخة المملؤة باللب المخوخ. بل إن الأب يخصه بالماء المبارك والبخور دوننا نحن أولاد اللبوءة .ألم تكن هناك يوم الأحد الفائت حين قال ذلك الأب أن تفكر في آكل التفاح تجده في يديك دون أن تذهب إلي بائع الفاكهة وتقول له بصوت هامس:

ـ من فضلك أريد ربع كيلو من التفاح.

وحين ذلك لابد سينظر إليك بطرف عينه ويقول لك دون أن يهتز له جفن:

ـ لا يوجد ربع كيلو أيها ال....

لا أستطيع أن أقولها في وجهك يا أبي.أنت كنت هناك وسمعته. جرجس بائع الفاكهة الذي أكرمته أنت ـ ذاتك ـ بخمسة من الدكاكين وسعة في الصحة وزوجة يقال عنها جميلة وتشبه كثير الأم المقدسة ، قبل أن يضيف بلسانه الحاد الذي خلقته له.

روح أشرب كوباية عصيرقصب أحسن لك وأفيدلك عشان صدرك.

ثم أضاف بصوت ساخر ضحك علي أثره أصدقاؤه الثلاثة اللذين تعرفهم ولاداعي لذكر أسمائهم.

وبعدين ممكن تاخد علي التفاح وتبقي واقعة سودا.

عند ذلك ـ تعرف ـ خطوت خطوتين في اتجاه باب العصارة ولكن رائحة التفاح وطعمه اللذيذ الذي مازال في فمي ـ رغم مضي ستة عشر عاما علي تذوقه ـ والذي جعلتني أشعر به أرجعني تلك الخطوات القليلة التي تحركتها في اتجاه باب محل العصير وبكل هدوء سألته أمامك عن سعر الكيلو ,

ـ عشرة جنيهات.

هكذا رد عليك وهو يرمي بنظرة ظننت للحظات أنها لابد تدخله نارك ولكنها ويالا غرابتك يالله جمدت الدماء في عروقي فقط. عند ذلك ضاع من فمي طعم التفاح وتذكرت المرة الوحيدة وكدت أن أقول لذلك المنفوش.

إنني أخذته من أبيه منذ سنوات بجنيه واحد .المعلم وليم الذي ظل يرتدي صندلا من البلاستيك طيلة حياته ـ رغم ثرائه الفاحش ـ وترك لك كل شئ.كل شئ تركه لك حتى ذلك الحذاء اللميع الذي سرقته ذات صباح من عمي وقايضته بكيلو كامل من التفاح ن ولكني ـ خوفا منه لامنك ـ آثرت السلامة وتركته ومشيت وحيدا وفي فمي طعم عصير القصب الحامض.



#سعيد_نوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جزء من رواية :الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك
- جزء من رواية كلما رأيت بنتاً حلوة أقول يا سعاد


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد نوح - قصة حذاء عمي اللميع