أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد نوح - علاقة اللغة والمجاز ورؤية الإنسان للكون في كتاب المجاز واللغة ووحدة الوجود















المزيد.....

علاقة اللغة والمجاز ورؤية الإنسان للكون في كتاب المجاز واللغة ووحدة الوجود


سعيد نوح

الحوار المتمدن-العدد: 3150 - 2010 / 10 / 10 - 03:00
المحور: الادب والفن
    



لم يقتصر مشروع عبد الوهاب المسيري الفكري على تعمقه في عالم الصهيونية ، وكشفه للمارساتها وزيفها عبر التاريخ ، وإنما تعدد مشروعه الفكري ما بين النقد الثقافي والشعر والإبداع القصصي وخاصة للأطفال ، والاشتغال على نقد المشهد الثقافي ، كما قدّم ترجمات لمختارات من الشعر الإنجليزي ، كذلك كتب في الحداثة وما بعد الحداثة .
كما لم ينس قضايا المرأة التحررية ، فقدم قراءة نسوية لقضية المرأة بين التحرر والتمركز حول الأنثى ، كما قام بتحليل بعض الظواهر الفنية وقدّم قراءة نسوية لها مثل مقاله في جريدة الأهرام بعنوان " الفيديو كليب والجسد والعولمة" ، كما اهتم كذلك بقضايا فنية قد يندهش القارئ حين يعرف اهتمام المسيري بها ، فقد قدّم تحليلا فنيا ومقارنا لفيليمن أمريكي ومصري في مقاله الذي نشر في مجلة " الشهر " في مايو 1961 وهو بعنوان : " بين التراجيديا والإحساس بالحزن... دراسة في جلد الثعبان وبداية ونهاية" .
أما فيما يخص الظاهرة اليهودية ، فقد قدّم تفسرا علمياً لسبب استمرارها، وما هي الاتجاهات الفكرية المتنوعة لليهود، في الوقت الذي نتصور فيه نحن كعرب، انهم يفكرون جميعهم بطريقة واحدة ، وكتب عن اللوبي الصهيوني ، وكيف أن أمريكا تستعمله لمصالحها ، وليس العكس ،فقد دأب الناس على فهم أن اللوبي الصهيوني في أمريكا هو الذي يسير السياسات الأمريكية.لقد ترك فكرا موسوعياً وعصرياً عن الصهيونية، وقام بتفكيك جوانب من الوعي العربي في ما يخص المسألة اليهودية، والخرافات التي تأسر عقولنا حول هذه القضية.
قدّم لنا صورة الأعداء في حقيقتها ، وليست كما نتخيلها ونتصورها ، حلل وفسر نشأة القضية اليهودية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وكيف استطاع اليهود ان يصمدوا في مجتمعات تكرههم كل هذا الكره، كما قدّم تفسيرا للجيتو اليهودي الذي تجمعوا فيه في أوربا ، وكيف أنه قد يذوبون في مجتماعاتهم التي يعيشون فيها ،عرّفنا أن اختيارهم لمنطقة الشرق الأوسط ، وفلسطين على زجه الدقة لم يكن اختيارهم ،بل كان قرارا أوربيا ، فقد أرادت أوربا أن تتخلص منهم بإبعادهم إلى الشرق . ِ
ومن أهم القضايا التي تناولها عبد الوهاب المسيري ، ولم يلتفت إليها الكثير من قراء وشرّاح مؤلفاته هي علاقة اللغة والمجاز برؤية الإنسان للكون وتصوره لعلاقة الخالق بالمخلوق، أورد ذلك في كتابه اللغة والمجاز بين التوحيد ووحدة الوجود الصادر عن دار الشروق ، وهو يرى أن هذه العلاقة تربط بين عدة مجالات من النشاط الإنساني (الدراسات اللغوية ـ الدراسات الدينية ـ الدراسات النفسية).
تذهب الرؤية التوحيدية إلى أن الله رحيم مفارق منفصل عن هذا العالم متصل به ، خلقه ولكن لم يهجره ، بل يرعاه ويمنحه الهدف والغاية والغرض ، ومن يؤمن بهذه الرؤية يؤمن أيضا بوجود عدل في الأرض ، وأن العالم له معنى ، وتحكمه قوانين وسنن ، وينعكس هذا على الموقف من اللغة ،فهي الأخرى تشكل نظاما تحكمه قوانين ثابتة ، ولذا يمكن التواصل من خلالها ، كما سيتجلى هذا الموقف في الصور المجازية الإدراكية ،فالصورة المجازية الآلية التي لا يمكن أن تعبر عن الرؤية التوحيدية ،لأنها تفترض أن الكون مثل الآلة التي تدور بلا هدف ولا غاية ، والصور المجازية العضوية ( العالم كنبات أو حيوان ) تصبح هي الأخرى مستحيلة لأنها ترى العالم باعتباره كلاً متماسكا مصمتا لا تتخلله مسافات أو ثغرات ، فهو مكتف بذاته ومرجعيته ذاته .
وتذهب الرؤية الحلولية للإله إلى أنه يحل في مخلوقاته، ويلتصق بها، ويتوحد معها إلى أن يصبح مثلها خاضعا لقوانين الطبيعة / المادة ( أي أن الإله مات بحسب نيتشة ) . هذا يعني أن العدل لن يتم في الأرض ، بل ستسود رؤية داروينية تذهب إلى أن أي مفاهيم أخلاقية إن هي إلا مؤامرة الضعفاء على الأقوياء ، وأنه لا يوجد قانون في الأرض ، وإنما يوجد صراع ،فالإنسان ذئب لأخيه الإنسان ، والقيمة الأسمى هي البقاء ، وآلية حسم الصراع هي القوة ، واللغة بالتالي تصبح تعبيرا عن موازين القوى لا أداة للتواصل ، ودلالة الكلمات يفرضها القوي في عالم لا معنى فيه ولا غاية ، تسيطر عليه في الوقت نفسه القوانين الحتمية الطبيعية . كما أن الصور المجازية والعضوية والإدراكية مناسبة تماما للتعبير عن رؤية للكون تراه باعتباره خاضعا تماما لقوانين الطبيعة المطردة، لا تتخله مسافات أو ثغرات .
ثمة ترابط إذن بين اللغوي والديني والنفسي ، بل ثمة ترابط بين كل مجالات النشاط الإنساني وقد حان الوقت لندرك هذا الترابط وأن ندرس الظواهر التي من حولنا في ترابطها وتشابكها وتركيبيتها وألا نسقط في التفسيرات الأحادية ( الواقع إن هو إلا كذا ـ العنصر الاقتصادي هو العامل الأساسي ـ غرائز الإنسان وبخاصة الرغبة الجنسية هي محركه الأساسي ... إلخ ) وألا نتصور أنه يمكن دراسة النشاط الاقتصادي بمعزل عن النشاط الديني أو الجمالي أو الأخلاقي أو النفسي .
والاتجاه نحو تفتيت الظواره الإنسانية أمر منتشر في بعض الأوساط الأكاديمية التي تتزيا بلباس العلمية والموضوعية وباسمهما تدعو إلى عدم الخلط إلى عدم الخلط بين المجالات المختلفة للنشاط الإنساني ، وعدم الالتفات إلى مفاهيم ميتافيزيقة أو قوانين إنسانية مثل الطبيعة البشرية أو القيم الإنسانية ، فالعلم حسب تصور هؤلاء منفصل عن القيمة ( free ـ value) أي أنه في واقع الأمر منفصل عن الإنسان ( إذ لا توجد قيمة في عالم الطبيعة / المادة ،فالقيمة المتجاوزة لقوانين الطبيعة / المادة أمر مقصور على الإنسان،فيما يحكم الكائنات الأخرى برنامج جيني وراثي حتمي يتحكم فيها ولا تتحكم فيه ) ، وانطلاقا من هذا الموقف يذهب هؤلاء إلى أنه حينما نتعامل مع ظاهرة اقتصادية يجب استخدام معايير اقتصادية وحسب ،وحينما نتعامل مع ظاهرة سياسية يجب استخدام معايير سياسية وحسب ، وحينما نتعامل مع ظاهرة فنية يجب استخدام معايير جمالية ، كما يجب استبعاد أيه معايير أخلاقية وإنسانية عامة ، لأن في هذا سقوطا في الذاتية ،وفصل النشاطات الإنسانية عن المعايير الأخلاقية والإنسانية يؤدي إلى ضمور المرجعية الإسنانية ، ثم اختفائها ، وبذا تصبح العلوم الإنسانية غير إنسانية ، أشبه بالعلوم الطبيعية وهذا ما يسمونه وحدة العلوم أو واحدية العلوم .
ويرى عبد الوهاب المسيري أن هذا الأمر ومثل هذه الرؤية معادية للإنسان ، بل معادية للعلم ، فمهمة العلم ليست توليد القيم ولا فرض القيود علينا ، وإنما تفسير العالم لنا ، وهذه الرؤية عاجزة تماما عن تفسير الظواهر الإنسانية ، فهي لا ترى فارقا بين الإنسان والطبيعة / المادة ، بل تراه جزءا لا يتجزأ منها ، خاضعا لقوانينها ،مذعنا لحتميتها .
كما أن المسيري يذهب إلى أن ثمة فارقا جوهريا بين الإنساني والطبيعي ، وأنه لا يمكن تجزئة النشاط الإنساني وتفتيته وتشريح كل مجال بمعزل عن المجالات الأخرى ( كما نفعل في العلوم الطبيعية ) .
وقد قسّم المسيري كتابه إلى بابين :
الباب الأول : يتناول الصور المجازية باعتبارها تعبيرا متعينا عن رؤية الإنسان للكون ، ومن هنا سماها الصور المجازية الإدراكية ، وقد حاول تحليل الصور المجازية في عدة مجالات حتى يصل إلى رؤية الكون الكامنة وراءها .
وقد عرّف المجاز اللغوي البلاغي القديم وعرّف وظيفته الجمالية ، وأكّد على أن الحركة العامة للمجاز هي ربط العنصر المادي البسيط بعناصر معنوية مركبة ، وربط ما هو معروف ومحسوس بما هو غير معروف وغير محسوس ، حتى يصبح غير المعروف وغير المحسوس أكثر قربا منا نحن البشر الذين نعيش في عالم المادة وداخل حدوده ،وإن كنا نحلم بما وراءه ،وبذا تصبح الدوال اللغوية أكثر اتساعا وتركيبا ،وهو اتساع وتركيب يجعلها أقل التصاقا بالمادي الطبيعي ،وأكثر اقترابا من الروحاني والإنساني .
والصورة المجازية هي وسيلة إدراكية لا يمكن للإنسان أن يدرك واقعه دونها ،أو حتى يعبر عن مكنون نفسه إلا من خلالها،فالصورة المجازية هي جزء أساسي من عملية الإدراك ،وهي بالتالي مرتبطة ارتباطا وثيقا برؤية الكون وبالنماذج المعرفية والإدراكية ،ويوجد داخل كل نص مكتوب أو شفهي ركيزة أساسية تترجم نفسها إلى صورة مجازية سواء كتبها صاحبها بوعي أو بدون وعي .
وللتوصل إلى النموذج الكامن في نص ما من خلال تحليل الصورة المجازية يقوم الدارس بقراءة النص عدة مرات ،حتى يضع يده على الصور المجازية المتواترة ، ويحاول أن يربط بينها ،ويعرف دلالتها من خلال السياق الذي ترد فيه ، ثم يجرد منها نموذجا معرفيا ،وبالتالي تتتحول أحزاء النص التي تبدو مبعثرة إلى كل متماسك . واستخدام الصور المجازية قد يكون واعيا ،فيحاول المتحدث أن يتحكم في الصورة المجازية ،وبدلا من ذلك تهزمه الصورة ،بل تفضحه ،إذ أن منطقها الداخلي قد يعبر عن معنى عكس ما يقصده الكاتب .
الباب الثاني يتحدث فيه الكاتب عن علاقة الدال بالمدلول ،فيؤكد على أن الاهتمام بفلسفة اللغة في الحضارة الغربية باعتبارها واحدة من أهم المباحث الفلسفية في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر ،وهذا يرجع إلى تصاعد معدلات الحلولية والكمونية وتعدد المراكز ، وهو ما أدّى إلى اهتزاز فكرة الكليات والثوابت،فالتواصل بين البشر يفترض وجود كليات وثوابت،وبغيابها تنشأ مشكلة علاقة اللغة بالواقع ،والذات المدركة بالموضوع المدرك ،وكما قال ميشيل فوكو أن مشكلة اللغة تحاصر الإنسان في الصيرورة الكاملة ،أي عالم التغير الدائم ،حيث لا يوجد مركز ولا توجد أية ثوابت ، وقد صرح بول دي مان ( الناقد التفكيكي ) أن الفكر الغربي الحديث هو فكر لغوي أكثر من كونه فكرا أنطلوجيا أو تفسيريا .وقبلها تنبأ أرنست كاسيرر بأن اللغة ستصبح سلاح الشك العدمي ،وسلاح العداء للفلسفة ،بعد أن كانت سلاح الفلسفة ، وبالفعل أصبحت اللغة هي هاجس الإنسان الغربي،وأصبح هدف كل العدميين ـ بعد أن اكتستب اللغة هذه المركزية ـ إثبات فشلها،حتى تصاب الابستمولوجيا نفسها بالفشل .فالهجوم على اللغة كأداة للتواصل بين البشر هو هجوم على المشروع الإنساني بأسره ،وعلى مفهوم الإنسانية المشتركة ،وعلى مقدرة الإنسان أن يراكم المعرفة ،وأن يتعامل مع الآخرين من خلال منظومات معرفية وأخلاقية مشتركة ،أي أنه تعبير عن العدمية الفلسفية الناجمة عن تبني موقف لا عقلاني مادي .
وقد تمت مناقشة إشكاليات فلسفية كبرى من خلال مناقشة إشكالية قد تبدو أنها إشكالية لغوية محضة ، وهي إشكالية الدال والمدلول ، ولكي نفهم المعنى البسيط لهذا المصطلح طرح المسيري مثالا بسيطا ،وهي أن لكل شئ مركز ، وبدون هذا المركز فإننا لن نعرف لهذا الشئ بداية أو نهاية أو اتجاه ،أي أنه ستسود الفوضى والنسبية .واللغة لا تختلف عن أي ظاهرة إنسانية ،إذ لابد أن يكون لها مركز،وإن لم يكن لها مركز،فإن الكلمات ( الدوال ) ستكون في حالة فوضى كاملة .
ويمكن أن تأخذ علاقة الدال بالمدلول ثلاثة أشكال :
ـ الانفصال الكامل وفي هذه الحالة تصبح اللغة نظاما دلاليا مستقلا عن الواقع،أو على علاقة به واهية للغاية،وهذا يعني أن العقل لا يتفاعل مع الواقع ولا يمكنه أن يتعامل معه،فالواقع لا يمكن الوصول إليه ،ولذا فعلى العقل أن يذعن للعب الدوال،أو لا يكترث بالواقع .
ـ الالتحام الكامل وفي هذه الحالة يصبح الدال مدلولا كما في حالة الأيقونات واللغة الجبرية والتفسيرات الحرفية والمحايدة،وهذا يعني ايضا أن العقل لا يدخل في علاقة مع الواقع،فهو جزء لا يتجزأ من الواقع،عليه إما أن يذعن له أو يهيمن عليه.
ـ الانفصال والاتصال، في هذه الحالة ثمة مسافة للفصل بين الواحد والآخر، ولكنها ليست هُوّة إذ توجد نقطة مرجعية نهائية يتصل من خلالها الدال بالمدلول، وهو المدلول المتجاوز ، وهو ليس جزءا من اللغة ،فوجوده يسبق وجودها،وهذا يفترض استقلال الفكر عن اللغة،واستقلال اللغة عن الواقع ،ولكنه يعني أيضا أن اللغة أداة صالحة للتواصل،فهي تشير إلى الواقع رغم وجود مسافة بينهما، وهذا يعني أن العقل قادر على معرفة الواقع والتعامل معه .
وقضية الدال بالمدلول هي في واقع الأمر قضية علاقة العقل بالواقع والإنسان بالطبيعة / المادة والإنسان بالإله ،وهي تأخذ شكلين :
1ـ علاقة مركبة بين الدال والمدلول ، ويذهب البعض إلى وجود علاقة مركبة بينهما ، ولكن لا يوجد تطابق،فثمة مسافة تفصل بين الواحد والآخر واللغة ـ حسب هذا التصور ـ ليست شفافة تماما ، ومع هذا توجد وسائل وآليات لتحسين الأداء اللغوي للوصول إلى ما نتصور أنه الحقيقة ،ثم توصيله .ومن هنا ظهرت أشكال مختلفة من الإفصاح ،ومستويات مختلفة من الأسلوب لإحساس الإنسان أن تجاربه المختلفة ثرية للغاية ،وأن إدراكه للواقع لا يمكن التعبير عنه ببساطة ومباشرة ،ولذا كان هناك خطاب للطبخ ، وآخر للحب ،وثالث للأفراح ،ورابع للأحزان كل هذا يعني أن علاقة العقل بالواقع ( الحسي المادي أي الطبيعة / المادة ) علاقة مركبة تماما مثل علاقة الدال بالمدلول ،وتعني استقلال العقل عن الواقع .
2 ـ علاقة بسيطة بين الدال والمدلول ، وأن الدال يعكس المدلول بشكل مباشر ،وهذا يعني في واقع الأمر أن عقل الإنسان سلبي ،يعكس الواقع بشكل مباشر دون تحوير أو تعديل أو إبداع .
وقد ظهرت المشكلة في التراث الإسلامي في مسألة كلام الله ..أهو محدث ومخلوق أم قديم ؟وانطلاقا من رفض المعتزلة أية شبهة توحي بتعدد القدماء ، وتمسكهم بالتوحيد وفكرة الإله المتجاوز للطبيعة المفارق للعالم ـ فقد قالوا أن القرآن كلام الله محدث ومخلوق،وجدّوا واجتهداوا في هذه القضية لما رأوا أنها الباب الذي دخل منه التثليث ،فأفسد توحيد المسيحية الأولى ،ذلك أن القرآن يقرر أن عيسى ـ عليه السلام ـ هو كلمة الله : ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ) آل عمران آية 45 .
فلو أن ( كلمة الله ) وبالتالي كلامه ـ ومنه القرآن الكريم ـ وصف بالقدم ؛لتعدد القدماء ،ولصحّت عقيدة التثليث المسيحية !
وقد ميّز الأشاعرة بين الكلام النفسي ـ أو الأزلي ـ والذي هو معنى قائم بالنفس ،والدلالات التي تدل على هذا الكلام النفسي الأزلي القائم بذات الله سبحانه وتعالى من جهة ،وبين الألفاظ المنزلة على لسان الملائكة إلى الأنبياء ،وما يرتبط بها من حروف وأصوات ،ومن جهة أخرى فقد قالوا بقدم الكلام النفسي ( المدلول ) وبحدوث الألفاظ والحروف والأصوات ( الدلالات ) وخلقها ، وقالوا أن المنزل على محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ ، هو الألفاظ التي هي دلالات على الكلام الأزلي القائم بالذات ،فالمُنزّل مُحدث ومخلوق ،ولم يحدث من جبريل " نقل لذات الكلام " ،وهذا يعني أن الدال والمدلول لا ينفصلان في كلام الإله ، وأن الانفصال يحدث فقط في حالة تنزيل القرآن .
ويؤكد عبد الوهاب المسيري على أن جوهر النسق التوحيدي الإسلامي هو مفهوم المسافة الذي يؤكد علاقة الانفصال والاتصال بين الخالق والمخلوق ،فالله ـ سبحانه ـ ليس كمثله شئ ،فهو غياب أمبريقي كامل ، ولا يمكن أن يدر بالحواس ، ولكنه في الوقت نفسه ،أقرب إلينا من حبل الوريد ،دون أن يلتحم بنا ويجري في دمائنا ،ويصبح بذلك من عالم الصيرورة ،أي أن الحضور الإلهي لا يأخذ شكل تجسد مادي . وإيمان الإنسان به عنصر ذاتي ،فهو في القلب ، ولكنه ليس ذاتيا تماما ،فهو يستند إلى العلامات والقرائن المادية مثل سنن الطبيعة .هذا النمط يتبدى في علاقة الدال بالدلول في الإطار التوحيدي .
وحين نتأمل مثل هذه القضية نجدها تندرج تحت ما يسمى بالنقد الثقافي الذي مازج فيه المسيري بين نظريات الأدب المختلفة من بنيوية وتفكيكفية ، كذلك لفت النظر إلى سياقات استخدام المجاز وعلاقة الدال بالمدلول .
الكتاب : اللغة والمجاز بين التوحيد ووحدة الوجود
المؤلف : عبد الوهاب المسيري
الناشر : دار الشروق
عدد الصفحات 239
سنة النشر : 2008



#سعيد_نوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل الأول من رواية ملاك الفرصة الأخيرة
- الفصل الثاني من رواية ثلاثية الشماس
- قصة قصيرة:الشيخ قاسم
- قصة :عريف أول
- قصة :في انتظار اللقاء الثاني
- قصة: ثلاثية الشماس
- قصة : كما يجب عليك قبل أن تحتل المقعد الأخير
- مقال
- قصة حذاء عمي اللميع
- جزء من رواية :الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك
- جزء من رواية كلما رأيت بنتاً حلوة أقول يا سعاد


المزيد.....




- دورة ثانية لمعرض كتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء بمشاركة 2 ...
- كاظم الساهر وجورج وسوف يفتتحان مهرجان -دبي للتسوق- برسالة سل ...
- -بقايا رغوة- لجهاد الرنتيسي.. رواية تجريبية تتأمل الهجرة وال ...
- بعد تحقيق نجاح الجزء الأول “موعد نزول فيلم الحريفة 2 في السي ...
- بيع رسالة للموسيقار النمساوي موزارت بـ440 ألف يورو في مزاد ع ...
- السياف
- “تابع كل الجديد” تردد قناة روتانا سينما الجديد 2024 علي جميع ...
- مصر.. الفنانة مايان السيد تعلق على مشاهدها بمسلسل -ساعته وتا ...
- الروائية الكورية الجنوبية الفائزة بنوبل للآداب -مصدومة- من ا ...
- المزاحمية رواية سمير الأمير الأولى


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد نوح - علاقة اللغة والمجاز ورؤية الإنسان للكون في كتاب المجاز واللغة ووحدة الوجود