أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - صبرا وأحلام مبعثرة _ قصة قصيرة















المزيد.....

صبرا وأحلام مبعثرة _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4672 - 2014 / 12 / 25 - 21:21
المحور: الادب والفن
    


واحدة من تلك الذكريات التي تؤجج نار الحسرة في قلب السيدة صبرا أنها لم تحظى مرة بلحظة هيام تتواصل معها ومع أحلامها التي رسمت معظم خطوطها يوم كانت طالبة تفرش العالم جمالا بكلمات رائعة تتراقص على أنغام دقات قلبها الذي عرف الحب باكرا مبكرا ,صارت النجمة التي تعتلي مسارح المدارس حيث انتقلت في دراستها بتفوق لتقف في سنتها الأخيرة على مدرج الجامعة بأعتبارها نجمة الشعر الشبابي وواحدة من الأصوات الواعدة ,القاعة الغارقة بكل مظاهر الجمال والتنوع الملون بالأزياء والعطور والمشاعر الأمنية كما والأماني توحي لها أن العالم الذي ستقبل عليه عالم لا حدود له بل لا مكان للتفكير بالحظ الجيد , فهي قطعة من هذه الأمنية التي تراود الجميع وقد زرعت في بالها وهي ترتقي سلم الصعود إلى دنيا العمل والمواجهة مع الحياة وقد أنتهت المرحلة الأهم في حياة كل إنسان , الجامعة .
الحب كان قرارا مؤجلا وخيار لم يحن وقته بعد برغم الكثير من القلوب التي أعترضت طريقها من قبل جمالها وهذا الألق الذي ورثته من عائلة تلبست بالأدب والفن والسياسة مدعومة دوما بخلفية تجارية تمنحها هذا الدعم المتواصل ,فعلت كما اعترفت في أحدى قصائدها أنها جربت الإحساس بالحب لكن تركته بإرادتها فقطالسيدة صبرا وقد بلغت الخمسين تلتفت دوما للوراء لتكشف أن الحظ ليس الفكرة الملامة ولا الرجال هم من يمكن لها أن تسامحهم ,إنهم مجرد أوهام تتراكض خلف مأساتها المتكررة مع تجربتين مرتين كان الرجل هو من يزرع الشوك في درب الحفاة , الانتقام أيضا لا يساوي عندها لحظة يأس كما لا يمكن أن يكون الهروب منهم ممكنا وهم من يحيط بعالمها الكبير ويمنحه هذه الحرارة , أنها في مرحلة البحث عن أسلوب لتحرير نفسها من وقع الخيانة ووقع الأكتشاف المتأخر أنها لم تعد تساوي شيئا بدون هذا التراث المتجدد من الشعر والكتابة ,إنها امرأة خلقها الله لا لتكون أنثى شاعرة وإنما شاعرة تهييج بحرفها كل مكامن الشعور عند الناس ., المحب لم يكن بذلك الذكاء الذي يعوض عنها الإحساس بعدم الجمالية التي ترى فيها بديلا لقلبها الذي تمنحه طوعا ,أقنعت عقلها المتمرد أن الأوان ليس الأوان المناسب وعليه أن يرحل حيث تتناغم ملكاته مع ملكات مناسبة .
واحدة من تلك الخيارات الملعونة هي من سعت لها بكل قوة وحملت كبريائها المتعاظم وسارت خلف ضوء الشهرة لتقتنص فرصتها الجميلة شاب يحمل كل عناوين الحلم العملي وإن لم يكن بالضرورة ناجحا بما يكفي لإرساء الاستقرار , كان مغامرة أكثر من كونها خيار ومضت به للأخر حتى أصطدمت بجدران الأنا من حيث أرادت أن تمزق كل أستر المستحيل ,لم يكن هناك ما يسمى مستحيل كان العارض الذي يقطع كل السكك والدروب الأنا المشرفة من تلتها العالية على تحريك كل خيوط اللعبة بلا تحسب .
الشعر الجميل والحضور الثر بين الناس لم يسد وحشتها لأليف لرجل يملأ عليها مساحة الفراغ الذي يمتد عادة في حياة الأنثى بحجم ما في قلبها من شوق ,كان قلبها الصغير يخفق وبقوة مع تسارع الأيام وهي تجري نحو الأربعين ,أحست أن ليلها من نار الشوق ليس أكثر من مجرد نهار تسطع في شموس لتحرقها وتحولها لرماد ينتظر أمسية جميلة هادئة لتعود أنثى وتكتب للحب وتسقى جداول الروح ماء الحياة ,دارت ودارت وتحكمت بها الصدفة أن تلتقي شاعرا مجنونا مفتونا بالحروف يسجد للكلمة الرائعة فسجد في حضرتها وطلب منها أن تكون الملكة الأخيرة التي تجلس على عرشة ويتنازل لها عن كل أمتيازات القبيلة التي ينتمي لها ومنحها الأرض والسماء , كان قرارا سريعا لم يستغرق أكثر من جلسة شعرية تخللها فنجانين من القهوة وبعض الإعجاب .
الغيوم التي تتوالد في السماء سريعا ليست هي من ينتظرها الفلاح ولا هي من تحمل الحياة , الغيوم المثقلة بالماء بحاجة إلى الكثير من الوقت لتمتلئ وكثيرا من المسافات حتى تحط بخيرها ,ها هي غيوم صبرا تنقشع مع أول صباح فشيخ العشيرة الذي منحها البر والبحر والسهول والجبال لك يكن أكثر من صعلوك صياد فرص يبحث في دفاتر النساء عن عناوين مثمرة وهكذا وجد في جنونها والعظمة التي تعتري إحساسها عنوانا كبيرا يوحي بصيد ثمين ,أكتشفت الخديعة الخطيئة لكنها استمرأت اللعبة واخذها الاعتزاز مأخذ المقامر فسارت لأخر محطة التوديع حيث رأت أن لا أحد هناك بلا لا أحد سمع بهذه المحطة فتركت ورقة على سريرهما , أذهب بعيدا لم أعد أرغب في أحتساء خمرتك المغشوشة .
كتب ديوانها الشعر الأخير بعنوان "اليتيمة" فقد صاغت فيه كل معاني اليتم في الحب وصبت جام غضبها على الرجل الأب الذي قتل الأم ليمض بقية العمر سجين الحسرة ويترك صبرا اليتيمة في طرقات الحياة وحيدة تبحث عن أب يتبنى أحلامها وأم تحتضنها , لكنها لا تثق بالأب الخائن دوما لأنه هو من حرمها نعمة السكون ,فلعنت أباها في كل حرف من قصائد سوداء مكتوبة بلون الورد ,كم كانت قاسية مؤلمة صادمة تلك القصائد المبثوثة في أوراق ديوانها ,لم تعر لكلمات النقاد دور منذ أن بدأت تكبر معها فكرة الأنتقام من الأب من الزوج من الرجل المخادع الذي يترك فراشها باردا ليتدفأ بحنين امرأة غريبة قد تكون قبيحة أو تكون ذات رائحة لا توحي بأنوثة مستكملة .
الغريب أن الكثير من الرجال يرون فيها النموذج الذي يمكن الوثوق به وبذائقته في الحياة يرون فيه الضحكة الشاردة بعيدا وتأخذهم إلى عالم مخملي أحمر فيه سر لا يجدونه في من معهم ,من يتعامل مع صبرا الشاعرة يكتشف انه امام منظومة من قيم الجمال الأخذ بالأسرار لكنهم لم يتحسسوا ولا لمرة واحدة ذلك الجرح الساكن في قرارة الروح جرح الرجل الذي لا يحسن الخيار , ولا يحسن التعامل مع سيدة تتراقص الحروف بين يديها كأنها أشخاص من دمى تستجيب لكل حركة رفع أو ضم أو جر من بين اصابعها الأنيقة حتى في تفاصيل خلقتها .
إنها السيدة التي منحت الحروف حرية التعبير عن سجن كبير عاشته وتعيشه بقهر لا يغادرها مع كل مساء أو يطل عليها في الصباحات الباكرة وهي تنهض من أرق ليلة بالكاد انتهت منه لتواصل يومها بذات الإيقاع, لكن وجهها الجميل يأبى أن يكشف للعالم كم بكت في لياليها وكم أخرج الصدر من زفرات حارة تكاد تحرق حتى حرير ستائر النوافذ في غرفتها المسكونة بالحسرة .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حق الإيمان وحرية التدين
- التصحيح وممارسة حق العود
- حقيقة الشيعة والسنة كمصطلح سياسي
- الهرمنيوطيقا... دلالة المعنى في الواقع الإسلامي
- أنتصار الغائية
- متى يسقط فرسان الدين
- النص واللغة
- من رسائل امرأة طفلة _ قصة فصيرة
- قصدية عالم سبيط النيلي قراءة متأنية ح1
- قصدية عالم سبيط النيلي قراءة متأنية ح3
- أحلام ليست وردية _ قصة قصيرة
- في معنى السياديني ح1
- في معنى السياديني ح2
- دنفش وصندوق جدتي وصورة الزعيم _ قصة قصيرة
- مشروع قرضة حسنه _ قصة قصيرة
- الرقص على جسد الشهوة _ قصة قصيرة
- إشكاليات الثقافة العراقية
- الإسلام وتأريخ المسلمين ح1
- الإسلام وتأريخ المسلمين ح2
- الف جني وجنية _ قصة مجنونة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - صبرا وأحلام مبعثرة _ قصة قصيرة