أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - دنفش وصندوق جدتي وصورة الزعيم _ قصة قصيرة















المزيد.....

دنفش وصندوق جدتي وصورة الزعيم _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4659 - 2014 / 12 / 11 - 08:34
المحور: الادب والفن
    


دنفش وصندوق جدتي وصورة الزعيم

صندوق جدتي الراحلة الذي تحتفظ به العائلة مع بعض أغراضها في غرفة جانبية في سطح البيت المتهالك أصلا يرى من خلال النافذة المفتوحة دوما ,كما أرى صورة قديمة معلقة بشكل مائل لسيادة الزعيم كريم وفانوس تحطم جزء من زجاجته لكنه يبدو غير مستعمل من قبل, في هذا الصندوق أسرار وخفايا من عالم غريب تشير والدتي دوما على أنه مجموعة أسرار ورثتها جدتي الكبيرة من أخيها الدرويش ,لا أعرف بالضبط ما تعني هذه الكلمات حتى عدت يوما من المدرسة وجدت رجلا لا يشبه أحد من عائلتي لكن أرى أمثاله أحيانا قرب أحد البيوت المغلقة غالبا في أخر الشارع .
أشد ما يرعبني وأنا في السابعة من عمري ذلك القط "دنفش" الذي كان يسكن الغرفة وحيدا كأنه سلطان في مملكة لا يمنحني أي فرصة للعبور عبر السياج الحديدي الذي يفصلها عن السطح وكأنما هو مستقل بها أو كان وريثا وحيدا لجدتي ,كنت الأقرب لها من بين الصبية الذين يتعلقون دوما بها, مخزن الساهون والحامض حلو والملبس والكعك كانت تستجلبه أو يجلب لها من الكثير من النساء أعرف البعض منهن والغالب لا أراهن يترددن لها ,أنا صاحب الحظوة في أسفارها دوما .
"عمو جواد" عامل التنظيف بمدرستنا يعرف قصتي مع دنفش وكثيرا ما علمني طرق أتحايل فيها كي يخرج من غرفة جدتي ,كل ما في الغرفة يعود لي متأكد أنها قالت لي أكثر من مرة أنها ستترك كل شيء لي ,حتى أبنتها الوحيدة جدتي الأصغر كانت في خصام وعراك دائم معها ,أنها لا تثق بأحد إلا بي وحدي رغم أني في حدود السابعة عندما رحلت وقيل لي أنها ذهبت للجنة ولن تعود أبدا ,عصر ذلك اليوم بكيت كثيرا أظن أني لن ولم أبك بمقدار ما بكيت حتى أدركني الجوع ذهبت لبيت الجيران لأتعشى وأنام عندهم لعلي أراها وهي في الجنة .
صورة الزعيم هي الصورة الملونة الوحيدة التي أراها في البيت وغي المدرسة وحتى في الشارع ,المصور الذي يبعد مسافة عن بيتنا عندما نذهب للعب قرب محله ليس هناك من صور جميلة كألوان صورة الزعيم المعلقة ,غالب الصور تلون بألوان يدوية شاهدت مرة المصور ابو فخري وهو جالس في محله ويجتهد بتلوين صورة لطفله صغيرة ,أخبرته عن ما موجود في غرفة جدتي وأنها أجمل من كل الصور المعلقة هنا ,قال أنه لا يحب الزعيم لذا لم أعد ألعب أمام محله لأنه يكره جدتي ويكره الزعيم كريم ,هكذا حتى كبرت لم أطيقه ولا حتى أن أزور محله وهو قريب لنا .
توسلت كثيرا بوالدتي أن تذهب معي للسطح وتطرد دنفش من الغرفة وتفتح لي الصندوق أنه أخر بقايا جدتي إنها ملكي أنا وهي تعرف تماما أنه لي ,كل توسلاتي لم ولن تنفع من تغيير قرارها الحاسم أنها لا تستطيع أن تفتح على نفسها ذكريات الجدة كادت تبكي مرة وأنا أتوسل بكل أمواتها أن تفتح لي باب السطح ,فقط أفتح الصندوق لأرى ما فيه وأحمل صورة الزعيم كي يراها العم جواد , أعرف أنه يعشقه حد الموت فهو من أسكنه البيت الذي جعل منه بشر كما يقول .
نجحت مرة في أستدراج دنفش للسطح الفوقاني عندما أحضرت معي سمكة ووضعتها في السطح العالي وأنتظرت حتى يغادر الغرفة ليأكل على مهل وأن أدخل بدون إزعاج وخوف, هكذا أنطلت الحيلة وصعد مسرعا كأن أحدا ما أخبره وعبرت السياج ووصلت باب الغرفة أحاول فك السلسة الحديدية واذا به أمامي ممسكا بالسمكة من وسطها وعيناه تبرقان غضبا وتحدي ,هربت منه وكدت أسقط لولا أن أمسك بالعمود الخشبي الذي يحمل السقف والسطح تمسكت به تمسك الغريق حتى ذهب ودخل الغرفة لأعبر هذه المرة وكل جسدي يرتعش .
حلمت مرة أني أحمل صورة الزعيم وأنا ذاهب مع جدتي لزيارة أحد أقاربنا ووصلنا مزار لا أتذكر أني رأيته من قبل وجلست في بابه فيما دخلت جدتي لتؤدي الصلاة ,تأخرت كثيرا خفت أن تكون ذهبت وتركتني ,ركضت في الشوارع لا أعرف كيف تسنى لي معرفة الطرق ممسكا بكلتا يدي بالصورة أخاف أن يسرقها أحد أصرخ بكلام لا أتذكره لكنني رأيت أشباح تجري خلفي ومعهم دنفش لكن بصفة شخص كبير السن في ملامحه لكنه بطولي وبهيئة بيضاء وليس كما هو في الطبيعة ذو لونين أبيض وأسود , أصحوا دوما لأجد نفسي غارقا بالعرق وجسدي يرعش .
زارنا أحد الأقارب كنت من فترة التقيت به في أحدى الزيارات مع المرحومة جدتي وكان ريفيا لا يخاف ولا يخشى من أي حيوان , قال أنه يذهب ليلا لوحده في البستان مع مجموعة من الكلاب التي تتبعه دوما يتفقد البقرات وأحيانا يذهب إلى دار عمته التي تبعد عنهم كثيرا ,سخر مني عندما أخبرته عن دنفش ووعدني أنه لم يعود دنفش للغرفة مرة أخرى بعد أن يوسعه ضربا بعصاه الخشبية , فرحت كثيرا وجرينا للسطح برغم صراخ أمي .تجاهلتها وركضنا معا ووضعتهما وجها لوجه مع بعض , حاول أن ينهر بوجهه لم يتزحزح رماه بحجر صغير كشر عن أنيابه تراجع صالح وقال لو كانت الخشبة معي لم يستطع أن يبقى دقيقة ,المهم نزلنا نبحث عما نريد في الشارع وقرب المزبلة التي في الخرابة المجاورة لبيتنا ,عثرنا على ما نريد ودخلنا بسرعة ,كانت والدته قد أنهيت الزيارة واصطحبت فارسي معها وبقيت وحيدا أتأسف على ضياع هذه الفرصة .
عاد الدرويش الذي زارنا قبل مدة وجدته واقفا بالباب ينتظر أذن الدخول فيما نحن نخرج ذهابا للمدرسة ,الجو الحار النيساني لم يمنحني فرصة لأتعمق بتفاصيل وجهه الأبيض ولحيته المدلاة على صدره لكن ما أعجبني تلك العصا الغليظة التي يتوكأ عليها وفيها رسوم ونفوش ملونة وأعلى رأسها شبه رأس أفعى أو هكذا تهيأ لي ,تمنيت لو يبقى عندنا حتى أعود من المدرسة وأستعير هذه العصا الرهيبة كي أطرد دنفش دون أن يتمكن من أن يقرب مني ,تمنيت أيضا أن يحدث شيء غير متوقع وأخرج من المدرسة ,أنتهى النهار ما أطوله جئت مسرعا أحلم بأن ألتق بالدرويش أو لربما أكلمه كي يطرد هذا الهر المتوحش من غرفة جدتي وأفتح الصندوق وأحمل صورة الزعيم مع كتبي المدرسية .
حركة غير طبيعية في باحة الدار بعض أغراض البيت وجدتها مكدسة أمام الفسحة التي أمام الباب وهناك حمالون ينقلون بعض الأثاث لتلك العربة التي يجرها الحصان الواقفة في أول المدخل ,لم يقل لي أحد أننا سنرحل رميت حقيبتي على أول درجة في السلم وأنا أجري مسرعا للسطح ,كانت الغرفة فارغة لا يوجد أي شيء هناك سوى الفانوس المكسور وبعض من فضلات دنفش اليابسة ,بكيت كثيرا وبصمت هذه المرة لقد ماتت جدتي مرة أخرى بعد أن سرق الدرويش صندوقي وصورة الزعيم وبعض من حلم .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع قرضة حسنه _ قصة قصيرة
- الرقص على جسد الشهوة _ قصة قصيرة
- إشكاليات الثقافة العراقية
- الإسلام وتأريخ المسلمين ح1
- الإسلام وتأريخ المسلمين ح2
- الف جني وجنية _ قصة مجنونة
- مشاكل التدخل الإنساني في هيكلية النص الديني
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح1
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح2
- عناوين كبرى وعناوين صغرى
- مفاهيم القيادة والعمل التنظيمي في فكر الرسالة
- العراق التأريخي وصناعة التمدن
- العبادي وواضعي العصي بالدواليب
- محاولات لكبح الجنون
- العقل والنتاج المعرفي
- نحن والربيع الأوربي , نسخ تجربة أم تقليد لظاهرة
- البصمة الأولى
- التحولات الكبرى في الصراع بين الأعراب والإسلام من محمد ص إلى ...
- الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح2
- الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح1


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - دنفش وصندوق جدتي وصورة الزعيم _ قصة قصيرة