أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح1














المزيد.....

أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4654 - 2014 / 12 / 6 - 11:12
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد

شهدت أوربا في منتصف القرن السابع عشر والثامن عشر وما تلاه حتى بدايات الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين حروبا قومية واقتصادية وتجاريه مختلفة عصفت بالقارة وسحقت بآلتها الحربية مفهوم الحرية المقدس فلسفيا وفكريا والتي جاءت به الثورة الفرنسية كشعار لمرحلة فاصلة من تاريخ أوربا والإنسانية .
بينما وظفت الكتلة الاقتصادية في أوربا مفهوم الحرية باتجاه تنمية المصالح وتوفير المبررات التي تتسارع وتزيد من التعجيل الطردي في حركة الصناعة والتجارة وأمتداد هذا الزخم الى خارج القارة وإن لم يكن تحت نفس العنوان السابق وهي الحروب الدينية إنما تحت يافطة الحرية الاوربية الذاتية حرية تنتقص من المعنى الاصلي بصورة لا اخلاقية فولدت الكولونيالية والاستعمار الجديد وما تلاها من حروب باردة أنتهت بزمن العولمة وما بعد العولمة.
لقد أعادت الذاكرة الإنسانية هذه الصورة من الحرية الأوربية مشهد الحروب الصليبية والصراع بين الشرق والغرب الصراع الذي يدور بأدوات مادية وأسلحة فكرية ولكنه في جوهره صراع وجودي صراع تزاحم وتنافس حضاري بين القيم المادية التي دوما يبشر بها الغازي الأوربي وبين القيم الروحية والأخلاقية التي يمثلها المحارب الشرقي.
لقد نقلت أوربا هذا الصراع فعلا ونجحت في ذلك بالقرن الثامن عشر وما تلاه من نقل الأثار ونتائجه ومؤديات البعض من أسسه كمعطيات جديدة منها المادي والروحي من ديارها إلى الخارج باسم الحرية وهي مفردة روحانية اكثر منها مادية لتحطم بذلك صورة الشرق والجنوب بالمفهوم الجديد الحالي, لقد تسلحت الحرية الاوربية والذاتية بجوهر روحي مقابل ماديتها المفرطة لتغطي بشاعة الهدف الغربي الشمالي من المناداة بالحرية.
لقد أنتج هذا الصراع كواقع مفروض علينا وكنتاج عرضي لا يقاس بالثمن حركة تساؤلات مصيرية في المجتمعين معا كان الاثر الفكري أوضح في أوربا أما الأثر المادي فكان أوضح في مجتمع الشرق والجنوب حيث تهاوت اركان البناء الروحي والأخلاقي عندها مقابل ضخامة قدرات المواجهة الغربية الشمالية.
لقد أصيب الحضارة الروحية الشرقية والجنوبية بما يسمى فوبيا التخلف فوبيا عدم اللحاق وأبهرتها الصورة المادية وقوتها ونشاطها لتبدأ بالتخلي شيئا فشيئا من ثوابتها ومقدماتها لصالح الحداثة وسعت بكل قوة نحو التقليد والسعي للمماثلة دون ان تعي ذاتيتها كما فعلت الحداثة اصلا في أوربا, لذا نجد أن في سعيها هذا لم تنجح في بسط مقومات ونتائج الحداثة في بلدانها بالقدر الذي نجحت فيه أوربا لأنها لم تدرك أن وصفة الحداثة ليست سحرية ولا جاهزة للتطبيق دون مراعاة للذاتية والحرية الذاتية الخاصة بها.
لقدت فقدت الذاكرة الشرقية فاعليتها وأيقنت أن التجربة الغربية مصير محتوم لا بد من المسايرة له والقبول به كأمر واقع, مما لم تعد تنتج معه ما يمكن أن ينجح في استيعاب مفعول الصدمة والتعامل مع المستجدات دون أن تضحي المجتمعات الشرقية بقيمها الاصيلة و ببعضها الثمين لذا فإن حالة من الاغتراب والغربة عن الواقع جشمت على العقول فلم تعد تميز قيمة الحرية بالنسبة لها.
فكل ما يأتي من الغرب والشمال الحداثي هو ضرورة وجودية وعين اليقين الذي يجب أن يكون سائدا وباسطا مفهومة ولو تناقض ذلك مع الواقع والحقائق على الأرض, هنا وجدنا واقعا أستلابيا حقيقيا لحرية هذه المجتمعات بل وجدنا دفاعا مستميتا من البعض المحلي الذي فقد ذاكرته عن الاستعمار وعن الحرية الاوربية الذاتية لصالح الفكر الوافد ومعطياته وتكويناته الأساسية بما فيه ما يمكن أن يلغي حتى حدود الشخصية الذاتية لمصلحته .
في الوقت الذي تمتعت فيه أوربا بالحرية الذاتية حسب فهمها الخاص كمجتمعات وعلى مستوى أقل كأفراد ونجحت في ارساء انماط وصور من التحرر الفكري والعقيدي والعلمي نتيجة لما عملت له وأسسته أيضا تحت جناح الحداثة وما بعدها نجد الوضع مختلف بل ومناقض لما هو خارجها وخصوصا في المجتمعات التي لم تكتمل فيها مظاهر الوعي وحدود الهوية .
عجز الشرق والجنوب أن يؤسس اطر مماثلة وظل يسير بمنهج ذيلي متقمص كل الأمثلة والمنتجات الغربية والشمالية دون فحص ودون وعي, والعلة تكمن في تغييب الذاكرة التي لم تفيق بعد نتيجة انبهارها وفقدانها التوازن وعجز الطبقة الفكرية والسياسية النخبوية ان تلهم الذاكرة حلم العودة لها وحلم الانفعال الذي ينتج ما انتجه المجتمع الغربي من قيم ومفاهيم ورؤى وأفكار مؤسسة على بنيان رصين اجتماعي وسياسي واقتصادي.
قد يكون من المهم أن نشير إلى أن فقدان الذاكرة لتوازنها ليس عيبا طارئ ولا نقصا في قابلية الذات الشرقية والجنوبية في أن تتكيف ووتلائم مع مظهرية الحداثة بشروطها ونتائجها وواقعها الجديد والقبول بها كما هي, حتى مع زعم الكثير من المفكرين والفلاسفة الأوربيين الذين يرون أن لطبيعة الجنس البشري خاصية بهذا الموضوع ,هذا الزعم العنصري يتهاوى أمام واقع أن أوربا في فترة زمنية عاشت حالة معاكسة تماما عندما كان الشرق والجنوب في حالة تفاعل أنواري في حين أوربا كانت تعيش البربرية الفكرية والظلام العام .
من المهم أن نشير إلى السبب الحقيقي والذي يعود لتمسك الذات الجنوبية والشرقية بالجانب النفسي "الروحي" فيها والذي يكمن في نسيجها الواقعي الذي نشأت عليه بما فيه الجانب ألميتافيزيقي والذي له دورا حيويا في ارشادها نحو تحقيق نوع من التكامل الرصين بين الضرورات والحتميات من جهة وبين الأسس والمعطيات الابتدائية ,فهو أذن صراع داخلي مضمر يتعلق بالروح الشرقية ووجدانها المسيطر, مما قلل أيضا من الحماسة للمشروع الحداثوي الوافد إليها من خارج نظرتها للوجود الموضوعي والوجود المادي للأشياء.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح2
- عناوين كبرى وعناوين صغرى
- مفاهيم القيادة والعمل التنظيمي في فكر الرسالة
- العراق التأريخي وصناعة التمدن
- العبادي وواضعي العصي بالدواليب
- محاولات لكبح الجنون
- العقل والنتاج المعرفي
- نحن والربيع الأوربي , نسخ تجربة أم تقليد لظاهرة
- البصمة الأولى
- التحولات الكبرى في الصراع بين الأعراب والإسلام من محمد ص إلى ...
- الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح2
- الليبراليون المسلمون والموقف من النقد الديني ح1
- أنا والسبعين
- مهمة الفكر في تحرير الإنسان
- التراث العراقي المنهوب أمريكيا
- الفكر وقضية المستقبل
- قصائد مجنونه لكنها نبيلة 1
- قصائد مجنونه لكنها نبيلة 2
- العقل الأفتراضي ومفهوم الوهم
- دور العقل وصناعة أزمة المعرفة


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح1