أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حياوي المبارك - مجرد كلام يستودَي















المزيد.....

مجرد كلام يستودَي


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 20:45
المحور: كتابات ساخرة
    




هذا المقال في مجرد كلام ـ عزيزي القارئ ـ خالٍ من أية فائدة، وهو لا يتعدَ كونه تسطير كلمات بجمل قد لا تستحق حتى بذل وقت لقراءتها، لكنها حوادث أحداثها وازمانها وابطالها حقيقيين.

رُب أمرءٍ يتسائل: هل توجد (نخلة) في ألمانيا ؟
أدناه بمجرد الكلام هذا ... ربّما تكمن إجابة !


( يَسْ تو دَي )

صحيح هي بنت، وهذا مُسجل فعلاً بشهادة ميلادها، وهي بمقاييس جداتنا ـ جميلة الجميلات ـ لأنها شقراء (طويلة) وبملامح أوربية.
وهي صفات ورثتها من أمها الألمانية، لكنها ـ مع ذلك ـ لم يكن يربطها بالفتيات شيء. فلها كتفان عريضان وقبضة يد جبّارة وحرَكة وتصرف أولاد، حتى جسمها لمّا كانت ترتدي البنطلون والتي شيرت، يظهر خالياً ... من أي تضاريس !

أمها، هجرت البلد فارّة من قيظه، تاركة هذه (البنت) صغيرة، وظلت تتصل بها من المانيا، وأنتظر الأب عودتها أكثر من عشر سنين، وبعد ان يأس، زوّجوه من بنت عمه لتنجب له الولد الذي تمناه ... (أحمد).

كل شيء في (نهلة) يوحي لكَ أنها ولد، تصرفها، مشيتها، مزاحها ... وحتى في سياقتها !

لي نظرية حول سوّاق بغداد، فلما كان الرجال يتعاملون بجرأة وحماسة وأحياناً بطيش في الشارع، تجد النساء يتعاملن بهدوء ورزانة، إلا أن هناك عُشرهنَّ يُحسب أسلوب سياقتهن على الرجال، في نفس الوقت أن هناك نفس النسبة من الرجال نضع سياقتهم في (خانة) النساء !

وعليه فسياقة الأخت (نهلة) تعد وبدون تردد وبكل جدارة ضمن (الزلم)، وغير ذلك فقد كانت سيارتها (لادا) في وقت كانت فيه البنات يسقـْنَ الرينو والنصر والتيوتا وسيارات أخرى تليق أكثر بهن.
(اللادا) وما أدراك ما (اللادا)، كلنا يتذكر كيف هي (عنيفة) هذه (اللادا)، الزجاج يحتاج عضلات لرفعه، الستيرن قوي حديد، غلق الباب صعب، كل شيء فيها ... (نهلاوي) !
× × ×


في عام تسعة وسبعين استوردت مختبرات الجامعة التكنولوجية آلة (بنتو غراف) تُدار بالحاسوب، حيث كانت تشتمل على عدة مجسات وحين تضع فيها (مجسماً ما)، تقوم بنسخ آخر على شاكلته بالضبط، أي تضع تمثالٍ ما في جهة، وتضع مكعباً خشبياً (قطعة خام) وتبرمج الحجم المطلوب، فتقوم الآلة باستنساخه وذلك بالسيطرة على (مثاقب) عديدة، وكانت بوقتها (طفرة) في عالم الحاسوب المختبري خصوصاً وهي تجمع بين أقسام الميكانيك والكهرباء ونحن السيطرة والنظم.

أقترح الأستاذ المشرف أن نجري اتفاقاً مع أكاديمية الفنون الجميلة وذلك باستنساخ التماثيل القيّمة أو الفائزة بالمسابقات، خصوصاً وبإمكان (الآلة) العجيبة تحويل التمثال الكلسي إلى خشبي، فتحركنا نبحث عن تماثيل قيّمة.
× × ×


أول تعارفي (بنهلة) كان ـ بصراحة ـ مناسبة (تعيسة)، في ظهرية من شهر مايس وبينما كنت بطريقي لأكاديمية الفنون الجميلة، ارتفعت (حماوة) سيارتي (الفيات) وقالت ... هذا حدّي، وأين ؟ عند صعود الجسر الحديدي ذي الممر الواحد.

وبينما كنت أعاني الأمرين، ما بين السيارات خلفي التي لم تكف عن (التزمير) وكأني أقف بمزاجي وبين (الفيات) التي (تحجرت)، فمسألة أن أعود بها بشارع ذي ممر واحد صعبة، وأن أدفعها في صعود أصعب أمام عدم تطوع (الخيرين) وفوضى التجاوز وعدم استعداد أحد بخسارة فرصة مروره، فضّلت أن (أتشمّس) وأنتظر رحمة من أحد.

هنا جاء الفرج من حيث لا أدري، فقد توقفت (لادا) وأبدتْ سائقــ (تـ) ــها مد يد عون وحاوَلَتْ دفعها معي للأمام وبجرأة لكننا فشلنا، فاقترحتْ وسط حيرتنا أن تسحبها بسيارتها حتى أصل للأعلى ثم ندعها تنزل بفعل الجاذبية فنجحنا ،تشكرت لها ثم مضينا.

ركنتُ سيارتي على الرصيف وذهبت للأكاديمية مشيا والتقيت أستاذ بقسم النحت وشرحت له آلتنا (العجيبة) وقلت أنها بارعة باستنساخ التماثيل وتحويلها لخشب، رحب الرجل بعد أن (تأكد) أن العمل تطوعي (بلّوشي).
وأتذكر أنه قال مازحاً أنه داخل كل حِجارة وفي كل جذع شجرة، يوجد عدد غير منتهي من التماثيل، وبإمكان النحات الماهر استخراج توأم أي تمثال منه.
جعلتني مقولته هذه أنه وكلما أرى (طابوكة) اتخيل كيف بإمكانها (ولادة) ألوف الإشكال والتماثيل ...

بعد أتفاق شفهي، أستلمتُ منه نموذجاً جبسياً لاستنساخه على خشب ـ وكان لطفل يحتضن سمكة تكبره حجماً وملتصقة به ـ وما أن خرجتُ حتى تذكرت أن السيارة بعيدة، كانت (السمكة) ثقيلة لا أقوى على حملها لمسافة ففضلتُ إنتظار سيارة أجرة، فرأيت (نهلة) أمامي من جديد !


قلت: مستحيل، شلون صدفة، هاي تَصْلح سيناريو فلم هندي !

قالت بعد أن أكّدَتْ أنها حقيقةً صدفة: ضع تمثالك ودعني أوصلك أحسن ما تبقى حائر، شرط مَ تكون ساقه !

... وبعدما أوصلنا النموذج لسيارتي، قمت بدعوتها لكازينو قريب كي اشرح لها قصة ... التمثال.

× × ×


يقع عند النزول من الجسر الحديدي جهة الوزيرية، بجانب معهد الادارة، كازينو أسمه (الركن الهاديء)، صغير ومسقف بالجينكو، ويمتاز بعدم وجود أي شباك فيه، فما أن تدخله حتى يحيط بك الظلام وكأنك تدخل قاعة سينما خلال العرض، ويحتاج (بؤبؤا) عيناك برهة كي يتكيفان مع الإضاءة التي هي عبارة عن اضوية ملونة خافتة جداً، وقد جعلته أجوائه الرومانسية هذه قبلة العشاق لأنها لا تساعد أبداً على تطفل أحداً ... على آخر !

عند تعارفنا، ظهر أنها طالبة أكاديمية في مرحلة ثالثة قسم تصميم ديكور، ورغم أن اسمها (نهلة) لكن في البيت وصديقاتها ينادوها (نحلة) لأنها تتحرك كثيراً وتساعد الآخرين ولا تستقر على ... زهرة !
إلا أن طولها أوحى لي بأغنية لعفيفة اسكندر، رددْتها بينما كنا نحتسي (الكوفي):

داير طرز عالمودة فوك الكذلة يطرزَنـّه
والعين عين الغزلان والطول ناكة جنـّه
أعجبها ان تردد معي ... والطول ناكة جنّة !


وبسبب هذا التميز (بجذعها) فقد اقترحتُ أن أناديها بدل نهلة أو نحلة باسم محوّر قليلاً وهو ... (نخلة)، وكنت محقاً مع فتاة أطول مني ... بشبر، مؤكداً بأن النخلة والنحلة مفيدتان والفرق بينهن ... نقطة !

كانت علاقة جميلة امتدت لعام ونيف، وهي العراقية الوحيدة ـ حسب ظني ـ التي تحمل بحقيبتها درنفيس وصافرة (تصوفر) كلما تشاء ومصيادة (لاستيك) لا تتردد باستخدامها مع المارّة بدافع المزاح، وكانت حتى ميداليتها عبارة عن ... (جمجمة) !


× × ×

يسكن أهلها الأعظمية قرب وزارة العدل (سابقاً)، وهواتف المنطقة ـ البدالة القديمة ـ تتكون من خمس أرقام تبدأ بمكرر اثنين، وتعاني من اختناقات شديدة والخطوط تتشابك باستمرار، وكانمن الصعب عليّ أن اتصلُ بها، والمصيبة أنه وبعد جهود وحين لا ترفع هي السماعة، أحاول أن أداري الموقف فيدور نفس الحديث ...

أبوها: الو ... منو حضرتك ؟
المسكين أنا: وزارة العدل ؟
ـ لا بابا، إطلب عدل !

أما الكارثة فلو ردّ أخوها أحمد ذو الخمس سنين ...
ـ هلو أبو شهاب، شلونك ؟
بغضب: زين ... شتريد ؟
ـ ممكن نهلة ؟
برجولة وثقة: إذا بعد تخابر أختي، والله أتواعد ... ويّة أختك !

في معظم الاحوال وبعد معاناة كي احصّلها، أفشل في أن اتكلم معها، وهو (نضال) كنا كشباب نخوضه ونتلقى من وراءه أصعب المواقف و(أقسى) ردود الأفعال !

× × ×


... في عام 81 تخرجنا وكانت حرب إيران تدور رحاها منذ أشهر وزاد إلحاح أمها كي تهاجر إليها، وفعلا اتخذتْ القرار ثم الفيزا لألمانيا، وتواعدنا في المدينة السياحية بالحبانية للوداع ...
كانت هناك بمعية أبوها وزوجته وأخوها (أحمد)، وقد ظهرت وهي بقمة الأناقة، فقد كانت ترتدي بنطلون جينز ابيض وبلوزة جميلة (بكاب)، وهي من ضمن هدايا وصلتها من ألمانيا.
مشينا بين الفندق وديسكو الخيمة لمرات، وبيننا (مزروع) العذول (أبو شهاب) يناولني سهام نظراته كلما (أقترب) ولو قليلاً، ثم جلسنا على أريكة عند الخيمة تطل على البحيرة الجميلة، وطلبتْ مني ـ وهي صاحبة المفاجئات الجريئة ـ أن ابحث بالكاب عن شيءٍ ما !
توقعت أن يكون مثلا صرصور أو بريص اصطناعي، واستعددت للمفاجئة ...

لكني لم أجد إلا عدة قصاصات ورقية، قالت افتح واقرأ، فتحنا الأولى (اسم ورقم هاتف)، القصاصة الثانية (رقم آخر واسم)، والثالثة ... والرابعة ...
ـ شنو السر ؟ سألتها
لا أدري (قالت) لكن هذه مشكلتي كلما ألبس هذه البلوزة في الاعظمية فالشباب يترسون (الكاب) كواغد، عبالك مزبلة !

قلت ساخراً: يلّة تفيدج بالمصيادة مالتج !
قالت: المشكلة كيف أعرف منو صاحب الرقم، المفروض يخلّون صورتهم مع الرقم !

ومع أننا لم نستطع تفسير (لغز) كثرة هذه الأوراق، ورغم ألم لحظات الفراق ضحكنا كثيراً، ثم غادرَتْ المكان بوداع حزين وبدمعة عين ...

وبقيَتْ هي تردد : يا يمّة أنطيني الدربيل ...

وأنا اُكمل : ... والطول ناكة جنّة !

فألقيتُ نظرة أخيرة على طولها كي لا أنساه، ورغم أنها نظرة خاطفة، لكنها فسّرتْ لي لغز القصاصات الورقية وتفسر سبب محاكاة الشباب لها ...

كان نور الشمس يعكس كلمات مكتوبة بين حرفي (واي) كبيرين ... طـُرِّزت بلون فيروزي لمّاع على ظهر بلوزتها، من يومها منذ (ثلاثين) عام، لا تزال هذه الكلمات منقوشة (بدماغي) وأراها بوضوح، تقول حروفها ...

YES TO DAY


عماد حياوي المبارك ـ المدينة السياحية
صيف 1981


× بعد سفرها بعدّة أشهر، مُنع سفر العراقين ـ بسبب الحرب ـ واستمر طيلة الثمانينات، ولم استطع تتبع أخبارها بعد.
× اما مصير الآلة العجيبة (البنتو غراف) :
فقد فشلنا بتوفير خشب مناسب لها، وبسبب صلابة الخشب المتيسر الذي لا لائمها، استُنزِفتْ كل (البراين) فتحولنا على الجبس وببراين من السوق ...
تعثر المشروع خصوصاً بعد سفر الأستاذ المشرف لأنه تبعية إيرانية، هذا الأستاذ الكبير هو أحد مخططي مشروع أضوية المرور نهاية السبعينات ببغداد.
توقفت هذه الآلة لاحقاً وبقيت مركونة بزواية أحد البنايات المعدنية الستة (المختبرات) في الجامعة التكنولوجية، يغطيها التراب ويأكلها ... الصدأ (الزنجار) !
× قد أكون قد وُفقتُ في الإشارة بأنه ـ ربما ـ فعلاً توجد اليوم (نخلة) في بيتٍ ما وفي مدينةٍ ما ... بألمانيا !


أغنية المطربة الجميلة عفيفة أسكندر (يا يمّة انطيني الدربيل) على الرابط :

http://www.youtube.com/watch?v=i-jO8rBc7ZY



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا أنا ... عماد
- نوم ... شياطين
- يوم أكتشفتُ أني ... غير مؤمن !
- العتب على ... السمع
- ورقة التوت
- الآنسة ... بابيت
- عملية اغتيال ... بدالة
- مستقيمات
- لواكة لبّي
- حكايا وبغايا
- لازوردي
- كالكوووون
- قه شقولي
- فلس ... وسبع كازكيتات
- البعد الرابع حقيقة أم خيال
- الأخوات السبعة
- أعز أولادي
- حمادة سجادة
- طابة
- البوابة الذهبية


المزيد.....




- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حياوي المبارك - مجرد كلام يستودَي