أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - عماد حياوي المبارك - نوم ... شياطين















المزيد.....

نوم ... شياطين


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 03:00
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


نوم الشياطين

الإنسان يولد ملاكاً، والسنين هي من يصنع منه ـ بعض الأحيان ـ شيطاناً، والشياطين من البشر أنواع، منهم شيطان نتيجة لأفعاله وآخر لتصرفاته، لكن هناك آخرون مساكين لا ذنب لهم سوى أنهم لا يستطعوا النوم إلا على بطنهم، فيوصف نومهم ... بنوم الشياطين !

لا اعلم لِمَ هو نوم شياطين، ولا أتفق مع من يقول ذلك، فهل المقصود أن الشياطين تنام هكذا، أم من ينام يتحول لشيطان وسيحلم بأمور شيطانية ؟

منذ طفولتي ولا أزال أنام هكذا، وأرضى ـ كي أتمتع بنوم هاني ـ كل ما يُقال عني، فهو أرحم عليّ من أن أسهدُ حتى الصباح كي أكون ... ملاكاً !
ولأن لا يغفُ لي جفن إلا لو أنام على وجهي، شكّل ذلك لي حرجاً حين كنت بالجيش أو عند سفري وترحلي.

والنوم على البطن لا يمكن على مخدة (جمبو) لأنها تؤذي الرقبة، ولأن الوجه يواجه المخدة والأنف يغطس فيها، تجد علينا اختيارها بمواصفات خاصة، صغيرة وناعمة والأهم نظيفة عَطِرة، لذا فإن أول أمر أَحرص أن أضعه في حقيبة سفري ... هو مخدة صغيرة !

ليس نوم الشياطين ضار في كل الأحيان، فمن فوائده أن في طفولتي وعندما كنا ننتظر نحن الأخوان في ليلة الجمعة فلم السهرة العربي على شاشة التلفاز، ولمّا يكون واجبي الخفارة بينما أخوتي يتمتعون بقيلولة، كنت لا أغفُ طالما أبقى متمدداً على ظهري، لكن ما أن أدور بجسمي، فهذا يعني بأن فلم السهرة ... راح علينا !

× × ×

بعد تخرجي بسنتين، كنت طرفاً بموقف حرج بسبب نوم الشياطين، كان عليّ الاختيار بين أمرين ... كليهما مُر !
لنمسك الحكاية من البداية، ولأنها واقعية وحساسة فسوف لن اُسمِ بطليها باسميهما، وليضع كل منكم نفسه محلي ...

في بداية أكتوبر عام 76، وبينما كنت بانتظار القبول المركزي،
كانت الدراسة قد بدأت منذ أسابيع، فاستأذنت أهلي بالسفر لألتقي أصحابي الطلاب بجامعة البصرة، فحجزت القطار الصاعد الذي يغادر المحطة العالمية عند التاسعة ليلاً ليصل محطة المعقل قبل السابعة صباحاً.

كانت عربات الدرجة السياحية أنيقة نظيفة مكيّفة، وبينما توافد الطلاب على القطار، صعدتا في نفس العربة طالبتان بزي موحد، وكانتا ملفتتين للنظر كونهن يرتدينَ قميصين أبيضين (متميزين)، كان بودي في سبيل راحتهن و(راحتنا) أنصحهنّ لو كن قد أرتدينَ ملابس أكثر حشمة، لكن لم تسعفني جرأتي بشيء سوى استراق نظرات مراهق لهن، وكلي سعادة بمشهد كان يأخذني لأجواء (نعومة) الجامعة، سيما وإني قادماً من (خشونة) الإعدادية !

اتخذتا الناعمتين بالـ (قميص الأبيضِ)* كرسيْهُنّ إلى الأمام مني وعلى الناحية الأخرى، كان يتسنى لي مشاهدتهن ومراقبة حركاتهن المرحة، حيث أكلنَ وتمازحْنَ ثم خلدْنَ كالبقية للنوم ...

أنتصف الليل وأطفئت أنوار العربة جزئياً، ونام الجميع وعلت أصوات (شواخير) هنا وهناك، لكني وبسبب (نوم الشياطين) كنت لا أزال أعاني، فلا يَسمح لي الكرسي بأن أدور لأغفو، وليس عندي ما أفعله سوى أن أغمض عينيّ ليسهو فكري حول نتائج القبول المركزي، ترمي بي التوقعات من حدايد الميكانيك لوايرات الكهرباء لطابوقات المدني، وشتان بين اختصاصات كنا نـُسطّرها على ورقة تقديم وتتحكم فيها بضع درجات ...

وبينما كنت أترقب العربة بعيون (قط) نصف مفتوحة، تركتْ إحدى الفتاتين مكانها بهدوء شديد لشاب، فجلس بجانب الأخرى وكأنه فارساً نزل لتوه من صهوة جواد أبيض، وبدا لي واضحاً أنهما قد رسما خطة، وها قد بدءا تنفيذها خلال الطريق، فما هي إلا دقائق حتى تبادلا الهمسات ثم اللمسات ... بصمتٍ رهيب* !!

نسيا نفسيهما في بحر الغرام طويلاً، يُسخنا الأجواء دون خشية، كان فلم رومانسي لم يتخلله فعل مقص رقيب حتى الفجر، حينها عاد (الفارس) لمكانه حتى أنهما عند وصولنا تصرفا أمام زملائهما وكأن ليس من سابق معرفة تجمعهما.

توجه الجميع من المعقل الى الطبكة فالجامعة في التنومة، بينما التقيتُ أصدقائي الذين منحوا نفسهم إجازة مفتوحة (إكراماً) لي، وكانت رئاسة الجامعة ـ بوقتها ـ قد عممت خبراً مؤسفاً يقول بأن نسبة الغياب المسموح بها قد خُفّضتْ من 25% من مجموع ساعات الدرس إلى 15%، مما جعل أحد الربع يطالب بمكرمة لأنه قد تجاوز النسبة الجديدة في أول شهر !

كان نادي جامعة البصرة الجميل يجمعنا، وتتم صباح كل يوم عروض أزياء وإبراز أناقات ورشاقات، فقد كانت الموضة حاضرة أمامنا، والعيون ترصد هنا والعقول تترقب هناك، وبينما كنت أصِفُ (فلم السهرة) الرومانسي للأصدقاء، مرّت (بطلته) بقوامها الرشيق وأناقتها ... وقميصها الأبيضِ.

انتهى الموضوع بتعجب الجماعة وصدمتهم حين عرفوا (بطلة الفلم)، لكن رجانا أحد الأصدقاء المقربون (سعد) أن نتكتم على ذلك كونها بنفس كليته وقسمه، وهكذا أتفقنا على إخفاء الأمر أو على الأقل تناسيه وعدم (النبش) فيه.

عدتُ من سفري متمنياً لهم التوفيق في عامهم الجديد، أمنّي نفسي بسهاد بقطاري النازل لبغداد ... وأن أجدُ صيداً آخر !

كل ما عرفته لاحقاً أن (الربع) ما فتئوا يراقبون ذات القميص البيض، ولاحظوا إنما تأخرها أحيان كثيرة عن العودة للقسم الداخلي للبنات إنما يؤكد حكايتي وربما ... أكثر !

× × ×

مرت السنين وتخرج الكل ونسينا الأمر كله، حتى زارني (سعد) وفتح الماضي ليقول بأن زميلاً كان في جامعة البصرة أيضاً قد سأله قبل فترة عنها، (فتملص) منه ولم يتكلم عن ماضيها ...
لكن المشكلة التي أستجدت أنه جاء إليه يريده مرافقته في الذهاب لخطبتها، فنصحه بالتريث، لكن الزميل صمم لأنه في عجلة من أمره، وأخبره بأنهما يعيشا قصة حب حقيقية.

وقال (سعد) بأنه يريد مشورتي ويسألني الرأي، هل يقوم بإخباره ؟
طلبتُ منه بشكل قاطع عدم إقحامي بالأمر، فتركني بغضب ومضى.

قضيت تلك الليلة لم أذق فيها ساعة نوم واحدة، مستلقياً على (ظهري) متجنباً (نوم الشياطين) متسائلاً ...
(هل كان عليّ أن أدفع سعد بأن يُخبره أم لا ؟)
خيارين كليهما مُر، فإذا لم يخبره، فما معنى مجيئه وثقته به، وهل كلمة الصدق واجبة وعلينا قولها في كل الأحوال، وهل يجب عليها تحمل عواقب أفعالها كي لا يعيش زوجها طوال حياته مخدوعاً ؟

المصيبة انه لو قام (سعد) بإخباره، معنى ذلك أنها صدمة عنيفة لهما و(يتفركش) مشروع عرس وبناء بيت وسيُسدل ستار على حبهما !

المفارقة والشيء الغريب هو ما حصل ...

حيث أن (سعد) حين وضعه أمام الحقيقة وأفشى له بسرها وأكد له سلوكها خارج أسوار الجامعة، كذّبه وأبى الإصغاء رافضاً (التهمة) جملة وتفصيل، وأنتفض وثارت ثائرته وصار يشتمه.

ثم باغتني عند عتبة بيتي وأنا لا أعرفه، وبعد أن ضغط عليّ اضطررت أن أخرج عن صمتي وأخبره ما رأيت في عربة القطار، فأسمعني بغضب سيل شتائم وتوعدني شراً لو تفوهت بشيء، ثم تركني وسط دهشتي وتعجبي ذاهباً لخطبتها وكله نار وشوق.

ما هي إلا أيام كان قد دعي الأصدقاء والزملاء لحفلة عُرسهم في نقابة ... باستثناء (سعد) !

لاحقاً كنا نظن بأن شبحاً سيخيم على حياتهما ويُلقي بسعادتهما الزوجية خارج محيطها، لكن الزواج قد نجح، ورزقا بثلاث بنات، وبدا أنهما قد تجاوزا الهفوة ومسحت الأيام كل شيء، قلنا الحمد لله فهي إرادته على كل حال وله فيها آية، أما نحن فقد أرضينا ضميرنا والسلام.

أستمر زواجهما طبيعي عشرين سنة، حتى جاءت حقبة احتلال العراق لتتلقى المسكينة طلقة ظالمة من قِبل جندي أمريكي شاب لم تـُخطيء قلبها قيد أنملة، أردتها قتيلة في الحال، لتنطوي صفحة حياتها بأسرارها.

عوّضه الأمريكان بضعة ألوف دولارات بسبب خطأ جنديهم مبررين عدم خبرته وتسرعه، لملم الرجل نفسه واصطحب بناته ليغادر العراق تاركاً وراءه قبراً لامرأة تعني بالنسبة له بعض أو كل صفات الزوجة، فقد جمعته بها ذكريات بعضها حلو ... وآخر مُر.

أعوذ بالله من الشيطان وأفعاله، فبرغم أن ـ الشيطان ـ هو من دفعها في السابق للفعل المشين، ثم أراد من خلال ـ نوم الشياطين ـ أن يكشف فعلته فيها فيعاقبها، لكنه فشل حين أوفت كزوجة وجعلت الرجل يتمسك بها.

لكن أخيراً وبعد سنين طويلة عاد ـ الشيطان ـ مرتدياً زي جندي أمريكي ووجه لها أطلاقة واحدة استقرت بقلبها لينال منها ...

يبدو أن الشياطين تبقى تبيت لضحاياها ولا تخطئهم حتى وإن مرّت عشرات السنين !

عماد حياوي المبارك

... أيظن ونجاة
https://www.youtube.com/watch?v=1W8pdwWNhqA

و لنكن مع الشاعر الغنائي المبدع كريم العراقي ...
قـُل للمليحة بالقميص الأبيض

قل للمليحة بالقميص الأبيض
مطر وبرد حلوتي لا تمرضي
هل تسمحي لي أن أعيرك معطفي؟
والرأي رأيكِ ... إنما لا ترفضي

قل للمليحة بالقميص الأسود
ماذا فعلت بعاشق متمرد؟
أدى التحية في مقامك هاتفا
لا سيدٌ لي أنت وحدك سيدي


قل للمليحة بالقميص الأصفر
كم سعره حتى قميصا أشتري
هي نزوة مني لأكتب فوقه
تلك التي هزت جميع مشاعري

قل للمليحة بالقميص الفستقي
لا حُسن في الدنيا كحُسن المشرقِ
إني يزلزلني سماد ساخن
ويريحُ أعصابي مذاقُ الفستق

قل للمليحة بالقميص الأخضر
الناس للناس فلا تتكبري
إن كنتُ قد أطلقتُ حسرة معجبٍ
عيناك إغراء وجوّك شاعري

قل للمليحة بالقميص البني
من كان أخرس لو رآك يغني
أنا كنت طيراً كاسراً قبل اللـُّقا
فُكي قيودي ها أنا في السجنِ

قل للمليحة بالقميص الأحمر
أزراره أنيابُ ذئب كاسر
وأنا جريء والتحدي لعبتي
إن عدتُ مهزوماً فلست بخاسر

قل للمليحة ما لعطرك ثاني
نعم استفز رجولتي وكياني
هل منه نوع للرجال أريده
فتكرمي بالاسم والعنوانِ



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم أكتشفتُ أني ... غير مؤمن !
- العتب على ... السمع
- ورقة التوت
- الآنسة ... بابيت
- عملية اغتيال ... بدالة
- مستقيمات
- لواكة لبّي
- حكايا وبغايا
- لازوردي
- كالكوووون
- قه شقولي
- فلس ... وسبع كازكيتات
- البعد الرابع حقيقة أم خيال
- الأخوات السبعة
- أعز أولادي
- حمادة سجادة
- طابة
- البوابة الذهبية
- صلاة ... وأنفجارات
- سوق (حانون)


المزيد.....




- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...
- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - عماد حياوي المبارك - نوم ... شياطين