أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أميرة الطحاوي - الموت بالعراق : عندما يقتلون حتى طفلك الذي لم يولد بعد.















المزيد.....

الموت بالعراق : عندما يقتلون حتى طفلك الذي لم يولد بعد.


أميرة الطحاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1306 - 2005 / 9 / 3 - 08:43
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


فريد هو الموت في بلاد الرافدين، من يقومون به و أسلوب تنفيذه و المختارون له و دعاوى اختيارهم، هذا الأسبوع قتل مسلحون ثلاثةً من أعضاء الحزب الإسلامي –المصنف كحزب للسنة- كانوا يعلقون ملصقا يدعو للمشاركة في الاستفتاء على الدستور،و ليس لإتيان فاحشة من القول أو الفعل،قبل نحرهم "أمام مسجد" دار بهم خاطفوهم بشوارع مدينة الموصل صباحاً،حيث تبدأ النسوة في تحضير الأطعمة للزوج الذي لن يعود و للأبناء الذين سيبكون أباهم طويلاً، الناس بعدهم بين تثاؤب و عمل و حياة،فقط هؤلاء الثلاثة سلموا للموت، يذكرك هذا بمشهد آخر في ديسمبر الماضي بشارع الكفاح ببغداد عندما قُتل ثلاثة أيضا من العاملين بالمفوضية العليا للانتخابات علناً في وضح النهار، تم القتل ببطء: رصاصة تلو الأخرى،حسب الصور الملتقطة بفخر فإن أحد الجرحى يحاول الفرار فيطلقون رصاصة على ساقه،يسقط متألما،فيمسك أحدهم برأسه موجها له الرصاصة الأخيرة و الكاميرا تدور، هل تذكرت مثلي آخر صور عبد الكريم قاسم عندما أصر القتلة على جذب جثته من رأسها ليصوبوا عليها..الكاميرات؟

مقتلة جديدة شهدها العراق الأسبوع الماضي أيضاً في جراج النهضة لنقل المسافرين من كل الملل و النحل، ينادي السائق متعجلا إكمال سيارته و مغريا بالصعود لها، ينتظر القتلة أيضاً اكتمال العدد المناسب من وجهة نظرهم ليبدأوا جهادهم،و غالبه ضد أهداف مدنية: مطعم و مخبر و مقلب قمامة! و حتى ضد أماكن لها حرمتها: حسينية ،مسجد و كنيسة، فهل المطلوب ألا يخرج العراقيون من بيوتهم، لكن البيوت أيضا يأتيها الموت حاصداً أحياناً أرواح أسر بكاملها،و قد يبلغ بالقدر منتهى سخريته بأن يترك فردا واحدا من عائلة كاملة كما حدث غير مرة ليحيا الناجي مع أشباح أعزائه، أيريدون أن يترك العراقيون بلادهم؟هاهي المعابر الحدودية (الوليد،الكرامة) استهدفتها أيضا التفجيرات.فأي قربان بعد على العراقيين تقديمه ليعفيهم من هذا الموت المجاني؟
وعندما نقول الموت بالعراق فهو موت آخر غير الذي نخبره في بلدان أخرى، فحيث تلتقط الصور للضحية، و تصور الأفلام مشاهد جز الرؤوس، و قد يُعلن عن إنزال القصاص بالرهينة أكثر من مرة و يستمع مشروع القتيل لقرار موته المحتم، فالبريطانية "مارجريت حسن"التي عملت لمساعدة العراق 30 عاما و المتزوجة من عراقي قتلوها على مراحل،و حتى هؤلاء الذين ينجون منه يظل في نفوسهم شيء أشبه بالحزن المقيم ربما لا تمحيه أفراح الدنيا التي كانوا على وشك أن يغادروها في لحظة، و عندما تتكرر نجاتهم تصبح مواجهتهم للموت لاحقا أسهل، لكن إقبالهم على مباهج الدنيا يتراجع بدوره، إن هؤلاء أيضا بحاجة لمراعاة كالتي نوليها للثكالى و الأيتام و الأرامل.
بحكم موقعه الجغرافي كان العراق معبرا دمويا لتطلعات و تصادم قوى كبرى بالمنطقة و العالم، تقرأ بيت الشعر المعبر من قصيدة للكردي أحمدي خاني حول"أن الفرس و العرب و الترك يدخلون الحروب بينما ينزف الكرد فيها الدماء"،كتبها قبل 500عام فتستعيدها مسقطا معناها بجدارة على العراق الآن.
حتى طائفة الصابئة المندائيين لم يرحمهم القتلة رغم كونهم مسالمين والدم لديهم يخرج المرء من الدين،الأيزديون أيضا يقتلون لأنهم لا يُعتد بدينهم، و أخيرا لم تذكر مسودة الدستور الجديد أيا من هاتين الطائفتين في أديان العراقيين، فأنظر المفارقة!
تجشم و اقرأ معي" كل منهما يحمل في يده سكين حلاقة... و قلبا الرجل المنهك على جنبه حيث أمسك أحدهما بشعره و جره إلى الخلف بينما امسك الثاني بذقنه بيده محاولا ذبحه و نهرهم رجل دين كان قد خرج من بين الجموع التي تراقب المنظر" لا يجوز يا بني ذبحه هكذا، وجه رأسه إلى القبلة أولا ثم قل بسم الله الرحمن الرحيم و اذبحه بعد ذلك على بركة الله،و ساعدهما الرجل"
هذا المشهد تخيله الروائي الكبير فاضل العزاوي "آخر الملائكة" قبل أكثر من عشرين عاما و وصفه باعتباره حدث بالعراق قبل 80 عاما، الآن المشهد نفسه يتكرر ربما كل يوم ؟معدل القتل تعدى الـ800 شهريا والرقم لا يتضمن المدنيين و المجندين الذين قتلوا خلال العمليات العسكرية الأمريكية،لم تعد حتى للجسد البشري حرمته ناهيك عن الحياة ففي الموصل حسب رواية أحد أبنائها اختلف أصوليون و بعثيون على أهمية تعليق الجثث لأيام بغية الردع أم يكتفى بعرضها لساعات.
في روايتها الفاتنة"أشجار قليلة عند المنحنى" تقول نعمات البحيري على لسان البطلة لزوجها العراقي منتصف الثمانينات أنها تخشى إنجاب طفل حتى لا يصبح عندما يكبر مجندا في حرب إيران، فيسخر الزوج"وهل تظنين أن حرب إيران ستستمر حتى يكبر طفلنا" انتهت حرب و جاءت حروب،و هاهم يقتلون حتى الأطفال مثلما حدث بحي بغداد الجديدة في 13 تموز الماضي، عندما قتلوا طفلك الذي لم يولد بعد، عندما خنقوهم بحبل براءتهم و ألقوا بهم جثثا متفحمة مشوهة.
ما أعجب تفاصيل القتل لحد أن غدا مصدرا للتباهي بعراق ما بعد التاسع من نيسان،ففي العاشر منه علق قتلة رجل الدين الشيعي مجيد الخوئي و هم من الشيعة أيضا أداة القتل على باب منزلهم بالنجف المقدسة لدى الشيعة و السنة هكذا كانت أول جريمة بعد سقوط صدام، ثم قبل أيام يزور رئيس الوزارء المتهم الأول بها!، بالعراق فقط يواصل أحد الذين ساهموا في قتل معارض لنظام صدام عمله الدبلوماسي في البلد الذي طرد منه بسبب ذلك.
تنبعث رائحة الموت فتطغى على قداح المشمش و البرتقال بديالىو رائحة السمك المسكوف بالكرادة، تصم القنابل الأذن فلا مكان لنغم بموطني، فلا الجمال ولا البهاء ولا الحياة ولا النجاة في هواه طالما سُمح لهؤلاء القتلة بالعيث فسادا بالعراق ، لن ترونه سالما منعما و لا غانما مكرما طالما لم يقف الجميع أمام هذه الهمجية التي و لصدمتي المتكررة أجد من يبرر لها بكل صفاقة و ازدواجية باسم الدين و الشرف و ما أدري شنو.
و مع الوقت سيجد الإعلام قطعا مذابح أخرى بالعالم ليهتم بها، سيتحول نزيف الدم بالعراق لطوطم كجزائر التسعينات لا أحد يجتهد ليفك لغزه، سيصبح عرضا متواصلا لا يجد الجمهور كما لبنان الحرب الأهليةحتى أفاق أهلها،سيصبح و الرمال سبيكة يدوسها الرائح و الغادي كما الصومال،لو واصل الدم العراقي انسكابه دون وقفة حاسمة من ساسة العراق و مواطنيه و أصدقائه فلا شيء سيعصم البلاد أو العباد.



#أميرة_الطحاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقطة نظام: إنهم يواصلون إساءة فهم قرنق حتى بعد رحيله ..!
- جثة أجمل رجل أزرق- قرنق محارب حتى السلام و مسالم حد الموت
- عودة قرنق: تحدي التنمية يسبق اختبار السلام
- الحالمون بحرب العراق الأهلية
- صناعة الأبراج في مصر.. تزدهر و تزدهر.. ثم تسقط
- تعالوا انظروا الدم في شوارع مصر
- أكراد تركيا..من كفاح الجبال إلى الاحتكام لأوربا
- هدايا الحكومة المصرية لمعارضيها
- في الغناء لبشار الأسد بالكردية والعربية
- رجل أمريكا المريض
- بين مفتي الدجاج و مفتي التسونامي
- لماذا نحن قلقون
- البصرة-عندما يقوم الطلبة بما يعجز عنه الساسة
- هل كانت انتخابات القاهرة بروفة لانتخابات عراقيي المهجر ؟
- برقيات سريعة
- صورة من قريب ..هل تصنع الصور زعماء..؟
- لا أحد يريده هناك ... ولا هنا أيضاً
- الحزب الشيوعي العراقي : التاريخ العبء يسجله كتاب
- كول لي يا وحش منين الله جابك
- مرحبا بنصير شمة و لكن.....


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أميرة الطحاوي - الموت بالعراق : عندما يقتلون حتى طفلك الذي لم يولد بعد.