|
وجهة نظر الخبراء و المختصون في الدول الرأسمالية من أزمة المديونية. 1 من 2
أشواق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 1306 - 2005 / 9 / 3 - 10:52
المحور:
الادارة و الاقتصاد
إن ما قام به الخبراء من تقديم مقترحات و حلول لمعاجلة أزمة المديونية ، لم يكن قادر على معالجة الأزمة بشكل جذري ، و إنما اقتصر فقط على تخفيف حدة أثارها . و ذلك من أجل تمهيد الطريق للتقليل من أعباءها على المدى الطويل ، و بالتالي إطالة فترة السداد و تسهيل تدفق الموارد الخارجية إليها . و تعتمد آراء الخبراء و مقترحاتهم على فكرة أساسية هي : (انك إذا أردت أن تستعيد ديونك الضخمة من مدينك ، فلن ينفعك العمل على إفلاسه ، و إنما عليك أن تجتهد في أن تساعده على تقوية قدراته على الدفع حتى ، و لو اضطرك الأمر أن تنتظر ، فكلفة الانتظار في جميع الأحوال أفضل من ضياع هذه الديون ) . و سيتم التركيز هنا في هذا البحث على نقطتين رئيسيتين من ضمن مقترحات و أراء هؤلاء المختصين و هما : - تحسين شروط إعادة جدولة الديون . - تغيير شكل ملكية الحقوق المستحقة على البلدان النامية . أولا : شروط تحسين إعادة جدولة الديون . خلال القرن الماضي اعتبرت اتفاقيات إعادة الجدولة من أهم الإجراءات التي تم اتخاذها في التخفيف من أزمة المديونية . فقد لعبت دورا في حل مشكلة السيولة التي تواجهها الأقطار المدينة إلى حد ما . و لكنها لم تعد من إجراءات تخفيف عبء الديون عن طريق إعادة ترتيب مواعيد استحقاق السداد . و السبب في ذلك هو تفاقم المشكلات لدى الدول االمثقلة بالديون . لذا قامت كل من البنوك التجارية المقرضة و نادي باريس بإدخال تعديلات كبيرة في تناولها لموضوع إعادة جدولة الديون الخارجية . و هنا لا بد لنا و قبل كل شيء من التعريف بمفهوم عملية إعادة جدولة الديون في ظل قواعد نادي باريس المشهورة . - إعادة جدولة الديون و شروطها : في الواقع تعتبر عملية إعادة الجدولة عملية مرهقة و قاسية ، و ترتبط قبل كل شيء بقبول الدول المدينة مجموعة من الشروط المجحفة بحقها ، و الرضوخ لتوجهات اقتصادية و اجتماعية جديدة غالبا ما تتعارض مع واقع هذه الدول و أوضاعها و ظروفها الاجتماعية و السياسية . و كذلك تقترن عملية إعادة الجدولة بتداخل العوامل السياسية و الاستقطاب الدولي . و يرتبط عادة طلب دولة ما لإعادة جدولة ديونها بوضع اقتصادي داخلي سيء جدا . ابرز سماته هو أن هذه الدولة المدينة إذا ما استمرت في دفع أعباء ديونها المستحقة عليها في مواعيدها ، تصبح غير قادرة على تمويل وارداتها الضرورية سواء كانت استهلاكية أو وسيطة أم استثمارية . و هي في الوقت نفسه تجد صعوبة كبيرة في الحصول على قروض جديدة بسبب انعدام الثقة في قدرتها على الدفع . و مع استمرار وضعها هذا لفترة من الزمن يتدهور فيها مستوى الاستهلاك الجاري ، و ينقص عرض السلع فيها ، و بالتالي ترتفع الأسعار و يتزايد معدل البطالة نتيجة توقف الطاقات الإنتاجية فيها . الأمر الذي ينعكس في تدهور وضع الحساب الجاري لميزان المدفوعات و تدهور سعر صرف العملة الوطنية بشكل مستمر ، من خلال وضع برنامج صارم ترشد من خلاله أدائها في الاقتصاد القومي وزيادة مدخراتها المحلية . و كنتيجة لذلك يجد البلد نفسه واقع لا محالة في حصار شديد يدفعه في نهاية الأمر إلى طلب إعادة جدولة ديونه ، و يبدي استعداده للرضوخ و تنفيذ ما يفرضه عليه الدائنون . و في جميع الأحوال فإن هذا البلد قد تجاوزت فيه معدل خدمة ديونه حدود الأمان ، ووصل إلى مستوى حرج بحيث أصبح فيه غير قادر على المحافظة على المستوى الضروري لوارداته . و من الناحية البروتوكولية فإن عملية إعادة الجدولة تبدأ بطلب أو إعلان تتقدم به الدولة المدينة إلى الجهات الدائنة لها تطلب فيه وقف مدفوعات خدمة الدين و الدخول في مفاوضات إعادة الجدولة . و الشروط التي يجب على البلد المدين قبولها هي غالبا ما تتعلق بسياسات التجارة الخارجية و سياسات الإنفاق العام و السياسة الاستثمارية . أما فيما يتعلق بسياسة التجارة الخارجية فغالبا ما تتركز مطالب الدائنين على النقاط التالية : 1. تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية ، أي الهبوط بسعر الصرف الرسمي إلى مستوى أقرب من سعر السوق السوداء . 2. تحرير العامل بالنقد الخارجي من القيود المفروضة على المدفوعات الخارجية ، و إلغاء الرقابة على الصرف ،و إباحة حيازة النقود الأجنبية للأفراد و الهيئات من خارج القطاع العام ، و إقرار حق الفرد بالتعامل فيه ، و إباحة حرية دخول و خروج العملات الأجنبية . 3. إلغاء اتفاقيات التجارة و الدفع الثنائية ، و الاتجاه تدريجيا في نظام متعدد الأطراف للمدفوعات الخارجية . 4. إلغاء القيود المفروضة على الواردات ،و السماح للقطاع الخاص بالاستيراد ،و إلغاء التنظيمات و الإجراءات التي كانت تطبق لتشجيع الصادرات . و هنا لا يخفى على احد أن هذه الشروط هدفها الأساسي هو فرض نمط التجارة الحرة على الدولة المدينة تحت دعوى ضرورة المنافسة الأجنبية و محاربة الاحتكار و التدخل . أما فيما يتعلق بسياسة الإنفاق العام فإن ابرز ما يطالب به الدائنون فهو ضرورة تقليل أو إلغاء العجز بالموازنة العامة للدولة لكي يمكن كبح جماح التضخم . و في هذا المجال يطالبون بما يلي : - تقليل الإنفاق العام بشقيه الجاري و الاستثماري . - زيادة الضرائب على السلع و الخدمات . - إلغاء الدعم السلعي الموجه للمواد التموينية التي يستهلكها الفقراء و ذوي الدخل المحدود ،و تقليل التوظيف الحكومي للعمالة الجديدة . - زيادة أسعار البيع لمنتجات القطاع العام وزيادة أسعار الخدمات العامة و مواد الطاقة . - زيادة أسعار الفائدة المدينة و الدائنة . - وضع حدود عليا للائتمان المصرفي المسموح به للقطاع الخاص . و هذا يعني أن هذه الشروط تهدف في جوهرها إلى تخفيض نمو الطلب المحلي من خلال الضغط على استهلاك ذوي الدخل المحدود . أما فيما يتعلق بالسياسة الاستثمارية للدولة المدينة ، فإن الدائنون يطالبون بضرورة تشجيع الاستثمارات الخاصة الأجنبية ، تحت حجة أن ما تحتاج إليه البلدان المتخلفة ذات المديونية الخارجية الثقيلة ليس القروض العامة الخارجية و إنما الأموال الخاصة . و يكون ذلك عن طريق وضع ضمانات كافية و امتيازات سخية لهذه الاستثمارات ، كإعفائها من الرسوم الجمركية و الضرائب و حصولها على الأراضي و المواد الخام بأسعار رخيصة و هذا يعني انه لتحقيق هذه المطالب يتطلب من البلد المدين أن يجري تعديلا جذريا في قوانينه الداخلية . أما فيما يتعلق بطبيعة التوجهات الاستثمارية ، فأبرز المطالب هو ضرورة توجيه الاستثمارات نحو القطاعات التصديرية ، و ذلك بغية زيادة قدرة هذا البلد على الحصول على القطع الأجنبي الذي يحتاجه لدفع أعباء الديون المتراكمة . و قبل هذا كله يتوجب على الدولة المدينة أن تذعن لشرطين أساسيين قبل موافقة الدائنين على طلب إعادة جدولة ديونها . الشرط الأول : كإجراء عقابي يتحمل البلد المدين دفع فوائد تأخير على الأقساط المؤجل دفعها ، و ذلك كي لا تقدم على إعادة الجدولة مرة أخرى , وفي هذه الحالة يكون سعر الفائدة التأخير أكبر من سعر الفائدة الاسمي على القروض المعاد جدولتها . الشرط الثاني : يتعين على البلد المدين في جميع الأحوال أن يقوم بإجراء أو توقيع اتفاقية دعم أو مساندة مع صندوق النقد الدولي ، و ذلك قبل أن يوافق الدائنون على إعادة الجدولة . ............... يتبع
#أشواق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعهد الوطني للإدارة العامة
-
المعهد الوطني للإدارة العامة و الإصلاح المنتظر
-
مواقف المؤسسات المالية الدولية من ازمة المديونية
-
مواقف المؤسسات المالية من أزمة المديونية
-
مواقف المؤسسات المالية الدولية من أزمة المديونية الخارجية لل
...
-
السياسة الخارجية
-
مفهوم القيادة و نظرياتها
-
الإصلاح في العالم العربي
-
مستقبل العلاقات الأميركية السورية
-
العلاقات السورية الفرنسية اسباب التأزم واقتراحات الإنفراج
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء السابع
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء السادس
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الخامس
-
التضخم المستورد
-
رسالة إلى المؤتمر القطري العاشر .
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الرابع
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الثالث
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الثاني
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الاول
-
اسباب نشأة المديونية الدولية
المزيد.....
-
الرياض تستضيف منتدى استثماري بين السعودية وفرنسا لتعزيز الشر
...
-
وزارة العدل الأمريكية تعتزم مصادرة 3.4 مليون دولار من استودي
...
-
جدل حول مسلسل يتناول سيناريو جريمة مروعة في مصر.. والد نيرة
...
-
تونس.. البرلمان يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2025
-
الأردن ومصر يتفقان على استغلال بنى تحتية للغاز المصري
-
انخفاض التضخم في باكستان لأدنى مستوى منذ 6 سنوات
-
نزوح 20 ألف شخص في اليمن بسبب الأوضاع الاقتصادية والمخاوف ال
...
-
الحكومة التونسية تطرح مشروع قانون في البرلمان للاقتراض من ال
...
-
الثالثة في 3 سنوات.. إدارة بايدن تستهدف صناعة الرقائق الصيني
...
-
اتفاق أردني مصري لاستغلال البنى التحتية للغاز في مصر
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|