خاتونه وبريمر وخراب البيت

حميد حران السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 13:29
المحور: كتابات ساخرة
    

على غير رغبة منه كانت زوجته الطيبه تختار لإبناءها زوجاتهم من عوائل لاترتبط بهم بقربى الدم , ورغم انها لم تَطلع على قوانين الوراثه التي تُحذِر من تزاوج ألأقارب ولم تقرأ رؤية شكسبير بالزواج الأباعدي , لكنها كانت تُصِرُ على (نظريتها الخاصه) , وأمام حلاوة لسانها وقدرتها على الإقناع لم يتمكن (عنيد) من فرض الزواج من بنات الاعمام عليهم كما هو راسخ في قعر ذهنية البداوه التي لم تغادره , فقد كانت (خاتونه) تسحره ولايستطيع الصمود أمام كلامها (العسل) والمتضمن لكيل المديح لزوجها العزيز ومبرراتها في تشجيعهم على توسيع دائرة العلاقه بالارتباط مع عوائل أخرى .
لم تغفل (خاتونه) جانب مهم في العمليه , فقد كانت تتبع أساليب ناعمه في إقناع ألأولاد بمن تختارهن لهم , فتذكر للمرشح للزواج منهم معلومات مغريه عن العائله وجمال العروس وعفتها و(عتبارها) كربة بيت مستقبلا حتى يقتنع الأبن ويصبح عامل إضافي للضغط على ألأب وهو المتعلق بأبناءه لا بغريزة ألأبوه فقط , بل بحسن سلوكهم وأدبهم وطاعتهم وحرصهم على طيب العلاقه بينهم وبين بعضهم وحبهم لوالديهم وتضامنهم على مواجهة صروف الزمن وخاصة في سنوات الحصار حيث كانت حالتهم تلك عامل مُخفف لوطأته , تزوج الثلاثه الكبار ورزقهم الله بالذريه وثبت حسن إختيار ألأم من حالة الأنسجام بين أبنائها وزوجاتهم وبينهن وبين بعض , كان (سلمان) المهندس أخر العنقود ومحط إهتمام وإعتزاز الوالدين وألأشقاء الكبار وقد قررت ألأم في سرها أن تختار له زوجة مميزه وشاطرها ألأب هذه الرغبه واتفق الاشقاء أن يكون عرسه مميزا وسيبذلون كل ما يمتلكون ليكون أخر افراح العائله حديث الركبان , قصد الوالدان بغداد لبعض شؤونهما , حطا رحالهما في بيت شقيق ألأم المعلم القديم الذي إرتحل لبغداد قبل عقدين من الزمن , أقاما في بيته إسبوعا كاملا راجعا خلاله ألأطباء المشاهير بناء على نصيحته وخلال تبادل الزيارات بين عائلتة والجير وقع بصر خاتونه على ضالتها المنشوده (هيفاء) الشابه المتعلمه الجميله ابنة جار شقيقها وصديقه ألأثير , وقبل أن تفتح الحديث مع عائلة الجار عرضت الفكره على زوجها وشقيقها فاعلن ألأخ موافقته السريعه وتبعه ألأب بالتأييد , سيما وأن العائله فكرت قبل اليوم بالانتقال الى بغداد بناء على رغبة خال الاولاد ورغبة الجميع بذلك , وبأسلوبها الناعم المحبب استطاعت أن تقنع العائله وابنتهم وسلمان , وتم للجميع ما ارادوا , وفي زمن قياسي اشترى عنيد دارا واسعه في بغداد باسم كنته الجديده التفافا على قانون صدامي منع أهل الجنوب من السكن فيها , رزق سلمان وهيفاء بأبنيهما علي وعمر قبل السقوط غير المأسوف عليه للنظام الجائر , حدث ما أثلج صدور الجميع ودخل بريمر (حفظه الله ورعاه) بديلا للدكتاتور وتلاحقت ألأحداث وجاء مجلس الحكم ثم الأنتخابات ألأولى , وكان شقيق هيفاء من بين المرشحين , وهو محط حب واحترام جميع العائله , لكن الرياح جاءت بما لم تشتهي السفن , فقد رفض الاشقاء الكبار انتخاب الرجل لكونه من الطائفة الاخرى وإنتخابه (مُشكل للذمه) بينما أصر سلمان وزوجته وخاله والأبوين على منحه أصواتهم فبناء على سابق معرفة من عنيد بخال أولاده السياسي السجين سابقا واستنادا لثقة الخال بالرجل وعلى ضوء ما عرفه من خصاله قرر ان يكون مؤيدا له وهذا ماجعل أبناءه يتحفظون على موقفه , وتطورت الامور من التحفظ الى الخصام وقرر الابناء الكبار أن يتركوا بيت الاب لأن الوضع أصبح لايطاق بسبب الملاسنات والمشاكل اليوميه التي لاعهد لهم بها قبل بريمر وانتخاباته ومجلس حكمه , جمع ألأب أبناءه وأعلن أنه لايُمانع في (عزالهم) وإن كانت رغبته أن تغمض عيناه إغماضة الموت وهم في بيت واحد , لكن المستجدات فرضت عليه كأب أن يحفظ بقايا العلاقه بين أبناءه بدلا من تطورات لاتُحمد عقباها فقال أذهبوا حيث شئتم على ان تكون بيوتكم هي بيوتكم وانتم ولات أمرها وليس هناك من يتحكم بها غيركم ... و(عساها) بذمة بريمر وخاتونه.
و سسسسسسسسسسسسسسسسسسسلامتكم

#حميد_حران_السعيدي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل