أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - أعياد و معايدة...















المزيد.....

أعياد و معايدة...


غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4661 - 2014 / 12 / 13 - 11:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعـــيــاد و مــعــايــدة
بالأيام القليلة القادمة, يحل لدى الطوائف المشرقية عيدان يحملان كثيرا من الأهمية. عيد الميلاد وعيد رأس السنة.. نهاية سنة وحلول سنة جديدة. قد يعتبر البعض هذين العيدين, مناسبات مذهبية تذكارية مسيحية. وأن رأس السنة عيد غربي. أنا لا أعتقد بهذا التحديد أو هذا الرفض الانعكاسي الآني. رغم علمانيتي الراديكالية. لأنها أعياد تقليدية مشرقية قديمة. وأذكر بالبلد الذي ولدت فيه بسوريا, مدينة اللاذقية في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي.. وحتى عندما غادرته بمنتصف الستينات, كانت عائلات عديدة من مختلف الطوائف الغير مسيحية.. وخاصة من كان لديها أولاد صغار, يحتفلون بعيد الميلاد, موزعين الهدايا على أولادهم... وأما عيد رأس السنة, كانت المقاصف حيث تقام سهرات راقصة عامرة, مليئة بعائلات ونساء ورجال, لا يمكن على الاطلاق معرفة مذاهبهم.. حيث لم تكن مدينتي تحمل أية علامة لتمييز مذهب نسائها.. أو رجالها... ومن منكم لم يشاهد حفلات المغنية أم كلثوم ساحرة العالم العربي والعالم كله في الخمسينات... بصالات تتسع لعشرة آلاف شخص.. أكثر من نصفهم من السيدات الرائعات.. ولا واحدة.. ولا واحدة منهن.. مــحــجــبــة... وكانت مــصــر أم الفنون والحداثة.. رائعة.. رائــعــة...
واليوم عندما أشـاهـد صورا عن مصر وسوريا.. وبقية البلاد العربية.. سواد يغمره سواد.. وتعاسة تزداد على اليأس والتعاسة.. لا فرح ولا موسيقى ولا نغم.. وجوه كالحة حزينة.. وأخرى مغطاة بالسواد الكامل حتى أسفل الكاحل.. تمشي بخطى سريعة.. كأنما أشباح الموت والعزاء تتبعها أينما تحركت.. وحتى ببعض الدول النفطية الإسلامية.. يمنع الضحك والعيد والفرح.. وخاصة بمناسبة عيد الميلاد ورأس السنة.. وخاصة لمئات آلاف العاملين من غير المسلمين على أراضيهم.. ومن يظهر أية علامة عيد لأطفاله.. مهما كانت بسيطة عادية.. يقمع ويقطع رزقه.. إن لم تقطع رقبته........ لذلك أتساءل.. أتساءل لماذا تغير الزمان.. وتغيرت عادات وتقاليد هذا الزمان.. بعدما كنا شعوب فرح ومرح وتآخ وسهر.. أصبحنا نمشي كل منا على رصيف معاكس.. حتى لا يلتقي بجاره الكافر.. فينقض وضوؤه... عجيب غريب هذا الزمان.. كيف تغيرنا.. وعادة عندما تتغير الشعوب.. تــتــطــور... ولكن تطورنا نحن عكسي.. كجدنا المرحوم جــحــا الذي ركب حماره بالمقلوب.. مستغربا أنه لا يمشي بالاتجاه المرغوب... ونحن الــيــوم بأعياد وبلا أعياد نسير بالاتجاه المعاكس.. نحو العتمة والجهالة والعدم.. ثم نبكي ونشتكي ونندب ماذا أصابنا.. وبدلا من أن نركب كل وسائل التقنيات والحضارات والاكتشافات.. نصر على ركوب الحمار بالمقلوب.. ونتغنى بأصالة العتمة.. بل نتعنتر أمام الكفار.. بأننا أفضل أمة عند الله.........
هل تنظرون أي صباح بلحاكم المغبرة.. متسائلين إن كان الله يقبلكم.. ويقبل جهالاتكم وتعنتكم وعنادكم وعنصرياتكم وتزمتكم وإصراركم أنكم أفضل من الآخر... بالرغم أنكم قابعين بقعر جورة من الجهالة والغباء.. ولا تعرفون من هناء الإنسان وحياة الإنسان وحريات الإنسان أي شـيء .. غارقين بالحقد والكراهية التي تحولت إلى ســمــوم قاتلة, تقتلكم وتعمي حياتكم. فلا ترون الأفق الأزرق.. وأن هناك حياة على الأرض التي تدوسونها..وأنه منها نبعت في الماضي حضارات وحياة ونور ومعرفة. فقاتلتم وتقاتلتم حتى تعيدوا هذا الوطن إلى ظلمات القرون الحجرية... هل رأيتم مقاتلي داعش.. نعم.. داعش الدولة الإسلامية التي تضرب نساء منقبات بجلابيب رمادية أو سوداء.. جالسات على الأرض.. لأن نقابهن فيع بعض الشفافية...أي دين اخترعتم يا بشر.. هل اعتنقتم دين داعش الذي يحرم الإنسان أبسط رؤية وتفكير... أي دين هذا الذي يحرم الإنسان من التنفس والسعادة. ولا يعلمه من الدنيا سوى قتل الآخر ولو كان أخاه.. أي دين هذا؟؟؟ أي دين هذا يحرم الأطفال من أي عيد.. وحتى من الطفولة.. ويقيم المذابح الجماعية أمامهم.. كما يعلمهم كيف يذبحون.
آه يا بلدي.. هل تبقى وراء جدرانك المهدمة عيد وذكرى وصلاة وتجمع أطفال يركضون بلا خوف... أم صراخ جحافل الموت التي تدعو الرجال إلى الصلاة الاجبارية (كالخدمة الاجبارية) منعت كل فرحة بقلوب البشر.. وحلت مكانها الخوف من السجانين الملتحين الجدد...
لم أكن أتصور بأي يوم من طفولتي وفتوتي وبداية شبابي, بأن ســـوريــا يمكنها أن تصبح مثل الصومال أو السعودية, أولاد عمنا في العروبة العرجاء... كنت آمل دوما أن حضارة سوريا وانفتاحها التاريخية, لا يمكن أن تغيرها موجات العروبة ولا موجات التعصب الديني.. حيث أن عشرات الغزوات والغزاة الذين عبروا أراضيها.. هم الذين اكتسبوا بعض الإنسانية منها... أما غزوة جحافل داعش اليوم لا تشبه أية غزوة... لأن هذه الجحافل التي تــقــتــل وتذبح.. لأنها جاءت لتقتل وتذبح فقط ولا لأي شــيء آخر... لأنها لا تعرف من الدين ومن الحياة أي شــيء آخــر.. القتل والذبح شريعتها وديانتها.. وهذه الديانة الداعشية ليس فيها أعياد ولا فرح ولا أي ارتباط بالبشرية... لذلك أخاف على بلدي اليوم.. أخاف على إنسانيته.. أخاف أن تنزع داعش من قلبها كل الأحاسيس والمشاعر الإنسانية وكل مظاهر الحضارة والإنسان.. وتغرقها بعبودية ديانتها السوداء. ولا يمكنني أن أتصور العالم الذي يتفرج على أكبر نكبة إنسانية بالقرن العشرين والواحد والعشرين غمرت وأغرقت المشرق وسوريا.. يمكنه أن يحتفل بأي عيد هذه السنة.. وهذه المــآســي تغمر شعوبها.. متابعا حياده المغشوش وعــمــاه وطــرشــه!...
وآمل أن السيد باراك حسين أوباما, رئيس الولايات المتحدة الأمريكية, الذي لا بد بعد سماعه لتصريح رئيس الـC I A أمام لجنة التحقيق بمجلس الشيوخ الأمريكي بأن التعذيب الجسدي الغير إنساني الذي مارسه خبراء هذه المنظمة التجسسية الأمريكية مع أسراها كانت غير مجدية على الإطلاق بما سموه حرب مكافحة الإرهاب.. وأن الإرهاب قد تفاقم عشرات المرات ــ على مرأى ومسع منهم ــ بكل مكان في العالم.. وما زالوا يشجعونه من تحت الطاولة وفوق الطاولة.. ويتعاونون مع الدول التي ترعاه وتشجعه وترعاه... وأن مؤسساته ومجلس شيوخه ولوبياته تتابع الكذب والخداع وتجارة الأسلحة.. وتأجيج الإرهاب والحروب في العالم... إني أطلب من هذا الرئيس, عندما يجلس مع بناته وزوجته السيدة ميشيل أوباما على المائدة العائلية بأمسية الميلاد القادم بعد أيام قليلة.. أن يتذكر أطفال العالم.. أن يتذكر أطفال سـوريا المشردين بدول الجوار.. أو يغرقون في البحر هاربين باحثين عن بلد آمن يأويهم.. وهم أصبحوا كفئران المخابر... ليتذكر ما تسببه سياسة حكومته والحكومات التي سبقته.. ومزقت بلدان الشرق الأوسط وسوريا... لأنه يريد أن يرسم لهذه الأوطان المنكوبة.. خــريــطــة بــتــرول جديدة.. وأطلب منه وهو المؤمن أن يقرأ من جديد ما كتب على دولار دولته :
" In God we trust "
" بالله نحن نؤمن "
وكم أتمنى أن أرى صورة وجهه وعينيه عندما يردد هذه الكلمات أمام ابنتيه وزوجته.........
***********
على الـهــامــش :
1ــ السيد ديك شيني Dick Cheney, نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق, وأحد التجار الرئيسيين لحرب العراق أيام جورج بوش الأبن, بعد استماعه إلى نتائج تحقيقات مجلس الشيوخ الأمريكي مع السيد جون برينان John Brennan, عن فضائح استعمال التعذيب الحديث واللاإنساني مع السجناء أثناء حرب العراق وبعد 11 سبتمبر.. لما قابله الصحفيون سائلين عن رأيه بهذه اللجنة.. فأجاب حسب جريدة لوموند الفرنسية Le MONDE, بنشرتها المسائية البارحة بكلمتين لا أجد لهما سوى ترجمة مقربة.. (أكـل هــوا) (مسخرة) (كلام فاضي) والنص الفرنسي Des Conneries أقوى وبذيئة أكثر من هذه الترجمات التقريبية. حيث أصــر السيد شيني بغطرسة كاملة أنه ومعلمه السيد بــوش الإبن كانا على علم كامل بكل عمليات التعذيب التي كانت تستعمل مع كافة المساجين, دون أية رحمة إنسانية, لانتزاع اعترافاتهم, والتي لم تــعــط أية نتيجة.. لأنها كانت مفتعلة.. كاذبة.....
ومع هذا حتى اليوم لم تطالب محكمة العدل الدولية, حضور هذين المسؤولين عن جرائم حرب ضد الإنسانية.. لأي تحقيق أو سؤال!!!...
2ــ من عجائب وغرائب السفارة الفرنسية في بيروت:
تقدم رب عائلة سورية إلى هذه السفارة الموقرة بطلب فيزا لفرنسا.. لوالدته ووالده وزوجته ولأولاده الثلاثة وله.. مقدما جميع الوثائق العديدة المطلوبة كاملة.. بالإضافة إلى وثيقة الدعوة والضمان والتأمين التي تقدمها لهم العائلة الفرنسية من أقـربائهـم المقيمين بفرنسا.. وبعد انتظار طويل دام عدة أسابيع.. وأول رفض واعتراض.. وثاني طلب ورفض واعتراض.. وأخيرا وفي المرة الثالثة... وبعد حبس نفس ولهفة... منحته هذه السفارة وقنصلها وموظفوها الأكارم البارعون فيزا ثلاثة أشهر له... ولوالديه ولزوجته وأولاده.. فيزا عشرين يوما لا أكثر.
وحسب المقولة الفرنسية المشهورة:
Tu as dit bizarre…Comme c’est bizarre…
ترجمة خاصة بتصرف :
أنت تقول.. غريب؟!... يا للغرابة!!!...
رجــاء يا أصدقائي أن تكفوا عن الــحــلــم بأن أبواب فــرنــســا مـفــتـوحة للسوريين... ولا تغضبوا يا أصدقائي وغير أصدقائي, إن رددت وصرخت وكتبت عشرات المرات.. بأننا أصبحنا فئران مـخـابـر.. لا أكثر!!!.......
بـــالانـــتـــظـــار...
أتمنى لأطفال ســوريـا, أينما كانوا.. أن يتمكنوا بالاحتفال بعيد الميلاد القادم.. بلا صواريخ.. بلا تفجيرات.. وأن ينعموا على الأقل هذا اليوم, بكل ما حرمتهم منه هذه الحرب الآثمة الغادرة........
وللقارئات والقراء الأكارم الأحبة.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأطيب تحية عطرة.. مــهــذبــة.
غـسـان صــابــور ـــ لــيــون فــرنــســا



#غسان_صابور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاضرة.. واعترافات أمريكية
- مسطرة مصغرة
- الرئيس الأسد بمجلة Paris MATCH الفرنسية...
- عذرا من القديسة بربارة...
- زيارة إلى سوريا...أو عودة.. وتصفية حساب
- تحية للجالية الأرمنية في فرنسا
- تحية للجاليات الأسيوية في فرنسا...
- وعن إمكانيات - جمع الشمل - أو عكسها.. وديمومة فشلها...
- وعن البرنامج... أي برنامج؟؟؟...
- فايا و ريحان يونان.. من سوريا
- وعن - جمع الشمل -...
- وماذا بعد الصقيع والصمت؟؟؟!!!
- عودة إلى مدينة حمص السورية.. أو ما تبقى منها...
- كلمات صريحة لأصدقائي...وغيرهم...
- التعايش المشترك؟؟؟!!!...
- التقسيم.. وعتمة الموت...
- اتجاه معاكس... اتجاه مغلق...
- وعن ندوة نقاشية... وهامش عن الحياد.
- ماذا أصاب ربيعكم.. يا عرب؟؟؟!!!...
- جهادستان Djihadistan


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - أعياد و معايدة...