أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - عذرا من القديسة بربارة...














المزيد.....

عذرا من القديسة بربارة...


غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4651 - 2014 / 12 / 3 - 19:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عــذرا من القديسة بــربــارة
نشرت صديقة سورية على صفحتها الفيسبوكية, صورة لصديقاتها القليلات ولها, وهن تحتفلن بعيد " القديسة بربارة " على ضوء ضئيل خافت. قد يكون لعدة شموع أو لضوء كهربائي موصول على بطارية. وعيد البربارة السوري, كما يفسره الحاج غوغل Google, هو عيد قديسة مسيحية بأولى أيام انتشار الديانة المسيحية في سوريا.. عذبت طويلا بأشكال وحشية من السلطات الحاكمة آنذاك حتى تتخلى عن معتقدها وإيمانها.. ولم تتخل.. فتابعوا تعذيبها حتى الاستشهاد والموت!!!...
وبراديكاليتي المعهودة المتطرفة, اعترضت على صيغة الاحتفال. رغم بساطة هذا الاحتفال التقليدي.. والذي يتألف من قمح مسلوق محلى بالدبس أو العسل أو بقليل من السكر.. مزين بالزبيب وقليل من التمر.. ونحن نعلم مقدار صعوبة الحصول على هذه المواد الغذائية البسيطة الأولية.. بحالة الحصار والحرب, وفقدان الكهرباء والغاز والماء والمواد الغذائية الرئيسية, بغالب المدن السورية المحاصرة أو حتى التي لا تعيش بلا حصار.. ولكن تستيقظ وتنام على اًصوات القذائف والتفجيرات المتفرقة... فغضبت صديقتي من اعتراضي على احتفالها, والذي لا يمكن تصويره احتفالا.. قائلة أننا نبيع الصامدين في المدن عواطفا ومشاعرا وتمنيات وأمنيات... وعنتريات ونصائح مختلفة.. ولكننا هنا في الغرب لا نعرف أي شــيء عن حقيقة آلامهم ومعيشتهم الصعبة.. أو نضالهم الغير معقول اليومي لديمومة العيش ( وليس الحياة).. أو كما (يتمرمرون) للحصول على ليتر مازوت واحد أو جرة غاز... حتى يصلوا إلى أقل من واحد على عشرة من أبسط عيش نصف طبيعي...
تصوروا اضطرابي... تصوروا خجلي من هذه الحقيقة الحقيقية, والتي وقعت بــفــخ انتقادها... أنا الذي أعيش بكل رفاه في الغرب... وهنا ضاقت بي الدنيا ولم أعرف كيف أنتقي كلمات الاعتذار من هذه الصديقة السورية التي تعيش محاصرة في ســوريـا مع زوجها وأولادها, مع كل ضائقات الحياة اليومية وصعوباتها وممنوعاتها ومحرماتها.. بالإضافة إلى البرد والصقيع الذي هيمن على البلد...
فكررت اعتذاراتي الكتابية, ولكنني كلما أضفت كلمة, كنت أشعر أنني أغرق في متاهات الخجل والضياع عن كل حقيقة يعيش بها أبناء بلدنا... وخاصة من لا يملكون الوسائل العلاقاتية المعتادة, أو المادية والعائدات المضمونة, للوصول إلى شــراء المواد الغذائية الضرورية, أو المحروقات التي وصلت إلى أسعار خيالية, ينتفخ منها ــ كما بكل حالة حرب ــ طبقة معروفة تنتفخ وتغنى باستمرار ودوما قبل الحرب وأثناء الحرب وبعد الحرب.. وهي نفس الطبقات من التماسيح المعروفة التي تدور دوما بفلك أية سلطة.. موالية أو معارضة... وهي التي تحصل على نصيب (الأســد) كلما عاد شعب إلى طرق العيش الغريزي القديم في الغابات المتوحشة.
لذلك يا صديقتي الطيبة, أتوجه إليك من جديد, راكعا بخشوع, معتذرا.. منك ومن كل من يريد أن يحتفل "بعيد البربارة" بهذا البلد المنكوب بحرب غبية " داعــشــيــة "... لأنكم أنتم اليوم الشهداء الحقيقيون.. ونحن هنا بائعو الكلام والخطابات الخشبية... وكل من يتاجر بهذه الأزمة هنا, جامعا المال في الشوارع لأهالي الشهداء, رافعا أعلام المعارضة.. حتى تزداد مبيعاته وتحصيلاته.. ولا تـرى عائلات الشهداء مهما حصل.. فلسا واحدا.. إنما لينتفخ حسابه بما حصل (كلام واقعي مثبت)... أو لمن يتظاهر لشهداء أبناء السلطة, بالخطابات والأشعار والمنشورات.. ثم يجتمع مع أصدقائه الموالين, متبارين بالشعر والوطنيات.. حول زجاحة أفخم ويسكي...
لذلك أعتذر لكم يا أصدقائي في الوطن السوري الجريح.. أعتذر لكم عن كل منفخاتنا وخطاباتنا التنكية, وكل ما أنتجنا من فراغ كلامي وأوهام عنترية دونكيشوتية خلال هذه السنوات الأربعة الأخيرة.. مــقــدســا كل ما تعملون وكل الذكريات والاحتفالات التي تقيمون.. من اجتماعات دفن الأموات المتكررة, والأعراس النادرة.. وحتى أبسط وأصغر دبكة ترقصونها في شارع مهدم, بأية بلدة أو قرية ســورية... لأنكم أنتم سوريا الحقيقية... وما نحن سوى أنصاف أموات وأشباح كلام... أنتم الحقيقة... أنتم "بربارة السورية" الحقيقية... ونحن " بيلاطس البنطي " Ponce Pilate.............
فاعذروني يا أصدقائي على الأرض السورية... أعذروني... اعذروني ألف مرة رجــاء.
أنتم الجندي السوري.. أنتم القديسة بربارة...
وحتى نــلــتــقــي...
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأكارم الأحبة.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي... وأصدق وأطيب تحية مـهـذبـة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا



#غسان_صابور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارة إلى سوريا...أو عودة.. وتصفية حساب
- تحية للجالية الأرمنية في فرنسا
- تحية للجاليات الأسيوية في فرنسا...
- وعن إمكانيات - جمع الشمل - أو عكسها.. وديمومة فشلها...
- وعن البرنامج... أي برنامج؟؟؟...
- فايا و ريحان يونان.. من سوريا
- وعن - جمع الشمل -...
- وماذا بعد الصقيع والصمت؟؟؟!!!
- عودة إلى مدينة حمص السورية.. أو ما تبقى منها...
- كلمات صريحة لأصدقائي...وغيرهم...
- التعايش المشترك؟؟؟!!!...
- التقسيم.. وعتمة الموت...
- اتجاه معاكس... اتجاه مغلق...
- وعن ندوة نقاشية... وهامش عن الحياد.
- ماذا أصاب ربيعكم.. يا عرب؟؟؟!!!...
- جهادستان Djihadistan
- وانتهت الحكاية!!!...
- عودة أخيرة إلى بيان الحوار
- عودة إلى جائزة ابن رشد...
- رسالة إلى صديقي الفنان المتفائل... وهامش عن جائزة أبن رشد.


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - عذرا من القديسة بربارة...