كلام أطفال عن أمريكا

أحمد سعده
(أيمï آïم)

الحوار المتمدن-العدد: 4660 - 2014 / 12 / 12 - 17:21
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

طيب تعالوا الأول أعزمكم على حاجة من السوبر ماركت، ونتناقش بهدوء..

إنتي إسمك إيه؟
- إسمي الحقيقي شذى، بس بيقولولي "شوشيت" .... رابعة إبتدائي.
أهلا يا شوشيت..

وإنت..؟
- كريم...، مع شوشيت في الكلاس.
أهلا كيمو.

وإنت..؟
- مصطفى...، خامسة إبتدائي.
أهلا درش....، وأنا إسمي أحمد

أنا هاخد "زبادو فراولة" ... وإنتم؟
شوشيت: أنا دولسيكا يا أونكل . .... . كيمو: لا شكرا يا عمو . ... . درش: وأنا زي شوشيت.
يبقى كيمو هياخد "زبادو" معايا..

مبدئيا كده "شوشيت" أشجع واحدة فينا، علشان سلمت عليا الأول وصافحتني..
- كيمو: بس أنا أشطر منها في المدرسة..

ههههههه، إهدى بس يا عم كيمو..

- درش: بس شوشيت صوتها حلو، وهي اللي بتقدم الإذاعة..
هههههههه

- كيمو: على فكرة بقى يا عمو .. مصطفى أصلا بيحب شوشيت وعزمها على شيبسي..
أوبااااااااا...

- شوشيت: لا يا أونكل، الموضوع إن مصطفى عزمني على شيبسي علشان أنا عزمته من يومين على مولتو.
- درش: ساكت

طيب إهدو شوية.. ونرجع للمشكلة الأصلية..

- كيمو: هي في الكلاس النهاردة يا عمو قالتلي "باباك فيه شبه من داعش"

ليه بس كده يا شوشيت.

- شوشيت: أنا كان قصدي إنه بيلبس زيهم يا أونكل، وكمان أنا اعتذرت له قدام المستر.

- درش: وعلى فكرة يا عمو، كريم بيقعد يقولها: إنتي أمريكانية ومبتحبيش مصر.

يااااااه، أمريكانية..!!، ومبتحبش مصر..!! إيه التهمة الجامدة دي يا كيمو؟

- كيمو: علشان هي مولودة في أمريكا يا عمو، وباباها شغال هناك.

- شوشيت: أنا بحب مصر يا أونكل، بس بكره الإرهابيين واللي بيعملوه، وأمريكا مفيش فيها إرهابيين.

طيب تعالوا ننسى كل ده ونحكي شوية عن أمريكا:
أمريكا قبل ما تبقى أمريكا، كان بيسكنها الهنود "السكان الأصليين"

- شوشيت: ايوة يا أونكل "الهنود الحمر" .. لنا واحد جارنا هناك.

لا يا شوشيت، إسمهم الهنود، مينفعش نصنف الناس على حسب جنسهم أو لونهم..، علشان ده إسمه عنصرية وتمييز..
عصابات الأوروبيين اللي وصلت أمريكا لقت إن الخلاص من "الهنود" أسهل كتير من استعبادهم..، وده كان عن طريق مذابح دموية وقتل وحرق وصلب ومشانق، وإبادة جماعية بشعة لم يشهدها التاريخ حتى الآن......
الأوروبيون حرقوا محاصيل الهنود ودمروا قواربهم وبيوتهم، وسمموا آبارهم بالفيروسات وبكتيريا التيفود والطاعون، وطاردوهم بالخيول والكلاب البوليسية اللي كانت بتنهش في أجساد الهنود العارية..
وبكده، وعلى جثث أشلاء أكثر من 100 مليون هندي، وبعد أن أبادوا حضارات "المايا" و "الأزتيا" و "البوهاتن" قامت أمريكا زعيمة النظام العالمي الجديد..!!

- كيمو: وعملوا إيه يا عمو بعد ما موتوا الهنود.؟؟

الأوربيون يا كريم لقوا إنهم لازم يجيبوا عبيد يزرعوا ويشتغلوا علشان كده تكالبوا كالوحوش على أفريقيا المسكينة لنهش فلذات أكبادها بلا رحمة.. وخلال خمسين سنة بس تم ترحيل اكثر من 35 مليون أفريقي وبيعهم كعبيد فى أسواق أمريكا وأوروبا.

- درش: وإزاي يا عمو الأفارقة كانوا بيرضوا بده..؟

الموضوع لم يكن إختياري يا درش، السفن الأوروبية كانت بتيجي على الساحل الغربي لأفريقيا شايلة جنود وسلاح ومدافع وتحمل معها الموت والخراب للأفارقة اللي كان أقصى حاجة ممكن يدافعوا بها عن نفسهم السيوف، ومن بين كل عشرة أفارقة كان يتم أسر واحد فقط واستعباده، بينما يموت الآخرون إما برصاص الغزاة، وإما من الجوع والعطش أو الانتحار من على ظهر السفن اللي كانوا بيحشروهم فيها زي البقر والماشية.

- شوشيت: بس أنا عمري ما قريت عن ده يا أونكل..!

فيه مسلسل رائع جدا يا شوشيت إسمه "جذور" لكاتب أمريكي إسمه "أليكس هيلي" بيحكي تقريبا كل ده والمحنة اللي اتعرض لها ملايين العبيد والزنوج والأهوال والفظائع اللي شافوها وإزاي اتخطفوا مقيدين بالسلاسل، وإزاي اتشحنوا مكدسين فى سفينة كالبهائم وكانوا بيكووهم بأسياخ الحديد المحمي بلا رحمة ليضعوا على ظهر كل منهم علامة السفينة اللي هتنقله لأمريكا.

- درش: بس أمريكا النهاردة يا عمو بقت وضع تاني خالص..

- شوشيت: وكمان يا عمو إحنا اللي بقينا بنقتل وبنتاجر في السلاح وإرهابيين..

تعرفوا إن نصف عدد المدنيين اللي شايلين سلاح في العالم أمريكان..!! أمريكا عندها أكثر من 30 مليون قطعة سلاح مرخصة لأفراد مدنيين.. ده غير إن الإقتصاد الأسود لتجارة السلاح في السوق الداخلية لأمريكا يبلغ حوالي 700 مليار دولار سنويا. يعني أكبر من ميزانية الجيوش العربية كلها.. مش بس القاعدة وداعش
وتعرفوا إن بتقديرات "فورين بوليسي" عدد المواطنين الأمريكان اللي ماتوا في أمريكا على أيدي مدنيين أمريكيين حوالي 250 ألف مواطن، في حين إن اللي ماتوا في الحروب ضد تنظيم القاعدة الشرس في أفغانستان وطبيعتها الجبلية حوالي 7000 جندي ... النتائج بذلك تقول أن الأمريكيين المتحضرين بيقتلوا من شعبهم أكثر بكتير من اللي بيعمله إرهابيين القاعدة وداعش.

- درش: وكمان دمروا العراق يا عمو..

فعلا يا درش، الوحشية الأمريكية تعاملت في بغداد بنفس همجية التتار، قصفت أمريكا مواقع أثرية في الجنوب العراقي، وفتحوا النيران على جامعة المستنصرية أقدم جامعات العالم، وأفسحوا الطريق للصوص ليسرقوا محتويات متحف بغداد، وحولوا المدينة العتيقة "بابل" لمهبط طائرات وممر دبابات.. ودكوا مدينة "أور" مسقط رأس "النبي إبراهيم" بأكثر من 450 قذيفة.
وقبل العراق كانت فيتنام، اللي اجتاحها الطيران الأمريكي بتعليمات دموية مختصرة تحت إسم "إقتل كل شيء يتحرك" ... والنتيجة رغم كل معاناة المزارعين الفيتناميين إلا أنهم لا يزالون يحتفظون بطابعهم الإنساني.
(لو لم يجمعنا حب الوطن، وحب بعضنا؛ لكانت مزقتنا تجربة الحرب.. والى جوار الحب هناك المغفرة. حتى لا نظل أسرى للماضي ونستطيع التقدم للأمام) .. هكذا قالها "هوانج توان" وزير الثقافة الفيتنامي.

- كيمو: معقولة ده يا عمو، طب وإزاي محدش عارف ده.؟!!

السبب يا كيمو هو أن أمريكا تملك "المال" ..!! .. المال إله هذا العصر.
أمريكا إمتلكت السماء وبعدها بسهولة إمتلكت الأرض..، سيطرت على الفضاء والفضائيات والصحف والمنظمات والإعلام والسينما والرياضة ونشرات الأخبار.. أمريكا تمتلك أدوات غسيل مخ البشر من الساس إلى الراس..!

- شوشيت: بس وأنا هناك يا عمو مسمعتش عن ناس بتتقتل وتموت..!

تقصدي مشفتيش يا شوشيت...!!
في أبريل عام 2007 قتل شاب جامعي 32 من زملاؤه في جامعة فرجينيا.. مشهد لم يحدث حتى في الجامعات العربية.. ولم تسمعي ، ولم يقل أحد إرهاب..
بعدها بعامين وفي نفس الشهر من عام 2009 فتح شاب إسمه "جيفرلي وونج" النيران على مبنى لخدمات الهجرة وقتل 13 شخصا. لكن محدش قال إرهاب.
وفي نهاية 2012 قتل شاب إسمه آدم لانزا 27 طفلا من عمرك يا شوشيت داخل مدرسة إبتدائية بمدينة نيو تاون الأمريكية. لكن إنتي مش هتسمعي طبعا.. ومحدش هيقول إرهاب.
ومن حوالي سنة ونصف سقط 12 قتيلا في "نافي يارد" اللي هو مبنى البحرية الأمريكية في واشنطن، بعد هجوم شخص بوذي يدعى "أرون أليكسيس" فني اليكترونيات خدم في الجيش الأمريكي أربع سنوات. وكالعادة مش هتسمعي ومش هتلاقي حد يقول ده إرهاب..!!

- درش: طب وإيه السبب يا عمو إن محدش بيقول على دُول إرهابيين.؟

السبب أن كل هؤلاء أمريكان عايشين في أمريكا يا درش مش عرب ومش مسلمين.

- كيمو: طب ليه بيكرهوا المسلمين والعرب يا عمو؟

الفكرة مش كده خالص يا كيمو، ومش فارقة معاهم إحنا مسلمين أو غيره..، الفكرة إن أمريكا تتوجه حسب مصالحها ولو تم إدراج هذه الجرائم وتصنيفها في قائمةالإرهاب الدولي، وتصنيف مرتكبيها كإرهابيين، ستختل النتائج وموازين القوى والنفوذ والمصالح لتصبح ضدهم.

- شوشيت: بس إحنا اللي بنشوه نفسنا بنفسنا يا أونكل.

داعش بتقدم أسوأ صورة عن الإسلام والمسلمين.. تنظيم إرهابي تكفيري همجي جاهلي مشوه إجتماعيا ونفسيا بيساعد على ترسيخ صورتنا كهمجيين متخلفين.. وبالرغم من ده لو قارنتي جرائمه مش هتلاقيها حاجة جنب جرائم الأمريكان المتحضرين ..

- كيمو: طب ليه يا عمو محدش بيحاسب أمريكا على جرايمها.؟

المحاكم الدولية والأمم المتحدة تقدر توقع عقوبات وتحاكم رؤساء العرب وأفريقيا، ويقدروا يعدموا صدام حسين صباح عيد الأضحى، لكن لا تجرؤ هذه المنظمات على ملاحقة جورج بوش وشارون ..

- شوشيت: بس كده يا أونكل مفيش عدل ولا قانون ولا مبادىء خالص.!

العدل يا شوشيت هو حلم المستضعفين في الأرض، أما القانون فيكتبه الأقوياء.. والمبادىء يكتب عنها المثقفون والحالمون، مفيش مبادىء فيه مصالح ..

- كيمو: بس ربنا عادل ومش هيسيب حق حد..

الله يقول في الكتاب المقدس: "إِن رأيت ظلم الفقير ونزع الحق والعدل في البلاد، فلا ترتع من الأمر، لأن فوق العالي عاليا يلاحظ، والأعلى فوقهما"
ويقول في القرآن: "اعدلوا هو أقرب للتقوى"..
لكن من إمتى والناس بتسمع كلام ربنا..!!
هسيبكم بقى وأمشي علشان عندي مشوار مهم..

- شوشيت: هنشوفك تاني يا أونكل..؟ .. درش: آه يا عمو عايزين نقعد تاني .. كيمو: تعال بكرة يا عمو..

شذى وكريم ومصطفى..، من النهاردة بقوا أصدقائي..

#أحمد_سعده (هاشتاغ)       أيمï_آïم#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات