أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الزغبي - فلسفة المشهد وجماليات التعذيب في مؤلف - المراقبة والمعاقبة- لميشال فوكو















المزيد.....



فلسفة المشهد وجماليات التعذيب في مؤلف - المراقبة والمعاقبة- لميشال فوكو


سمير الزغبي
كاتب و ناقد سينمائي

(Samir Zoghbi)


الحوار المتمدن-العدد: 4657 - 2014 / 12 / 9 - 17:55
المحور: الادب والفن
    


فلسفة المشهد وجماليات التعذيب
في مؤلف " المراقبة والمعاقبة" لميشال فوكو





في أواخر القرن الثامن عشر، وفي مطلع القرن التاسع، ورغم بعض التوهّجات الكبرى، كان العيد القصاصي الكئيب في طريق الانتفاء. وفي هذا التحوّل اختلطت عمليتان. ولم يكن لهما تماما التدرج التاريخي ذاته ولا مبرّرات الوجود ذاتها. من جهة كان هنالك تراجع وإمحاء العرض العقابي. وأخذ الاحتفال العقابي يدخل في الظل"








المقدّمة:فوكو : فرادة النص من فرادة المشهد

تبدو مقاربة ميشال فوكو للمسائل المطروحة أمام الفكر، مقاربة ذات خصوصية وتميّز .من حيث أنّ الفيلسوف لم يرد لنفسه أن يكون مواصلا لأبحاث أقطاب مدرسة فرانكفورت على غرار هلبرت ماركوز ، من جهة نقد العقلانية المعاصرة ومخلّفات الاستقطاب الرأسمالي على الفرد. ومن جهة أخرى لم يكن ميشال فوكو محلّلا لتمظهرات العقلانية المعاصرة مثلما هو الشأن لدى بودريار ، في تفكيكه لبنية "مجتمع الإستهلاك" وكذلك مثلما هو الشأن لدى دي بور في تحليله لبنية "مجتمع الفرجة".
كذلك لم يكن فوكو مثل بقيّة الفلاسفة على غرار معاصريه سيما جيل دولوز من حيث الإتّصال بتاريخ الفلسفة. فلا نجد لديه أيّ نوع من إستعادة لتاريخ الفكر الفلسفي. رغم أنه يصرح علنا بإنتمائه لتاريخ الفلسفة و استلهامه من كبار الفلاسفة مثل هيدغر و نيتشة.
بدأ فوكو مسيرته الفلسفية بنصّ شهير وهو "تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي" وهو نص ترشّح ليكون رسالة دكتوراه. و انطلاقا من هذا الأمر يمكن تصنيف فوكو على أنّه فيلسوف متميّز من حيث المقاربة و نوعية المسائل. لم تكن مسألة " الجنون" ولا كذلك " تاريخ العقوبة" و " السجن" وغيرها، مسائل معهودة في تاريخ الفلسفة. لكنّ فوكو تجرّأ وإختار من المواضيع التي تمّ تهميشها في تاريخ الفلسفة. وهو موضوع لم يكن مجرّد مقال وكتاب بل هو رسالة دكتوراه. و هذا الأمر يعتبر تحدّيا راهن عليه فوكو اوّلا، ثم ستكون عليه له إنعكاسات و إستتباعات و تداعيات على تاريخ الفكر الفلسفي انطلاقا من لحظة التفكير لدى فوكو.
لم يكتف فوكو بالسبق الفلسفي في مستوى موضوع "الجنون" ولكنّه كذلك سيبتدع أمورا لم يعدها تاريخ الفلسفة في مستوى الكتابة. وهو أمر توضّح بشكل جلّي ضمن مؤلفه الشهير "المراقبة والمعاقبة: ولادة السجن" ضمن هذا المؤلف يطرح فوكو مسألة السجن إنطلاقا من مقاربة أركيولوجية، من حيث الولادة والأصل. فلأوّل مرّة في تاريخ الفلسفة يستعمل الفن التشكيلي ويصبح أداة للتوضيح. لم يقتصر النص على الصور التشكيلية و لكنّه كذلك إعتمد و منذ البداية على الصور الإيحائية، التي تقوم بالوصف والتشخيص و الكشف عن المشهد، مشهد التعذيب الذي شهدته القرون الوسطى. هذه النمطية الجديدة في التفكير الفلسفي والكتابة الفلسفية تعتبر إستحداثا، يكشف بوضوح فرادة فوكو و الذي نشأت ضمن تفكيره فلسفة المشهد.
من أجل كلّ هذه الإعتبارات فإنّ التفكير ضمن هذه المداخلة، يرنو إستكشاف خصوصية مقاربة فوكو في تصوير مشهد التعذيب وجماليات الانضباط و الإرغام.
من خلال اللحظات التالية:
1-المشهد وأنطولوجيا الصورة في مؤلف "المراقبة والمعاقبة"
أ-مسرحة العقاب
ب سينما الرعب في مؤلف "المراقبة و المعاقبة"
2- جماليات التعذيبو إستراتيجيات التسلّط
أ-جماليّة العقوبة من المشهدية إلى الكتمان
ب- البانوبتية / الإشراف أو فن معمار السجن
الخاتمة: من ثنائية السلطة/المعرفة إلى ثنائية السلطة/ الفن

1-المشهد وأنطولوجيا الصورة في مؤلف "المراقبة والمعاقبة"

لم تعد الفلسفة مع فوكو "بحثا في الماهيات" ولا هي "حبّا الحكمة" وتملّكا للعالم ومعرفة بالكلّي و"تحديدا ملكات الذهن"، و" رسما لجغرافية العقل "، و "تحديدا شروط المعرفة الترنشندنتالية".
إذن ما تكون الفلسفة وما يكون التفكير في منظور ألأركيولوحي؟
إن المهام الفلسفيّة أعمق لدى فوكو من أن تكون مجرّد نظر في الوجود، هنالك قلب لمفاهيم الفلسفة الكلاسيكية، وإعادة رسم جديدة لخارطة التفلسف، حيث ينظمّ الفيلسوف إلى صنف من المفكرين مهمّتهم البحث في عمق الواقع، واقع العقوبة والجريمة، والحفر في الممارسات وليس البحث في المفاهيم الثابتة. لقد تيقّن فوكو من أنّ مهام السلطة لا تكمن في تنظيم السلط و "التوزيع العادل للثروات"، ولا كذلك حتى في "سن القوانين" والعمل على تفعيله في الواقع. يعتبر فيلسوف الأيديولوجيا أن مثل هكذا مفاهيم، أسّستها الفلسفة الكلاسيكية لم تعد قادرة على استيعاب الواقع الجديد. إنّ مثل هذه المفاهيم تبعدنا عن حقيقة الدولة والسلطة بصورة عامة. لقد انتبه ماركس إلى أنّ دور الدولة يكمن أساسا في المحافظة على ملكيّة وسائل الإنتاج للطبقة المهيمنة. لكن ميشال يذهب إلى أبعد من ذلك ليعتبر الدولة جهازا ينتج العنف الخفيّ العنف الناعم الذي لا يترك أثارا ظاهرة للعيان. تشتغل الدولة بأجهزة البوليس والجيش لا لحفظ الأمن ولكن للسيطرة على الأجساد وحشرها والتحكّم فيها وتطويعها.
بذلك لم تعد مهام الفلسفة تأسيسا لمفهوم السلطة والدولة عقلانيا، بل تكمن مهمّة الفلسفة بالأساس في التشخيص والكشف والتعرية. إنّ الفلسفة الجديدة التي يفكّر من خلالها فوكو هي فلسفة المشهد، هي فلسفة الصورة العميقة للواقع التي تكشف عمّا يعتمل خلف جدار السجن وخلف الأسوار المتينة للمعتقلات. فتكنولوجيا السلطة هي تكنولوجيا إنتاج الفرد. تتمثل هذه السلطة في توظيف الجسد من قبل العلاقات السلطوية. يتحوّل جسد الفرد عبر هذه التكنولوجيا الجديدة إلى موضوع للتنظيم. فالمدرسة والسجن والمستشفى والعيادة والجيش كلّها مؤسسات لتنظيم الأجساد ووضعها في إطار من الانضباط، وفرض حركات وأفعال محدّدة.

لم يكن مؤلف "المراقبة والمعاقبة " مؤلفا عاديا في تاريخ الفلسفة، لأنّه لا يبحث في تحديد المفاهيم مثلما تعوّدنا عليه لدى كبار الفلاسفة. إنّه نص مشهدي بالأساس، تغلب عليه الصورة والمسرحة والمشاهدة أكثر من القراءة. هو نص أشبه بالعرض المسرحي والسينمائي أكثر من أن يكون نصّا مؤهّلا للقراءة. القراءة في منظور الأركيولوجي هي قراءة بصرية، مشهدية وليست قراءة صامتة. التفكير يكون عبر البصر وليس عبر ملكة الذهن. التصوير في مؤلف "المراقبة والمعاقبة" هو تصوير ل"ميتافيزيقا التعذيب". ذلك أن السيناريو الذي يجسّده فوكو ضمن هذا المؤلف ليس بالنص المعتاد، بل هو نص يحوي داخله زخم المراكمات التي سلّطت على الجسد. سيناريو فوكو هو سيناريو تأريخي، وأو كما عبّر عنه الفيلسوف ب التأريخ السياسي للجسد".
يحفل مؤلف "المراقبة والمعاقبة" ومنذ صفحاته الأولى بما سمّاه فوكو "رسوما توضيحية" لم نعهدها من ذي قبل، حتى في نصوص كبار الفلاسفة. وهي رسوم تتعلّق أساسا بفنون التقويم والضبط مثل فن "الأرتوبوديا" أو فن استباق تشوّهات الجسم عند الأطفال وتقويمها. وفن الاستعراض العسكري، والانضباط الجسدي داخل المؤسسة التعليمية، وفن معمار السجون الإصلاحيات.
بهذا المعنى يكون فوكو قد تفنّن في تشكيل ورسم عبر نص "المراقبة والمعاقبة"، ومن خلال تحاليله لوحات غاية في الدقّة. تحليل ميكرو فيزيائي يصوّر التعذيب ومشهد التنكيل. التحليل واللّوحة ينتميان إلى نفس الجنس، ميكرو فيزيائية السلطة والتوظيف السياسي للجسد. انطلاقا من كلّ الاعتبارات يتبين أن نص فوكو يعتمد على التوصيف وبالتحديد التشخيص الأركيولوجي، لأنّ آلية الوصف التي اعتمدها الفيلسوف لم تكن آلية عادية بل إنّها تنفذ إلى عمق الظاهرة، فتكشف عن ترسباتها العميقة. أي الصورة العميقة. والمباشرة.
الكتابة لدى فوكو كأنّي بها "كاميرا" غاية في الدقّة من حيث تقنية " التصوير" منذ البداية أي الفصل الأول، هنالك ما يمكن تسميته بال"الترافلينغ" في كيفية تصوير "جسد المحكوم عليهم": تصوير جسد داميان أثناء تنفيذ الحكم. إذ يبدأ فوكو كتابه "المراقبة والمعاقبة" بسرد مشهدي يصوّر العقوبة المسلّطة على الجسد، من خلال مباشرة وتعذيب جسد داميان المدان بجريمة قتل أبيه في الثاني من آذار/مارس سنة 1757. "حيث يجب أن يسحب ويقاد في عربة عاريًا إلا من قميص يستره، حاملاً مشعلاً من الشمع الملتهب، وزنه قرابة الكيلوغرام. ثم وفي العربة نفسها، عند ساحة غريف، وفوق منصة الإعدام التي ستنصب هناك، يجري قرصه بالقارصة في حلمتيه وذراعيه، وركبته وشحمات فخذيه، على أن يحمل في يده اليمنى السكين التي بها ارتكب الجريمة المذكورة، جريمة قتل أبيه. ثم تحرق يده بنار الكبريت. وفوق المواضع التي قرص فيها يوضع رصاص مذوب، وزيت محمى، وقار صمغي حارق، وشمع وكبريت ممزوجان معًا، وبعدها يمزق جسده ويقطع بواسطة أربعة أحصنة، ثم تتلف أوصاله وجسده بالنار، حتى تتحول إلى رماد يذرى في الهواء" .

أ-مسرحة العقاب

تحتفل مدونة فوكو بمسألة المشهد في نص لا يزال يحتفظ بأصالته وأقصد بذلك مؤلف "المراقبة والمعاقبة". المشهد بمظهريه: الظهور والإخفاء وبذلك فإنّ مفهوم العقاب يتراوح لدى ميشيل فوكو من المرئي إلى المرئي ومن العلني إلى المخفي. وتتّجه ممارسة العنف السلطوي من الفيزيائي إلى "الميكروفيزيائي" وتتميّز السلطة بالتحوّل من سلطة تستند إلى المشروعيّة والتبرير إلى سلطة انضباطية، أو هي سلطة تأديبية مما يشرّع للقول بالسلطة بالجمع لدى فوكو، وهي سلطة تعمل بشكل مجهري عبر الأنشطة الاجتماعية والمؤسسات غير القمعيّة. فالسلطة العقابية شائكة في جوهرها وتتميّز بالاختفاء ضمن المؤسّسات والتشريعات. ولم يكن الميل إلى تلطيف العقاب يهدف إلى اللطف بقدر ما كان استجابة لمتطلبات الانضباط، وتلوّن السيطرة والإخضاع بدمج الجسد ضمن لعبتي الإنتاج والاستثمار. لقد تراوح المشهد بين الظهور والإخفاء. بين العلنية والتكتّم.
لقد كانت الحضارة القديمة والقر وسطية حضارة العلن والمشهد المكشوف، حيث تمارس العقوبة أمام الملأ. لكن الحضارة المعاصرة أخفت المشهد وأبدعت نظاما جديدا للمراقبة والمعاقبة ألا وهو السجن. فالتعذيب لدى فوكو مراسم وطقوس وعملية تدوين لجسد المعذب.
السلطة مشهدية في أصلها لأنّها ُتمارس أكثر مما تمتلك، وهي ليست امتيازا بالإمكان الإمساك به. وإنّ الجسد هو الموضوع المباشر الذي يظهر فيه الفعل السلطوي، إذ هي توظّفه وتطوّعه وتقوّمه وتعذّبه وتجبره على أعمال محدّدة. وهذا التعامل مع الجسد يحكمه منطق اقتصادي، فهو تعامل بهدف الاستثمار السياسي والاقتصادي للجسد «الاقتصاد السياسي للجسد". فلمّا تتّخذ السلطة الجسد موضوعا لها، فذلك جعله جسدا منتجا. وإنّ الجسد لم يكن ليصبح أداة إنتاج وموضوعا للاستثمار إلا بفضل آليات الضبط والمراقبة والتحكّم.
اتجه العقاب بعدها ليصبح الجزء الأكثر خفاءا في العملية الجزائية. ممّا أدى إلى عدة نتائج: لم يعد ضمن مجال الرؤية والمشاهدة شبه اليومية، بل أصبح داخلا في مجال الوعي المجرد، وأصبحت فعاليته تعزى إلى حتميته، لا إلى شدته المرئية. وأصبح التأكد من حتمية العقوبة، لا المسرح الكريه.هكذا فقد، في مطلع القرن التاسع عشر، المشهد الكبير للعقاب الجسدي.
وتهدف علنية التعذيب إلى جعل المجرم يعلن إدانته بنفسه والتّشريع للتعذيب باعتباره لحظة من لحظات الحقيقة وربط التعذيب بالجريمة ذاتها بعرض المجرمين في أماكن حدوث الجريمة، مما يضفي طابعا "إرهابيا" على احتفال العقوبة. ويتحول التعذيب إلى تقنية تقوّي السلطة وتجذّر الإكراه في نفوس المحكومين، مما يجعل سؤال العدالة محل مراجعة.
لا يتمثّل التعذيب لدى فوكو في مجرّد الجزاء. بل يرتكز على فن بأكمله من كميّة الوجع". فهو القدرة على إمساك الحياة في الوجع. ويربط التّعذيب نمط الإصابة الجسدية وكميّة الوجع، فالعقوبة ليست عشوائية كما لا تكون كتلة واحدة على الجسد، بل محسوبة طبقا لقواعد تتمثل في عدد الجلد وكوي بالحديد ونمط التقطيع. وترسّخ هذه "الشعائر العقابية". لتميّزت نظرة "ميشيل فوكو" إلى العقاب بدمج الظاهرة العقابية ضمن تكنولوجيا السلطة الهادفة إلى استثمار الجسد وإخضاعه واستثماره سلطويا. ويهدف ذلك إلى إنتاج علاقات التفاوت والسيطرة، فالعقاب ليس ظاهرة قانونية منفصلة عن بعدها السياسي، بل هو شكل من أشكال تجلي السلطة. فكانت المعرف بالعقاب تستوجب معرفة آليات السلطة في توظيفه ومأسسته على اعتبار "أنّ المعرفة متورطة تماما في الصراع الدّنيء لعلاقات الهيمنة". ويهدف "فوكو" من خلال تحليل تكنولوجيا الجسد السياسية إلى عزل مستوى واقع نشاط الجسد البيولوجي عن أجهزة السّلطة المؤسّسيّة بالحفر في واقع التعذيب وتأسيس ما يمكن وسمه بـ "أركيولوجيا العقاب" ومن هنا تميّزت رؤيته للتعذيب والسجن والانضباط بالعمق والجرأة.
يعتبر فوكو " أن التعذيب "عقاب جسدي مؤلم، يتفاقم إلى حد الفظاعة". فالعقاب يرتكز على الألم، أو كمية الوجع التي تضاعف من قوّة السلطة، لذلك يقوم التعذيب على التنكيل بالجاني. فهو طقس منظّم يبيّن قوة السلطة التي تتولى أمر العقاب. كما يدرج التّعذيب ضمن آليات الاستثمار السياسي للجسد الذي يمر من مرحلة الجسد باعتباره قوة إنتاج، أو قوة عمل مادي فحسب، إلى الجسد المعذّب والمريض والمجنون طبقا لانتشار الانضباط ضمن كافة المجالات. وهكذا يتحوّل الانضباط إلى تقنية للسيطرة على الجسد الفردي والاجتماعي. وقد استوجب ذلك توفّر علم تشريح سياسي للحفر في المعرفة المحيطة بالعقاب. فكان السجن والعقاب آليتين لمعرفة اشتغال السلطة، إذ السّجن "فضاء بصري مرئي قبل أن يكون صورة حجريّة". وهو أوسع من العقاب، أو هو عقاب شامل يقوم على المراقبة والمعاقبة.
يطرح "فوكو" دلالة ما تعنيه المراقبة والمعاقبة و"يصبح تحليل الطرق العقابية ليس مجرّد نتائج لقواعد حقوقية، أو دلالات على بنيات اجتماعية، بل تقنيات لها خصوصياتها ضمن حقل وسائل الحكم الأخرى، أن تستمّد من العقوبات رؤية لبعد التكتيك السياسي". ومن ثم يهتم "فوكو" بالتشريح السياسي للجسد وتوظيفه في العلاقات السّلطوية وبذلك تتيسر ملاحظة التحوّلات الجزائية نتيجة التكنولوجيا السياسية للجسد وقراءة "اللطف العقابي كتقنية من تقنيات السلطة". ويصبح الجسد شاهدا على حقل العلاقات السلطوية عن طريق توظيفه وتعذيبه. فهي تجبره بأفعال وتضطرّه إلى احتفالات وتطالبه بدلالات على اعتبار أنّ السلطة تمارس أكثر مما تمتلك. وهي ليست امتيازا من امتيازات الطبقات المسيطرة، بل استراتيجيات "لا تطبّق ببساطة ونقاوة، وكأنّها التزام، أو نهي على أولئك الذين "لا يملكونها" فهي تستثمرهم، وتمرّ عبرهم وبهم وتستند إليهم."

ب سينما الرعب في مؤلف "المراقبة والمعاقبة"

–يفتتح كتاب “الرقابة والعقاب” بالمشهد المسرحي المريع الذي كان يرافق الإعدامات العلنية وصولا إلى القرن التاسع عشر. فقد كان ذلك الديكور الصاخب، بمثابة المشهد المسرحي. لقد أصبحت الرقابة أقل قسوة وأكثر تهذيبا، ومع ذلك فهي ليست أقل رعبا من ذي قبل. الأنساق السلطوية أصبحت متنوّعة و مختلفة. لقد اصبحت آلية الضبط منتشرة في كلّ مكان و الفضاء تم تحويله إلى حالة من حالات الرقابة .إن الرقابة المستمرة على الأفراد تقود إلى توسيع المعرفة حولهم وهو ما ينتج تقاليد مترفة وراقية في العيش. فإذا كان العالم في وضع يتحوّل فيه إلى نوع من السجن، فذلك من أجل تلبية الحاجات البشرية.التعذيب باعتباره أداة من أدوات الرقابة، لكن في مستوى مؤلف "تاريخ الجنسانية" هنالك أنواع من الرقابة أكثر تهذيبا.فالرقابة النفسية على الدوام أكثر فعالية من الرقابة البدنية.
"و إذا أمكن لهذا الرعب دائما أن يعكش إلى شفقة أو إلى تمجيد، العار الذي مروضا على المعذب، فإذا كان يحول، و بإنتظام إلى عنف الشرعي الذي كان يمارسه الجلاد. و من هكذاأصبحت والنور يوزّعان بشكل مختلف، و أصبح حكم الإدانة بذاته هو الذي يفترض به أن يسم الجانح بوسمة سلبية لا لبس يها، فنتج عن ذلك: علانية المداولات أو المحاكمات و علانية الحكم، أما التنفيذ فبدا وكأنه عار إضافي كانت العدالة تخجل من فرضه على المحكوم، فوقفت، إذن بعيدة عنه، و حاولت دائما إسناده إلى الآخرين، وتحت طابع السرية"
هكذا تجد العدالة ذاتها أمام إحراج متزايد سيما وأنّ العلنية لم تعد امرا مرغوبا فيه، وأصبح التوجّه نحو المواراة وتجميل العقوبة أمرا لا مناص منه. فكانت جماليات التعذيب الخيار الأنسب حتى تزيح المنظومة القديمة للعقوبة كل "مساوئها". في واقع الأمر العدالة لا تريد التخلص من استراتيجيات التعذيب والتنكيل بالجسد، لكنها كانت لها إرادة إضفاء بعد جمالي على آليات التعذيب وهو ما تمّ بالفعل، حيث تم إبداع تقنيات جديدة للتعذيب تتميّز بالإخفاء.

جماليات التعذيب واستراتيجيات التسلّط

يتجاوز التعذيب مجرّد الجزاء. "فالتعذيب يرتكز على فنّ بأكمله من كميّة الوجع". فهو القدرة على إمساك الحياة في الوجع. ويمزج التّعذيب نمط الإصابة الجسدية وكميّة الوجع، وتزمين الألم. فالعقوبة ليست إعتباطية كما لا تكون كتلة واحدة على الجسد، بل محسوبة طبقا لقواعد تتمثل في عدد الجلد وكوي بالحديد ونمط التقطيع. وترسّخ هذه «الشعائر العقابية" الإحساس بالخوف من قوة العاهل في ذاكرة المشاهدين للحفل التعذيبي القائم على سياسة التشهير بالجاني. فأنين المجرم "تحت الضّربات ليس بالأمر الجانبي المخجل، إنه تكريم للعدالة بالذات حيث تتجلى بكل قوّتها".
فالعذاب طقس منظّم من شأنه أن يظهر السلطة بمظهر القوّة، ويحضر جسد المحكوم باعتباره قطعة أساسية في احتفال العقوبة العامة. فعلى المتهم أن يظهر إدانته للعلن والإقرار بالجريمة التي ارتكبها بدءا من تحمّلها بدنيا، ومن هنا يساهم الحقل القانوني في إرساء علاقات الهيمنة لأنّ " النظام القانوني الحقل القضائي يشكلان الأرضيّة الدائمة لعلاقات الهيمنة وتقنيات الإخضاع المتعدّد الأشكال. فلا يجب النظر إلى القانون، في اعتقادي، من جانب تثبيت الشرعيّة. ولكن من جانب إجراءات الإخضاع التي يقيمها." وهكذا يتم إنتاج الإخضاع عبر المؤسسة القضائية فيشكّل المشهد التعذيبي تصورا خاصا للعدالة بما أنّ العقاب آليّة لتفعيل حضور السلطة.

أ-جماليّة العقوبة من المشهدية إلى الكتمان

انمحى العرض والمشهد في ظاهرة العقاب فأخذ الاحتفال العقابي يدخل في الظلّ وذلك في أواخر القرن الثامن عشر وفي مطلع القرن التاسع عشر. إذ يقول فوكو: "هكذا انمحى في مطلع القرن التاسع عشر المشهد الكبير للعقاب الجسدي وأخفي الجسد المعذّب، واستبعد من القصاص عرض مشهد الألم، وتمّ الدخول في فترة الرزانة العقابية" .
ولم يكن إلغاء التّعذيب، بل تحوّلت آليّة عرض الآلام الجسدية، في شكل مشاهد علنية، إلى إخفاء للتعذيب فى السجون، ومن ثم تحويل عقوبة الاعتراف العلني ومشهد التعذيب إلى نوع من التقصّي. وكان الفصل بين الحكم والتنفيذ فأصبح التّنفيذ عمليّة مستقلّة لا تتعلّق بالجانب المهيب للعدالة، وارتبط الجزاء بالحرمان من الحقوق.
اللّطف العقابي باعتباره تقنية من تقنيات السلطة التي توظّفه في "الاقتصاد السياسي" للجسد. و"هذا التوظيف (الاستثمار) السياسي للجسد مرتبط، وفقا لعلاقات معقدة متبادلة باستخدامه اقتصاديا، وإلى حد بعيد كقوة إنتاج." وبدأ العقاب ينحصر تدريجيا ضمن عقاب السجن فأصبح الاحتجاز الشكل الأساسي للعقاب، فالسجن هو المكان المناسب للعقوبات بعد زوال التعذيب.
" ربما كنّا نخجل اليوم من سجوننا. أمّا القرن التاسع عشر فقد كان فخوراً بقلاعه التي كان يبنيها عند حدود المدن وأحياناً في قلبها. كان يتغنى فخوراً بهذا اللطف الجديد الذي حل محلّ منصات المشانق. وكان يتباهى بعدم معاقبة الأجسام، وبمعرفته كيف يصلح النفوس. إن هذه الجدران وهذه الأقفال، وهذه الزنزانات كانت تشكل مشروعاً للتقديم الاجتماعي. فالذين كانوا يسرقون، كانوا يسجنون، والذين كانوا يغتصبون، كانوا يسجنون، والذين كانوا يقتلون، كانوا يسجنون أيضاً. من أين هذا الإجراء العجيب والمشروع الغريب، مشروع الحبس من أجل التقويم، الذي جاءت به القوانين الجزائية في العصر الحديث؟ هل هو إرث قديم من سجون القرون الوسطى الانفرادية؟ أم هو بالأحرى تكنولوجيا جديدة: إنجاز، من القرن السادس عشر، حتى القرن التاسع عشر «
السجن "مكان مغلق يتّجه إلى تجريد الشخص من حرّيته الخاصّة بفعل قرار العدالة". فهو "مؤسّسة كاملة وصارمة" ونظام عقابي حديث النشأة. وقد "تشكّل خارج الجهاز القضائي" ويعدّ لحظة مهمّة في تاريخ العدالة الجزائيّة مجسّدا وصولها إلى "الإنسانيّة". واستند تصوّره على أساس أنه عقوبة مثلى، فمثّلت ولادة السجن " تلطيف عقوبة ". كما تعلّق وجوده بثلاثة أسس.
تمثل الأساس الأوّل في أنه عقوبة " استندت إلى جهاز قضائيّ "مستقل" تمكّن بسهولة من الاستحواذ على بقية العقوبات ليكوّن"السّجن-العقوبة" العقوبة الأوفى خصوصا في المجتمع الحديث، إذ تعدّ قيمة الحرّية من القيم المؤسسة لجوهر حداثته، وهي قيمة مشاعة بين الجميع مما يؤدي إلى المساواة في خسران هذه الفائدة. وهي عقوبة تقاس بحسب متغيّر الوقت فالسجن بالنسبة للمجتمعات ا المعاصرة. يجسّد "بداهة" اقتصاديّة "تقيّم بالنقود العقوبات بالأيّام والأشهر والسنوات، وتقيّم معادلات كميّة بين الجرم والمدّة".
أمّا المعطى الثاني فيتمثل في كون السّجن جهازا للضبط والإكراه، ومن ثم إلزام الأفراد باتباع نظام دقيق يغيّر سلوكهم ويقوّي قيمة الندم والشعور بالواجب في ذواتهم. فهو نظام يختصر كل الأوليّات الموجودة في الجسم الاجتماعي بما هو" ثكنة صارمة قليلا(...) ولكنّه في نهاية الأمر لا يختلف عنها بشيء من الناحية النوعيّة" مما يحوّله إلى مؤسسة انضباطيّة شاملة. كما يمارس سلطة شبه كاملة على الموقوفين، مما يزوّده بقدرة فعّالة تؤثر على سلوك الأفراد المنحرفين عبر ممارسة الانضباط الاستبدادي. فلئن كان القانون نوعا من الدلالات النصيّة المكتوبة فإن السجن فضاء بصري مشهدي تتناسب فيه هندسة البناء مع " هندسة القمع" وتشريح الأجساد وتصنيفها.
يخضع السّجين داخل السّجن إلى نظام صارم من النشاطات اليومية، في النهار والليل والعزلة والاجتماع مع الآخرين، فضلا عن اللّباس والتربية التي يتلقاها السجناء ونظام الدروس والمواعظ تبعا لتوالي الأيام والسنين.
أما الأساس الثالث فيتعلّق بقيمة الشعور بالندم لأنّ المحكوم معزول عن العالم الخارجي. ويقوّي فيه عزله عن بقية الموقوفين سمة التفكير. فهذا الإجراء يهدف إلى وضعه أمام جريمته، مما يزيد من ندمه. وكلّما ازداد ندمه حدّة اشتدّ شعوره بالألم، فالعزلة تؤمّن نوعا من التنظيم الذاتي للعقوبة. وبذلك لا تكون إعادة تأهيل المجرم مطلوبة من منطلق تطبيق القانون بل بعلاقة الفرد بضميره بالذّات.
من شأن هذه الأبعاد المتلازمة أن تحدّد وظيفة المراقبة المستمرة للسجناء. فإذا كان السّجن يجسّد مكان تنفيذ العقوبة، فإنّه في نفس الوقت مكان معاقبة المعاقبين. "فيجب تصور السّجون كمكان لتشكّل معرفة عياديّة حول المحكومين.
يعتبر فوكو أن السّجن في ترتيباته الأكثر صراحة ووضوحا قد أعدّ دائما نوعا من تدبير ألم جسدي. ويدلّ الانتقاء الموجه غالبا إلى النظام التأديبي ...أن المحكوم يتألم جسديّا". ونلاحظ شروعا فى نوع من العقاب اللاجسدي، أو معاقبة ما هو غير جسدي،
فإذا كانت القواعد القانونية تمثل جانب" الماكرو سياسي" فإنّ الانضباط يجسّد البعد "الميكرو سياسي" وهو جانب مخفي ولا مرئي. فقد نظر فوكو إلى السلطة نظرة جزئيّة "مجهريّة" وتتجلى في المؤسّسات والبرامج، لأنّ "الانضباط" نمط من أنماط السلطة، ونموذج من نماذج ممارستها يشمل مجملا كاملا من الأدوات والتقنيات والوسائل... إنه "فيزياء" أو "تشريح" للسلطة، إنّه تكنولوجيا". والانضباط فعل تقوم به مؤسّسات متخصصة (الإصلاحيات والسجون...) وإمّا مؤسسات تستخدمه من أجل غايات محدّدة (المدارس والمستشفيات).
ومن شأن مؤسّسة السجن أن تزكّي الإكراهات الانضباطية التي لا تستند إلى القانون بقدر ما تستند إلى التطبيع عبر الخضوع إلى المعيار والقواعد. وتمارس هذه السلطة وظيفتها من إجراءات الضبط وتقسيم الأفراد في المكان: المجرم في المعزل، والجندي في الثكنة، والحجر للمشردين... فلكل فرد مكانه الاجتماعي إلى جانب المواقع الوظيفية المتعلقة بالترقيات الوظيفية. ثم الرّقابة على النشاط وفق جدول زمني يقسم أوقات العمل وأوقات الراحة باتّباع " نوع من التراتب ونوع من الانضباط، ونوع من التقعيد التي تطبّق داخل الجسد". و يتركّز دورها على ضبط الأجساد لأنّ" الموضوع المركزي للانضباط هو الجسد، جسد المريض وجسد التلميذ وجسد المجرم. الجسد هو التكيّف والتدريب والتّطويع والاستجابة والتكاثر". وتعطي هذه السلطة بعدا جديدا للجسد هو "الجسد- الآلة". وتحمل الانضباطيات عدّة فنون للتحكم في الجسد وتشريحه سلطويا. و"لم تنشأ هذه السلطة فجأة"، بل نتيجة تراكمات. ومن شأن هذه السلطة أن تضعنا في مدار الرعب.

ب- البانوبتية / الإشراف أو فن معمار السجن

يقوم فوكو في مؤلّفه "المراقبة والمعاقبة" القسم الثالث، الفصل الثالث، بتصوير المشهد المتعلق بالإشراف أي الطريقة الاستراتيجية التي تشكّلت من خلالها هندسة السجن، وهي هندسة تسمح بالإشراف والضبط والمراقبة. وهي عقلانية كاملة تقوم عليها آلية الضبط.
" هذا الفضاء المغلق، المقطوع، المراقب من كلّ جوانب حيث يخشر الأفراد ضمن مكان ثابت، حيث تراقب أقل حركة، وحيث تسجّل كلّ الأحداث وحيث يربط العمل الكتابي المركز بالأطراف، وحيث تمارس السلطة بدون مشاركة، وفقا لهيكلية تراتبية مستمرة، وحيث كلّ فرد معاين، و مفحوص و موزّع بين الأحياء، و المرضى و الأموات كل ذلك يشكّل نموذجا كثيفا من الجهاز الإنضباطي"
البانوبتيكوم هو رسم بياني لآليات السلطة وهو فن معماري وهندسة للمكان " صورة تكنولوجية سياسية يمكن ويجب أن تفصل على كل فعل مخصوص". الغاية من هذه الجمالية للمكان هي إصلاح السجناء و العناية بالمرضى و حراسة المجانين..و بهذه الطريقة يتيح هذا الفن "إستكمال ممارسة السلطة" في أشكالها المختلفة ، فهو يتيح التدخل في كل لحظة ، وهو يشتغل بدون أية " آلة فيزيائية" ، بل يشتغل أساسا وفقا لبيان هندسي معماري فني.. إن هذا الهيكل " البنتامي" ينشأ آلية يتمازج فيها الفني بالسلطوي. حيث تشتغل السلطة بآليات جمالية. وهي منتجات السلطة ال معاصرة التي تتعمد الإخقاء والانزواء وتجنّب الظهور المباشر. تكون السلطة بهذا الشكل موجودة ولكن بشكل لطيف.

الخاتمة: من ثنائية السلطة/ المعرفة إلى ثنائية السلطة/ الفن .

"السلطة والمعرفة" ثينائيّة أشتهر بها نص فوكو، الذي كشف عن تلازم خفيّ بين هذين ا لمجالين، حيث يبذو أنهما منفصلان، لكن قكو فضخ من خلال أركيولوجيته هذا الأرتباط بين الزوج سلطة/معرفة. إلا أن الأمر في منظورنا لا يقف عند هذا المستوى بل هنالك زوج آحر لا يقل أهمية و حضورا وهو الزوج "سلطة-فن".فالسلطة تعتمد على مقومات إستيتيقية كممارسة للإخفاء و التمويه .
في واقع الأمر إنّ مفهوم السلطة هو من التشتّت والغموض ما يمنع من خصره يقول فوكو " ولكنّنا ما زلنا لا نَعْرِفُ ماهيّةَ السّلطة، هذا الشّيءُ المُغْرِقُ في الإلغاء، هذا الشّيء الّذي نَرَاهُ ولا نَرَاهُ، الظّاهِرُ الخفيُّ الّذي يعترضُنا حيثُما وَلّيْنا وجوهنا، الشّيءُ الّذي نُسمّيهِ السّلطة ". لكن الهناسيات التي تم ذكرها هي من الإعتماىت التي أن تتشكل من خلالها السلطة، السلطة في نظر فوكو، لا يمكن الإمساك بها إلا من خلال آيارها وترسباتها وكيفيّة إشتغالها. ويبدو حقل الجماليات، من أكثر الحقول خصوبة حيث إشتغلت السلطة.
إن ّالسلطة "هذا الشّيء الّذي نَرَاهُ ولا نَرَاهُ، الظّاهِرُ الخفيُّ الّذي يعترضُنا حيثُما وَلّيْنا وجوهنا ، الشّيءُ الّذي نُسمّيهِ السّلطة " . إذا كان العالم في منظور نيتشة يؤوّل جماليّا، فإن العالم لدى ميشال فوكو يؤول سلطويا. كل ما يحدث يردّه فوكو إلى السلطة التي إستحوذت على كل تفاصيل الوجود الإنساني. و يعني دلك الحقول السياسية والاجتماعية والطبية والنفسية والجنسية وغيرها،



#سمير_الزغبي (هاشتاغ)       Samir_Zoghbi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينما الفلسطينية إبداع فكر أم وحي المقاومة؟
- الواقعية الجديدة في السينما الإيطالية
- المسرح بين نظرية الإلزام و مطلب الإلتزام
- فوضى الجسد و إمبراطورية الرغبة في فيلم الدواحة
- الماويون في النيبال مواجهة للملكية أم للإمبريالية ؟
- المشهد وتعبيرية الجسد في السينما التونسية
- معقولية الصورة في الجماليات المعاصرة
- دراما الصراع بين الموت و الحرية في فيلم - ما نموتش Mill Feui ...
- أحداث يوم 9 أفريل 2012: دعوة إلى المؤامرة أم إستراتيجية للهي ...
- سيميولوجيا الصورة الإشهارية
- مدخل إلى تقنيات السينما-السينما ذاته
- إشكالية الهوية و الاختلاف في السينما العربية
- بداية النهاية و دكتاتور جديد يحذف من التاريخ نهاية القذافي
- ساحة للشهيد محمد البوعزيزي في باريس.كيف نفهم هذا الحدث؟
- الإستهلاك و إستراتيجية الهيمنة الليبرالية
- الثورة التونسية : صعود البروليتاريا الجديدة و تأزم البورجواز ...
- مشهد الثورة و إيتيقا الصورة


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الزغبي - فلسفة المشهد وجماليات التعذيب في مؤلف - المراقبة والمعاقبة- لميشال فوكو