أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الشيوعيّة أم القومية ؟















المزيد.....



الشيوعيّة أم القومية ؟


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4657 - 2014 / 12 / 9 - 02:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كلمة الناشرين بمناسبة نشر " الشيوعية أم القومية ؟ "
صدرت على الأنترنت فى 2 سبتمبر 2014 على موقع :
http://demarcations-journal.org/
( ملاحظة : تقديم ناشري مجلّة " تمايزات " و وثيقة المنظّمة الشيوعية الثورية ، المكسيك التى تعدّ ردّا ثالثا على مقال " ضد الأفاكيانية " لآجيث متوفّران معا فى نسخة بى دى أف للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن )
-------------------------------
فى جويلية 2013 ، نشر آجيث ، الأمين العام لما كان يسمّى حينها الحزب الشيوعي الهندي( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري (1 ) وهو حزب ماوي هندي ، جدالا عنونه " ضد الأفاكيانية " و قد صدر بمجلّة ذلك الحزب النظريّة ، نكسلباري (2) . و يحيل مصطلح " الأفاكيانية " على الحلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان و قد حمّل آجيث دلالة سلبيّة . و كان جداله محاولة لدحض و نبذ شاملين للتقدّم فى علم الشيوعيّة الذى تمثّله الخلاصةالجديدة . و إدّعى آجيث أنّه يخوض هذا الجدال من موقع ظاهريّا ماوي حسب كلماته ( وهو يعتبره فى هذا الجدال و فى مجلّة نكسلباري ماركسية – لينينية – ماوية ) .
و يزعم آجيث أنّ الخلاصة الجديدة للشيوعية لأفاكيان " تصفويّة و تحريفية " و ينادى بنبذها " كخطوة ملحّة و ضروريّة يجب إتخاذها فورا حتى حينما يحتفظ المرء بمسؤوليّة تفحّصها تفحّصا شاملا و دحضها " كما ورد ذلك فى مقدّمة نكسلباري لجدال آجيث . و بكلمات أخرى ، أنبذوا أوّلا و تفحّصوا لاحقا صورة خاصّة ، تسترسل تلك المقدّمة ذاتها وهو" يعلن أنّه يجب تعويض الماركسية – اللينينية – الماوية بالأفكايانية " (3) .
إنّ مجلّة " تمايزات " ، إنسجاما مع مهمّتها المعلنة – " الإنخراط فى جدال الخلاصة الجديدة مع المفاهيم و المقاربات الأخرى ل " مشكل " إضطهاد الإنسانية و إستغلالها فى العالم... و حلّه ، و ل " ما العمل " " للقيام بالثورة و تحرير الإنسانية " - قد حثّت على خوض هذا الجدال و تحصّلت على عدد من مشاريع الردّ على مقال آجيث .
و نحن متحمّسون للغاية لإعلان نشر مساهمة من المنظّمة الشيوعية الثورية ، المكسيك و عنوانها " شيوعية أم قومية ؟ " و هذا الجدال يتفحّص القوميّة المبثوثة فى هجمات آجيث على أحد المكوّنات الحيوية للخلاصة الجديدة للشيوعية : الأممية . لم يرفع أفاكيان راية الفهم البروليتاري للأممية فحسب بل عمّقه أيضا . و بوجه أخصّ ، قد صوّر بعمق العلاقة بين المجال العالمي و الثورة فى كلّ بلد على حده ، و مهام الشيوعيين فى كلّ من البلدان الإمبريالية و الأمم المضطهَدة .
و فى حين أرسى لينين أسس الأممية فى عصر الإمبريالية ، فإنّ التجربة التاريخية للثورات الشيوعية مذّاك قد تميّزت ، ثانويّا و لكن بشكل له دلالته ، بإنحرافات عن هذه المقاربة . و تمثّل الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان تقدّما حقيقيّا فى فهم الأمميّة منذ زمن لينين . و فى جدال المنظّمة الشيوعية الثورية ، المكسيك يتمّ شرح ذلك و تطبيقه و تقديمه بشكل حيوي .
مهمّة هي الجدالات لأنّ الأفكار مهمّة . بهذا الصدد ، موقف أعرب عنه تشانغ تشن تشياو ، أحد القادة الثوريين للثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى فى الصين و أحد ما سُمّي ب " مجموعة الأربعة " مفيد إلى درجة عالية : " النظرية هي العامل الديناميكي فى الإيديولوجيا " فى تغيير كيف يقارب الناس العالم و كيف يفهمونه و كيف ينظرون إليه . يتعلّم الناس النظريّة ليس فقط بالدراسة المباشرة لعلم الشيوعية و إنّما أيضا بالملاحظة و الإتخراط فى الصراع بين الخطوط المختلفة و الأفكار التى تمّ الإشتغال عليها. و عبر هذا الصراع الشرس يعمّق الناس فهمهم و يستوعبون النظريّة و يعزّزون قدرتهم على المقارنة بين الخطوط المتعارضة و يتعلّمون بشكل أفضل كيفيّة التمييز بين ما هوصحيح و ما هو خاطئ ... بين ما سيؤدّى إلى التحرير و ما لا يؤدّى إليه .
و فى حين أنّ هذا الجدال نشأ داخل الحركة الشيوعية العالمية – لا سيما داخل الحركة الماويّة كما تطوّرت منذ زمن الثورة الثقافيّة فى أواسط ستينات القرن الماضي و إنتشرت عبر اعالم – فإنّ للقضايا المناقشة إنعكاسات واسعة النطاق و ملحّة .
يشهد العالم غليانا ، " فترة إنتقاليّة تحمل فى جنباتها إمكانية نهوض كبير " (4). و فى زمن وجود الكوكب فى خطر و إشتداد الفظائع بالنسبة للبلايين من البشر ؛ فى زمن يتّسم بإنتفاضات من فترة إلى أخرى و بتمرّدات دائمة ، قضيّة اللحظة تطرح موضوعيّا : هل هناك حلّ للخروج من كلّ هذا الجنون ؟
مع التطبيل ل " موت الشيوعية " و هيمنة عولمة الديمقراطية البرجوازية من النمط الغربي و عولمة الأصوليّة الدينية ، يعتقد القليل جدّا من الناس أنّ عالما مختلفا راديكاليّا ممكن و مرغوب فيه و فعّال . لكن هناك بديل حقيق للرأسمالية – الإمبريالية . كيف يبدو هذا البديل و كيف نبلغ تحقيقه ؟ فى إطار مادي و بنظرة ثاقبة و ملموسة ،هذا ما تعالجع الخلاصة الجديدة للشيوعية لأفاكيان و ما تجيب عليه . و هذا تحديدا ما يهاجمه آجيث . إنّهذا النقاش نقاش ملحّ ، يشمل مقاربتين متباينتين راديكاليّا لمعرفة العالم و تغييره .
فى الوقت الذى تنهض فيه الشعوب و تقاتل أو تتمرّد عن حق ضد الحكم الإضطهادي ، المسألة الحيويّة فى النهاية هي : ما الذى يرشد هذا ، ما هو الأفق الذى تناضل من أجله الشعوب ، و إلى أين يؤدّى ؟ و بالفعل ، بالنسبة لغالبيّة الحركة الشيوعية ، غالبيّة الوقت ، مسائل الشيوعية هذه و الإنتقال الإشتراكي قد تبدو متناقضة و عادة " بعيدة عن النظر و خارج الذهن " – بينما نشطاء الحركة بمن فيهم الثوريين بأطيب النوايا و أعظم التضحيات ، منشغلين فى القيام بشيء آخر .
و هذا " الشيء الآخر غالبا ما يكون قليل الصلة ؛ حتى فى التفكير الخاص للناس و فهمهم ، كي لا نتحدّث عنالتأثير الفعلي ، بالمجهود العام لإيجاد نظام إجتماعي مغاير تماما . فقط " إستمرّوا فى الإستمرار " كما تقول كلمات أغنية .
و من خلال هذه السيرورة من الجدال و المقارنة ل " المشكل / الحلّ " ، نحن فى " تمايزات " نهدف إلى أن نجذب جمهورا أوسع – كلّ الذين يبحثون عن عالم أفضل – إلى فهم أعمق و التفاعل مع الشيوعية كعلم نقدي و ثوري و حيوي و تعبيرته الأكثر تقدّما هي الخلاصة الجديدة للشيوعية .
و مسألة حاسمة بالنسبة لتحرري الإنسانيّة هي منهج و مقاربة الواقع و تغييره . ما سيصبح واضحا من خلال هذه الجدالات – و نبحث عن رسم خيط ناظم بينها – هو أنّ هناك مقاربتين و حزمتين مختلفتين راديكاليّا و فى نزاع هنا : الشيوعية التحريريّة للخلاصة الجديدة لأفاكيان مقابل ما يمثّله آجيث .
" مثلما عبّر عن ذلك بوب أفاكيان ، الشيوعية فلسفة و نظرية سياسية كاملتين و فى نفس الوقت هي حيّة ، نقدية و علم مستمرّ التطوّر. ليست إضافة كمّية لأفكار أفراد لعبوا دورا قياديا فى تطويرها ( و لا يعنى أن كلّ فكرة و سياسة و تكتيك معيّنين إتبعوهما كانا خاليان من الخطإ ). الإيديولوجيا الشيوعية خلاصة لتطوّر و بالخصوص للإختراقات النوعية التى أنجزتها النظرية الشيوعية منذ تأسيسها على أيدى ماركس إلى يومنا هذا. " (5)
( مقتطف من " الشيوعية كعلم " ملحق للقانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ) .
يهدف المنهج و تهدف المقاربة العلميين إلى فهم ، بأعمق مستوى ممكن ، لماذا الأشياء كما هي و كيف تتطوّر ، و إلى البحث عن الأسباب فى العالم المادي و بالأدلّة و تطبيق ذلك على الواقع و تغييره . و يتطلّب تغيير العالم تغييرا راديكاليّا خدمة للمصالح الجوهريّة للغالبيّة العظمى من الإنسانية أي البلايين الذين يعيشون حياة بؤس و يأس ، يتطلّب نظريّة ثوريّة مؤسسة على منهج و مقاربة علميين و فى علاقة جدليّة مستمرّة بين النظرية – الممارسة – النظرية .
و فى تعارض مع هذه المقاربة العلميّة الشاملة و الحيويّة للشيوعية ، وُجدت على الدوام نزعة نحو الدغمائيّة و النزعة الدينيّة فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية ، نزعة تقليص الشيوعية ذاتها – بما فى ذلك إختراقات ماركس و لينين و ماو – إلى " جملة من الوصفات " أو حتّى الكتابات المقدّسة . و تشمل هذه النزعة الدينيّة تقريبا مقاربة غائيّة للتاريخ ( بالتشديد على كلمة التاريخ عندا على أنّه يمضى إلى هدف محدّد سلفا ) و" إعتقاد " فى " حتمية " الشيوعية ، بدلا عن مقاربة علميّة مادية تاريخية صريحة .
و مناقضا بعمق لروح الشيوعية و فحواها ، الشيوعية التى تمثّل قطيعة راديكالية مع كافة وجهات النظر الدينيّة ، تترافق هذه الحزمة كما كثّفها آجيث ، بالضرورة مع براغماتية فى الممارسة منسجمة مع " ما يعمل " و تستهدف " النتائج الفوريّة " و بدلا من المواجهة العلميّة للتحدّيات الكبرى أمام الثورة الشيوعية فى هذا الظرف التاريخي ، لدينا تراجع نحو دغمائيّة هشّة فى النهاية ونزعة دينيّة و براغماتيّة .
الرهانات محفورة بشدّة و بيّنة جدّا : ما هو نوع الحركة الشيوعية العالمية الذى سيوجد ، نوع متجذّر فى العلم و ينطلق من العالم كما هو أم نوع ينطلق من "روايات " يجعلها تتمتشى بالقوّة مع الواقع فى إطار نظام يعيد تأكيد الإعتقاد ؟ لمزيد إستيعاب و تصوّر هذا ، لنعد خطوة إلى الوراء ، إلى اللحظة التاريخية التى تشكّل إطار هذا النقاش .
------------------------
اللحظة التاريخية – نهاية مرحلة و بداية مرحلة جديدة من الثورة الشيوعية :
أفضل فهم للحظة التاريخية الراهنة هو فهم " نهاية مرحلة و بداية مرحلة جديدة من الثورة الشيوعية ".
لقد أنجز ماركس بمعيّة إنجلز إختراقا فى المقاربة العلميّة و فهم المجتمع – و بهذا أبرزا إمكانية تغيير عالم إضطهاد و إستغلال إلى عالم مغاير راديكاليّا يتجاوز " الكلّ الأربعة " – كلّ الإختلافات الطبقيّة و كلّ علاقات الإنتاج الإستغلالية الكامنة و كلّ العلاقات الإجتماعية الإضطهادية و كلّ الأفكار التقليدية التى تتناسب مع كلّ ذلك .
و قد ظهر هذا الإنتقال إلى عالم شيوعي إلى الواقع فى مناسبتين كبيرتين و على نطاق واسع فى الموجة الأولى من الثورات و المجتمعات الإشتراكية : أوّلا ، فى ثورة أكتوبر فى روسيا سنة 1917 ثمّ تعمّق أكثر و أنجز قفزة أخرى فى الثورة الصينية لسنة 1949 ، و خاصّة فى الثورة الثقافيّة بين 1966 و 1976 . و الموجة الأولى التى بدأت مع كمونة باريس سنة 1871 التى لم تعمّر طويلا بلغت نهايتها مع الإطاحة بالإشتراكية فى الصين و إعادة تركيز حكم الرأسماليّة بعد حوالي 20 سنة من الإطاحة بحكم البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي فى خمسينات القرن الماضي ، عقب وفاة ستالين .
ومثّلت هذه الموجة الأولى من المجتمعات الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي( 1917 – 1956 ) والصين ( 1949 – 1976 ) إختراقا غير مسبوق و ملهم فى تحرير الإنسانيّة . و فى نفس الوقت ، و ليس أمرا مفاجئا ، تميّزت الموجة الأولى ثانويّا بنقائص و أخطاء .
ما الذى أدّى إلى هذه الهزائم و إعادة تركيز الرأسمالية فى كلّ من الإتحاد السوفياتي و الصين ؟ كيف نقارب علميّا و نلخّص دروس هذه الثورات وإرثها ؟ ماذا نفعل بالتجربة الثريّة لممارسة سلطة الدولة بإتجاه الإنتقال إلى الشيوعية ؟ ألا تزال الشيوعية و سلطة الدولة البروليتارية ضروريّة و ممكنة و فعّالة ومرغوب فيها ؟ ما هو الإطار النظري للتقدّم إلى الأمام ؟
مقاربة " نهاية مرحلة " و مقاربة هذه المسائل ( المطروحة موضوعيّا ، التى يطرحها واقع أنّ الموجة الأولى بلغت نهايتها ) قد أحدثت إنشقاقا فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية .
وعلى خلاف آجيث الذى لا يولى هذه المسائل العناية الجدّية ، و بالكاد يشير إليها إن أشار ، هذه المسائل التاريخية - العالمية - إلى جانب تجربة تشكيل و قيادة سيرورة القيام بالثورة فى الولايات المتحدة – هي التى تقف وراء أعمال بوب أفاكيان وهي التى مدّت بشريان الحياة فى العقود الثلاثة الماضية ما صار خلاصة جديدة للشيوعية . و هذه الخلاصة لا تمثّل خلاصة للنظريّة و التجربة الشيوعية منذ تأسيس الشيوعية إلى يومنا هذا فقط بل إنّ الخلاصة الجديدة للشيوعية لأفاكيان تنطوى على فهم قائم على التطوّرات و الإختراقات فى مجالات متنوّعة فكريّة و علميّة و فنّية أوسع ، و كذلك على مقاربة علميّة للتغيّرات الكبرى التى شهدها العالم .
و ليست هذه الخلاصة الجديدة إلصاقا- تجميعا ل " أفضل ما فى التجارب السابقة " و نقد لجوانبها الخاطئة , بالأحرى كما يضع ذلك " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " ، الخلاصة الجديدة : " بناء على كل ما حدث قبلا ، نظريا وعمليا ، وإستخلاص الدروس الإيجابية و السلبية من ذلك ورفع هذا إلى مستوى خلاصة جديدة و أرقى. " (6) .
و فى ما يتعلّق بالفلسفة و المنهج ، تركّز الخلاصة الجديدة للشيوعية على أسس علميّة أشمل و أرسخ . و تعمّق الفهم الأساسي المادي للأممية و لماذا ، بالمعنى النهائي و الشامل ، المجال العالمي هو الأكثر حيويّة ، حتى بالنسبة للثورة فى بلد خاص . و بشأن طابع دكتاتورية البروليتاريا ، تقدّم أفاكيان بنموذج إشتراكية أعاد صياغتها كمجتمع حيوي و ديناميكي – متميّز بصراع و معارضة و تجريب و مبادرة كبيرين – يمثّل أيضا إنتقالا ثوريّا نحو الشيوعية . و تشمل الخلاصة الجديدة كذلك إختراقا فى المقاربة الإستراتيجية للثورة فى عالم اليوم ، لا سيما توجّه للقيام بالثورة فى البلدان الإمبريالية مثل الولايات المتحدة .
و مثلما يشير بيان " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة " تقف الخلاصةالجديدة لبوب أفاكيان موضوعيّا فى معارضة لما يبدو أنّه توجّهات " متناقضة تناقض إنعكاس المرآة " فى صفوف الذين يعتبرون أنفسهم أو فى زمن ما إعتبروا أنفسهم شيوعيين ، مفاهيم ظهرت كإجابة على هزيمة المرحلة الأولى .
و يتمسّك المفهوم الجديد بلا نقد و بطريقة دغمائيّة و دينيّة بالتجربة و النظريّة الإشتراكيتين السابقتين – و هكذا يضع نفسه ضد المقاربة العلمية للتلخيص التاريخي للماضي ولمزيد التقدّم فى النظريّة الشيوعية. و هذا الموقف الدغمائي المترافق عادة مع قوميّة فجّة يتعارض مع الشيوعية ، وهو هشّ و عادة ما ينزلق أكثر فأكثر إلى الديمقراطية البرجوازية المفضوحة .
ويسقط المفهوم الثاني فى الحكم البرجوازي بأنّ المجتمعات الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي و الصين فى القرن العشرين كانت جوهريّا متصدّعة و إضطهادية – تميّزت ب" الشمولية " و " البيروقراطية " و " دكتاتورية حزب " لاديمقراطي . و يتداخل مع هذا التبنّى بالجملة للبراغماتيّة و التجريبيّة و تقديس الديمقراطية البرجوازية ، سواء صراحة أو فى شكل تفكير " جديد " ( كما هو الحال بالنسبة لآجيث و معانقته للعناصر المفاتيح ل " ما بعد المعاصرة " ) .
بداية من سيعينات القرن الماضي ، إنحسرت عبر العالم النضالات الثورية و نضالات التحرّر الوطني ما مدّ هذه التيّارين إيّاهما بأسباب قوّة... و زد على ذلك الهجوم الإيديولوجي البرجوازي – الإمبريالي الذى لا هوادةفيه على التجربة الشيوعية .
و كما سنرى فى الجدالات التى ننشر ، أو سننشر قريبا ، " حزمة " آجيث مزيج إنتقائي (7) بائس من الشيوعية لتوجهات " متناقضة تناقض إنعكاس المرآة " ( الدغمائيّة من جهة و الديمقراطية البرجوازية من الجهة الأخرى ) كلّ هذا مقنّعا بقناع الماوية .
------------------------
نقطة للتوضيح حول حزمة آجيث و الخلاصة الجديدة و الماوية – إنقسام الماويّة إلى إثنين :
فى ماي 2012 ، بعث الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية ، التجمّع العالمي المتشكّل سنة 1984 ك " مركز جنيني للحركة الماوية العالمية " . و أشارت هذه الرسالة التى عبّرت عن فهم الحزب الشيوعي الثوري لمضمون صراع الخطّين الدائر صلب الحركة الشيوعية العالمية و جذوره و تاريخه ، إلى :
" نشأت أزمة الحركة الأممية الثورية و الحركة الشيوعية العالمية بصورة أعمّ لأنّ الفهم الذى قامت عليه الحركة - ما كنّا نسميه الماركسية - اللينينية - الماوية - " ينقسم إلى إثنين" : جوهره الثوري الصحيح و العلمي ثبتت صحته و هو يتقدّم إلى مستويات جديدة ، بينما الأخطاء الثانوية و إن كانت حقيقية و ضارة فى السياسة و النظرية وقع تحديدها و يمكن و من الضروري الصراع ضدّها كجزء من إنجاز القفزة اللازمة. " (8) .
بهذا المعنى فقط ، مقال آجيث " ضد الأفاكيانية " يخدم هدفا مفيدا فى صراع الخطّيؤن الدائر رحاه فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية . و كما سيقع تبيان ذلك فى الجدالات ، ما يحاجج من أجله آجيث هو تعبير مكثّف بصفة عالية ، و طلقة معبّرة عن هذه النزعة نحو إتّخاذ هذه " الأخطاء الثانوية لكن مع ذلك الحقيقيّة و الضارة " فى المنهج و التصوّر ، و تنظيمها و رفعها إلى مستوى الخطّ السياسي العام .
و يتمّ إلباس هذا الخليط قناعا ماويّا . و فى الواقع ليس سوى طبل خاوى . مضمونه يشترك فى القليل مع ما تقدّم به جوهريّا و رئيسيّا ماو و ما مثّله و دافع عنه . و على العكس من ما يجسّده آجيث و ينظّر له و يجادل من أجله ، يلتقط بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، فى توصيغه للمظاهر المشتركة بين التوجهات " المتناقضة تناقض إنعكاس المرآة " التى تطوّرت فى تعارض جوهري مع الخلاصة الجديدة :
" • عدم الإضطلاع أو عدم الإنخراط مطلقا بأي طريقة منهجية ، فى تلخيص علمي للمرحلة الأولى من الحركة الشيوعية وبوجه الخصوص للتحليل الثاقب لماوتسى تونغ لخطر وقاعدة إعادة تركيز الرأسمالية فى المجتمع الإشتراكي. وهكذا ، بينما قد تدافع أو قد كانت تدافع فى الماضي عن الثورة الثقافية فى الصين ، تفتقر إلى أي فهم حقيقي وعميق للماذا كانت هذه الثورة الثقافية ضرورية ولماذا وبأية مبادئ وأهداف أطلقها ماو وقادها. إنها تحوّل الثورة الثقافية ، فى الواقع ، إلى مجرّد حلقة أخرى فى ممارسة دكتاتورية البروليتاريا أو من جهة أخرى تعيد تأويلها على أنها نوع من الحركة الديمقراطية البرجوازية " المناهضة للبيروقراطية " تمثّل فى جوهرها نقضا للحاجة لطليعة شيوعية ودورها القيادي المؤسساتي فى المجتمع الإشتراكي ، عبر المرحلة الإنتقالية إلى الشيوعية .
• النزعة المشتركة لتحويل " الماوية " لمجرّد وصفة لخوض حرب الشعب فى بلدان ما يسمّى بالعالم الثالث بينما تهمل مجدّدا أو تقلص أهمية أهمّ مساهمة من مساهمات ماو فى الشيوعية : تطويره لنظرية وخطّ مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وكافة التحليل الثري والمنهج العلمي اللذان عليهما تأسّس ذلك و اللذان جعلا تطوير تلك النظرية وذلك الخطّ ممكنا .
• الفلسفة التجريبية و البراغماتية و التجريبية . ومن جديد بينما يمكن أن يتخذ هذا تعبيرات متنوّعة تبعا لوجهات النظر والنظرات المتنوعة الخاصّة، فإن الشائع عندها هو إبتذال النظرية والإستهانة بها ، محوّلينها إلى " مرشد للعمل " فقط بالمعنى الأضيق والأكثر مباشرة ، معاملين النظرية كما لو أنها ، جوهريا ، إفراز ممارسة خاصة ومحاولين عقد مقارنة بين الممارسة المتقدّمة ( التى ، من جانب هؤلاء الناس ، تتضمّن عنصرا من التقييم الذاتي والإعتباطي ) و النظرية المتقدّمة المفترضة. إن وجهة النظر الشيوعية العلمية ، المادية الجدلية ، تؤدّى إلى فهم أن الممارسة هي مصدر ومحكّ النظرية ، لكن على عكس هذه التشويهات التجريبية الضيقة ، يجب فهم هذا على أن الممارسة بالمعنى الواسع ، شاملة التجربة الإجتماعية و التاريخية الواسعة ، وليس فقط التجربة المباشرة لشخص أو مجموعة أو حزب أو أمّة . تأسيس النظرية الشيوعية ذاتها ومزيد تطويرها يبيّن ذلك بقوّة : منذ زمن ماركس ، تشكّلت هذه النظرية وأثيرت إنطلاقا من جملة واسعة من التجارب ، فى جملة واسعة من الحقول المختلفة وخلال تطوّر تاريخي واسع النطاق ، فى المجتمع و الطبيعة. ستتحوّل مقولة أن الممارسة مصدر النظرية ومقولة " الممارسة معيار صحّة النظرية " إلى كذب عميق إن جرى تأويلها وتطبيقها بأسلوب ضيّق ، تجريبي وذاتي. " ( 9 )
لقد ركّز آجيث و معارضون آخرون للخلاصة الجديدة للشيوعية على " ماو مختلف " : ماو ببعض العناصر المشتركة مع ماو الشيوعي الثوري ، لكن مع إقتلاع قلبه العلمي و الماركسي . لقد جعلوا مبدأ من الدفاع عن الأخطاء التى إرتكبها ماو و إن كانت نقائصا ثانويّة ، و رفعوها عاليا و حوّلوها إلى شيء جوهري ، فيما يقفزون أكثر فأكثر بإتجاه ديمقراطيتهم البرجوازية و قوميتهم و براغماتيتهم الخاصين و إنحرافات أخرى مشوّهة لماو .
كلّ من الخلاصة الجديدة للشيوعية و خطّ آجيث يمثّلان " تطويرات " للنظريّة الشيوعية السابقة و إن كانت تلك تطويرات بإتجاهات متعارضة . إذ يدافع أفاكيان و يشيّد على الموقف و وجهة النظر و المنهج الماركسيين الأساسيين بما فى ذلك كما طوّرتهم اللينينية و الماوية بينما يشخّص الأخطاء الثانوية و ينقدها . و من خلال هذه السيرورة ، رفع أفاكيان علم الشيوعية إلى مستوى جديد تماما . و آجيث من الجهة الأخرى ، ينبذ الجوهر العلمي للماركسية . و يبحث عن تعويضه بإيديولوجيا نوعيّا مختلفة و غير علميّة فى حين يحافظ على بعض المظاهر الماركسية الثانوية و الخارجية . لآجيث و أفاكيان "أسلاف مشتركين " فى الماوية بيد أنّهما يمضيان فى إتجاهين مختلفين راديكاليّا .
-------------------------
جدالات ردّا على آجيث – خلاصات وافية ردّا على حزمة :
لهجوم آجيث على الخلاصة الجديدة لأفاكيان عدّة خطوط مفاتيح متشابكة :
• فى حقل الأبستمولوجيا ( حقل الفلسفة الذى يعالج مسائل المعرفة و الحقيقة و كيفيّة بلوغها ) : هل الحقيقة موضوعيّة أم هي ترتبط بالموقع الإجتماعي و لها " طبيعة طبقيّة ؟ هل الشيوعية علم ، إيديولوجيا أم كلاهما ؛ و ما هو دور ما يحدّده آجيث على أنّه " مجرّد مشاعر طبقيّة " فى النضال من أجل القيام بالثورة و تغيير المجتمع تغييرا راديكاليّا ، و إختراقات ماركس فى المادية التاريخية و هل أنّ " الشيوعية حتمية " .
• مفهوم أفاكيان ل " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " لقيادة السيرورة نحو الشيوعية ، و فى علاقة بالمفاهيم الماضية فى القيام بالثورة و قيادة المجتمعات الإشتراكية : طبيعة المرحلة الإنتقاليّة إلى الشيوعية و هدفها ، و ما إرتآه ماركس فى الأصل على أنّه دكتاتورية البروليتاريا .
• الأممية البروليتارية ، ما هي قاعدتها فى عالم اليوم وز ما هي مهام الشيوعيين فى كلّ من البلدان الإمبريالية و الأمم المضطهَدَة و العلاقة بين المجال العالمي و الثورة فى كلّ بلد على حده.
• فى مجال الإقتصاد السياسي : هل أنّ قوانين المراكمة الرأسمالية تتفاعل و تحدّد الإطار الأولي للصراع الطبقي أم لا ؟ و ما هو الشكل الرئيسي لحركة التناقض الأساسي للرأسمالية - - و لماذا ذلك حيويّ فى فهم حركة المجتمع الإنساني و تطوّرها فى هذه الحقبة وفهم أنواع التغيّرات التى جدّت فى العالم ، لا سيما التغيّرات طوال الخمسين سنة الماضية ، وفهم الأرضيةالتى تقام عليها الثورة ؟
• و إلى جانب بعض الخيوط الثانوية الأخرى ثمّة هجمات على دور الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية فى الحركة الأممية الثوريّة ، التجمّع العالمي السابق للقوى الماويّة الذى كانت تنتمى إليه مجموعة آجيث و الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية .
وفضلا عن الجدال الذى ننشر معكلمة الناشرين هذه و الذى صاغته المنظّمة الشيوعية الثورية ، المكسيك ، قد نشرنا سابقا مقالات ثلاثة تمثّل جزء من الردّ الجدالي على آجيث و هجومه على الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان . و تتطرّق هذه المقالات الثلاثة إلى جوانب من مضمون الخلاصة الجديدة للشيوعية و منهجها ومقاربتها و دور بوب أفاكيان فى الحركة الشيوعية العالمية .
• حول " القوّة المحرّكة للفوضى " و ديناميكية التغيير ، نقاش حاد و جدال ملحّ : الصراع من أجل عالم مختلف راديكاليّا و الصراع من أجل مقاربة علميّة للواقع ، لريموند لوتا . لم يشر بحقث لوتا صراحة إلى آجيث على أنّه هدف الجدال النظري بل وضع المسألة بصفة أعمّ على أنّها مسألة خلافيّة فى الإقتصاد السياسي الماركسي المعاصر . و مع ذلك ، المسائل المطروحة و المقاربة و خطّ التفكير محور هذا الجدال هم بالذات مسائل و مقاربة و خطّ تفكير آجيث ، بما فيها الهجمات الخاّصة فى عمله الأخير ، " ضد الأفاكيانية ".
• الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و مفترق الطرق الذى تواجهه الحركة الشيوعية العالمية ، لروبار بوبا . و هذا الجدال فى قسم فرعي منه يوثّق و يتفحّص ردّ آجيث على كلّ من الإنعطاف التحريفي الذى سلكه الحزب الماوي الأصلي الذى قاد عشر سنوات من حرب الشعب فى النيبال من 1996 إلى 2006 ، و غياب القطيعة الحيوية مع التحريفية لدى الحزب الجديد ، الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و واصلها فى صفوفه – فى إطار اللحظة التاريخية و مفترق الطرق الذى تواجهه الحركة الشيوعية العالمية .
• رسالة إلى الأحزاب و المنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثوريّة ، من طرف الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية .
وجرى توزيع هذه الرسالة فى البداية بصفة خاصة فى غرّة ماي 2012 على الأحزاب و المنظّمات التى كانت منخرطة فى الحركة الأممية الثورية ، التجمّع العالمي المتشكّل فى 1984 ك " مركز جنيني للحركة الماوية العالمية " . و نهضت الرسالة بدحض جوهري لتشويهات آجيث و مغالطاته الأساسيّة بشأن دور الحزب الشيوعي الثوري فى هذه الحركة . وعند تلخيص هذه التجربة ، تقارب رسالة الحزب الشيوعي الثوري الصراعات الكبرى من قمّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي ، مجسّدة تشديد ماو على أنّ الخطّ هو المحدّد .
و فى المستقبل المنظور ، تخطّط مجلّة " تمايزات " لنشر ردّ جدالي كبير على هجمات آجيث على الخلاصة الجديدة للشيوعية فى مجال الأبستيمولوجيا . و نحن ندرس ما بُعث إلينا عن خط ّ آجيث فى ما يتّصل بدور الدين و الأصوليّة الدينية ، و بهجومه الشامل على المساهمات التاريخية لينين وإستخدامه ماو ضد لينين ، بصمته الذى يصمّ الآذان فى " ضد الأفاكيانية " عن تحرير نصف الإنسانية ، النساء .
و فى سياق القضيّة الأخيرة ، تنطوى الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان على فهم معمّق للماذا و كيف أنّ تحرير النساء جوهري و محوري فى الثورة الشيوعية و تخطى " الكلّ الأربعة " ( التى أشرنا إليها سابقا ) . و يحتوى كتاب " كسر كلّ السلاسل ! بوب أفاكيان حول تحرير النساء و الثورة الشيوعية " جملة من المقتطفات و الأعمال المفيدة وهو متوفّر الآن على موقع : revcom.us
وهنا ننشر مقتطف من هذا الكتاب يتعلّق ب " الخلاصة الجديدة و قضيّة المرأة : تحرير النساء و الثورة الشيوعية – المزيد من القفزات و القطائع الراديكالية " ، (الجزء الثالث من " التناقضات التى لم تحلّ قوّة محرّكة للثورة " – 2009 ) . و هذا العمل الملقّح للأذهان يجرى قراءة نقديّة للتجربة التاريخية للمجتمعات الإشتراكية و الحركة الشيوعية فى ما يتّصل بتحرير النساء و يبيّن الحاجة و أساس مزيد القفزات و القطيعة الراديكاليّة ، فى التصوّر و الممارسة .
وندوعو كم إلى مراسلتنا حول هذه المسائل و المسائل ذات الصلة و إلى مدّنا بمقترحاتكم و بمشاريع مقالات .
----------------------
الهوامش :
( ملاحظة للمترجم : المراجع 1 و2 و 5 و6 و8 و9 متوفّرة بالعربيةبمكتبة الحوار المتمدّن ترجمة شادي الشماوي ).
1- بيان مشترك فى غرّة ماي 2014 – بيان إندماج بين الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري ، تحية لإندماج الحزبين الماويين فى الهند فى حزب واحد . بتاريخ غرّة ماي 2014 ، أعلن أنّ الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني) نكسلباري قد إندمج مع الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و كفّ عن الوجود كحزب منفصل. و فى حين أنّ هذا الإعلان نشر على مواقع مثل

http://icspwindia.wordpress.com/2014/05/10/hail-the-merger-of-the-maoist-parties-in-india-into-a-single-party/
و
http://maoistroad.blogspot.com/2014/05/pc-1-maggio-merger-declaration-of.html
( حسب المعلومات المستقاة من الأنترنت فى 28 جويلية 2014 ) و فى الصحافة ، فإنّ ناشرو " تمايزات " ليست لديهم أيّة معلومات عن أيّ تأكيد رسميّ آخر أو شرح لمقام هذا الإندماج .
2- آجيث ، " ضد الأفاكيانية " مجلّة نكسلباري عدد 4 ، جويلية 2013 ، رابطه هو التالي :
http://thenaxalbari.blogspot.com/2013/07/naxalbari-issue-no-4.html
3- إفتتاحية " التحدّيات أمام الماويين " ، مجلّة نكسلباري عدد 4 ، جويلية 2013 ، ، ورابط الإنترنت هو :
http://thenaxalbari.blogspot.com/2013/07/naxalbari-no-4-editorial_7820.html
( حسب المعلومات المستقاة من الأنترنت فى 28 جويلية 2014 )
4- بوب أفاكيان – " الوضع الجديد و التحدّيات الكبرى " ، جريدة " الثورة " عدد 36 ، 26 فيفري 2006 و رابطه على الأنترنت هو :
http://revcom.us/a/036/avakian-new-situation-great-challenges.htm
5- " الشيوعية كعلم " ، ملحق للقانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدةالأمريكية ( شيكاغو ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، 2008 ) ص 42 ، و على الأنترنت رابطه هو :
http://revcom.us/Constitution/constitution.html
6- " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " ( شيكاغو ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، 2008 ) ص 24 ، و من هنا فصاعدا فقط " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة " . على الأنترنت رابطه هو :
http://www.revcom.us/Manifesto/Manifesto.html
7- يُستعمل مصطلح إنتقائي كمصطلح علمي يقصد به منهج يخدم حجب المظهر الرئيسي لتناقض . وكما شرح بوب أفاكيان :
" هنا من المهمّ التشديد على أنّ جوهر الإنتقائيّة ( و طريقة خدمتها للتحريفية حينما يتبنّاها الشيوعيون أو الذين يدّعون أنّهم شيوعيّون و يطبّقونها ) ليس ببساطة وضع الأمور بمعنى " من جهة "هذا " و من الجهة الأخرى " ذاك " – لكن القيام بذلك على نحو يحجب جوهر المسألة و بوجه خاص يقوّض ما هو بالفعل المظهر الرئيسي و المحدّد للتناقض ... مثلا ، لنأخذ الموقف التالى : " صحيح أنّ الإمبريالية تعنى إستغلال الشعوب و إضطهادها بشدّة و خبث فى عديد أنحاء العالم ؛ لكنّها أدّت كذلك إلى تطوير عديد أشكال التكنولوجية المفيدة و إلى مستوى عيش عالى بالنسبة لأعداد هامة من الناس " . كلا المظهران هنا – ما يسبق شبه الإستعمار ( قبل كلمة " لكن " ) و ما يتبع ذلك – صحيحان . لكن ما هو المظهر الرئيسي و المحدّد و الأساسي ؟ بوضوح إنّه المظهر الأوّل : الطبيعة الإستغلاليّة و الإضطهادية العالية للإمبريالية و التبعات السلبيّة جدّا لهذا بالنسبة للأغلبيّة العظمى للإنسانية . إلاّ أنّ الطريقة التى صيغت بها هذه الجملة تحجب الحقيقة الأساسيّة ، شكليّا ، بوضع المظهر الثانوي ( كما تجسّد فى الجزء الثاني من الجملة أعلاه ) على قدم المساواة مع المظهر الرئيسي . و يخدم هذا ، على الأقلّ موضوعيّا ، كمديح للإمبريالية ... لكافة المقاربة الإنتقائيّة نفس الطابع و التأثير الأساسيين : إنّها تخدم خلط الأمور و إنكار المظهر الرئيسي و جوهر الأشياء و تقوّضه ".
( بوب أفاكيان - " الأزمة " فى الفيزياء و" الأزمة " فى الفلسفة و السياسة "، جريدة " الثورة " عدد 161 ، 12 أفريل 2009 ؛
http://www.revcom.us/avakian/Out%20into%20the%20World/Avakian_Out_into_World_pt5-en.html
8- الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – " رسالة إلى الأحزاب و المنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثوريّة " ضمن العدد الثالث من مجلّة " تمايزات " ،
http://demarcations-journal.org/issue03/letter_to_participating_parties_of_rim_revolutionary_communist_party_usa.pdf
9- " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة " ، ص 32-33 [ بالأنجليزية ] .
=======================================================
الشيوعية أم القومية ؟
المنظّمة الشيوعية الثوريّة ، المكسيك
المقال نشر على الأنترنت بموقع مجلّة " تمايزات " فى سبتمبر 2014
http://demarcations-journal.org/

إنّ العالم الذى نعيش فيه فظيع و يجب أن يتغيّر . إنّه عالم كارثة بيئيّة متفاقمة الخطورة ، و تتحكّم فيه الحروب الرجعيّة و فيه يموت ثلاثة ملايين طفل سنويّا جوعا (1) ، و فيه يُستعبد ملايين و ملايين النساء والأطفال فى تجارة عالمية ل " صناعات " الدعارة و البرنوغرافيا (2) ، ضمن عديد الفظائع الأخرى .
و كي نتمكّن من تغيير هذا العالم تغييرا راديكاليّا ، من الأساسي أن نفهم طبيعته و كيف يمكن حقيقة تغييره . و جزء من هذا هو كيف نفهم و كيف نغيّر تماما عالما معولما أكثر فأكثر و يتميّز كذلك بإضطهاد قومي و إنقسامات عميقة . يعلم الجميع أنّنا نحيا فى عالم معولم : و العلامات التجاريّة على ثيابنا تبيّن أنّها على نطاق واسع مستوردة من بلدان بعيدة جدا ، و يتحدث الشباب على الأنترنت مع أناس من الضفّة الأخرى من العالم ، و الأزمة الإقتصادية فى مكان من العالم تحدث الخراب فى مكان آخر. ومع ذلك تنمو الهوّة بين الثروات الهائلة المكدّسة فى بعض الأمم و يميّز الفقر المستشري الغالبية ، و تضطهد أمّة أو قوميّة أمّة أو قوميّة أخرى ، و يتمّ إصطياد المهاجرون بحثا عن العمل كالحيوانات على عدة حدود قومية .
و من الشائع جدا حتى فى صفوف الناس الذين يعتبرون أنفسهم ثوريين أو شيوعيين أنّ المشكل الجوهري و حله يكمنان أساسا ضمن حدود كلّ بلد على حده . هل الأمر كذلك ؟ هل أن النظام الذى نحيا فيه و إمكانيّات التحرر منه تُحَدَّد أكثر بخصوصيّات كلّ أمّة أم بالنظام العالمي و النضال الأممي ؟ هل هناك نظام عالمي ، و هل نحتاج إلى سيرورة ثوريّة عالميّة لتجاوزه ؟ هل أن بلوغ مستقبل مختلف راديكاليّا و تحرّريّا يتطلب أن نكون أفضل ممثلي الشعب أو البروليتاريا فى أمتنا الخاصة أم يتطلب أن نكون ممثلي تحرير الإنسانيّة ؟ هل يجب على الثوريين فى ما يسمّى بالعالم الثالث أن يطمحوا ببساطة إلى تحرير أمتهم الخاصة أم إلى إلغاء الإختلافات الطبقية و كل أشكال الإضطهاد فى العالم قاطبة ؟
إن الأجوبة على هذه الأسئلة جوهرية لأجل أن نقدر على فتح الأبواب أمام مستقبل جديد واعد . و الخلاصة الجديدة للشيوعية التى طوّرها بوب أفاكيان (3 ) ، ضمن مساهمات أخرى ، قدعزّزت الأسس النظرية للأممية وهي أساسية للإجابة على تلك الأسئلة إجابة علمية و لقيادة النضال فى سبيل ذلك المستقبل عبر العالم بأسره . و مع ذلك ، كما أشار ماو " منذ الأزمنة الغابرة ، لم يتم أبدا تلقى أي شيء تقدّمي بالترحيب فى البداية و كلّ ما هو تقدّمي كان على الدوام عرضة للصدّ " (4) و لم تكن الخلاصة الجديدة إستثناء لهذه القاعدة . فقد عرفت معارضة خاصة من قوى متنوّعة تعتبر نفسها شيوعية و قد أقلمت عمليا الشيوعية مع القومية و بالتالى تقاتل من أجل هدف مغاير كلّيا . و هنا نتناول بالنقد مقالا مطولا للآجيث كأحد ممثلى هذه المواقف المعرضة للخلاصة الجديدة للشيوعية . (5)
1- موقفان متعارضان ، هدفان مختلفان و متعارضان جوهريا :
تجسّد الخلاصة الجديدة للشيوعية التى طوّرها بوب أفاكيان تطبيقا صحيحا و حيويّا للغاية للمادية الجدليّة خدمة للأممية البروليتارية و تقدم الثورة البروليتارية بإتجاه الهدف النهائي : عالم شيوعي . و الموقف التالى تعبير مكثف عن هذا الفهم الجديد : " بلوغ [ الظروف الضرورية للشيوعية ] يجب أن يتمّ على نطاق عالمي من خلال سيرورة مديدة و متعرّجة من التغيير الثوري يكون فيها تطوّر غير متكافئ و إفتكاك للسلطة فى بلدان و أوقات مختلفة و تداخل جدلي معقّد بين النضالات الثوريّة و تثوير المجتمع فى مختلف هذه البلدان ... [ علاقة جدلية ] فيها المجال العالمي هو الحاسم جوهريّا وفى آخر المطاف ، بينما يمثّل التفاعل المتبادل و الدعم المتبادل بين نضالات البروليتاريين فى بلدان مختلفة العلاقة المفتاح فى التغيير الجوهري للعالم قاطبة . " (6 )
و لهذه العلاقة الجدلية فى النضال فى سبيل الشيوعية بين المجال العالمي الذى هو المحدّد فى آخر المطاف ، و الترابط بين نضالات البروليتاريا فى بلدان مختلفة ، الذى يمثل العلاقة المفتاح ، قاعدة مادية فى واقع تشكّل نظام رأسمالي – إمبريالي عالمي مع نهاية القرن التاسع عشر .
ويأكّد آجيث و عديد الآخرين ، بالعكس ، على أن مهام الثوريين " تنشأ عن الخصوصيات الداخلية لبلدهم وهي تتحدّد أكثر بها " (7) و أنّ المستوى العالمي يمارس تأثيره فقط عبر العلاقات الداخلية لكلّ بلد . و إلى الدرجة التى يعلق فيها هذا الموقف على القاعدة المادية ، يحاجج بأنها توجد فى البروليتاريا التى تظهر نتيجة سيرورة " بصفة خاصة وطنية شكلا و مميزات " (8 ) و كذلك " الثورات الإشتراكية فى البلدان الإمبريالية و الثورة الديمقراطية الجديدة فى البلدان المضطهَدة ." (9)
و إعتمادا على الطبيعة الحقيقية للثورة الشيوعية العالمية ، تشدّد الخلاصة الجديدة على أن " الأممية – العالم بأسره فى المصاف الأوّل ." (10) و أنّ الشيوعيين فى أيّ بلد هم و لا يمكن أن يكونوا سوى مقاتلين من أجل تحرير الإنسانية و ليسوا بالأساس ممثّلين لأمة أو أخرى . و بالنسبة لآجيث ، على العكس ، تمثل البروليتاريا و يمثل الشيوعيون " تقاليد الأمّة التقدّمية و الديمقراطية ." (11) ، و على الأقل فى البلدان المضطهَدَة ، يجب أن يكونوا " وطنيين على أساس إيديولوجي أممي " (12) .
سنبيّن أن بخصوص هذه المسائل و غيرها ، الخلاصة الجديدة للشيوعية أساسيّة للتمكّن من قيادة موجة جديدة من الثورات فى العالم بإتجاه هدف الشيوعية وتحرير الإنسانيّة قاطبة . و بالرغم من أنّ آجيث يدّعى أنّه يعتمد على منهج و مقاربة الشيوعية فإنّ موقفه عمليّا خليط إنتقائي (13) من الشيوعية و القومية. و إعتبارا لرؤيته الضيّقة للعالم و التى تنطلق من الأمّة إلى الخارج ، لا يفهم و ربّما لا يمكنه أن يفهم الديناميكيّة الجدليّة الواقعيّة للنظام الرأسمالي – الإمبريالي و للثورة الشيوعية الملخّصة فى الصيغة المذكورة أعلاه للرفيق أفاكيان .
فى العالم الحقيقي اليوم ، يقتضى النضال من أجل تحرير أنفسنا من النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي قيادة الشيوعية و ليس قيادة خليط آجيث و آخرين الإنتقائي من الشيوعية و القومية ، و الذى هو، فى الجوهر ، بالرغم من خطابهم " الشيوعي " ، لا يتخطى الحدود الضيّقة للنظام الرأسمالي – الإمبريالي الراهن فى رؤيتهم النظريّة ، و بالتالى لا يمكن أن يؤدى إلى تجاوزها فى الممارسة العمليّة . لذا هذه الجدالات ليست " صراعات إنعزاليّة على اليسار " : إنّها تتعلّق بالتمييز بين تحرير الشعوب من الإضطهاد و الإستغلال و الإهانة بوسائل الثورة الشيوعية فى مختلف البلدان و فى العالم ، أو الحكم عليها بتواصل قيود النظام الرأسمالي – الإمبريالي بكلّ فظاعاته .
2- مواصلة تطوير علم الشيوعية أم التمسك بأخطاء الماضى و تمجيدها ؟
من البداية ، يطالب آجيث بأن يتمّ نبذ الخلاصة الجديدة قبل تفحّصها تفحّصا شاملا : " حين يُعلن أنّه يجب تعويض الماركسية – اللينينية – الماوية بالأفاكيانية ، ألا يكون هذا كافيا بنبذ الأفاكيانية نبذا تاما على أنّها تصفويّة و تحريفية . أليست هذه خطوة ملحّة و ضروررية ينبغى إتخاذها حتى بينما يحتفظ المرء بالنهوض بمسؤولية التفحّص و الدحض الشاملين بتؤدة . " (14 )
فى الواقع ، الخلاصة الجديدة هي على وجه الضبط خلاصة جديدة للشيوعية وهي ترسي الشيوعية على أسس علمية أكثر حتى بمزيد تطوير الفهم السابق و كذلك إستبعاد هذه العناصر التى ثبت أنّها لا تتناسب مع الواقع الحقيقي و تغييره ثوريّا . و من ثمّة ، مثلما تشير إليه المواد التى يستشهد بها آجيث نفسه ، هي رئيسيّا مواصلة ومزيد تطوير للعلم الثوري المحدّد بالمساهمات الخالدة لماركس و لينين و ماو ، وثانويّا، نعم ، هي قطيعة ضروريّة مع أخطاء ثانويّة لكن هامة .
و على العكس ، " ماركسية – لينينيّة – ماويّة " آجيث و آخرين تذهب ضد الشيوعية الأصليّة و تتمثل عمليّا فى التمسّك بأخطاء الماضى و تمجيدها خدمة لأقلمة الشيوعية مع القومية و الديمقراطية البرجوازية .
و إلى ذلك ، لننظر فى المنهج الضمني فى طلب آجيث أن يتمّ نبذ الخلاصة الجديدة للشيوعية قبل تفحّص مضمونها تفحّصا شاملا : يأتينا شخص بثمار ثلاثين سنة من الجهد و يقول لنا إنّه يعتبر تلك الثمار تقدّما فى العلم و يطلب منّا أن نتفحّصها . و فجأة يعلن أحد ما : " إنّه يقول إنّنا يجب أن نعوّض العلم الذى لدينا معرفة به بعدُ بعلمه ؟ أليس هذا سببا كافيا لنبذه بصراحة الآن و تفحّصه لاحقا ؟"
هل بوسع العلم أن يتقدّم بهكذا منهج من نبذ ما هو جديد ببساطة لأنّه جديد و ينقد بعض مظاهر الفهم السابق ؟ إنّ طلب آجيث هذا لا يمثّل منهجا و مقاربة علميين بل بالأحرى موقفا دغمائيّا و دينيّا إزاء الماركسية . برأينا ، يتطلّب العلم التفحّص أولا – و ، نعم " بصفة شاملة " – لأي موقف نظري ، سواء كان الخلاصة الجديدة أو مواقف آجيث و أمثاله أو أي إقتراح آخر ، بهدف تحديد إن كان أم لا يتناسب أو إلى أيّة درجة يمكن أن يتناسب مع العالم الواقعي فى حركته و تطوّره ، و على هذا الأساس و هذا الأساس فقط يمكن تحديد إن كان يمكن القبول به أو نبذه كلّيا أو جزئيّا .
ولنمرّ الآن إلى تفحّص الخلافات التى ميّزناها هنا على هذا النحو .
3- النظام الرأسمالي – الإمبريالي نظام عالمي :
مثلما أشرنا سالفا ، جزء من القاعدة الماديّة للعلاقة الجدلية " فيها المجال العالمي هو الحاسم جوهريّا وفى آخر المطاف ، بينما يمثّل التفاعل المتبادل و الدعم المتبادل بين نضالات البروليتاريين فى بلدان مختلفة العلاقة المفتاح فى التغيير الجوهري للعالم قاطبة " هو تشكّل نظام إقتصادي عالمي حقا مع حلول الإمبريالية كأعلى مراحل الرأسمالية مع نهاية القرن التاسع عشر . و منذ بداياتها الأولى ، كان للرأسمالية طابع عالمي بارز . و كما لاحظ ماركس : " لقد أعلن إكتشاف الذهب و الفضّة فى القارة الأمريكية و نهب السكّان الأصليين و إستعبادهم و دفنهم فى المناجم ، و بداية إستعمال و نهب الهند ، و تحويل أفريقيا إلى خزّان للمتاجرة بالسود ، لقد أعلن بزوغ الفجر الوردي لعصر الإنتاج الرأسمالي " (15 ) .
بإندفاع الرأسمالية الناشئة للقرن السادس عشر، نظّم عديد الأوروبيين الأسفار المسمّاة مغالطة " إستكشافيّة " و أخذت السوق العالميّة فى التشكّل و نتيجة الديناميكية الخارقة للعادة لنمط الإنتاج الجديد، سيعوّض بواسطة سيرورة مديدة و عنيفة نمط الإنتاج الإقطاعي فى الكثير من البلدان الأوروبيّة .
و مع ذلك ، رغم تشكّل السوق العالمية ، ظلّ من غير الممكن الحديث عن نظام إقتصادي عالمي متكامل فى حدّ ذاته ، و لم يلعب المجال العالمي دورا أكثر حسما و تحديدا من خصوصيّات كلّ بلد ، و إن كان العدوان الإستعماري قد تسبّب عادة فى إضطرابات كارثيّة و نموّ متزايد للصلات العالمية .
لقد إعتمد نموّ السوق العالمية على دائرة عالميّة للسلع الرأسماليّة أي على رأس مال مرتبط بالتجارة و شراء و بيع المنتوجات فى العالم . و بحكم الإنتقال إلى المرحلة الإمبريالية من الرأسمالية حدث تغيّر حيوي فى النصف الأخير من القرن التاسع عشر فوجدت دائرة عالمية لرأس المال المنتج ما عني ليس مجرّد التجارة العالمية بل سيرورة إنتاج معولمة ، نتيجة هيمنة تصدير رأس المال و ليس فقط السلع ، من البلدان " المتقدّمة " . و قد تشكّل هذا الطابع العالمي تدريجيّا و مذّاك تعزّز إلى أن بلغ ما يسمّى ب " عولمة " العقود الأخيرة . لذكر مثال من مجموعة وقائع من الحياة الإقتصادية المعاصرة ، فإنّ سيارة بى أم " الألمانية " المباعة فى الولايات المتحدة قد يكون وقع تجميعها فى المكسيك و قد تحتوى على أجزاء لم تجلب لا من ألمانيا و لا من المكسيك بل جلبت أيضا من المجرّ على غرار المصابيح الأمامية، و أجزاء سلسلة القيادة من عديد البلدان الأمريكية الجنوبية أو من اليابان ، و نظام تبريد من فرنسا إلخ . فى الواقع ، إفتراضيّا لا صنف سيّارة تُجمّع أجزاؤه من بلد واحد. والشيء نفسه صحيح بشأن الخدمات : مشترى غير راضي عن سلعة يابانيّة فى بريطانيا العظمى قد ينتهى به الأمر إلى تقديم شكوى بمهاتفة مركز إتصالات هاتفيّة فى الهند .
يمثّل تشكّل هذه الدائرة العالميّة لرأس المال المنتج عنصرا أساسيّا فى القاعدة الإقتصاديّة ل نظام عالمي متكامل ، النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي ، وهو مع ذلك نظام مشوّه و مفكّك بدرجة عالية ، و يتميّز بتناقض عميق بين البلدان الإمبريالية ل " الشمال " و بلدان " الجنوب " التى تضطهدها الإمبريالية ، و بالتقاسم العنيف للعالم بين أهمّ القوى الإمبريالية و كذلك بالكتل الإحتكارية الضخمة لرأس المال المالى ، و بإشتداد تقريبا جميع تناقضات الرأسمالية السابقة ، على النطاق العالمي .
بنشأة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي ، أخذ المجال العالمي الآن يلعب دورا جوهريا و فى النهاية دورا حيويّا فى علاقة جدلية بالخصوصيّات و التناقضات الداخلية لكلّ بلد و بموقع هذا البلد فى النظام العالمي .
مثلا ، كيف يمكن فهم الأزمات الإقتصاديّة العالمية ؟ هل هي رئيسيّا إفراز للتناقضات الداخليّة لكلّ بلد و التى لنفس السبب تتفاعل كذلك مع " العوامل الخارجيّة " ؟ لا . بالعكس ، هي إفراز و تعبير عن واقع أنّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي نظام عالمي بإقتصاد عالمي و هيكلة ماليّة عالميّة . وفى الحال الأخير الذى يتواصل تأثيره إلى اليوم ، من ضمن أشياء أخرى ، ما إنطلق كإنهيار فى فقاعة المضاربة فى سوق المساكن فى الولايات المتحدة سرعان ما أصبح يهدّد الهيكلة الماليّة العالميّة برمّتها . و بالعكس، المجال العالمي ، وبصورة خاصة ، النظام الإقتصادي و المالي العالمي فى هذه الحال ، نهض بدور جوهري و حيوي ، حتى إن كان هذا فى علاقة جدلية بكلّ من موقع مختلف البلدان فى النظام العالمي و خصوصيّاتها الداخليةّ التى أثرت ، مثلا ، على الأشكال الخاصة التى إتخذها هذه الأزمة فى مختلف البلدان و واقع أنّها أصابت بعض البلدان إصابة جدّية أكثر بكثير من إصابة بلدان أخرى .
أو كيف ينبغى فهم واقع أنّ جزء كبيرا من الفلاحين قد أفلسوا تقريبا فى كلّ مكان فى بلدان آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية ، ما تسبّب فى أمور فى منتهى الخطورة كإنتحار أكثر من 17 ألف فلاّح فى سنة واحدة فى الهند جراّء عدم القدرة على إعالة أسرهم (16 ) و ما نجم عنه من إنتفاخ " أحزمة الفقر " حول المدن فى تقريبا كافة البلدان المضطهَدَة ؟ بديهيّا يتحدّد هذا فى جزء منه بخصوصيّات كلّ بلد : فالوضع متباين جدّا ، مثلا ، فى بلد مثل الأرجنتين أين سكّان الريف الآن عددهم قليل ، مقارنة بالمكسيك و الوضع الراهن فى المناطق الريفيّة بالهند بعدُ أكثر كارثيّة . لكن هل أنّ حدوث هذه السيرورة بصفة متصاعدة فى عدد كبير من البلدان فى نفس الوقت مجرّد مصادفة ؟ لا . لقد تحدّدت حيويّا بالعوامل العالمية ، كهيكلة و تداول رأس المال الإمبريالي فى العالم المعبّر عنهما فى البلدان المضطهَدة كإستثمار أجنبي و تنافس مع المنتوجات الفلاحيّة المدعومة من قبل البلدان المتطوّرة ، ضمن عوامل أخرى .
و لهذا الواقع ، لهذه العلاقة الجدلية بين المجال العالمي و التناقضات الخاصة لكلّ بلد ( و كذلك موقعه فى النظام العالمي ) أيضا أهمّية بالنسبة للمهام الثورية . و الحال ليس كما يؤكّد آجيث أنّ هذه ببساطة " تنبع من الخصوصيّات الداخلية لبلدانهم وهي محدّدة أكثر بها " .
4- فى البلدان المضطهَدَة : القتال من أجل بلد رأسمالي مستقلّ أم من أجل ثورة تتبع الطريق الإشتراكي كجزء من الإنتقال إلى الشيوعية العالميّة ؟
رغم أنّه يدعى تطبيق المنهج الماركسي ، لا يعالج آجيث مسألة القاعدة الإقتصاديّة التى تشكّل أسس النظام الرأسمالي – الإمبريالي الراهن ، و إن كان قد خصّص فصلا للتشويهات المختلفة للإقتصاد السياسي التى دحضها بقوّة ريموند لوتا (17) .
مؤكّدا على أنّ مهام الثوريين " تنبع من الخصوصيّات الداخلية لبلدهم وهي تتحدّد بها " ، حاجج آجيث على النحو التالي ضد الخلاصة الجديدة للشيوعية : " شكليّا يقبل بمكوّني الثورة الإشتراكية العالمية – الثورات الإشتراكية فى البلدان الإمبريالية و الثورة الديمقراطية الجديدة فى البلدان المضطهَدة . لكن فى نظرته المثالية المقلوبة يعتبر المكوّنين فعلا نابعان من الثورة الإشتراكية العالمية . وهكذا تعوّض هذه التركيبة الميتافيزيقية السيرورة التاريخية الحقيقة التى تشكّل فيها الأخيرة من خلال ظهور و وحدة المكوّنين . " (18)
و فى الواقع ، مكوّنا الثورة الشيوعية العالمية ينبعان جوهريّا من التناقض الأساسي للرأسمالية (19 ) الذى صار يهيمن على العالم فى عصر الإمبريالية ، و كذلك من تناقضات أخرى تنتج إمّا عن هذا التناقض أو تتطوّر فى هذا الإطار . وهذا صحيح و متعارض مع كلّ من تشويه آجيث للخلاصة الجديدة ( " المكوّنان ينبعان من الثورة الإشتراكية العالمية " (20 ) ) و حجّته أنّ المكوّنين ينبعان تاريخيّا كسيرورتين منفصلتين تتحدّدان بخصوصيّات كلّ نوع من البلدان و ثمّ يعبّران عن منهج مثالي يتخذ من الصراع السياسي نقطة إنطلاقه دون أخذ التغيّرات فى القاعدة الإقتصادية فى عصر الإمبريالية التى تحدّد هذا الصراع ، بعين الإعتبار .
و مع ذلك ، لنحلّل حجّته . بأي معنى يوجد شيء واقعي مرتبط بـتاكيده أنّ مكوني الثورة العالمية بصورة منفصلة ثمّ يلتقيان ؟ بمعنى أنّه وُجدت ثورات و إنتفاضات من أنماط معيّنة فى غالبيّة البلدان الأكثر إضطهادا قبل ظهور الثورة الديمقراطية الجديدة : مثلا ، حرب الأفيون وثورة 1911 فى الصين، أو حرب الإستقلال لسنة 1810 و ثورة 1910 فى المكسيك . بيد أنّ هذه الثورات لم تكن تعبيرات عن الثورة الديمقراطية الجديدة ، و إنّما بالأحرى تعبيرات عن الثورة الديمقراطية البرجوازية من النوع القديم بقيادة البرجوازية و هدفها الأساسي هو تركيز أمّة رأسمالية مستقلّة .
لقد كانت الثورة الديمقراطية بمعنى معيّن مواصلة لهذه النضالات السابقة بما أنّها تعالج ذات مشاكل الإقطاعيّة و الهيمنة الأجنبية ( رغم أنّ شكل هذه الهيمنة يتغيّر نوعيّا فى المرحلة الإمبريالية من الرأسمالية ) . لكن من الخاطئ تماما قول إنّها نبعت منفصلة عن الثورة الإشتراكية لتتوحّد معها لاحقا ، مثلما يؤكّد آجيث ، أو إنّها مجرّد مواصلة للنضالات الثوريّة السابقة . بالعكس مثلما يشير ماو عن حقّ ، تمكّنت الثورة فى الصين من التحوّل من ثورة ديمقراطية برجوازية من الطراز القديم إلى ثورة ديمقراطية جديدة " ...لأنّ الحرب العالمية الأولى و الثورة الإشتراكية الظافرة الأولى ، ثورة أكتوبر ، قد غيّرتا إتجاه تاريخ العالم كلّه و إفتتحتا عصرا جديدا " (21 ) . لم تنبع الثورة الديمقراطية الجديدة منفصلة بل بالذات نتيجة للثورة الإشتراكية فى أمم الإمبراطورية الروسية ، ما شيّد جسرا بين الثورة الإشتراكية التى كانت مركّزة إلى حينها فى البلدان الأوروبيّة و بين الثورات الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات ، ما حثّ على تشكيل الأحزاب الشيوعية فى تقريبا كلّ بلدان العالم و توحّدها فى إطار الأممية الشيوعية .
و نودّ أن نشير إلى أنّ ماو تسى تونغ فى الصيغة المذكورة أعلاه يشدّد تشديدا صحيحا على الدور الأساسي للمجال العالمي ، و فى هذه الحال الحرب العالمية الأولى و ثورة أكتوبر ، اللتان " غيّرتا إتجاه تاريخ العالم كلّه و إفتتحتا عصرا جديدا " عبّد الطريق لتغير طبيعة الثورة فى الصين و البلدان المضطهَدة الأخرى ، فى علاقة جدلية مع الأوضاع الملموسة و التناقضات الخاصة بكل بلد . و الإخفاق فى تقدير الدور المحدّد الذى لعبته هذه التغيّرات فى الوضع العالمي فى هذا التغيير متّصل بإنحرافات قومية نحن بصدد تحليلها هنا ، بينما الإخفاق فى تقدير أهمّية الظروف الخاصة لبلد معين ، فى علاقة جدليّة بالمجال العالمي ، تؤدّى كذلك إلى أخطاء جدّية مثل النزعات صلب الحزب الشيوعي الصيني التى حاولت أن تطبّق ميكانيكيّا نموذج الثورة السوفياتيّة على الظروف المختلفة جدا للصين . و مرّة أخرى ، من الضروري أن نستوعب الجدليّة التى أكّد عليها بوب أفاكيان ف " فيها المجال العالمي هو الحاسم جوهريّا وفى آخر المطاف ، بينما يمثّل التفاعل المتبادل و الدعم المتبادل بين نضالات البروليتاريين فى بلدان مختلفة العلاقة المفتاح فى التغيير الجوهري للعالم قاطبة ."
و بالعودة إلى نقد صيغة آجيث ، يمكن أن يسأل المرء ، حسنا لقد إقترف خطأ فى ما يتعلّق بالتطوّر التاريخي الملموس ، لكن ما هوالإختلاف الناجم عن ذلك ؟ إنّ المشكل المركزي البيّن فى محاولة آجيث هنا توفير أساس لدوغما أنّ ما هو جوهريّ و حاسم هوالتناقضات الداخليّة صلب كل بلد هو أنه بحكم نظرته القوميّة الضيّقة ، هو غير قادر على التمييز الواضح بين الثورة الديمقراطية البرجوازية من الطراز القديم و الثورة الشيوعية فى البلدان المضطهَدة .
الثورة الديمقراطية البرجوازية من الطراز القديم تقودها البرجوازية أو البرجوازية الصغيرة ، إنّها جزء من الثورة البرجوازيّة أو الرأسمالية العالميّة ، و هدفها الأساسي هو إنشاء بلد رأسمالي مستقلّ. و مع ذلك ، فى عصر الإمبريالية ، بصفة عامة ، ليس بوسع هذه الثورة حتى أن تحقّق ذلك بالذات لأنّ المشكل ليس مجرّد تناقضات داخليّة لبلد مضطهَد و إنّما بالأحرى هيمنة النظام الإمبريالي العالمي و هيمنة الرأسمال الإمبريالي على البلدان المضطهَدة كجزء من هذا النظام ، ما يعرقل تطوّر سوق و إقتصاد وطني مستقلّ نسبيّا .
لهذا حتى المهمّة الديمقراطية لتحرير البلاد من الهيمنة الإمبريالية لا يمكن عموما بلوغها إلاّ بواسطة ثورة تقودها البروليتاريا و الحزب الشيوعي ، تكون جزء من الثورة الشيوعية و يكون هدفها المحوري ليس إنشاء بلد رأسمالي مستقلّ بل بالأحرى من خلال سيرورة فى إنسجام مع الظروف الملموسة لكلّ بلد، مع بلوغ الإشتراكية كجزء من الإنتقال إلى العالم الشيوعي .
ليس آجيث بل كذلك مؤقلمي الشيوعية مع القوميّة عموما غير قادرين فى الأساس على التمييز بين وهم تركيز بلد رأسمالي مستقلّ و هدف الثورة التى تنتهج طريقا إشتراكيا كجزء من الإنتقال العالمي إلى الشيوعية .
و ما هذا بتمييز تافه : إلى يومنا هذا ، من الثورات التى حدثت فى البلدان المضطهَدَة ، وحدها الثورة فى الصين كانت ثورة شيوعية سلكت طريقا إشتراكيّا و إستمرّت عليه لعقود ثلاثة تقريبا . و بالرغم من النضال البطولي و الملهم فى عدّة حالات ، فإنّ جميع الثورات الأخرى فى آخر التحليل لم تتجاوز الحدود الضيّقة للنظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي ، كما كان الحال مع التجربة المريرة للثورة الفتناميّة و الثورة الكوبيّة و الثورة النيكاراغويّة و غيرها . حتى حين كانت الثورة مظفّرة و حافظت على بعض الخطاب الشيوعي و أشكال ملكيّة الدولة ، فى هذه الحالات لم تقطع مع النظام الإمبريالي العالمي و لم تنجز تغييرا إشتراكيّا حقيقيّا للبلاد و بالذات فى جزء منه بسبب الإيديولوجيا القائدة القومية و الديمقراطية البرجوازية ( و من المفارقات أنّه لذات السبب ، لم تقدر هذه الثورات على بلوغ هدفها الثمين أي إنشاء بلد مستقل ، عصري و متطوّر ). و على الرغم من التضحيات الجسام ، يجد العمال الفتناميّون اليوم أنفسهم يعملون كعبيد مستأجرين فى المصانع الإمبريالية و تجد النساء الكوبيّات أنفسهنّ مستعبدات فى الدعارة أو خادمات فى النزل الأجنبيّة و الرئيس دانيال أورتيغا يرسل النساء النيكاراغويّات إلى السجن أو إلى القبر بفعل منع الإجهاض ، حتى و إن كان الإجهاض ضروريّا لإنقاذ حياة النساء .
و حتّى فى الصين ، بإستثناء بارز لماو تسى تونغ و تشيانغ تشنغ و تشانغ تشن تشياو و آخرين ، فإنّ قسما كبيرا من القادة الأساسيين ، و إن كانوا قد قدّموا مساهمات هامة خلال الثورة قبلا فى عديد المجالات ، قد أصيبوا بالفساد و تحوّلوا إلى " أتباع الطريق الرأسمالي " و تمكّنوا فى النهاية من أن يعيدوا تركيز الرأسمالية إثر وفاة ماو تسى تونغ . لقد مرّوا من " ديمقراطيين – برجوازيين إلى أتباع الطريق الرأسمالي " : أناس إلتحقوا بالحزب الشيوعي فى فترة الثورة الديمقراطية للتحرّر الوطني إلاّ أنّهم لم يقطعوا قطيعة ناجزة إيديولوجيا مع القوميّة و الديمقراطية البرجوازية و هدفهم الأساسي ليس الإشتراكية كمرحلة إنتقاليّة نحو الشيوعيّة و إنّما بالأحرى أمّة رأسماليّة مستقلّة و معاصرة ، بالرغم من كونها يمكن أن تطلق على نفسها وصف الإشتراكية وتتخذ بعض أشكال ملكيّة الدولة كما يتواصل الأمر جزئيّا فى الصين الرأسمالية اليوم .
إنّ عدم قدرة آجيث و آخرين على التمييز الواضح بين وهم تركيز بلد رأسمالي مستقلّ و هدف بلوغ الإشتراكية كجزء من المرحلة الإنتقاليّة العالمية إلى الشيوعية ، ينجم عن ضيق أفقهم القومي و أفكارهم المسبّقة الديمقراطيّة – البرجوازية . و كانت مظاهر الإنعكاسات السلبيّة الجدّية لهذا جليّة ، ضمن أشكال أخرى ، فى دعمهم الأساسي ، و إن مع نقد إنتقائي تكتيكي ، للخطّ التحريفي الذى تبنّاه الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) سنة 2005 ، بعد ما يناهز العقد من الحرب الشعبيّة الملهمة ، و الذى عوّض الهدف الثوري لتحطيم الدولة القديمة وإرساء دولة ثوريّة جديدة تقودها البروليتاريا بهدف إصلاحي ل " إعادة هيكلة " دولة الطبقات الحاكمة إفتراضيّا كمرحلة إنتقاليّة ، ما أدّى إلى تفكيك جيش التحرير الشعبي و تصفية السلطة الحمراء فى قواعد الإرتكاز و التحول إلى جزء من الدولة الرجعيّة بهدف معلن هو تحويل النيبال إلى " سويسرا جنوب آسيا " . هل يمكن أن يوجد تعبير أوضح من الوهم الخاطئ للقتال من أجل بلد رأسمالي مستقل يخدم فى الواقع تأبيد إستغلال الشعب و إضطهاده لا غير!
و الآن يسعى آجيث إلى إنكار أنّه قد ساند هذا التفكيك للثورة فى النيبال و يصف براشندا ب" التحريفي " و إن أقام ذلك على مجرّد نقد تكتيكي . و بإقرار منه فى هذا المقال عينه الذى ننقد ، يواصل الدفاع عن السياسات المركزيّة التى نبعت من الإنقلاب التحريفي لسنة 2005 الذى تخلّى عن الثورة الديمقراطية الجديدة كهدف للنضال القائم : " عندما سلك الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) منعرج إيقاف إطلاق النار و التحالف مع الأحزاب السياسية للطبقة الحاكمة و الحكومة الإنتقالية ، شرع حزبنا فى دراسة شاملة للمسألة . عموما وقع القبول بالتكتيك الجديد للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) على أنّه مبرّر. و فى نفس الوقت جرت كذلك ملاحظة تضمنه مخاطرا جدّية ." ( 22) . هذه هي الموضة الإنتقائيّة النموذجيّة لآجيث : كانت التكتيكات " مبرّرة " إلاّ انّه " لاحظنا ... مخاطرا " . و من أجل تحليل أشمل للوضع الراهن فى النيبال و لدور آجيث و آخرين فى هذا المضمار ، ننصح و نصرّ على النصح بدراسة المقال الممتاز لروبار بوربا (23 ) .
و هنا نودّ فقط أن نأكّد على الدرس المرير لهذه التجربة التى تذيّل فيها الكثيرون إلى تصفية الثورة الديمقراطية الجديدة جرّاء ما يفترض أنه كان " نجاحا " ظاهريّا مباشرا للحزب النيبالي فى كسب إنتخابات تعدّديّة و إحتلال مواقع فى الدولة البرجوازية . للخليط الإنتقائي من الشيوعية و القوميّة و الديمقراطيّة البرجوازية ( و جوهره تتقاسمه قوى متنوعة ، على إختلافاتها ) جاذبيّة و أحيانا يحقّق بعض" النجاح " الظاهري بالضبط لأنّه يتذيّل و يعبّر بكلمات تبدو ماركسية ، للأفكار المسبّقة القوميّة و الديمقراطيّة – البرجوازية للبرجوازية و البرجوازية الصغيرة ، التى لها ، عفويّا ، دون قيادة شيوعية حقيقيّة ، تأثير واسع وسط جميع الطبقات . لكن ثمن هذه الإمتيازات المباشرة المفترضة هو دائما ، فى النهاية و أحيانا رغم التضحيات البطولية ، سجن الشعب فى إطار الحدود الخانقة للنظام الرأسمالي – الإمبريالي الراهن بكلّ فظاعاته .
5- إدماج بلدان فى النظام الرأسمالي – الإمبريالي جعل الثورة الإشتراكية ممكنة فى البلدان الأقل تطوّرا رأسمالياّ :
كيف يمكن لوجهة النظر القوميّة الضيّقة لآجيث و آخرين أن تشرح واقع أنّ الثورة البروليتارية حصلت فى بلد متخلّف نسبيّا كروسيا أين كانت البروليتاريا تعدّ فقط 10 بالمائة من السكّان ؟ كيف يمكن أن يشرحوا لماذا كان من الممكن التقدم عبر الثورة الديمقراطية الجديدة نحو الإشتراكية فى الصين أين كانت البروليتاريا فى البداية تعدّ تقريبا نصف بالمائة من السكّان ؟
لئن وقعت مقاربة هذه المشاكل ببساطة من وجهة نظر التناقضات الداخليّة لبلد كالصين ( أو روسيا ) ، من غير الممكن فهم كيف أنّ العلاقات الرأسماليّة غدت بسرعة كبيرة عراقيلا لتطوّر قوى الإنتاج ، و كلّ من الإشتراكيين – الديمقراطيين و التروتسكيين قد إستخدموا هذه الحجّة لوقت طويل ، من أطر نظريّة مختلفة ، لمهاجمة و إستبعاد التقدّم الكبير غير المسبوق فى الفترة الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي ( إلى 1956 ) و الصين ( إلى 1976 ).
و تتغافل هذه الحجج عن كون النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي أدمج كافة البلدان فى نظام عالمي يتميّز بالتناقض الأساسي للرأسمالية بين الإنتاج ذى الطبيعة الإجتماعية و التملك الخاص / الرأسمالي . و هذا التناقض يعرقل تطوّر كافة البلدان و العالم ككلّ – ليس بمعنى ميكانيكي لتشكيل حاجز مطلق أمام النموّ ، بما أنّ الرأسمالية تظلّ ديناميكيّة للغاية ، لكن مقارنة بالتغيّرات التحرّريّة الممكنة من خلال الثورة الإشتراكية . فى عصر الإمبريالية ، هذا التناقض الأساسي و التناقضات الناجمة عنه يمثّلون فى النهاية عراقيلا للقوى المنتجة فى كلّ البلدان ، و هذا جزء من القاعدة المادية ، فى علاقة جدليّة بالنضال بقيادة البروليتاريا و الظروف الخاصة فى البلاد ، التى جعلت ذلك ممكنا وضروريّا فى الصين ، بعد إفتكاك سلطة الدولة ، المضيّ مباشرة من إنهاء الثورة الديمقراطية الجديدة إلى الثورة الإشتراكية ، فى تعارض مع الخطّ التحريفي لليو تشاوتشي و آخرين الذين حاججوا بأنه كان من الضروري " تعزيز الديمقراطية الجديدة " الذى هو فى الجوهر برنامج " تعزيز " للرأسمالية .
لقد طوّر أفاكيان نظرة أكثر جدليّة و إنسجاما مع الواقع مقارنة بالفهم السابق بيد أنّه فى ما يتّصل بالقضيّة موضوع الحال هنا ، ليس خارج الموضوع أن نذكّر أيضا بالملاحظة الأساسيّة الصحيحة فى " أسس اللينينية " ، فى تناقض مع الماركسية الزائفة للإشتراكيين – الديمقراطيين و التروتسكيين ، و التى تعقد مقارنة بين الوضع قبل حلول الإمبريالية و بعده :
" فقبلا ، كان تحليل الظروف التى تسبق الثرة البروليتارية يجرى عادة من وجهة نظر الوضع الإقتصادي لهذا البلد أو ذاك مأخوذا بمفرده . أمّا الآن ، فإنّ هذا الشكل فى معالجة القضيّة لم يعد كافيا . فينبغى الآن مجابهة الأمر من وجهة نظر الحالة الإقتصاديّة فى مجموع البلدان ، أو فى أكثريّتها ، من وجهة نظر حالة الإقتصاد العالمي ، لأنّ مختلف البلدان و مختلف الإقتصاديّات الوطنيّة لم تعد وحدات تكفى نفسها بنفسها ، بل أصبحت حلقات فى سلسلة واحدة إسمها الإقتصاد العالمي ، لأنّ الرأسماليّة القديمة " المتمدّنة " تطوّرت إلى إستعمار ، و الإستعمار هو نظام عالمي قائم على الإستعباد المالي لأكثريّة السكّان العظمى فى الكرة الأرضيّة من قبل قبضة من البلدان " المتقدّمة " (24 )
إنّ السيرورة العالميّة شيء نظرة آجيث و آخرين – " من بلدى فخارجا " - غير قادرة على فهمه .
6- البروليتاريا : طبقة أمميّة فى الأساس أم " بصفة خاصة قوميّة شكلا و مميّزات " ؟
فى هذا السياق ، يمكن أن نتفحّص محاولة آجيث الأخرى أن يبيّن قاعدة ماديّة لتأكيده على أنّ الخصوصيّات الداخليّة لكلّ بلد أساسية و محددّة : إدّعاؤه أن البروليتاريا قد كفّت عن أن تكون طبقة عالميّة أساسا و أمست طبقة " بصفة خاصة قوميّة شكلا و مميّزات ".
وبعد تأكيد أنّ الأممية مسألة إيديولوجية فحسب متّصلة بهدف الشيوعية ، مسألة سنعود إليها لاحقا ، يتحدّث آجيث عن " السيرورة التاريخية الحقيقية لظهور هذه الطبقة [ البروليتاريا ] من إطارات قوميّة متباينة " و خاصة الطبيعة المختلفة للبروليتاريا فى البلدان المضطهَدة جراء التطوّر الرأسمالي البيروقراطي (25 ) و فى هامش مخفيّ عن الأنظار ، يعلمنا أنّه " نظرا للزمن الذى عاشت فيه ، مثل هذه التعقيدات كانت حتما خارج نطاق التحليل الذى أجراه ماركس و إنجلز للبروليتاريا كطبقة واحدة " (26) . و هذا يعنى إن كان فى مستطاعه الحديث بصفة مباشرة أكثر ، لم يعد التحليل الشيوعي للبروليتاريا كطبقة عالمية واحدة قابل للتطبيق .
قد يكون صحيحا أنّ هذا التحليل لم يعد قابلا للتطبيق لكن أدنى النزاهة الفكرية كانت تفترض التصريح بهذا مباشرة وبصراحة و ليس إخفاءه فى هامش و التعبير عنه بلغة بليدة .
إستنادا إلى هذا التحليل و عوامل أخرى ، أعرب ماركس و إنجلز كذلك عن أنّه " ليس للعمال وطن " (27 ) لكن آجيث يقلب الأمر فيحول بلدهم ، طابعهم القومي ، إلى المظهر الأكثر جوهريّة لظهور البروليتاريا و وجودها . و يؤكّد مرّة أخرى على أن الأممية لا تعدو أن تكون مسألة إيديولوجية لا يجب خلطها مع " الواقع الملموس المعقّد لظهورها و وجودها فى مختلف البلدان . تظهر بروليتاريا أي بلد و تتشكّل فى خضمّ سيرورة تاريخية ، سيرورة خاصة بهذا البلد . و هذه السيرورة التاريخية يمكن أن تدفع إليها التطوّرات العالمية . و حتى حينها ، ستكون بصفة خاصة قومية شكلا و مميزات "(28 ).
يجب أن نلاحظ بصفة عابرة أنّ هذا يقلّص " الأممية " فى أفضل الأحوال إلى نوايا حسنة دون أيّة قاعدة ماديّة فى العالم الراهن . و فى الواقع ، كل من تطوّر الرأسمالية البيروقراطية و ظهور البروليتاريا و وجودها أعقد من ما يدّعيه آجيث دون الإحالة على أيّ مرجع مهما كان لوقائع " السيرورة التاريخية الواقعيّة ".
فى الواقع ، تطوّرت الرأسمالية التابعة للإمبريالية فى البلدان المضطهَدَة عبر سيرورة معقّدة من تصدير أو توسّع رأس المال من طرف البلدان الرأسمالية الأكثر تطوّرا كجزء من المرحلة الإمبريالية للرأسمالية، فى علاقة تداخل جدلي مع الظروف الملموسة فى بلدان مختلفة و حتى فى مناطق قوميّة مختلفة . ويصف ماو الدور الأساسي الذى يلعبه توغّل رأس المال الأجنبي بداية من أواسط القرن التاسع عشر فى تطوّر الرأسمالية البيروقراطية فى الصين و يشير خاصة إلى أنّ :
" نشوء و نمو البروليتاريا الصينية لم يتم تبعا لنشوء و نموّ البرجوازية الوطنيّة الصينية فحسب ، بل تمّ أيضا تبعا لمزاولة الإمبريالية مشاريعها فى الصين بصورة مباشرة . و لذا ، فإنّ قسما كبيرا جدّا من البروليتاريا الصينية لهو أقدم و أغنى خبرة من البرجوازية الصينية ..." (29 ) .
و حصلت سيرورة مشابهة ، و إن كانت لها ميزاتها الخاصة ، كذلك فى المكسيك مع ولوج رأس المال المالي فى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، لا سيما فى الفترة المعروفة ب البرفيريالو (30 ) . و حدثت تغيرات مشابهة فى عديد البلدان التى نسمّيها اليوم " العالم الثالث " أثناء تقريبا الفترة نفسها . هل هذا مجرّد مصادفة ، مجرّد نتاج ل " سيرورة خاصة " فى كلّ بلد ؟ بديهيّا لا : إنّه نتاج لنشأة النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي ، مع تصدير رأس المال من البلدان الإمبريالية و تقسيم العالم بين القوى الإمبريالية و كتل رأس المال المالي العالمي ، فى تفاعل مع خصوصيّات كلّ بلد . هذا من ناحية و من ناحية ثانية ، بديهي أن هذه الخصوصيّات تنهض أيضا بدور هام جزئيّا : إن قارننا شمال المكسيك أين تهيمن نسبيّا أشكال أكثر رأسماليّة فى الفلاحة الشاسعة و الجنوب أين لا يزال قائما الإقتصاد الفلاحي [ ما قبل الرأسمالي – المترجم ] ، من البديهي أن ّنتائج هذه السيرورة متنوّعة جدّا ، و أنّ هذا هو الحال أكثر حتّى إن عالجنا التنوّع الكبير من الظروف فى البلدان المضطهَدَة .
محوريّ هو فهم ظروف و سيرورة التطوّر فى أيّ بلد معطى بكلّ خصوصيّاته ذلك أنّ فهم المظاهر العامة المشتركة فى السيرورة العالميّة ليس كافيا . و كذلك ، لا يمكن فهم سيرورة تطوّر فى بلد فهما صحيحا دون فهم علاقته بالسيرورة العالمية التى يشكّل جزء منها. و هذا ما لا يفقهه ضيق الأفق القومي لآجيث. فبالنسبة إليه ، السيرورة الكبرى و الإضطهاديّة الكاملة لظهور و تطوّر النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي و تأثيره العميق على تقريبا كلّ بلدان العالم تنحطّ إلى حدث لا أهمّية له: " هذه السيرورة التاريخية يمكن أن تدفع إليها التطوّرات العالمية " ( التشديد مضاف ).
إنّه لواقع تاريخي أنّ السيرورة العالمية إضطلعت كذلك بدور أساسيّ فى علاقة بالظروف الملموسة لكلّ بلد ، فى ظهور البروليتاريا فى البلدان المضطهَدَة . و توجد أشكال و خصوصيّات قوميّة و يجب أخذها بعين النظر " البروليتاريّون كأفراد جزء مثل الآخرين فى عصرنا من أمّة أو أخرى و من ثقافة أو أخرى . بيد أنّ البروليتاريا أساسا طبقة عالمية و ليست طبقة قوميّة . و على خلاف التناقضات العدائيّة بين رأسماليي مختلف الأمم ، لبروليتاريي كافة الدول ، كطبقة ، ذات المصلحة الجوهريّة فى القضاء على كافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد و ليس بوسع البروليتاريا تحرير نفسها إلاّ بالقضاء نهائيّا على الطبقات فى العالم بأسره .
إنّه لمفارقة أن يأكّد البعض على ما يخالف ذلك فى حين أنّ الحياة المعاصرة تمدّنا أبدا بأمثلة ملموسة أكثر لهذا الطابع العالمي الأساسي ، من مثل تشكّل بروليتاريا متعدّدة القوميات فى الكثير من البلدان الإمبريالية و حتى فى الكثير من البلدان المضطهَدَة ( و إن كان عامة بدرجة أقلّ ) نظرا فى جزء هام إلى تدفّق الهجرة الجماهيرية العالمية إذ يقدّر أنّ أكثر من 232 مليون شخص هاجروا من بلد إلى آخر فى 2013 (31) . و منهج آجيث الدغمائي بالكاد يولى أهمّية لوقائع العالم الحقيقي .
7- الأساس الفلسفي للأممية البروليتارية :
كان الفهم الأكثر جدليّة و علميّة للتفاعل بين المجال العالمي و النضال فى شتّى البلدان المجسّد فى الخلاصة الجديدة ثمرة ، فى جزء منه ، للتقدّم الفلسفي المتّصل بالتفاعل بين ما هو داخلي و ما هو خارجي .
فى سيرورة حركة الأشياء و تغيّرها ، نلاحظ فى العالم أنّ الأساسي هو تناقضها الداخلي ف " الأسباب الخارجية هي عامل التبدّل و الأسباب الباطنية هي أساس التبدّل و...الأسباب الخارجية تفعل فعلها عن طريق الأسباب الباطنية " مثلما لخّص ذلك ماو تسى تونغ فى " فى التناقض " (32 ) و يعطى مثال بيضة ملقّحة يمكن أن يولد منها كتكوت فى حرارة مناسبة ( ظرف خارجي ) نظرا لطبيعتها الداخليّة أو تناقضها الداخلي ، بينما لا تستطيع حجارة ذلك لأنّ طبيعتها الداخلية أو تناقضها الداخلي مختلف .
و مطبّقا هذا على العلاقة بين البلدان ، قال التالي :
" فى عصر الرأسمالية ، و على الأخصّ فى عصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية كان هذا التأثير و التفاعل المتبادل عظيما جدّا بين مختلف البلدان فى مجالات السياسة و الإقتصاد و الثقافة . و لم تفتح ثورة أكتوبر ( تشرين الأوّل ) الإشتراكية عصرا جديدا فى تاريخ روسيا فحسب ، بل فى تاريخ العالم أيضا ، و قد كان لها نفوذ يتّسم بالعمق بصفة خاصة على التغيّرات الداخليّة فى الصين ، إلاّ أنّ هذه التبدّلات قد حدثت عن طريق قوانين التطوّر الداخلي لتلك البلدان بما فى ذلك الصين . " (33) .
وهذا أيضا صحيح فى الأساس على هذا المستوى من التحليل أي " التأثير والتفاعل المتبادل بين مختلف البلدان " . و هذا حال تأثير الأحداث فى روسيا ، كعامل خارجي ، على التغيّرات الداخلية فى الصين . و يشير أفاكيان إلى أنّه مع تطوّر هذه النقطة هنا و فى كتابات أخرى ، " وجّه ماو صفة حقيقيّة للتفكير و النزعات الميتافيزيقيّة التى كانت ترى السبب الأساسي ( أو حتى الوحيد) لتغيّر الأشياء خارجي ؛ و تطبيق هذا المبدأ فى الصين كان حاسما فى النضال ضد الدغمائيّة ..." (34) و مع ذلك فى النصّ المذكور هنا ، رغم أنّ ماو يشير إلى أنّ ثورة أكتوبر قد دشّنت عصرا جديدا فى تاريخ العالم ، لم يأخذ صراحة بعين الإعتبار هنا إنعكاساتها على المستوى العالمي ( و ليس فقط كتأثير بلد على بلد آخر ) و تأثيره بدوره على هذه التغيّرات على المستوى العالمي عامة ( ما تطرقنا له قبلا ، مثلا ، فى علاقة بجذور الثورة الديمقراطية الجديدة ).
و فى ما يتّصل بهذا المشكل أي الترابط بين ما هو خارجي و ما هو داخلي ، صاغ أفاكيان هذا النقد :
" إلى درجة معيّنة ، وجدت نزعة لرؤية هذا المبدأ ذاته و تطبيقه ميتافيزيقيّا ، و كان هذا متّصلا بقدر معيّن من القوميّة داخل الحزب الصيني بما فى ذلك لدى الماركسيين – اللينينيين الحقيقيين و حتى لدى ماو نفسه . و بالفعل كانت هذه النزعة فى تعارض مع مبدأ آخر وقع التشديد عليه فى " فى التناقض " : أنّه " بسبب أن أنواع الأشياء لامتناهية و أنّ تطوّرها غير محدود ، فإنّ ما هو عمومي فى حالة معيّنة يصير خاصا فى حالة معيّنة أخرى " و العكس بالعكس . و هذا يعنى أنّ ما هو داخلي فى إطار ما يصبح خارجي فى إطار آخر و العكس بالعكس . فللصين ( أو الولايات المتحدة أو أي بلد آخر ) على سبيل المثال خصوصيّات، تناقضها المميّز الخاص ؛ و فى إطار ما ، بقيّة العالم (الصراع و التغير فيه ) خارجي ( بالنسبة أو الولايات المتحدة إلخ ) لكن كذلك صحيح أنّه فى إطار آخر ، الصين و الولايات المتحدة و بقيّة البلدان فى العالم يشكّلون أجزاء من العالم ( من المجتمع الإنساني ) ككلّ ، بتناقضه و تغيره الداخليين محدّدين بصورة شاملة بالتناقض الأساسي للعصر البرجوازي ، بين الإنتاج ذى الطبيعة الإجتماعية / التملّك الخاص الرأسمالي .
و هذا يعنى أنّ تطوّر الصراع الطبقي ( و الوطني ) بالمعنى العام و تطوّر الأوضاع الثوريّة إلخ ، فى البلدان محدّد أكثر بالتطوّرات فى العالم ككلّ أكثر منه بالتطوّرات فى بلدان معيّنة – محدّدة ليس فقط كشرط خارجي ( سبب خارجي ) بل كأساس للتغيّر ( سبب داخلي ) . برأيى ، لم يحدث هذا قبل حلول الإمبريالية ..." (35).
و لأجل توضيح النقطة الأساسية و مفادها أنّ ما هو داخلي فى إطار ما يصبح خارجي فى إطار آخر و العكس بالعكس ، يمكن أن نلاحظ أنّه فى إطار المجتمع الإنساني ، النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي داخلي و بقيّة الطبيعة عامل خارجي ، لكن فى إطار آخر أو مستوى آخر من التحليل ، يمكن إعتبار بلد ما داخلي و النظام العالمي خارجي . و يمكن أن نستمرّ فى ذلك . و من وجهة نظر جهة فى بلد ما ، بقيّة البلاد عامل خارجي ؛ و من وجهة نظر قرية ، الجهة خارجية ، و من وجهة نظر فرد ، القرية خارجية ؛ و من وجهة نظر الكُلى ، بقيّة الجسد خارجية ؛ و هكذا دواليك . إن كان المبدأ الصحيح هو أنّ السبب الأساسي لتطوّر الأشياء ليس خارجيّا بل داخليّا ، يُطبّق بطريقة مثاليّة و ميتافيزيقيّة ، يمكن أن نتوصّل إلى إستنتاجات عبثيّة ( و لسوء الحظّ تحضى بقبول معيّن فى الحياة اليومية بفعل التجريبيّة ) (36) مثل كون آفاق الثورة تتحدّد أساسا بما يحصل داخليّا فى منطقتى أو فى قريتى ( أو حتى الكُلى ، للمضيّ بذلك إلى أقاصي عبثيّة ).
مسألة ما هو مستوى تنظيم المادة ( الطبيعة ، المجتمع الإنساني ، بلد إلخ ، فى مثالنا ) التى تلعب الدور الأكثر تحديدا لظواهر معيّنة لا يمكن معالجته فقط على أساس فلسفي و إنّما بالأحرى فقط بتحليل هذا العالم المادي ، آخذين بعين الإعتبار فى نفس الوقت أنّ هناك تداخل و تفاعل مستمرّين بين كافة مستويات تنظيم المادة ، كما كنّا نفعل .
مثلا ، فى حال جسد الإنسان كنظام متكامل ، ما يحدث فى الجسد ككلّ هو عموما و فى آخر المطاف حيويّ و محدّد للحياة أو الموت . و ما يحدث فى جهاز داخلي – حال الفشل الكلوي على سبيل المثال – يمكن أن يكون حاسما فى وقت معيّن ليس فقط بالنسبة لذلك الجهاز بل أيضا لحياة الشخص أو موته ، لكن هذا فى النهاية حال العلاقة بالنظام ككلّ و التى تشمل ، هنا ، إنعكاسات عدم التخلّص من مواد معيّنة فى الجسد . ماذا سنقول عن طبيب يعلن عند تفحّصه لجثّة ذات حنجرة مقطّعة ، أنّه حال فشل كلوي نظرا لتناقض داخلي فى الكلى ؟ بداهة سيكون الطبيب المسكين مضطربا جدّا ، رغم أنّه فى نطاق ضيّق جدّا سيكون على حقّ : جزء من التناقض الداخلي أو طبيعة الكلى ، شأنها شأن الأجهزة و الأنسجة الأخرى لجسد الإنسان ، هو أنّها تحتاج إلى الدم لتظلّ على قيد الحياة و لذلك فإنّ خسارة الدم فى النظام ككلّ ستؤدّى إلى خسارة وظيفة الكلى و كذلك وظائف الجسد الأخرى .
فى هذا العصر الإمبريالي ، يوجد نظام عالمي بتناقضاته الداخليّة الخاصة كأساس للتغيّر فى النظام ككلّ وهو يشكّل أيضا و يحدّد الأحداث و التناقضات الداخلية فى كلّ بلد ، و ليس كمجرّد شيء خارجي لهذه البلدان ، بالضبط مثل النظام المتكامل لجسد الإنسان ليس ببساطة خارجيّا لأجهزته الداخلية . وفى ديناميكية هذا النظام ، المجال أو المستوى العالمي للأسباب التى سبق شرحها و تفصيلها نوعا ما بأمثلة هو عموما و فى النهاية الأكثر حيويّة و تحديدا من خصوصيّات بلد مأخوذة فى حدّ ذاتها ، رغم تواصل إعتبارها جزء هاما من أساس التغيّر ، و العلاقة المفتاح لتقدّم الثورة العالمية هي التفاعل المتبادل للبروليتاريا و الدعم المتبادل للنضالات فى مختلف البلدان .
8- عدم قدرة القوميّة الضيّقة على تصوّر السيرورة العالميّة و تفاعلها الجدلي مع التناقضات الداخليّة للبلدان :
من البداية ، يبيّن آجيث أنّه لا يفهم و ربّما ليس قادرا على فهم حجّة أفاكيان : " تهمة أفاكيان هي أن نظرة ماو لإعتبار العوامل الداخلية للصين كأساس لتغييرها ثوريّا مثلت نظرة قومية . " (37 ) . هذا عبثيّ . كيف يمكن لأفاكيان أن يشير إلى أنّ هذه الفكرة مثّلت " صفعة حقيقيّة للتفكير و النزعات الميتافيزيقيّة " إن كانت ببساطة خاطئة ؟ فى الواقع ، مثلما أنّ آجيث واعى بذلك و لا شكّ ، يشدّد أفاكيان مباشرة فى نفس المقال ( " حول الأساس الفلسفي للأمميّة البروليتارية " ) : " كلّ هذا لا يعنى أنّ التناقض الداخلي فى بلد معيّن ليس بعد كلّ شيء أساس التغيّر هناك ، كما ناقشنا سابقا . لكن يعنى أنّ هذا نسبيّ " (38 ) .
مبدأ ماو الفلسفي العام – أنّ الأسباب الداخليّة هي أساس التغيّر و أنّ الأسباب الخارجيّة هي شروط التغيّر – صحيح ، لكنّه يحتاج إلى أن يأخذ بعين الإعتبار علاقات الترابط فى العالم الحقيقي بين مستوى ما من تنظيم المادة و مستوى آخر . الخطأ فى النصّ المقتطف من ماو و الذى له تأثير أوسع لم يكن بوضوح يأخذ بعين الإعتبار ليس مجرّد تأثير البلدان الأخرى كعامل خارجي فقط لكن أيضا التناقضات الداخلية للسيرورة العالمية فى تفاعل جدلي مع التناقضات الداخليّة فى كلّ بلد .
فى العالم الحقيقي ، فى عصر الإمبريالية ، هناك نظام عالمي بتناقضاته الداخليّة التى هي أيضا أساس التغيير . و المشكل هو تحليل و فهم جدليّة و ديناميكيّة هذين المستويين و علاقات التغيير بينهما . آجيث لا يفهم حتى المشكل : بنظرته القوميّة الضيّقة ، إن كان المستوى العالمي فى النهاية ينهض بدور حاسم فذلك يفيد أنّ التناقضات الداخليّة فى بلد لم تعد أساس التغيير ، لذا يعتقد أنّه ليس من الضروري أن يبيّن أي شيء فى العالم الحقيقي ، لكن مجرّد إستبعاد التحليل الذى لا يسعى إلى فهمه.
و تسترسل حجّته كالتالي :
" إنّ تناقضات الوضع العالمي " ككلّ " بالتأكيد داخلية بالنسبة له . و أجل ، العالم بالتأكيد متكوّن من " أجزاء من العالم " ( مختلف البلدان) إلاّ أّن " العالم ككلّ " مختلف بجلاء عن " أجزاء من العالم " . يمكن أن نحلّل و نتحدّث عن التناقضات التى نراها فى العالم ككلّ فقط على مستوى مختلف بجلاء عن مستوى البلدان – رغم أنّها تشكّل العالم ، فإنّها تتأثّر بالوضع العالمي و بدورها تأثّر فيه . الوضع العالمي ما هو بالحصيلة العامة لأوضاع مختلف البلدان و لا الوضع فى أي بلد هو قسم من الوضع العالمي. إنّ أفاكيان يتلاعب بكلمة " الوضع " عندما يأكّد أنّ " ما هو داخلي فى وضع ما يصبح خارجي فى وضع آخر " . فى المثال الخاص الذى نتفحّص هنا ، تغير " الوضع " ( من وضع فى بلد إلى وضع عالمي ككلّ ) يعنى بعدا جديدا تماما و مختلفا نوعيّا . و من هنا اللجوء إلى الطبيعة النسبية للداخلي و الخارجي لا يثبت صحّة بأي شكل من الأشكال صحّة الإستنتاج الذى يبلغه أفاكيان . وحججه بالفعل تنحو نحو فضح الإلتواءات المنطقية التى يجد فيها نفسه ( موضوع نقد فى الندوة الثانية ) . " (39)
و من جديد يبيّن آجيث أنّه لا يفهم أو لا يريد أن يفهم أو لا يستطيع أن يفهم حجّة معارضيه . إنّه يجعل الحجّة المركزيّة أنّه بالرغم من كون لكلّ بلد خصوصيّاته فهو " يشكّل جزء من العالم ( من المجتمع الإنساني ) ككلّ ، بتناقضاته و تغيّره الداخليين المحدّدين بطريقة شاملة بالتناقض الأساسي لعصر البرجوازية ، بين الإنتاج ذى الطبيعة الإجتماعية / التملّك الخاص " و أنّ هذا ، بالمعنى الشامل أكثر تحديدا بالضبط مع " حلول الإمبريالية " : إنّه لا يأخذ بعين الإعتبار التغيّر الأساسي فى العالم مع حلول الإمبريالية الذى قد حلّلنا بشيء من التفصيل . إنّه لا يفهم النقطة الأساسية و مفادها أنّه هناك سيرورة عالمية بتناقضاتها الداخلية الخاصة و التى هي أساس التغيير فى النظام ككلّ ، أو كيف هي إطار التناقضات الداخلية لكلّ بلد وهي تتفاعل معها بإستمرار . لا يفهم آجيث الفهم الجدلي الجوهري بأنّ هناك مستويات مختلفة من تنظيم المادة تتفاعل بإستمرار ، لا يفهمها آجيث إلاّ ك " تلاعب" بكلمة " ظرف " . و ينحطّ فقر حجّته إلى تأكيد أنّه إعتبارا لكون المستوى العالمي مغاير نوعيا لمستوى بلد معطى ( وهو أمر صحيح ) ... يبدو أنّه لا حاجة إلى تحليل تفاعلهما و يمكن أن نعلن ، دون أيّة أدلّة ، مهما كانت ، أن المستوى القومي هو المحدّد ، مع ما يتبع من إعتبار المستوى العالمي كشيء منفصل جدّا أو بعيد جدّا عن الأحداث فى بلد معيّن .

9- ما الذى تعلمنا إيّاه التجربة التاريخية الحقيقيّة للثورة البلشفيّة ؟
لو إستطاع أن يترك برجه المثالي والدغمائي للحظة ، كيف سيفسّر لنا السيد آجيث وقائع العالم الحقيقي ؟ كيف سيفسّر ، مثلا ، الثورة البلشفيّة و تأثيرها على العالم ؟ هل كانت ببساطة نتاجا للتناقضات الداخليّة للإمبراطورية الروسيّة مع بعض التأثير الثانوي للعوامل الخارجيّة ؟ لا . لا يمكن فهمها فهما صحيحا دون فهم ما حدث فى إطار الحرب العالمية الأولى التى " جمعت كلّ هذه التناقضات فى عقدة واحدة ، و ألقت بها إلى كفّة الميزان " (40) ، مولّدة أوضاعا ثوريّة ليس فى الإمبراطورية الروسية و حسب بل أيضا فى عديد البلدان الأخرى . و سيكون من الضروري أن نشرح لآجيث أنّ الحرب العالمية الأولى لم تكن بالضبط حدثا داخليّا فى روسيا أو حدثا خارجيّا ظهر فحسب عبر العوامل الداخليّة و إنّما بالأحرى أنّ المستوى العالمي " المختلف نوعيّا " ظهر بشكل غير مريح ، ضمن أشكال أخرى ، فى صدام دموي للجيوش الكبرى للقوى الإمبريالية على مناطق واسعة عبرت العديد من الحدود القوميّة ؟
هذا من جهة و من جهة أخرى ، سنكون مخطئين إذا لم نأخذ بعين الإعتبار موقع الإمبراطوريّة الروسيّة فى النظام العالمي و كذلك التناقضات الداخليّة لروسيا و سلسلة الأمم أسيرة " سجن الأمم " الذى كانته الإمبراطوريّة الروسيّة . و يشمل هذا واقع أنّه رغم أنّها كانت تضطهِد كثيرا من الأمم ، كانت قوّة إمبريالية ضعيفة و قليلة التطوّر الرأسمالي ، أين الغالبيّة العظمى من السكّان لا تزال تعيش تحت سلاسل العلاقات شبه الإقطاعية ، مع إستفاقة للحركات المناهضة للإضطهاد القومي الذى كانت تفرضه روسيا ، و عديد العوامل المتنوّعة الأخرى ذات الصلة ، من جهة ، و من جهة أخرى ، مع لماذا كانت الأزمة الثوريّة أشدّ هناك و كذلك مع برنامج لعدد كبير من الأمم المضطهَدة إلخ : عوامل كانت متباينة مع ما كان يمكن تطبيقه زمنها على فرنسا مثلا .
و هنا يمكن أن نرى بحيويّة أهمّية ملاحظة أفاكيان " يمثّل التفاعل المتبادل و الدعم المتبادل بين نضالات البروليتاريين فى بلدان مختلفة العلاقة المفتاح فى التغيير الجوهري للعالم قاطبة . " كانت الثورة البلشفيّة إفرازا ليس فحسب لظروف أكثر مواتاة لكن أيضا للخطّ الثوري للينين والحزب البلشفي . ففى كلّ البلدان ، إستسلم قسم واسع من القادة الإشتراكيين ، مصطفّين إلى جانب برجوازيتهم " هم " فى الحرب الرجعية و حتى المعارضة الثوريّة التى نهضت فى عدّة بلدان فى وجه الخيانة – و التى بذل لينين والبلاشفة قصارى جهدهم لتشجيعها – لم تبلغ موقفا ثوريّا صريحا . كان هذا حال حتى أفضل ممثّليها كروزا لكسمبورغ و كارل لايبنخت فى ألمانيا ، مثلما ينعكس ذلك فى نقد لكسمبورغ من وجهة نظر ديمقراطية – برجوازية للحزب اللينيني الطليعي و الثورة البلشفيّة ذاتها ( و يمكن أن نشير بصورة عابرة إلى أنّه ليس من الصدفة أن يقترح آجيث إعتماد هذا النقد على الأقلّ جزئيّا – إنعكاس لإيديولوجيّته الخاصة الديمقراطية – البرجوازية ) . (41)
علاقة الترابط بين المستوى العالمي و البلدان علاقة ثابتة و ديناميكية و متغيّرة بإستمرار . و بوجه خاص إعتمادا على ظهور النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي و فى إطار الحرب الإمبريالية العالميّة الأولى ، كان للثورة البلشفيّة تأثير بدورها على مستوى تأثير بلد على بلد آخر كعامل خارجي بل أيضا ، معا مع الحرب ، على العالم كلّه مغيّرة ، حسب جملة ماو تسى تونغ المستشهد بها أعلاه " إتجاه تاريخ العالم كلّه و مفتتحتا عصرا جديدا " (42) الذى فيه سرعان ما تم وضع الثورة الشيوعية على جدول الأعمال فى تقريبا كلّ البلدان ، بما فى ذلك تغيّر فى طبيعة الثورة التى كانت ضروريّة و ممكنة فى البلدان المضطهَدَة كما أشرنا آنفا .
كيف يمكن فهم هذا التغيّر فى " المسار العام لتاريخ العالم " بدوغما آجيث القوميّة الضيّقة القائلة بأنّ مهام الثوريين " تنشأ من الخصوصيات الداخلية لبلدها وهي تتحدّد أكثر بها " ؟ (43) لا يمكن ذلك .
10 – هل أنّ حملة الحروب الإمبريالية محدّدة أساسا بخصوصيّات كلّ بلد ؟
يواصل آجيث المحاججة بأنّ تحاليل أفاكيان ل " التناقض و التغيّرات الداخليّة فى العالم على أنّها جميعا "محدّدة بصورة عامة بالتناقض الأساسي للعصر البرجوازي" بالأحرى معالجة سطحيّة لهذا الموضوع " لأنّ فى رأيه التناقض الرئيسي و ليس التناقض الأساسي فى حدّ ذاته " أكثر تحديدا " (44) حسنا ، فى المقام الأوّل ، جوهر المسألة هو ما الصحيح ؟ هذا من جهة ، و من جهة ثانية ، هناك تشويه متعمّد لموقف أفاكيان هنا ، وهو ، حسب آجيث ، أنّ الشيء الوحيد الهام هو التناقض الأساسي ، فى حين أنّ أفاكيان فى الواقع يحلّل ( معتمدا تحليل إنجلز و مطوّرا إيّاه ) أنّ للتناقض الأساسي شكلان من الحركة ، القوّة المحرّكة للفوضى ( المنعكسة مثلا فى التغيّرات الديناميكيّة فى الإقتصاد العالمي و الأزمات و التناقضات صلب الإمبرياليين ) و التناقض الطبقي بين البرجوازية و البروليتاريا الذى له أيضا تعبيره فى التناقض بين البلدان الإمبريالية و البلدان المضطهَدَة و بين الرأسمالية و الإشتراكية عندما توجد بلدان إشتراكية (45). و يحيل ذلك على أنّه ثمّة تناقضات مختلفة ( إضطهاد النساء و الإضطهاد القومي إلخ) رغم تطوّرها فى إطار التناقض الأساسي لا يمكن أن تقلّص إليه . و سنترك للقرّاء الحكم إن كان هذا التحليل أكثر " سطحيّة " من الموقف الذى أعرب عنه آجيث ، و فيه ظاهريّا الشيء الوحيد الذى يحتاج إلى أن نأخذه بعين النظر على المستوى العالمي هو " التناقض بين الإمبريالية و الأمم و الشعوب المضطهَدة هوالتناقض الرئيسي ." (46) و ننصح بالمقال الممتاز لريموند لوتا الذى يعنى بتحليل أخطاء آجيث و آخرين بشأن هذه المسائل و يدحضها ( 47 ) ، و لن نتوغّل أكثر فى هذا الموضوع هنا .
و بعد تقليص الوضع العالمي إلى التناقض بين الإمبريالية و الأمم و الشعوب المضطهَدَة ، يمضى آجيث إلى تقليص هذا التناقض العالمي إلى خصوصيّات الوضع فى كلّ بلد : " بالرغم من أن الهند أو بلد مستعمر مثل أفغانستان او العراق ، هي بلدان مضطهَدة جميعها ، فإنّ التأثير الذى يمارسه التناقض الرئيسي على الوضع فى كلّ بلد مغاير بجلاء . و هذا بداهة محدّد بالخصوصيات الإجتماعية – السياسية- الثقافية – الإقتصادية لهذه البلدان . وإذا لم يقع إستيعاب هذه الخصوصيات الداخلية ، فإنّ القوى الماوية لن تنجح بتاتا فى مهامها . و لن تستوعبها إذا أخفقت فى فهم أنّها تنشأ عن الخصوصيات الداخلية لبلدها وهي تتحدّد أكثر بها ." (48).
نعم " بداهة " التناقض بين الإمبريالية و المم المضطهَدَة يتمّ التعبير عنه بشكل مختلف فى بلدان مختلفة و من الضروري فهم هذه الخصوصيّات . لكن لا هو بديهي و لا هو صحيح أنّ الوضع المختلف فى كلّ بلد يتحدّد فى الأساس بخصوصيّات كلّ بلد . ففى الواقع ، يتحدّد بتفاعل جدلي ثابت و ديناميكي بين الوضع العالمي و موقع البلد فى العالم و خصوصيّاته .
لنلقى نظرة على العالم الحقيقي : ألم يكن الإحتلال الإمبريالي للعراق أو أفغانستان جزء من الوضع " المختلف " لهذه البلدان ؟ كان كذلك بوضوح . هل يمكن أن نقول إنّ هذا " بداهة تحدّده الخصوصيات الإجتماعية و السياسية و الثقافيّة و الإقتصادية لهذه البلدان " ؟ لم يحدث بمنأى عن هذه الخصوصيّات و كان مشروطا بها ، لكنّه لم يكن مجرّد نتاج لهذه الخصوصيّات و لم يكن ببساطة نتاجا لحملة الحروب الإمبريالية المخطّط لها فى جزء هام قبل الهجوم على مركز التجارة العالمي سنة 2001 و الذى كان يستهدف "إعادة رسم خارطة " الشرق الأوسط و أنحاء أخرى من الكوكب ، فيها كانت الإمبريالية الأمريكية ، فى تحالف مع قوى أخرى تسعى إلى ، ضمن أشياء أخرى ، مدّ هيمنتها أمام إنهيار الإمبريالية الإشتراكية السوقياتيّة و إلى إخضاع قوى كصدّام حسين و طالبان التى و إن كانت قوى رجعيّة برجوازية و إقطاعيّة ، تصادمت مع مصالح الإمبريالية الأمريكية . و كانت كذلك تبحث عن منع أي منافسين محتملين آخرين من تحدّى هيمنتها . (49)
و تؤدّى مقاربة آجيث القوميّة ، إلى جانب أداتيّه ، و التى ليست قائمة على الواقع الموضوعي بل بالأحرى على ما سيبدو أكثر ملاءمة للحركة الثورية ، تؤدّى حقيقة إلى العبثيّة . إنّه يشتكى من أنّ " الهجوم على مركز التجارة العالمية كان يُستغلّ لشنّ هجوم عالمي قصد خفض المقاومة الجماهيرية النامية للعولمة و إرتداد " ظهور موجة جديدة من الثورة العالمية " قُلّص إلى مظهر ثانوي " (50 ) فى تحليل أفاكيان و آخرين لجذور حملة الحروب الإمبريالية .
و بالرغم من أنّه من الصحيح أن ما يسمّى ب " الحرب على الإرهاب " قد إستعملت لوسم الثوريين و التقدّميين بالإرهابيين ( و قد وُجد قدر كبير من التشهير بهذا فى صحافة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، على عكس ما يريد منّا آجيث أن نعتقده ) ، فإنّ تأكيد آجيث على أنّ هذا ليس " مظهرا ثانويّا " يعنى أنّه كان المظهر الرئيسي و على الأقلّ بصفة غير مباشرة الدافع الأساسي لحملة الحروب الإمبريالية . فى عالم آجيث التبسيطي ، الشيء الوحيد الموجود هو المواجهة بين العدوّ و الشعب . هل علينا أن نعتقد مثلا أنّ حملة الحروب قامت بالأساس ل " دحر" الثورة و النضال ضد العولمة .. و أنّ الإمبرياليين أطاحوا بصدّام حسين و طالبان لذلك الغرض ؟ من المعلوم لدى عموم الناس أنّ بوش لم يكن عبقريّا على وجه الضبط لكن مهندسو الإستراتيجيا الإمبريالية الأمريكية بداهة لا بدّ أنّهم أدركوا أنّ صدّام حسين و طالبان لم يكونا تماما مركز الحركات الثوريّة و الشعبيّة فى العالم !
11- القوميّة و الإقتصادويّة بإسم " الخصوصيّات " أم تغيير الظروف إلى أقصى درجة ممكنة للقيام بالثورة ؟
فى ما قد ذكرناه أعلاه ، يقول لنا آجيث إنّ الشيوعيين " لن يدركوا أبدا خصوصيّات كلّ بلد ما لم يفهموا أنّها " تنشأ عن الخصوصيات الداخلية لبلدها وهي تتحدّد أكثر بها ". على ما يبدو ، يعتقد آجيث أنّه من الضروري فقط فهم ما هو الأكثر تحديدا ( بما أنّ الخصوصيّات فى رأيه لن تفهم إذا لم يُقبل بأنّها أكثر تحديدا ). لكن هذا خاطئ كلّيا . فى مثال البيضة الذى إستخدمه ماو ، بالرغم من أنّ طبيعتها الداخليّة هي المظهر الأكثر تحديدا و الذى يوفّر إمكانيّة تحوّلها إلى كتكوت ، هل يعنى هذا أنّ المظهر الآخر ، الحرارة ، لا أهمّية له و يمكن ببساطة أن نركن البيضة فى الثلاّجة و ننتظر أن يفقس كتكوت ؟
و لتقديم مثال مباشر أكثر و متعلّق بمسألة إطار ما هو داخلي و خارجي الذى لا يفهمه آجيث ، إن كان المرء يشدّد بصيغة صحيحة على أنّ سلطة الدولة يجب إفتكاكها على المستوى القومي و أنّ المستوى القومي بهذا المضمار أكثر حسما و تحديدا عامة و فى النهاية من ما يقع فى منطقة معيّنة ، هل أنّ هذا يفيد بالضرورة أنّكم ستتجاوزون الخصوصيّات الجهويّة على أنّ لها قدر قليل من الأهمّية بالنسبة للنضال الثوري ؟ لا . لا بوضوح لا يفيد ذلك .
ثمّ يحذّر آجيث من أنّ " " النظرة الأفاكيانية المشوّهة للأممية ... وصفة للإنعزال عن الشعب " (51) . و هنا نصل إلى مبدأ أساسي آخر لدى الماركسيّة الزائفة . كلّ إمرء قد شارك بشكل ما فى الحركة الثوريّة يعرف الحجّة التالية بشكل أو آخر: غالبيّة الناس معنيين فقط ببلادهم ؛ غالبيّتهم قوميّون ، إنّهم لا يتفقون مع الشيوعية . إن كنّا سنقول للناس إنّه ينبغى أن لا نعتني بالبلد فحسب بل علينا الإعتناء بالعالم قاطبة و إنّه لا ينبغى أن نروّج للقوميّة بل بالأحرى نروّج للأمميّة ، و إنّ ما نحتاجه هو الثورة الشيوعية و تحرير الإنسانية ، سننعزل عن الناس . هنا لم تعد هناك أهمّية لما هو صحيح ، المهمّ هو فقط " الوصفة " الإقتصادويّة للتذيّل للعفويّة .
و من البديهي أنّ هذا الجزء من " وصفة " آجيث و طاقمه المتنافر من أشباهه. و كما سبق و أن رأينا ، قد تذيّلوا إلى التحريفيّة فى النيبال منبهرين ب " النجاحات " الإنتخابيّة . و هم كذلك يتذيّلون للتأثير المفترض بأنّه " معادي للإمبريالية " للأصوليّة الإسلامية (53)، منكرين الضرر الكبير الذى تلحقه الأصوليّة الإسلامية – و أصوليّات الديانات الأخرى – بالناس نظرا للفهم الخاطئ للعالم الذى يطبع فى الذهن نتيجة لذلك ، و كيف و ما يفعله الناس و ما لا يفعلونه (54) حتى لا نشير إلى دورها السياسي الرجعي فى إعادة فرض أشكال بربريّة لإضطهاد النساء ، و قتل الثوريين إلخ . من الصحيح أنّ القوى الأصوليّة كطالبان و القاعدة تسبّبت فى مشاكل للإمبريالية الغربيّة إلاّ أنّها ليست بأيّة حال " معادية للإمبريالية " : إنّها لا تنوى بتاتا القطيعة مع النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي ، بل بالأحرى ، على أقصى تقدير ، تنوى فحسب تحسين موقع بعض المستغِلين الكبار على حساب آخرين و فرض إيديولوجيا أصوليّة وبرنامج سياسي و إجتماعي و ثقافي و تغيرات دينيّة رجعيّة كلّيا .
وكلّ من يتذيّل للأفكار الخاطئة فى صفوف الشعب يمكن ربّما أن يتجنّب " الوقوع فى عزلة " و يمكن حتّى أن يحقّق بعض " النجاح " الوقتي مضاربا بتخلّف الجماهير غير أنّه بالقيام بذلك يكون قد تخلّى بالفعل عن النضال من أجل الشيوعية ، مهما كان قدر المقتطفات الماركسيّة التى يمكن أن يتقيّأها . ذلك أنّ أيّة ثورة شيوعية ( وهي تشمل ، كي يتمكّن السيد آجيث من فهمنا ، الثورة الديمقراطية الجديدة حيث تكون قابلة للتطبيق ) تتطلّب النهوض بتدريب الشعب على الإيديولوجيا الشيوعية و ليس على أيّة إيديولوجيا أخرى . وفى غياب مثل هذه الثورة ، يستمرّ عذاب الناس فى ظلّ النظام الرجعي و هذا ، و ليس " النجاحات " القابلة للذوبان المحقّقة مقابل التخلّى عن الثورة بالفعل إن لم يكن بالقول أيضا ، هو و يجب أن يكون الهدف الساسي لكلّ الشيوعيين .
و التهمة الأخيرة التى يوجّهها آجيث لأطروحة أفاكيان هي " و أنكى حتى ، إنّها توفّر تعليلا لجعل الوقت حجّة بإنتظار وضع ثوري " تحدّده الأحداث العالمية " " (55).
هذا تشويه سخيف على ضوء كلّ الجهد الذى بذله أفاكيان لتعميق نقد الحتميّة ( 56) و كان على آجيث أن يقرّ فى هامش من الهوامش بأنّ أفاكيان يقول العكس ، لكنّه لا يناقش موقفه الحقيقي و الفعلي . فى الواقع ، يرفع أفاكيان عاليا و يتبنّى مفهوم ماو " التعجيل و إنتظار حصول تبدّلات فى الوضع الدولي " (57 ). و يشنّ آجيث هجمات عدّة على الخلاصة الجديدة بإسم " ماوية " مفترضة لكن لماذا ليس لديه أي شيء يقوله عن كلمات ماو هذه ؟ لأنّها تعبّر بوضوح عن كلّ من الدور الحاسم للمجال العالمي و الحاجة إلى النضال بنشاط لتغيير الظروف إلى أكبر درجة ممكنة فى كلّ من داخل البلد وفى العالم ككلّ . يطبّق أفاكيان منهجا صريحا و علميّا و يرفع عاليا المساهمات العظمة لمو التى ثب أنّها تتناسب و العالم الحقيقي و كيفيّة تغييره ، لكنه يشير بجلاء إلى أين يعتقد أنّ ماو إقترف بعض الأخطاء الثانويّة لكن الهامة ، امّا آجيث فيطبّق منهجا دغمائيّا و مثاليا للإختيار الإنتقائي للمقتطفات التى يمكن أن" تثبت " أفكاره المسبّقة ، متناسيا بصمت تلك التى تتناقض معها و غير عابئ بوقائع العالم الحقيقي .
إنّ الإطار الخاص الذى كان ماو يتحدّث عنه كان الحاجة إلى التسريع بينما ينتظرون التغيّرات فى الوضع العالمي و إضعاف الإمبريالية اليابانية للتمكّن من المرور إلى الهجوم المضاد الإستراتيجي ، متجنّبين الأخطاء العكسيّة للمرور إلى الهجوم المضاد قبل توفّر ظروف نجاحه ، من جهة ، أو ، من الجهة الأخرى ، القيام بدفاع سلبي و عدم بذل قصارى الجهد الممكن للتسريع فى التغيّرات التى ستجعل ممكنا المرور إلى الهجوم المضاد . و إنطبقت و تنطبق هذه المقاربة بوجه عام على كلّ من الإنتصار فى الصين و على التوجّه الإستراتيجي الثوري فى العالم ككلّ .
و بالرغم من كون المرحلة العالمية أساسيّة و حاسمة فى آخر المطاف و عامة ، فإنّ نضالات البروليتاريا فى مختلف البلدان هي الرابط المفتاح لأنّ هكذا يمكن للقوى الثوريّة أن تأثّر فى تغيير الظروف ، فى بلد معيّن و أيضا على الصعيد العالمي ، إلى أقصى درجة ممكنة لأجل القدرة على القيام بالثورة . بهذا الصدد ، قد يتمّ السقوط فى خطأين إثنين (58) : خطأ سقط فيه آجيث و عديد الآخرين بعدم أخذهم بعين الإعتبار أنّ المجال العالمي أساسي و فى النهاية حاسم ؛ و ليس من قبيل الصدفة أنّ الثورتين الإشتراكيتين إلى اليوم قد حدثتا فى إطار الحروب العالمية و هذا لا يمكن فهمه فهما صحيحا ( و بالتالى يمكن تطوير إستراتيجيا و تكتيك صحيحين ) ببساطة بالإعتماد على خصوصيّات كلّ بلد . و الخطأ المناقض له سيكون الإعتقاد أنّه ينبغى دائما أن يوجد ظرف تاريخي من التمركز الشديد للتناقضات فى النظام العالمي حتى تستطيع الثورة الشيوعية أن تنتصر فى بلد معيّن . قول إنّ الصعيد العالمي حاسم " فى آخر المطاف " يعنى كذلك أنّه ليس حاسما مباشرة و دائما فى كلّ مكان . و كما أشرنا ، التناقضات الداخليّة فى كلّ بلد تظلّ جزء أساسيّا من قاعدة التغيير ، و بالتالى ، من الممكن أن تكون الظروف الملموسة فى بلد معيّن أكثر مواتاة من الوضع العالمي ككلّ . و كان هذا حال مثلا حرب الشعب فى البيرو و فى النيبال اللتان بلغتا ، لفترة من الزمن ، تقدّما مهمّا فى ظروف جزر نسبيّ فى الثورة العالمية . وفى الواقع ، فى أي ظرف ، ليس بوسع أيّ كان أن يتنبّأ بكلّ شيء قد يتمكّن النضال المصمّم للقوى الثوريّة التى يقودها خطّ صحيح فى الأساس ، من تغييره فى تفاعل مع التغيّرات الأخرى فى الوضع و تحرّكات القوى الطبقيّة الأخرى إلخ.
لهذا فى غاية الأهمّية هو نقد أفاكيان للحتميّة التحريفية إذ تصرّح مثل هذه الحتميّة " بأنّه إلى أن تتدخّل بعض القوى لتغيّر مجرى الأحداث – نوعا من العالم الخارجي - ، لا يمكن أن يحدث تغيير هام فى الأوضاع الموضوعية و أقصى ما يمكننا فعله فى كلّ لحظة هو القبول بالإطار المعطى و العمل ضمنه ، بدلا من ( مثلما قد صغنا بطريقة صحيحة ) الإجتهاد بإستمرار ضد حدود الإطار الموضوعي و البحث عن تغيير الظروف الموضوعية إلى أقصى درجة ممكنة فى أي زمن معطى ، منتبهين دائما لإمكانية إلتقاء أشياء مختلفة ما يُوجد ( أو يجعل من الممكن أن توجد ) قطيعة و قفزة نوعيّين عمليين فى الوضع الموضوعي " (59 ) . هذا التوجّه الأساسي – و ليس الإقتصادويّة و القوميّة الذين يدافع عنهما آجيث – هو ما تحتاجه الحركة الشيوعية العالمية لأجل أن تكون طليعة المستقبل .
و فى النهاية ، يقول آجيث : " سنحسم هذا الموضوع بكلمات ماو " (60) ويورد مقولة ماو كنّا بعدُ قد دقّقنا فيها النظر و نقدناها جزئيّا ، المقولة المتصلة بالعلاقة بين الثورة فى روسيا والصين . و هذا هو بالضبط الخطأ ( و حتى ذات النصّ ) الذى ينقده أفاكيان ، و لأجل " إثبات " أنّ هذا النقد خاطئ ، يبيّن آجيث أنّ ماو قال شيئا خلاف ذلك . و بالفعل ، خاتمة آجيث الوجيهة هي " ماو قال ذلك ، أنا أؤمن به ، إنتهى النقاش " . و سنترك للقرّاء الحكم بما إذا كان هذا يمثّل منهجا و مقاربة علميين أم موقفا دغمائيّا و دينيّا فى التعاطى مع الماركسية .
12- الأممية – العالم بأسره فى المصاف الأوّل :
الأممية البروليتارية مسألة جوهريّة فى التوجّه الإيديولوجي و السياسي المعتمد على الواقع المادي بأنّ الشيوعية ممكنة فقط كنظام عالمي ، و أنّ البروليتاريا طبقة عالميّة ، و أنّ النظام الذى يجب التخلّص منه نظام عالمي ؛ و أنّ التغيير الثوري للنظام الرأسمالي – الإمبريالي إلى نظام شيوعي سيرورة عموما تاريخية – عالميّة و خلال هذه السيرورة ، المجال العالمي عامة و فى آخر المطاف أساسي و حاسم ، وفى نفس الوقت الرابط المفتاح هو النضالات الثوريّة للبروليتاريا فى شتّى البلدان ، متفاعلة مع بعضها البعض و متّحدة تحت راية الأمميّة .
و يشير آجيث بالعكس ، إلى أنّ الأمميّة ليست سوى مسألة إيديولوجيّة قائمة على الهدف النهائي للشيوعية (61) ، و ينقد أفاكيان لأنّه " بإنتقائية ، خلط ... المظهرين المنفصلين . أحدهما هو الأممية البروليتارية ، مسألة إيديولوجيتها . والآخر هو الواقع الملموس المعقّد لظهورها و وجودها فى مختلف البلدان . " (62) و هذا " الواقع الملموس المعقّد " مثلما سبق و أن رأينا و دحضنا ، حسب آجيث ، يعنى أنّ البروليتاريا ليست أساسا طبقة عالميّة بل هي رئيسيّا محدّدة بطابعها القومي ، لهذا السبب ، ضمن أسباب أخرى ، ما هو حيويّ هو " الخصوصيّات الداخليّة " لكلّ بلد .
مسالة الإيديولوجيا الأممية للشيوعية مسألة أساسيّة ، فى تعارض ، فى هذه الحال ، مع إيديولوجيا مزج الشيوعية و القوميّة فى طبخة واحدة . و مع ذلك ، حجّة أنّ الأممية لقيامها على الهدف الشيوعي تُقلّص إلى مسألة إيديولوجية تترافق مع معالجة هذا الهدف النهائي على أنّه مسألة مجرّدة و بعيدة ، ذات أهمّية ضئيلة بالنسبة للنضال الراهن . و فى الواقع ، إن لم يتمّ خوض النضال الآن بالقيادة الحقيقيّة جدّا للهدف النهائي للشيوعية ، فإنّ النضال حتما سينحرف عن الطريق السليم ، بغضّ النظر عن نوايا الأشخاص ، و ينتهى إلى شكل أو آخر من التأقلم مع النظام القائم . ( 63) و كلّ من هذا و إنكار الأسس الماديّة للأمميّة اليوم يساوى التأكيد على تأويل قومي ل " الأممية " .
الأمميّة مسالة إنطلاق من ، بكلمات لينين : " ليس من وجهة نظر بلاد" ي" يتعيّن عليّ أن أحاكم ...بل من وجهة نظر إشتراكي أنا فى تحضير الثورة البروليتارية العالمية ، فى الدعاية لها ، فى تقريبها " (64 ) أو كما عبّر عن ذلك أفاكيان : " الأممية – العالم بأسره فى المصاف الأوّل ." (65)
فى رسالته إلى الأحزاب والمنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثوريّة ، يعقد الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية مقارنة بين هذا التوجّه الصحيح للينين و وجهة نظر أخرى ( وجهة نظر جايمس كونولى ، ضمن آخرين ، وهو ثوري إيرلندي كان معاصرا للينين ) لا ينطلق من الثورة العالمية و إنّما بالأحرى من بلد "ى" ومن وجهة نظر أنّ الثوريين الماركسيين هم أساسا أفضل ممثّلى أمّتهم وأنّ الأممية ببساطة هي المساندة التى تقدّمها بروليتاريا أو شعب بلد إلى شعوب البلدان الأخرى .
وبهذا المضمار، يتّهم آجيث الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ب" إملاء المقولات". و بعد إيراد مقولة لنصّ لينين قبل هذه الجملة ، يؤكّد لنا أنّه : " عندما نورد المقتطف كاملا ، على الفور يصبح بديهيّا أنّ " وجهة النظر " التى كان لينين يهاجمها لم تكن تخصّ وجهة نظر مختلفة بشأن الثورة البروليتارية العالمية أو الأمميّة كما يريد إفهامنا الأفاكيانيّون . كان يفضح الشوفينية البرجوازية و يميّز الأممية عنها . "(67)
و كما يُقال إن كان عليك أن تكذب فأكذب لكن لا تبالغ فى الكذب . مصدر المقولة هو كتاب " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكى " و تحديدا الفصل المعنون " ماهي الأممية ؟ " الذى ينقد بالفعل " نظرة مختلفة " للأممية ألا وهي نظرة كاوتسكى الذى كان قائدا بارزا للأمميّة الإشتراكية الثانية فى فترة الحرب الإمبريالية الأولى . و يبتدأ الفصل ب : " يعتقد كاوتسكى و يعلن بأعظم الإقتناع ، أنّه أمميّ " . و هذا يحيل على " هكذا تتقوّم إذن أممية كاوتسكى و المناشفة فيما يلى : مطالبة الحكومة البرجوازية الإمبريالية بالإصلاحات ، و لكن مع الإستمرار فى دعمها ، مع الإستمرار فى دعم الحرب التى تخوضها هذه الحكومة . " و يفضح لينين تفكير " الكاوتسكيين " و آخرين بأنّ " الإشتراكية تفترض حرّية الأمم و المساواة فيما بينها وحقّها فى تقرير مصيرها ؛ و بالتالى ، حين تتعرّض بلادنا للهجوم أو حين تجتاح قوات العدو أرضنا ، كان من حقّ الإشتراكيين و واجبهم الدفاع عن الوطن " . و يجلى أنّ الخطأ الجوهري لهذه النسخة القومية ل " الأممية " هو أنّها لا تنطلق من " تقييم الحرب ككّل من وجهة نظر البرجوازية العالمية و البروليتاريا العالمية " و إنّما من وجهة نظر " بلدى" الذى تقع مهاجمته . (68)
لكن المركزي هنا ليس تشويه نصّ لينين . إنّه واقع أنّ آجيث يبحث عن إنكار أنّ الأمميّة البروليتارية تعنى أو يجب أن تعني الإنطلاق من " مساهمتى فى الثورة البروليتارية العالمية " و ليس من " بلدى " لأنّ فى الجوهر وجهة نظره هي وجهة نظر أنّه على المرء أن ينطلق من البلد و ليس من العالم ، لأنّ حسب رأيه ، ما هو داخلي و خاص لكلّ بلد هو الأساسي دائما ، و لأنّ الثورة الديمقراطية الجديدة و الثورة الإشتراكية تظهران منفصلتين ، و لأنّ البروليتاريا طبقة " بصفة خاصة قوميّة فى الشكل و الخصوصيّات " إلخ إلخ ، على حدّ ما مرّ بنا . لكن التشديد على الإنطلاق من البلد عوضا عن و فى معارضة للإنطلاق من الثورة البروليتارية العالمية هو قوميّة ، و ليس أمميّة ، إضافة إلى تجاهل الطبيعة الحقيقيّة للنظام الذى نحيا فيه .
ويبدو هذا حتى أكثر بديهيّة عندما يعارض آجيث مباشرة مقولة أخرى للينين بالمقولة التى كنّا نعلّق عليها : " لكن فى مناسبة أخرى ، كتب لينين :" لا يوجد سوى مفهوم أممي حقيقي واحد وهو أن يعمل كل فى بلاده بتفان من أجل تطوير الحركة الثورية و النضال الثوري وأن يدعم (عبر الدعاية و التعاطف و المساعدة المادية ) ذلك النضال ذاته و ذلك الخط نفسه و لا سواه ، فى جميع البلدان بدون إستثناء ".
ماذا نستشفّ من هذا ؟ هل علينا أن نستنتج تبعا للمنطق الأفاكياني أنّ المقتبس الثاني مثال ل " لينين يبتعد عن اللينينية " ؟ أم هل أنّه حال الحزب الشيوعي الثوري يحاجج بمشروعية لرؤية " تطوير النضال الثوري فى بلده الخاص " ك " مساهمتنا فى الثورة العالمية " ؟ لكن إن كان ذلك صحيحا ، سيكون إنكارا لهجومه الخاص على ماو . " (70 ).
لا يدرك آجيث أنّه يفضح نفسه بمثل هذه الطرفة . فبالنسبة إليه ، الفهم " الشرعي " ل " مساهمتى فى الثورة العالمية " هو " تطوير النضال الثوري فى بلدى الخاص " نقطة إلى السطر . إنّه يترك جانبا المهمّات العالمية و الأممية الخاصة فى المقتطف الثاني للينين ، مهمّات " دعم هذا النضال نفسه (بالدعاوة ، و التحبيذ ، و العون المادي ) " (71) . هنا ، بوضوح يُعبّر آجيث عن النظرة القوميّة الضيّقة التى ، ضمن مشاكل أخرى ، أدّت إلى الصمت العام و حتى المعارضة السافرة للنضال من أجل " هذه الخطّة نفسها ، و وحدها فقط ، فى جميع البلدان بلا إستثناء " فى وجه الإنحرافات التحريفية فى الخطّ القائد فى البيرو و النيبال الذين لخّصتهما رسالة الحزب الشيوعي الثوري الذكورة أعلاه . (72)
إنّ تقليص " الأممية " إلى مجرّد " تطوير النضال الثوري فى بلدى الخاص " ليس سوى قوميّة . و طبعا ، من الجوهري أنّ نقوم بالثورة فى البلد الذى نوجد به ، و هذا حتى عامة المساهمة الرئيسيّة التى يمكن أن نقدّمها ، شريطة أن يتمّ تطويرها بأفق التقدّم بالثورة الشيوعية العالمية ، و ليس بأفق قوميّ لمجرّد " تحرير بلدى ". و مثلما ألمحنا إلى ذلك ، فى آخر المطاف ، القوميّة ليست حتى قادرة على بلوغ ذلك فى عصر الإمبريالية هذا . و كلّ هذا يذكّرنا بخليط آخر من الشيوعية و القومية لأوّل كتلة شقّت صفوف منظّمتنا ثمّ ذهبت للعمل على " إعادة بناء " حزب يتّبع الخطّ الإنتهازي اليميني فى البيرو أعلنت أنّ " الأممية " تتمثّل فى النضال فى البلد الخاص و كذلك القبول بالمساعدة من بلدان أخرى !
يناضل البرجوازيّون والبرجوازيون الصغار ، على غرار قادة الثورة الفرنسية لسنة 1789 ، و سان يات سان فى الثورة الضينية لسنة 1911 ، و هيدالغو و زاباتا فى المكسيك ( و ندعو آخرين ليضيفوا أمثلة من إطارهم القومي الخاص ) كذلك من أجل " تطوير النضال الثوري فى بلدهم الخاص " ( و يساندون ويتعاطفون بشكل ما مع بعض الثورات فى بلدان أخرى حتى وإن لم يشر آجيث إلى هذا ). ومع ذلك ، لا يقومون بذلك كجزء من أو بهدف التقدّم بالثورة الشيوعية العالمية ، بل بالأحرى جوهريّا بهدف محاولة الحصول على بلد رأسمالي مستقلّ . هناك بعدُ الكثير الذى يمكن أن نتعلّمه بكلّ من المعنى الإيجابي و السلبي ، من هذه التجارب ؛ و فى البلدان المضطهَدَة بوجه خاص ، من الممكن و الضروري فى عديد الحالات إقامة وحدة مع القوميين التقدّميين و الثوريين لكن إن قادت القوميّة ( بما فى ذلك عندما تمزج مع الشيوعية ) النضال ، فإنّه لن يتجاوز فى نهاية المطاف حدود النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي ، و سيتواصل إستغلال الجماهير وإضطهادها ، كما هو الحال فى فتنام و نيكاراغوا و كوبا و عديد الحالات الأخرى التى هي أقلّ شهرة لأنّها لم تؤدّى أبدا إلى أية ثورة .
13- فى البلدان الإمبريالية " نداء العزّة القوميّة " أم تطبيق الإنهزاميّة الثوريّة ؟
بالضبط كما تجد حاسة أنف الكلب دائما الأشياء ، يجد التحريفيّون دائما المقولات الأكثر مواتاة ل " إثبات " مواقفهم المعادية للماركسية ؛ أو كما لاحظه ماو تسى تونغ بنظرة ثاقبة : بعد وفاتي سيستخدم اليمين بعضا من كلماتى ليبرّر موقفه التحريفي. يعثر آجيث خدمة لأغراضه الخاصة ، كما فعل الكثيرون قبله ، على مقال للينين (73 ) نقده أفاكيان لمزجه التوجّه الصحيح للإنهزامية الثوريّة و الدعوة إلى " الكرامة القومية " [ أو العزّة القومية ] للروس ، القومية المهيمنة و المضطَهِدة فى الإمبراطوريّة الروسية . فى المقال إيّاه ، ينادى لينين جوهريّا " الكرامة القوميّة " للروس و يحاجج بأنّ أفضل طريقة ل " الدفاع عن الوطن " هي الرغبة فى هزيمة حكومة القيصر الإضطهادية فى الحرب العالمية الأولى . و يصفّق آجيث لهذا على أنّه " تقديم بارع " ، و ينطلق فى التأكيد على أنّ الأممية و الطابع القومي للبروليتاريا ، حسب رأيه ، لا يتعيّن " تمتزج بإنتقائيّة " ، معلنا أنّ " تمثّل البروليتاريا تقاليد الأمّة التقدّمية و الديمقراطية " (74) .
فى المقام الأول ، يمثل الشيوعيّون فى كلّ البلدان أو يجب أن يمثّلوا الشيوعية و ليس أساسا " العادات التقدّمية و الديمقراطية للأمّة " ، أو لن توجد أيّة إشتراكيّة ، حتى لا نتحدّث عن أيّة شيوعية . بلا شكّ ، هناك حاجة إلى التعلّم من و تشجيع و نشر شعبيّا و قيادة كلّ شيء يساهم فى الأساس ، بما فى ذلك بصفة غير مباشرة ، فى إيجاد جوّ مواتي أكثر للثورة الشيوعية ، و هذا يشمل عدّة أشياء ليست بذاتها و فى حدّ ذاتها ثوريّة مباشرة . مثلا ، أنصار حركة السلام التقدّميين فى البلدان الإمبريالية قد نهضوا أحيانا بدور إيجابي جدّا فى معارضة الحروب الإمبريالية العدوانيّة ضد الفتنام و العراق إلخ . و هم جزء من " التقليد التقدّمي " الذى ينبغى أن ننشأ معه وحدة و صراعا .
هل تمثل البروليتاريا عندئذ أو يجب أن تمثّل تقاليد أنصار حركة السلام ؟ هذا من جهة و من جهة ثانية ، الفكرة الضمنيّة هنا بأنّ الشيوعيين يحتاجون إلى أن يهتمّوا فقط بتقاليد أمّتهم " الخاصة " معيار قوميّ و ليس معيارا أمميّا . هل أنّ لو هسون للصينيين فحسب ؟ هل أن فلم " يول " [ ليلماز غوناي التركي ] لسكّان تركيا وكردستان فحسب ؟ هل أنّ " خاولا دى أورو " ( القفص الذهبي ) للمكسيك و أمريكا الوسطى فحسب ؟ هل أنّ " إثنا عشرة سنة من العبوديّة " للولايات المتحدة فحسب ؟
و بالعودة إلى مقال لينين الذى أنفت الإشارة إليه ، فى الواقع ، وهذا يجب أن يعرفه آجيث ، كان موقف البلاشفة ليس جوهريّا الترويج ل " العزة القومية " بل للإنهزاميّة الثوريّة ، عاملين من أجل هزيمة حكومتهم " الخاصّة " و برجوازيّتهم " الخاصة " لأجل شنّ حرب ثوريّة ضدهما . و قد نجم عن هذا الموقف الأممي ، لا سيما فى بداية الحرب الإمبريالية العالمية ، ليس قمع الحكومة و حسب بل أيضا حتى تعرّض البلاشفة للرجم بالحجارة من قبل فئات من الجماهير . ( و البلاشفة على خلاف ما ينصحنا به آجيث ، لم يتخلّوا عن الأممية الصريحة خشية " الإنعزال عن الجماهير " . ) و هذا الوضع لم يتغيّر نتيجة " تقديم رائع " للينين فى مقال وحيد عن " الكرامة القوميّة " و أفضل طريقة " للدفاع عن الوطن " ( ضمن جبال من المقالات التى كتبها مندّدا بدعوات " الدفاع عن الوطن " بإعتباره خيانة للإشتراكية ). و بالفعل كانت تجربة الحرب ذاتها و النضال الثوري ذاته ضدّها هما اللذان أثبتا فى النهاية صحّة موقفهم الأممي الثوري و أكسبهم أناس إنخرطوا فى الثورة .
يرفع آجيث هذا الخطأ الثانوي المقترف فى وضع صعب إلى مبدأ جوهري للدعوة إلى " العزّة القومية " حتّى فى الأمم الإمبريالية ، بالضبط كمعارضة أي ديمقراطي إصلاحي فى الولايات المّحدة ( أو المملكة المتّحدة أو فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا أو إسبانيا إلخ ) لغزو العراق إلخ ، تحت راية " الأفضل للولايات المتّحدة و تقاليدها الديمقراطية " ، عوض قول الحقيقة للناس بأنّ الولايات المتّحدة بلد إمبريالي ، و مصالحه القوميّة هي فى الأساس مصالح برجوازيّته فى الإستغلال و الإضطهاد العالميين ، و أنّه بدلا من التماهي مع هذه المصالح ، على المرء أن يتماهى مع مصالح و فوق كلّ شيء النضال الثوري للشعوب المضطهَدَة و المستغَلّة عبر العالم قاطبة. و بالعكس ، تطبيق صريح لموقف آجيث سيعنى مثلا ، أنّه على الشيوعيين فى الولايات المتّحدة أن يدعوا ل" العزّة القومية " للشعب الأمريكي فى هذه الأوضاع . كم جميل سيكون ذلك بالنسبة للثورة العالمية !
و فى نفس الوقت وهو يحاجج منأجل الدعوة إلى " العزّة القوميّة " ، يتّهم آجيث كذلك الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ب " الإقتصادويّة الإمبريالية " أي بإنكار الحاجة إلى النضال ضد الإضطهاد القومي فى العالم و أيضا الحاجة إلى ثورة ديمقراطية جديدة فى الكثير من البلدان . و فى الواقع ، تفضى الدعوة إلى " العزّة القوميّة " فى البلدان الإمبريالية على وجه الضبط إلى الإقتصادويّة الإمبريالية لأنّ مصالح الولايات المتحدة فى العالم لا يمكن توطيدها إلاّ إعتمادا على إضطهاد بلدان أخرى .
و كان على آجيث أن يعترف بأنّ " أفاكيان و الحزب الشيوعي الثوري قد كتبا الكثير عن الإضطهاد الإمبريالي و لم ينكرا مطلقا المكوّن الوطني للثورة الديمقراطية الجديدة " لكن هذا بالنسبة إليه لا يعدو أن يكون مجرّد " الكثير من الكلام المعسول " (75). و مع ذلك ، فى الواقع ممارستهم متناغمة مع كلماتهم. مَن نَقَدَ قبل تسع سنوات الآن خطّ تصفية الثورة الديمقراطية الجديدة فى النيبال بإسم "مرحلة " " إعادة هيكلة " الدولة القديمة ؟ و من يواصل الدفاع عن الأطروحات المحوريّة لتلك التصفية ؟
وفق آجيث ، " فى بداية ثمانينات القرن العشرين ، كان يتنصّل تقريبا من كافة نضالات المقاومة فى الأمم المضطهَدة على أنّها مجرّد إمتدادات للنزاع بين الإمبرياليات . " (76) و فى الحقيقة ، أشار الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية على نحو صحيح إلى أنّ " النزاع ما بين القوى الإمبريالية " كان يلعب دورا حيويّا فى المجال العالمي زمنها ( بين الكتلتين الإمبرياليتين و على رأسهما الولايات المتحدة من جهة و الإتحاد السوفياتي من الجهة الأخرى ). و فى نفس الوقت ، طبّق موقف الإنهزاميّة الثوريّة ، مناضلا من أجل إلحاق الهزيمة بالولايات المتحدة فى السلفادور و نيكاراغوا و إيران ، و فاضحا الطابع الرجعي للإمبرياليين وعملائهم ومسلّطا الضوء على الطابع العادل للنضال الثوري فى تلك البلدان ، و فى الآن نفسه كان يشير إلى أنّ القيادة فى نيكاراغوا و السلفادور و إلى أنّ القوى الإسلامية أو الديمقراطية – البرجوازية فى إيران لم تكن لتمضي بالنضال إلى حدّ القطيعة مع الإمبريالية و سلوك الطريق الإشتراكي . و كانوا على صواب .
و يوجّه آجيث ذات الإتهام الخاطئ فى ما يتعلّق بأفغانستان و العراق لأنّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية لا يتذيّل للأصوليين الإسلاميين . ماذا فعل الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية إزاء الهجوم على مركز التجارة العالمي و موجة الشعور القومي الذى آثارته و العدوان الإمبريالي على أفغانستان و العراق ؟ طبّق الإنهزاميّة الثوريّة فشهّر بإمبريالية بلده "الخاص" و بجرأة عبّا الجماهير للنضال ضدّها فى وحدة مع الشعوب المضطهَدَة من قبل بلده " الخاص " فى مبادرات مثل " ليس بإسمنا " و " ليس بوسع العالم الإنتظار " ، مصرّحا أنّ " حياة الأمريكيين ليست أهمّ من حياة الآخرين . " (77) و إن جرى تطبيق " المبدأ " القومي لآجيث ، سيعتقد المرء أنّه كان عليهم أن يقوموا ب " تقديم بارع " ل " الكرامة القومية " للولايات المتّحدة .
فى الحقيقة ، خطّ الحزب الشيوعي الثوري و ممارسته ( وقبله ، الإتحاد الثوري ) عبر تاريخه ، فى معارضة عدوان الولايات المتحدة ضد الفتنام و بطرق أخرى لا تحصى و لا تعدّ إلى يومنا هذا ، كان مثالا نموذجيّا و ملهما للأممية البروليتارية . و كلّ شخص ينظر فى هذا بكلّ موضوعيّة سيذهل من واقع أنّ ذلك كان دائما و لا يزال أحد أبرز مميّزات الحزب الشيوعي الثوري . و واقع أنّ آجيث يرفض أو هو غير قادر على الإقرار بهذا ، و عوض ذلك يوجّه تهما شنيعة و سخيفة بأنّ الحزب الشيوعي الثوري يقترف " الإقتصادوية الإمبريالية " و الشوفينية ، و هذا تعبير آخر عن نظرة آجيث التى تخلط القومية و الشيوعية و التى تؤدّى به إلى التذيّل للرجعيين و الإمبرياليين و مساندتهم بإسم " الأممية " – وهو شيء رفض الحزب الشيوعي الثوري صراحة و عن حقّ تماما القيام به .
14- الإيديولوجيا الشيوعية فى البلدان المضطهَدَة يجب أن تكون أيضا الشيوعية و ليس القومية :
لقد قلنا إنّ الشيوعيين يجب أن يمثّلوا الشيوعية و ليس أساسا " تقاليد الأمّة التقدّيمة و الديمقراطية " ، و هذا صحيح كذلك فى البلدان المضطهدَة بالرغم من كون المسألة فى هذه الحال نوعا ما أعقد .
قوميّة القوى الإمبريالية التى تضطهد أمما أخرى قوميّة رجعيّة . (78) ففى البلدان المضطهَدَة ( و أيضا فى حال الأمم المضطهَدَة أو الأقلّيات القوميّة ضمن حدود البلدان الإمبريالية ) ، الوضع مختلف ، على وجه الدقّة لأنّها تتعرّض للإضطهاد القومي . فى هذا الوضع ، يمكن للقوميّة أن تلعب دورا تقدّميّا و حتى ثوريّا شريطة توجّجها ضد المضطهِدين و ليس ضد الجماهير المضطهَدة للبلد المضطهِد و لبلدان أخرى ، أو ضد القوميّات المضطهَدَة التى توجد كذلك ضمن عديد البلدان المضطهَدة ( مثلما هو الحال بالنسبة للشعوب الأصليّة فى المكسيك و غالبيّة أمريكا اللاتينية ) .
و مع ذلك ، ينبغى أن تقود الشيوعية و ليس القوميّة ( بما فى ذلك أقلمة الشيوعية مع القومية ) النضال الثوري . تركّز القوميّة فى هذه البلدان بالأساس على إضطهاد البلد و كما رأينا ، ليست حتى قادرة على تجاوز هذا الإضطهاد فى عصر الإمبريالية . لكن هناك كذلك الكثير الذى يحتاج إلى أن نقاتله ونتخطّاه : إضطهاد النساء ، إستغلال العمل المأجور ، تحطيم البيئة ، إضطهاد أناس لهم نزعات جنسيّة مختلفة ، إضطهاد القوميّات فى صفوف البلد المضطهَد ، و التناقض بين العمل الفكري والعمل اليدوي إلخ . وحدها الشيوعية توفّر لنا فهما علميّا لترابط كافة هذه التناقضات فى العالم الحقيقي و كيف يمكن لها و لغيرها و قد تمّ تجاوزها فى خضمّ النضال الثوري نحو تحرير الإنسانيّة قاطبة .
و فى ما يتعلّق بالإضطهاد القومي فى بلدان ما يسمّى " بالعالم الثالث " ، أفكار الدونية القوميّة – التى تروّج لها الطبقات الحاكمة و التى تنهض كذلك على الواقع المادي للهيمنة الإمبريالية و اللامساواة المنتشرة فى العالم – هي عموما مشكل فى صفوف فئات هامة من الجماهير وفى المكسيك مثلا ، يتمّ التعبير عنها ، فى إعتقاد تفوّق الولايات المتّحدة ، فى أفكار أنّ أغنياء البلد المجاور جذورهم ضاربة لدى أناس أّذكى و أكثر إجتهادا أو فى التعليم هناك ، و كذلك مسألة " ما الخطأ فينا نحن المكسيكيين ؟" . من الأساسي أن نقاتل هذه الأفكار و أن نبيّن ، ضمن أشياء أخرى ، أن أغنياء الإمبريالية الأمريكية جذورهم ضاربة فى إستعباد شعب السود و المجازر الجماعيّة للهنود الحمر ، وحروبهم الإستعماريّة و الإستغلال الإمبريالي لأنحاء كبرى من العالم ، و ليس فى بعض خصوصيّات السكّان هناك . مشكل الأفكار الدونيّة القوميّة هو المشكل الوحيد الذى يشير إليه آجيث . لكن هناك مشكل آخر .
فالقوميّة تلعب أيضا دورا سلبيّا من عدّة نواحى . و هذا أكثر بداهة ( أو يجب أن يكون أكثر بداهة ) عندما تفرض إضطهاد آخرين . ولنستعمل مرّة أخرى مثال المكسيك أين تتّخذ القومية المكسيكيّة كذلك تعبيرات رجعيّة تخدم الإضطهاد القومي و العنصريّة ضد مختلف قوميّات السكّان الأصليّين ، و المكسيكيين من أصول أفريقيّة و السود عامة ، و الصينيين و اليهود إلخ . و من الضروري أن نخوض الصراع الإيديولوجي ضد هذه الأفكار الرجعيّة فى صفوف الجماهير .
و تعبير أكثر تناقضا للقومية يلخّص فى لقب يطلق على سكّان الولايات المتّحدة " المجانين السخفاء " وهو فى الكثير من الأحيان ردّ فعل ، على الأقلّ فى جانب منه ، على هيمنة الإمبريالية الأمريكية على المكسيك . هذا من جهة و لكن من الجهة الأخرى ، لا يميّز بين الطبقة الرأسماليّة الإستغلاليّة فى الولايات المتّحدة و البروليتاريا و أوسع الجماهير المستغلّة و المضطهَدَة على الجانب الآخر من الحدود . و فى مسار توحيد الناس ضد الإمبرياليين و الطبقات الحاكمة الأخرى ، من الأساسي أن نخوض الصراع الإيديولوجي هنا أيضا . و من المفارقة أنّ المعارضة القوميّة للإمبريالية الأمريكية غالبا ما تنتهى إلى الإستسلام إليها ، و من ضمن عديد الأسباب ، سبب المغالاة فى التراص المفترض و عدم فهم إمكانيّة صياغة وحدة ثوريّة بين البروليتاريا و الجماهير المضطهَدَة فى كلا النوعين من البلدان و الحاجة إليها .
و ختاما ، ينكر آجيث مشكلا هاما إنكرارا محوريّا ألا وهو أنّ الطبقات الحاكمة للبلدان المضطهَدَة تستعمل كذلك القوميّة لتحاول أن توحّد جميع الطبقات تحت قيادتها ، مبرّرة كلّ سياساتها بإسم " ما هو جيّد للمكسيك " ( أو الهند أو أي بلد كان ) . و هذا هو ببساطة عادة خطاب عملاء الإمبريالية . و مع ذلك ، هناك حالات تشمل أيضا ممثّلين متنوّعين للبرجوازية الكبيرة و الرجعيين الآخرين فى البلدان المضطهَدَة الذين دون الخروج عن النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي ، يتناقضون مع قوّة إمبرياليّة أو أكثر فى السعي وراء مصالحهم الطبقيّة الخاصة : مثلا ، هوغو تشافيز فى فنيزويلا و صدّام حسين فى لحظة معيّنة و القاعدة و الجهاديين من نوع طالبان ، ضمن آخرين . و عندما يحدث هذا ، مجموعة كاملة من الشيوعيين المفترضين عادة ما يتوجّهون إلى العمل فى ظلّ جناح البرجوازية الكبرى و القوى الرجعيّة الأخرى ، بتبرير مفترض هو النضال ضد الإمبريالية . و قد جدّ شيء مشابه فى المكسيك مع إرتهان الحزب الشيوعي للمكسيك القديم للازارو كرديناس فى ثلاثينات القرن العشرين أو الإفتتان الحالى بتنوّع من الماركسيين المفترضين مع أندرياس مانوال لوباز أو برادور (79) . و آجيث ، كما أشرنا ، يتذيّل للتأثير الأصوليين الإسلاميين المفترض أنّه " معادي للإمبريالية ".
الأمثلة متعدّدة ومتباينة جدّا إلاّ أنّ فكرة الحاجة إلى تذيّل القوى الثوريّة ، بطريقة أو أخرى ، قد قادت على الدوام إلى تصفية الثورة الشيوعية و إلى الحكم على المضطهَدين بأن يظلّوا مضطهَدين . و التقدّم نحو إنتصار الثورة البروليتارية قد يتطلّب و قد لا يتطلّب تحالفات معيّنة مع القوى الرجعيّة فى زمن معيّن ، لكنّه يتطلّب على الدوام الصراع من أجل قيادة الحزب الشيوعي ، و ليس التذيّل للقوى الطبقيّة الأخرى ، كما تُنادى بذلك أقلمة الشيوعية مع القومية .
لعلّ حجّة آجيث الأكثر " وجاهة " هي الجملة التالية لماو تسى تونغ : " إذا إنتصرت الصين و دحرت الإمبرياليين الغزاة تكون قد قدّمت بذلك عونا إلى شعوب البلدان الأخرى " (80 ).
و الجملة الأولى غالبا ما يقع محوها لأنّ التدريب على الأمميّة ليس بالذات من دوافع هذه القوى فى إستخدام المقولة ، بالضبط مثلما لا يروّجون لتصريحات أخرى لماو والحزب الشيوعي الصيني من مثل: " و فيما يختص بالمسألة القومية فإن نظرة الحزب البروليتاري إلى العالم هي الأممية لا القومية." (81)
المشكل مع هذه الصيغة لماو حول الوطنيّة هي أنّها خلط بين الإيديولوجيا الأممية و البرنامج السياسي : فى الحال الملموس ، مسؤوليّة الحزب الشيوعي فى قيادة حرب التحرير الوطني ضد غزو الإمبريالية اليابانيّة للصين . سياسيّا ، كان من الصحيح و الضروري للغاية قيادة تلك الحرب ، و بالمعنى الجوهري لم يقدها ماو بمقاربة قوميّة بل بالأحرى بمقاربة أمميّة و من ذلك التأكيد على الوحدة بين الشعب الياباني و الشيوعيين رغم أنّ معارضة الحرب العدوانيّة فى اليابان كانت غاية فى الضعف ؛ و القتال من أجل معاملة كريمة للسجناء اليابانيين و للقيام بالعمل السياسي معهم ؛ و الإشارة إلى مساهمة هذه الحرب فى مساعدة " شعوب البلدان الأخرى " ، ضمن أشياء أخرى .
" أفضل " تأويل للمقولة هو أنّ ماو يتحدّث عن " تطبيق " الإيديولوجيا الأممية على البرنامج السياسي لخوض حرب عادلة للتحرير الوطني . ومع ذلك ، ليست الوطنيّة محدّدة فى مسألة مساندة و خوض الحروب العادلة . لها أيضا مكوّن إيديولوجي و كإيديولوجيا هي القوميّة ، نظرة تقارب العالم و تفهمه من وجهة نظر الأمّة و المصالح القوميّة . و هذا المشكل لا نجده فقط فى هذه المقولة بل بالأحرى مثلما أشار إلى ذلك أفاكيان : " من المنصف قول إنّه لم يعترف بالتناقض بين أن نكون أمميّين و فى نفس الوقت نحاول أن نكون ممثّلى أعلى مصالح الأمّة " ( 82).
و عدم الإعتراف بالتناقض خطأ ثانوي لكنّه هام ضمن الموقف الأممى العام لماو تسى تونغ . والتأكيد على أنّه لا وجود لتناقض يفضى بالضرورة إلى أقلمة الشيوعية مع القوميّة . و يؤكّد آجيث أنّ هذا التمييز يعنى تجنّب المسألة الإيديولوجية التى يطرحها ماو " أن يكون المرء وطنيّا على أساس إيديولوجي أممي " (83)
جواهر من الإنتقائيّة ! كما رأينا ، بالنسبة لآجيث ، الأمميّة مسألة إيديولوجيّة لا يجب خلطها مع الطابع القومي للبروليتاريا إلخ إلخ . و الآن " أن يكون المرء وطنيّا " يغدو أيضا مسألة إيديولوجيا. الإضافة الإنتقائيّة ل " على أساس إيديولوجي أممي " لا تخدم سوى حجب و طمس النقطة الأساسية لما يقوله : " أن يكون المرء وطنيّا " مسألة إيديولوجيا " و " أن يكون المرء وطنيّا " جزء من الإيديولوجيا الشيوعية ؛ و هكذا هذه الإيديولوجيا تتحوّل ، فى تأويل آجيث و آخرين ، إلى خليط إنتقائي للقوميّة و الأممية الشيوعية .
فى رأي آجيث ، للخلاصة الجديدة للشيوعية " مفهوم مطلق ، نقي للأممية البروليتارية " (84) . هل علينا إذن أن نمتلك " مفهوما " نسبيّا ، مغشوشا للأممية البروليتارية مختلطا مع القومية ؟
مثلما أشرنا عدّة مرّات و شرحنا بأمثلة من الفتنام و نيكاراغوا و النيبال و غيرها ، خلط من هذا القبيل للشيوعية مع القومية لا يتجاوز حدود النظام الرأسمالي – الإمبريالي الراهن وهو بالتالى غير قادر على تحرير الشعب ، و فى النهاية تحرير الإنسانيّة ، مهما كانت النوايا الذاتيّة للمدافعين عنه . فى حين أنّ الشيوعية التى هي أمميّة قادرة على إنجاز ذلك .
15- التغيير التاريخي – العالمي من النظام الرأسمالي – الإمبريالي إلى النظام الشيوعي العالمي :
لا يمكن بلوغ الشيوعية فى العالم ككلّ و لم تكن السيرورة التاريخية – العالمية للتغيير الثوري من النظام الرأسمالي – الإمبريالي الراهن إلى النظام الشيوعي العالمي المستقبلي ، و ليست و لن تكون سيرورة ببساطة خطّية فيها يتقدّم كلّ بلد بصورة منفصلة صوب الشيوعية . و بالعكس ، هي : " سيرورة مديدة و متعرّجة من التغيير الثوري يكون فيها تطوّر غير متكافئ و إفتكاك للسلطة فى بلدان وأوقات مختلفة و تداخل جدلي معقّد بين النضالات الثوريّة و تثوير المجتمع فى مختلف هذه البلدان ...". و من أجل التقدّم نحو الهدف الشيوعي ، من المركزي القطيعة ، عند إفتكاك سلطة الدولة ، مع النظام الرأسمالي-الإمبريالي العالمي ، لكن الإشتراكية فى مختلف البلدان ، كجزء من الإنتقال إلى الشيوعية ، توجد فى عالم لا يزال يهيمن عليه النظام الرأسمالي – الإمبريالي و لهذا و لغيره من الأسباب ، تتطوّر كجزء من علاقة جدليّة " فيها المجال العالمي هو الحاسم جوهريّا وفى آخر المطاف ، بينما يمثّل التفاعل المتبادل و الدعم المتبادل بين نضالات البروليتاريين فى بلدان مختلفة العلاقة المفتاح فى التغيير الجوهري للعالم قاطبة . " (85).
و مثلما يشير ماركس " هذه الإشتراكية إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتورية الطبقية للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه " (86) .
مع أعظم مساهمات ماو تسى تونغ – نظريّة و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا – تمّ بلوغ فهم أعمق بكثير للحاجة إلى إلغاء هذه " الكلّ الأربعة " : الإختلافات بين الطبقات و علاقات الإنتاج و العلاقات الإجتماعية و الأفكار الموروثة عن المجتمع القديم التى تظلّ موجودة جزئيّا و يعاد إنتاجها بعد مشركة القاعدة الإقتصاديّة . و يستمرّ الصراع الطبقي طوال كامل الفترة التاريخيّة للإشتراكية ، و يتركّز بدرجة كبيرة فى الصراع حول تحديد أم توسيع اللامساواة و العلاقات و الأفكار المختلفة الباقية بعدُ و التى يعاد إنتاجها فى المجتمع الجديد . و أكثر من ذلك ، إكتشف ماو و رفاقه أنّ الوقوف وسط هذا الطريق سيؤدّى حتما إلى إعادة تركيز الرأسمالية .
و على الرغم من كون التجربة قد بيّنت أنّه من الممكن تركيز الإشتراكيّة فى بلد واحد ، هل سيكون من الممكن الإستمرار على الطريق الإشتراكي – أي الإستمرار فى هذه التغييرات – إلى ما لا نهاية له دون تحرير أجزاء أخرى من العالم ؟ لا . قسم كبير من العلاقات و الأفكار التى تحتاج إلى التغيير ( " الكلّ الأربعة " ) لا توجد ضمن حدود بلد معيّن بل بالأحرى على نطاق عالمي ، فى النظام الرأسمالي – الإمبريالي . بطريقة مشابهة لكيف أنّ الإخفاق فى الإستمرار فى تغيير " الكلّ الأربعة " ضمن بلد إشتراكي سينتهى إلى تعزيز أساس وقوى إعادة تركيز الرأسمالية و يفضى إلى إعادة تركيز الرأسمالية ، فإنّ الإخفاق فى مواصلة مزيد تغيير العالم بواسطة تقدّم الثورة الشيوعية العالمية سيعزّز قوى إعادة تركيزالرأسمالية و خطر إعادة تركيز الرأسمالية .
لذلك نبّه أفاكيان إلى أنّ هناك حدّ ... لمدى التمكّن من المضيّ قدما فى تغيير القاعدة و البنية الفوقيّة ضمن البلد الإشتراكي دون القيام بمزيد التقدّم فى كسب المزيد من العالم و تغييره ، ليس بمعنى كسب المزيد من الموارد أو الناس كما يفعل الإمبرياليّون ، بل بمعنى إنجاز تغييرات ثوريّة ... على حدّ فهمى مردّ هذا قبل كل شيء إلى أن هناك التأثير الإيديولوجي و أيضا الضغط الفعلي العسكري و السياسي للحصار الإمبريالي . لكن هناك أيضا واقع أنّ هذا هو عصر سيرورة عالميّة واحدة و لهذا أساس مادي، ليس مجرد فكرة . ما يمكن أن يكون عقلانيّا بمعنى الإنتاج ، حتى و إستعمال قوّة العمل و الموارد ضمن بلد واحد ، و تجاوز نقطة معيّنة ، بينما قد يبدو ذلك عقلانيّا لذلك البلد ، هو غير عقلاني إذا نظرنا إليه عمليّا من الصعيد العالمي " . (87)
فى هذا الإطار ، كيف يمكن تفسير إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين بعد تقريبا ثلاثين سنة من الإشتراكية و عشر سنوات من الثورة الثقافيّة ؟ صحيح أنّه وُجدت أخطاء ثانويّة فى الخطّ و المنهج و صحيح أنّه وُجدت صعوبات موضوعيّة نسبيّة داخليّة فى الصين ، لكن على أهمّية هذه العوامل فى الواقع لا يمكن فهم هذا فهما صحيحا دون أن نأخذ بعين الإعتبار المجال العالمي و بوجه خاص الإطار غير المناسب للعوامل العالمية التى حدث فى إطارها الإنقلاب . لم تكن إعادة تركيز الرأسماليّة فى الصين ( وفى الإتحاد السوفياتي قبل ذلك ) مجرّد مسألة صينيّة داخليّة – فى الأساس هَزَمت البرجوازية العالمية الإشتراكية ، هذه البرجوازية العالمية التى لا تزال بعدُ أقوى بكثير فى عالميّا .
و بفعل نظرته القوميّة الضيّقة ، آجيث إمّا لم يفهم و إمّا ليس مهتمّا بفهم المشكل الموضوعي أي الترابط بين التثوير المستمرّ للإشتراكية فى البلد أو البلدان الإشتراكية من جهة و تقدّم الثورة فى أجزاء أخرى من العالم . و لا يفهم كذلك حجة أفاكيان أنّ هناك حدّ نسبيّ لتقدّم بلد إشتراكي دون بلوغ مزيد التقدّم فى الثورة العالمية ، بإفتكاك السلطة فى أماكن أخرى . ببساطة ، يتّهم آجيث أفاكيان بإرادة فرض العقلانية الإقتصادية البرجوازية وهو شيء جدّ عبثيّ على ضء أعمال أفاكيان و نقده على وجه الضبط لذلك الخطّ فى التجربتين الصينيّة و السوفياتية ، إلى درجة كونه لا يستحقّ حتى إجابة عليه .
ثمّ يصرّح آجيث " للمساهمة فى الثورة العالمية و للعمل كقاعدة لها ، لا تستطيع البروليتاريا المظفّرة و لا يجب عليها أن تتخذ ما هو الأفضل على " النطاق العالمي " معيارا لها ... فترة زمنية طويلة ، ينبغى على البروليتاريا أن تعالج مهام الإنتاج فى المصاف الأوّل " على النطاق القومي " . يجب عليها أن تجتهد من أجل أن تعوّل البلاد ككلّ و جهاتها على ذاتها كمسألة مبدئية . بالمعنى الإقتصادي الضيّق ( البرجوازي ) سيكون هذا غير معقول ، إهدارا للموارد . بنظرته ، حتى إستعمال معقول للموارد داخل البلد يمكن أن يصبح غير ضروري و غير معقول من وجهة نظر الإقتصاد العالمي ( " النطاق العالمي " لأفاكيان ) . و من وجهة النظر البعيدة المدى للثورة البروليتارية ، من أجل تجاوز اللاتكافئ و القضاء عليه فى العالم حتى يغدو كلّ شيء متساويا و بالتالي تخلق الأرضية المواتية للتقدّم نحو الشيوعية ، سيكون معقولا بصورة فائقة . " (88)
يحدّثنا آجيث عن أنّ " ما هو أفضل على " النطاق العالمي " سيكون حتما عقلانيّة إقتصاديّة ضيّقة " لماذا ؟ لأنّ البرجوازية تقول ذلك ؟ لن نقدّم أيّة خدمة للثورة البروليتارية العالمية بالتأكيد على أنّ " ما هو أفضل على " النطاق العالمي " هو العقلانية الإقتصادية البرجوازية المحكومة بالربح الأقصى و نظريّتها ل " مقاربة الإمتيازات " . لنأخذ ، على سبيل المثال ، مشكلا يتهدّد ذات مستقبل الكوكب و النوع البشري ألا وهو إرتفاع حرارة كوكبنا بحكم إستعمال الوقود الأحفوري ( الفنط و الغاز الطبيعي و الحم الحجري ) و العقلانيّة البرجوازية للربح الأقصى تطالب بمواصلة إستعمالها إلى أن يتمّ تحطيم الكوكب وعديد أشكال الحياة الأخرى ، إن لم يتم تحطيم الإنسانيّة أيضا . أليس بديهيّا أنّ هذا ليس " ما هو أفضل على " النطاق العالمي " و أنّ " معالجة مهام الإنتاج أوّليّا على " النطاق القومي " كما يقترح آجيث لن تسوّى هذا المشكل ؟ يمكن لبلد إشتراكي ( و برأينا يجب عليه بأسرع ما يمكن ) أن يوقف إستخدام الوقود الأحفوري لكن أفعال بلد واحد ( أو حتّى عدّة بلدان) لن توقف السباق نحو كارثة عالميّة . بصدد هذه المسألة و غيرها من المسائل ، ينبغى على البروليتاريا المظفّرة أن تنطلق من ما هو أفضل على النطاق العالمي و بصورة إستعجاليّة تنادى إلى توحيد العلماء و الناس حول العالم ليعملوا معا مع البلد الإشتراكي أو البلدان الإشتراكية ضد إرتفاع حرارة الكوكب على نحو يخدم أيضا التسريع فى الثورة العالمية ، و هذا أساسي لمعالجة جذور هذا المشكل و مشاكل أخرى عديدة .
و بشأن مشكلة كيفيّة تجاوز اللامساواة العميقة بين البلدان الإمبريالية و البلدان المضطَهَدة فى العالم ، يقترح آجيث أساسا ، فى ما إستشهدنا به ، أن كلاهما ، بعد تركيز الإشتراكية ، ينبغى أن يمارس التعويل على الذات . إن فكّرنا قليلا فى العالم الحقيقي ، ينبغى أن يكون بديهيّا أنّه حتّى بإلغاء إستغلال بلدان أخرى بفضل الثورة الإشتراكية ، إن مارس كلا من البلدان الإمبريالية السابقة و البلدان المضطهَدَة سابقا ببساطة التعويل على الذات ، على الأرجح أنّها لن " تصبح متساوية " بل بالعكس سيتّسع البون بينها – لأنّه بقدر ما تكون البلدان أكثر تطوّرا من المرجّح أكثر أنّها ستمتلك بعدُ أكثر قوى إنتاج وأكثر تقنية و أخصّائيين مدرّبين إلخ . التعويل على الذات مبدأ أساسي إلاّ أنّه مبدأ نسبيّ . ففى الصين الإشتراكيّة مثلا، لم يقع التشديد ببساطة على أن تمارس كلّ منطقة بشكل متساوي التعويل على الذات ، الشيء الذى كان سيؤدّى إلى توسيع و ليس إلى تقليص الإختلافات الكبرى بين المدينة و الريف و منطقة و أخرى . لقد أعطوا الأولويّة لتوجيه الموارد إلى الريف و المناطق و القوميّات الأقلّ تطوّرا بالذات لأجل تخطّى اللامساواة تدريجيّا . و المقارنة الأساسية عينها ستكون مركزيّة لردم الفجوة بين البلدان المضطهَدَة سابقا والبلدان الإمبريالية سابقا . وهذا سيقتضى النظر إلى الأشياء على المستوى العالمي و ليس مجرّد النظر إليها على المستوى القومي الذى يريد آجيث التمسّك به.
لا ترى الديمقراطية البرجوازية و القومية أبعد من المساواة الشكليّة . غير أنّ المساواة الشكليّة تفرز لامساواة فى العالم الحقيقي لأنّ نفس المعيار يطبّق على الناس و الأمم إلخ الذين يجدوا أنفسهم فى ظروف متباينة . و لأجل تخطّى عدم التوازن و اللامساواة الهائلين الذين نجما عن هذا النظام ، فإنّ معالجة لامتساوية تميّز الذين كانوا منبوذين بالأمس مطلوبة : الفقراء و النساء و الأقلّيات التى تمّ التمييز ضدّها ،و نعم ، البلدان المضطهَدَة منطلقين ، نعم ، من " ما هو أفضل على النطاق العالمي " للبروليتاريا والغالبيّة العظمى من الإنسانية .
إنّ " دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى أمريكا الشماليّة ( مشروع مقترح ) " الذى صاغه الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية وثيقة إستفزازية و ملهمة فى هذا و بعدّة معانى أخرى و السيّد آجيث يتوغّل عميقا جدّا فى ماء فكري كماء الصرف الصحّي محاولا إتهام الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة لأمريكية و أفاكيان ب " التوسّعيّة " و بنيّة مبيّتة للإستيلاء على مناطق مكسيكيّة . و دليله المفترض على ذلك هو " صيغة " شمال أمريكا " ، إلى جانب الإشارة إلى التراب المحرّر من " الرجعيين الآخرين " تدلّ على أنّ الدولة الجديدة يمكن كذلك أن تتوسّع إلى ما وراء المنطقة الترابية الحالية للولايات المتحدة الأمريكية ." ( 89) و خاصة إلى المكسيك لأنّه هناك ، حسب منطقه الغريب ، سيوجد " رجعيّون آخرون ".
منتهى الحدود التى يمكن للإنتهازيّة القوميةّ الذهاب إليها أقلّ بقليل من مذهلة . على ما يبدو لم يستطع آجيث حتى تصوّر المعنى و النيّة الحقيقيين لإسم " الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة فى أمريكا الشمالية " ، و هذا ضمن أشياء أخرى تنصّل من الشوفينيّة الكامنة فى إسم " الولايات المتحدة الأمريكية " ، كما لوأنّ الولايات المتحدة تشمل كافة القارة الأمريكية .
و فضلا عن ذلك ، ألا يفهم السيّد آجيث حقّا أنّ فى الولايات المتحدة كما فى كلّ البلدان ، هناك أيضا رجعيّون ليسوا تحديدا أعضاء أو ممثّلين مباشرة للطبقات الحاكمة ؟ أليس قادرا على القراءة فى ذات الفقرة التى إقتطفها بإنتقائية أنّها تتحدّث عن " إنتصار الثورة التى ستضع نهاية للإمبريالية الأمريكية و تعوّضها بمجتمع إشتراكي ثوري جديد ؟ (90 ) لكنّه لم يكن عليه أن يضارب بهذا الصدد ، فقط كان من الضروري أن يقرأ ما كانت الوثيقة تقوله فعلا عن العلاقات مع المكسيك و السياسة تجاه جنوب غرب الولايات المتّحدة الذى كان قبل حرب 1846-1848 جزء من المكسيك . إنّه يؤكّد ، ضمن أشياء أخرى ، أنّه بإعتبار الوضع فى المنطقة و العالم ، " فى هذا الإطار العام و كذلك مع أخذ مشاعر سكّان تلك الجهة و طموحاتهم ، لا سيما ذوى الأصول المكسيكية و نسلهم ، مسألة تركيز من عدمه فى أجزاء من هذه الجهة لبلد منفصل عن كلّ من المكسيك و الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، يجب أن تتولاّها الحكومة ... على كلّ حال ، ضمن هذه الجهة - أو جزء منها يظلّ ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا - يجب الإعتراف بحقّ الحكم الذاتي للمكسيكيين- الأمريكيين و يجب التعاطى معه إنطلاقا من المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الباب و فى هذا الدستور ككلّ." (91)
و مفاد هذا أنّ آجيث يريد أن يجعلنا نعتقد أنّ برنامجا يرتئى حتّى التخلّى عن جزء من التراب الحالي من الولايات المتحدة لصالح المكسيك أو بلد جديد يتشكّل تاريخيّا فى المنطقة ، مرتبطا بالمكسيك " وصفة خطيرة للتوسّعيّة " (92) لسرقة مناطق من المكسيك !
و علاوة على تبيان إنتهازيّة آجيث ، يبيّن هذا عدم قدرة التحريفيّة القوميّة على التمييز بين الطبقة الحاكمة فى الولايات المتحدة ، من جهة و البروليتاريا و حزبها الشيوعي من الجهة الأخرى ، وهو أمر سنعلّق عليه ، آخذين حرّية إعادة صياغة جمل للينين بأنّه إن إنجرف ماركسي من "العالم الثالث " " فى تيار حقد مشروع و طبيعي تماما على " الإمبريالية الأمريكية " إلى حدّ أن يكنّ و لو قدرا طفيفا جدّا من الحقد ، و لو شعورا من البرودة ، لثقافة العمّال " فى الولايات المتّحدة " فإن هذا الماركسي ينزلق بالتالى فى مستنقع التعصّب القومي البرجوازي . " و كذلك ، الماركسيّون فى الولايات المتّحدة أو أي بلد إمبريالي سينجرفون ليس إلى المستنقع البرجوازي القومي وحسب بل سيصبحوا أيضا " قوميين مناهضين للثورة بعمق " إذا نسوا لحظة واحدة " واجبهم فى دعم قضيّة التحرّر الوطني فى بلدان تضطهدها الإمبريالية .( 93 ).
و مساهمة أخرى لبوب أفاكيان أهمّيتها عظيمة لفهم أكثر علميّة لسيرورة الثورة الشيوعية العالمية هي الإعتراف بوجود تناقض بين تقدّم الثورة العالمية و الدفاع عن الإشتراكية فى بلد معيّن ( أو مصالح الدولة القوميّة فى ظلّ الإشتراكيّة ) . و على الرغم من كون هذا التناقض لا ينبغى بالضرورة أن يكون عدائيّا ، قد صار حادا جدّا فى الماضي و بلا شكّ سيتكرّر هذا من جديد لمّا يتمّ تركيز بلدان إشتراكيّة جديدة . من المهمّ جدّا الدفاع عن الإشتراكيّة حيثما توجد لكن ، فى الأساس و كجزء من الكلّ ، ربط الدفاع عن البلد ( أو البلدان ) الإشتراكية بتقدّم الثورة العالميةّ . و لهذا كذلك صلة بما علّقنا عليه آنفا بشأن الحدود النسبيّة للتغيير الثوري فى بلدان إشتراكية دون تقدّم أكبر على المستوى العالمي . البلدان الإشتراكية ، عندما توجد ، يجب أن تكون فوق كلّ شيء قواعد إرتكاز للثورة الشيوعية العالمية .
فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية ، لم يفهم هذا التناقض ، و بالفعل فى عدة مناسبات كانت الثورة العالمية فى تبعيّة للدفاع عن الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي و لاحقا فى الصين ، ما تسبّب أو ساهم جدّيا فى أخطاء رمت عرض الحائط حتى بفرص ثوريّة لا سيما أثناء الحرب العالمية الثانية و نتائجها . و هذا موضوع معقّد و واسع لن نخصّه هنا بأكثر من ملاحظة أنّه بالرغم من كون آجيث يقبل شكليّا بوجود خطإ جعل الثورة العالمية فى تبعيّة للدفاع عن الإتحاد السوفياتي قبل الحرب العالمية الثانية و خلالها و بعدها ، فهو يدافع ساسا ( ب " لكن " الإنتقائيّة المميّزة له ) عن الإنحرافات العميقة بإتجاه القوميّة و الديمقراطية البرجوازيّة ل " الجبهة المتّحدة ضد الفاشيّة " و التى تعود جذورها إلى ذلك الخطإ و قد أهدرت إمكانيّات تقدّم و حتى إنتصار الثورة فى عدد من البلدان .
إنّ توجّه آجيث القوميّ توجّه غير ثوري فهو يذهب بعيدا إلى حدّ قول :
" و النضال الذى تخوضه دولة إشتراكية فى الحقل الدبلوماسي جزء هام من الثورة العالمية . لا ينبغى أن ننسى أبدا أن الدولة الإشتراكية ستكون الأداة الأساسية التى عبرها تتمكّن البروليتاريا من التدخّل على المستوى العالمي ، إلى أن تبلغ الثورة العالمية مستوى عاليا . " (94)
لا . آجيث . الدبلوماسيّة الإشتراكية جزء ضروري من الثورة العالمية بيد أنّ " الأداة الأساسيّة التى عبرها تتمكّن البروليتاريا من التدخّل على المستوى العالمي " كانت و لا تزال الثورة . بالنسبة لكلّ من هو قادر على نزع غمامات القوميّة للنظر إلى العالم بلدا فبلدا ، منالبديهي أن لثورة أكتوبر و الثورة الصينية و الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى تأثير عالمي هائل أكبر بكثير حتى من أفضل التدخّلات الدبلوماسيّة لتلك البلدان حينما كانت إشتراكية .


16- الشيوعية أم القوميّة ؟
وفى الختام ، ينبغى تذكّر أنّ الأمم المعاصرة – التى هي واقع ملموس فى عالم اليوم – هي ببساطة إفراز للعصر الرأسمالي (95) و أنّه لأجل التجاوز النهائي لهذا العصر و بلوغ الشيوعية سيكون من الضروري معا إلغاء الإضطهاد القومي و فى النهاية تخطّى تقسيم العالم إلى أمم .
إنّ ضيق الأفق القومي الذى يرى العالم " من بلدى فخارجا " و غير القادر على فهم الطبيعة الحقيقيّة للنظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي و السيرورة الحقيقيّة لتغييره الثوري نحو الشيوعية العالمية ،غير قادر على تجاوز حدود الأفق الضيّق للعصر البرجوازي فى النظريّة و بالتالى ، كما بيّنّا ، كذلك غير قادر على تجاوز العلاقات الإضطهاديّة للنظام الرأسمالي - الإمبريالي فى الممارسة .
و الشيوعية ، بالعكس ، بالفهم العلمي للعلاقة الجدلية بين السيرورة العالمية و النضال الثوري فى كلّ بلد و بتشخيصها الصحيح للقاعدة الماديّة فى تناقضات النظام الرأسمالي – الإمبريالي ذاته التى تفرز كلّ من الحاجة و الإمكانية الحقيقيّة لتغييره الثوري بإتجاه الشيوعية ، يمكن و تحتاج إلى أن تقود سيرورة تعبيد الطريق بواسطة نضال عسير و ملتوى من أجل مستقبل مختلف جدّا و أفضل بكثير .
وحدها الشيوعية ، و ليس القومية ، يمكن أن تحرّر الناس و تقود إلى تحرير الإنسانيّة قاطبة . / .
===================================================
الهوامش :
1- " أزتاكا نوتيسياس " ( أخبار أزتاكا ) ، " يموت جوعا 3 ملايين طفل سنويّا " ،
http://www.aztecanoticias.com.mx/capitulos/internacional/151315/3-millones-de-ninos-mueren-de-hambre-al-ano
2- يقدّم رقم تقريبا 2.5 مليون ضحيّة لهذه التجارة لكن يقدّر أيضا أنّه بالنسبة لكلّ شخص يجرى عدّه لا يقع عدّ 20 شخصا ما يعنى جملة حوالي 50 مليون شخص . " التقرير العالمي حول معاملة الأشخاص 2012 " على :
http://www.miguelcarbonell.com/docencia/Informe_mundial_sobre_la_trata_de_personas.shtml
3- من أجل تلخيص موجز للخلاصة الجديدة للشيوعية ، أنظروا بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة ؛ " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة " ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري، شيكاغو 2009 ، وهو متوفّر على موقع :
revcom.us.
و بوب أفاكيان هو الذى تقدّم بهذه الخلاصة الجديدة وهو رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية . و الرابط على الأنترنت هو :
http://revcom.us/Manifesto/index.html
4- ماو تسى تونغ ، " أحاديث فى ندوة الكتّاب العامّين للجان الحزب للمقاطعات و البلديّات و مناطق الحكم الذاتي " ، المؤلّفات المختارة ، المجلّد الخامس ، منشورات باللغات الأجنبيّة ، 1977 ، ص 380.
5- " ضد الأفاكيانيّة " ، مجلّة نكسلباري عدد 4 ، جويلية 2013 ، و على الأنترنت :
http://thenaxalbari.blogspot.com/2013/07/naxalbari-issue-no-4.html
و أيضا على :
https://liberationbase.files.wordpress.com/2013/10/agnstavk-lnkd.pdf
وهذا المقال متوفّر بموقع مجلّة نكسلباري كجزء من المجلّة المذكورة و كملفّ منفصل . هنا نستخدم أرقام صفحات الملفّ المنفصل . عندما كتبنا هذا المقال ، كان آجيث هو الأمين العام للحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري ، الذى شارك فى المبادرة الإنتهازيّة لبعض المجموعات التى إنتمت سابقا إلى الحركة الأممية الثوريّة ، لتشكيل منظّمة عالميّة جديدة مختلفة عن الحركة الأمميّة الثوريّة ، و ما وحّد هذه المجموعات هو موقفها من الخلاصة الجديدة الذى حلّلنا فى مقال " الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي " وهو متوفّر بالأنجليزية و الإسبانيّة على :
https://d83b7796-a-62cb3a1a-ssites.googlegroups.com/site/aurorarojamx/home

(و بالعربيّة ترجمة شادي الشماوي ضمن كتابه " الماوية تنقسم إلى إثنين " بمكتبة الحوار المتمدّن ، و منفصلا على الموقع الفرعي لشادي الشماوي بموقع الحوار المتمدّن ) .
و مذّاك إندمج الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري مع الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) .
6- " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " 2:12 ؛ منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، شيكاغو 2011 ، ص 43-44 . و قد نشر نصّ المقتطف أوّل ما نشر فى كتاب " ماتت الشيوعيّة الزائفة ... عاشت الشيوعية الحقيقيّة " ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، شيكاغو 1992 ( الطبعة الثانية لسنة 2004 ) بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 41 من كتاب شادي الشماوي بذات العنوان اعلاه ( " الأساسي ..." ) وهو متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن .
7- " ضّد الأفاكيانيّة " ، قسم " تشويه الأممية "، ص 24 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 24 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
8- " ضّد الأفاكيانيّة " ، قسم " المسألة الوطنية فى البلدان الإمبريالية " ، ص 35 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 31 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
9- " ضّد الأفاكيانيّة " ، قسم " المهمّة الوطنيّة فى البلدان المضطهَدَة " ص 30 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 27 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
10- " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " 5:8 ، ص 156 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 91 من كتاب شادي الشماوي بذات العنوان اعلاه (" الأساسي ...") وهو متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن .
11- " ضّد الأفاكيانيّة " ، قسم " المسألة الوطنية فى البلدان الإمبريالية " ، ص 35 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 31 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
12- " ضّد الأفاكيانيّة " ، الهامش 71 ، ص 27 بالأنجليزية .
13- الإنتقائيّة ، بهذا المعنى ، مقاربة تسعى إلى توحيد العناصر المتعارضة و التوفيق بينها : فى هذه الحال ، الشيوعية التى هي أمميّة و القومية . وهي كذلك تحيل على خطإ وضع مظهري ظاهرة واحدة على قدم المساواة دون تحديد ما هو المظهر الرئيسي ، ما يحجب الطابع الأساسي للظاهرة . مثلا ، "النظام الرأسمالي – الإمبريالي يستغلّ و يضطهد الشعوب لكنّه يطوّر قوى الإنتاج أيضا ". كلا المظهران صحيحان لكنّ الرئيسي هو طبيعته الإستغلالية و الإضطهادية . و قد أشار بوب أفاكيان إلى أنّ " لكافة المقاربة الإنتقائيّة نفس الطابع و التأثير الأساسيين : إنّها تخدم خلط الأمور و إنكار المظهر الرئيسي و جوهر الأشياء و تقوّضه " ( " الأزمة " فى الفيزياء و " الأزمة " فى الفلسفة و السياسة " ، جريد " الثورة " عدد 161 ، متوفّرة على رابط الأنترنت التالي :
http://demarcations-journal.org/issue01/crisis_in_physics.html

14- " التحدّيات أمام الماويين " ، مجلّة نكسلباري عدد 4 ، جويلية 2013 ، ص 4 .
15- كارل ماركس – " رأس المال " ، المجلّد 1 ، الفصل 31 : " نشأة رأس المال الصناعي " ، دار التقدّم ، موسكو ص 527 بالأنجليزية .
16- " إنتحار 17.368 مزارعا فى 2009 " ، الهندي ، 27 ديسمبر 2010 ،
http://www.thehindu.com/opinion/columns/sainath/article995824.ece?homepage=true

17- أنظروا ريموند لوتا ، " حول " القوّة المحرّكة للفوضى" و ديناميكيّة التغيير "، جريدة " الثورة " عدد 323 بموقع :
revcom.us
و كذلك على الرابط :
http://demarcations-journal.org/issue03/driving_force_of_anarchy_and_dynamics_of_ change_polemic.pdf
18- " ضّد الأفاكيانيّة " ، قسم " المهمّة الوطنية فى البلدان الأمضطهَدة " ، ص 30 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 27 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
19- التناقض الأساسي للرأسمالية هو التناقض بين الإنتاج ذى الطباع الإجتماعي و التملّك الخاص الرأسمالي.
20- " ضّد الأفاكيانيّة " ، قسم " المهمّة الوطنية فى البلدان المضطهَدة " ، ص 40 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 27 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
21- ماو تسى تونغ ، " حول الديمقراطية الجديدة " ، الجزء الرابع من " الثورة الصينية جزء من الثورة العالمية "، مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الثاني ، منشورات باللغات الأجنبيّة ، بيكين 1965، ص 343 بالأنجليزية و بالعربية ، ص 479 .
22- " ضّد الأفاكيانيّة " ، قسم " الصراع صلب الحركة الأممية الثوريّة " ، ص 92 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 72-73 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
23- روبار بوربا ، " الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و مفترق الطرق الذى تواجهه الحركة الشيوعية العالمية " ، مجلّة " تمايزات " ، أفريل 2014 ، متوفّر على الأنترنت على الرابط التالي :
http://demarcationsjournal.
org/issue03/the_new_communist_party_of_nepal_maoist_and_the_crossroads.htm
24- ج. ستالين ، " أسس اللينينينة " ، القسم الثالث " النظرية " ، منشورات باللغات الأجنبية ، بيكن 1976 ، ص 26 بالأنجليزية ؛ وبالعربية ص 39 ( طبعة الشركة اللبنانية للكتاب ) .
25- الرأسمالية البيروقراطية فى البلدان المضطَهَدة رأسمالية تابعة للإمبريالية و عادة مرتبطة بالإقطاعية و شبه الإقطاعية و علاقات أخرى ما قبل رأسمالية . إنّها رأسماليةمشوّهةإلى درجة كبيرةو تابعة لمراكز المراكمة فى البلدان الإمبريالية . مثلا ، ينتج العمّال التقنيّون فى الهند برامج كمبيوتر بخسة الثمن للبلدان الإمبريالية فى حين أنّ الفلاّحين ينتحرون يأسا لأنّهملميقدروا على إعالة أسرهم ؛ و الشركات المتعدّدة الجنسيّات مثل باير تصنّع منتوجات صيدليّة فى معامل عالية الأتمتة فى المكسيك ، أهمّ مصدّر للمواد الصيدليّة فى أمريكا اللاتينية ، فى حين يقدّر أنّ 13 مليون طفل مكسيكي قد ماتوا جراء أمراض يمكن علاجها و جراء سوء التغذية ، و ذلك فى العقود الثلاثة الأخيرة . المصدر هو : “En 5 sexenios murieron un milló-;-n 300 mil niñ-;-os de enfermedades curables: Fonan”
" لا خرنادا " 12 جون 2012 . و من أجل تحليل مفصّل لوضع المكسيك ، أنظروا " كيف تتحكّم الإمبريالية فى الإقتصاد المكسيكي وماذا يعنيه ذلك لحياتنا ؟ " ، " أورورا روخا " ، عدد 9 ، متوفّر بالإسبانيّة على الرابط :
http://aurora-roja.blogspot.mx/2002/10/aurora-roja-9.html
26- " ضد الأفاكيانية " ، الهامش 68 ، ص25 بالأنجليزية .
27- كارل ماركس و فريديريك إنجلز ، " بيان الحزب الشيوعي " ، منشورات باللغات الأجنبيّة ، بيكين 1970 .
28- " ضد الأفاكيانية " قسم " المسألة الوطنيّة فى البلدان الإمبريالية " ، ص 35 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 31 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
29- ماو تسى تونغ ،" الثورة الصينيّة والحزب الشيوعي الصيني "، مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الثاني ، ص 310 بالأنجليزية ؛ وبالعربية ص 427 .
30- من أجل تحليل أشمل لهذه التغيّرات فى المكسيك ، أنظروا إسديريو سيرانو ، " الثورة الزراعيّة وشبه الإقطاعية " ، لاشسبا ، المكسيك 1991 – أجزاء من الكتاب نشرت فى مجلّة " عالم نربحه " عدد 20 .
و المنظّمة الشيوعية الثوريّة ، المكسيك ، " 200 سنة من الإضطهاد و المقاومة : نحتاج إلى ثورة تحريريّة جديدة ! " ، إفتتاحيّة فلوردى لا سيرا ، 2010 . متوفّر بالإسبانيّة على موقع :
aurora-roja.blogspot.com
31- الأمم المتحدة ، " أسهم الهجرة العالمية الشاملة " :
http://esa.un.org/unmigration/TIMSA2013/migrantstocks2013.htm?mtotals

و على الأرجح أنّ هذا الرقم مقلّص نظرا للموجة الكبرى من " الهجرة غير القانونيّة "
32- ماوتسى تونغ ، " فى التناقض " ، القسم 1 " نظرتان إلى العالم " ، مؤلفات ماوتسى تونغ المختارة ، المجلّد 1 ، ص 314 بالأنجليزية ؛ و بالعربيّة ص 458 .
33- نفس المصدر ، ص 314 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 458 .
34- بوب أفاكيان ، " حول الأساس الفلسفي للأممية البروليتارية " :
http://www.revcom.us/bob_avakian/philbasisintlism.htm
35- نفس المصدر السابق .
36- تحيل التجريبيّة على الفكرة أو المنهجيّة التى تعتبر أنّ التجربة الحسّية المباشرة بذاتها و فى حدّ ذاتها تفسّر لنا واقع شيء دون الحاجة إلى أن نأخذ بعين الإعتبار الممارسة الإجتماعيّة الأعمّ أو الإرتقاء بها إلى مستوى النظريّة . و يضرب ماو مثلا على ذلك ضفدعة فى قعر بئر مقتنعة أنّ السماء دائرة صغيرة .
37- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " تشويه الأمميّة " ص 23 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 22 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
38- أفاكيان ، " حول الأساس الفلسفي للأممية البروليتارية " :
http://www.revcom.us/bob_avakian/philbasisintlism.htm
39- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " تشويه الأممية " ، ص 23 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 23 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
40- ج. ستالين ، " أسس اللينينية " ، قسم 1 ، " الجذور التاريخيّة للينينيّة " ، ص 6 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 11 ( طبعة الشركة اللبنانيّة للكتاب ، بيروت ) .
41- عندما كان ينقد التحليل " الإحادي الجانب " لأفاكيان لهذه الأخطاء ، حاجج آجيث أنّ تحليله " يخفق فى معالجة وجهات نظر روزا على ضوء التقدّم الحاصل بفضل الماوية " و أنّه " سيكون أكثر فائدة العودة إلى نقد روزا لكسمبورغ للبلاشفة لقمعهم المعارضة . " ، " ضد الأفاكيانية " ، قسم " الديمقراطية الإشتراكية " ، ص 61 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 51.
42- ماو تسى تونغ ، " حول الديمقراطية الجديدة " ، مصدر سابق ( الهامش 21) ، ص 343 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ، ص 479 .
43- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " تشويه الأممية " ، ص 24 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 24 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
44- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " تشويه الأممية " ، ص 24 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 24 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
45- أنظروا مثلا بوب أفاكيان ، " التناقض الأساسي و التناقض الرئيسي على الصعيد العالمي " ، جريدة " العامل الثوري " عدد 172 .
46- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " تشويه الأممية " ، ص 24 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 23 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
47- أنظروا ، ريموند لوتا ، " حول " القوّة المحرّكة للفوضى " و ديناميكيّة التغيير ..."
بموقع جريدة " الثورة "
revcom.us
و على الرابط التالى :
http://demarcations-journal.org/issue03/driving_force_of_anarchy_and_dynamics_of_change_polemic.pdf
48- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " تشويه الأمميّة " ، ص 24 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 24 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
49- أنظروا ، ضمن كتابات أخرى ، بوب أفاكيان ، " الوضع الجديد و التحدّيات الكبرى " ، جريدة " الثورة " عدد 36 ، 26 فيفري 2006 .
50- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " الوضع العالمي " ، ص 51 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص43 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
51- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " تشويه الأمميّة " ، ص 24 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص24 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
52- الإقتصادويّة هي التذيّل لأي شيء يمكن أن يفكّر فيه الناس أو يفعلوه عفويّا ، دون العلم ، عوض الإعتماد على ما يمكن أن يتحدّد علميّا ( ما يشمل لكنّه لا يحدّد فى التعلّم منالناس ) و النضال من أجل تغيير وعي الناس و أفعالهم على ذلك الأساس .
53- مثلا ، إنّهم يثنون على النضال المسلّح المخاض فى قسم كبير منه من قبل القوى الأصوليّة الإسلامية فى أفغانستان و العراق ل" توجيه صفعة قوية لمخطّطات الإمبريالية الأمريكية ، مشجّعة المشاعر المناهضة للإمبريالية " ، " ضد الأفاكيانية " ، قسم " المهمّة الوطنية فى البلدان المضطهدَة " ، ص 28 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 26 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
54- من أجل دروس هامّة بهذا المضمار ، أنظروا سامويل ألبار ، " مصر ، تونس و الربيع العربي : كيف وصلت إلى طريق مسدود و كيف الخروج منه " :
http://demarcations-journal.org/issue03/egypt-tunisia-and-arb-revolts-impasse.pdf
55- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " تشويه الأممية " ، ص 24 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص24 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
56- أنظروا مثلا بداية الجزء الثاني من " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ، وهو متوفّر على :
www.revcom.us/avakian/makingrevolution
57- ماو تسى تونغ ، " قضايا الإستراتيجيا فى حرب العصابات المناهضة لليابان " ، الفصل الرابع ، مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد الثاني ، ص 85 بالأنجليزية ؛ و بالعربيّة ص 114.
58- هذه النقطة طوّرها بوب أفاكيان فى خطاب " المقاربة الإستراتيجية للثورة و علاقتها بالمسائل الأساسية للأبستيمولوجيا و المنهج "، الجزء الثاني، نشر فى أفريل - ماي 2014 ، و هو متوفّر على :
revcom.us/avakian/makingrevolution2/
59- " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، 3:28 ، ص 93-94 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 62 من كتاب شادي الشماوي بذات العنوان اعلاه ( " الأساسي ..." ) وهو متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن .
60- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " تشويه الأممية " ، ص 24 بالأنجليزية .
61- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " المسألة الوطنية فى البلدان الإمبريالية " ، ص 35 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص31 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
62- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " المسألة الوطنية فى البلدان الإمبريالية " ، ص 35 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 31 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
63- هذه المسألة عالجناها ببعض التفصيل فى مقال ضد النزعة ذاتها التى يشترك فيها آجيث مع آخرين: " الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي " ، و المقال متوفّر بالإسبانيّة و الأنجليزية على موقع :
aurora-roja.blogspot.com
64- ف. لينين ، " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ، قسم " ما هي الأمميّة ؟ "، منشورات باللغات الأجنبيّة ، بيكين ، 1972 ، ص 80 بالأنجليزية ؛ و بالعربيّة ص 69 (طبعة دار التقدّم ، موسكو 1977) .
65- " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، 5:8 ، ص 156 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 91 من كتاب شادي الشماوي بذات العنوان اعلاه (" الأساسي ...") وهو متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن .
66- متوفّر على رابط الأنترنت التالي :
www.revcom.us/a/274/rimipublish-final.pdf
67- " ضد الأفاكيانية " ، الهامش 77 ، ص 28-29 بالأنجليزية .
68- ف . لينين ، " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ، قسم " ما هي الأممية ؟ ".
69- لينين ، " مهام البروليتاريا فى ثورتنا " ، الأعمال الكاملة ، المجلّد 24 .
70- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " المهمّة الوطنيّة فى البلدان المضطهَدَة " ، ص 28-29 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 26 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
71- التشديد فى النصّ الأصلي . لا يضمّن آجيث ذلك حينما يستشهد بلينين . ف. إ. لينين ، " مهمّات البروليتاريا فى ثورتنا " ، النقطة المعنونة " الحالة فى الأممية الإشتراكية " ، الأعمال الكاملة ، دار التقدّم ، موسكو 1964 ، المجلّد 24 بالأنجليزية .
72- الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، " رسالة إلى الأحزاب و المنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية " ، متوفّرة على الرابط التالي :
www.revcom.us/a/274/rimipublish-final.pdf
و هذه الوثيقة محوريّة ينبغى الإطلاع عليها لفهم الصراع الراهن صلب الحركة الشيوعية العالمية وهي تستند إلى تحليل المسائل الجوهرية للخطّ المعلومة لدى الجميع ، عوض منهج آجيث الذى دبّج الصفحات و الصفحات من التشويهات و القيل و القال فى جزء كبير منها حول ما يفترض أن يكون قد حصل فى هذا الإجتماع غير العلني أو ذاك .
73- ف. إ. لينين ، " بصدد كرامة الروس القومية " ، 1914 ، الأعمال الكاملة ، المجلّد 21 بالأنجليزية ؛ و بالعربيّة ص89 من كتاب لينين " فى الإيديولوجيا و الثقافة الإشتراكية " ، دار التقدّم ، موسكو 1974 .
74- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " المسألة الوطنيّة فى البلدان الإمبريالية " ، ص 35 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 31 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
75- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " المهمّة الوطنية فى البلدان المضطهَدَة " ، ص 26 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 25 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
76- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " المهمّة الوطنية فى البلدان المضطهَدَة " ، ص 28 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص26 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
77- " الأساسي فى خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ،5:7 ، ص 156 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 91 من كتاب شادي الشماوي بذات العنوان أعلاه (" الأساسي ...") وهو متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن .
78- لأجل تجنّب الخلط ، نوضّح أنّ هذا لا يعنى أنّ كلّ الناس الوطنيين أو القوميين أناس رجعيّون ، بالضبط مثلهم ، على مستوى آخر ، مثل أنّ الإشارة إلى أنّ الأحزاب البرجوازية رجعيّة لا تعنى أنّ كلّ الناس الذين يصوّتون لها رجعيّون .
79- سياسي معارض يمثّل جناحا من البرجوازية الكبيرة فى المكسيك .
80- ماو تسى تونغ ، " دور الحزب الشيوعي الصيني فى الحرب الوطنية " ، مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلّد 2 ، ص 196 بالأنجليزية ؛ و بالعربيّة ص 273.
81- فى النقطة التاسعة من " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية " ، بيكين ، منشورات باللغات الأجنبيّة ، سنة 1963.
82- أنظروا نقاش أشمل لهذا لبوب أفاكيان فى " التقدّم بالحركة الثوريّة العالميةّ : مسائل توجّه إستراتيجي " ، مقال نُشر أوّل ما نشر فى مجلّة " الثورة " فى ربيع 1984 ، و رابطه الآن على الأنترنت هو :
revcom.us/.advancingworldrevolution/advancingworldrevolution.htm
83- " ضد الأفاكيانية " ، الهامش 71 ، ص 27 : عادة فى الهوامش يعرض آجيث المزيد من الأفكار عن ما يريد حقّا قوله .
84- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " تشويه الأممية " ، ص 25 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 24 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
85- " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، 2:12 ، ص 43-44 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 41 من كتاب شادي الشماوي بذات العنوان اعلاه ( " الأساسي ..." ) وهو متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن .
86- كارل ماركس ، " صراع الطبقات فى فرنسا 1848-1850 " ، القسم الثالث ، " نتائج 13 جوان 1849" ، ماركس و إنجلز ، المؤلّفات المختارة ، المجلّد الثاني ، ص 282 بالأنجليزية .
87- بوب أفاكيان ، " كسب العالم : واجب البروليتاريا العالمية و رغبتها " 1981 ، قسم ، " المزيد عن الثورة البروليتارية كسيرورة عالمية " ، على الرابط التالي :
revcom.us/bob_avakian/conquerworld/
88- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " المهمّة الوطنية فى البلدان المضطهَدَة " ، ص 32-33 بالأنجليزية ؛ و بالعربيّة ص 29 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
89 – نفس المصدر السابق ، ص 38- 39 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 34.
90- الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات التحدة الأمريكية ، " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ( مشرورع مقترح ) "؛ منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، شيكاغو 2010 ، ص ii و التشديد مضاف ، الرابط على الأنترنت هو :
www.revcom.us/a/216/preamble-en.html
91- نفس المصدر السابق ، ص 57 بالأنجليزية ؛ وبالعربية ص 99 من كتاب شادي الشماوي " الثورة البروليتارية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة و فى البلدان الإمبريالية – تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية." المتوفّر بمكتية الحوار المتمدّن .
92- " ضد الأفاكيانية " ، قسم " المسألة الوطنية فى البلدان الإمبريالية " ، ص 39 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ص 34 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
93- ف. إ. لينين ،" ملاحظات إنتقاديّة حول المسألة القوميّة "، الجزء 3 " فزّاعة "التمثيلية" القوميّة "، الأعمال الكاملة ، الطبعة الرابعة باللغة الأنجليزية ، دار التقدّم ، موسكو 1964 ، المجلّد 20 ، ص 32 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ، ص 74 من المجلّد 5 ، " المختارات فى 10 مجلّدات " ، دار التقدّم ، موسكو 1976 .
94- " ضد الأفاكيانية "، قسم " نقد صبياني لتكتيك الجبهة المتحدة "، ص 44 بالأنجليزية ؛ و بالعربية ، ص38 من كتاب شادي الشماوي ، " مقال " ضد الأفاكيانية " و الرود عليه " بمكتبة الحوار المتمدّن .
95- نتحدّث هنا عن الأمم بالمعنى المعاصر و المتميّزة مثلما لخّص ستالين على نحو صائب بأنّها " جماعة ثابتة من الناس تألفت تاريخياً على أساس جامعة اللغة والأرض والحياة الاقتصادية والتكوين النفسي المشترك الذي يجد تعبيراً عنه في الثقافة المشتركة " ( ج. ف. ستالين ، " الماركسية و المسألة القومية " القسم ! " الأمّة " ، مؤلّفات ستالين ، منشورات باللغات الأجنبيّة ، موسكو 1954 ، ص 307 بالأنجليزية ) .
و هناك تشكيلات سابقة أخرى أطلق عليها أحيانا نعت " أمم " على غرار إمبراطوريّة الأزتاك أو الإمبراطورية الرومانية ، لكن رغم بعض التجارة و الأداءات إلخ كانت تفتقد إلى الحياة الإقتصاديّة المشتركة التى أوجدتها الرأسمالية بخلق سوق قوميّة ، علاوة على إفتقارها فى عديد الحالات لعديد العناصر المذكورة الأخرى .
=================================================



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسؤولية و القيادة الثوريتين - الفصل السادس من كتاب من كتاب ...
- الأخلاق و الثورة و الهدف الشيوعي -الفصل الخامس من كتاب من كت ...
- فهم العالم من وجهة نظر علم الشيوعية
- القيام بالثورة البروليتارية - الفصل الثالث من كتاب - الأساسي ...
- الشيوعية عالم جديد تماما و أفضل بكثير - الفصل الثاني من كتاب ...
- نظام إستغلال و إضطهاد عالمي - الفصل الأوّل من كتاب - الأساسي ...
- من الولايات المتحدة الأمريكية : تحليل لأوهام الديمقراطية
- مدخل لفهم حملة بوب أفاكيان فى كلّ مكان... - فصل مضاف إلى كتا ...
- إسرائيل ، غزّة ، العراق و الإمبريالية : المشكل الحقيقي والمص ...
- مقدّمة كتاب - الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته - / ال ...
- الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و مفترق الطرق الذ ...
- الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و مفترق الطرق الذ ...
- إعادة صياغة برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللين ...
- حول - القوّة المحرّكة للفوضى - و ديناميكية التغيير ...النضال ...
- نظرة على الخلافات بين الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – ال ...
- هل يجب أن نجرّم المهاجرين أم يجب أن نساندهم ؟
- هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي المجرم يحطّم كوكبن ...
- مقدّمة كتاب : مقال - ضد الأفاكيانية - و الردود عليه / الماوي ...
- خلافات عميقة بين الحزبين الماويين الأفغاني و الإيراني - الفص ...
- النساء فى مواجهة النظام الأبوي الذى ولّى عهده : الرأسمالية – ...


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الشيوعيّة أم القومية ؟