أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و مفترق الطرق الذى تواجهه الحركة الشيوعية العالمية (ج 1) .















المزيد.....



الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و مفترق الطرق الذى تواجهه الحركة الشيوعية العالمية (ج 1) .


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4501 - 2014 / 7 / 3 - 03:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



روبار بوبا
نشر المقال بتاريخ 7 أفريل 2014 على موقع مجلّة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية
www.demarcations.org

( ملاحظة : نسخة بى دى أف من هذا المقال بجزئيه متوفّرة بمكتبة الحوار المتمدّن و الجزء الأوّل و الثاني من هذا المقال الذى يعدّ ردّا ثانيا على مقال " ضد الأفاكيانيّة " لآجيث متوفّران أيضا على الموقع الفرعي لناظم الماوي على موقع الحوار المتمدّن ).

فى أواسط 2012 ، إنشقّت مجموعة عن الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماويّ) يتقدّمهم فى ذلك قادة من الحزب هم كيران و غوروف و بادال و غورونغ و آخرون ، و أعلنت تشكيل حزب جديد متبيّنة التسمية الأصليّة للحزب الماوي الذى قاد عشر سنوات من حرب الشعب من 1996 إلى 2006 ، الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي . و أعلن الحزب المعاد تأسيسه ، الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي أنّه قطع مع تحريفيّة الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) ، و ندّد بقادة الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) براشندا و باتاراي على أنّهما " تحريفيين جددا " قد " خانا " الأمّة و الثورة ؛ و أعلن أنّه كان يعيد وضع الحزب على الطريق الثوري . و عقب أشهر ستّة ، عقد ما أطلق عليه إسم المؤتمر السابع للحزب الشيوعي النيبالي – الماوي فى كتمندو ، عاصمة النيبال ، حيث أعلن أيضا أنّه سيعمل على إعادة تعزيز الحركة الشيوعية العالميّة حول الماركسية – اللينينية – الماوية .(1)
فى عالم يصرخ بصورة ملحّة من أجل الثورة ، بطبيعة الحال ، جلب إعلان الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الإنتباه و بعث الأمل بأنّ هذه التطوّرات قد تؤدّى إلى إحياء ذلك الحزب و تلك الثورة ، خاصة فى صفوف الذين قد ألهمهم ما بلغته الثورة فى النيبال سابقا و الذين أزعجهم حدّ المرارة المنعرج الذى إتبعته فى السنوات الأخيرة .
فى فيفري 1996 ، تجرّأ الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) على الإنطلاق فى حرب ثوريّة ضد الحكومة المسنودة من قبل الإمبريالية و التى إتخذت حينها شكل نظام ملكي أرسى بربمانا قبل بضعة سنوات . منطلقا من قوّة صغيرة ، نمى بسرعة أثناء مسار السنوات العشر من حرب الشعب ، كاسبا مساندة الملايين مع تركيزه لسلطة سياسيّة حمراء على نطاق واسع من الريف النيبالي و تكوينه جيش التحرير الشعبي من عدّة آلاف. و كجزء مننضاله من أجل ثورة ديمقراطية جديدة ، تحدّى نظام الكاست و إضطهاد النظام الأبوي للنساء و أرسى أسس الثورة الزراعيّة . وفى خلال تطوّر حرب الشعب ، دافع قادة الثورة علاقة وثيقة بالقوى الثوريّة عبر جنوب آسيا كجزء من التقدّم بالثورة فى المنطقة و حول العالم. و فى زمن أعلن فيه موت الثورة و خاصّة الثورة بقيادة شيوعيّة ، و قيل فيه لجيل جديد إنّ دواء الثورة أسوأ من مرض الرأسماليّة ، ضمّ الكثير من الناس إلى قلوبهم الأهداف الشامخة التى أعلنها هؤلاء الثوريين .
مع تقدّم الثورة ، ظهرت تحدّيات جديدة .و برزت إنقسامات حادّة صلب الطبقات الحاكمة حتى وهي متحدة ضد الثورة . و إثر مجزرة العائلة المالكة على أيدى أحد الأمراء ، مسك ملك جديد غوانندرا بالسلطة و مضى على جميع الأصعدة نحو سحق الثورة .و فى خضمّ هذه السيرورة ، هاجم أيضا المعارضة البرلمانيّة و علّق عمل البرلمان جاعلا الكثيرين فى المناطق المدينية مغتربين ، لكنّه فى نفس الوقت وحّد ببساطة صفوف الدول الرجعيّة . و نمت المعارك مع الجيش النيبالي فى النطاق و الشدّة . كما نمى تدخّل الهند التى تعتبر النيبال " حديقتها الخلفيّة " و تدخّل القوى الأمريكية والأوروربيّة . و بفعل تقدّم القوى الثوريّة ، أخذت مسائلا أساسيّة أيضا بخصوص نوع المجتمع الذى كانت تقاتل من أجله أهمّية جديدة و أكبر فهذا التقدّم جعل مسائلا كانت حلما بعيد المنال تتحوّل إلى واقع يلوح فى الأفق. كيف ستتقدّم الثورة من الريف إلى العاصمة كتمندو و السهول المحيطة بها و كيف يمكن إحداث قفزة لإفتكاك سلطة الدولة عبر البلاد بأسرها ؟ ما هي التعييرات الممكنة التحقيق فى بلاد ضيّق المساحة الجغرافيّة مثل النيبال ؟ هل يمكن بناء إقتصاد جديد و هل يمكن حقّا أن تتماسك سلطة دولة ثوريّة واقعة بين عملاقين هما الهند و الصين . ما هو نوع الجبهة المتحدة الممكن فى ظرف حيث كانت قبضة النظام الملكي تفرز أعدا ءله ضمن بعض القوى بما فى ذلك ضمن الطبقات الوسطى المدينية ، فى حين لا يقع نسيان حاجة الشيوعيين للمثابرة فى المضيّ نحو هدف تفكيك الدولة القديمة و كلّ مؤسساتها الأساسية و تركيز سلطة ثوريّة جديدة ؟
و فى الوقت الذى كانت فيه هذه المسائل و عديد المسائل الأخرى تطرح نفسها بإلحاحيّة متنامية ، و فى إطار حملة عالميّة شرسة معادية للشيوعية أقيمت لعديد السنوات الآن ، لم يكن من المفاجئ أن تظهر أجوبة متنامية صلب الحزب حول كيفيّة الإجابة على هذه المسائل . و ما كانت تلك بالمسائل الهيّنة و ما كانت موجودة صيغ حاضرة سلفا لحلّها – لكنّها بالضبط نوع المسائل التى ستواجهها أيّة ثورة فى تقدّمها نو التى يمكن و يجب أن تعالج لأجل كسب التقدّم و المضيّ فى التقدّم .
لسوء الحظّ ، فى هذا الظرف ، فى صفوف الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) كانت الإجابة نظريّا الأكثر شمولا و المتنامية الهيمنة بشأن المجتمع المرتأى قد مثّلها مقال قائد من قادة الحزب هو بابوران باتاراي فى العدد التاسع من مجلّة الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) الصادرة باللغة الأنجليوزية ، " العامل " ، و عنوانه " مسألة بناء نوع جديدمن الدولة " . و قد مثّل مقال باتاراي نبذا حادا لنظريّة و ممارسة الثورة الشيوعية و حاجج عوض ذلك من أجل سلسلة من المواقف آلت فى النهاية إلى التخلّى عن هدف دكتاتوريّة البروليتاريا و الشيوعية و تعويض ذلك بالمفاهيم التحريفية لتنافس عديد الأحزاب فى المجال الإنتخابي فى إطار الديمقراطية البرجوازيّة ، و المحاججة من أجل مبادئ ديمقراطيّة برجوازية أخرى . و بدلا من رؤية سلطة دولة ثوريّة فى النيبال تقودها طليعة شيوعية للإضطلاع بالتغييرات الإجتماعيّة والإقتصاديّة الدراماتيكيّة و التحريريّة و تكون فى نفس الوقت قاعدة إرتكاز لتقدّم الثورة فى المنطقة و عبر العالم ،كانت نظرة باتاراي نظرة ستقود – و قادت !- إلى التأقلم مع النظام القائم . هذا خطّ له رواج كبير فى عالم اليوم وهو خطّ يحاجج ، أحيانا بإسم الراديكاليّة أو حتّى " الشيوعية " ، بأنّ الثورة و سلطة دولة جديدة راديكاليّا لا هي ممكنة و لا هي مرغوب فيها فى عالم اليوم ، وهي تبحث عن الإلهام بالعودة إلى الديمقراطيّة البرجوازيّة للقرن الثامن عشر ، قبل أن يفتح ماركس الدرب إلى فهم لماذا و كيف سيكون من الممكن للإنسانيّة أن تبلغ أفقا جديدا تماما .
فى إجتماع تاريخي فى شنغوانغ سنة 2005 ، تبنّى الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) رسميّا طعنة موقف باتاراي المعروض و المضمّن فى حجج مقاله ، بأنّ الهدف المباشر للثورة لم يعد الدولة الديمقراطيّة الجديدة ( وهي شكل من أشكال دكتاتوريّة البروليتاريا ) بل " جمهوريّة إنتقاليّة " . و على حدّ علمنا ، لم يقع تقديم خطّ بديل أو وجهة نظر معارضة بصورة واضحة لدحضه أو للنقاش. و سرعان ما رأينا تبعات ذلك . (2)
و فى 2006 ، إتّخذ الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) جملة من المناورات المعقّدة . إذ عقد تحالفا مع السبعة أحزاب السياسيّة الكبرى فى البلاد و أطاح تمرّد جماهيري بالنظام الملكيّ المطلق . و فى نوفمبر من السنة عينها ، أمضى الحزب إتفاق السلام الشامل الذى دعا إلى وضع القسم الأكبر من جيش التحرير الشعبي فى معسكرات و أسلحته محجوزة تحت مراقبة الأمم المتحدة ، و إلى تفكيك السلطة السياسيّة الحمراء ومشاركة الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) فى الحكومة الإنتقاليّة . وضع حدّا لعشر سنوات من حرب الشعب .
و فى أفريل 2008 ، نظّمت إنتخابات . و برز الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) كأكبر حزب فى المجلس التأسيسي الجديد و بات القوّة القياديّة فى النظام الحكومي للبلاد طوال السنوات الخمس التالية . و قد أدّت الإنتقائيّة و التحريفيّة بالحزب إلى الدعوة إلى " إعادة هيكلة " الدولة عوضا عن الهدف الثوري للإطاحة بها و تفكيكها . و بالفعل ، وجد الحزب نفسه ينهض بدور مركزيّ فى الهياكل الحكوميّة للدولة القديمة الرجعيّة التى كان يخوض الثورة ضدّها قبل وقت قصير فقط .
أثناء هذه الفترة ، أقام الحزب وحدة مع مجموعة من القوى التحريفية القديمة التى عارضت حرب الشعب ،و غيّر إسمه إلى الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) . و مذّاك قرّرت القوى الماويّة فى النيبال عامة التحوّل إلى معارضة ديمقراطيّة – إشتراكيّة تشبه أكثر القوى الإصلاحية التى تمرّدت عليها لتشنّ حرب الشعب فى المصاف الأوّل . و أيّة آمال كانت تعقدها جماهير الشعب النيبالي فى التحرّر من الإمبريالية و الرجعية تذهب الآن أدراج الرياح ، إلاّ إذا ظهرت قوّة ثوريّة جديدة تنبذ بوضوح و تقطع مع هذه الرزمة التحريفية و تكون قادرة على تجديد الثورة .
ما الذى حصل ؟ كيف أمكن ، بعد تضحية الآلاف و الآلاف بحياتهم فى حرب ثوريّة و الآلاف الأخرى فى السجن و تحت التعذيب ، أن تبلغ الأمور هذا المبلغ الرهيب ؟ التجربة برمّتها – التطوّرات فى الحركة الشيوعية فى النيبال و أكثر من ذلك ،طريقة تعاطيها مع الحركة الشيوعية العالمية – مرتبطة بمفترق الطرق الذى تواجهه الحركة الشيوعية عالميّا ، فى السنوات الأخيرة .
يلقى الجزء الأوّل من هذا المقال نظرة أعمق على خطّ الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي المعاد تأسيسه و على تلخيصه للصراع الذى أدّى إلى الإنشقاق عن الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) . و يتناول الجزء الثاني بالبحث فى كيف يتمّ عالميّا تقييم الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي و ما الذى يكشفه ذلك بشأن مفترق الطرق . إطار هذه التطوّرات تمّ تحليله بأكثر شموليّة فى " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " و فى " رسالة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات لمتحدة الأمريكيّة إلى الأحزاب و المنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية " فى ماي 2012 وهي من الوثائق التى نحثّ القرّاء على دراستها ، و التى يمكن العثور عليها على موقع الأنترنت
www.revcom.us
و الرسالة يمكن العثور عليها كذلك ضمن العدد الثالث من مجلّة " تمايزات " .(3)


الجزء الأوّل : الوضع اليوم و إدعاءات الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي .
طوال سنوات حرب الشعب ، صرّح الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) الأصلي أنّ هدفه المباشر هو الإطاحة بالدولة القديمة الرجعيّة المدعومة من قبل الإمبريالية و إرساء سلطة دولة الديمقراطية الجديدة . و تمثّل الديمقراطية الجديدة كما إرتآها ماو تسى تونغ فى مسار الثورة الصينيّة ، ثورة ديمقراطية من نوع جديد فى الأمم التى تضطهدها الإمبريالية فى هذا العصر التاريخي . بقيادة البروليتاريا ، ستكسر بصورة حاسمة القبضة القويّة للإمبريالية الأجنبيّة و تجتثّ بصورة تامة الإقطاعية . و شدّد ماو تسى تونغ على أنّ مثل هذه الثورة ستنتقل بسرعة إلى مرحلة الثورة الإشتراكيّة ، و أنّه بمعنى عام ، الثورة الديمقراطيّة الجديدة جزء من الثورة البروليتاريّة العالمية .
و النيبال اليوم كلّ شيء عدا ذلك الهدف. رغم الدور المهيمن للحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) فى الحكومة النيباليّة طوال السنوات الخمس الخوالي من 2008 إلى 2013 ، لم يحدث أي تغيير كبير فى طريقة تسيير المجتمع أو فى ظروف المضطَهدين . و رغم سلسلة الحكومات التى ترأسها الماويّون ، لم يحدث إصلاح زراعي كبير ، ناهيك عن أيّة ثورة زراعيّة . و وقع تفكيك جيش التحرير الشعبي تفكيكا تاما فى 2012 و قبل ذلك بكثير وقع تفكيك المؤسسات الثوريّة للسلطة السياسيّة . عندما دخل سيرورة السلام ، وضع الحزب القتال من أجل " دستور ديمقراطيّة جديدة " فى مركز نضاله ل " إعادة هيكلة الدولة " – لكن لم يقع تبنّى أي دستور بتاتا ، فما بالك بدستور سيشبه بأي شكل من الأشكال دستور ديمقراطيّة جديدة . عوض ذلك ، غرق الحزب فى صراعات و تحالفات و تحالفات مضادة برلمانيّة لا نهاية لها . و لم نشهد تأميمات كبرى للقطاعات المفاتيح للإقتصاد ن حتى من النوع الذى تنجزه أحيانا أحزاب ديمقراطيّة إشتراكية .
فى كلّ مظهر من مظاهره ، ظلّ النيبال متخندقا تماما فى شبكة العلاقات الإقتصاديّة الإمبريالية التى لطالما أبقت البلاد مرتبطا بالهند و بالنظام الإمبريالي العالمي بصفة أعمّ . و يتواصل عذاب شعب النيبال الذى يعدّ تقريبا 30 مليون نسمة ، فى منتهى الفقر و الإضطهاد . زهاء 60 بالمائة يعيشون على اقلّ من دولارين إثنين أمريكيين فى اليوم الواحد ، بينما البطالة و البطالة المقنّعة منتشرتين إلى درجة أنّ أكثر من مليون شخص قد غادروا البلاد للعمل فى الخارج ، أكثر من 5 بالمائة من سكّان البلاد الكهول . و أكثر جوهريّة ، قد فقدوا أي أفق للخروج من نير هيمنة الإمبرياليين و الرجعيين و الشروع فى تغيير ظروفهم كجزء من سيرورة ثورة عالميّة . (4)
و الأنكى ، طوال خمس سنوات ، أنّ الوجوه التى رآها المضطهَدون تترأس إستمرار هذا الإستغلال و الإضطهاد كقادة للحكومة و أكبر حزب فى البرلمان إلى إنتخابات نوفمبر 2013 ، كانت وجوه القادة السابقين للثورة . و فى حين أنّ التفقير و الإضطهاد الذين يشعر بهما الشعب النيبالي يواصلان تغذية الغضب و التمرّد ، سيكون من العسير المبالغة فى التشديد على مستوى النفاق و الإحباط اللذين أدّى إليهما هذا الوضع . و ضمن الحزب الماوي ذاته ، رغم إندلاع متكرّر لمقاومة تراجعات السنوات الأخيرة ، فإنّ هذه المقاومة كانت تنتهى المرّة تلو المرّة إلى التكيّف مع الخطّ التحريفي المهيمن .
لذا ما الذى تمثّله إعادة ظهور الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي فى الصيغة الجديدة : هل قطع مع التحريفية التى إستولت على الحزب فى السنوات الأخيرة ؟ هل يمثّل قوّة يمكن الآن أن تعيد سلوك الطريق الثوري فى النيبال ؟ و إن لم يكن كذلك ، عندئذ ما الذى نحتاجه الآن – و ما الذى يقوله لنا كلّ هذا عن وضع الثورة الشيوعية اليوم و التحدّيات التى تواجهها ؟
قبل الغوص فى خطّ الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ، يجدر بنا أن نتعمّق أكثر فى العلاقة بين وضع الحزب و وضع الحركة الشيوعية العالميّة برمّتها . مع إعادة تركيز الرأسماليّة فى الإتحاد السوفياتي و الصين ( فى أواسط خمسينات القرن العشرين و 1976 تباعا ) و ما نجم عنها من نهاية المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية ، و فى وجه عديد التحدّيات الجدّية التى يواجهها شيوعيّو العالم ، حلّلت رسالة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأحزاب و المنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثوريّة المذكورة أعلاه ، أنّ :
" الفهم الذى قامت عليه الحركة - ما كنّا نسميه الماركسية – اللينينية - الماوية - " ينقسم إلى إثنين" : جوهره الثوري الصحيح و العلمي ثبتت صحته وهو يتقدّم إلى مستويات جديدة ، بينما الأخطاء الثانوية و إن كانت حقيقية و ضارة فى السياسة و النظرية وقع تحديدها و يمكن و من الضروري الصراع ضدّها كجزء من إنجاز القفزة اللازمة. هذه هي المقاربة التى إعتمدها بوب آفاكيان و حزبنا يدعو الآخرين للإلتحاق بها لتلبية هذه الحاجة الملحة. "
و فى تعارض مع هذا التقدّمفى علم الشيوعية ، الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان (5)، ظهر تيّاران خاطئان يُشكّلان نوعا من وجهي مرآة الضدّين :
" إمّا التمسّك تمسّكا دينيّا بكافة التجربة السابقة و النظريّة و المنهج المرتبطين بها أ ( جوهريا ، إن لم يكن فى الكلمات ) و إمّا التخلّى عنها جميعها " . وفى نفس الوقت : " تيارا " مرآة الضدّين" الخاطئين يتشاركان فى أنهما غارقان أو يتراجعان إلى نماذج من الماضيّ ،بشكل أو آخر ( حتى إن كانت النماذج الخاصّة مختلفة ) : إمّا التمسّك دغمائيّا بالتجربة الماضية للمرحلة الأولى من الثورة الشيوعية – أو بالأحرى ، بفهم غير تام و إحادي الجانب و فى النهاية خاطئ لها – أو التراجع إلى العصر الماضي بأكمله من الثورة البرجوازية و مبادئها : العودة إلى ما كان جوهريّا نظريّات القرن الثامن عشر للديمقراطية ( البرجوازية ) ، تحت قناع ، أو بإسم ، " شيوعية القرن الواحد و العشرين " و بالفعلل مسوّين بين " شيوعية القرن الواحد و العشرين " و الديمقراطيّة التى يفترضون أنّها " خالصة " أو " لاطبقيّة " – ديمقراطية فى الواقع ، طالما وجدت طبقات ، ليس بوسعها إلاّ أن تعني الديمقراطية البرجوازية و الدكتاتورية البرجوازية ".
طوال الثماني سنوات الماضية ، مثّل الحزب الشيوعي النيبالي أحد الأمثلة الأكثر وضوحا للمعالم عن التوجّه الأخير . و على وجه الخصوص ، لخّصت رسالة الحزب الشيوعي الثوري مقدّمة لسلسلة الجدالات بين الحزب الشيوعي الثوري والحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) (6)ما إعتبرته مشاكلا مفاتيحا فى خطّ ذلك الحزب النيبالي وهي تتركّز فى :
1) طبيعة الدولة ، والحاجة خاصّة إلى إرساء دولة جديدة بقيادة البروليتاريا وطليعتها الشيوعية ، في تعارض مع إستراتيجيا مرتكزة على المشاركة فى و ما يعادل " تحسين" الدولة الرجعية ...
2) بصورة أخصّ ، الحاجة كخطوة أولى إثر الإطاحة بالنظام القديم ، إلى إرساء لدولة ديمقراطية جديدة تضطلع بتطوير القاعدة الإقتصادية و ما يتناسب معها من مؤسسات أمّة تحرّرت من الهيمنة الإمبريالية و العلاقات الإقطاعية ، بالإعتماد على العلاقات الإقتصادية و الإجتماعية الجديدة التي نمت إبّان سيرورة حرب الشعب ، فى تعارض مع تركيز جمهورية برجوازية تشدّد على تطوير الرأسمالية و إيجاد مكان داخل شبكة العالم الإمبريالي ،
3) الدور الديناميكي للنظرية و صراع الخطّين ( صراع داخل الأحزاب الشيوعية و ضمن الشيوعيين عموما حول مسائل الخطّ الإيديولوجي و السياسي) مقابل الإنتقائية و البراغماتية و محاولات التعويل على "البراعة التكتيكية" و ما يعادل السياسة الواقعية البرجوازية – متحركين ضمن إطار الهيمنة الإمبريالية ( و قوى عظمى أخرى) و العلاقات الإستغلالية و الإضطهادية القائمة."
وكجزء من هذه المناورة ضمن الإطار الإمبريالي السائد ، صارت النزعات القوميّة داخل الحزب تغلّب نزعات أصحّ لرؤية الثورة فى النيبال كجزء من الثورة العالميّة و التقدّم نحو عالم شيوعي . و عوض ذلك تقدّمت قوميّة ضيّقة تقلّص هدف الثورة فى " ما هو مفيد للنيبال " .

كيف ينظر الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد إلى كلّ هذا ؟ تودّ قيادة الحزب أن تصوّر سنوات 2005-2012 على أنّها فترة صراع خطّين حاد كانت فيه " الكتلة الثوريّة " واضحة أساسا بشأن المشاكل الخطّية ، فترة رفعت خلالها بإستمرار هذه الكتلة الراية الحمراء للماركسية – اللينينية – الماوية و قاتلت من أجل خطّ صحيح ضد الخطّ التحريفي ، و أنّ هذا إستمرّ إلى أن كسبت الكتلة الثوريّة قوّة بما يكفى لشقّ الحزب و تشكيل حزب جديد مؤسّس على خطّ صحيح مثّلته فى الأساسا طوال تلك الفترة . فى تقريره السياسي إلى الإجتماع التأسيسي للحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد ، " لنتقدّم بالثورة بخوض الصراع الإيديولوجي ضد التحريفيين الجدد ! " ، أكّد رئيس الحزب كيران أنّ " تاريخ الحركة الشيوعية النيبالية هو تاريخ صراع خطّين حاد بين الخطّ الماركسي و الخطّ التحريفي . لقد كنّا نناضل ضد التحريفية اليمينيّة بأشكالها وألوانها المختلفة طوال الوقت . و الآن نحن فى خضمّ صراع خطّين معقّد ضد أنواع جدّية من التحريفيّة الجديدة التى و جدت فى صفوف كتلة من قادة حزبنا العظيم ، الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) . لقد ناضلنا لمدّة طويلة ضد التيّار اليميني و الوسطي الذى وجد وسط الحزب ". و يحاجج بأنّ " صراع الخطّين هذا " يُخاض بين " كتلة تحريفية " و ما يسمّيه نصفة متكرّرة " كتلة ثوريّة " أو " كتلة ماركسية " و يحاول أن يبيّن الخطين فى ظروف مختلفة . (7)
لسوء الحظّ ، وثائق تأسيس الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد و منشوراته مذّاك جميعها تشير إلى إتجاه مغاير . بعيدا عن أن تكون قطيعة مع الخطّ التحريفي بشأن المسائل الجوهريّة المشار إليها أعلاه ، لا تعدو قطيعة الحزب الجديد أن تكون سوى قطيعة تنظيميّة . سياسيّا و إيديولوجيّا ، ظلّ غارقا فى الإطار الخاطئ عينه ، الإطار الذى أدّى إلى تغيير إتجاه الثورة . و عوض تشخيص ونبذ الخطّ الذى قاد نشاط الحزب فى السبع سنوات التى سبقت الإنشقاق ، ما نحصل عليه هو مزيج نصف نقد يشير إلى أكثر الأمثلة بروزا عن التكيّف مع الرجعيّة بيد أنّه يؤبّد المفاهيم المفاتيح الخاطئة التى أفرزت هذا التأقلم و يقلّص المشكل فى أعمال زوج من الأشخاص ، " خائنان" هما براشندا و باتاراي . هذا قلب للواقع رأسا على عقب . المشكل الحقيقي يكمن فى الخطّ التحريفي الذى كان يقود الحزب برمّته منذ 2005.
و قبل تفحّص خطّ الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد و كيف يتعاطى مع القضايا المفاتيح التى تواجه مباشرة الثورة فى النيبال ، من المهمّ أن نوضّح من البداية أنّ مشاكل خطّ الحزب الجديد لا يتمّ التعبير عنها فى ما يعالجه وحسب ، لكن أيضا فى ما لا يعالجه .
مهما فتّش المرء ، لن يجد فى أي مكان من شتّى الوثائق التى أصدرها الحزب الجديد أيّة رؤية ملموسة لنوع الديمقراطيّة الجديدة التى يبحث الحزب عن إيجادها ، و كيف سيتحرّر النيبال من هيمنة الهند و النظام الإمبريالي العالمي ، و كيف سيكون نظامه للديمقراطية الجديدة و الدكتاتوريّة منظّما على نحو يخوّل للسلطة الثوريّة الجديدة أن تجتثّ الإنقسامات منذ عصور قديمة التى تشقّ المجتمع النيبالي ، و كيف يرتبط فهمهم لكلّ هذا بتلخيصهم للثورات الشيوعيّة فى القرن العشرين .
و مع ذلك، كان بالضيط هجومباتاراي النظري على تجربة ثورات القرن العشرين و الأدوات المفاتيح للسلطة البروليتاريّة – دكتاتوريّة البروليتاريا و الدور القيادي المؤسّساتي للحزب الطليعي ، التى وصفها ب " المأساويّة " و حتى ب " الشموليّة " – هو الذى عبّد الطريق لإنزلاق الحزب نحو الإصلاحيّة و المفاهيم الديمقراطية البرجوازية للدولة ، و نحو التحريفيّة بصفة أعمّ . بوضوح ، ترك المؤتمر السابع للحزب الجديد جانبا هذه المسائل ، حتى بينما ، مثلما سنرى ، تبنّى إجراءات تمضى تماما مع إتجاه النظرة الإصلاحيّة لباتاراي .
إنّ الإخفاق فى معالجة هجوم باتاراي على نظريّة و ممارسة دكتاتوديّة البروليتاريا كان مأساويّا على وجه الخصوص ، بما أنّ حججه كانت بأشكال عدّة ببساطة " أنسخ و ألصق " من هجوم سابق عليها فى أواخر ثمانينات القرن العشرين من قبل ك. فينو من الهند حول هذه المسائل عينها ، وقد دحضها مطوّلا بوب أفاكيان فى جداله المعنون " الديمقراطيّة : أكثر من أيّ زمن مضى بوسعنا و من واجبنا أن ننجز أفضل من ذلك " ، فى مجلّة " عالم نربحه " عدد 17 ، و يمكن العثور عليه أيضا فى " ماتت الشيوعية المزيّفة ، عاشت الشيوعيّة الحقيقيّة " . ( 8) لقد كان سيّئا بما فيه الكفاية أن يمرّ ذلك الدحض دون دراسة عميقة لكن مواصلة الإخفاق فى دحض بعض الحجج المفاتيح التى قدّمها باتاراي الآن ، بعد ما يناهز العقدمن الزمن ، سيكون قاتلا . لنقول ذلك بصيغة بسيطة ، بالنسبة للشيوعيين ، أنيتركوا جانبا مسألة ما هو نوع الدولة و المجتمع الذين يرغبون فى بنائهما ،و كيف سيؤدّى ذلك إلى هدف المجتمع الخالي من الطبقات ، وبدلا من ذلك التركيز على كيف يتمّ الإستمرار فى النضال المباشر ، هو مجرّد نسخة أخرى من الخطّ الإقتصادوي الذى يدافع مثلما وضع لينين ، عن " الحركة كلّ شيء و الهدف لا شيء " . للتخلّى عن هدف مجتمع شيوعي بالفعل صلة كبرى بلماذا يقع النضال المباشر ذاته تحت جناح الإمبرياليين و الرجعيين .
لكن للعودة إلى " لنتقدّم ..." – كيف يحلّل المسألة المركزيّة لنظرة الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) القديم للدولة ؟ أوّلا ، إنّه يقول إنّه لم يوجد نقد لمفهوم " إعادة هيكلة الدولة " الذى كان فى منتهى المحوريّة فى سياسة الحزبخلال هذه السنوات و كرّر مثل تعويذة فى وثائق الكتلة المعارضة أيضا . ما يعرضه " لنتقدّم ..." هو تلخيص لخطّ الحزب حول دور البرلمان و مشاركته فى سيرورة المجلس التأسيسي :
" يرفع الشعب النيبالي وترفع القوى السياسيّة أصواتهم عاليا للتسريع بكتابة الدستور خدمة لمصلحة البلاد و الشعب " . و يحلّل الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي أسباب عدمإمكانيّة كتابة مثل هذا الدستور " البعيد النظر " و يستنتج أنّ براشندا و باتاراي هما " أكبر المسؤولين عنذلك ". و يحاجج " لا تنكر الماركسيّة أطروحة إستخدام البرلمان و الحكومة . غير أنّ الإستخدام لا يمكن أن يكون إلاّ إستخداما ثوريّا و ليس سلوكا إنتهازيّا . و غستخدام البرلمان و الحكومة إستخداما ثوريّا ، يتعيّن على الحزب أوّلا أن يكون ثوريّا و منضبطا و مخلصا للماركسية ". هنا نودّ أن نسأل الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي : " ألم تكتب الأحزاب التحريفية المرّة تلو المرّة أوراقا حول تكيّفها مع النظام القائم بإعترافات فارغة بأنّها " ثوريّة و منضبطة و مخلصة للماركسيّة " ؟ و لأنّ " الإخلاص " للماركسية ليس أكثر من جملة فارغة تغطّى الممارسة الإصلاحيّة ، يجب أننكون واضحين تمام الوضوح أوّلا و قبل كلّ شيء حول المسألة الحيويّة و الحاسمة لطبيعة الدولة و دورها الأوسع فى الإنتقال إلى عالم شيوعي . و كان هذا الوضوح يعنى قطيعة جذريّة مع خطّ و ممارسة الحزب القائمين .
وواصل الحزب الجديد الذى كان لديه أكثر من 90 عنصرا مواليا له فى المجلس التأسيسي المشاركة فى هذا المجلس أين كان رابع أكبر قوّ’ لمدّة سنة ، إلى أنوقع رسميّا حلّ المجلس التأسيسي فى ربيع 2013 . " فى البرلمان أيضا تنهض الكتلة الثوريّة بالدورالضروري . و بوجه خاص قد حالت دون تمرير بعض مشاريع القوانين و بعض القوانين التى كانت ضد مصلحة البلاد و الشعب . و حتى زمن مشاركة نواب تلك الكتلة الثوريّة فى الحكومة ، قاموا بدور إيجابي عموما ، رغم وجود بعض الهنات و النواقص . " و فى الأخير " إتخذ الحزب قرار إيجاد توازن بين الحكومة و الشارع عبر المجلس التأسيسي و الشروع فى كتابة مشروع دستور للجمهوريّة الفدراليّة الشعبيّة و إدماج الجيش فى وقت واحد . إلاّ أنّ براشندا – باتاراي ذهبا فى الإتجاه المعاكس ".
و الآن فكّروا فى إطار هذا التلخيص : إثر عشر سنوات من حرب الشعب بكلّ التضحيات التى تطلّبتها ، سلّم الحزب أسلحته و فكّك السلطة السياسيّة الثوريّة فى الريف ثمّ إلتحق بالسيرورة البرلمانية تحت الراية التى رفعها أوّلا باتاراي أي " ديمقراطية القرن الواحد و العشرين " ، بخلط بين الديمقراطية و الشيوعية و تصفيته للطبيعة الطبقيّة للدولة – كلّ هذا فى إطار عام حيث الشيوعيّة و الحاجة إلى دكتاتوريّة البروليتاريا يُدفع بهما إلى مزبلة التاريخ من كلّ صوب ونحب – و الآن يقدّم الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي تلخيصا بأنّ خطّ إستخدام " توازن " بين الحكومة و " الشارع " على أنّه كان خطا جيّدا و كان المشكل أنّ الماعونان براشندا و باتاراي كانا يقولان شيئا و يفعلان شيئا آخر أي " ذهبا فى الإتجاه المعاكس " ! فى الواقع كلّ هذا التلخيص و بصورة خاصّة صيغة " تحقيق توازن بين الحكومة و الشارع " هو بصمات النظرة الإنتقائيّة إزاء الدولة التى صاغها براشندا ذاته : من جهة سنستخدم البرلمان و من جهة أخرى سنتمرّد فى الشوارع .(9)
و بالفعل ، مثلما لخّص ذلك مقال ل ك. ج . أ ، " أنقذوا الثورة " (10 ) : " الوسائل المقترحة لإدراك هذه الجمهوريّة الشعبيّة هي إعلان ولاء صارم لمبادئ الديمقراطية البرجوازيّة وهي عمليّا ذات المؤسسات التى يقع الإقرار بجلاء بأنّها مرتبطة بالجمهوريّة البرجوازيّة ، و التى لا تزال بعد بأيدى الطبقات الرجعيّة ". ما هونوع القطيعة التى يمكن أن يُجسّده مثل هذا التلخيص مع الفهم التحريفي للدولة الذى مضى بالثورة النيباليّة إلى مستنقع البرلمانيّة ؟! فى هذا العالم الإنتقائي للحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ، يمكن أن تحافظ على ذات السياسات الإنتقائيّة لكن فقط عوّض الأشخاص السيّئين ذوى القبّعات السوداء بذوى القبّعات البيضاء و هكذا سرعان ما يتمّ القضاء على التحريفيّة . و فى العالم الحقيقي ، الأشياء مختلفة للغاية .
و على صعيد أكثر جوهريّة ، يؤشذر هذا المشكل فى إخفاق الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد فى القطيعة مع خلط بين الشيوعيّة و الديمقراطيّة الذى صاغه باتاراي و كان أساسا لقرارات تشنوانغ فى 2005 . هذا المشكل ذى الجذور العميقة فى الحركة الشيوعية العالمية قد حلّله طويلا بوب أفاكيان . وفى تلخيص مركّز لعلاقة الديمقراطيّة بالطبقات و بالمجتمع الشيوعي ، لاحظ أفاكيان : " فى عالم يتميّز بإنقسامات طبقية ولامساواة إجتماعية عميقين ، الحديث عن " الديمقراطية " دون الحديث عن الطبيعة الطبقية لهذه الديمقراطية ، بلا معنى وأسوأ. طالما أنّ المجتمع منقسم إلى طبقات ، لن توجد " ديمقراطية للجميع " : ستحكم طبقة أو أخرى وستدافع عن وتروّج لهذا النوع من الديمقراطية الذى يخدم مصالحها و أهدافها. المسألة هي : ما هي الطبقة التى ستحكم وإذا ما كان حكمها ونظام ديمقراطيتها، سيخدم تواصل أو فى النهاية القضاء على الإنقسامات الطبقية و علاقات الإستغلال والإضطهاد و اللامساواة المتناسبة معه ." (11).
و أتت ملاحظة أفاكيان هذه كنقطة إرتكاز لنقد حجج باتاراي فى الرسالة الأولى التى بعث بها الحزب الشيوعي الثوؤري للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) فى أكتوبر 2005 – نقد رفضته كلّيا الرسالة الردّ التى بعث بها الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) ، التى وصفت هذه المقاربة بأنّها أساسا مجرّد تكرار ل " أبجديّات الماركسيّة " [ المبادئ الأساسية للماركسية – المترجم ] . لكن أليس من الواضح أنّ الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد يتمادى فى التفكير الإنتقائي و الخاطئ حول موقف الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد( الماوي ) المعروض آنفا ؟ إلى يومنا هذا ، يتمادى فى الدفاع عن الحاجة إلى كتابة دستور" بعيد النظر " ليقع تبنّيه فى ظلّ الدولة الرجعيّة القائمة . إنّه يتمادى فى إعتبار إنتخابات 2008 إنتصارا كبيرا للثورة ، فى حين أنّها فى الواقع مثّلت خطوة عملاقة فى الإبتعاد عن الثورة . كلاهما يؤشّران لتواصل الإخفاق فى القطيعة مع الخلط منذ فترة طويلة بين الشيوعية و الديمقراطية ، و عوض ذلك ، يحافظ على أوهام أنّ بإمكان الشيوعيين بشكل ما أن يجعلوا الديمقراطيّة تخدم مصلحة الشعب دون الإطاحة بالدولة التى تمثّل القاعدة الإقتصاديّة الرأسمالية – الإمبريالية .
لكن لعلّ المعبّر أكثر هو طريقة معالجته لمسألة العامود الفقري لسلطة أيّة دولة ، القوات المسلّحة . (12). إليكم كيف يعالج " لنتقدّم ..." المسألة الحيويّة للقوّات المسلّحة ، و وفى هذه الحال ، جيش التحريرالشعبي الذى كان مفتاحا فى بناء نواة سلطة الدولة الثوريّة فى الريف النيبالي : " بعد التوصّل إلى سيرورة سلام ، قد توقّعت شعوب النيبال الدمج المحترم للجيش و كتابة المجلس التأسيسي لدستور جديد ". ثمّ يؤكّد أنّ صراع الخطّين بينهم و بين كتلة براشندا كان حول " ما إذا يقع دمج جيش التحرير الشعبي فى الجيش النيبالي فى ظروف محترمة [ عادة ما تشرح على أنّها تعنى "بكرامة " ] أم تصفية هذه القوّة بعد نزع سلاحها " . بصورة متكرّرة يشكو الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد من إخفاق دمج جيش التحرير الشعبي " بكرامة " و سلوك هذا أنّه من أكبر إخفاقات براشندا و باتاراي .
مثّل التكتيك النهائي لجيش التحرير الشعبي فى 2012 صفعة شديدة للثورة و بلا شكّ تجربة مذلّة لآلاف الجنود الذين كانوا قد رأوا أنفسهم قبلا كطليعة جبهة المقاتلين من أجل الثورة فى النيبال و عبر العالم . و مجموعة صغيرة من الضبّاط وقع إدماجهم فى الجيش النيبالي ، بينما من المفترض أنّ كافة بقيّة جيش التحرير الشعبي كانت ببساطة أرسلوا إلى منازلهم مع أجر تدفعه لهم الدولة . لكن ما هذا النوع من " صراع الخطّين " – أن يتمّ إدماج جيش التحرير الشعبي " بكرامة " أملا ؟ ما هي " الكرامة " أو ما هو " الإحترام " الذى يمكن أن يتأتّى من تصفية القوى المسلّحة الثوريّة و إدماجها فى جيش رجعي تسنده الإمبريالية !
لعديد السنوات ، قد قدّم الحزب النيبالي ، و كرّر ذلك الكثيرون ضمن الحركة الماويّة عالميّا ، تطمينات بأنّه رغم أنّه أسير ثكنات تشرف عليها الأمم المتحدة ، فإنّ تشكيلات جيش التحرير الشعبي لا تزال معا و تتدرّب بإنتظام و يمكن أن تسترجع بسرعة أسلحتها و تعيد تشكيل قوّة قتال ثوريّة . و كان الواقع مغايرا لذلك تماما: أسيرا فى ثكنات، عزل جيش التحرير الشعبي عن مناطق الإرتكاز التى كانت تغذّيه ؛ و وقع تخزين أسلحة جيش التحرير الشعبي فى حاويات تحت مراقبة الأمم المتحدّة ؛ و كان موظّفو الأمم المتّحدة بصفة منتظمة يتفقّدون الثكنات ؛ و كانت أجور جيش التحرير الشعبي تموّل فى جزء كبير منها يوفّرها " المجتمع الدولي " ، ليس أقلّها ، التعاونيّة البريطانيّة لتطوير ما بعد البحار بما يعكس تصميم الإمبرياليين على ضمان نجاح " سيرورة السلام " ( إضافة إلى إشراف عن كثب ونصائح عميقة من منظّمات غير حكوميّة كمجموعة الأزمة العالميّة ). و ليس أقلّ شيء ، عبر مشاركته فى البرلمان و الحكومة بصفة أعمّ ، نجح الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) فى إضفاء الشرعيّة من جديد على سلطة دولة رجعيّة فقدت شرعيّتها أثناء الحرب الثوريّة . و سمح الحزب بتصوير جنود جيش التحرير الشعبي على أنّهم خارجين عن القانون وجبت إعادتهم إلى السبيل القويم ، بينما أصبغ على الجيش النيبالي شرعيّة كجيش يواصل تعزيز سلطة الدولة . ونفس المقاربة إتبعت تجاه الأجهزة الجديدة للسلطة التى كانت ثمرة حرب الشعب . لم يقع الدفاع عنها بأي شكل كجزء من سلطة الدولة الجديدة التى هي فى حاجة لمزيد القتال من أجلها و تعزيزها ؛ بالأحرى كانت أجهزة السلطة القديمة و المجلس التأسيسي المتبعة لنموذج البرلمانات البرجوازيّة و الرجعيّة عبر العالم و التى أرست إطار شرعيّة مؤسسات السلطة و الحكم .
فى هذه الظروف ، نداءات كيران و الكتلة المعارضة من أجل الإدماج " بكرامة " لم يمثّل خطّا ثوريّا كان ليتطلّب على الأقلّ معارضة إستسلام الجيش الثوري و قواعد الإرتكاز . راية كتلة كيران ل " الإدماج بكرامة " تتماهى مع النظرة الإنتقائيّة و غير الثوريّة للكتلة المهيمنة تجاه الدولة الرجعيّة و جهاز قمعها المسلّح ، و تنتهى إلى نفس صنف البراغماتيّة و تحاول التعويل على البراعة التكتيكيّة .
و مثلما تلاحظ رسالة الحزب الشيوعي الثوري المؤرّخة فى نوفمبر 2008 بصدد المتلة المعارضة ، " على الدوام كان لكلّ حزب تحريفي يسار " – قوّة ، مهما كانت غاضبة على بعض نتائج الخطّ التحريفي العام للحزب فإنّها مع ذلك ترفض أن تجري ( أو هي غير قادرة على أن تجري ) قطيعة حيويّة مع التحريفيّة و تنتهى بالتالى فى نشاطها إلى ما يشبه مخفّف الصدمات صلب الحزب الذى يبتلع الإنفجارات المتكرّرة للغضب نتيجة البون بين الخطابات الراديكاليّة للحزب و مساوماته و تسوياته الجارية. أليس هذا هو الدورالموضوعي الذى تقلّصت إليه الكتلة المعارضة فى الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) – وعود معسولة – " الإدماج بكرامة " فى الواقع لم يفعل أكثر من المساعدة على إبتلاع هذه الجرعة المُرّة دون عناء ؟ و على عكس ما يعلنه الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي أو يمكن أن يؤمن به حتّى ، فإنّ تاريخ الحزب الشيوعي النيبالي قبل الإنشقاق لم يكن صراع خطّين مستمرّ بين كتلة ثوريّة و كتلة تحريفيّة ، و إنّما لا يعدو أن يكون سوى سلسلة من الشكاوى لمعارضة ساخطة بشكل متصاعد أخفقت المرّة تلو المرّة فى القطيعة مع الإطار التحريفي الذى جرّ الحزب إلى المستنقع و ضبط إيقاع توجّهه إليه ، بالضبط لأنّها تشاطره المفاهيم الخاطئة .
و يبرز هذا أيضا فى تلخيص الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ل ط التمرّد الشعبي " القليل الحظّ [ و أحيانا يترجم بالإنتفاضة الشعبيّة " ] فى ماي 2010 حينها لا يزال الحزب موحّدا تحت إسم الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) . عندئذ جلب الحزب مئات الآلاف من الناس إلى شوارع أكبر المدن و خاصة كتمندو و لعدّة أيّام ، بهدف إنجاز " التمرّد الشعبي " الذى أطلق عليه " جانا أندولان 3" فى إشارة إلى الأسبوعين من جانا أندولان 2 فى أفريل 2006 التى قادت إلى إلغاء النظام الملكي . و قيل للقادمين إلى المدن أنّ هذه الأيّام أيام " الإنتصار أو الموت " . و إثر سلسلة من المسيرات الجماهيرية ، تلاشى التمرّد و عادت الجماهير إلى ديارها فى فوضى و عادة محبطة .
ما سبب هذا الفشل الجلي ؟ المشكل حسب وجهة نظر الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي هو أنّ " براشندا لم يمضى فى سبيل الإعدا للعمل على القرار و تطبيقه . المسيرة الشعبيّة الخاصّة ... لم تستطع أن تحقّق هدفها " . إنّه هنا يكرّر لازمة " خدعتنا كتلة براشندا عديد المرّات " . و بكلمات أخرى ، مجدّدا ، قال براشندا شيئا و قام بشيء آخر .
لكن مثلما لاحظ أحد أنصار الحزب الشيوعي الثوري للمؤتمر السابع للحزب الشيوعي النيبالي- الماوي ، " المشكل كان يكمن فى الخطّ الجماعي للحزب . المشكل الأساسي مع براشندا ليس أنّه لم ينجز ما قاله وإنّما هو أنّه مارس فى إنسجام مع الخطّ التحريفي . جوهريّا ، قام على وجه التحديد بما قال إنّه سيقوم به . لقد كرّس براشندا على وجه الضبط الخطّ التحريفي الذى تبنّاه الحزب و هيمن عليه طوال السبع سنوات الأخيرة ." (13) لقد كان إنهيار " التمرّد الشعبي " فى ماي 2010 ثمرة مباشرة لفهم إصلاحي لسلطة الدولة لدي الحزب : فى حين كان الحزب يعدّ للتمرّد الشعبيّ ، كان لا يزال ينشط ضمن المجلس التأسيسي لكتابة دستور جديد " بعيد النظر " و منخرطا فى أنّ يكون " أفضل ممثّل لسيرورة السلام " ، و كلّ ذلك كجزء من " إعادة هيكلة الدولة " – و بالمناسبة ، لا شيء من هذا نبذه الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد . و تمضى اليد فى اليد مع النظرة الإنتقائيّة للدولة نظرة أنّ القوى التقدّميّة صلب الجيش الرجعي ستنشقّ و تساعد الثوريين على بلوغ السلطة . فى الواقع ، كانت تلك هي الإستراتيجيا الكامنة الموضوعة لنجاح التمرّد.
يتطلّب أي جهد جدّي لتمرّد ثوري كسب قسم من الجماهير إلى فهم أنّ الدولة القائمة لا يمكن أن تكون أداة للتغيير الحقيقي .بل و يجب أن يقع تفكيكها تفكيكا نظاميّا عبر الثورة . (14) و إلى جانب عمله اللكلاسيكي " الدولة و الثورة " ، لنقرأ الجدالات الشديدة الأخرى ضد الأوهام الإصلاحيّة بين أفريل و أكتوبر 1917 لتخليص الثوريين ذاتهم من أوهام أنّه يمكن ببساطة الإستمرار فى بناء الحركة الشعبيّة و تدريجيّا بناء قوّة السوفياتات الثوريّة فيما يتمّ إضعاف الدولة القائمة ، فى نوع من معنى التطوّر الخطّي . (15)
كان الخطّ القائد ل " التمرّد الشعبي " مزيج إنتقائي : لم يكن يعتمد على إستراتيجيا شاملة للإطاحة بسلطة الدولة القديمة و تركيز سلطة ثوريّة جديدة مستقلّة عن الإمبرياليّة ، و فى أفضل الحالات مثّل محاولة لكسب قطاع من الدولة القديمة ، و خاصّة قطاع ممّا يفترض أنّه قادة عسكريّين " وطنيين " ، و تقاسم السلطة مع الرجعيين .
كإستراتيجيا ، مفهوم إنشقاق قطاع من الجيش النيبالي الرجعي و التوحّد معه للدفاع عن " السيادة الوطنيّة " وصفة للوقوع فى كارثة . و لسوء الحظّ ، لا يزال يمارس تأثيرا على الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي اليوم ، كما سنرى . و مثلما حذّر مقال " حول مفترق الطرق الحيوي للثورة النيباليّة ، و الحاجة إلى قطيعة حقيقيّة مع التحريفية " صدر فى جريدة الحزب الشيوعي الثوري ، " الثورة " ، قبل ذلك بفترة قصيرة " يجب أن يقال إنّ هذه النظرة و المقاربة مليئة و فى الواقع يقوم على ، أوهام تحريفية كلاسيكيّة . وكنقطة منهج جوهريّة ، يتجاهل ( أو لا يأخذ بعين الإعتبار ) الفهم العام المادي الجدلي بأنّ الأشياء يمكن و عادة ما تتحوّل إلى ضدّها – و بصفة خاصة كيف أنّ هذا قد حدث عادة عندما إنجذبت القوى الثوريّة إلى ديناميكيّة السيرورات الإنتخابيّة / الدستورية ، دون تحطيم الدولة الرجعية القديمة و تفكيكها هي و كامل الطريقة التى بها تقوّض ديناميكيّة مثل هذه السيرورة و تسلب القوى الثوريّة مبادرتها و قوّتها " . (16)
إن لم يكن حزب ما مرتكزا بصلابة على الماركسيّة ، فبثبات سيتحدّد نشاطه بمعيار آخر . فى حين يمكن أن يكون أعضاء الحزب أحرارا فى إعلان غضبهم تجاه مظهر أو آخر من التحريفية ، و فى حين يمكن لقطاعات عريضة من الأعضاء و القادة أن يتمنّوا عودة الحزب إلى الطريق الثوري ، فإنّ حزبا أضاعت بوصلته التحرفية سينتهى على الأرجح إلى التأقلم مع النظام الرجعي ، لا سيما فى لحظات الأزمة . و هذا على وجه الضبط ما جدّ سنة بعد إجهاض تمرّد 2010 ، إثر الإخفاق المتكرّر للبرلمان النيبالي فى تشكيل حكومة . ما الذى فعلته مجموعة كيران ؟ فى حركة مناورة كانت ترمي إلى توجيه ضربة لرئيس الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) ، براشندا ، الذى رغب هو نفسه أن يعود إلى موقع الوزير الأوّل ، قدّمت كتلة كيران الأصوات الضروريّة لأكثر من تسعين من أعضاء المجلس التأسيسي لإنتخاب شخصا آخر كوزير أوّل و هذا الشخص الآخر ليس سوى " الخائن " باتاراي ! و تمّ هذا قبل أقلّ من سنة من القطيعة التنظيميّة و تشكيل الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد !
لازمة الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي أنّ المشكل الأساسي لم يكن خطّ الحزب بل بدلا من ذلك " خيانة " " الخونة " للسياسة السليمة لم تدع خيارا من جديد سوى رفع مقولة فريديريك إنجلز حول هذا المشكل :
" ... حينما نبحث عن أسباب نجاح الثورة المضادة تعترضنا فى كلّ ركن إجابة جاهزة بأنّ " المواطن فلان و علاّن " قد خانا الناس . لكن هذه الإجابة لا تشرح كلّ شيء . إنّها لا تشرح حتى كيف حدث أنّ الناس سمحوا لأنفسهم بأن يخدعوا . و كم يكون الحزب السياسي مفتقرا للتصديق إذا كان زاده الوحيد يتمثّل فى معرفة الشيء الوحيد أي " المواطن فلان و علاّن " . (17)
بالفعل ، كيف " سمحوا لأنفسهم بأن يخدعوا " هؤلاء الذين يقودون الآن الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ؟ مهما كانت النوايا الشخصيّة لباتاراي ، أليس واضحا بمرارة أن عشرات قادة الحزب و آلاف الرفاق الذين قاتلوا خلال السنوات العشر من حرب الشعب لم يتصدّوا ل " خيانة " الثورة ؟ التلميح الوحيد للإجابة على هذا السؤال تقدّمه فقرتان فى " لنتقدّم ..." بصدد نواقص " الكتلة الثوريّة " التى تحاجج بأنّ أخطاءها الأساسيّة كانت " الإيمانيّة " و الليبراليّة و الميتافيزيقا " . و بالإيمانيّة ، يشرحون أنّهم يعنون " الإعتقاد فى أيّة سلطة أو شخص والإخلاص التام لها . إعتقدنا أنّ إيماننا بقيادة براشندا التى قد بيّن ضعفنا ". و النقد الذاتي لليبرالية يعنى أساسا ، بكلماتهم ، " البقاء لامبالين بأي مظهر سلبي " ، بكلمات أخرى ، مجدّدا ، عدم النضال بقوّة أكبر مع براشندا . أمّا بالنسبة للميتافيزيقا ، فهي تعنى بكلماتهم " فكرة رؤية الأشياء و الأحداث و السيرورات دائما من زاوية واحدة فحسب . رؤية الجوانب الإيجابيّة أو السلبيّة فقط لكن ليس الكلّ " . و من ثمّة ، من جديد ، فى غياب أيّة إشارة أخرى أبدا لكيفيّة إنطباق هذا على سياسات أخرى ، يبدو أنّ هذا يحيل ببساطة على طريقة رؤية " الكتلة الثوريّة " لبراشندا أي رؤيتها له رؤية إحاديّة الجانب و دينيّة .
عندما تبحثون عن تغيير ماديّ لكيف أنّ قيادة قادت إختراقات كبرى فى أثناء عشر سنوات من حرب الشعب إنحرفت ببساطة لا يوجد أي شيء سوى التنديدات الخاوية ب " الخونة " ، و لا فكرة عن كيفيّة الحيلولة دون المصير نفسه من " الخيانة " وحدوثه مرّة أخرى . لذا ، بالكاد من المفاجئ أنّه ، مثلما نرى ، على الأرجح حلّه لإخراج نفسه من المستنقع التحريفي الذى سقط فيه ، بكلمات إنجلز ، " فرصة ضئيلة " – إلاّ إذا إتخذ مقاربة مختلفة راديكاليّا لتشخيص التحريفيّة التى تسبّبت فى هذا القدر من الدمار و القتال ضدّها .
من اليسير توبيخ " الخونة " على الإنقلاب التحريفي . لكن هذا يخفق فى المسك كذلك بكامل النقطة الماوية :" الخطّ الإيديولوجي و السياسي يحدّد كلّ شيء " . ما هي العناصر السياسيّة و الإيديولوجيّة التى قادت إلى تركيز الديمقراطيّة الجديدة و دكتاتوريّة البروليتاريا ؟ لماذا يتعيّن أن نفترض أنّ الآخرين معصومين من هذه النزعات و التأثيرات ؟ و ما هي معايير تحديد إن كانت "خيانة " قد حصلت ؟ التحريفية ليست جوهريّا مسألة نوايا .
الشعار الأساسي للحزب الشيوعي النيبالي - الماوي اليوم : " تمرّد شعبي على قاعدة حرب الشعب ".
السؤال الأوّل الذى يتعيّن أن يطرحه أي إنسان يعلم أنّ هذا هو الشعار المركزي للحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد ، هو عن أي حرب شعب تتحدّثون ؟ لقد إنتهت الحرب لما يناهز العقد الآن . و مناطق الإرتكاز الحمراء قد وقعت تصفيتها قبل سنوات ،و جيش التحرير الشعبي قد وقع حلّه الآن نهائيّا . و فوق ذلك ، لم يتمّ التخلّى عن الوسائل العمليّة لخوض الثورة فقط ، بل تمّ تحويل مجمل التوجّه نحو القتال من أجل مجتمع مختلف راديكاليّا ، كجزء من الثورة البروليتاريّة العالميّة ، إلى إستعمال الدولة القائمة لإدخال إصلاحات صغيرة بإسم قطاعات من الجماهير . لذا ما الذى يمكن أن يعنيه فى هذا الوضع قول إنّ حرب الشعب هي " قاعدة التمرّد الشعبي " و أي نوع من حرب الشعب ستكون على أيّة حال ؟
و لقيادة الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي إجابة على هذا : تحيل على " على قاعدة حرب الشعب " على مئات جنود جيش التحرير الشعبي سابقا الذين لا زالوا بعدُ موالين للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) و المساندة التى كسبتها حرب الشعب فى قلوب الملايين . أو مثلما وضع ذلك غوروف فى خطابه للمؤتمر السابع فى جانفي 2013 : " لقد إضمحلّت قواعد إرتكازنا بيد أنّ الناس لا زالوا هناك ... ثورتنا لن تكون مثل الثورة الروسيّة . و لن تكون مثل الثورة الصينية . ستكون مثل الثورة النيباليّة ...على قاعدة مكاسب حرب الشعب سننجز تمرّدا شعبيّا ".(18)
أوّلا ، هذان العاملان – وجود قدماء جيش التحرير الشعبي و تعاطف الناس فى مناطق الإرتكاز السابقة – يمكن فعلا أن يكونا عواملا قويّة لحزب جديد يكون قد قطع مع التحريفيّة و يطوّر خطّا و برنامجا ثوريّين . لكن دون القطيعة مع الخطّ التحريفي ، و فى غياب حملة قويّة لإبلاغ هذه القطيعة إلى الجماهير الشعبيّة لتسليحها بهذا الفهم ، فإنّ " قاعدة " الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي لا تعدو أن تكون تفكيرا آملا ، أو أسوء ، شعبويّة خطيرة .
و حتى لو وجدت قطيعة حقيقيّة مع التحريفيّة ، فإنّ الإشارة إلى بقايا جيش التحرير الشعبي و ذكرى حرب الشعب على أنّها تمثّل " قاعدة التمرّد الشعبيّ " سيكون تضليلا بشكل خطير و كذلك مثلالا آخر عن المقاربة البراغماتيّة و الأداتيّة للواقع المعروفة ب " الحقيقة السياسيّة " – التصريح بأنّ ما هو سياسيّا نافع " صحيح " - التى صارت متجذّرة بعمق كبير فى الحزب النيبالي فى ظلّ براشندا ، و تواصل الوباء مع الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد . الحرب ليست تتكوّن من الذكريات و قدامى المحاربين ، إنّها مسألة وضع ملموس – " وضع من النزاع المسلّح بين بلدان مختلفة أو مجموعات مختلفة صلب بلاد " ، مثلما يحدّدها قاموس أوكسفورد للغة الأنجليزية .
و إضافة إلى ذلك ، الوعد ب " التمرّد الشعبي على قاعدة حرب الشعب " جزء من الإستراتيجيا الإنتقائية التى تخفق مجدّدا فى القطيعة مع سياسة الحزب السابقة . و ترافق هذا الشعار مع إستراتيجيا الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الحالية ل " إحداث توازن بين الحكومة و الشارع " – هذا " التمرّد الشعبي " يتناسب مع مظهر " الشارع " ، بينما مظهر " الحكومة " لدى الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي يرتكز على التعبئة من أجل " مائدة مستديرة وطنيّة " فى البلاد . و قد يشمل هذا أساسا العمل مع الأحزاب البرلمانيّة الأخرى ، ويركّز على التحالف الذى يقوده الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي لمعارضة الترتيبات التى تقوم بها الأحزاب البرلمانيّة الأساسية الأخرى ، بما فيها الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي )، من أجل الإنتخابات الوطنيّة المنعقدة فى نوفمبر 2013 . ( إنتخابات نوفمبر 2013 إنتهت بهزيمة كبرى لحزب براشندا و باتاراي الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) الذى حصل على المرتبة الثالثة ).
واليوم ، جعلت سنوات من الخطّ الخاطئ الشيوعيين فى موقع موضوعيّا أضعف بكثير . و معرفة سير الحزب الجديد و عضويّته قد فُضحت ، و جيش التحرير الشعبي هو الآن منحلّ و مفكّك ، و سيواجه الحزب أيضا ضرورة وجوب تجييش الجماهير التى " سمعت كلّ شيء قبلا " و قد يثبت أنّه قادر على إستشعار أنّه فى حين أنّ الوجوه قد تكون قد تغيّرت ، فإنّ الخطّ القديم ظلّ هو ذاته . وبما أنّه بعيدا عن تصفية الحسابات مع الخطّ التحريفي و القطيعة مع مفهومه الإصلاحي للدولة ، لا يزال الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد يتحرّك ضمن الإطار العام نفسه ، إلاّ إذا تمّت جوهريّا القطيعة مع ذلك ، لا مجال لفرصة أخرى لمحاولة ناجحة لثورة حقيقيّة مثلما حدث مع " التمرّد الشعبي " القليل الحظّ لسنة 2010 .
بإختصار ، ليس " التمرّد الشعبيّ " ثورة ، و لن يقود إلى سلطة دولة جديدة التى لا يمكن أن تنشأ إلآّ نتيجة القطيعة مع الإطار الذى لا يزال الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي أسيرا له . و تركيز الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد على " المائدة المستديرة الوطنية " لتوحيد " كافة القوى الوطنيّة و التقدّميّة " فى النيبال مرتبط بإستراتيجيا تحدّد الدفاع عن " السيادة الوطنية " للبلاد كرابط مفتاح فى تقدّم الثورة الآن تحديدا ، مع إعتبار أنّ الهند هي التهديد الرئيسي لسيادة النيبال. و نقد شامل لهذه السياسة و للفهم الإنتقائي للحزب الشيوعي النيبالي – الماوي للأمميّة و طريقة ربط ذلك بمقاربته الإصلاحيّة للدولة خارج نطاق هذا المقال الذى سيحدّد نفسه فى نقطتين إثنتين . أوّلا ، السيادة الوطنيّة للنيبال مسألة فارغة إن تركت ضمن المركب الرجعي القائم بدلا من تطوير إستراتيجيا مستندة إلى الحاجة إلى التخلّص من الدولة الرجعيّة تماما و تركيز دولة ثوريّة تقودها البروليتاريا تقطع مع النظام الإمبريالي العالمي السائد . إنّها تخلق وهم نوع من " الطريق الثالث " ، نوع من البديل لحكم إمّا البروليتاريا أو البرجوازيّة ، وهو فى الواقع طريق لا وجود له .
ثانيا ، يواصل إتباع مقاربة براغماتيّة غالطة ل " تكتيك " إستعمال التناقضات فى صفوف العدوّ و يدافع عن أحكام خاطئة ظهرت فى ظلّ الخطّ التحريفي بشأن طبيعة القوى الرجعيّة الكبرى و دورها ، وهو يرفع القوميّة فوق الأمميّة البروليتاريّة . أنظروا إلى كيف أنّ الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي إستدعى ممثّلا للحزب الشيوعي الصيني " كأهمّ الضيوف " فى إجتماع إطلاق أعمال المؤتمر التأسيسي و ينشر مقالات تحاجج بأنّ الصين تنهض ب " دور إيجابي " فى العالم .(19 ) إلى درجة كون هذا يقع للتصدّى إلى تأثير الهند التى كانت تاريخيّا القوّة المهيمنة على النيبال ، ينكر واقع أنّ الصين غدت المصنع الإستغلالي العالمي للإمبريالية وهي إجمالا مضطهِد خبيث لمآت الملايين لشعبه مثلما تفعل الهند، إن لم يكن أكثر - و الإختلاف الأساسي هو أنّ الصين ليست القوّة الرئيسيّة المهيمنة على النيبال. نعم ، من الضروري أن نأخذ بعين الإعتبار التناقضات صلب القوى الرجعيّة ، لكن حتى إن وجدت مناورات تكتيكيّة يمكن أن تكون مناسبة ، ما هو التعليل الممكن لوجود سفير الصين ك " أهمّ الضيوف " فى مؤتمره التأسيسي ؟! ما نوع التأثير الذى سيكون لهذا نوع من السياسة الواقعيّة الساخرة على الجيل الجديد الملتحق بالحياة السياسيّة فى النيبال و عبر العالم قاطبة – مثل شباب أفريقيا الذى يرى الصين تلتحق بالنهب الإمبريالي الجشع للموارد الطبيعيّة ، لتلك القارة و الذين يقول لهم هؤلاء الماويّين الثوريّين أن الصين " قوّة إيجابيّة " فى العالم ! (20)
و تعكس السياسة الواقعيّة الساخرة كذلك و تعزّز النظرة القوميّة التى صارت مهيمنة على الحزب فى السنوات الأخيرة . و إتخذ هذا عديد التعبيرات المختلفة – من وصف القوى الإمبريالية العالميّة ك " مجتمع دولي " إلى النأي بأنفسهم عن الحرب الثوريّة التى يقودها الماويّون فى الهند ( مثلما فعل براشندا فى إجتماع فى داهي فى 2006 ) (21). و خلال إنتخابات المجلس التأسيسي لسنة 2008 ، قام الحزب بحملة لجعل النيبال " المحور الديناميكي بين الصين و الهند " قصد تطوير البلاد إلى " سويسرا جنوب آسيا " . لا توجد كلمة نقد واحدة لهذه القوميّة الضيّقة المفضوحة فى عشرات الصفحات التى خطّها الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي و قادته حول تاريخ الحزب المتوفّرة بالأنجليزيّة – و إن وُجدت فى مكان آخر ، يتعيّن على الحزب الشيوعي النيبالي- الماوي أن يجعلها معروفة !
منذ أواخر 2005 ، خاض الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية صراعا حادّا ضد المواقف الخاطئة للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) القديم ( و ثمّ الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) فى عديد الرسائل و المقالات – لذا الآن و قد قطع الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي مع الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) و يندّد به على أنّه تحريفي ، ما رأيه فى هذا الصراع الطويل و الموثّق جيّدا ؟ بينما لم ينشر و لا كلمة – و هذا فى حدّ ذاته ينمّ بعد عن نقص فى الجدّية لدي قيادة الحزب الشيوعي النيبالي- الماوي الجديد – فإنّ حجّة يتداولها بعض الناس كالتالي : بينما نقد حزبكم عديد النقاط نقدا ذى صلة فإنّ إتخاذ هذه المواقف قبل ذلك بكثير كان سيبقينا فى كتلة كيران منعزلين و وحيدين فى نوع من النقاوة الدغمائيّة . و كدليل على هذا ، يشير مقترحو هذه الحجّة إلى مصير قادة حزبيين آخرين سابقين ، مثل ماتريكا ياداف و مانى ثابا اللذان تمرّدا عند منعرجات سابقة فى سيرورة السلام ضد سياسات معيّنة التى إتبعها الحزب ، لكنّهم لم ينجحوا فى بناء بديل ثوري جماهيري . دون التوغّل فى نقاش حول المزايا الخاصّة لترك الحزب فى زمن أو آخر ( وهو خارج مجال هذا الكتاب ) ، فإنّ الجواب الأساسي لهذا ، إلى درجة أنّها وجهة نظر يدافع عنها الذين فى صفوف الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ، هو أن سنوات من التسوية مع التحريفيّة ، من إبتلاع المساومة خلف المساومة مع النظام القائم إتباعا لما يسمّى بصورة شائعة " سياسة الممكن " قد ترك الحزب الجديد دون خطّ ثوريّ حتى اليوم ! لا يزال الحزب غارقا فى وحل الإصلاحيّة و الديمقراطيّة الإشتراكيّة و القوميّة و الإنتقائيّة والبراغماتيّة ، مع فهم خاطئ جوهريّا لسلطة الدولة ، للثورة الديمقراطية الجديدة و كيف ستؤدّى إلى الشيوعيّة و للمنهج العلمي المطلوب لقيادة النضال الثوري .
و يجب أن نشير عند الردّ على هذا الإدعاء بأنّه إلى اليوم، بعد عقد من الزمن من إصدار باتاراي طلقته النظريّة ضد نظريّة و ممارسة الشيوعيّة ، جداله لم يقع بعدُ الردّ عليه من أي كان من الحزب النيبالي ، حتى و إن كان لا يزال بشكل واسع يهيمن على تفكير الحزب . لذا بكلمات أخرى ، إزاء تهمة مواجهة الخطّ التحريفي فى الحزب من قبل خطّ ثوريّ كانت ستؤدّى إلى العزلة ، نودّ أن نسأل : ما أدراكم ، بما أنّ لا حد قد حاول حقّا ذلك ؟! و إن كنتم ستسمحون للأعداد أن تكتسي أولويّة نسبة للخطّ ، مثلما تفعلون بهذه الحجّة ، عندئذ سيوجد كذلك ضغط قويّ للإنتهاء تراجعا إلى أحضان الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) لبراشندا و باتاراي – فهذا الأخير ، فى آخر المطاف ، لا يزال أكبر بكثير من الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي و لا يزال يدافع عن الماوية فى الكلام .
و أكثر جوهريّة ، كم مرّة وقع حقيقة تأكيد ملاحظة ماو أنّه إن كان الخطّ خاطئا حتى و إن كان لدينا جنود سنخسرهم ؟ و إن كان الخطّ خاطئا ، لن يقود إلى أي مكان جيّد ، و ما هي النقطة على أي حال ؟ ألم تكن خسارة الآلاف من جنود جيش التحرير الشعبي كقوّة ثوريّة – مع أو دون " كرامة "- مع ذلك من الدلائل الأخرى على أنّ هيمنة الخطّ الخاطئ ستؤدّى إلى خسائر مدمّرة ؟ بينما التوافق مع التحريفيّة سيُكسب بعض المنخرطين ، فإنّه فى نهاية المطاف سيؤدّى إلى العزلة عن الذين هم أكثر إضطهادا ، أولئك المتعطّشين بأكثر حماس للثورة . أم هل أنّ عمل الثوريين هو مجرّد عكس للمشاعر القصيرة الأمد للجماهير العريضة حتى – مرّة تلو المرّة يقتضى التمسّك بالطريق الثوري النضال ضد الأوهام التى يولّدها سير النظام و بصورة أعمّ ما وصفه لينين ب " النزعة العفويّة إلى كنف البرجوازيّة " (22) هذه مهمّة مفتاح تقع على عاتق الطليعة الشيوعية بغاية إبقاء أعين الجماهير على هدف سلطة الدولة الثوريّة ، فى خضمّ إنقطاعات زمن الإضطرابات و تغيّراته. (23).
عوض الظهور كبديل ثوريّ للحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) عقب صراع خطّين طويل المدى ضد التحريفية ، فإنّ الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي قد لفظ فقط بعض المظاهر و التعبيرات البارزة لتلك التحريفية و لم يقطع حقّا مع الخطّ و الإطار الإيديولوجي و السياسي الذى أفرزها . ما نحتاج القيام به فى وجه هذا هو المضيّ عميقا إلى أسس الخطّ الخاطئ الذى حال دون إجراء هذه القطيعة رغم رغبة ونوايا عديد الذين يدّعون إرادة المضيّ قدما بالثورة . لكن ذلك سيتطلّب أيضا النظر نظرة مفصّلة أكثر فى كيف أنّ الصراع صلب الثورة النيباليّة يرتبط بمفترق الطرق الأوسع الذى يواجه الحركة الشيوعيّة العالمية .
---------------------------------------------------------------------------


الجزء الثاني : الحركة الشيوعية العالمية و الحزب الجديد
--------------------------------------------------
تلقّت عدّة مجموعات صلب الحركة الأممية الثوريّة و مجموعات أخرى ، بحماس إنشقاق القوى التى يقودها كيران عن الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ). و مع ذلك ، فيا لها من سخرية عميقة أن يكون الكثير من الذين يمدحون اليوم الحزب الجديد وهو من جانبه يحتضنهم ، كانوا يمدحون كذلك الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي )عندما كان الخطّ التحريفي هو المرشد للحزب و المهيمن عليه فى المصاف الأوّل !
و أوّل مثال لهذا هو المنظّمتين المحوريّتين فى مبادرة إعادة تجميع الأحزاب الماويّة المرتبطة بمجلّة الطريق الماوي ( و من هنا فصاعدا سيشار إليهم ب " الطُرقيين" ) ؛ الحزب الشيوعي الإيطالي (الماوي ) و الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري . و المثال الثاني هو موقع أنترنت معادي للثورة نهائيّا فى الولايات المتحدة الأمريكيّة ، " كازاما " الذى أسّسه مايك إيلي قبل بضعة سنوات فى محاولة منه لمهاجة الحزب الشيوعي الثوري و بوب أفاكيان بوجه خاص بطرق غير مبدئيّة أصلا ...هذا الموقع على الأنترنت ، فيما يقدّم نفسه كأرضيّة و منتدى لنقاش الثورة و الشيوعيّة ، قد إنخرط طوال سنوات عدّة الآن فى نشاطات تروّج لمعاداة الشيوعيّة و تعزّز الثورة المضادة . (24) إنّ الخطّ والمنهج الإنتهازيين لكازاما متّصلين صلة لا تنفصم بنشاطاته المناهضة للثورة ، يخدم جيدّا كمعلّم بالمثال السيّء. و مظهر من النشاط المناهض للثورة لكازاما كان ربط نفسه بإنتهازيّة بالثورة فى النيبال ، مروّجا و محتفيا بالضبط بالخطّ الذى كان يقود الأمور بعيدا عن الثورة . لمّا كان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ينطلق من أفق حقيقي لخوض الصراع قصد مساعدة الحزب فى النيبال على العودة إلى طريق الثورة ، كان كازاما يهاجم الحزب الشيوعي الثوري وموقفه المبدئي . كلّ هذه التنظيمات قد تميّزت بدفاعها لمدّة طويلة عن الخطّ التحريفي فى النيبال و بهجماتهم اللاذعة على نقد الحزب الشيوعي الثوري لذلك الخطّ و على الخلاصة الجديدة عامّة أيضا .
فى 2013 ، نشر آجيث الذى كان قد كتب معظم المقالات النظريّة التى أنتجها الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري ، هجوما مطوّلا عنوانه " ضد الأفاكيانية " (25) مستعملا مفردة " الأفاكيانية " كوصف يسيء به للخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان . و بصورة عرضيّة يتضمّن المقال دفاعا عن مواقفه السابقة حول النيبال . و يحاجج آجيث بغضب أنّ " التهمة التى وجهها الحزب الشيوعي الثوري لحزبنا على أنه كان " مساندا متحمّسا لتفكيك الثورة فى النيبال " محض كذب ." و كدليل على ذلك ، يحاجج أنّه خلال الفترة الممتدّة بين 2006 و 2010 ، أصدر الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري عددا من المقالات قامت بنقد أو لآخر لخطّ الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي . هذا صحيح – و هذا بالضبط ما فعله جميع " الطُرقيّين " ) – لقد وضعوا موضع السؤال و أحيانا حتى نقدوا مظهرا أو آخر من خطّ الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) ، أو بصفة أعمّ ، " تكتيكاته " و حذّروا من مخاطر و منزلقات شتّى فى طريق التقدّم ، بينما كانوا يدافعون عن جوهر الخطّ و يمدخون الخطوات العمليّة الأساسيّة التى كان الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) يتخذها ، و خاصّة إتفاق السلام الشامل ، و إلتحاق الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) بالحكومة الإنتقاليّة فى 2006 و إنتصاره فى إنتخابات المجلس التأسيسي فى 2008 . لقد مدحت هذه المجموعات و عديد الماويين الآخرين عالميّا نتائج إنتخابات المجلس التأسيسي لسنة 2008 التى جعلت الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد ( الماوي ) يترأّس الحكومة و براشندا وزيرا أوّلا ، على أنّها " إنتصار " ، و عادة " إنتصار لحرب الشعب " – لا يهمّ إن كان جيش التحرير الشعبي عمليّا قد إستسلم ، و عمليّا وقع تفكيك مناطق الإرتكاز و بصفة أخصّ ، أنّ الإنتخابات كانت مناورة من قبل الإمبرياليين و الرجعيين لحرف الحزب عن الطريق الثوري و توجيه التمرّد الجماهيري نحو السياسات البرلمانيّة المهترئة .(26)
لا حاج للتنقيب العميق للعثور على كيف أنّ الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري فى هذه الفترة قد ساند كلّ خطوة من الخطوات الكبرى بإتجاه " تفكيك الثورة فى النيبال " ، ذلك لأنّ الأدلّة يوفّرها قلم آجيث ذاته ، بعد بضعة جمل فقط من ذلك إذ كتب : " و بعد ذلك ، عندما سلك الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) منعرج إيقاف إطلاق النار و التحالف مع الأحزاب السياسية للطبقة الحاكمة و الحكومة الإنتقالية ، شرع حزبنا فى دراسة شاملة للمسألة . عموما وقع القبول بالتكتيك الجديد للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) على أنّه مبرّر . و فى نفس الوقت جرت كذلك ملاحظة تضمنه مخاطرا جدّية ." ( 27 ) [ التشديد مضاف ]
أليست هذه هي ذات المقاربة الإنتقائيّة ( التى تصبح أوضح حتّى مع مواصلة آجيث محاججته ) التى كانت أداة ل " تفكيك الثورة " فى النيبال لسنوات ثماني الآن – من جهة ن هذا و من الجهة الأخر ذاك ، بينما لا يشخّص أبدا ما يمثّل المظهر الرئيسي للمسألة ! من جهة ، " تكتيكات ط الحزب كانت " مبرّرة " لكن من الجهة الأخرى ، كانت تطرح مخاطرا جدّية – عندما كان ما يحدث على أرض الواقع فى النيبال خطوة خطوة هو التكيّف مع النظام الرجعي القائم ، فى ظلّ الخطّ التحريفي الذى وقع تبنّيه فى تشنوانغ سنة 2005.
يقبل آجيث بأنّه وجدت بعض المشاكل فى علاقة بخطّ نكسلباري لكنّه مرّة أخرى يسعى إلى التقليل من أهمّيتها . فبعد الإشارة إلى " المقاربة العقائدية التى عرضها الحزب الشيوعي الثوري " ، كتب : " فى حين رفضنا التقييمات العقائديذ’ لتكتيك الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) ، فإنّ بعض المظاهر الصحيحة التى رأيناها فى النقد إعترفنا بها و لاحظنا :" أشير إلى أنّ الحزب الشيوعي النيبالي( الماوي) كان ينزع السلاح الإيديولوجي و السياسيّ لصفوفه و للجماهير بقبوله بمثل هذه الظروف ( وضع جيش التحرير الشعبي فى ثكنات و تفكيك أجهزة السلطة المحلّية ) ، عند إستسلام الجيش الثوري و السلطة الثوريّة ، على الأقلّ في القول . " ( 28).
و هذا عرض أتمّ – من 2010- لنظرة الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري التى يبحث آجيث عن التقليل من أهمّيتها : " إستنتج الإجتماع الموسّع المركزي لحزبنا فى أكتوبر 2006 أنّ "الخطط السياسيّة – التنظيميّة للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) تنخرط فى مهام و توجه الثورة الديمقراطية الجديدة. على عكس الدعاية التى يقوم بها العدوّ و التحريفيّون ،و كذلك الشكوك التى نشأت فى أذهان بعض الرفاق ، فإنّ التكتيك الراهن للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) لا يشير بأي شكل إلى رغبة فى التخلّى عن طريق الثورة من أجل البحث عن تقاسم للسلطة القائمة . بالعكس ، يشير إلى توجّه ماركسي – لينيني – ماوي و إلى تطبيقه . تكتيكه يخدم إستراتيجيا الثورة الديمقراطية الجديدة . إنّهم يطبّقون هذه التكتيكات للقتال و إتمام الثورة الديمقراطيّة الجديدة . يقود الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) نضالا سياسيّا كبيرا و من واجبنا الأممي أن نأيّده و نبني له الدعم "(29)( التشديد مضاف ).
يعترف آجيث بالخطإ فقط ليقلّل من أهمّيته و ليجعله دون معنى . إستسلام الجيش و تفكيك السلطة السياسيّة الحمراء كانا مجرّد " قول " ؟! سيكون هذا من الأخبار المذهلة لآلاف جنود جيش التحرير الشعبي الذين وقعت عمليّة حجز أسلحتهم و وضعوا فى ثكنات تحت إشراف الأمم المتحدّة ، و للشرطة الرجعيّة التى عادت إلى مراكز الأمن التى أطردتها منها حرب الشعب عبر الريف برمّته !
معالجة آجيث لهذه التطوّرات على أنّها مجرّد " قول " و على أنّها " تكتيك " نقض جدّية الحرب عينها التى خيضت ليس إيديولوجيّا و سياسيّا فحسب ، بل بمعارضة أصناف من القوى الماديّة – وهو ما جعل ماو يؤكّد على أنّه مهما كانت المفاوضات التى ندخل فيها مع العدوّ ، لا يجب أبدا التخلّى عن جيش التحرير الشعبي و قواعد الإرتكاز الثوريّة .
و تعكس هذه المقاربة للمعالجة المتكرّرة لمثل هذه المسائل على أنّها مجرّد مسألة " تكتيك الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي )" نفي آجيث ذاته العنيد لحيويّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي و كون إستسلام الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) و جيش التحرير الشعبي و السلطة الحمراء لم تكن مجرّد تكتيك خاطئ بل ينبع من الخطّ التحريفي الذى وقع تبنّيه فى تشونوانغ سنة 2005 و تعزيزه و خدمته. هذا ما يسعى آجيث لمقاومته بتنديده ب " التقييمات العقائديّة لتكتيك الحزب الشيوعي النيبالي( الماوي)" و بالقيام بذلك يتقاسم آجيث الخطّ الخاطئ للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) ذاته الذى فى ردّه على الرسالة الأولى للحزب الشيوعي الثوري إستبعد النقد على أنّه " تعليمنا للأبجديّات " أي " عقائدي " – كما لو أنّها لا تستحقّ العناء إنلم تكن بصراحة ذميمة لإعادة التذكير بالمبادئ القائدة للماركسيّة التى ثبتت صحّتها ، بما فى ذلك فى هذا المضمار بالذات .
و بالفعل ، بحاجزمنيع بين الخطّ و تكتيك مثل هذا ، لا يمكنك أن تمرّر إبرة بين نظرات آجيث و نظرات ... نعم بالفعل ، السيّء الصيت باتاراي " الخائن " . فى حوار صحفي ، حاجج باتاراي ، " للقطع مع نمط الإنتاج القديم و إجراء قفزة نحو نمط إنتاج جديد ، ينبغى أن تكسر جميع العلاقات صلب الدولة المسنودة من الجيش . و هذا يقتضى حتما إستعمال القوّة . هذا قانون تاريخي و مبدأ أساسي فى الماركسيّة – اللينينية – الماوية ليس بوسع أحد مراجعته ... أبدا حزبنا لنيلغي هذا المبدأ الأساسي ... و متمسّكين بهذا المبدأ الأساسي ، خضنا حرب الشعب المسلّحة الطويلة الأمد من 1996 إلى 2006 . لكن بعد 2006 ، إبتعدنا نوعا ما عن ذلك فى خطّنا التكتيكي " (30) [ التشديد مضاف ]. و يمضى باتاراي ليطمئنّ القرّاء بأنّ الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) لن يجعل أبدا جيش التحرير الشعبي يستسلم أو لن يفكّك قواعد الإرتكاز و يكرّر مرّة فمرّة أنّ ما يبدو إصلاحيّة بارزة هو فى الواقع مجرّد " تكتيك " – وهي صورة مشوّهة لم يقدر آجيث و لا يزال غير قادر على الرؤية من خلالها ، بالضبط لأنّه يشاطر مقاربة باتاراي عناصرها المفاتيح .
بالنسبة لآجيث ، صفة " العقائدي " الملصقة بالحزب الشيوعي الثوري تنعكس فى رسالته المؤرّخة فى 19 مارس 2008 الموجّهة للحزب النيبالي حيث يعترف الحزب الشيوعي الثوري بأنّه : " فى الظروف السائدة لما بعد تداعي الملكية المطلقة فى أفريل 2006 كان سيكون من العسير و ربّما غير المرغوب فيه مواصلة النضال المسلّح بلا توقّف أو رفض الدخول فى مفاوضات مع الأحزاب البرلمانية السبعة " .
و يسخر آجيث من هذا ، محاججا " إذا كانت موضوعية إمكانية مفاوضات ( و كذلك تعنى إمكانية إتفاق مؤقّت) مقبولة إذن الخطّ و التكتيك اللذان سمحا للحزب بإستعماله لا يمكن بإختصار إستبعاده . و من جهة أخرى ، إذا وقع إنكاره أو إستعماله و التعاطي معه بصورة سطحية ، إذن القبول ب" الظروف الخاصة" و المفاوضات لن يكون سوى حركة لا معنى لها." ( التسطير فى النصّ الأصلي ).
هنا موقف مقتضب لفهم آجيث للعلاقة بين الخطّ السياسي و الإيديولوجي و الواقع الموضوعي . بالنسبة لآجيث ، يُفهم الخطّ على أنّه ما " سمح للحزب بإستعماله " فى وضع معيّن – لذا إن " سمح الخطّ للحزب بإستعمال " الوضع عندئذ يكون هذا معيارا لصحّته أي لا يمكن أن ط يستبعد المحاكمة " . هنا يغدو الخطّ محدّدا بالضرورة المجسّدة فى الأوضاع الموضوعيّة الخاصّة – يرتئى التطوّر فقط على أنّه ما يمكن يستقرأ خطّيا من هذه الظروف . ما يحتاج إليه عوض ذلك هو إستيعاب الشيوعيّة كعلم يستخدم لتحليل الواقع المتناقض ، و نعم ، ضرورة تنشأ الظروف الموضوعيّة التى يجب أن تتغيّر عبر الصراع – لكن الضرورة التى تواجه الشيوعيين و العوائق التى تأثّر فيهم ، ليست محددة بالوضع المباشر الخاص و حسب ، و هو ما يقع فى أحابيله آجيث ، و إنّما بالأحرى يجب النظر إليها فى إطار الضرورة الأوسع نطاقا التى تواجه الإنسانيّة – الحاجة إلى الثورة . و بكلمات أخرى ، فى تقييم الحاجة إلى إدخال تعديلات تكتيكيّة – و التعديلات بالتأكيد كانت لازمة زمن جانا أندولان 2 ، مثلما هو مكتوب بجلاء فى رسائل الحزب الشيوعي الثوري إلى الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) من المركزيّ ضمان ألاّ تدخل فى مساومة أو تقوّض الأهداف و المبادئ الإستراتيجية العامة فى الإجابة على متطلّبات اللحظة . المسألة الأساسيّة و الجوهريّة كما عالجتها رسائل الحزب الشيوعي الثوري هي الإطار و الأفق الإستراتيجيين لمقاربة المفاوضات ، و ليس حظّ الخطّ و التكتيك الذى " يسمح للحزب بإستعماله " (31).
لهذا حسب آجيث ، وضع جيش التحرير الشعبي فى ثكنات و تفكيك قواعد الإرتكاز الثوريّة لا يذهبان بالضرورة ضد جوهر مبادئ فهم ماركس لسلطة الدولة . و كذلك لا يرى أنّ هذا " التكتيك " ثمرة متوقّعة كامنة لخطّ تحريفي وقع تبنّيه فى تشنوانغ لكن عوض ذلك يتعاطي معه على أنّه مجرّد " تكتيك" يعتمد أو لا يعتمد تبعا " لفائدته " للحزب . مسألة إمكانيّة إستعمال ما يصبح بعيدا عن النظر كما هو الحال بالنسبة للثورة ، تجعل الثورة مغمورة تحت المقاربة الإقتصادويّة السائدة للحركة كلّ شيء و الهدف النهائي لا شيء . و هذا يثير مسألة ماذا لو أنّ فى بعض الظروف المعطاة ، التمسّك بالمبدأ الثوري من الوارد جدّا أن يؤدّي إلى الهزيمة أو التراجعات على المدى القصير ؟ بما أنّه فى نظر آجيث يصبح حينئذ الخطّ عائقا لا " يسمح للحزب بإستعمال " الظروف أصلا ، من الواضح أنّه لا وجود لخيار آخر سوى نفي المبدأ. ( أليس هذا بالضبط ما حصل للماركسيين فى الحرب العالميّة الأولى – رسميّا لم يقع التخلّى عن مبدأ الأممية ، على الأقلّ من طرف قيادة الإشتراكيين الألمان و المنظّر كارل كاوتسكى، لكن وفق وجهة نظره لم يكن ممكنا تطبيق الأمميّة – و لهذا دعا القادة الإشتراكيّون العمّال إلى الوقوف إلى جانب حكّامهم الخاصين لإطلاق الرصاص على العمّال " الأعداء " (32). الواقع العملي يمحو المبادئ " العقائديّة ".
رغم حديث آجيث عن وضع جيش التحرير الشعبي فى ثكنات على أنّه مجرّد " قول " ، فإنّه هو و حزبه كانا فى الواقع واعيين تمام الوعي لما حصل فى العالم الحقيقي للنيبال . و على حدّ ما كتبت " الموجة الجديدة " ، مجلّة أصدرها الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري فى ديسمبر 2006 : " وفق الإتفاق الجديد ، تقريبا حسب الخطوط التى إقترحها الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) ، ستظلّ أسلحة جيش التحرير الشعبي ضمن ثكناته ، تحت مراقبة الأمم المتحدة . لكن الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) إحتفظ بحقّ حمل السلاح لحماية قادته و الثكنات . و سيظلّ الجيش النيبالي فى معسكراته بإستثناء مهام الحراسة و بعدد أسلحة مساوي سيبقى تحت مراقبة الأمم المتحدة. سيحكمه قانون عسكري جديد و ضرورة دمقرطة صفوفه و ثم تقليص حجمه . و إضطرّ الخادم الأمين للتوسّعيّة الهنديّة ، الوزير الأوّل ج ب كوبرالا إلى التراجع عن موقفه المتعجرف بأنّ الماويين لا يمكن القبول بهم كقوّة سياسيّة طالما حافظوا على أسلحتهم . كلّ هذا أيضا صفعة شديدة لمحاولات الإمبريالية الأمريكية و التوسّعيّة الهنديّة الحيلولة دون منح مكانة مساوية لجيش التحرير الشعبي فى علاقة بالجيش النيبالي " . (33) [ التشديد مضاف ]
أي عرض مدهش للإنتقائيّة المفضوحة حول مسألة سلطة الدولة – جيش التحرير الشعبي و أسلحته محجوزين فى ثكنات معزولة فى الريف ، و جيش التحرير الشعبي مقطوع عن جذوره وسط الجماهير ، يتمّ الترويج لأوهام جامحة عن وعد " دمقرطة الجيش النيبالي و تقليص حجمه " ، لكن بالنسبة لآجيث و الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري ، يمثّل ذلك " صفعة شديدة " للإمبريالية و للتوسّعيّة ! هنا مجدّدا نرى مثالا من تطبيق آجيث للإنتقائيّة المفضوحة ... لكن ما أهمّية هذا ؟ كلّ هذا غير هام ، يريد آجيث منّا أن نعتقد ، بما أنّ فى عالمه هذا ليس إلاّ " تكيتيك " !
هذا الفصل الثنائي بين الخطّ و التكتيك هو الذى يقف اليوم وراء تلخيص آجيث فى 2008 أنّ " تكتيكا جديدا ينبغى أن يرسم لكن ينبغى أن يكون قائما على واقع أنّ سيرورة تشنوانغ قد إنتهت مع أواسط 2007 ذاته . هناك حاجة إلى تكتيك جديد : ليس لأنّ إنتخابات المجلس التأسيسي إنتهت و تمّ إلغاء النظام الملكي ، و إنّما لأنّ الحزب قد تقدّم بما فيه الكفاية فى الأهداف التكتيكيّة التى رسمها فى 2005 ، كجزء من الإعداد للهجوم النهائي لإفتكاك السلطة السياسيّة . فى الأخير ، كان هذا هو الهدف المعلن لتكتيك تشنوانغ " [ التشديد مضاف ]
لكن ما هو المضمون الحقيقي لهذا " التقدّم " الذى ينعته آجيث ب" الكافي " : مع أواسط 2007 ، إستسلم جيش التحرير الشعبي و وقع تفكيك قواعد الإرتكاز و أضحى الحزب جزءا من حكومة إنتقاليّة منخرطة فى سيرورة المجلس التأسيسي لإعادة الشرعيّة للدولة الرجعيّة – لذا حقّا ماذا يعنى قول إنّ " سيرورة تشنوانغ قد إنتهت مع أواسط 2007 " ؟! متى كانت أصلا جيّدة فى المصاف الأوّل ؟! ليست هذه مسألة خطّ سياسي و إيديولوجي ثوري يتناسب مع تكتيك أنجز " تقدّما كافيا " و " قد إنتهى " ، إنّه خطّ غالط قاد الحزب إلى التخلّى عن ثمرة سنوات من الحرب الثوريّة و الإبحار فى طريق سيقودهم إلى المساعدة على إضطهاد أولئك الذين كانوا يقودونهم نحو التحرير .
المسألة هي أنّ الحزب كان بمستطاعه أن يحافظ على خطّ سياسي و إيديولوجي صحيح فى هذه الفترة و كان بمستطاعه أن يصوغ تكتيكا ثوريّا ليستغلّ التمرّد الجماهيري فى 2006 ضد النظام الملكي و يطوّر وحدة أوسع و أعمق ، خاصّة مع قوى وسطيّة فى منطقة واد كتمندو . ولنأخذ مثلا مشكل كيفيّة الردّ على الآمال العريضة – و الأوهام – المتصلة بالديمقراطيّة صلب الطبقات الوسطى فى منطقة واد كتمندو . مثلما جرت المحاججة فى رسائل الحزب الشيوعي الثوري إلى الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) ، هناك الكثير لتعلّمه من المنهج و المقاربة اللتين تقدّم بهما بوب أفاكيان ، فى جزء منهما مكثّفان فى مفهوم " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " . تنطلق هذه المقاربة طوال سيرورة القيام بالثورة ، قبل إفتكاك السلطة و بعده . و من الممكن و الضروري السماح بإزدهار الأراء السياسيّة و المجموعات السياسيّة المتنوّعة ، مع نظرة تجاه التوجّه بالمجتمع نحو القطائع الراديكاليّة المعنيّة لبلوغ الشيوعية – القطيعة مع كلّ العلاقات التقليديّة و كلّ الأفكار التقليديّة ، فى الأقوال و فى الأفعال . حقّا ، إلى حدّ كبير يمكن تصوّر تكتيك يعكس بلوغ هذا الهدف الإستراتيجي و يخدمه و كان يستطيع أن يعبّئ الجماهير بما فى ذلك شرائح هامة من صفوف الطبقات الوسطى فى منطقة واد كتمندو ، فى خضمّ وضع مضطرب و متأزّم موجود فى النيبال فى تلك السنوات و السنوات التى تلتها ؟
لاحظوا أنّ نقد آجيث للخلاصة الجديدة يفوق المائة صفحة فى طوله ، إلاّ أنّه لا يفرد و لو صفحيتن للصراع حول النيبال . من غير الممكن عدم التعجّب ألا يعود ذلك فى جزء منه إلى كون آجيث يريد أن يصوّر هذا الصراع الطويل الذى تعلّق بإنهيار الحركة الأمميّة الثوريّة بشكل ملتوى بما أنّه يكشف إلى أبعد الحدود عدم قدرة الخطّ الدغمائي ( مختلط بالكثير من اليمينيّة من الطراز القديم ) ل " الطُرقيين " و عدم قدرتهم على توفير أي نقد موضوعي للمأزق فى النيبال أو توفير أي حلّ . نودّ أن نسأل آجيث : كيف تفسّرون واقع أنّه بإعترافكم الخاص لم يقدر حزبكم على تشخيص الخطّ التحريفي فى النيبال ، و عوض ذلك ساند تماما إستسلام جيش التحرير الشعبي و مناطق الإرتكاز الحمراء كجزء من " الصفعة الشديدة " للإمبريالية و التوسّعيّة ثم مدح الإنتصار فى إنتخابات 2008 وهي خطوة مفتاح فى إصباغ الشرعيّة على الدولة الرجعيّة التى فقدت شرعيّتها ، بعد عدّة سنوات من قرع الحزب الشيوعي الثوري ناقوس الخطر بصورة إستعجاليّة صلب الحركة الأممية الثوريّة تحديدا بشأن هذا الخطر ؟!
و أمّا بصدد تنظيمكم الماوي العالمي الجديد المقترح الذى سيُبنى على أساس " إتخاذ حرب الشعب كنقطته المرجعيّة و عاموده الإستراتيجي " ، فنودّ أن نسألكم أي مساعدة تعتقدون أنّه سيقدر على توفيرها للثوريين فى المستقبل فى حين أنّكم لم تلخّصوا تمام التلخيص الأخطاء المنهجيّة الكامنة التى أصابتكم بالعمى فلم تروا أهمّية إستسلام جيش التحرير الشعبي و السلطة السياسيّة الحمراء و هما عنصران ضروريّان للغاية فى خوض أي حرب شعب حقيقيّة و لم تقطعوا معها ؟
أمّا بالنسبة للحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي ) وهو قوّة من القوى الأخرى القائدة لل" طُرقيين "، فإنّ وجهات نظره هي فى الأساس مجرّد ترديد مبتذل لخطّ آجيث الأكثر تمفصلا . و قد مدح إنتصار إنتخابات المجلس التأسيسي لسنة 2008 و نظّم فى خريف 2009 – بعد أربع سنوات من الرسالة الأولى للحزب الشيوعي الثوري إلى الحزب الشيوعي النبالي ( الماوي ) ، و سنة بعد تشكيل الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) لحكومة و براشندا وزيرها الأوّل فى النيبال – جولة وطنيّة عبر إيطاليا لبرفاتي ، زوجة باتاراي وهي ذاتها من أبرز زعماء الخطّ التحريفي فى الحزب النيبالي . و لم يمنع ذلك هؤلاء الممارسين المتصلّبين للسياسة الواقعيّة من الظهور فى المؤتمر السابع للحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الجديد فى 2013 و التنديد ب " الخائنين " باتاراي و براشندا ، دون طبعا كلمة نقد ذاتي واحدة للسنوات الطوال من مساندتهم الخاصّة للخطّ التحريفي .(34)
و فى الوقت الذى نعتبر فيه تفحّص مقترحات " الطُرقيين " للحركة الشيوعية العالمية خارج نطاق هذا المقال ، من المفيد هنا أن نلقي نظرة بسيطة عن صلة هذه المقترحات بالثورة فى النيبال . اليد فى اليد مع الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني ،و بالرغم من التاريخ المغزي لمساندة التحريفية فى النيبال من قبل هذه الأحزاب الثلاثة جميعها ، يدّعون إمتلاكهم لحلّ للثورة فى النيبال و للحركة الشيوعية العالميّة بصفة أعمّ – وهي تبنّى " حرب الشعب كنقطة مرجعيّة و عامودها الإستراتيجي " - وهي نقطة شدّد عليها الحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي ) فى تدخّله فى المؤتمر السابع للحزب الشيوعي النيبالي – الماوي .
و يعكس هذا النزعة المشار إليها فى بيان الحزب الشيوعي الثوري ، المشتركة لدى " وجها المرآة " داخل الحركة الشيوعية العالمية ، نحو " تقليص الماوية " " إلى مجرّد وصفة لخوض حرب الشعب فى بلدان العالم الثالث ، بينما يتمّ تجاهل أو التقليص من أهمّية أبرز مساهمة من مساهمات ماوتسى تونغ فى الشيوعيّة : " النزعة المشتركة لتحويل " الماوية " لمجرّد وصفة لخوض حرب الشعب فى بلدان ما يسمّى بالعالم الثالث بينما تهمل مجدّدا أو تقلص أهمية أهمّ مساهمة من مساهمات ماو فى الشيوعية : تطويره لنظرية وخطّ مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وكافة التحليل الثري والمنهج العلمي اللذان عليهما تأسّس ذلك و اللذان جعلا تطوير تلك النظرية وذلك الخطّ ممكنا ."
و التيّار الذى يتزعّمه آجيث يتميّز بوجه خاص بهذه النزعة لكن لعلّ الحزب الشيوعي الثوري الكندي يمضى بها أبعد . ففى بيانه المرسل إلى المؤتمر السابع للحزب الشيوعي النيبالي – الماوي و دون كلمة واحدة عن الحاجة إلى إجتثاث الخطّ التحريفي الذى تسبّب فى إنحراف الثورة النيباليّة ، يستنتج الحزب الشيوعي الثوري الكندي : " بيّنت تجربة حزبنا طوال ال20 سنة الأخيرة كذلك قوّة الماركسية – اللينينية – الماوية و تفوّقها . لقد بيّنت بصفة خاصة أنّ أفضل وسيلة للدفاع عن الماركسية – اللينينيّة – الماويّة و تطويرها و خاصة جعلها قوّة واقعيّة للتغيير الثوري هي تطبيقها فى الممارسة العمليّة " ( 35) ( التشديد مضاف ).
هذا التلخيص لتجربة الحزب النيبالي الماوي يكدّس الخطأ تلو الخطإ . و كانت الإستهانة البراغماتية بالنظرية أحد أهمّ الأسباب عدم الردّ أبدا على الهجوم النظري لباتاراي على النظرية و الممارسة الشيوعية ، ما سمح للخطّ التحريفي بأن يعتسح الحزب و يؤدّى به إلى المستنقع فى المصاف الأوّل . و الآن يندفع الحزب الكندي نحو أنّ " أفضل وسيلة للدفاع عن الماركسية – اللينينيّة – الماويّة و تطويرها ... هي تطبيقها فى الممارسة العمليّة " ، وهو ما لا يمكن أن يعني إلاّ مواصلة ذات النهج ، فى حين أنّ ما نحتاجه أكثر من أي ومن مضى هوالقطيعة الراديكاليّة مع مجمل هذه المقاربة و نبذ صارم و شامل – و نظري – للنظريّة التى أدّت إلى هذه الممارسة التحريفية .(36)



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و مفترق الطرق الذ ...
- إعادة صياغة برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللين ...
- حول - القوّة المحرّكة للفوضى - و ديناميكية التغيير ...النضال ...
- نظرة على الخلافات بين الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – ال ...
- هل يجب أن نجرّم المهاجرين أم يجب أن نساندهم ؟
- هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي المجرم يحطّم كوكبن ...
- مقدّمة كتاب : مقال - ضد الأفاكيانية - و الردود عليه / الماوي ...
- خلافات عميقة بين الحزبين الماويين الأفغاني و الإيراني - الفص ...
- النساء فى مواجهة النظام الأبوي الذى ولّى عهده : الرأسمالية – ...
- 8 مارس 2014 : لنناقش هذه المقولات لبوب أفاكيان رئيس الحزب ال ...
- إيران : الذكرى 32 لإنتفاضة آمول – - لقد أثبت التاريخ منهم عم ...
- إيران : الذكرى 32 لإنتفاضة آمول – - لقد أثبت التاريخ من هم ع ...
- مصر و تونس و الإنتفاضات العربية : كيف وصلت إلى طريق مسدود و ...
- مصر و تونس و الإنتفاضات العربية : كيف وصلت إلى طريق مسدود و ...
- أساليب التفكير و أساليب العمل - الفصل 22 من - مقتطفات من أقو ...
- فهارس كتب شادي الشماوي- ( الماوية : نظرية و ممارسة - من العد ...
- طريق إفتكاك السلطة فى إيران - برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ...
- عن بعض أمراض المجتمع - برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ( المار ...
- الخطوات الفورية و إرساء إتجاه التغيير-- برنامج الحزب الشيوعي ...
- طبيعة الثورة و آفاقها- فى إيران - برنامج الحزب الشيوعي الإير ...


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ( الجديد ) و مفترق الطرق الذى تواجهه الحركة الشيوعية العالمية (ج 1) .