أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - برهان المفتي - ربما تعرفونهم














المزيد.....

ربما تعرفونهم


برهان المفتي

الحوار المتمدن-العدد: 4623 - 2014 / 11 / 3 - 22:09
المحور: الادب والفن
    


قبل هذا، كنا حفاة، لا صوت في القرية، رغم أن أقدامنا كانت ضخمة جداً، بل كنا نطوف عليها ونحن نعبر نهر القرية، وكنا ننام عليها، نضع رؤوسنا الصغيرة جداً فوق أقدامنا الضخمة وننام. وكانت أرض القرية طرية، ويقال أن نهر القرية أعطى للأرض تلك الطراوة. لذلك كنا لا نشرب النهر لكي تستمر الأرض طرية. وكنا ننام تحت السماء لكي تنزل علينا قطرات الندى فتروي عطشنا.
تلك كانت قبل هذا...وقبل تلك الليلة !
ففي صباح أعقب ليلة ذات رائحة كريهة ، رأينا أمام كل باب من بيوت القرية كلباً نافقاً، خرجنا نحو ميدان القرية...هناك...قال كبير القرية التي والتي كان دون قدمين (الآن فقط أقول أنه لهذا السبب كان كبير قريتنا )..قال أن هذه الكلاب الميتة إشارة إلى التغيير، وعليكم ان تبدأوا بذلك . وحين يقول كبيرنا " عليكم أن" فأننا نعرف ماذا يجب أن نفعل !
بدأ الجميع بسلخ تلك الكلاب الميتة العفنة، كان الوقت شتاءاً فأحرقنا لحومها في موقد النار لنتدفأ بها، وأخذ كبيرنا من كل كلب عظمة الذيل ليجعل منها قلماً يكتب بها تاريخ القرية كما قال .وأمر أن نجعل باقي العظام إبراً دقيقة، لم نعرف ما سبب ذلك...سنعرف لاحقاً...وأمر الكبير أن ندبغ جلود تلك الكلاب، لم نعرف ماذا نفعل وما تعني الدباغة، طلب منا أن نضع تلك الجلود في ماء النهر، ثم نخرجها فنبول عليها.حين أخرجنا الجلود من النهر...إختفى ماؤه تماماً، أخرجناها وبقينا نبول عليها حتى الصيف.
صارت أرض قريتنا خشنة بعد أن ذهب ماء النهر الذي تأكدنا أنه كان سبب طراوة الأرض...جاء الصيف، والأرض لاهبة خشنة، تلتصق عليها أقدامنا الضخمة، لأول مرة نشعر بالألم، سمع الكبير صرخاتنا، فخرج علينا بشكله الزاحف فوق جلد كلب فاخر أحتفظ به لنفسه، وفي يده قطعة أخرى فاخرة من جلد كلب عرفنا الآن لماذا أحتفظ بها...ليلقي علينا منها أوامره تلك التي صار يكتبها بعظمة ذيل الكلب. قال لنا : التغيير... ستلبسون نعلاً، ستخيطون هذه الجلود على باطن أقدامكم...ستنتعلون الكلاب.
وهكذا بدأت حكاية النعال في قريتنا
أخذ كل حصته من جلد مدبوغ كان في الأصل كلبأ نافقاً متعفناً..وأخذنا نخيطها على أقدامنا بتلك الأبر التي صنعناها من عظام الكلاب النافقة، تلك الإبر الدقيقة لم تكن تترك أي ألم ونحن نغرسها في جلودنا. هكذا...صار كل واحد منا ينتعل نعلاً من جلد كلب!
غير أن تلك النعال كانت تنبح كلما مشينا عليها، فصرنا كالكلاب بأقدام ضخمة، وكلما أسرعنا الخطى تتعالى صيحات النباح التي تصدر منا، صار صوت قريتنا صوت قطيع كلاب لا يهدأ، فتلك النعال معنا وفي كل حركة. كانت أرض القرية خشنة جداً بعد أن إختفى النهر، فتمزقت نعالنا قبل مجىء الشتاء.
حينذاك...قال كبيرنا: أخرجوا لموسم الكلاب...أخرجوا لصيد الكلاب !
أنطلقنا...وصوت نباحنا يتبعنا ، كانت خطواتنا سريعة بأقدامنا الضخمة وصوت النعال – نباحها - يتصاعد، لم نجد أي قطيع كلاب، حتى أبتعدنا عن القرية، تعبت خطواتنا، وصارت أصوات نعالنا الممزقة كنباح كلاب في موسم التزاوج، كان ذلك إشارة لتخرج علينا قطعان الكلاب من كل مكان تطلب التزاوج معنا !ونحن في خوف من ذلك، كلما تحركنا صار نداء التزاوج الذي نطلقه من نعالنا أكثر إثارة...كان رأسي أصغر رؤوس أهل القرية، ورجلي أضخمها، خبأت رأسي ونفسي تحت قدمي. ورفاقي الذين خرجوا معي من قريتنا، كل صار مع كلب يتزاوح مع قدميه !
أكتب لكم الآن ورأسي تحت قدمي، لأخبركم بما جرى وما أرى من طرف قدمي، قطيع الكلاب يتزاوج بشراهة مع تلك الأقدام الضخمة، ثم ياخذ كل كلب تلك القدم التي تزاوج معها مع صاحبها... أرى رفاقي الآن بلا أقدام ، تماماً ككبير قريتنا !
تماما....من هنا بدأت قصة كبير قريتنا إذن...كان مثلنا...قبل أن يتزاوج مع قطيع الكلاب...ورفاقي هؤلاء...سيكونون جميعاً كبار القرى التي سيسحبهم إليها قطيع الكلاب...وتلك الكلاب النافقة التي كانت على أبوابنا بعد تلك الليلة العفنة...إنما كان قطيع الكلاب الذي..تزاوج مع كبير قريتنا...حد الهلاك !
.................



#برهان_المفتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية ما
- الوقت الضائع
- حكاية صرخة
- التحوّل
- المباراة
- مكتب دائرة السماء
- شجرة القتلى
- نجاح الإيزيديين وفشل التركمان
- الخطأ
- خارج الماعون
- الوجوه
- رحلة كيس
- الهيئة الوطنية العليا للإستدامة المجتمعية
- من الچايخانة إلى البرلمان - رحلة الشاي العراقي
- أنا...أنت والآخر
- إتباع بالمكروه
- موسم الليل
- أهل الكف
- أنا هنا...ثم هناك
- هذا أنا


المزيد.....




- مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عب ...
- أضواء مليانة”: تظاهرة سينمائية تحتفي بالذاكرة
- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - برهان المفتي - ربما تعرفونهم