أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - برهان المفتي - رحلة كيس














المزيد.....

رحلة كيس


برهان المفتي

الحوار المتمدن-العدد: 4416 - 2014 / 4 / 6 - 21:50
المحور: الادب والفن
    


جاء رجلٌ لا أعرفه وفي يديه كيس نايلون، وأخذ يلتقط من الأرض قطعاً متناثرة وبعضها ملتصقة بأسفلت الشارع ، إلا أنه كان صبوراً فجمع القطع ووضعها في الكيس الذي يحمله ثم أعطاه لرجل آخر دون أن أسمع الكلام الذي كان بينهما .
لكني أكتشفت أن لي قدرة على متابعة تلك القطع دون أن أعرف متى صارت لدي هذه القدرة، ولماذا تلك القطع تحديداً رغم أنني رأيت رجالاً آخرين يفعلون الشيء نفسه بتجميع قطع متناثرة من الشارع. إستمرت عينيّ في متابعة ذلك الكيس في سيارة حمل فيها أكياس كثيرة.
وصلت السيارة وسط صيحات متلاطمة وأصوات أبواق السيارات إلى مدخل غرفة كبيرة مجاورة لمبنى كبير لكنها غير ملتصقة به، رأيت رجلاً بكرش مهمل يسحب خلفه عربة هي نفسها عربة التسوق الموجودة في مراكز التسوق. نزل السائق ووقف الإثنان لتبادل السيكار والتدخين ، رأيتهما من الزاوية التي أراقب فيها الكيس الذي فيه القطع التي تهمني.
رمى السائق الأكياس في عربة التسوق، سقط الكيس الذي يخصني وتمزق مع كيس آخر لا يخصني، أسرع صاحب الكرش في تجميع القطع في كيس واحد أخرجه من جيب صدريته القذرة، وضع الأجزاء فيه. ثم مسح يديه بصدريته، في تلك اللحظة عرفت سر قذارة صدريته. وضع الكيس في عربة التسوق وأخذ يدفعها في طريق مزدحم.
أحس الآن بعدم التركيز ورؤية مشوهة، أحس أحداً يشاركني مساحة ضيقة جداً ومظلمة، غريب معي لكنه يشبهني في هذه اللحظات، سأصبر عليه فلربما هي مشاركة وقتية لحين إنتهاء رحلة هذا الكيس التي لا أعرف سبب بدايتها ولا أين تنتهي.
وقفتْ العربة في نهاية ممر. جاء رجل من خلف باب ثقيل، أخذ الكيس الذي يخصني، الكيس الممزوج، ثم سار داخل غرفة باردة، فتح الكيس فوق طاولة عليها بقايا تشبهني، لا أعرف كيف تشبهني لكني أحس بذلك، ثم أخذ يقلب الأجزاء بنهاية ملقط في يده، حتى رفع أصبعاً وآخر ثم آخر ، إنها أصابعي، حملها إلى جثة ممزقة مشوهة وممددة فوق سرير ضيق ، إنها جثتي، نعم جثتي ، فهذا حذائي الذي أشتريته قبل يومين، أراه الآن يتوسط الجثة الممزقة التي غابت عنها تماماً اليد اليمنى! تذكرت، كان آخر شيء فعلته أنني صافحت صديقاً لي لم أره منذ سنوات، غاب كثيراً وعاد، صافحته بقوة ذكريات أيام الجامعة، أتذكر صافحته بقوة ، كان له أصبعاً مميزاً عليه شعر أسود، كانت علامته الفارقة من أيام الجامعة. نعم تلك آخر ما فعلتُ قبل أن أجد نفسي قطعاً متناثرة على شارع أسفلتي.
ثم رفع الرجل صاحب الملقط أصبعاً آخر ووضعه بين أصابعي، وأخذ يخيّط الأصابع في كف أخرجها من كيس آخر، وحين أنتهى، غسل الكف بمحلول منظف، فرأيت بين أصابعي، أصبعاً عليه شعر أسود!
الآن يحملونني للدفن بإسم صاحبي، فقد جاء رجلٌ وأخرجوا له جثتي من الثلاجة، فقال أنه جثة أخيه وعلامته المميزة: أصبع عليه شعر أسود.
أحس بضياع !
٥-;-- نيسان- ٢-;-٠-;-١-;-٤-;-
...................
[email protected]



#برهان_المفتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهيئة الوطنية العليا للإستدامة المجتمعية
- من الچايخانة إلى البرلمان - رحلة الشاي العراقي
- أنا...أنت والآخر
- إتباع بالمكروه
- موسم الليل
- أهل الكف
- أنا هنا...ثم هناك
- هذا أنا
- من أوراقي
- زوايا حادة
- طريق بيتي
- خلف الزجاج
- لقطات شديدة الكثافة
- الذاكرة
- خطة متكاملة - نحو كوكب ليس فيه تطرف ديني
- هل نسمع بوزارة إدارة الأزمات؟


المزيد.....




- الجمعة.. انطلاق نادي السينمائيين الجدد في الرياض
- غدا.. اجتماع اللجنة الفنية للسياحة العربية بمقر الجامعة العر ...
- “مبروك لجميع الطلاب ” رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ...
- مذكرة تفاهم رباعية لضمان التمثيل القانوني المبكر للأحداث بين ...
- ضحك طفلك طول اليوم.. تردد بطوط على القمر الصناعي لمتابعة الأ ...
- الياباني أكيرا ميزوباياشي يفوز بالجائزة الكبرى للفرنكوفونية ...
- كيف تحولت شقة الجدة وسط البلد إلى مصدر إلهام روائي لرشا عدلي ...
- القهوة ورحلتها عبر العالم.. كيف تحولت من مشروب إلى ثقافة
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لكل التخصصات “تجاري، زراعي، ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - برهان المفتي - رحلة كيس