أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - برهان المفتي - شجرة القتلى














المزيد.....

شجرة القتلى


برهان المفتي

الحوار المتمدن-العدد: 4558 - 2014 / 8 / 29 - 00:56
المحور: الادب والفن
    


لا مقبرة في هذه المدينة، الناس هنا يعلّقون موتاهم على شجرة العائلة التي في وسط باحة البيت، وكلما ثَقُلت أغصان الشجرة، يأتي كبير العائلة فيحطب منها الأغصان القديمة، فيشعلونها في لياليهم الباردة وكنار لطبخ طعامهم.
وفي تلك الليالي، حين يضعون حطباً من شجرة العائلة، يجلسون أمام بيت النار، فيخرج الدخان على شكل قصص وكلمات، وفي مناسبات معينة، تكون النار بلا دخان، بل حكايا بأصوات الموتى الذين هم حطبٌ في النار!
تُعرف المدينة من رائحة الموت التي تغطيها، فتلك البيوت لها مداخن عملاقة، بل أن البيوت تتفاخر بينها في حجم مداخن موتاها، فحين يقرأ كل عائلة حروف وكلمات موتاها في دخان موقد نار العائلة، تحتفي تلك الكلمات، وتكون للدخان رائحة الموت التي يجب طرحها خارج البيت لأن التركيز العالي منها داخل البيوت المغلقة يسبب الهذيان وربما حتى الدخول لموقد النار دون وعي فالإحتراق.
سماء المدينة متلونة بالموت ورائحة الموت، حتى أن مواسم المطر كانت غريبة، إذ تمتزج قطرات المطر برائحة الموت، فتنزل القطرات كأشكال صور الموتى ، كألبوم صور يتساقط من السماء، فيتسارع الناس تحت المطر ليلتقطوا صور موتاهم، وربما قتلاهم، رغم أن الناس هنا يفضلون الموت على القتل، فأغصان القتلى لا تحترق، لذلك لا يقطعها كبير العائلة، بل تظل في شجرة العائلة وتتراكم .
صاح أحدهم، أن غصناً يحمل قتلى العائلة في شجرته قد حمل ثماراً شهية، وبسبب الحسد ربما ، صارت أمنية الناس كلهم أن يكون لهم مثل ذلك، وصاروا يفعلون ما أستطاعوا سبيلاً لأن يحصلوا على مثل تلك الثمرة.
صار الجميع يمتهنون القتل ليكثروا من أغصان القتلى في أشجارهم، وأختفى
الموت وجاء القتل على الجميع، الكل يقتل، أصاب المدينة بردٌ وجوع لأن لا حطب في مواقد النار، فأغصان الموتى تختفي، وأغصان القتلى لا تحترق، كما أن الناس لا يقطعونها أملاً في رؤية الثمرة الشهية.
لم يبقَ أحد، الجميع قتلى ، وتلك الأغصان على حالها في باحات البيوت... فقط أغصان القتلى. لم تظهر أية ثمرة شهية، ولم يعرف أحد حقيقة تلك الثمرة، ربما كان هذياناً بسبب الرائحة، ربما... وربما.
لا أحد ! والآن تمطر السماء على المدينة للمرة الآخيرة ، فتمتزج قطرات المطر مع رائحة القتل...تتشكل صورة عملاقة تغطي المدينة كلها... صورة قتيل يشبه الجميع.



#برهان_المفتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجاح الإيزيديين وفشل التركمان
- الخطأ
- خارج الماعون
- الوجوه
- رحلة كيس
- الهيئة الوطنية العليا للإستدامة المجتمعية
- من الچايخانة إلى البرلمان - رحلة الشاي العراقي
- أنا...أنت والآخر
- إتباع بالمكروه
- موسم الليل
- أهل الكف
- أنا هنا...ثم هناك
- هذا أنا
- من أوراقي
- زوايا حادة
- طريق بيتي
- خلف الزجاج
- لقطات شديدة الكثافة
- الذاكرة
- خطة متكاملة - نحو كوكب ليس فيه تطرف ديني


المزيد.....




- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - برهان المفتي - شجرة القتلى