أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة بين الإرهاب والغزو والنهب















المزيد.....

العلاقة بين الإرهاب والغزو والنهب


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4622 - 2014 / 11 / 2 - 22:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتردّد لفظ (الإرهاب) كثيرًا فى الميديا المصرية (والعربية) عقب كل حادث إرهابى تقوم به أى جماعة إسلامية مسلحة ، كما فعل تنظيم (داعش) فى العراق وسوريا وكما حدث مؤخرًا فى مصر بالعملية التى قام بها تنظيم إسلامى عبْر الأنفاق من غزة إلى سيناء ، وكانت النتيجة قتل وإصابة العشرات من جنود وضباط الجيش المصرى ، فقال من لهم حق الظهور فى الفضائيات ومن لهم حق الكتابة فى الصحف ، أنّ (الإسلام بريىء من هذه الأعمال الاجرامية) وأنّ الإسلام (دين التسامح) وأنه مع الكلمة الطيبة تنفيذا لآية ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن)) (النحل/125) بينما يتجاهل هؤلاء المُعترف بهم فى الميديا الآيات التى تحض على قتال المُـختلف مع دين محمد مثل آية ((يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير)) (التوبة/ 73) فتلك الآية ساوتْ بين المنافق و(الكافر) فلماذا يكون مصير المنافق مثل مصير (الكافر)؟ وإذا كان التيار الذى أخذ على عاتقه القيام بدور (الماكيير) وأطلق على نفسه (اليسار الإسلامى) كتب أصحابه أنّ محاربة الكفار كان وقت بداية الدعوة ولا تمتد مثل تلك الآيات إلى العصور اللاحقة ، فإنّ الشيخ الدكتور سفر عبد الرحمن الحوالى له موقع الكيترونى (أى أنه يعيش معنا فى قرننا البائس الحالى) كتب فى محاولة منه للتوفيق بين ما ورد فى سورة التوبة/73 وسورة النحل/125 قائلا ((أنه لا تعارض بين المجادلة والمجالدة ، لأنّ من جالدناه أبى (= رفض) أنْ يقتنع فالحل هو المُجاهدة والمجادلة بالسيوف ، فنحن نـُخاطب النصارى أفرادًا ونـُخاطبهم أممًا تـُدعى إلى الإسلام أو الجزية أو القنال . أما الفرد فلا نـُـقاتله ولا يُرغم ولا يُكره على اعتناق ديننا ولكن يُكره على دفع الجزية أو يسلم طواعية ولكن ضمن (أهل الذمة) فإنْ كان حربيًا فلا يعيش بيننا)) (موقع الشيخ الدكتور سفر الحوالى)
فهذا الدكتور (داعشى) يُمارس (الإرهاب) باستخدام ثورة التكنولوجيا وليس بالرشاش . وسيادته (فى حمية وحُـمّى الدفاع عن الإسلام) وقع فى التناقض عندما أصرّ على أنْ الفرد من (أهل الذمة) لا يُكره على اعتناق ديننا ولكن يُكره على دفع الجزية. أليس دفع (الجزية) نوع من الإكراه؟ وأنّ (أهل الذمة) محرومون من (حق المواطنة) مثلهم مثل باقى أفراد الشعب. فهل لهذا الحرمان معنى آخر غير الاقصاء أو الاجبار على دخول الإسلام حتى يُعفى من (الجزية) أى الإتاوة بحجة حمايته مقابل عدم دخوله الجيش للدفاع عن وطنه (فى تأكيد واضح على نفى حق المواطنة) ولكن فضيلة الشيخ الدكتور كان واضحًا وصريحًا وهو ينص صراحة على (المجادلة بالسيوف للأمم النصرانية فإما الإسلام أو الجزية أو القتال) أى أنّ الرجل يبيع البضاعة القديمة التى وردتْ فى كتب التراث العربى/ الإسلامى ولم يأت بجديد . وتلك البضاعة هى المُعتمدة وهى المرجعية لدى كافة تيارات الإسلام (الكفاحى الجهادى) مثل داعش وغير داعش.
ومرجعيتهم الدينية غير مشكوك فيها ، حيث المصدر الأول (القرآن) وبالتالى فتلك المرجعية لا تحتاج إلى (التواتر) ولا إلى (عدالة الرواة) ولا إلى (صحة السند) إلى آخر (الوصفة السحرية) التى لا يملك الأصوليون المدافعون عن الإسلام غيرها . فالقرآن صريح فى استخدام لفظ (الإرهاب) فخاطب أتباع محمد فى حربه ضد من أطلق عليهم (كفار) قائلا ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تـُرهبون به عدو الله وعدوكم)) (الأنفال/60) وفى تفسير الجلاليْن ((تـُرهبون أى تـُخوّفون كفار مكة)) (جلال الدين المحلى وجلال الدين السيوطى فى تفسيرهما لسورة الأنفال) ولكن هذيْن الإماميْن (لا هما ولا غيرهما) توقفا أمام الربط العضوى والميكانيكى بين (أعداء الله) و(أعداء أتباع محمد) فإذا كان العقل يستسيغ ويفهم أنْ يكون للبشر أعداء ، فكيف يكون للرب أعداء؟ وهل الرب مثله مثل البشر الذين يُحاربون من أجل المال أو السلطة؟ وهذا السؤال أجابت عنه الآية الأولى من ذات السورة إذْ توجّه أتباع محمد بسؤاله ((يسألونك عن الأنفال)) (الأنفال/1) ثم تأتى الآية رقم 41 لتشرح تقسيم الغنائم. وكتب الجلاليْن ((واعلموا إنما غنمتم أى أخذتم من الكفار قهرًا فإنّ لله خمسه وللرسول الخ)) فكأنّ (الله) مثله مثل البشر يتقاسم معهم (الغنيمة) فهل (الله) يأكل ويشرب مثل البشر؟ وأنّ (ذى القربى) المنصوص عليهم فى الآية هم ((قرابة النبى من بنى هاشم وبنى المطلب)) وفى تفسير الجلاليْن للآية الأولى كتبا ((لما اختلف المسلمون فى غنائم بدر فقال الشبان هى لنا لأننا باشرنا القتال وقال الشيوخ كنا ردءًا لكم تحت الرايات ولو انكشفتم لفئتم إلينا فلا تستأثروا به فنزل يسألونك يا محمد)) أى أنّ الشبان والشيوخ اهتموا بنصيبهم من (الغنيمة) التى استولوا عليها من (الكفار) وإذن لابد من وجود (كفار) لتبرير الاعتداء عليهم ونهب ما معهم ، وهو ما ورد فى تفسير الجلاليْن عن أسباب غزوة بدر فكتبا أنّ ((أبا سفيان قدم بعير من الشام فخرج النبى وأصحابه ليغنموها فعلمتْ قريش فخرج أبو جهل ومقاتلو مكة ليذبوا عنها)) أى أنّ محمد ومن معه هم الذين (تحرشوا) بقافلة أبى الحكم (عمرو بن هشام بن المغيرة عم الرسول الذى أطلق عليه أبى جهل) ومع مراعاة أنّ (أبا الحكم/ أبا جهل) اعترف بأنّ ((عداوته لمحمد ليست تكذيبًا لرسالته ولا لأنه لا يثق فى صدق دعوته ، بل هو تنافس فى الزعامة. وهذا هو ما ورد فى حوار أبى جهل مع الأخنس بن شريق . قال أبو جهل ((كنا وبنى المطلب كفرسىْ رهان (سباق) أطعموا الحجيج فأطعمنا وسقوا فسقينا قالوا منا نبى (قلنا) أنىّ لنا بهذا)) (مقال : أبو جهل المفترى عليه- بقلم الشيخ عصام تليمة- موقع حسين العسقلانى) وكلام الشيخ عصام أكده كاتب السيرة الحلبية فكتب أنّ أبا الحكم / أبا جهل ردّ عن محمد تهمة الكذب وقال ((ما كذب محمد قط وكنا نـُسميه الأمين لكن إذا كانت فى بنى عبد المطلب السقاية والرفادة والمشورة ثم تكون فيهم النبوة فأى شىء يكون لنا ونحن معهم كفرسىْ رهان)) وعن ابن عباس قال : أقبلتْ عير لأهل مكة من الشام فخرج النبى يُريدها فبلغ ذلك أهل مكة فأسرعوا إليها)) (السيرة الحلبية - برهان الدين الحلبى الشافعى - المكتبة الإسلامية- بيروت- لبنان- من ص361- 371) وبغض النظر عن أية تفاصيل حول شخصية أبى الحكم/ أبى جهل فإنّ المُـفسرين للقرآن أجمعوا على أنّ غزوة بدر كانت قطع الطريق على قافلة قريش ونهب ما فيها.
وإرهاب المُـخالفين لم تخترعه التنظيمات الإسلامية التى تعيش معنا فى عصرنا البائس من داعش وغير داعش ، إنما تعود جذوره للتراث العربى/ الإسلامى ، فرغم ما هو معروف عن حسان بن ثابت من أنه (شاعر الرسول) ومع ذلك عندما جاءتْ شهادته لتؤكد الشكوك حول موضوع (حديث الإفك) أقام الرسول عليه الحد ، ومع أنه لم يكن وحده فى هذا الرأى وإنما كان معه مسطح بن أثاثة (قريب أبى بكر وموضع بره) و(حمنة بنت جحش) ابنة عم النبى وأخت زينب زوجة الرسول . وذكر ابن الأثير عن فلان عن فلان أنّ الرسول جلد حسان ومسطح وحمنة ثمانين جلدة لكل منهم ، تمّ الجلد مع إنّ عائشة قالت عن حسان ((إنى لأرجو أنْ يُـدخله الله الجنة بذبه عن النبى)) وكانت عائشة تقصد أنّ (حسان) كان من كبار الهجـّائين الذين دافعوا عن محمد ضد من أطلق عليهم (كفار قريش) ومن كبار المدّاحين لمحمد ، ولذلك قال محمد ((إنّ الله يؤيد حسان بروح القدس ، ما نافح عن رسول الله)) (أسد الغابة فى معرفة الصحابة لابن الأثير- دار الشعب بمصر- عام 1970- ج2- ص5، 6) وللعقل الحر أنْ يربط الميتافيزيقا بالواقع ، (الله) يؤيد حسان بروح القدس ، بينما (رسول الله) يجلده لمجرد أنْ قال رأيًا لم يُوافق هوى محمد.
وفى عهد أبى بكر امتنعتْ بعض القبائل عن أداء (الصدقة) وبعض المُـؤرخين المُحدثين يقولون (الزكاة) فما كان من الخليفة إلاّ أنْ اعتبرهم (مُـرتدين) فجهّـز جيشـًا لمحاربتهم وكانت تعليماته إلى قادة (جيوشه) أنه فى حالة عدم الرضوخ فيكون التعامل معهم بالقتل والحرق بالنيران وسبى الذرية والنسوان . وذكر الطبرى كلمات أبى بكر ومنها ((وإنى بعثتُ إليكم فلانـًا فى جيش من المُهاجرين والأنصار (والتابعين بإحسان) وأمرته ألا يُـقاتل أحدًا ولا يقتله حتى يدعوه إلى داعية الله فمن استجاب وأقرّ وكفّ وعمل صالحًا قبل منه وأعانه ومن أبى (رفض) أنْ يقاتله على ذلك ثم لا يبقى على أحد قدر عليه وأنْ يحرقهم بالنار ويقتلهم وأنْ يسبى النساء والذرارى ولا يقبل من أحد إلاّ الإسلام فمن اتبعه فهو خير له ، ومن تركه فلن يعجز الله)) وفى خطاب آخر قال لقائده (ومن أبى قاتله فإنْ أظهره الله عليه قتل منهم كل قتلة بالسلاح والنيران) (الطبرى- تاريخ الرسل والملوك- دار المعارف بمصر- عام 69- ص251، 252) وأبو بكر لم يكن حريصًا على الدين بقدر حرصه على جمع الأموال منهم تحت مُسمى (الصدقة أو الجزية) وحرصه على تقليد ما كان يفعله محمد حيث قال أبو بكر جملته الشهيرة ((والله لو منعونى عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)) ورغم ذلك فإنه لم يقتل الأشعث بن قيس وعفا عنه. وكان الأشعث ممن ارتد بعد وفاة محمد وذهب إلى اليمن ((فسيّر أبو بكر الجنود إلى اليمن فأخذوا الأشعث أسيرًا فحضر أمام الخليفة وقال لأبى بكر: استبقنى لحربك وزوجنى أختك . فأطلقه أبو بكر وزوّجه أخته. وشهد صفين مع على وهو الذى أقنعه بالتحكيم . وكان عثمان قد استعمله على أذربيجان . وتزوّج الحسن بن على من ابنته. وهى التى سقتْ السم لحسن فمات منه)) (أسد الغابة- ج1- ص118) فلماذا عفا أبو بكر عنه؟ هل بسبب طلب الزواج من ابنته؟ أم لأنه قال له ((استبقنى لحربك))؟ أم للسببيْن؟
وحروب الردة حربان : حرب ضد القبائل التى ارتدتْ عن الإسلام وحرب ضد القبائل التى رفضتْ دفع الصدقة التى كان العرب يُـطلقون عليها (إتاوة) وقد عارضتْ كثير من القبائل بعد إسلامها دفع الصدقة إلى محمد على أساس أنّ الصدقة تـُقــّدم طواعية (بخلاف الجزية) فقال القرآن ((خذ من أموالهم صدقة تطهرهم.. الخ)) (التوبة/103) ومن بين القبائل التى امتنعتْ عن أداء إتاوة الصدقة قبائل أسد وغطفان وطىء وهى لم ترتد عن الإسلام وظلتْ متمسكة به ولكنها رفضتْ أداء الصدقة لأبى بكر. وكان رأى رؤساء تلك القبائل أنّ المُخاطب بآية الصدقة محمد ومحمد مات فلماذا يفرض أبو بكر علينا هذه الإتاوة ونحن ندفع الزكاة التى تختلف عن الصدقة؟ لذلك أيّـد عمر بن الخطاب موقفهم وقال لأبى بكر ((أتقاتل رجالا يقولون لا إله إلا الله)) فردّ أبو بكر عليه أنه يُجاهد أى يُـقاتل فى سبيل الله. ثم نهر عمر وقال له قولته الشهيرة ((أجبار فى الجاهلية خوار فى الإسلام؟)) ونتيجة هذا القول الرادع خضع عمر لرأى أبى بكر ووافق على حروب الصدقة. ورأى بعض المسلمين أنّ أبا بكر يأخذ من حقوق النبى ما ليس له ويغتصب سلطات الرسول ويُـكره المؤمنين بالإسلام على ما ليس فيه (من وجهة نظرهم) وقد عبّر عبد الله الليثى (من قبيلة بنى ذبيان) عن هذا الموقف قائلا ((أطعنا رسول الله ما كان بيننا / فيا لهفتاه ما بال دين أبى بكر/ أيورثها بكرًا إذا مات بعده/ وتلك لعمر الله قاصمة الظهر)) (رسالة الغفران وتاريخ الطبرى) وكان من رأى المستشار محمد سعيد العشماوى أنّ حروب الصدقة كرّست ما يلى :
1- شرّعتْ حق الخلفاء فى اغتصاب الحقوق الخاصة بالنبى.
2- سوّغ تصرف أبى بكر لكل خليفة وأى حاكم أنْ يستقل بتفسيره لآيات القرآن ثم يفرضه بالقوة والعنف على المؤمنين ويجعل من رأيه الشخصى دينـًا ومن فهمه الفردى تشريعًا .
3- وقنـّن أبو بكر بحروب الصدقة إشهار سيوف المسلمين على المسلمين ، فحروب الردة كانت مُوجّهة ضد مسلمين مُوحدين ، من مسلمين مؤمنن مُوحدين مصلين وبهذا بدأ طريق طويل من حرب المسلم للمسلم وتعصب كل فرقة لرأيها وتحيز كل جماعة لتفسيرها والسعى لفرض التفسير أو الرأى على الغير بالقوة والعنف والحرب .
ويرى بعض المؤرخين أنّ الإسلام تشكل فى صيغة حربية عندما بدأتْ أول سرية للمسلمين على قوافل تجارة قريش فيما بين الشام ومكة. ويرى آخرون أنّ الاتجاه العسكرى فى الإسلام بدأ منذ غزوة خيبر، ذلك أنّ أهلها لم يكونوا من المشركين أهل مكة الذين عادوا النبى والمؤمنين وأخرجوهم من ديارهم . كما أنّ أهل خيبر لم يكونوا قد أساءوا إلى النبى أو إلى الإسلام . ويرى فريق ثالث أنّ الشكل الحربى للإسلام والنزعة العسكرية فيه ظهرتْ بجلاء فى حروب الصدقة التى أعلنها أبو بكر)) (الخلافة الإسلامية- سينا للنشر- عام 90-من ص102- 105)
ولفظ (الغزو) كما ورد بعد الإسلام (سواء فى أحاديث منسوبة لمحمد أو لغيره) كان يتردّد فى الشعر السابق على الإسلام (الفترة التى وصفها محمد ب (الجاهلية) من ذلك ما قاله الأعشى ((وفى كل عام أنت حاسم غزوة/ تشد لأقصاها عزيم عزائكا)) وقال أيضًا ((وفى كل عام له غزوة / تحت الدوابر حث السفن)) وقال ((ولابد من غزوة فى الربيع/ هجون تكل الوقاح الشكورا)) وقال جميل بثينة ((يقولون جاهد يا جميل بغزوة / وإنّ جهادًا طىٌ قتالها)) فجاء الإسلام ومشى على نفس النهج الذى كان من تراث الفترة التى نعتها ب (الجاهلية) فقال محمد ((من مات ولم يغز أو يُحدّث نفسه بغزوة فقد مات ميتة الجاهلية)) أليس فى هذا تناقضًا ؟ الفترة السابقة على الإسلام (جاهلية) ومن يرفض الغزو بعد الإسلام (مات ميتة الجاهلية)؟ ورغم أنه قال ((لا تغزى هذه (أى مدينة مكة) بعد اليوم (أى يوم الفتح) إلى يوم القيامة ، فإنّ المسلمين غزوا مكة عدة مرات بعد وفاة النبى . وأضاف المستشار العشماوى ((وبأحاديث الرسول القولية وسنته الفعلية أصبح للغزو معنى دينيًا كما صار صيغة إسلامية. ولهذا فكل كــُـتاب السير والتاريخ الإسلامى وكل المسلمين يستعملون اللفظ على هذا المفهوم ، سواء كان فعل المسلمين هجوميًا أو كان دفاعيًا . فيقولون غزوة بدر وغزوة أحد وغزوة خيبر إلخ . ولم تـُذكر كلمة (الفتح) إلاّ عند فتح مكة. ولكن لماذا الغزو؟ لأنّ الغزو نقل العرب من حال إلى حال : من حال التقشف وأكل الجراد إلى سكن القصور واقتناء آلاف (العبيد) بعد نهب موارد الشعوب المتحضرة خاصة الشعوب الزراعية ، وكانت كلمة السر الإيمان بإله محمد الذى قال لأتباعه ((قولوا لا إله إلاّ الله واشهدوا أنى رسوله. واتبعونى تـُطعكم العرب وتملكوا العجم (أى الشعوب البهائم وفق معنى كلمة (أعاجم) فى قوانيس اللغة العربية) وكان محمد صادقــًا مع نفسه عندما شرح الحديث السابق بحديث لاحق قال فيه ((جعل رزقى تحت سن رمحى)) أى أنّ الحصول على الطعام يكون باستخدام (الرمح) أى القتال بدلا من البحث عن وسيلة أخرى (حضارية) للحصول على هذا الطعام . وأكد ذلك عندما قال ((بُعثتُ بالسيف والخير مع السيف والخير فى السيف)) وقال ((لا تزال أمتى بخير ما حملتْ السيف)) (رسالة الغفران وتاريخ الطبرى)
ولكن يُلاحظ أنّ جرثومة الغزو والاعتداء على غير العرب باستخدام السيوف ، انتقلتْ (أى الجرثومة) إلى قتال العرب/ المسلمين للعرب/ المسلمين مثلهم كما حدث فى معركة الجمل ومعركة صفين . وكما حدث من الأمويين ضد الهاشميين . ولكن من المهم ملاحظة أنّ إرهاب المُعارضين للحاكم بدأه معاوية عندما أراد أخذ البيعة لابنه يزيد ، حيث وقف المُغيرة بن شعبة خطيبًا وأشار إلى معاوية وقال : أمير المؤمنين هذا ، ثم أشار إلى يزيد بن معاوية وقال : فإنْ مات فهذا ، ثم أمسك بسيفه وشهره قائلا : ومن أبى (رفض) فهذا)) (ابن عبد ربه- العقد الفريد- ج2- ص307) وكان تعليق معاوية ((اجلس فأنت سيد الخطباء)) وبذلك صار السيف أروع وأهم وأصدق من (القلم) أى من الإبداع الإنسانى . ولذلك تردّدتْ أبيات (شعرية) عربية كثيرة تـُمجّد فى السيف لعلّ أشهرها ((السيف أصدق أنباء من الكتب))
وهكذا فإنّ ما يفعله الإسلاميون المُعاصرون لنا (من قتل وتمثيل بالجثث ونهب الأموال وسبى النساء وتخريب المنشآت العامة والخاصة الخ) مُستمد من التراث العربى/ الإسلامى ومن التاريخ الإسلامى وسندهم القرآن والأحاديث وسيرة الخلفاء (راشدين وغير راشدين) وبالتالى فإنّ مجابهة الأصوليين فى عصرنا لا تكون من خلال (رد الفعل) بالأسلوب الأمنى بعد وقوع الكارثة ، ولا بتصديق مزاعم الإدارة الأمريكية أنها (تـُكافح الإرهاب) تلك الكذبة التى يفضحها تاريخ الإدارة الأمريكية التى أنشأتْ الأصوليات الدينية (اليهودية/ المسيحية/ الإسلامية) وإنما تكون المُجابهة من خلال (تجفيف المنابع) وذلك لن يتم إلاّ بعد الإيمان ب (عالمانية) المجتمعات الإنسانية. وأنّ الميتافيزيقا مكانها دور العبادة فقط ، وهذا لن يتحقق إلاّ فى ظل تعليم وإعلام وثقافة سائدة مع العقل وضد الميتافيزيقا. وهذا يتطلب (الإرادة) وإذا كانت الشعوب لا تملك (إرادة) توجيه مؤسّستىْ التعليم والإعلام ، إذن تكون (الإرادة) مهمة الحكومات ورؤساء الدول فهل يفعلون ؟ ولماذا لا يفعلون ؟ وهل يُمكن للشعوب إجبار حكوماتهم على الفعل ؟ وإذا كانت الشعوب (وأنا أقصد الشعوب العربية وشعبنا المصرى) أسيرة مُـتعلميها المُـضللين المحسوبين على الثقافة السائدة ؟ فما العمل؟ إنها أسئلة تدور فى دائرة مغلقة ، فمن يفتح تلك الدائرة ؟ من يقتحم ثوابتها للقضاء على آفات الغزو والإرهاب والنهب ؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصولى وتوقف النمو العقلى
- بشر يحاكمون الحيوانات والحشرات (3)
- بشر يُحاكمون الحيوانات والحشرات (2)
- بشر يُحاكمون الحيوانات والحشرات (1)
- دراما حياة ومقتل عثمان بن عفان
- الجمل وصفين وبحور الدم
- القرآن والأحاديث والسيرة والغزو
- هامش على أحاديث وسيرة (نبى) العرب (3)
- أحاديث (نبى) العرب محمد (2)
- قراءة فى أحاديث (نبى) العرب محمد (1)
- مغزى تعدد أسماء الآلهة
- الجسد بين الإنسان والوطن إبداعيًا
- العلاقة بين الواقعى والغرائبى فى (ماكينة الأحلام)
- حنان الشيخ وروايتها البديعة مسك الغزال
- ذيح الابن فى تراث الشعوب القديمة
- الأدب الإسرائيلى ومجابهة الصهيونية
- الخيال والواقع فى الأسطورة الأوزيرية
- القومية العربية والقومية المصرية : نقيضان
- الهجرة والعودة للوطن الأم
- الوحدة العربية والوحدة الأوروبية : مفارقات


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة بين الإرهاب والغزو والنهب