أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الجسد بين الإنسان والوطن إبداعيًا














المزيد.....

الجسد بين الإنسان والوطن إبداعيًا


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4596 - 2014 / 10 / 7 - 00:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



هل توجد علاقة بين جسد الإنسان والوطن ؟ وهل للوطن (جسد) مثل الإنسان ؟ وإذا كان جسد الإنسان مجرد (وعاء) يتكوّن من جلد وعظام وأنسجة ودم ، وهى العناصر التى تحفظ له استمرار الحياة، إلى أنْ يشيخ (جهازالمناعة) داخله. ولكن بجانب تلك العناصر، فالإنسان بداخله عقل يُفكر وعواطف مُتنوعة وأحاسيس مـتباينة. فإذا كان الأمر كذلك فما علاقة الإنسان بالوطن؟ تكمن العلاقة فى ظاهرة مكونات الوطن ، إذْ أنّ (جسد) الوطن مجموعة المرافق التى تخدم البشر من مواطنيه. ولكن هذه المرافق يُشرف عليها (بشر) تختلف توجهاتهم الاجتماعية والسياسية، بعضهم مع قيم العدالة لصالح كل الناس ، وبعضهم ضد العدالة لتحقيق أكبر قدر من النفوذ وتراكم جمع المال . تلك العلاقة الشائكة عن مفهوم (الجسد) بين الإنسان والوطن ، استطاعتْ الأديبة هدى يونس تجسيدها إبداعيًا فى مجموعتها القصصية (محاولة لاستعادة بناء الجسد) الصادرة مؤخرًا عن المجلس الأعلى للثقافة.
شخصيات القصص فى حالة صراع نفسى وعقلى ووجدانى بين الولاء للوطن والتنفير منه. ثم يتحول هذا الصراع إلى نوع من الديالكتيك ، فى محاولة لبناء بعض الجسور لربط المواطن الفرد بوطنه. ومن هذا الجدل الدياليكتيكى بين الفرد والوطن يتولد عنهما صراع من نوع جديد ، فى تأكيد من الكاتبة على استمرارية الحياة ، بغض النظر عن متوالية الصراع الذى لا يتوقف بين الإنسان والوطن الذى يعيش فوق (جسده)
فى قصة (المصير) تتناول الكاتبة قضية القانون أو(اللاقانون) الذى صار يحكم علاقة البشر بعضهم ببعض بعد غياب دور الدولة عن حماية المواطنين الذين يستأجرون الشقق وفقــًا لقانون الإيجارالقديم ، فى هذه القصة فإنّ مالكة العقار تطرد السكان ليتسنى لها هدمه وبناء غيره لتستفيد من قانون الإيجارالجديد ، الذى أباح للمالك تحديد مدة العقد حتى ولو سنة واحدة مع تحديد الزيادة السنوية التى يُريدها. أبدعتْ الكاتبة عندما صوّرتْ بطلة القصة وهى تخرج من البيت فى برد الشتاء، وكان مطلبها من صاحبة البيت أنْ تـُتيح لها أخذ (البطانية) معها. ومثل أية متوالية فإنها تبحث عن مكان يحتضنها ليُدفىء جسدها المُرتعش، دخلتْ مكانـًا أشبه بمدرسة وأشبه بالخرابة. وجدتْ امرأة عارية تمامًا. عرفتْ أنها ميتة وأنّ البعض سرق كفنها ، ربما ليبيعه وربما ليستدفىء به. وتلك العلاقة الجدلية بين الموت والحياة ، علاقة دالة وكاشفة عن المستوى الذى وصلتْ إليه العلاقة بين الفرد والمجتمع ، بين جسد الإنسان وجسد الوطن.
وفى قصة (تحلل) جدلية العلاقة بين الإنسان والزمن ، فتتناول الكاتبة قصة أسرة كانت تعيش حياة ميسورة ، وبعد أنْ تدهورتْ حالتهم الاقتصادية فإنهم ((لايملكون الآن غير رصيد بمعرفة الأصول الواجبة ومعاداة كل قبح أو ابتذال يحط من كرامة الإنسان)) هكذا بكلمات قليلة تمكنتْ الكاتبة من تلخيص حياة هذه الأسرة ، دون الدخول فى التفاصيل ، فلا توجد أية إشارة عن سبب التحول الاقتصادى ، وتترك للقارىء استنتاج أنّ الدولة صادرتْ أمولها. والكاتبة تلجأ فى كل قصصها للإيحاء الذى هو أعمق من الافصاح لذا كتبتْ عن مُقرىء القرآن ((هل جمال صوته كافٍ لقبوله داخل أسرة عريقة لا تملك الآن غير تاريخها؟)) كما جعلتْ الوصف يحل محل المباشرة فكتبتْ عن الكرسييْن المرصعيْن بالحلى الذهبية وعاج الأبنوس)) وبالتدريج تفك الكاتبة شفرات الغموض حيث الفتاة المُجبرة على فعل لا ترضى عنه ، وهو زواجها من شخص ((حلمه الارتباط بأسرة كان والده من خدمها))
وقصة (ورطة) يمتزج فيها بؤس الواقع بالعبثية. البطلة تتعرّض لمضايقات من شخص لا تعرفه فى الشارع . يُنقذها عمال المجارى منه بتأديبه. ولأنه مريض بالقلب مات. يتهم البعض الفتاة بأنها سبب موته ، فتستدعيها النيابة للتحقيق معها، لتكتمل الدائرة الجهنمية فى واقع كابوسى/ كافكاوى، وهو ما عالجته أيضًا فى قصة (الغريب) الذى يقتحم حياة أسرة ويفرض نفسه عليها بالاستعطاف ولكنه يتمادى لدرجة الرغبة فى الاستيلاء على المنزل . وبينما الجدة ظلتْ طوال القصة متعاطفة مع الغريب ، فإنها - بعد تطاوله وغروره - هى التى تــُشجع أولادها وأحفادها على التخلص منه ولو أدى الأمر لاستخدام السلاح . والاستلاب والاستيلاء على حق الغير يُسيطران على الكاتبة ، فالراوية فى قصة (محاولة لاستعادة بناء الجسد) يخنقها الواقع الكابوسى فتحلم بأشخاص يحاولون الاستيلاء على بيتها ، ولا يكتفون بذلك فيُقطــّعون جسد أمها وطوال الحلم ترى أجزاءً من جسد بشرى ويضحكون فى وجهها بسخرية وهم يقذفون إليها بجزء من الجسد . تبحث عن رأس أمها فلا تجده . تتوسل إليهم أنْ يعطوها رأ س أمها فيرفضون.
وفى قصة (العائد) تـُسيطر فكرة الاستيلاء على الكاتبة ، فشقيقها يُصر على هدم البيت الذى يحمل تاريخ وذكريات الجدود لبناء آخر، الذى يأتى تصميمه غاية فى القبح . والشقيق لا يكتفى بذلك وإنما يأتى بامرأتيْن من أقارب زوجته. تعترض الراوية على احتلال البيت وتقول لشقيقها ((هؤلاء أغراب عنا)) ولأنه مسلوب الإرادة يكتفى بالبكاء، فتتوحّد إرادة الراوية مع باقى اخوتها لطرد هؤلاء الأغراب . وفى قصة (تصدع) تعيش الراوية كابوسًا من نوع آخر. فهى تشعر بالصداع الذى ينتقل من الرأس ويتسلل إلى وجدانها ((مواصلا رحلة شائكة ومعقدة من علاقات أسرة فتتها وخرّب وجدانها زمن قوى قادر على التدمير)) والكاتبة لا تـُفصح ولكنها تضع مفاتيح فك الشفرات ، فالزوج يأتى بامرأة غريبة. وعندما سألته عنها لم يرد بينما ردّتْ المرأة : قريبته. وتـُهددها قائلة ((إذا فعلتِ ما يغضبه سأفعل ما يليق بك)) إنه احتلال مع التهديد . والزوج رغم أنه يتصفح مجلد (فنون عصرالنضة) فإنه يضع الكتب فى حوض المطبخ.
وهكذا يُسيطر الكابوس الاجتماعى والاقتصادى على حياة شخصيات القصص ، وينتقل من الواقع إلى الأحلام الكابوسية. وكل ذلك تمّ بصياغة أدبية بديعة ، تنفر من المباشرة وتكتفى بالسرد المُجرد المحايد ، فيكتسب الواقع المصداقية رغم تحليقه بعوالم الفاتنازيا والخيال.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقة بين الواقعى والغرائبى فى (ماكينة الأحلام)
- حنان الشيخ وروايتها البديعة مسك الغزال
- ذيح الابن فى تراث الشعوب القديمة
- الأدب الإسرائيلى ومجابهة الصهيونية
- الخيال والواقع فى الأسطورة الأوزيرية
- القومية العربية والقومية المصرية : نقيضان
- الهجرة والعودة للوطن الأم
- الوحدة العربية والوحدة الأوروبية : مفارقات
- الجوائز الدولية والأغراض السياسية
- اعتذار وتوضيح
- الوسطية الدينية : وهم أم حقيقة
- المعامل الأمريكية لتفريخ الإرهابيين
- أينشتاين عضو فخرى بنقابة السباكين
- عندما يكون الصحافى مجرد بوق للنظام
- الناصرية ومتوالية الكوارث
- لماذا كان الصراع بين (حور) و(ست) ؟
- العروبيون ورفض الاعتراف بالشعر المصرى
- الشعر فلسفيًا والفلسفة شعرًا
- السنة المصرية وجذور التقويم العالمى
- الحمساويون دمّروا غزة


المزيد.....




- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- اللواء سلامي: نحن المسلمون في سفينة واحدة ويرتبط بعضنا بالآخ ...
- اللواء سلامي: إذا سيطر العدو على بقعة إسلامية فإنه سيتمدد إل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الجسد بين الإنسان والوطن إبداعيًا