أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد القصبي - بروليتاري آخر من مهمشي جمهورية الأدب يسقط ولاأحد يدري.















المزيد.....

بروليتاري آخر من مهمشي جمهورية الأدب يسقط ولاأحد يدري.


محمد القصبي

الحوار المتمدن-العدد: 4609 - 2014 / 10 / 20 - 23:28
المحور: الادب والفن
    


مات سمير عبد الفتاح !
وربما يتساءل القراء الذين قد تقع عيونهم على سطوري تلك مصادفة : ومن سمير عبد الفتاح ..؟ !
مثلي ومثل مئات البروليتاريا من أدباء مصر والعالم العربي.. ولد وأمضي حياته كاتبا ..ورحل دون أن يدري أحد !
ولماذا أذيل عباراتي وأسئلتي عن سمير عبد الفتاح بعلامات التعجب ..؟ هل كان مستعصيا على الموت ؟
لاأحد يستعصي على الموت .. هذا قدرنا جميعا ..رحلة ألف ميل شاقة مابين ميلاد حتمي ورحيل أيضا حتمي..لكن – يفترض هذا –بين الميلاد والموت حياة صاخبة ..بالآمال والطموحات والسعي للتحقق .. إلا أن بروليتاريا الأدباء في مصر والعالم العربي ملاحقون بقدر آخر.. ..نعم .. يولدون ويرحلون كما الناس ..لكن بين الميلاد والرحيل رحلة شاقة من الحديث الذاتي ..همسهم ..صراخهم لايبرح الحلق ..يبدعون ويكتبون وربما ينشرون - رغم مشقة ذلك - ولاأحد على الجانب الآخريترقب..وهم - أيضا - يحلمون بأن يتحققوا .. لكنهم أبدا لايتحققون !كل منهم يمضي حياته كما سيزيف في عناء بلا جدوى !
يدركون أهمية ماقاله سارتر عن الالتزام في الأدب .. يدركون أن تحت جلد كل منهم رسالة تجاه البشر ..لكن رسالتهم لاتصل أبدا ..لأنه لايوجد قاريء.
أليس هذا مايردده دوما المثقفون في كتاباتهم ومنتدياتهم ..أنهم ضمير الأمة ..؟ وأضيف :هم أيضا عقلها ورأس حكمتها !
لكن ضمير الأمة وعقلها ورأس حكمتها منشطر عن أمته ..ليس لعوار في حنجرته ..في قلمه ..بل لأنها أمة غير قروءة !..!
مرة هاتفني سمير عبد الفتاح ليشاركني اقتراحي الساخر الذي قدمته في إحدى مقالاتي ..بتعديل اسم الهيئة العامة لقصور الثقافة ..ليكون الهيئة العامة لمخازن الثقافة ..ذلك أن الهيئة كانت تعاني من إيجاد مخازن لتكديس المرتجع من كتب السلاسل التي تصدرها ..رغم أن ماينشر لايتجاوز ألف أو ألفين نسخة ..لاتجد من يشتريها في عالم الناطقين بالعربية فيه يقتربون من نصف المليار !
مات سمير عبد الفتاح ..كان مثلي ..كنت مثله ..كلانا مثل مئات الكتاب البروليتاريا ..ألا تعرف القواميس البروليتاريا بأنهم هؤلاء الذين لايملكون سوى أطفالهم ..نحن أيضا ..لانملك سوى أطفالنا ..كتبنا .. كان سمير عبد الفتاح قلماً يكتب ....وكتاباته تتكيء - ليس فقط على روح مبدعة- ..بل دماغ موسوعي ..وكأنه مكتبة تحتشد بكل صنوف المعرفة ..بدا هذا أكثر في مقالاته التي كنت أنشرها له في جريدة المسائية ..ودون ذلك ما كان بمقدوره أن ينشر ..لأنه بروليتاريا ..لايملك سوى قلمه! وهذا -في مصر- لايكفي ..بل لايعني شيئا ....إن كانت كتابة قصة قصيرة تستغرق منك بضعة أيام ..فنشرها في حاجة إلى بضعة أعمار ..تنفقها في اللهث وطرق الأبواب ..فإن نشرت ..فلا أحد يقرأ ..نعم كانت مشكلة سمير عبد الفتاح ..مثلما هي مشكلتنا جميعا ..أن كل منا يملك عمرا واحدا ..لكن ما كانت هذه بالمشكلة العويصة التي تحول بين بروليتاريا الأدباء وأن يتحققوا ..فعمر واحد يكفي ..بل بضعة سنين إن لم يكن دون ذلك ..المهم أن يكون قلمك الموهوب ..مدعما بقدرة هائلة على اللهث والركض وطرق الأبواب .. بغير خجل ..حتى لو ووجهت بفتور من يقبعون خلف الأبواب من إعلاميين ونقاد وصانعي القرار في المؤسسات الثقافية ومسئولي لجان الجوائز ؟
النيل عجز
كان لقائي الأول به منذ 14عاما ..ألقى بنا حظي وحظه في مقعدين متجاورين بباص الهيئة العامة لقصور الثقافة في طريقنا إلى دمنهور لحضور مؤتمر أدباء الأقاليم ..حاولت أن أمد جسرا للتواصل معه ..ولو فقط عبر الساعتين اللتين تستغرقهما الرحلة ..بدا صامتا ووجهه مستغرقا في نافذة الباص يلملم بعينيه تفاصيل طريق الكورنيش ..لكنه على ما يبدو تجاوز الكورنيش إلى النهر ..ليتمتم في أسى : النيل عجز!.. في طفولته وعجز !
سألني : عارف عمر النيل كام !
قلت بارتياح لأن ثمة حوارا نتواصل عبره حتى لو كان ينضح بالكآبة :
-يعني ..العلماء بيقولوا 800ألف سنة
-طفل لسه ..وزي ما انت شايف ..عجز!
صمت قليلا بينما انشغلت في التنقيب سريعا عن كلمات تحول دون ارتداده لزنزانة صمته ..لكنه فاجأني مستطردا :إحنا كمان عجزنا !!
قراءة !
اقتربنا أكثر ..ومن خلاله التقيت بآخرين الناقد ربيع مفتاح .. الدكتور جمال عبد الناصر أستاذ الأدب بجامعة القاهرة..الدكتورهاني السيسي أستاذ الأدب الشعبي....الصيدلي والقاص سمير شوقي..بدا الهم ذاته ..اللا جدوى ..لكننا مع ذلك نواصل الكتابة ..نواصل التواصل ..ومحور أحاديثنا أزماتنا الثقافية ..وكنت أرى أنها أزمة وجود ..أن نكون على خرائط حضارة القرن الحادي والعشرين أو لانكون ..وكنت أرى أننا مهددون بأن نتلاشى ..قد نختزل إلى جماعات سكانية مهمشة ..فقط تتذكرها الأمم المتحدة في 9 أغسطس من كل عام ..وهي تحتفل بالسكان الأصليين كالهنود الحمر ..!
وكنت أرى أن سبب أزمتنا الحضارية غياب متلقي الإبداع والثقافة المستنيرة ..ثمة منتج إبداعي وثقافي جيد ..ولامتلق.. والقضية ليست شعرا وقصة فقط ..بل متلقي المعرفة ..كل صنوف المعرفة في مصر غائب ..
انقراض القاريء
وفي إحدى الأمسيات الرمضانية بالهيئة العامة للكتاب في زمن الراحل الدكتور ناصر الأنصاري والتي نظمها لتشخيص أزمة الثقافة وأدارها الكاتب الكبير محمد السيد عيد ورد على لساني خلال مداخلة لي تعبير "انقراض القاريء "
بعد ذلك التقيت في نادي القصة بالقاص سمير شوقي الذي أيضا رحل دون أن يتحقق ..ليذكرني بتعبير " انقراض القاريء " وجذب من حقيبته ورقة صحيفة ..وهو يقول : لهذا كتبت هذه القصة ..
قرأت ..وأدهشني ما أقرأ ..قصة له نشرت في ملحق الجمعة بصحيفة الأهرام ..حول منح جائزة نوبل لقاريء !
فكرة القصة أنه مع ندرة القراء الآن قررت لجنة نوبل تخصيص الجائزة للقاريء وليس للأدباء !

..وفي إحدى أمسيات أتيليه القاهرة ..كان ذلك عام 2004التقيت سمير عبد الفتاح وربيع مفتاح ..تحدثنا عن قصة سمير شوقي في الأهرام..وقلت إنها تجسد أم المشاكل في مصر ..في العالم العربي ..غياب القاريء ..ثمة منتج إبداعي وفكري جيد ..ولامتلق ..هل انقرض القاريء!
وفي مواجهة سؤالي يطرح ربيع مفتاح سؤالا بدا هو الحل :لماذا لانؤسس جماعة حول موضوع التلقي ؟
ولم نغادر أماكننا حتى وضعنا تصورا شاملا للجماعة ..واقترح ربيع أن يكون اسمها "قراءة " ..وعرضنا الأمر على مقربين ..الراحل الدكتور عزازي علي عزازي ..الدكتور جمال عبد الناصر..الدكتور هاني السيسي ..وكانت لقاءاتنا في منزلي بمدينة نصر مرة كل أسبوعين ..!
ولم نستمر طويلا ..بضعة أشهر ..حيث عرض الدكتور السيسي شقة له في شارع الهرم لتكون مقرا للجماعة ..وتوسع أمرها ..وأضيف لنشاطها نشر الأعمال الأدبية ..لكن سرعان ما دبت الخلافات ..وحين التقيت بسمير عبد الفتاح في نادي القصة وسألته عن رأيه فيما يجري في الجماعة ..قال بأسى : مفيش فايدة !!
هل مات سمير محبطا؟!

لم أنصحه بالانتحار !
في مطلع عام 2010التقيت به خلال مؤتمر لاتحاد الكتاب بمحكى القلعة..تصادف أن جلسنا متجاورين ..محمد عبد السلام العمري .. روائي مجيد
.. ومعماري ناجح ..وله في مجال العمارة عدة مؤلفات جيدة مثل كتابه "عمارة الفقراء أم عمارة الاغنياء.. دراسة في عمارة حسن فتحي" 1992 ، و كتابه " عمارة الأضرحة والذي تناول فيه التصميم المعماري لعدد من الأضرحة الشهيرة ومنها "تاج محل" بالهند، إلى جانب أضرحة في مصر التي يرى أن أغلب أثارها الفرعونية كانت مقابر..الا أن طموحه كان في شارع الأدب .. لذا بدا يائسا....تصنيفه كروائي يمكن أن يكون نصف مغمور أو نصف مشهور..يؤرقه هذا ..الأرق تسلل تحت الجلد واستوحش ونضح أمراضا عضوية ..حدثني بمرارة عن أكثر من جلطة أصابته ..عن مشاكل صحية أخرى ..قلت له ما أحاول أن أطبقه في حياتي :خذ مسافة من الأدب ..!
تطلع الي في دهشة ..ولم يقل شيئا ..هل دار بذهنه أنني أتآمر عليه ..أنصحه بالانتحار ..أن يعطي ظهره لمعشوقته.. الكتابة ..!
لاأدري ..لكنني كنت مشفقا عليه ..
فشارع الأدب في عالمنا العربي لم يعد قبلة لأحد ..والمقيمون به ماعادوا بالنجوم السحرة الذي يفجر غموض عوالمهم مشاعر الانبهار تحت جلد ملايين الناس ..! ولهث بعضنا وراء جوائز الدولة وخلف النقاد ووراء صحفي ينشر عن رواية كتبناها بضعة أسطر في ركن منزو بصفحة منسية .. كل هذا ركض وراء جوائز رخيصة وتافهة مقارنة بالقاريء ..جائزتنا الحقيقية التي تستعصي على الجميع ..بروليتاريا الأدب وملوكه ..وبدون القاريء .. الجائزة الكبرى ..نحن موتى ..لذا لم أندهش حين وصلتني رسالة عبر الموبايل بعد لقائي بالعمري في اتحاد الكتاب بعدة أسابيع ..كانت الرسالة من ابنته ..وهذا نصها :




"البقاء لله ..انتقل الى رحمة الله والدي المهندس المعماري والكاتب الروائي محمد عبد السلام العمري .. أسألكم الله الفاتحة "
ولم أندهش حين قرأت في الفيس بوك صبيحة 22 أغسطس بضعة أسطر للصديق ربيع مفتاح ينعي فيها صديق عمره سمير عبد الفتاح ..فإن كان ثمة إحساس بالدهشة ..فمرده :هل كان العمري وسمير شوقي وسميرعبد الفتاح أحياء ؟
لاأظن ..فكيف نكون أحياء بدون قاريء نستمد من زفيره أوكسجين وجودنا !
لهذا.. أنا..أيضا.. ميت !



#محمد_القصبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربع قرن على زلزال صاحب الآيات الشيطانية..هل يحصل على نوبل ؟!
- موروثات فذ السؤال....
- لن أحب إسرائيل حتى لوكنت أكره حماس !
- الجرف الصامد ليست اختبارا للسيسي
- فابية عبد الناصر وطريق السيسي الثالث
- في مصر ينتشر دين المشايخ وليس دين الله !
- الكلمة العليا في الإخوان الآن لسيد قطب !
- مايحدث في العراق صراع قوميات تحت عباءة مذهبية
- كل مصائب مصر سببها وزارة التلقين
- مصر المتعبة بدون عروبتها
- رسالتي الأخيرة ربما ..فصل من كتاب -الأنثى الحلم -
- على السيسي أن يلتزم بلاءات الشعب الثلاثة
- لماذا يكون مسرح الثقافة الجماهيرية خشنا ؟
- عودة ناصر في نسخة محسنة عبر صناديق الاقتراع
- درويش وعزة بدر وأنا ..يالها من قصيدة خالدة !
- الصبر ليس الحرف الوحيد في أبجدية المصريين
- سؤال أماني فؤاد الصعب وإجابتها الموجعة
- أفكار عضو منتسب بوشائج الحب لجمعية الكتاب العمانيين
- هل ينصف مهرجان مسقط موسيقى الأفلام ؟
- الزدجالي ..الأب الروحي لمهرجان مسقط محاصر دائما بالشكوك


المزيد.....




- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد القصبي - بروليتاري آخر من مهمشي جمهورية الأدب يسقط ولاأحد يدري.