أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد القصبي - على السيسي أن يلتزم بلاءات الشعب الثلاثة















المزيد.....


على السيسي أن يلتزم بلاءات الشعب الثلاثة


محمد القصبي

الحوار المتمدن-العدد: 4469 - 2014 / 5 / 31 - 02:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتهى فرح الانتخابات الرئاسية ..وبالطبع لاتملك مصر ..الشعب والرئيس .. رفاهية شهر عسل!
لاشيء سوى أن نبدأ ..فكيف تكون البداية ؟
خطاب يدشن به المشير عبد الفتاح السياسي عهده رئيسا للجمهورية بخريطة عمل تنحاز لمطالب الشعب ..كل الشعب الذي اختاره ..باعتباره رئيسا لكل المصريين ..وليس فقط رئيسا لعشيرة الكنباوية الذين كان لهم الفضل في الدفع به إلى الاتحادية ..حين لم تضل الحقيقة طريقها إلى قلوبهم وعقولهم وسط هذا التشويش الإعلامي من قبل ميديا استخباراتية يعنيها الدفع بمصر إلى بحر الظلمات ...وضجيج مسيرات الجامعات أو الشوارع التي لايشارك فيها سوى بضع مئات من الأضداد ..أخوان ..على سلفيين متشددين واشتراكيين ثوريين ..على شباب .. يسوقون أنفسهم كنشطاء سياسيين!!..تلك المهنة التي ازدهرت في مصر بعد ثورة 25 يناير ..ولمضاعفة العدد والتأثير يدفع الأخوان في صفوف تلك المسيرات بأجراء باليومية من البلطجية وأطفال الشوارع !..

وماهي مطالب الشعب التي ينبغي أن يؤكد عليها السيسي في خطابه ؟
صبية في الثامنة عشرة تنتمي إلى قاع هذا المجتمع ..يبدو هذا من ملابسها البسيطة وقسمات وجهها المنسحقة بالهموم.. سألتها مذيعة التليفزيون عن مشاعرها مع إعلان نجاح المشير عبد الفتاح السيسي ..قالت الصبية برجاء : بنحبه ..وعاوزينه يراعي ربنا فينا !
أظنها بلاغة البسطاء من أبناء هذا الشعب التي تجب بلاغة الشعراء !
صورة الصبية لم تبارحني ..وكنت بصدد كتابة هذا المقال ..ولاشيء سوى شتات من المشاعر تستعصي على التنظيم ..نعم ..مثل عشرات الملايين من أبناء مصر ..سعيد بفوز السيسي ..هذا هو الشعور المحوري داخلي ..لكن وماذا بعد ؟ منحته وزوجتي وأبنائي أصواتنا ..وتلك هي المرة الأولى التي نتفق فيها حول ماسوف نفعله في لجان الانتخابات منذ ثورة 25 يناير 2011..في أي انتخابات سابقة كنا نجد أنفسنا أمام لجان الانتخابات مبعثرين ..في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة 2012أفسدت صوتي حين كتبت على الورقة لالعودة مبارك ولالحكم المرشد ..بينما دفع الرعب زوجتي من عودة مبارك في وضع علامة " صح" أمام إسم الدكتور محمد مرسي !!
وعلى النقيض دفع الرعب إبنتي من حكم الأخوان أن يضعا علامة "صح" أمام الفريق أحمد شفيق ..مشهد شعرن معه بشيء من الإذلال ..تصويت قسري لمن لايردن من المرشحين !!..
كنت وأفراد أسرتي نتابع مثل عشرات الملايين من المصريين
ومع محاولات تقويض أركان الدولة المصرية في ظل حكم مكتب الإرشاد ..وتحويل الوطن إلى منتجع للإرهابيين ..خريجو السجون منهم ..سواء بعفو رئاسي أو بالفرار ..وهؤلاء القادمون من الخارج ..مصريون وغير مصريين ..رأيناهم عبر التليفزيون ..مع الرئيس يحتفلون بنصر أكتوبر ..ومنهم من شارك في اغتيال بطل هذه الحرب الرئيس الراحل أنور السادات ..شعرت و بناتي وزوجتي بالندم ..لأننا لم نتفق على مرشح مدني ..رجل دولة ..لاينتمي لمؤسسة مبارك ولالمكتب الإرشاد نمنحه أصواتنا ..لذا فتحنا حوارات مثل ملايين الأسر المصرية
..وانتهينا .. أنا وزوجتي المحامية وابنتي معدة البرامج بالتليفزيون وابنتي الثانية خريجة الجامعة منذ عام ..وتبحث كملايين الشباب عن فرصة عمل .. و أبننا المقيم في أمريكا والذي يتواصل معنا يوميا ..انتهينا إلى أن مصر تعاني من ظروف شديدة القسوة ..وأن ثمة مخاطر تمس أمنها القومي ..ولو ترك الأمر هكذا بدعوى مواصلة المسيرة الثورية.. لانزلقت مصر في عقود من العنف والتمزق ..لأن فرقاء ممن شاركوا في الثورة ضد مؤسسة حسني مبارك .."كان هذا العامل الوحيد الذي وحدهم .. إزاحة نظام مبارك" .. يخفون تحت عباءتهم أجندات خاصة جدا ..بنودها تنسف ثوابت الدولة المصرية من جغرافيا ووحدة وطنية ..وآخرون ..خاصة من الشباب وجدوا أنفسهم في حالة "توهان " ..حيث افتقدوا مع خلع مبارك لإجابة محددة عن السؤال الحتمي :وماذا بعد؟ وحتى لو كان لدى بعضهم إجابة منصفة لهذا الشعب ..فأصواتهم ضلت طريقها وسط صخب تنظيمات ذات أهداف ومآرب تتعارض تماما مع الثوابت المصرية ..وفي أجواء مثل هذه أصبح الوطن صيدا سهلا لألف جهة في الداخل والخارج ..
وكانت أكثر العبارات التي نسمعها من ابننا الذي يعمل خبير كومبيوتر في ولاية ميريلاند : البلد في خطر ..المنطقة كلها في خطر ..هناك فرس وهناك أتراك ..وهناك طفل خليجي أحمق وجد في يده مئات المليارات من الدولارات ..ولايعرف كيف ينفقها ..فيجري توجيهه من الخارج بالريموت كنترول لانفاقها على أجندات سياسية مدمرة للمنطقة .. ..الناس لازم تنتبه ..لازم يبقى فيه عقلاء يحموا البلد من المصير المظلم ..
وأتذكر ما قاله لي مرة أنه من خلال متابعته لتناول الإعلام الأمريكي لقضايا الشرق الأوسط ..ودراسات المراكز البحثية ..وأحاديثه مع بعض أصدقائه من جنسيات مختلفة .. أن هناك في أمريكا خيارين مطروحين لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديدة ..خريطة ترى تمكين التيارات الدينية المعتدلة من الحكم ..بعد التوصل معها لتفاهمات حول أمن إسرائيل والبترول وقناة السويس ..و يستند أصحاب هذا الخيار إلى أن جماعة الأخوان تظهر من خلال الاتصالات السرية استعدادها للقيام بهذا الدور والتلويح بقدرتها على ترويض كل التيارات الإسلامية المتشددة في المنطقة ..ولامانع من أن تستمر في طرح أحلامها عن الخلافة الإسلامية ..ويشبه ابني هذا الخيار بالدور الذي لعبته بريطانيا في التأسيس لجامعة الدول العربية ..شكل من أشكال التنظيم العربي تحت العباءة الاستعمارية .. وأيضا تحريض بريطانيا للشريف حسين خلال الحرب العالمية الأولى للثورة ضد الأتراك ..وداعبته بحلم انتقال الخلافة الإسلامية من البيت العثماني إلى البيت العربي !! والمسألة برمتها كانت حرب بالوكالة يشنها العرب ضد الأتراك لحساب القوى الاستعمارية الغربية ..وهذا ما تبين من اتفاقيات سايكس بيكو التي كشف عنها البلاشفة بعد الإطاحة بالقياصرة والاستيلاء على الحكم في روسيا .
وتيار ثان يروق للوبي اليهودي في الولايات المتحدة يرى أن كنتنة المنطقة على أسس دينية ومذهبية وعرقية هو الخيار الأفضل والذي يمكن أن يضمن أمن إسرائيل ..حين تمزق مصر إلى ثلاث أو أربع دويلات ..مثلها سوريا ..العراق ..المملكة العربية السعودية ..السودان ..اليمن ..ليبيا ..لبنان ..الوطن الكبير يجري تشطيره إلى كينونات لاترى بالعين المجردة ..وثمة ظروف وعوامل ديموغرافية وطائفية وعرقية تتوافر لتنفيذ هذا الخيار..وإذا كانت الفتنة نائمة ..فما أسهل إيقاظها ..ولو افتقدت دولة ما أسباب الفتنة فلن يكون من الصعب تخليقها ..خلال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية ..إن هدأت الأمور قليلا يدفع القلق إسرائيل إلى أن تطلق قذيفة مدفع على قوات الكتائب وأخرى على قوات أمل ..لتشتعل النيران مجددا !
..فإن كانت قبائل دارفور في حاجة إلى أسلحة وأموال فطفل الخليج الأرعن الذي يبحث عن دور مستعد لمدهم بما يحتاجون ..وإن كان الحوثيين في اليمن ينقصهم التدريب فالفرس سيقومون بالمهمة .. ..وإن شكا الأخوان من نقص في السلاح فالبيت العثماني جاهز ..وتكديس الأسلحة في الجغرافيا العربية الممزقة لن يكون لمحاربة إسرائيل ..بل لسعي الشيعة لتصفية السنة لحساب طهران ..ولسعي داعش لتصفية العلويين ليس لحساب إله السماء ..بل لحساب آلهة الأرض ..أمريكان وأتراك وفرس وصبي الخليج الأرعن ..كل دويلة تسعى لتصفية دويلات الجوار ...وهو ما لن يتحقق أبدا ..لأن كل " دويلة " ستجد عروضا مغرية من أجهزة استخبارات إقليمية ودولية للمساعدة بالمال والسلاح والمعلومات ..ولأن التصفية خروج عن قواعد اللعبة .. واللعبة تقتضي أن يبقى الجميع صغارا يتناحرون ..لأن انتصار دويلة يعني اكتسابها قوة أكبر من حجمها ..وانتصار وراء انتصار تصبح قوة كبرى ..قد تهدد مصالح واشنطن وتمثل خطرا على إسرائيل ..كان هذا هو الخيار الثاني الذي يحدثني عنه ابني ..
وذات يوم اتصل بي ليسألني في فزع : هل رأيت المظاهرة الموجودة في ميدان سيمون بوليفار ..بعض المتظاهرين يرفعون علم القاعدة ..بل منهم من يرفع أعلام دول أخرى !
أيحدث هذا في مصر ؟!
خلال حالة "التوهان" تلك سألت مسئولا بجهة سيادية عن الجهات التي "تلعب " في مصر في تلك الفترة ..فابتسم في مرارة وقال : أي جهاز مخابرات في العالم ما بيلعبش في مصر دلوقتي .. يبقى جهاز خايب !
لهذا نزلنا أنا وأفراد زوجتي مع ملايين الكنباوية إلى الشوارع والميادين يوم 30 يونيو ..لانقاذ مصر من الخيارين ..فكلاهما مدمر..! ويوم 26 مايو توجهنا إلى لجنة الانتخابات لمطالبة الرجل القوي والحكيم أيضا المشير عبد الفتاح السيسي بأن يقودنا نحو بر الأمان ..أنا وأسرتي و24مليون مصري فوضناه في ذلك..
لكن .. وأود أن أقول له هذا من قلب مصري محب : تفويضنا يافخامة الرئيس مشروط ..والشرط وضعته تلك الصبية المصرية ببساطتها البليغة أمام شاشات التليفزيون..حين قالت : عاوزينه يراعي ربنا فينا !

فكيف يراعي السيسي ربنا فينا ؟
ثمة لاءات ثلاثة ستكون الفيصل بيننا وبينه : لا للقمع والدولة البوليسية ..لا لعودة مؤسسة مبارك .. لاللمطبلاتية !
وكما يبدو من تصريحات المشير السيسي قبل انتخابه تركيزه على تحقيق الاستقرار ..وهذا ما ننشده ..وليس عيبا .. إن العديد من الدراسات التي أجريت على المجتمع المصري منذ الفراعنة تؤكد نزعة المصريين .. نحو الاستقرار والأمن .. المصريون يولدون ويترعرعون على ضفتي النهر ..والزمن علمهم ..أنه لابد من التعامل مع النهر بحكمة ..وتوزيع أيام الري في نظام ..هذا يقتضي شيوع روح التعاون ..فإن أخطأ أحدهم وجار على جاره ..تبرز روح المحاسبة المصحوبة بهذا الإحساس الجمعي ..التسامح ..ولقد كانت تلك الروح وراء ترحيب المصريين بالإسلام ..رؤيتهم له دين حب وتسامح ..على النقيض من المجتمعات القبلية الصحراوية التي تعاني من أنيميا في الكلأ والماء ..وهي أنيميا أدت إلى توحش روح الإغارة على ممتلكات الغير ..لذا رأت في الإسلام دين فتوحات وغنائم وسبي ..
وبسبب تلك القيم النيلية ينزع المصريون إلى الاستقرار المتكيء على قيم الحب والتسامح ..أما الفوضى فتعني نهاية النظام ..وبالتالي نهاية الحياة ..لقد فاض بالمصريين الكيل من كوارث مؤسسة مبارك ..ولو تحلى الرئيس الأسبق بشيء من الذكاء والحكمة ..وأعلن خلال الساعات التالية .لانفجار ثورة 25 يناير عن إصلاحات جوهرية ..مثل تخليه عن رئاسة الحزب الوطني و تسليم الأمور لمجلس رئاسي يتولى الإشراف على انتخابات رئاسية وبرلمانية ..بعض الإجراءات الجادة في هذا الصدد كانت ستقنع المصريين بالعودة إلى منازلهم ..وكفى المؤمنين شر القتال ..المصريون كانوا يظنونها ثورة بالشوكة والسكينة ..مظاهرات واحتجاجات سلمية ..وقبل أن يعود الشباب إلى بيوتهم ينظفون الشوارع من
مخلفاتهم ..ولقد كانت هكذا في البدء ..إلى أن اتخذها الأخوان و6إبريل و7شوال والاشتراكيون الثوريون ..وغيرهم مطية لتحقيق مصالح خاصة تتعارض مع مصالح الوطن ! ..
والآن بعد ثلاث سنوات من الفوضى والتخريب ..ومع المشاهد الكارثية في دول الجوار ..في ليبيا وسوريا واليمن ..تريد مصر من رئيسها الجديد الأمن والاستقرار..والحفاظ على ثوابت الدولة ..
لكننا لسنا مستعدين ..أن تكون الفاتورة بهدلة أي مواطن في قسم شرطة .. نعم للردع ..وألف لا للقمع ..
ولايخفى هذا على أحد أن ثمة مدرسة في وزارة الداخلية عمرها أكثر من قرن تنزع في عملها إلى ماتراه أسهل الطرق ..التعذيب والتنكيل والملاحقات المذلة للجميع ..البريء والمدان ..و"تطهيق " المواطن في عيشته إلى أن يعترف بأنه مجرم وحرامي وقاتل وجاسوس ومتآمر على نظام الحكم ! استشراء تلك المدرسة في زمن العادلي كان وراء اشتعال ثورة 25 يناير ..فإن كان كنباوية مصر ينزعون إلى الأمن والاستقرار ..فهذا لايعني سكوتهم على عودة تلك المنهجية المهينة إلى أروقة وزارة الداخلية ..كنباوية مصر كانوا وراء نجاح ثورة 25 يناير و30 يونيو والدفع بالسيسي إلى قصر الاتحادية خلال تدفقهم على لجان الانتخابات يومي 26و27 مايو ليقولوا له : نعم ..!
فإن أغمض عينيه تحت دعوى تحقيق الاستقرار عن أية تجاوزات من قبل الأجهزة الأمنية في حق أي مواطن ..فسوف نزحف على الشوارع مجددا ! لذا
على السيسي أن يأمر بفتح ملف مئات الشباب الذين اعتقلوا عقب 30 يونيو ..بل وقبل 30 يونيو ..وعلى وزير الداخلية ألا يظهر أي قدر من التسامح مع أي من رجاله إن تجاوزوا ..أمن الوطن لاينبغي أن تكون فاتورته انتهاك أمن المواطن ..
ولايكفي أبدا أن تتبرأ وزارة الداخلية من هذا السلوك كممارسة منهجية ..بل ومعاقبة من يقوم به من ضباطها وجنودها حتى بصفة فردية! ..

وكنباوية مصر لن يقبلوا أن يتخذ فلول الحزب الوطني من السيسي حصان طروادة ليتسللوا إلى المشهد مجددا ..لقد
حاولوا هذا خلال الأسابيع الماضية .. أن يسيطروا على حملات السيسي الانتخابية في القرى والمدن ..ولقد اتصل بي أخي الأكبر ..عشية الانتخابات ليبثني أحزانه ..ليس بسبب ما يعانيه من ضغوط تمارس عليه منذ سنوات من أصهاره الذين ينتمون إلى الأخوان ..فدائما أثبت قدرته على المقاومة ..ومقارعة الحجة بالحجة ..أخي اتصل بي ليقول لي أنه توجه لزيارة مقر حملة المشير في القرية ..فبوغت بالوجوه التي تتولى تنظيم الحملة ..نفس الوجوه التي كانت تروج لمبارك ولمرشحي الحزب الوطني ..!
حاولت طمأنته : السيسي أعلن مرارا أنه لاعودة لما قبل 25 يناير ..
وليته -الرئيس عبد الفتاح السيسي – يعيد التأكيد على ذلك في خطاب تدشين فترة رئاسته لمصر :لا عودة إلى ما قبل 25 يناير .
وثمة طفيليات تتسلق جذع كل نظام جديد ..لتحجب بضجيج طبولها عن آذانه كلمة الشعب ..هؤلاء هم المطبلاتية ..مطبلاتية كل زمان وكل رئيس ..وأحيانا كان الغضب يدفعني إلى القول إن بعضا من هؤلاء لو حكم حزب الليكود مصر لاقدر الله لطبلوا لنيتنياهو !! وجوه قميئة ولاتعرف الحياء ..كانوا بالأمس يلعقون ذيل صفوت الشريف واليوم يطبلون للسيسي ..بل يتحدثون باسمه ..! ..ومنذ ثلاثة أشهر حذرت من هؤلاء الذين بلغت بهم الجرأة إلى أن يتحدثوا باسم السيسي في الفضائيات والمؤتمرات ..وقلت - ومازال المقال منشورا على موقعي الفرعي بالحوار المتمدن - أن هؤلاء يخصمون من رصيد الحب الذي يحظى به الرجل في قلوب المصريين ..وأتذكر أن عنوان المقال كان : على السيسي أن يختار بين الشعب الذي يحبه والمطبلاتية !
فإن وضع رجل الاتحادية الجديد لاءاتنا الثلاثة نصب عينيه ..فهوبذلك وكما طالبت تلك الصبية البسيطة يثبت أنه بيراعي ربنا فينا ! ..ومن جانبنا - عشرات الملايين من كنباوية مصر – مستعدون لتقبل بحب ومن أجل مصر قراراته الصعبة !
وليس صحيحا أن الرئيس الجديد سيعاني في اتخاذ تلك القرارات بسبب " ضعف " المشاركة من قبل الشعب في الانتخابات الرئاسية ..وهذه مغالطة روجت لها صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير لها نشر يوم الجمعة الماضية ..حيث تزعم الصحيفة
أن "السيسي لم ينجح في إقناع الناخبين بالذهاب بالكثافة التي تجعله يتخذ قراراته الصعبة إلى صناديق الاقتراع على الرغم من أنه استفاد كثيرا من إعلام موال إلى حد كبير - إضافة إلى الترويع الذي تعرض له المعارضون وغياب منافسة حقيقية له" ..وتواصل الصحيفة مغالطاتها بالقول أن
التقارير حول فوز السيسي بحوالي 93.3 في المئة من الأصوات في ظل إقبال بلغ نحو 46 في المئة تعني أن أكثر من نصف الناخبين لا يرغبون في السيسي أو لا يميلون إليه بالقدر الذي يدفعهم للمشاركة في الانتخابات ..
والصحيفة بتقريرها هذا تتجاهل الكثير من الحقائق ..فالقول إن المنافسة الحقيقية قد غابت عن الانتخابات لايستند إلى المنطق ..لأن المنافس حمدين صباحي كان
ترتيبه الثالث في انتخابات 2012.. بعد الدكتور محمد مرسي والفريق إأحمد شفيق.. وقد حصل حمدين حينها على 4.82مليون صوتا .. أي كان مرشحا رئيسيا..!
لكنه في هذه الانتخابات توقفت حصيلته عند 850ألف صوت..وحمدين صباحي 2012 هو نفسه حمدين صباحي المناضل الناصري 2014..فأين التغيير ؟
التغيير يكمن في منافسه ..المنافس في هذه المرة هو المشير عبد الفتاح السيسي الذي استجاب لنداء الشعب في 30 يونيو لإنقاذ البلاد من خطر داهم يحيق بها ..وخلال عام برهن كوزير للدفاع سواء في تصديه للمخطط الإرهابي أو إدارة ملف العلاقات العسكرية مع واشنطن أو موسكو ..أنه رجل الدولة الذي يمكن أن يقود سفينة الوطن في هذا البحر المائج بالصراعات والأطماع والمصالح المتضاربة ! في وقت تاهت النخبة السياسية .. وفقدت قدرتها على الرؤية وعلى التواصل مع الشارع ! والمثير للدهشة ..بل وفي حاجة إلى الدراسة أن حمدين صباحي الذي ينظر إليه عبرربع القرن الأخير على أنه الناصري الأول في مصر تخلت عنه الغالبية العظمى من الناصريين ومحبي ناصر .. حين رأوا في السيسي – وليس حمدين عودا حميدا لعبد الناصر !!!!!!!
والبرهان أن حمدين حصل على حوالي 850 ألف صوت ..ولايعقل أن يتقزم الناصريون ومحبو عبد الناصر في هذا الرقم الضئيل !!

ومن المغالطات السافرة أيضا الإدعاء أن الإعلام ألقى بثقله وراء السيسي ! والأمر لايمكن النظر إليه هكذا ..بالفعل فضائيات رجال الإعمال ..تعاملت مع مسألة الانتخابات كما تتعامل مع الكثير من القضايا التي تتعلق بالمشهد ..من منطلق تعبوي وحشدي .. تماما مثلما تفعل في الخندق المواجه قناة الجزيرة ..وهذا إهدار لكل ما تعلمناه من حتمية التزام الإعلام بالحيدة والموضوعية والنزاهة ..لقد ألقت الفضائيات الخاصة " ومن الخطأ وصفها بالمستقلة " بثقلها خلف المرشح عبد الفتاح السيسي مع اعتقاد أصحابها من رجال الأعمال أن المشير بنجاحه سيدشن مؤسسة السيسي التي ستتوافق مصالحها مع مصالحهم..لذا لابد من دعمه ..وليت هذا الصحفي الذي كتب تقرير الجارديان يدرك أن الملايين في مصر يشعرون بالامتعاض من أداء هذه الفضائيات ..خاصة وأن بعض جنرالاتها ارتبطوا بعلاقة جينية بالحزب الوطني ! وبعضهم بغبائه أسهم في إشعال تلك الحرب الغريبة بين مصر والجزائر بسبب ماتش كورة ..!
بل وبعض المصريين الذين خرجوا ليقولوا لا لحكم الأخوان في 30يونيو ..سرعان ما انصرفوا عن السيسي ظنا منهم أنه يبارك أداء هذه القنوات ..فهذه الفضائيات أضرت بالمشير مثلما أضر به المطبلاتية !
فإن كنا نتحدث عن الإعلام فلابد من الإشادة بالتليفزيون الرسمي ..تليفزيون درية شرف الدين الذي كابد ليلتزم بالموضوعية خلال معركة انتخابات الرئاسة ..ونجح !

وقول الجارديان وغيرها من وسائل إعلام عالمية
أن فوز السيسي بحوالي 93.3 في المئة من الأصوات في ظل إقبال بلغ نحو 46 في المئة يعني أن أكثر من نصف الناخبين لا يرغبون في السيسي أو لا يميلون إليه بالقدر الذي يدفعهم للمشاركة في الانتخابات .. فهذه مغالطة سافرة من الصحيفة البريطانية ..وكل وسائل اللإعلام التي تردد هذا..
..ففي كل الانتخابات في العالم ثمة نسبة تغيب قد تتجاوز أحيانا في الدول الديموقراطية 40% ..
وخلال انتخابات الرئاسة الفرنسية 2012
حصل فرانسوا هولاند على مايقرب من 52% بينما حصل منافسه ساركوزي على 48% ..وبلغت نسبة الممتنعين ..حوالي 18% فهل هذا يمنح ساركوزي حق التقليل من أهمية النتيجة التي حصل عليها هولاند من منطلق أن الممتنعين عن التصويت امتنعوا لأن لديهم موقفا سلبيا من هولاند ؟!
ولايخفى على أحد أن ثمة أسبابا عديدة لمقاطعة الانتخابات .. يمثل الموقف السياسي للناخب أحدها ....فصعوبة وصول الناخب إلى لجنته قد تكون سببا أو المناخ السيء أو عدم الاكتراث بالشأن السياسي ! ..
لقد حصل السيسي طبقا للمعلن على أكثر من 24 مليون صوت ..وهذا يعني ببساطة أن ماحصل عليه يفوق ما جناه مرشحو التيار الديني الثلاثة من أصوات خلال الجولة الأولى في انتخابات 2012
فقد حصل الدكتور محمد مرسي على 5.765مليون صوت ..بينما حصل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح على 4.065مليون..أما الضلع الثالث من مرشحي التيار الديني الدكتور سليم العوا فقد حصل على 235ألفا ..فإن أضفنا إليهم مرشحا التيار الثوري حمدين صباحي وخالد علي ..حيث حصل حمدين على 4.82مليون ..بينما حصل خالد علي على 134ألفا .. فحصيلة كل هؤلاء حوالي 15مليونا ..أي أن حصيلة السيسي في انتخابات 2014 تتجاوز حصيلة مرشحي التيار الديني والتيار الثوري اليساري بأكثر من تسعة ملايين صوت ! ..
ولنفترض أن مرشحا للتيار الديني كان قد شارك في الانتخابات الأخيرة .. فحصيلته ستقل عما حصل عليه مرسي في جولة الإعادة خلال انتخابات 2012 .. ذلك أن حصيلة مرسي آنذاك والتي بلغت 13.230مليون ..هي مجموع كل الناخبين المنتمين للتيار الديني والمتعاطفين معهم والمرعوبين من عودة مؤسسة حسني مبارك في صورة الفريق أحمد شفيق .. أي أن السيسي كان سيحصل على أكثر من ضعف ما يحصل عليه أي مرشح للتيار الديني ..
وكل هذا يعني ببساطة أن ال24 مليون ناخب الذين صوتوا للمشير في الانتخابات الأخيرة ..هم حزب الكنبة الأكثر عددا والأعمق وعيا والأعظم فعالية من أي حزب أو تيار آخر في مصر .. وبتصويتهم هذا منحوا السيسي تفويضا قويا بإعادة الاستقراروالأمن للدولة ..وكثيرا ما نبهت إلى قوة هؤلاء ووعيهم في مقالاتي بالمسائية أو جريدة القاهرة أو موقع الحوار المتمدن ..وفي مقال نشر في جريدة المسائية الاثنين الماضي ..بدا واضحا في عنوانه ما أود قوله ..الكنباوية يحسمون معركة انتخابات الرئاسة لصالح رجل الدولة ..!
والمعني برجل الدولة المشير عبد الفتاح السيسي ..وسيتقبلون أية قرارات صعبة طالما أنها تختزل الطريق نحو تحقيق طموحات المصريين في الأمن والاستقرار ورغيف الخبز والكرامة ..
ورجاء أخير من كنباوي إلى رئيس مصر الجديد : ألا تشاركني الرأي في أن المستشار عدلي منصور جدير بأن نقول له من أعماقنا شكرا ..سنكون سعداء أكثر من المستشار نفسه ..لو كان أول قراراتك منح الرجل قلادة النيل العظمى ..هذا أقل ما ينبغي أن تفعله مصر لأحد أبنائها الذي قادها باقتدار وحكمة وهدوء خلال عشرة أشهر ..ربما كانت الأشق في تاريخ مصر الحديث !



#محمد_القصبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يكون مسرح الثقافة الجماهيرية خشنا ؟
- عودة ناصر في نسخة محسنة عبر صناديق الاقتراع
- درويش وعزة بدر وأنا ..يالها من قصيدة خالدة !
- الصبر ليس الحرف الوحيد في أبجدية المصريين
- سؤال أماني فؤاد الصعب وإجابتها الموجعة
- أفكار عضو منتسب بوشائج الحب لجمعية الكتاب العمانيين
- هل ينصف مهرجان مسقط موسيقى الأفلام ؟
- الزدجالي ..الأب الروحي لمهرجان مسقط محاصر دائما بالشكوك
- هل مازالت حواء العربية مزنزنة في علبة مكياجها ؟
- مالم تقله النساء
- المصالحة الوطنية بين الحتمية والإمكانية ..في ندوة بجريدة الم ...
- سيدي الرئيس المرتقب ..عليك الاختيار ..إما شعبك الذي يحبك أو. ...
- لماذا يكره الأخوان الجيش المصري؟
- أكذوبة كافكا الصهيوني
- مؤامرة الشعب ومؤامرة الجماعة
- فضيلة التساؤل التي تغيب عن ثقافتنا العربية !
- العروبة المنبوذة صيتا..
- اعدامات الحلم المشتبق لينا
- كلمات مجمد انساغها
- تكسرات الاوابد


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد القصبي - على السيسي أن يلتزم بلاءات الشعب الثلاثة